محاكم أحوال شخصية: تطبيقات القضاء أنصفت المرأة في دعاوى المطاوعة و النشوز

قضاة يؤكدون أن المشرّع وضع شروطاً تنسجم مع الاتفاقيات الدولية

أفاد قضاة متخصصون بالملفات الشرعية أن القانون عالج دعاوى المطاوعة والنشوز التي تنشأ بين الزوجين بطريقة تفوق عما موجود في التشريعات المقارنة، مؤكدين أن تطبيقات القضاء في هذا الجانب جاءت منسجمة والضمانات المتوفرة للمرأة بموجب الاتفاقيات الدولية، شارحين طبيعة الدعويين وكيفية إقامتهما والتسلسل الزمني لكل منهما والآثار المترتبة عليهما.

وقال قاضي محكمة الأحوال الشخصية علي عدنان إن “دعويي المطاوعة والنشوز متعلقتان ببعضهما رغم استقلالهما”، موضحا ان “القانون فرض ان يسبق دعوى النشوز حكم بعدم مطاوعة المرأة لزوجها”.

وبين عدنان القاضي المتخصص في دعاوى الأحوال الشخصية ان “دعوى المطاوعة يقيمها الزوج اذ لابد ان يكون هناك عصيان من قبل الزوجة وذلك بهجران دار الزوجية دون موافقته”.

وذكر ان “الاساس في دعوى المطاوعة هو بيت الزوجية، اذ ان القانون حين منح الرجل حق اقامة دعوى المطاوعة الزمه بتوفير دار سكنية للزوجة مستوفية الشروط القانونية”.

وتابع ان “من ضمن الشروط أن يكون المنزل مستقلا ويحتوي على اثاث عائدة ملكيتها للزوج ولا ينازعه فيه احد ويكون مناسبا للوضع الاجتماعي للزوجين ولا ضير إن كان مستأجرا”، مشيرا إلى ان “المحكمة حين تجري الكشف على البيت تأخذ في نظر الاعتبار الوضع الاقتصادي للزوج كي تصدر قرارا عادلا ومنصفا للطرفين”.

ولفت عدنان إلى أن “المحكمة تتوسع بالإجراءات للوقوف على موضوع المطاوعة والقاضي يستمع للزوجة ليعرف اسباب عدم طاعتها ان كانت تنطبق واحكام القانون”، موضحا ان “المادة 25 من قانون الاحوال الشخصية نصت على ان لا تلزم الزوجة بمطاوعة زوجها ولا تعتبر ناشزا اذا كان الزوج متعسفا في طلب المطاوعة قاصدا الأضرار بها أو التضييق عليها”.

وتابع قاضي الاحوال الشخصية ان “النصوص القانونية تعتبر من قبيل التعسف والاضرار بوجه خاص عدم تهيئة الزوج بيتا يتلاءم مع حالة الزوجين الاقتصادية والاجتماعية”، مشيرا إلى أن القانون “اخذ بعين الاعتبار عمل الزوجة ووضع شرط أن لا يكون السكن بعيدا عن مقر وظيفتها بحيث يتعذر على الزوجة التوفيق بين العمل وواجباتها البيتية”.

وقال عدنان إن “القانون وفر للزوجة أيضاً حقاً فيما اذا كانت مريضة بمرض منعها من مطاوعة الزوج وهذا يجب ان يثبت بتقارير طبية ويفضل ان يكون التقرير الطبي صادرا خلال جلسات المرافعة لان الأمراض شيء قابل للتغيّر السريع”.

أما في ما يخص النشوز بين عدنان ان “مفهوم النشوز مغلوط عند عامة الناس ويعتبرونه إهانة للمرأة رغم أن معناه بعيد عن ذلك”، وأوضح أن “النشوز اصطلاحا يعني الخروج عن الواجبات التي تطلب من الزوجين في اطار الأسرة”.

واشار الى ان “نشوز الزوجة هو امتناعها عن أداء حق الزوج ومنعه من أداء حقوقه القانونية والشرعية والنشوز هو السلوك الذي يتعارض مع الوضع الطبيعي للحياة الاسرية والحقوق التي امر الله بها والمجتمع ضمن المعقول”.

واضاف ان “القانون فرض على المحكمة التريث في اصدار حكم نشوز الزوجة حتى تقف على اسباب رفضها مطاوعة زوجها”.

ونوّه عدنان الى ان “القانون منح المحكمة سقفاً زمنياً للنظر في دعاوى الاحوال الشخصية وهنا المحكمة يجب ان تتقصى جميع الجوانب للوصول الى حكم عادل”.

وذكر ان “على المحكمة ان تقضي بنشوز الزوجة بعد ان تستنفد جميع مساعيها في ازالة الاسباب التي تحول دون المطاوعة ويعتبر نشوز الزوجة سببا من اسباب التفريق”.

موضحا ان “للزوجة طلب التفريق بعد مرور سنتين من تاريخ اكتساب حكم النشوز درجة البتات وعلى المحكمة ان تقضي بالتفريق، وفي هذه الحالة يسقط المهر المؤجل عن المرأة، فاذا كانت الزوجة قد قبضت جميع المهر فان المحكمة تلزمها برد نصفه”.

وتابع قاضي الاحوال الشخصية ان “للزوج طلب التفريق بعد اكتساب حكم النشوز درجة البتات وعلى المحكمة ان تقضي بالتفريق مباشرة ويعتبر التفريق الحاصل طلاقا بائنا بينونة صغرى”.

ويرى عدنان ان مدة السنتين التي منحها القانون للزوجة هي “احد الضمانات للحفاظ على نواة المجتمع وهي الأسرة اذ من الممكن ان تراجع المرأة نفسها وتعود لبيت زوجها وتستأنف الحياة الزوجية خاصة ان كانت الأسرة مثقلة بأطفال”.

وذكر أن “السكن هو أساس دعوى المطاوعة ووضع القانون شروطا لهذا الموضوع؛ منها ليس للزوج ان يسُكن مع زوجته من لم ترض به، كأن تكون ضرتها في دار واحد”، مستدركاً “الا انه سمح للزوج ان يسُكن مع زوجته ولده من غيرها حتى اتمام الابن ذكرا كان أم انثى سن البلوغ وهو سن 18“.

وأضاف عدنان “كما سمح القانون للزوج اسكان ابويه احدهما او كلاهما مع زوجته، وليس للأخيرة حق الاعتراض على ذلك على ان يكون والداه احد اسباب عدم المطاوعة”.

ولفت الى ان “القانون سمح للزوج ان يسُكن في دار الزوجية الاشخاص الملزم برعايتهم شرط أن لا يلحق الزوجة أذى من ذلك”.

ونصت المادة 11 من قانون التنفيذ على ان يقتصر على تنبيه الزوجة فقط.

ويرى عدنان ان “هذا النص جيد جدا عكس ما موجود في قوانين الدول العربية اذ يجبر الزوجة على طاعة زوجها ولكن القانون العراقي جاء منسجما ليحافظ على كرامة المرأة والاتفاقات الدولية لحقوق المرأة”.

وبين عدنان ان “القانون العراقي جاء بحصانات وضمانات للزوجة اذ في حال صدر حكم غيابي على الزوجة بالمطاوعة واقام الزوج دعوى النشوز فهنا مبدأ سبق الفصل في الدعوى غير مفعل والسبب كونها من دعاوى الحل والحرم”.

وتابع ان “المادة 25 من قانون الاحوال الشخصية الزمت المحكمة بالتريث في اصدار حكم النشوز والوقوف على اسباب عدم المطاوعة وبالتالي تقوم بالبحث في اسباب عدم المطاوعة في نفس دعوى النشوز وهذا من اهم ما يتميز به القانون العراقي”.

ويعتبر عدنان ان “دعوى المطاوعة فرصة للزوجة لكي تستعرض أسباب عدم المطاوعة والمحكمة تسال الزوجة اذا كانت مستعدة لمطاوعة زوجها من عدمه وبعدها تصدر القرار.

في حالة الحكم بنشوز الزوجة يسقط حق السكنى وكذلك النفقة الماضية

وذكر عدنان ان “المحكمة اذا رأت الزوج غير جاد في دعوى المطاوعة وانه ترك زوجته بإرادته وبفعله وإقراره بمضي اكثر من سنتين على ذلك، اي ان الارتخاء بطلب المطاوعة يسحب على اوجه التعسف”.

وبشأن قرارات محكمة التمييز في موضوع النشوز والمطاوعة يبين القاضي ان “القرار الصادر من محكمة التمييز رقم 694 سنة 1989 يقضي بوجوب تواجد الزوج في البيت المعد لزوجته ولا تعتبر الزوجة ناشزا اذا امتنعت عن مطاوعته، اذا تواجد في بيته 5 ايام فقط في الشهر”.

واضاف ان “محكمة التمييز ترى أنه لا يمكن بنشوز الزوجة واعتبارها ممتنعة عن المطاوعة اذا كانت قد اقامت دعوى التفريق اذ ينبغي استئخار دعوى المطاوعة والنشوز حتى صدور القرار بالدعوى الأولى”، موضحا ان “نتيجة الدعويين تؤثر احداهما في الاخرى اذ في حال صدر حكم قضائي في التفريق فلا قيمة لدعوى النشوز لان العلاقة الزوجية انقطعت”.

وذكر قرارا آخر لمحكمة التمييز يقضي بان “موافقة الزوجة بالمطاوعة لا يستوجب رد دعوى الزوج التي رفعها ضدها، وإنما تصدر المحكمة حكما بمطاوعة الزوجة بموافقتها ضمانا للاتفاق الذي حصل امام المحكمة وضمانا لحقوق المدعي”.

إلى ذلك بين قاضي الاحوال الشخصية احمد إبراهيم ان “القانون العراقي لم يورد تعريفا محددا للنشوز إلا أنه يعرف في اللغة العربية بأنه الارتفاع والعلو؛ والمرأة الناشز هي التي استعصت زوجها ومنعته من اداء حقه وخرجت من بيتها دون موافقته وبدون وجه شرعي او مسوغ قانوني”.

موضحا ان “المسوغ القانوني الذي منح للزوجة هو اذا تعرضت للضرر من قبل الزوج يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية”.

واشار الى ان دعوى النشوز مرتبطة بالمطاوعة ويجب أن يكون هناك حكم مطاوعة مكتسب الدرجة القطعية حتى تقام دعوى نشوز”، مشيرا إلى أنه “من الدعاوى الدقيقة التي تبذل فيها المحكمة كل طاقاتها ومساعيها لاصدار قرار عادل للطرفين”.

وأفاد ابراهيم بأن “من الآثار المترتبة على نشوز الزوجة أن يسقط حقها في النفقة والسكن ولكن هذا لا يمنعها من حضانة أطفالها، اذ من الممكن ان تكون حضانة الاطفال مع الزوجة ويكلف الزوج بدفع نفقتهم ورعايتهم ماديا”، لافتا إلى ان “النشوز من الدعاوى النادرة جدا نظرا لطبيعة المجتمع العراقي”.

دعاء آزاد

إعادة نشر بواسطة محاماة نت