الجوانب الفنية لاستخدام التنويم المغناطيسي في الدعوى الجنائية

المؤلف : بن لاغة عقيلة
الكتاب أو المصدر : حجية ادلة الاثبات الجنائية الحديثة
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

إن فكرة التنويم المغناطيسي ليست حديثة، وإنما عرفت في الحضارات القديمة مثل حضارة مصر حيث كان هناك ما يسمى بمعابد النوم أما في اليونان فقد كان الحجاج يقصدون مدينة أبيدروس، حيث كان المعبد أسكولابيوس، وهناك يضع الكهنة المرضى في غشية أو سنة من النوم، عن طريق الإيحاء.

أما في العصر الحديث فيعتبر الطبيب النمساوي EA.MESMARS أنه أول من وضع التنويم المغناطيسي في إطار علمي حيث كان يرى أن جسم الإنسان سائلا له قطبان سالب وموجب، وأن الأعراض المرضية تظهر نتيجة اختلال التوازن بين هذين القطبين(1) ونتيجة لكثرة الأبحاث في هذا المجال فقد شكلت لجان في بريطانيا وفرنسا تضم كبار الأساتذة والأطباء، وقد أثبتت أن التنويم المغناطيسي ليس نوما طبيعيا، وإنما هو نوع من الإيحاء إذ أنه يقوم على إخضاع الشخص والسيطرة عليه نفسيا وإخراجه من دائرة الشعور الإرادي إلى عالم اللاشعور، وأن ما يحصل هو خدعة نفسية، وأن الإيحاء النفسي هو سبب التأثير الذي يشعر به المريض(2)

تعريف التنويم المغناطيسي.
إن التنويم المغناطيسي (HYPONSIS) هو حالة يكون فيها الشخص قابلا للإيحاء وبحالة متوسطة بين الوعي وعدمه وكلمة (HYPONSIS) هي كلمة يونانية تعني النوم، لذلك يعرف التنويم المغناطيسي بأنه:” عملية إيحائية يتمكن من خلالها المنوم من السيطرة على الشخص على نحو يكون عقله الواعي معطلا فيما يظل عقله الباطن مستيقظا مما يساعد على تحقيق أهداف علمية بتعديل درجة الإثارة والتنبيه والتحكم في السلوك واختبار المثير وتحديد الاستجابة”(3)

وعليه فالتنويم المغناطيسي هو نوع من النوم لبعض ملكات العقل الظاهر يمكن إحداثه صناعيا عن طريق الإيحاء بفكرة النوم، وذلك من خلال تصنيف نطاق الاتصال للشخص النائم وحصره في شخص المنوم وإخراجه من عالم الشعور إلى اللاشعور وهذا الأخير يبقى تحت سيطرة المنوم، وما يجب الإشارة إليه هنا هو أن ظاهرة التنويم المغناطيسي لا يمكن تطبيقها على كل إنسان، فهي تختلف من شخص إلى آخر وبدرجات متفاوتة، وأن أكثر الأشخاص استجابة للنوم هم الأشخاص ذوي الإرادة الضعيفة ومدمنو المخدرات(4) وللتنويم المغناطيسي ثلاث درجات: درجة يسيرة تتميز بالاسترخاء والشعور بالراحة والسلبية والفقدان الجزئي للشعور، ودرجة متوسطة تتمثل في حالة نوم عميق مصحوب بتصلب الجهاز العضلي، ودرجة عميقة بحيث يمكن للنائم أن يفتح عينيه ويمشي في ارتباط إيحائي مع المنوم(5).
_________________
1- مصطفى محمد الدغيدي، التحريات والإثبات الجنائي، دار الكتب القانونية، مصر، 2006 ، ص 287
2- العقيد غازي مبارك الذنيبات، التنويم المغناطيسي ومصل الحقيقة في مجال التحقيق الجنائي، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، عمان، 2007 ، ص 4
3- العقيد غازي مبارك الذنيبات، المرجع السابق، ص 3 .
4- العقيد غازي مبارك الذنيبات، المرجع نفسه، ص
5- أكرم نشأت إبراهيم، علم النفس الجنائي، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2009 ، ص 61