عرف الشارع المصري السارق في المادة (311) من قانون العقوبات 1935 بقوله: ((كل من اختلس منقولاً مملوكاً لغيره فهو سارق )) وهذا التعريف منقول عن المادة 379 من قانون العقوبات الفرنسي القديم لعام 1812 و ترجمتها: (( كل من اختلس شيئاً غير مملوك له فهو سارق )). فالسرقة في القانونين المصري و الفرنسي هي اختلاس شئ منقول مملوك للغير . وقد كان القانون الروماني اكثر توسع من حيث الركن المادي للجريمة ، ولكنه كان اشد تضيقاً من حيث قصد الجاني . فمن الناحية الاولى لم تكن السرقة قاصرة على اختلاس الشئ نفسه بل كان يجوز ان تتناول اختلاس منفعة الشئ او سلب حيازته . ولكن من الناحية الاخرى كان يشترط ان يكون الباعث عليها هو الكسب بوصفه ركناً اساسياً للجريمة .

وقد اتبع الشارع الايطالي النظرية الرومانية القديمة ، فعرف السرقة بأنها استيلاء الجاني على منقول للغير بطريقة اختلاسه من حائزه بقصد جر مغنم منه لنفسه او لغيره ( المادة 624 في قانون العقوبات الايطالي الصادر في سنة 1930) ، وعاقب على الفعل اذا وقع بقصد استعمال الشئ استعمالاً وقتياً ورده بعد ذلك الى صاحبه ( المادة 626من القانون نفسه ) .وقد جرى البحث في كثير من البلدان فيما اذا كان من المناسب الرجوع الى العقاب على اختلاس المنفعة وذلك بالنظر الى تقدم القوى المسلطة كالكهرباء و البخار .. الخ . ومهما يكن من امر هذا البحث فالسرقة في التشريعات المعاصرة لاتكون إلا بالاختلاس وهو فعل الشخص الذي يستلب شيئاً من مالكه الشرعي رغم ارادته .

اما الاعمال الجنائية التي ترمي الى تملك مال الغير وتتحقق دون فعل اختلاس كالتي تقع بخيانة الوكالة او الوديعة او بالحصول على شئ بطريق الغش او الاحتيال فتختلف عن السرقة وتوصف على حسب الاحوال بوصف خيانة امانة او احتيال. وهذه الاعمال تنطوي على الخداع في حين تقتضي السرقة استعمال القوة او العنف على الشئ(1). وقد أشار المشرع العراقي على جريمة السرقة في المواد (439-446) من قانون العقوبات العراقي 111 لسنة 1969 المعدل . وقد عرفت المادة ( 439) من القانون السرقة بأنها ( اختلاس مال منقول مملوك لغير الجاني عمداً ). ومن هذا التعريف يتضح الفرق بين جريمة السرقة وجريمة الاحتيال وخيانة الامانة، فاذا كانت هذه الجرائم الثلاث تتشابه من حيث وقوعها على مال منقول مملوك للغير أي في جميعها محل الجريمة واحدة.

وكذلك القصد الجنائي فيها واحد وهو ضم المال الى ملكه أي نقل ملكية المال الى ذمته المالية . فأن هذه الجرائم تختلف من حيث وسيلة ارتكاب كل منها ففي السرقة ينتزع الجاني حيازة المال دون رضا صاحبه أي ان الجاني يستولي على المال المملوك للغير ودون موافقة المجني عليه ، في حين يتم نقل المال في جريمة النصب من صاحبه باختياره ولكن الجاني يستخدم طرق احتيالية . أي ان انتقال حيازة المال تكون باستخدام طرق احتيالية وخدع المجني عليه حتى يسلم ماله الى الجاني . اما في جريمة خيانة الامانة فأن حيازة المال تنتقل بناء على عقد من العقود التي حددها القانون كالاعارة مثلاً ثم يغير الجاني نيته من حيازة الشئ حيازه وقتية اوناقصة الى حيازه كامله وذلك بنية تملك ذلك المال ، أي ان المال تنتقل حيازته الى الجاني بناء على عقد صحيح ثم يغير الجاني نيته وتنصرف ارادته الى ضم المال الى ملكه ، أي الى عدم اعادته الى صاحبه في الموعد المحدد في العقد (2).

_________________

1- جندي عبد الملك ، الموسوعة الجنائية ، الجزء الرابع، مطبعة الاعتماد، مصر ، 1360هـ /1941م،ص 160-161

2- د. ماهر عبد شويش ، شرح قانون العقوبات ، القسم الخاص ، الموصل ، 1988 ص 271.

المؤلف : عبود علوان منصور
الكتاب أو المصدر : جريمة السرقة اسبابها والاثار المترتبة عليها

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .