الـتـزامـــات الـــمـــرخـــص تـــجــــاه الـــمـــرخـص لـه

من بين أهم الالتزامات التي تقع على عاتق المرخص هناك الالتزامات الخاصة بالعلامات الفارقة (المطلب الأول) والالتزام بنقل المعرفة الفنية (المطلب الثاني) والالتزام الخاص بالتفرد المكاني (المطلب الثالث).

المطلب الأول: التزامات خاصة بالعلامات الفارقة

يعتبر الالتزام بالتنازل عن الحق في استعمال علامة المرخص التجارية من أهم الالتزامات التي تشكل عماد عقد الترخيص التجاري، كما أكد على ذلك قانون أخلاقيات المهنة الصادر عن الفيدرالية الفرنسية للترخيص التجاري، وذلك بإلزام المرخص بضمان صلاحية حقوقه على العلامات الجالبة للزبائن ليتمكن المرخص له من الانتفاع بها ، فالمرخص لا يمكنه التنازل عن حقه في استعمال العلامات الفارقة إلا إذا كان مالكا لها ملكية فعلية، بمعنى أن تكون مسجلة باسمه بالسجل التجاري، وخاضعة للتجديد بصورة مستمرة لأنه في حالة ما إذا كانت هذه العلامات مسجلة باسم غيره أو أنها مسجلة باسمه ولكنها فقدت الحماية القانونية بمرور المدة القانونية دون أن يعيد تسجيلها يكون تصرفه فيها غير قانوني، وبالتالي يحمله المسؤولية. وفي هذا الصدد نجد جمعية A.F.N.O.R تنص على أنه: يجب على المرخص استعمال كل الوسائل الضرورية من أجل الدفاع على العلامة ووقف كل اتفاقات يمكن أن يرد بشأنها تصرف من قبل الأغيار.

فالعلامة التجارية تعتبر المرآة التي من خلالها يتمكن المستهلك من معرفة أصل المنتوج المقدم إليه والقيمة الاقتصادية للشبكة، كما أنه من حق المرخص له أن تكون العلامة التجارية المتنازل له عن الحق في استعمالها قد عرفت شهرة وطنية ودولية، الأمر الذي سيساعده في استجلاب الزبائن بمجرد فتحه لوحدته التجارية sont point de vente.
مما يفرض على المرخص حمايتها من كل ما قد يحيط بها من تزييف أو تقليد من الغير، وعلى المرخص له إخبار المرخص بذلك التقليد الذي قد يصيب العلامة.

ويكون لهذا الأخير الحق في رفع دعوى على المتعدي، أما المرخص له فلا يملك هذا الحق إلا إذا فوض إليه من قبل المرخص .

المطلب الثاني: الالتزام بنقل المعرفة الفنية

حتى يتمكن المرخص له من إعادة وتكرار تجربة المرخص، فلا بد أن لا يكون التصور الذي يقوم عليه نظام المرخص مجرد أفكار غير قابلة للخروج إلى الواقع العملي، لذلك يتطلب في المعرفة الفنية أن تكون قابلة للنقل transmissible ويتأتى هذا بعد إخضاعها لتجارب عدة، ويجب فيها أيضا أن تكون أصلية originale ومميزة spécifique بمعنى أن المعرفة الفنية كفكرة تجارية idée commerciale يجب أن لا تكون معروفة من قبل شبكات أخرى ولأجل ذلك وحماية لها، فقد اشترط قانون أخلاقيات المهنة أن تكون هذه الأخيرة سرية Secret، جوهرية substantiel ومعروفة identifié، كما يجب أن تكون المعرفة الفنية مشروعة licite وإلا اعتبر العقد باطلا وذلك تبعا للمبدأ العام الذي ينص عليه الفصل 62 من ق.ل.ع الذي ينص على أن “كل التزام مبني على سبب غير مشروع يكون باطلا”، وهو نفس الاتجاه الذي ذهب عليه المجلس الأعلى حين جاء في إحدى قراراته بأن “السبب غير المشروع يفسد الالتزامات ولو لم يكن السبب الوحيد في إنشائها”، كما أن المعرفة الفنية يمكن أن تخضع للشكلية، إذ تتم كتابتها في محرر يدعى « bible » ويقدم إلى المرخص له قبل إبرام العقد النهائي بعشرين يوما ،

وتتجلى أهمية ذلك في توضيح المقترح الحقيقي للمعرفة الفنية وكذا أسبقيته في اكتشاف الفكرة التجارية ومحتواها، وكذا أصالتها، وبالتالي حمايتها وإعطاؤها قيمة اقتصادية، ويرتبط بنقل المعرفة الفنية، الالتزام بتقديم المساعدة التقنية، لكون عقد الترخيص التجاري عقد تلقين contrat d’enseignement، سواء المساعدة التقنية العادية أو الاستثنائية، فالأولى تشمل المرحلة السابقة عن فتح المشروع لأبوابه، إذ يقوم المرخص بتقديم التكوين الأولي للمرخص له ويسانده في البحث عن المصادر المالية لتمويل مشروعه والقيام بالدعاية له، وعند افتتاح المشروع بمساعدته الكاملة في كيفية التسيير والتدبير إلى حين اندماج المرخص له مع طبيعة المشروع، وبعد الافتتاح بالقيام بدورات تكوينية تهم تطوير التصور وربط الصلة بالشبكة، أما المساعدة الاستثنائية فيلجأ إليها المرخص بطلب من المرخص له لمعالجة مواقف استثنائية واجهت هذا الأخير.

المطلب الثالث: للالتزام الخاص بالتفرد المكاني l’exclusivité territoriale

وفي هذا الصدد المرخص يكون ملزم بضمان عدم الاعتداء على المرخص له من قبل بقية المرخص لهم .
وشرط الحصر المكاني لا يعد شرطا تأسيسيا في عقد الترخيص التجاري عكس ما هو عليه الأمر في عقد الامتياز التجاري، الأمر الذي أكده القضاء حين قال بأن عدم وجود شرط الحصر بعقد الترخيص التجاري ليس ضروريا لتكييفه، غير أن الحياة العملية قد أفرزت أهمية إدراجه ضمن الشروط التكميلية للعقد، بذلك فغالبية المرخصين يضمنونه بعقودهم وذلك لتحديد صلاحيات المرخص لهم في استخدام نظام الترخيص التجاري المتعاقد بشأنه داخل إطار جغرافي معين مسبقا، وهنا تجب الإشارة إلى أن الإطار الجغرافي يتحدد باتفاق طرفي العقد، بذلك فهو قد يكون مجرد زقاق أو حي أو قد يتعداهما إلى المدينة، وقد يشمل بلدا بكامله أي مجموعة بلدان وامتداد هذه المنطقة أو تقلصها يعود لقوة الشبكة المهنية وشهرتها ومدى التوقعات المستقبلية للسوق المحلية.

إذن فشرط الحصر هو ضمان للمرخص له من المنافسة التي قد يتعرض لها من قبل المرخص ذاته أو من احد المرخص لهم الآخرين المنتمين لنفس الشبكة . وفي هذا الصدد ذهبت استئنافية باريس، “حيث منعت المرخص من أن يسمح بممارسة نفس النشاط خارج الإطار الجغرافي المحدد وذلك للحفاظ على العلاقات الودية فيما بين جميع أعضاء الشبكة”، وحتى يكسب هذا الشرط حجيته القانونية لابد أن يكون مضمنا بالعقد وإلا استطاع كل من الطرفين أن يتلاعب به وقت ما يشاء، الأمر الذي حدث بالفعل في قضية تخص شبكة “phildar”، حيث قبل أحد المرخص لهم التعاقد مع الشركة الأم على أساس شرط الحصر المكاني بالرغم من عدم تضمين هذا الأخير بالعقد، وعند فتحه لوحدته التجارية فوجئ فيما بعد بفتح وحدة تجارية أخرى تحمل نفس العلامة والشعار بالقرب منه مما أفقده عددا كبيرا من زبنائه وتسبب له بالتالي في أضرار مادية كبرى، أما القضاء المقارن فلا يعتد بهذا الشرط إلا إذا كان ثمة نفعا اقتصاديا .

أبو شهد المسلم.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت