المصالحة في الدعوى العمومية في القانون الجزائري

يأخذ التشريع الجزائري بنظام المصالحة في الدعوى العمومية وجعلها استثناء على عدم قابلية الدعوى العمومية للتصرف فيها حيث نصت المادة 6 من قانون الإجراءات الجزائية في فقرتها الأخيرة على أن “يجوز أن تنقضي الدعوى العمومية بالمصالحة إذا كان القانون يجيزها صراحة”.
وبوجه عام، يتسم التشريع الجزائري بشأن المصالحة في الدعوى العمومية بشيء من التردد، كما سيأتي بيانه عند تقييمنا لها بعد عرض المراحل التي مرت بها المصالحة.

أولا- المراحل التي مرت بها المصالحة في الدعوى العمومية في التشريع الجزائري

مرت المصالحة في المسائل الجزائية في التشريع الجزائري بثلاث مراحل:
– مرحلة إجازة المصالحة،
– مرحلة تحريم المصالحة،
– مرحلة إعادة جواز المصالحة.
أ- مرحلة إجازة المصالحة في المسائل الجزائية (من 31-12-1962 إلى غاية 17-06-1975): استمر العمل خلال هذه المرحلة بالقوانين الفرنسية التي لا تتنافى والسيادة الجزائرية، وذلك عملا بالقانون 62-157 المؤرخ في 31-12-1962 الذي أبقى العمل بالنصوص السابقة ما لم تتنافى بالسيادة الجزائرية و حدد تاريخ 5-7-1973 كآخر أجل للعمل بالقوانين الفرنسية.
و بهذا أصبح التشريع الجزائي الفرنسي ساري المفعول في الجزائر، وهو التشريع الذي يجيز المصالحة في الدعوى العمومية لاسيما في مواد الجمارك والضرائب والأسعار والغابات والقنص والصيد والبريد والمواصلات علاوة على المرور ومخالفات الطرقات.
كما تضمن قانون الإجراءات الجزائية الجزائري عند صدوره في 8 يونيو 1966 المصالحة كسبب من أسباب انقضاء الدعوى العمومية في مادته السادسة، مما أضفى على المصالحة الجزائية شرعية إضافية.
وتضمن قانون الإجراءات الجزائية، فضلا عن ذلك، أحكاما تجيز التصالح في المخالفات البسيطة لاسيما تلك التي لا تعرض مرتكبها لعقوبة الحبس، عن طريق دفع غرامة الصلح (المواد 381 إلى 391)، بالإضافة إلى إجازته الغرامة الجزافية في مخالفات خاصة (المادة 392).
——————————————————————
* موضوع مداخلة في الملتقى الدولي حول “ضمان حقوق الضحية أثناء المحاكمة الجزائية” المنعقد ببوسعادة (المسيلة) يومي 4 و5 مارس 2009 من تنظيم نقابة المحامين بسطيف بالتعاون مع مجلس قضاء المسيلة
وفي هذه الفترة أيضا صدر قانون المالية لسنة 1970، بموجب الأمر رقم 69-107، فأجاز بدوره المصالحة في جرائم الصرف.

ب – مرحلة تحريم المصالحة في المسائل الجزائية (من 17 جوان 1975 إلى غاية 4 مارس 1986 ): وفي هذه المرحلة تم تعديل قانون الإجراءات الجزائية بموجب الأمر رقم 75-46 المؤرخ في 17-06-1975 فألغيت المصالحة منه كسبب من أسباب انقضاء الدعوى العمومية، بل و تضمن القانون الجديد تحريما صريحا لها، فجاءت المادة 6 في فقرتها الثالثة كالآتي: ” غير أنه لا يجوز بأي وجه من الوجوه أن تنقضي الدعوى بالمصالحة “.
وفي ظل هذا التحريم صدر قانون الجمارك بتاريخ 21-07-1979، وكان من البديهي أن لا يتضمن المصالحة مما جعل المشرع يبحث عن بديل لها، إذ لا مناص منها، فاهتدى إلى التسوية الإدارية التي كانت في بدايتها نظاما مميزا وتطورت فيما بعد تدريجيا نحو مفهوم المصالحة…
فعند صدور قانون الجمارك كانت التسوية الإدارية جزاء إداريا حقيقيا إذ كان القانون يشترط لقيامها أن يدفع المتهم” تمام العقوبات المالية والتكاليف والالتزامات الجمركية أو غيرها المرتبطة بالمخالفة” (المادة 265-2).
وكانت التسوية الإدارية مقصورة على مرتكب الجريمة دون سواه وينحصر أثرها في الدعوى المالية فحسب، و بدأ مفهوم التسوية الإدارية يتطور في اتجاه المصالحة الجمركية منذ صدور قانون المالية لسنة 1983 ، حيث لم يعد المشرع يشترط لقيام التسوية الإدارية أن يدفع المخالف تمام العقوبات المالية مما يوحي بإمكانية التخفيض منها كما أنه وسع من مجال تطبيق التسوية الإدارية لتشمل أي شخص ملاحق من أجل ارتكاب جريمة جمركية.
و في هذه الفترة كذلك صدرت النصوص الجزائرية الجديدة المتعلقة بالمجالات التي كانت المصالحة جائزة فيها في ظل التشريع السابق.
وهكذا صدر القانون بشأن الأسعار بموجب الأمر رقم 75-37 المؤرخ في 27 أبريل1975 ، وصدر الأمر رقم 75-47 المؤرخ في 17 جوان 1975 المعدل والمتمم لقانون العقوبات والذي بموجبه أدرجت مخالفة التنظيم النقدي ضمن أحكام قانون العقوبات (المواد 424 إلى 426).
وصدرت كذلك في هذه الفترة القوانين الآتية: قانون الضرائب المباشرة بموجب الأمر المؤرخ في 09-12-1976، قانون الضرائب غير المباشرة (بموجب الأمر المؤرخ في 09-12-1976)، قانون الصيد (بموجب القانون المؤرخ في 21-08-1982، وقد ألغي بقانون 14-08-2004 الذي حل محله)، قانون المياه بموجب القانون المؤرخ في 16-07-1983، قانون الغابات بموجب القانون المؤرخ في23-06-1984.
وإذا كان المشرع قد تخلى نهائيا عن المصالحة في هذه الطائفة الأخيرة من القوانين فلم يبحث لها فيها عن بديل، فإنه عمد، على عكس ذلك، في مجالي الأسعار والتنظيم النقدي إلى البحث عن أساليب بديلة تكفل تسوية إدارية للجرائم المرتكبة مخالفة لأحكامها.
وهكذا لجأ المشرع في الأمر رقم 75-37 بشأن الأسعار إلى نظام غرامة الصلحamende de composition، وهو مصطلح مستعار من قانون الإجراءات الجزائية بشأن المخالفات البسيطة، متفاديا بذلك استعمال عبارة “المصالحة” التي كانت تحت طائلة الحظر وإن كان الهدف واحدا حتى ولو اختلفت التسمية…
ويترتب عن أداء غرامة الصلح انقضاء الدعوى العمومية ولو لم ينص القانون صراحة على ذلك .
ولجأ المشرع في الأمر رقم 75-47، بشأن مخالفة التنظيم النقدي، إلى مصطلح” الغرامة “للتعبير عن المصالحة.
وفي هذا الصدد، ألزمت المادة 425 مكرر 2 الأعوان المؤهلين لمعاينة المخالفة بإخبار المذنب في الحالة التي تكون فيها قيمة جسم الجريمة تساوي أو تقل عن 10.000 دج أن بإمكانه أن يدفع في ظرف 45 يوما على وجه الغرامة مبلغا يعادل القيمة القانونية لمحل الجريمة، ويترتب على دفع مبلغ الغرامة المذكورة في الأجل المحدد له انقضاء الدعوى العمومية، هذا ما يستشف من صياغة الفقرة 3 من المادة 425 مكرر رغم عدم الإشارة إلى ذلك بصريح العبارة.
و يترتب على دفع مبلغ الغرامة المذكورة في الأجل المحدد له انقضاء الدعوى العمومية، هذا ما يستشف من صياغة الفقرة 3 من المادة 425 مكرر رغم عدم الإشارة إلى ذلك بصريح العبارة.

ج – مرحلة إعادة إجازة المصالحة (من 4 مارس 1986 إلى يومنا): بتاريخ 4 مارس 1986 صدر القانون رقم 86-05 المتمم والمعدل لقانون الإجراءات الجزائية الذي بموجبه عدلت الفقرة الأخيرة من المادة 6 التي كانت تحرم بصريح العبارة المصالحة في المسائل الجزائية.
وبمقتضى هذا التعديل أصبحت المصالحة جائزة، كما يتجلى ذلك من نص المادة 6 في صيغتها الجديدة التي جاءت فقرتها الرابعة كالآتي: ” كما يجوز أن تنقضي الدعوى العمومية بالمصالحة إذا كان القانون يجيزها صراحة”.
والحقيقة أن المشرع لم ينتظر هذا التعديل لإجازة المصالحة، إذ صدر قانون في 26 ديسمبر 1985 يسمح لوزير المالية التصالح مع الأشخاص الملاحقين من أجل حيازة أرصدة مالية بعملة أجنبية قابلة للتحويل .
وبعد تردد كاد أن يطول أدرجت المصالحة في قانون الجمارك، و ذلك بموجب قانون المالية لسنة 1992 المؤرخ في 18-12-1992 الذي بمقتضاه حلت المصالحة محل التسوية الإدارية في القسم الثالث الفقرة ب من الفصل الخامس عشر من قانون الجمارك واستبدلت عبارة “التسوية الإدارية” بعبارة “المصالحة” في المادة 265 منه.
ثم أجاز المشرع المصالحة في جرائم المنافسة والأسعار، وذلك بموجب الأمر رقم95-06 المؤرخ في 25-01-1995المتعلق بالمنافسة، لاسيما المادة 91 منه، وتمسك بها في القانون رقم 04-02 المؤرخ في 23-06-2004 المتضمن تحديد القواعد المطبقة على الممارسات التجارية الذي ألغى أمر 25-01-1995 وحل محله (المادة 60).
وتلاها بإجازة المصالحة في جرائم الصرف، وذلك بموجب الأمر رقم 96-22 المؤرخ في 9-7-1996 المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، المعدل والمتمم بالأمر رقم 03-01 المؤرخ في 19-02-2003، لاسيما المادة 9 منه في فقرتها الثانية.
وأخيرا وفي سنة 2006 أجاز المشرع بموجب القانون رقم 06-23 المؤرخ في 20-12-2006 المعدل والمتمم لقانون العقوبات الصفح في العديد من الجنح والمخالفات ورتب عليه انقضاء المتابعة، ويتعلق الأمر بالجرائم الآتية: القذف (المادة 298)، السب (المادة 299)، المساس بحرمة الحياة الخاصة للأشخاص (المادة 303 مكرر)، عدم تسليم القصر (المادة 329 مكرر)، عدم تسديد النفقة (المادة 331) مخالفة الضرب والجرح العمد ومخالفة الجرح الخطأ (المادة 442).

ثانيا- تقييم المصالحة في الدعوى العمومية في التشريع الجزائري

يمتاز التشريع الجزائري بشأن المصالحة في الدعوى العمومية بثلاثة خصائص وهي: تردد المشرع وتلاعب الإدارة بالمصالحة، وعدم فعالية المصالحة.

أ- تردد المشرع: يبدو هذا التردد من خلال انتقال التشريع الجزائري من الإجازة إلى المنع فالإجازة من جديد، كما يبدو كذلك من خلال حصر مجال المصالحة.
1- الانتقال من الإجازة إلى المنع فالإجازة من جديد: إذا كانت الاعتبارات القانونية من الأسباب التي دعت إلى تحريم المصالحة في المسائل الجزائية في سنة 1975 فإنها لم تكن الدافع الأساسي إلى ذلك، خاصة بالنسبة للجرائم المالية والاقتصادية التي غالبا ما تطغى عليها اعتبارات سياسية واقتصادية.
ويكفي للتأكد من ذلك أن نشير إلى أن تحريم المصالحة الجزائية بموجب الأمر رقم 75-46 المؤرخ في 17-06-1975 تزامن مع التوجه الاشتراكي للجزائر، ففي هذه المرحلة صدر دستور 22-11-1976 الذي جاء تتويجا للاختيارات الاشتراكية المعبر عنها صراحة في قوانين سابقة مثل قانون الثورة الزراعية الصادر في 08-11-1971 وقانون التسيير الاشتراكي للمؤسسات الصادر في 16-11-1971، و في ظل هذا التوجه ينظر للمصالحة وكأنها تشكل خطرا على هيبة الدولة إذ لا يعقل أن تتفاوض الدولة مع المجرم بشأن جريمة ارتكبها خاصة إذا كانت تمس بالاقتصاد الوطني !
ولقد طبع الأمر 75-46 المذكور المعدل لنص المادة 6 من قانون الإجراءات الجزائية ببصماته كامل التشريع الجزائي الذي صدر في ظل هذا القانون، فجاءت كل النصوص التي صدرت في تلك الفترة، وهي غزيرة بسبب تزامنها مع نهاية العمل بالتشريع الفرنسي الذي ظل ساريا في الجزائر إلى غاية5-7-1975، خالية من المصالحة رغم الحاجة إليها كما هو الحال في المجالات الجمركية والصرفية وفي المخالفات التنظيمية.
غير أن المشرع ما لبث أن تراجع عن موقفه هذا المتشدد حيال المصالحة في المواد الجزائية حيث عدل، ثانية، نص المادة 6 المذكورة بموجب القانون رقم 86-05 الصادر في 4-3-1986 بما يفيد الترخيص بها بالتنصيص صراحة على جواز انقضاء الدعوى العمومية بالمصالحة، وقد تزامن ذلك مع ظهور ليونة في تطبيق النظام الاشتراكي مما يدعم فكرة ربط تحريم المصالحة في المواد الجزائية بالاعتبارات السياسية والإيديولوجية.
2- حصر مجال المصالحة: منذ تعديل نص المادة 6 في سنة 1986 سقط الحاجز القانوني الذي كان يحول دون الأخذ بالمصالحة في الدعوى العمومية ومع صدور دستور 1989 ومراجعته في 1996 سقطت الحواجز السياسية والإيديولوجية وحتى الاقتصادية، ومع ذلك فقد تجاهل المشرع الجزائري المصالحة في مجالات عديدة كالصيد البحري (قانون رقم 01-11 المؤرخ في 3-07-2001) والصيد أو القنص (قانون رقم 04-07 المؤرخ في 14-08-2004) والمياه (قانون رقم 05-12 المؤرخ في 4-8-2005).
بل ومازال المشرع الجزائري يتجاهل المصالحة في أعرق مجالاتها وهي الضرائب حيث لم تنص مختلف القوانين الضريبية على المصالحة كسبب لانقضاء الدعوى العمومية واكتفى قانون الضرائب غير المبشرة، وهو القانون الوحيد الذي نص عليها، في المادة 505 منه على حصر أثرها في العقوبات الجبائية.
وأخيرا وبينما كان الجميع ينتظر توسيع العمل بالمصالحة في المواد الجمركية فإذا بالمشرع يفاجئنا بنص يمنع المصالحة في أعمال التهريب (المادة 21 من الأمر رقم 05-06 المؤرخ في 23-8-2005 المتعلق بالتهريب).

ب- تلاعب الإدارة بالمصالحة: تتفق مجمل النصوص التي تجيز المصالحة على عدم ضبط المسائل العملية المتعلقة بالمصالحة وإحالة شروط تطبيقها إلى نصوص تنظيمية.
وبالرجوع إلى هذه النصوص نلاحظ تمادي الإدارة، وهي طرف في المصالحة، في إفراغ المصالحة من جوهرها وتحويلها إلى جزاء إداري مقنع، يتجلى ذلك من خلال:
1- اشتراط دفع غرامة لا تقل عن الغرامة المقررة قانونا للجريمة، بل تفوقها كما في جرائم الصرف (غرامة ما بين 200 و250 % من قيمة البضاعة محل الغش: المادة 9 من المرسوم التنفيذي رقم 03-111 المؤرخ في 5-3-2003 المحدد لشروط إجراء المصالحة في مجال جرائم الصرف)
2- اعتبار المصالحة عقوبة: ويتجلى ذلك من خلال المصطلحات المستعملة في كل النصوص التنظيمية التي تحدد شروط المصالحة والتي تنعت بدل المصالحة ب”غرامة الصلح” أو “غرامة المصالحة”.
3- إبعاد القضاء من مسار المصالحة: تتمتع الإدارة بسلطة مطلقة في تقرير المصالحة بعيدا عن أية مراقبة قضائية، وحتى عندما يلزمها المشرع باستشارة لجان مؤهلة فأنها تسهر على إقصاء العنصر القضائي من تلك اللجان التي تقتصر تشكيلتها على ممثلي الإدارة وحدها (المرسوم التنفيذي رقم 99-195 المؤرخ في 16-08-1999 الذي يحدد إنشاء لجان الصالحة في المجال الجمركي وتشكيلها وسيرها و المرسوم التنفيذي رقم 03-111 المؤرخ في 5-3-2003 المحدد لشروط إجراء المصالحة في مجال جرائم الصرف).

ج- عدم فعالية المصالحة في المواد الجزائية: بالرغم من مرور أكثر من 20 سنة عن جواز المصالحة في الجرائم الجمركية وجرائم الصرف وجرائم المنافسة والأسعار، فإن حصيلتها في الجزائر جد متواضعة مقارنة بما هو جار في البلدان المجاورة أو في فرنسا.
فعلى سبيل المثال، إذا كانت نسبة تسوية المخالفات الجمركية عن طريق المصالحة تقترب من 80% في تونس والمغرب وتفوق 90 % في فرنسا، فإنها لا تتعد 50 % في الجزائر.
أما في جرائم الصرف فإن الحصيلة أقل بكثير، نظرا لثقل الترتيبات التي وضعها المشرع وأضافت إليها الإدارة، حيث جعل اختصاص منح المصالحة عندما تكون قيمة محل الجريمة تتجاوز 500.000 دج من نصيب اللجنة الوطنية التي تجتمع برئاسة الجمهورية وتتألف من ممثل رئيس الجمهورية، رئيسا وممثل رئيس الحكومة ووزير المالية ومحافظ بنك الجزائر، وإذا كانت قيمة محل الجنحة تساوي 50.000.000 دج أو تفوقها فإن الأمر يقتضي عرض المصالحة على مجلس الوزراء للفصل فيها!
وحتى نظام غرامة الصلح الموجود في قانون الإجراءات الجزائية منذ صدوره في سنة 1966 لم يعرف بدوره طريقه للتطبيق.
ومن ثم يثور التساؤل عن مدى مساهمة المصالحة في الدعوى العمومية في التخفيف عن عبء المحاكم وتوطيد السكينة والسلم الاجتماعيين ونشر الوئام بين أفراد المجتمع، وهي الغاية المتوخاة من إقرار المصالحة في المسائل الجزائية.
وأملنا كبير في إعادة الاعتبار إلى المصالحة الجزائية، كبديل من بدائل فض النزاعات، تشريعيا وعمليا على غرار ما جاء به قانون الإجراءات المدنية والإدارية من طرق الجديدة لحل النزاعات، وذلك بتوسيع مجال المصالحة في المواد الجزائية وتبسيط إجراءاتها وتفعيل دور القضاء كمراقب على مسارها، دون الإخلال بحق الدفاع.