التهجير القسري
تستمر أعمال التغييب القسري أو التهجير في البلدان التي يسودها حكم استبدادي شمولي، أو في ظل الحروب الأهلية، العرقية والدينية.

ما المقصود بالتهجير القسري؟

لقد عرّف القانون الدولي الإنساني التهجير القسري بأنه “الإخلاء القسري وغير القانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها”، وهو ممارسة مرتبطة بالتطهير وبإجراءات تعسفية قهرية، تقوم به حكومات أو مجموعات متعصبة تجاه مجموعة عرقية أو دينية معينة، وأحيانًا ضد مجموعات عديدة؛ بهدف إخلاء أراضٍ معينة لنخبة بديلة، أو فئة معينة.

وتُعرِّف اتفاقيات جنيف الأربع، المؤرخة في 12 آب/ أغسطس 1949، والبروتوكولان الملحقان بها لعام 1977، جرائم الحرب بأنها الانتهاكات الجسيمة للقواعد الموضوعة إذا تعلق الأمر بالتهجير القسري، فالمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص، أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أراضٍ أخرى، إلا في حال أن يكون هذا في صالحهم؛ بهدف تجنيبهم مخاطر النزاعات المسلحة.

كما أن المادة (7-1-د) من نظام روما الإنساني للمحكمة الجنائية الدولية، تُجرّم عمليات الترحيل أو النقل القسري، حيث تنص على أن “إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان، متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق، أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين، يشكل جريمة ضد الإنسانية”. وبموجب المواد 6 و7 و8 من نظام روما الأساسي، فإن “الإبعاد أو النقل غير المشروعين”، يشكلان جريمة حرب، وتعدّ المادة المتعلقة بحظر نقل السكان من مناطقهم جزءًا من القانون الدولي الإنساني العرفي.

إن عملية التهجير القسري وعمليات الإبادة الجماعية تتطابق مع ما نصت عليه المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة (اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية) التي أقرتها الأمم المتحد في 9 كانون الأول/ ديسمبر عام 1948، وباتت سارية المفعول في 12 كانون الثاني/ يناير عام 1951، والتي تعدّ الأفعال التالية المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية، أو إثنية أو عنصرية أو دينية بمنزلة إبادة جماعية:

أ – قتل أعضاء من الجماعة.

ب – إلحاق أذى جسدي أو روحي خطِر بأعضاء من الجماعة.

ج – إخضاع الجماعة، عمدًا، لأوضاع معيشية، يراد بها تدميرها المادي كليًا أو جزئيًا.

د – فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.

هـ – نقل أطفال من الجماعة عنوة، إلى جماعة أخرى.

يفسر حصول التهجير بأنه نتيجة نزاعات داخلية مسلحة، أو صراعات ذات طابع ديني أو عرقي أو مذهبي أو عشائري، ويتم بإرادة أحد أطراف النزاع، عندما يمتلك القوة اللازمة لإزاحة الأطراف التي تنتمي إلى مكونات أخرى، وهذا الطرف يرى أن مصلحته الآنية أو المستقبلية تكمن في تهجير الطرف الآخر، ويحصل التهجير في حالة وجود طرف يهدد مجموعة سكانية مختلفة بالانتماء الديني أو المذهبي أو العرقي، بعدم البقاء في مدينة أو منطقة أو بلد ما.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت