الحماية القانونية للأرشيف في التشريع الجزائري

مقال محرر من طرف:

– ترشين عمر
– أولاد حسيني يوسف

مقدمة :
تشكل الوثائق بمعناها العام الذاكرة الحية للشعوب و الأمم يمكنها أن تحافظ على خصوصياتها الثقافية و رموزها الروحية و الحضارية و تعمل على توصيل الأجيال و المجموعات الوثائقية التي تعد منابع و روافد ثقافية و علمية متجددة و متواصلة تساعد المجتمع على التنمية و الارتقاء و التطور و تعد مؤشرا على تطور المجتمعات في مختلف المجالات و بواسطتها يمكن قياس درجة التقدم في جميع المجالات و لهذا عملت الأمم الحية على الحفاظ على مخزونها الوثائقي في احداث مراكز متخصصة و أيضا وضع النصوص القانونية و التشريعية من أجل التسيير الأحسن لهذا القطاع حيث أن هذه التشريعات المتعلقة بالأرشيف و تنظيم المراكز الأرشيفية و القواعد التي تحكمها من خدمات و أنظمة و يظهر ذلك جليا في الاهتمام الذي أولته التشريعات الأرشيفية في موضوع الحماية القانونية و أوجه الحفاظ على الوثيقة الأرشيفية و كذا الوثائق المشمولة بهذه الحماية و سنتطرق في بحثنا هذا إلى أوجه هذه الحماية و نطاقاتها و أهم مصادرها و أنواعها حسب التشريع الجزائري.
الفصل الأول :
1. مفهوم التشريع:
هو وضع قواعد قانونية في نصوص تنظم العلاقات بين الأشخاص في المجتمع بواسطة سلطة المختصة طبقا للإجراءات المقررة لذلك .وقد عرفت الية وضع القواعد القانونية في شكل تشريعات منذ القدم ،إذ وجدت مجموعة (حمو رابي ) التي صدرت في القرن الثامن عشر قبل الميلاد ،وقانون الألواح الاثني عشر ،وقانون أكليا الذي صدر في القرن 5ق.م .وقد تطور التشريع إلي إن أصبح المصدر الأول للقانون في معظم الدول باستثناء الدول الاسكندينافية وتعد الجزائر من بين الدول التي تعتبر التشريع المصدر الأول للقانون .

2. أنواع التشريع :
إن القواعد التشريعية ليست كلها بدرجة واحدة فهي تندرج من حيث الأهمية ،ويأتي في مقدمتها التشريع الأساسي ثم التشريع العادي وأخيرا التشريع الفرعي ولهذا الترتيب أهمية إذ بإمكانه أن يخلق تشريعا أخر أعلى درجة منه .

-التشريع الأساسي(الدستور):هو مجموعة القواعد الأساسية التي تبين شكل الدولة، فيبن الدستور نظام الحكم في الدولة و توزيع السلطات والهيئات التي تتولي هذه السلطات وعلاقة هذه السلطات يبعضها البعض كما يبين الحقوق والوجبات العامة للإفراد.

-المعاهدات:تشتمل المعاهدات الدولية إلي جانب العقود التي تهتم بالعلاقات الدولية المتعاقدة فبما بينها، قواعد القانون الخاص وبالأخص ما يتعلق بوضعية رعاية الدولة المتعاقدة في الخارج.

– التشريع العادي (العضوي ):هو مجموعة من القواعد القانونية التي تسنها السلطة التشريعية وهو القانون بالمعني الضيق.
3. مراحل التشريع:
يمر التشريع بخمسة مراحل أساسية بغاية الصدور:
– مرحلة المبادرة بالتشريع
– مرحلة الفحص
– مرحلة موافقة الهيئة التشريعية
– مرحلة إصدار التشريع
– مرحلة النشر في الجريدة الرسمية
4. العوامل التي يجب مراعاتها عند التشريع الأرشيفي :
عندما يتعلق الأمر بإعداد مشروع قانون تمهيدي أو نهائي أو حتى أبسط قانون داخلي لا بد و أن يتصل اتصالا وثيقا بالمحيط الطبيعي الذي يؤثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على الحوافز المساهمة في تشكيل هذا القانون و تحديد موضوعه و ليكون الأمر واضحا و جليا، ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار العوامل التالية :
§ خصائص و مميزات محيط نظام الأرشيف
§ نوعية الرصيد ( طبيعته ، حجمه ، أهميته .. الخ )
§ الاهتمام بالإدارة ( تاريخها ، تطورها ) .
§ مما يؤدي بنا إلى طرح الأسئلة التالية :
§ المعايير التي ينبغي أن نعتمد عليها عند إعداد مشروع تمهيدي متعلق بالأرشيف
§ نوعية المستفيدة بالتحديد
§ القانون يخص الوثائق الأرشيفية الجارية أو الأرشيف الوسيط أو الأرشيف النهائي
§ هل نحن أمام وضعية تتطلب إصدار قوانين جديدة لا وجود لها من قبل ؟
§ هل نحن أمام وضعية تتعلق بمراجعة نصوص قانونية وجدت من قبل، لكن مع مرور الزمن أثبتت عدم نجا عتها ؟

5. التشريع في ميدان الأرشيف و مدى علاقته بعلم الأرشيف :
إن الاهتمام بمسألة التشريع في ميدان الأرشيف من طرف أصحاب القرار مع العلم أن هذه الفكرة قديمة ليست وليدة اليوم ، كانت سائدة في معظم الدول حتى قبل الحرب العالمية الأولى و الثانية و على سبيل المثال كانت قوانين تشريعية متعلقة بالأرشيف في أوروبا و في فرنسا على وجه الخصوص من بينها نذكر المرسوم 7 ميشيدورII المؤرخ 25 جوان 1794 الذي يعكس أساسا المفهوم التاريخي للأرشيف لان النظرة السائدة آنذاك و المطبقة في الميدان هي التي تميز بين الأرشيف الإداري و الأرشيف التاريخي عند الفرنسيين أين كانت أغلبية الأرصدة الأرشيفية المحفوظة في خدمة التاريخ و المؤرخين .

§ أما بعد الحرب العالمية الثانية اهتمت بعض الدول المتقدمة و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بمسألة تنظيم و تقنين الوثائق الأرشيفية بصفة عامة و بالتالي أصدرت قوانين ذات الرؤيا الحديثة ، و يرجع سبب هذه النقلة النوعية في ميدان الأرشيف إلى التطور الذي حدث في علم الأرشيف ، و خاصة النظرية الأمريكية المتمثلة في الأطوار الثالثة التي جاءت لتناقض مناقضة جذرية النظرية الفرنسية المعتمدة أساسا على المفهوم التاريخي للأرشيف و لذا يجب على المشرع في ميدان الأرشيف أن يدرك هذه العلاقة الوطيدة بين القوانين و علم الأرشيف بكل ما يحتويه من نظريات و تطورات .
6. التشريع الأرشيفي في الجزائر :

§ بعد أن استرجعت الجزائر سيادتها في سنة 1962 تم بذل مجهودات معتبرة في اتجاه تنظيم الأرشيف و كان أيضا الاهتمام فيما يخص بمسألة التشريع في ميدان الأرشيف و قد أولت الدولة الجزائرية عناية خاصة في هذا الميدان بداية من السبعينيات مع صدور المرسوم رقم 88/09 المؤرخ في 16 نوفمبر سنة 1970 المتضمن إنشاء مديرية فرعية على مستوى مدير الوثائق و الأرشيف ثم يليه الأمر رقم 71- 36 المؤرخ في 3 جوان سنة 1971 المتضمن تأسيس رصيد الأرشيف الوطني .
§ و نذكر أيضا المراسيم و القوانين التالية:
§ – مرسوم رقم 74/75 المؤرخ في 25 ابريل سنة 1974 المتضمن إنشاء مجلسا استثنائي للأرشيف
§ المرسوم رقم 77/76 المؤرخ في 20 مارس 1977 المتضمن الأرشيف الوطني
§ المرسوم رقم 87/11 المؤرخ في 6 جانفي 1987 المتضمن تأسيس الأرشيف الوطني(مركز المحفوظات الوطنية )
§ المرسوم رقم 47/88 المؤرخ في 1 مارس 1988 يعدل رقم 11/87 المذكور أعلاه المتضمن إنشاءالأرشيف الوطني
§ القانون رقم 88/09 المؤرخ في 28 جانفي 1988 المتضمن الأرشيف الوطني الذي يتضمن مجموعة من المواد تنص على كيفية تنظيم و تسيير الأرشيف ، و قد وردت على وجه الخصوص في المادة 2 و 3 تعريف القانوني للوثائق الأرشيفية حسب المشرع الجزائري و تحديد في المادة 5 الوثائق التي يتكوم منها الأرشيف العمومي و المتمثلة في الوثائق المنتجة و المسلمة من طرف هيئات الحزب و الدولة و الجماعات المحلية و المؤسسات و الهيئات العمومية .

و من موادها الهامة المادة 08 التي تؤكد على ضرورة الاشتراك مع مؤسسة الأرشيف الوطني في إقصاء الوثائق عديمة القيمة الإدارية و التاريخية .
§ و يؤكد هذا القانون أيضا في المادة 03 على ضرورة قيام المؤسسات العمومية بعملية الدفع للمؤسسة المكلفة بالأرشيف الوطني .
§ تطرق أيضا المشرع في نفس القانون إلى مفهوم الأرشيف الخاص في الباب الثالث ( من المادة 12 إلى المادة 18 )
§ أما مسألة الإطلاع على الأرشيف العمومي و أجل الإطلاع فتناولها المشرع في الباب الثاني المادة 10 و المادة 11 .
§ المرسوم 88/45 المؤرخ في 4 مارس 1988 المتضمن تأسيس الإدارة العامة للأرشيف الوطني و المحدد صلاحياته.
§ تطرق هذا المرسوم إلى أهم مهام المديرية العامة للأرشيف الوطني والمديريات الفرعية التابعة لها والسلطات المناطة بها
§ منـاشـيـر الـتطـبيـق:
§ المنشور المؤرخ في 08 نوفمبر سنة 1971 المتعلق بتسيير الأرشيف
§ المنشور رقم 94/06 المؤرخ في 26 سبتمبر سنة 1994 المتعلق بإقصاء بعض أنواع الأرشيف في الولايات
§ المنشور رقم 94/07 المؤرخ في 02 أكتوبر 1994 المتعلق بإنقاذ الأرشيف ما قبل سنة 1962
§ المنشور الرئاسي رقم 301 المؤرخ في 20 أوت سنة 2000 المتعلق بتسيير الأرشيف
§ المنشور رقم 99/111 المؤرخ في 2 مارس 1999 و المتعلق ببرنامج بناء مراكز الأرشيف
§ إن هذه القوانين و المتمثلة في المراسيم و المناشير و الأوامر سمحت لبلادنا أن تكتسب ترسانة قانونية ساهمت في تحقيق بعض الأهداف في ميدان الأرشيف ، و بعبارة أخرى يمكن القول ان ليست للجزائر في هذا الميدان إستراتيجية واضحة تتكفل بمسألة الأرشيف في المدى القريب و المتوسط و البعيد لتكون لها إستراتيجية شاملة يندرج فيها الأرشيف الوطني في المشهد الإداري الوطني و الحياة الثقافية و العلمية و كذا في النظام الوطني الإعلامي .

§ و تجدر الإشارة إلى أن هذه القوانين المذكورة رغم ما حققته من أهداف مثل تأسيس المركز الوطني للأرشيف العام على المستوى الوطني و الولائي و إنشاء ثلاثة لجان أولها تختص بمسالة إقصاء الوثائق الأرشيفية على مستوى الولاية و ثانيها : تختص على المستوى الوطني بإعداد قائمة الوثائق الأرشيفية حسب طبيعتها و ثالثها التي تهتم بمسالة الوثائق الأرشيفية الخاصة .

§ هذا ، و رغم وجود هذه الترسانة القانونية التي تم إعدادها من طرف عدة جهات المشرع و الأرشيف الوطني الخ —) تبقى إشكالية التشريع في هذا الميدان الحساس مطروحة لأن القوانين السالفة الذكر أملتها ظروف معنية لم تحط بجميع الجوانب المطروحة في ميدان الأرشيف ( المعالجة و التبليغ ، الحفظ و الإدماج القانوني و التنظيمي لمختلف المراحل التسلسلية الأرشيفية من بدء دخول الوثائق الأرشيفية و معالجتها و تبليغها و كذا النصوص القانونية المتعلقة بالبنايات المعدة لتلقى و حفظ الوثائق الأرشيفية و أخيرا تسطير سياسة وطنية للتكوين و التوظيف التي استجابت إذن لمتطلبات ظرفية مثل ضرورة إنشاء رصيد وثائقي بعد الاستقلال ، بموجب الأمر المؤرخ في 3 جوان 1971 المذكور أعلاه ، إذن فهي قوانين ظرفية يجب إعادة النظر فيا كليا أو جزئيا وإدراجها في إستراتيجية شاملة .

§ و الجدير بالذكر أيضا كون هذه النصوص بقيت في اغلبها ذات طابع عام لم تصحبها نصوص تطبيقية محددة بصفة دقيقة و واضحة مجالات تطبيقها الفعلي و الإلزامي في الميدان مع التقاعس و الإهمال في تطبيقها و تنفيذها من جميع الأطراف المعنية بمسالة الأرشيف.

§ أما فيما يخص المرحلة الثالثة من عمر الوثائق الأرشيفية أي الأرشيف الوسيط بإمكان الأرشيفي إعداد قوانين لها طابع إلزامي ترغم الإداريين على احترام دفع وثائق الأرشيف و كذا آجال الحفظ على مستوى الطور الثاني و إلحاح على معاقبة المسؤولين اللذين لم يقوموا بالدفع بصفة منظمة و مستمرة و احترام كيفية دفع الوثائق مع مراعاة الإجراءات في هذا الشأن مثل إعداد جدول الدفع مع كل ما يحتويه من معلومات و صبغة قانونية لان عملية الدفع عملية مادية ، أرشيفية و قانونية في نفس الوقت.
§ ألفات النظر حول تكدس الوثائق على مستوى المكاتب الخ …
§ و كل هذه القوانين المقترحة من طرف الأرشيفي سواء كانت تتعلق بالأرشيف الجاري أو الوسيط يجب أن تكون ممضاة و مصحوبة بموافقة المدير المعنى حتى تصبح أكثر قانونية رسمية و يمكن أن تنجر عنها عقوبات مدنية أو جزائية.و هذا العمل الميدانيالمتعلق بإعداد قوانين من طرف الأرشيفي يمكن أن يكون بمثابة همزة وصل بين القوانين العامة و خصائص محيط الهيئات الإدارية بصفة عامة.
الفصل الثاني :
1. مفهوم الحماية القانونية :
هي مجموع التدابير الاحترازية القانونية المتعلقة بحماية الأرشيف التابع لبلد ما الذي يمثل جزءا من تراثها الأرشيفي و تلك التدابير تمنع اعدام الأرشيف و تصديره إلى خارج البلاد و للأرشيف قيمة قانونية تتجلى في تسيير و مواصلة الأعمال القانونية الراهنة و المستقبلية و بالتالي اعتبارها كدليل إثبات
2. مصادر الحماية القانونية :
يرتكز هذا العنصر على مصدرين رئيسيين هما:
1.2 القانون:
هي مجموعة القواعد التي تنظم سلوك الأفراد داخل الدولة التي تكفل السلطة العامة احترامها و ذلك عن طريق جزاء يوقع حبرا على من يخالف هذه القواعد عند اللزوم و القانون يحوي على فروع و تتمثل في القانون العام و القانون الخاص.
نقصد بالقانون قواعد سلوك يتعين على الأفراد الانصياع لها حتى يستقيم النظام في المجتمع.
2.2 الاتفاقيات :
هي اتفاق مكتوب بين شخصين أو أكثر من الأشخاص الدولية أو الوطنية أو الإقليمية من شأنه أن ينشأ حقوق و التزامات متبادلة في ظل القانون الدولي العام.

يتضح من خلال التعريف أن الاتفاقية هي اتفاق بين الأطراف المتعاقدة و يعبر عن التقاء ارادات موقعيها على أمر ما فهي ذات صفة تعاقدية الغرض منها انشاء علاقة قانونية.

3 أنواع الحماية القانونية :
يمكن تقسيم الحماية القانونية إلى :
1.3 الحماية الجزائية :
يتبين من خلال التطور لمفهوم الأرشيف أن هذا النوع لم يكن موضع اهتمام إلا مؤخرا في دول أمريك و أوروبا و حديثا جدا في الدول العربية حيث لم تخلوا أغلب التشريعات الخاصة بالأرشيف من نصوص تجرم بعض صور الإعتداء على الأرشيف، فالأرشيف خلال فترة نشاطه يتعرض أحيانا لإعتداءات خطيرة لذلك كان لابد من اللجوء إلى عقوبات جنائية لما تشتمل عليه من قوة ردع تكفل حماية أكثر فعالية للأرشيف و ظهر أو قانون متكامل لحماية الأرشيف في الجزائر سنة 1988 و تحديدا القانون 09-88 المؤرخ في 26 جانفي 1988 فجمع في بعض مواده بين أحكام القانون العام (القانون الجنائي) و أحكام القانون الخاص ( القانون المدني) حيث وردت أحكام في الباب الخامس تحت عنوان أحكام جزائية منها ما هو خاص بأعوان الإدارة المكلفين بحفظ و جمع الأرشيف و منها ما يتعلق بتخريب و اختلاس الوثائق العمومية أو الخاصة المحفوظة في الأرشيف فتطبق عليهم العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات.

و على هذا نستطيع تحديد عناصر الجريمة (التخريب، الإتلاف، التزوير، التزييف) المنصوص عليها في القانون 09-88 استنادا إلى المادة 302 من قانون العقوبات إذ نصت المادة على ما يلي:
“يعاقب أعوان الإدارة المكلفون بجمع أو حفظ الوثائق الأرشيفية و الذين يبلغون المعلومات خلافا للأحكام هذا القانون أو نصوصه التنظيمية بالعقوبات المنصوص عليها في المادة 302 من قانون العقوبات المشرع بهذا النص أراد أن يحمي الأرشيف و المعلومات التي يحويها حرصا على المصلحة العامة و قد جاءت هذه المادة بصورة للجريمة و هي التبليغ المرتبط بمحل الجريمة ( الأرشيف) ” و قرنت بعنصر ثالث هو الركن المعنوي أي توافر القصد (القصد الجنائي) و يمكننا أن نستخلص أن أركان الجريمة هي على النحو التالي:
الركن الأول : صفة الجاني
كونه عون من أعوان الإدارة مكلف بجمع و حفظ الوثائق الأرشيفية
الركن الثاني : محل الجريمة
يتمثل في المعلومات التي يتم تبليغها و هي الحقائق التي يتوصل إليها أهل المعرفة من العلماء و ذوي الإختصاص.
الركن الثالث : الركن المادي
يمثل التبليغ و نقل المعلومات بواسطة الفاعل إلى شخص أو جهة معينة و قد أظهر المشرع هذا المفهوم الواسع بوصفه يمكن أن يتم على أيت صورة و طريقة قمت بتصويرها أو نسخها أو تلخيصها أو تسليمها إما مباشرة أو عن طريق البريد أو أحد العملاء.
الركن الرابع الركن المعنوي أو القصد الجنائي
فهذه الجريمة جريمة عمدية تتطلب قيام أو توفر القصد القام على العلم و الإرادة بمعنى أن التبليغ يجب أن يتم و الجاني يعلم بأنه يقوم يفعل محظور قانونيا و مخالفا لأحكام القانون.

2.3 الحماية المدنية :
في القانون تثبت المسؤولية القانونية عن الإعتداءات الواقعة على المصنفات الأدبية و الفنية و العلمية وفقا للقواعد العامة بتوفر ثلاث أركان هي الخطأ و الضرر و العلاقة السببية سواء كانت هذه المسؤولية عقدية أو تقصيرية

فالمشرع الجزائري أقر حماية لحق المؤلف و الحقوق المجاورة في حالة الإحتيال و الغش أما بالنسبة للأرشيف فلاتوجد مسؤولية عقدية و لا مسؤولية عقدية يمكن أن نلاحظ هذا في بعض نوع من الأحتيال كالموظف مثلا الذي ينسب لنفسه عمل كتبه موظف آخر في إطار النشاط المهني لكن هذا لا يؤثر أي ثأثير في الحقيقة لا على الوثيقة و لا على الشخص الذي كتب هذا العمل فالمسؤلية في هذه الحالة مسؤولية أخلاقية لا أكثر لأن الشخص لم يجني أي ربح من ذالك لأن الوثيقة الأرشيفية لا تتيح المضاربة أصلا إذا ما الحماية التي أقرها المشرع الجزائري للوثائق الأرشيفية

فإذا رجعنا لأحكام القانون المدني لا نجد أي نص يتطرق بصراحة لحماية الأرشيف و لا يمكن أن نطبق عليه القواعد العامة في مجال المسؤولية العقدية كذلك الشأن في المسؤولية التقصيرية التي لا يشترط فيها قيام عقد صحيح لكنها رغم ذلك لا تصله لتطبيقها في مجال الأرشيف.

لكن وردت أحكام في القانون 09-88 المؤرخ في 26 جانفي 1988 الخاص بتنظيم الأرشيف في بابه الخامس تحت عنوان أحكام جزائية في الفقرة الثانية من المادة 16 حيث نصت على ” يمكن للدولة أن تمارس حق الشفاعة في حالة بيع الأرشيف الخاص”
و الملاحظة الأولى أن هذا النص يتعلق بالأرشيف الخاص.

و الملاحظة الثانية أن حق الشفاعة لا يمارس إلا على العقار فلماذا خرج المشرع عن هذه القاعدة.
وللإجابة على هذه التساؤلات يجب توضيح فكرة الشفاعة و التي تقوم على أساس دفع الدرر على الشفيع المتصل حقه بالعقار المبيع الذي قد يأتي من المشتري لهذا العقار فالشريك قد يتضرر من دخول أجنبي أو غريب عن الشركاء و الجار قد يتضرر من جوار غريب يشتري العقارالمجاور و بذلك تبرر الشفاعة بتفضيل القريب عن البعيد فما العلة من تطبيق ذلك في الأرشيف لمعرفة ذلك يجب الرجوع إلى القانون 90-30 المؤرخ في 02 نوفمبر 1990 و المتضمن في المادة 16 حيث صنف محتويي الدومين إلى قسمين الدومين العام الطبيعي الذي يدخل ضمن ممتلكات الدولة العقارية و ما إلى ذلك التي لها منفعة عامة و الدومين العام الاصطناعي الذي يحتوي على معلومات ذات أهمية بالغة بالنسبة للدولة برمتها بالنسبة للمشرع الجزائري و من خلال القانون 90-30 الذي يعتبر الأرشيف الذي يمثل أهمية بالغة للدولة و الأمة جزء من الدومين العام الاصطناعي و يخضع لنفس الأحكام أي أنه في حكم العقار و من ثمة أجار ممارسة حق الشفاعة عليه.

فهذه أهم صور الحماية المدنية للأرشيف التي رصدها المشرع الجزائري و في الأخير يجب الإشارة بأن حماية الأرشيف تعتمل على بعد أخلاقي يضع العامل و المشرف على الأرشيف في صراع لا ينتهي.
4. نطاق الحماية القانونية :
تمتد حماية الأرشيف في نطاقين مختلفين هما:
1.4نطاق حماية الأرشيف من حيث المكان :
الكثير من الحقوق التقليدية لا يتعدى نطاق حمايتها الدولة أو الإقليم الذي قامة فيه الحقوق السياسية و حقوق الارتفاق و غير ذلك لكن الأرشيف و ما للدولة أو الخواص من حقوق عليه بموجب الملكية يختلف عن ذلك نظرا للخاصية التي يمتاز بها و هي الإنتشار و إمكانية إجتياز الحدود لذالك تحكمه قواعد خاصة تتقق و تتماشى مع هذه الخصائص لذلك فنطاق حماية الأرشيف قد يمتد من حيث المكان إلى خارج إقليم الدولة وفق ما يبرم من اتفاقات دولية بالإضافة إلى ذلك فإن قانون العقوبات الجزائرية يخضع حماية القانون لمبدأ الإقليمية طبقا للمادة الثالثة منه.

2.4. نطاق حماية الأرشيف من حيث الزمن :
يشتمل على موضوعين :
الأول مدى سريان أحكام القانون من حيث الزمن فهو يحضع لمبدأ عام مقرر في أغلب التشريعات الحديثة و هو عدم رجعية القانون أي عدم إنسحاب القانون على الماضي و تطبيقه مثلا على الأوضاع التي كان عليها الأرشيف قبل دوره فأغلب التشريعات في العالم تقضي كمبدأ عام بعدم رجعية القانون.

الثاني : تحديد المدة التي تستمر فيها حماية الأرشيف فلم يرد نص صريح في هذا الشأن لذا نعتقد أن المنطق يقتضي أن تستمر الحماية باستمرار سريان النص القانوني.

و نشير في الأخير أن هذه الحماية تنطبق على الأرشيف مهما كان شكله و وعاؤه فما يسري على الأصل يسري على الفرع فما يهم هو أن تتوفر فيه المعايير التي حددتها المواد 05 – 12- 13 – 14 من القانون 88-09 التي سبق و أن أشرنا إليها

5. الأرشيف المشمول بالحماية القانونية :
لتحديد المعايير أو المبادئ الأساسية التي يمكن بمقتضاها إعتبار أي أرشيف جدير بالحماية القانونية نشير إلى المادة 05 من القانون 88-09 و التي تنص على ” يتكون الأرشيف العمومي من الوثائق التاريخية و من الوثائق التي تنتجها او تستلمها هيئات الحزب و الدولة و الجماعات المحلية و الهيئات العمومية “.

و باستقراء هذا النص يتبين أن المعايير الرئيسية التي يمكن على أساسها شمول الأرشيف بحماية قانونية هي
– أن تكون وثائق تاريخية، و الوثائق التاريخية كما ذكرها الأستاذ بوصفصاف عبد الكريم هي المعاهدات و المراسلات السياسية، التعليمات، الأوامر، المذكرات و التقارير من جهة مسؤولة أو لجنة مكلفة بدراسة موضوع معين و المخطوطات التاريخية و الخطابات ذات الأهمية العامة و اليوميات و الدراسات الخاصة

– الرسمية أي الوثائق التي تنتجها أو تستلمها كل المؤسسات بمختلف أنواعها التابعة للدولة و يشترط أن تكون صادرة عن الدولة سواء السلطة التشريعية أو المؤسسات الإدارية ذات الطابع العمومي.

– أن لا تتسم بطابع السرية التامة كالوثائق العسكرية السرية و المعاهدات الدولية السرية.

– أن تكون لها فائدة أرشيفية ذات طابع تاريخي و اقتصادي، اجتماعي أو ثقافي

– أن تكون مملوكة من طرف أشخاص أو عائلات أو مؤسسات غير عمومية.

– أن يتم تصنيفها من طرف المؤسسة المكلفة بالأرشيف بعد التحقيق من صحتها.

بهذا فالوثائق الأرشيفية الجديرة بالحماية القانونية و فقا للتشريع الجزائري هي التي تتوفر فيها هذه العناصر سواء بالنسبة للوثائق الرسمية أو الوثائق العمومية أو الوثائق الخاصة.

خاتمة
يعتبر الأرشيف الشاهد الصادق المعبر عن كيان المؤسسة و منجزاتها و يمثل الذاكرة الحية لها لذلك أثار اهتمام المشرعين و منها المشرع الجزائري حيث انبعثت حاجة أكيدة للنصوص القانونية و التشريعية في مجال الأرشيف و ليكون التسيير ناجعا ينبغي أن يكون الأرشيف منظما و مرتبا و محفوظا في ظروف جيدة الأمر الذي يتطلب معرفة جيدة بالنصوص القانونية التي تسير هذا القطاع و كذا السهر على تطبيقها في الواقع و قد تعرضت دراستنا هذه إلى الحماية القانونية للأرشيف مبرزين فيها الوضعية القانونية للأرشيف و ما يتعلق بها من إجراءات الحماية المتبعة في التشريع الجزائري.

و قد توصلنا إلى أن المشرع الجزائري أبدا اهتمامه بهذا المجال من خلال وضع القوانين المسيرة للقطاع حرصا منه على الحفاظ على التراث الوطني ذاكرة الأمة بالرغم من وجود العديد من النقائص و خاصة فيما يتعلق بالعمليات الفنية.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت .