حالات الابتزاز

بقلم مفيد فوزى 

الابتزاز – قانونا – هو استخدام قوة ما بتهديد ما يخيف الطرف الموجه إليه الابتزاز، ليستجيب لما يطلبه المبتز. وبمعنى آخر، فهو القيام بالتهديد بكشف معلومات معينة أو فعل شىء يسىء إلى سمعة الشخص المهدد إن لم يقم الشخص المهدد بالاستجابة لطلبات المبتز. وهناك «حيل» فى التجسس وسرقة بيانات الآخرين لتقع جريمة جديدة مع كل طلوع شمس اسمها «جريمة ابتزاز».

■ هناك أيضاً ابتزاز سياسى «يوم تعرض فصيل إسلامى متشدد لتعيين محافظ قنا الجديد المصرى القبطى»، فقطعوا الطريق بين قنا والقاهرة بأشجار على قضبان السكة الحديد، عطلت مصالح الناس واستوجبت السخط العام، وبدلاً من وقفة حاسمة وقبضة حديدية استجاب، عصام شرف، وقتئذ، لتهديد هذا الفصيل ومنع سفر المحافظ الجديد! وصارت منذ هذه اللحظة «قطع الطرق» منهجاً فى مصر، بعد ثورة يناير، لابتزاز المسؤول وتحقيق مطالبه أياً كانت مشروعيتها، وربما لم يفطن «شرف» طيب القلب.. العاطفى، أنه جعل من التهديد أسلوب ابتزاز عمَّ مصر كلها، فالاعتصامات الفئوية، قهر للمسؤول وابتزاز، والامتناع عن العمل وتقليص الأنشطة «نموذج: النقل العام وإرباك الناس»، هو شكل من أشكال الابتزاز، استجابت له الدولة، وهناك عشرات الأمثلة للصوت العالى المصحوب بالإهانات لتحقيق مطالب فئة ما أو إلغاء لائحة ما وكلها تدخل تحت بند الابتزاز الصارخ، لأن التهديد والوعيد هما «بطلا» الموقف، ومن المؤسف أن تحدث مظاهرات صاخبة ومعارك دامية للإفراج عن متهمين أمام النيابة يصحبون رجال حقوق الإنسان ليدعموا موقفهم الخاطئ، لكنها صورة من ابتزاز شائع، وغالباً ما يستجاب لها.. وربما يتم الإفراج!

■ هناك ابتزاز قانونى «النموذج: الادعاء بأن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية ليست هيئة قضائية، وأنها وهم باطل، مع أن الجميع يعلم أنه قد صدر بها قانون وسميت هيئة قضائية أضيفت إلى الهيئات القضائية التقليدية، والابتزاز هنا هو موقف بعض نواب البرلمان، الذين تطاولوا على هذه الهيئة بقصد تعليق أنشطتها، ومنعها من إجراء انتخابات الرئاسة فى الوقت المحدد مما يترتب عليه عدم تسليم السلطة فى موعدها المحدد، هناك أيضاً ابتزاز فى عملية سحب الثقة من حكومة الجنزورى لأسباب لا تخفى على أى لبيب، رغم أن الحكومة عبرت محاولات ابتزازها، فأظهرت وكشفت مدى حجم شعبية البرلمان الملتحى فى الشارع!

■ هناك «الابتزاز الإلكترونى» وهو الإساءة إلى شخص ما أو هيئة أو مؤسسة بنشر صور بالفوتوشوب «وسيلة رخيصة للابتزاز»، وقد ذهبت يوماً إلى السجن لمقابلة «طبيب» قبضت عليه الشرطة لأنه نشر على النت وجه فتاة على جسم عار، وكانت الفتاة قد رفضته خطيباً لها فانتقم بهذه الصورة، وكان حكم القضاء ١٠ سنوات خفضها القاضى إلى ٣ سنوات حرصاً على مستقبله، وفى الجرائم الإلكترونية يحاسب المتهم بعد ثبات حالة «الابتزاز» المصحوبة بطلب مبالغ مالية أو الإذعان لطلب المبتز، وقد تطورت أساليب القبض على المبتزين، حيث لم يكن هناك تشريع من قبل، ولم تكن هناك آليات لضبط الجناة بسرعة، فلم يعد الأمر مقصوراً على ضعاف النفوس، بل تعدى ذلك إلى «سرقات الحسابات الإلكترونية»، للأشخاص، ولهذا تترصد البنوك لهذه الجريمة وتحذر عملاءها من الاستخدام الخاطئ لكروت الائتمان.

■ هناك «الابتزاز الإعلامى» الذى يصل إلى حد تهديدات متوالية لشخص ثرى أو صاحب ثروة بنشر أو إذاعة أسرار مسكوت عنها، بهدف الحصول على «ثمن» لهذا الصمت، أو «إعلانات» مقابل عدم النشر أو الإذاعة، وحين يستجيب المبتز، فهو يتعرض لسلسلة من المطالبات، وحين لا يستجيب تجرى المحاسبة الجنائية بالقانون.

■ هناك «الابتزاز الاجتماعى» بأن يقوم شخص ما بإسناد أمور مشينة أو تحط من شأن شخص أو هيئة أو مؤسسة بنشرها للترويع، وقد يكون هذا من خلال اتصالات تليفونية تزعج البيوت والأزواج وتحطم علاقات أسرية مستقرة، وعلى القناة الرياضية السعودية حلقات تصل إلى مائة حلقة تقدم المبتزين الذين قبض عليهم من السلطات السعودية يروون اعترافات لما تعرضت له بعض الفتيات من بعض ضعاف النفوس من الشباب، وذلك قبل تقديمهم للمحاكمة، ناهيك عن الابتزاز الجنسى والاغتصاب بغير إرادة الأنثى فى عملها أو خارجه بتهديد ما يجعلها تخضع، أما الذاهبة بقدميها وإرادتها فربما تقوم هى بعملية الابتزاز للرجل، وللقانون رصد لحالات هؤلاء فى المجتمع.

■ هناك ابتزاز دولى وابتزاز عسكرى وابتزاز معلوماتى وابتزاز اقتصادى وابتزاز دينى!

نحن كشعب، بُلى، البعض منه بشهوة الانتقام المصحوبة بالتخوين والابتزاز، لا نحتاج إلى رئيس بقفازات دبلوماسية ناعمة، ولا من يلعب على حبال الدين، ولا من يبتز أصواتنا باسم شرع الله.. نحن نريد رئيساً «دكر» يعيدنا إلى مصر اللى وحشتنا.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت