بعد الاطلاع على قانون الأحوال الشخصية بشكل مفصل فقد أبدينا الاهتمام بتحليل النصوص والقوانين المعمول بها في العالم العربي وخاصة موضوع الزواج والطلاق والنفقة ولكن موضوع العضل وجعل زواج الفتاة في الفترة ما بين بلوغها الطبيعي وبلوغ سن الخامسة والعشرين يشترط فيه اجتماع رأيها ورأي الولي، والولي هنا هم العصبة بالنفس حسب ترتيب الإرث يليهم القاضي وقصر هذه الولاية على الفتاة في المدة فلا يجوز لها الزواج بغير الولي ويكون باطلا، أما الفتاة التي بلغت الخامسة والعشرين وكذا الثيب فجعل القانون الرأي لها في زواجها ولكن لا تباشر العقد بنفسها بل ذلك لوليها فوليها يباشر فقط العقد واستثناء من ذلك يجوز للثيب أن تطلب من قاضي التوثيقات الشرعية أن يتولى مباشرة عقد زواجها من زوجها السابق وذلك بعد اخطار وليها لسماع رأيه.

ولكن حق الولي في تزويج موليته ليس مطلقا بل ورد عليه قيود لمصلحة المولى عليها.. تجاهلها من قبل الولي يعد عضلا للفتاة، أي امتناعه عن تزويجها دون سبب صحيح بمن هو كفء وبمهر المثل.. أثره رفع الأمر للقاضي للأمر بتزويجها بعد تحققه من كفاءة الخاطب، ومفاد ذلك وجوب التحقق من قيام العضل لدى ولي الزوجة حتى يأمر القاضي بتزويجها.. ومسألة عضل ولي الأمر هي مسألة واقع تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع بغير معقب على قضائه متى أقام قضاءه على أسباب سائغة لها أصل ثابت في الأوراق ومؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها. فمتى استبان للقاضي امتناع ولي الأمر بغير مبرر أو سبب معقول عن زواج من هي في ولايته بمن هو كفء لها وبمهر مثيلاتها، كان له أن يأمر بتزويجها من ذلك الخاطب ويحل في هذه الحالة محل الولي في ولاية التزويج.

واستنادا إلى ما تقدم يطرح السؤال ومن الباب العريض: هذا الزواج هو عقد أم اتفاق؟ وإذا كان الزواج عقدا فما علاقة الطرف الثالث وهل الولي هو طرف في العقد أم لا؟ وإذا كان كذلك فهل موافقته تتوقف على قيام العقد إضافة إلى موافقة القاضي؟

ولكن الإشكالية الكبرى هل سن 25 سنة هي السن الأهلية أم السن القانونية؟ فإذا كان هذا أو ذاك فالزواج ليس بعقد كما انه ليس باتفاق فإذا اتجهت الفتاة العاقلة المدركة وأحيانا الفتاة في هذه السن تكون حاصلة على درجة دكتوراه في الـ 25 سنة إلى الزواج وباختيارها تكون بذلك قد ضلت طريقها، إضافة إلى أن الموضوع هو دعوى أم لا وهل الفتاة البالغة من العمر 25 سنة إذا رفض والدها تزويجها ممن تراه مناسبا لها يبقى أمامها خيارات عديدة. أسئلة كثيرة تدور وتدور ولكن نبقى دائما تحت سقف التفكير.

وبعد الاطلاع على نص المادة المتعلقة بتعضيل ولي والأمر، والأخذ والرد والآراء القانونية والفقهية، وعدم الحسم وكثرة الجدل في الموضوع، كان لابد من ان نلقي الضوء القانوني على هذا الموضوع نظرا الى حساسيته وأهميته فقد عرف الفقهاء عضل الولي بأنه: امتناع الولي عن تزويج التي في ولايته من كفء بمهر المثل بلا مسوغ، وأعطي في هذا السبيل كامل الحق لمن تعرضت لإجحاف أو إهدار لهذا الحق المقرر لها شرعا وقانونا من الولي الطبيعي أن ترفع دعواها إلى القاضي بطلب تزويجها. وفي الختام وكما في كل ختام نتمنى لهذا البلد المعطاء كل الخير والمحبة والوفاء لتبقى دائما الكويت الله حاميها.

د. محمود ملحم

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .