قد ورد النص صراحة على هذا النوع من التعدد في المادة 2/32 من قانون العقوبات التي تقضي بأنه ” اذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم ” . ولكن هل يقتصر النظر على اعتبار حالات الارتباط مجرد جريمة واحدة على صعيد العقوبة واجبة التطبيق فقط أم أنه يتجاوز ذلك ؟ وفي عبارة أخرى فهل تمثل حالات الارتباط جريمة واحدة فيما يتعلق بتطبيق قواعد العود والتقادم وقوة الشئ المحكوم فيه أم أنها في خصوص هذه المسائل تمثل أكثر من جريمة ؟ 

المشكلة تثور اذا اعتبر أن حالات الارتباط تكون أكثر من جريمة لا سيما في مجال قوة الشئ المحكوم فيه ، فاذا وجدت جرائم ترتبط فيما بينها ارتباطاً لا يقبل التجزئة وصدر في احداها حكم بات فانه يترتب على ذلك انقضاء الدعوى . ولكن هل يجوز نظر الجريمة الأخرى المرتبطة بعد ذلك ، أم أنه يمكن التمسك بعدم نظرها نظراً لسبق اصدار حكم بات حائز لقوة الشئ المحكوم فيه ؟ جرى الفقه على التمييز بين فرضين في هذا الخصوص :

أولهما : أن يكون الحكم السابق صدوره ضد المتهم قد صدر عن الجريمة الأخف ، ففي هذا الفرض لا يمنع صدور مثل هذا الحكم من نظر الدعوى عن الجريمة الأشد مع مراعاة أن يخصم من العقوبة المحكوم بها للجريمة الأشد العقوبة التي سبق الحكم بها للجريمة الأخف .

ثانيهما : أن يكون الحكم السابق صدوره قد صدر عن الجريمة الأشد وفي هذه الحالة فان مثل هذا الحكم يحول دون نظر الدعوى عن الجريمة الأخف ، وعلة ذلك ما يقضي به القانون أنه في حالة تعدد الجرائم تعدداً مادياً يجب الحكم بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد .