تعريف الأجنبي :

الأجنبي في الدولة هو من لا يتمتع بالصفة الوطنية فيها وبعبارة أخرى هو كل من لا يحمل جنسيتها وفقاً لاحكام قانون الجنسية وبهذه المثابة يكون للصفة الأجنبية دلالة قانونية قد تختلف عن دلالاتها الاجتماعية . فالأجنبي عن مجتمع معين هو كل من لا يعتبر عضوا فيه وصفة الانتماء للمجتمع قد تتحدد بمعايير واقعية كوحدة الأصل والاشتراك في اللغة والعادات(1). فالأجنبي بالنسبة للعراق هو من لا يتمتع بالجنسية العراقية وهو ما اخذ المشرع العراقي في قانون الجنسية المرقم 43 لسنة 1963 الملغي(2). وعرفه القانون النافذ بانه ” أي الاجنبي ” غير العراقي وغير العربي(3). وقد تناولت عدة قوانين تعريف الأجنبي من حيث الجهة التي ينظر بها عليه فمثلاً عرف قانون التسجيل العقاري الأجنبي بانه ” كل شخص لا يحمل الجنسية العراقية ولم يكن من رعايا الدول العربية00000″(4). وجاء في قانون الأحوال المدنية في تعريفه للعراقي بانه ” العراقي هو الشخص الذي يتمتع بالجنسية العراقية “(5).أي ان الأجنبي هو من لا يتمتع بالجنسية العراقية. وقانون الإحصاء الذي جاء فيه ان العراقي ” هو الشخص الذي يتمتع بالجنسية العراقية سواء كان مقيماً في العراق أو خارجه “(6). أي ان الأجنبي هو الشخص الذي لا يتمتع بالجنسية العراقية سواء كان مقيماً في العراق أو خارجه. أما قانون إقامة الأجانب فقد عرف الأجنبي بانه ” هو كل من لا يتمتع بالجنسية العراقية “(7). وقانون الخدمة والتقاعد لقوى الأمن الداخلي عرف الأجنبي أو الأجنبية (( من كان غير عراقي وليس من مواطني أحد الأقطار العربية ” إذا كان مقصوداً الشخص ” وغير العراقي والأقطار العربية ” إذا كان مقصوداً البلد ” )) فكلمة الأجنبي الواردة في قانون الجنسية في الفقرة 2 من المادة الأولى من قانون الجنسية العراقي المرقم 43 لسنة 1960 لم تعد تشمل العربي لان المشرع العراقي ميز بين العربي والأجنبي من حيث الحقوق والمعاملة والمركز القانوني في العراق(8).

المقصود بمركز الأجنبي وأهميته :

تختلف تشريعات الدول في مدى الحقوق التي تمنحها للأجانب ليتمتعوا بها في بلادها والالتزامات التي تفرضها عليهم . وهذا الاختلاف يتفاوت مداه من دولة إلى أخرى ، وان الدول في وضع القواعد القانونية الخاصة بمركز الأجانب لا تسوي في المركز القانوني بين الأجانب والوطنيين . فتمنح الوطنيين حقوقاً تزيد بكثير على التي تمنحها للأجانب. ويتحدد مركز الأجانب بمجموعة من القواعد القانونية التي تضعها دولة معينة تطبق على الأجانب الذين يدخلون إقليمها في دخولهم واقامتهم وخروجهم برغبتهم أو إجبارهم على الخروج من الإقليم عن طريق الإبعاد وتكمن أهمية القواعد الخاصة بمركز الأجانب من حيث ما يستمتعون به من حقوق في إقليم الدولة وهي قواعد موضوعية مباشرة تكفل تمتعهم بالحقوق بصورة متفاوتة من دولة إلى أخرى ومدى تمتعهم بالامتيازات الخاصة بالوطنيين مثل ممارسة الحقوق السياسية ومنها حق التوظف بوظائف الدولة أو ان يكون ناخباً أو منتخباً(9). ومن ناحية علاقة مركز الأجانب بتنازع القوانين عند الادعاء من قبل أجنبي بحق معين في بلد معين على القاضي ان يحدد القانون الواجب التطبيق على العلاقة القانونية ذات العنصر الأجنبي وتمتع الأجنبي بالحق أولا. ولا يغير من الصفة الأجنبية أيضا ارتباطه بالدولة عن طريق التوطن أو عدمه وان كان عضوا في نفس المجتمع أو لم يكن. فالمعيار الحقيقي هو عدم انتساب الفرد قانونا لدولة من الدول في اللحظة التي يراد تحديد صفته فيها ، ولا يغير من الصفة الأجنبية أيضا ارتباطه بالدولة عن طريق التوطن أو الإقامة في إقليمها. فبعد ان بينا المقصود بالأجنبي وتحديد مفهومه وتمييزه عن الوطني وبالرجوع إلى التطور التاريخي لحقوق الأجانب في المجتمع الدولي. نلاحظ انه لم تزدهر العلاقات الدولية بين الأفراد إلا في العصر الحديث . فقد كانت الدول في العصور السابقة تعيش في مجتمعات مغلقة لا سبيل إلى دخول الأجنبي إليها . وكان الأجنبي محروماً خلال عصور التاريخ المختلفة من كثير من الحقوق التي كان يتمتع بها الوطنيون. بل لم يكن يعترف به بالكيان الإنساني أو الشخصية القانونية(10). وقد أدى تطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية في العصر الحديث وسهولة الاتصال بين المجتمعات المختلفة إلى قيام معاملات بين رعايا الدول المختلفة وارتباط مصالحهم ارتباطاً كان من شأنه ان اصبح الأجنبي عضوا فاعلا في مجتمع الدولة والوطن(11). وقد تطور تنظيم هذا القدر من الحقوق على مر العصور تطورا كبيرا إلى تطور مركز الأجانب في الفصل التمهيدي من هذه الرسالة. وحيث لم يكن للأجانب حق تولي الوظائف العامة وهذه النظرة كانت تتماشى مع كون ان الأجانب كانوا محلاً للاسترقاق والبعض الآخر كانوا يوصفون في مركز أدنى من مركز الوطنيين الاصلاء. ولقد تظافرت عوامل عدة أدت إلى ضرورة الاعتراف ببعض الحقوق للأجنبي وهي :

1-الوحدة البشرية . حيث تضم الأجانب والوطنيين وهي اشمل ، وتشمل الوطني الأصلي والأجنبي ، فهم أعضاء في الجماعة الإنسانية لذلك فان احترام الأجنبي احترام للكرامة وللروابط البشرية.

2- الأنانية وحب النفس فقد تضطر دولة إلى تلطيف معاملتها للأجانب احتراما للروابط البشرية وللمعاملة بالمثل التي يتلقاها الأفراد المقيمون في دولة أخرى.

3- التوسع التجاري . التوسع التجاري وتشابك المصالح الدولية يحتم على كل دولة تحسين مركز الأجانب ومنحهم قدرا من الحقوق يتناسب وكرامتهم.

فتظافر هذه العوامل وتفاعلها أدى إلى رفع مستوى حالة الأجانب وسمحت لهم بالتمتع بالحقوق بصورة أوسع مما كانت عليه في الأجيال السابقة. وظهرت الاتفاقيات الدولية التي سمحت لا بناء الدول الأخرى بالتمتع ببعض الحقوق على أراضيها وتحسنت حالة الأجانب إلى احسن حال(12). وقد تواتر العمل في العصر الحديث على الاعتراف للأجانب بالقدر اللازم من الحقوق التي لا تستقيم حياتهم بدونها . بحيث اصبح من الممكن القول بوجود عرف دولي يقضي بعدم إمكان نزول الدولة في معاملتها للأجانب المقيمين بإقليمها عن هذا القدر من الحقوق وكذلك الاتفاقيات الدولية ، التي أقرت بوجود قواعد مرعية يتعين على الدولة مراعاتها عند تحديدها لما يتمتع به الأجانب من حقوق. وكذلك استقر قضاء المحاكم الدولية على وجود قواعد دولية ملزمة للدول في معاملتها للأجانب ومن ذلك ما حكمت به المحكمة الدائمة للعدل الدولية إذ قضت في أحد أحكامها بأنه يجب ان تكون معاملة الأجانب متفقةً مع الأحكام التي يفرضها القانون الدولي على كل دولة بشأن معاملة الأجانب ، وبأنه لا يجوز للدولة ان تفرض معاملة لا يقرها القانون الدولي على الأجانب المقيمين بإقليمها بحجة أنها تقرر نفس المعاملة بالنسبة للوطنيين . كذلك حكمت محكمة التحكيم الدائمة بأنه ليس من اللازم تحديد نطاق حقوق الأجانب وفقاً لنفس الأسس التي تتحدد بها حقوق الوطنيين بالدولة. ولقد استقر الرأي في الفقه على انه يتعين على الدولة ان تمنح الأجنبي حقوقاً أوسع من تلك التي يتمتع بها الوطني إذا كانت هذه الحقوق المكفولة للوطني لا تتفق مع ما يجب ان يتمتع به الفرد من الحقوق في العالم المتمدن(13). فإذا كان من المقرر دولياً عدم إمكانية نزول الدولة عن حد معين في معاملتها للأجانب وهو الحد الأدنى الذي يمثل في مجموعه الحقوق اللازمة لكيانه الإنساني ولمعيشته في اقليم الدولة ، ولكن يكون لمقتضيات التعامل الدولي ان تتوسع بعض الدول في منحها حقوقاً للأجانب على إقليمها طبقاً لما تمليه عليها مصالحها الخاصة . فقد تُرَغِب الأجانب بالحضور إلى الدولة ، إذا وسعت الدولة نطاق الحقوق الممنوحة للأجانب بسبب افتقارها للأيدي العاملة. كما قد تزيد بعض الدول من الحقوق للأجانب عن طريق المساواة بينهم وبين الوطنيين أو عن طريق اشتراط معاملة بالمثل . فلا شك ان الأصول المثالية في تنظيم المجتمع الدولي تقضي بالمساواة بين الوطني والأجنبي بالنسبة لكافة الحقوق التي يتطلبها كيانه الإنساني والقانوني. فقد تحقق الدولة المساواة بين الوطنيين والأجانب عن طريق النص على ذلك في تشريعاتها الداخلية. وقد تقوم الدولة في سبيل تحقيق ذلك أي تحقيق المساواة نصت على تمتع الأجانب بنفس الحقوق التي يتمتع بها الوطنيون في الاتفاقيات الدولية التي تعقدها مع الدول الأخرى.

_____________________

1- د.شحاتة ابو زيد شحاتة / مبدأ المساواة في الدساتير العربية في دائرة الحقوق والواجبات العامة وتطبيقاتها القضائية ، دار النهضة العربية ، مصر ، 2001، ص366.

ود. حسن الهداوي / الجنسية ومركز الأجانب واحكامها في القانون العراقي ،ط2 ،مطبعة الارشاد، بغداد، العراق ، 1967 ،ص234.

2- المادة 1 / 2 من قانون الجنسية العراقي المرقم 43 لسنة 1963 الملغي.

3- المادة 2/6 من قانون الجنسية العراقي المرقم 46 لسنة 1990 النافذ.

4- المادة 154 من قانون التسجيل العقاري العراقي المرقم 43 لسنة 1971.

5- المادة الاولى / التاسعة من قانون الاحوال المدنية العراقي المرقم 65 لسنة 1972.

6- المادة الاولى من قانون الاحصاء العراقي المرقم 21 لسنة 1972.

7-المادة الاولى /5 من قانون اقامة الأجانب العراقي المرقم 118 لسنة 1978.

8- المادة الاولى /4 من قانون الخدمة والتقاعد لقوى الامن الداخلي العراقي.

9- د. جابر ابراهيم الراوي / القانون الدولي الخاص في احكام مركز الأجنبي في القانون الاردني دراسة مقارنة ، منشورات الجامعية الاردنية ، ط1 ، 1986 ، ص12-13.

د. هيلين تورار / تدويل الدساتير الوطنية ، ترجمة باسل يوسف ، تقديم د. اكرم الوتري ، ر.د كلية حقوق ستراسبورغ، 1998 ، بيت الحكمة العراقي ، 2004، ص47.

د.جابر ابراهيم الراوي / القانون الدولي الخاص في احكام مركز الاجانب في القانون الاردني ، دراسة مقارنة ، مطبعة الجامعة الاردنية ،1986، ص11.

و د. هشام علي صادق / الجنسية والمواطن ومركز الأجانب ، مجلد 2 في مركز الأجانب ،1977 ،ص148.

10- د. حامد سلطان / القانون الدولي في وقت السلم ، ط3 ،1968 ، ص380.

و د. عبدالحميد متولي / القانون الدستوري والانظمة السياسية ، جـ 1 ، ط4 ، 1965-1966 ،ص95.

11- د. فؤاد عبدالمنعم رياض / مصدر سابق ، ص322 . وللمزيد يراجع

– د. فؤاد العطار / النظم السياسية والقانون الدستوري ، 1965-1966.

– د. الدماصي / المصدر السابق ، ص377.

– د. شوقي حسن ابو طالب / دروس في القانون الروماني ، 1959 ،ص133.

– د. شحاتة ابو زيد شحاتة / مصدر سابق ، ص366-367.

– د. طلعت حرب محفوظ / مصدر سابق ، ص324 وما بعدها.

12- د. حسن الهداوي / مصدر سابق ، ص239 . وللمزيد من المعلومات يراجع

د. جابر ابراهيم الراوي / مصدر سابق ، ص13-19.

د. حامد سلطان / احكام القانون الدولي في الشريعة الاسلامية ،1970، القاهرة ، ص112.

13- د. فؤاد عبد المنعم رياض / مصدر سابق ، ص323.

المؤلف : مصطفى سالم مصطفى النجفي
الكتاب أو المصدر : المساواة ودورها في تولي الوظائف العامة
الجزء والصفحة : ص262-266

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .