حكم تمييز ( تزوير جوازات سفر )

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 19/ 4/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ محمود دياب – رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ نجاح نصار وعبد الرحمن أبو سليمة ومجدي أبو العلا وعلي الصادق عثمان.
(3)
(الطعن رقم 160/ 2004 جزائي)
1 – تمييز “الأحكام الجائز والغير جائز الطعن فيها بالتمييز”. دعوى جزائية. وصف التهمة. اتفاق جنائي. اشتراك. تزوير “محرر رسمي” و”محرر عرفي”.

– العبرة في جواز الطعن هو بوصف الواقعة كما رفعت بها الدعوى الجزائية.
– رفع الدعوى الجزائية بوصفها جناية تزوير في محرر رسمي. اعتبار الحكم المطعون فيه أنها جنحة اشتراك في اتفاق جنائي بقصد ارتكاب تزوير في محرر عرفي. الطعن فيما بالتمييز. جائز.

2 – اتفاق جنائي. جريمة “أركانها”. قصد جنائي. تمييز “أثر الطعن”. دفع “الدفع الجوهري”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره”.
– الاتفاق الجنائي. تحققه باتحاد نية أطرافه على ارتكاب جناية أو جنحة ولو لم تقع الجريمة محل الاتفاق. أساس ذلك.
– الدفع بانتفاء القصد الجنائي أو المنازعة في توافره. وجوب أن تعرض له المحكمة بأسباب سائغة. مثال لعدم تحقيق المحكمة لدفع الطاعن الجوهري بانتفاء القصد الجنائي لدى الطاعن لاعتقاده بقانونية الأفعال محل واقعة التزوير.
– امتداد أثر تمييز الحكم بالنسبة للمحكوم عليه الآخر الذي كان طرفًا في الخصومة الاستئنافية. علة ذلك.
3 – تزوير “تزوير في محرر عرفي”. اشتراك. محكمة الموضوع “سلطتها في استخلاص توافر القصد الجنائي في جريمة الاشتراك في تزوير محرر عرفي”.

– استخلاص توافر القصد الجنائي في جريمة الاشتراك في اتفاق جنائي على ارتكاب جنحة تزوير في محرر عرفي. موضوعي.
1 – إذ كان الحكم المطعون فيه وإن اعتبر الجريمة التي دين بها الطاعن جنحة اشتراك في اتفاق جنائي بغرض ارتكاب جنحة التزوير في محرر عرفي. إلا أنه لما كانت العبرة في جواز الطعن هي بوصف الواقعة كما رُفعت بها الدعوى الجزائية وليس بالوصف الذي تسبغه المحكمة عليها، وكانت الدعوى قد رُفعت على الطاعن بوصف أنها جناية اشتراك مع مجهول في تزوير محررات رسمية، فإن الطعن المرفوع منه يكون جائزًا، وقد استوفى الشكل المقرر في القانون.

2 – إذ كانت الفقرة الأولى من المادة 56 من قانون الجزاء تنص على أنه “إذا اتفق شخصان أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة واتخذوا العدة لذلك على وجه لا يتوقع معه أن يعدلوا عما اتفقوا عليه عد كل منهم مسئولاً عن اتفاق جنائي ولو لم تقع الجريمة موضوع الاتفاق” وحددت الفقرة الثانية من المادة ذاتها العقوبة التي توقع وذلك على ضوء عقوبة الجريمة موضوع الاتفاق، ويدل نص هذه المادة في وضوح وجلاء على أن يكون موضوع الاتفاق الجنائي ارتكاب جناية أو جنحة – سواء أكانت هي المقصودة بالذات من الاتفاق أم كانت وسيلة لتحقيق الغرض المقصود منه – وأن يدخل الجاني في الاتفاق وهو عالم بأنه اتفاق معقود على ارتكاب جناية أو جنحة، ومن ثم يتعين حتى تتوافر أركان هذه الجريمة أن يكون الغرض المقصود من الاتفاق هو ارتكاب جناية أو جنحة، ولا تعارض بين أن تقع جريمة الاتفاق الجنائي وبين وقوع الجريمة التي قصد منه ارتكابها وفي هذه الحالة تكون قد وقعت جريمتان، بما مقتضاه أنه لا يمكن أن يتحقق الاتفاق الجنائي إلا باتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ما نهى النص عنه بحيث إنه إذا كانت الحقيقة وواقع الأمر غير ذلك، فلا يصح القول بأن اتفاقًا جنائيًا قد تم بين هؤلاء الأشخاص ومن ثم فإن هذه الجريمة لا تتحقق إلا إذا قصد الجاني الاتفاق مع غيره على ارتكاب جريمة – جناية كانت أم جنحة – وذلك مقتضاه أن يكون الجاني عالمًا بأن موضوع الاتفاق الذي يشارك فيه هو ارتكاب جريمة نهى عنها القانون ويعاقب من يرتكبها، ومع ذلك يقصد ارتكابها. وأنه يتعين على المحكمة عند الدفع بانتفاء هذا القصد أو المنازعة في توافره أن تعرض لذلك في حكمها وتقول كلمتها فيه بأسباب سائغة.

لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد دفع التهمة المسندة إليه – أمام محكمة الموضوع بدرجتيها – بانتفاء القصد الجنائي لديه وأنه كان حسن النية عندما استجاب لعرض المتهم الأول الاستحصال له على ال***ية البريطانية وجواز السفر البريطاني بالطريق القانوني حسبما أكد له المذكور ذلك، وأنه لم يكن يعلم أن في الأمر جريمة أو أمر مخالف للقانون وإلا لما استجاب له أو وافقه – على النحو الذي يثيره بوجه الطعن – ولما كان هذا الدفع جوهريًا إذ لو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى، مما كان يتعين معه على المحكمة وقد دفع به أمامها أن تحققه وصولاً إلى غاية الأمر فيه أو تطرحه بأسباب سائغة، أما وهي لم تفعل فإنه حكمها يكون معيبًا مما يوجب تمييزه بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن، بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه…… الذي كان طرفًا في الخصومة الاستئنافية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه لاتصال الوجه الذي بُني عليه تمييز الحكم به وإن لم يكن قد قرر بالطعن بالتمييز وذلك عملاً بالفقرة الثانية من المادة 13 من القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز وإجراءاته.
3 – من المقرر أن استخلاص مدى توافر القصد الجنائي في جريمة الاشتراك في اتفاق جنائي على ارتكاب جنحة التزوير في محرر عرفي هو من الأمور التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن – كمتهم سابع – وستة عشر متهم آخر بأنهم خلال الفترة من أواخر عام 1991 حتى شهر سبتمبر 1992 بدائرة مخفر شرطة المباحث الجنائية – محافظة العاصمة: اشتركوا مع مجهول في ارتكاب تزوير في محررات رسمية بقصد استعمالها على نحو يوهم بأنها مطابقة للحقيقة هي جواز السفر وصور جوازات السفر البريطانية المبينة بالأوراق بأن حرضه واتفق معه وساعده المتهمان الأول والثاني والمتهمين من الثالث حتى الأخير – ومنهم المتهم السابع الطاعن – عن طريقهما على تزوير الجوازات سالفة الذكر بأن أمدوه ببياناتهم وصورهم لاستخراج تلك الجوازات البريطانية رغم أنهم ليسوا من حاملي ال***ية البريطانية التي تجيز لهم ذلك وقد تمت الجريمة بناء على هذا التحريض والاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت معاقبتهم بالمواد 12، 48، 52/ 1، 257، 259/ 1 من قانون الجزاء. وبتاريخ 8/ 4/ 1995 قضت محكمة الجنايات.

أولاً: بعدم اختصاصها إقليميًا بنظر الدعوى بالنسبة للمتهمين من الثالث حتى السادس عشر – ومن بينهم المتهم السابع الطاعن – ثانيًا: ببراءة المتهمين الأول والثاني والسابع عشر مما أسند إليهم. استأنفت النيابة العامة هذا الحكم. وبتاريخ 13/ 12/ 1995 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق التمييز. وبتاريخ 18/ 11/ 1996 قضت محكمة التمييز – بهيئة سابقة – أولاً: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه بالنسبة للمطعون ضده السابع عشر (……) وبتمييز الحكم المطعون فيه بالنسبة لباقي المطعون ضدهم.

ثانيًا: وفي موضوع الاستئناف فيما ميز من الحكم بإلغاء الحكم المستأنف وبمعاقبة كل من المتهمين الأول (….) والثاني (……) بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبإعادة القضية إلى محكمة أول درجة لنظرها بالنسبة للمتهمين من الثالث إلى السادس عشر – وذلك على ضوء الوصف القانوني الصحيح الذي أسبغته محكمة التمييز على الواقعة المسندة إلى هؤلاء المتهمين وهو الاشتراك في اتفاق جنائي المؤثم بالمادة 56 من قانون الجزاء. وبتاريخ 10/ 1/ 1998 قضت محكمة الجنايات – بعد أن عدلت وصف التهمة بالنسبة للطاعن وباقي المتهمين المشار إليهم إلى اتفاقهم مع المتهم (……) على ارتكاب تزوير في محررات عرفية هي جوازات السفر البريطانية المبينة بالأوراق بقصد استعمالها على نحو يوهم بمطابقتها للحقيقة. عملاً بالمواد 56، 57، 258 من قانون الجزاء – غيابيًا بالنسبة للطاعن وباقي المتهمين عدا الحادية عشرة بتغريم كل منهم خمسة وسبعين دينارًا عما أسند إليه. عارض الطاعن وكذلك المتهمون التاسع والعاشر والثاني عشر في هذا الحكم، وبتاريخ 18/ 10/ 2003 قضت محكمة الجنايات برفض معارضة الطاعن وتأييد الحكم المعارض فيه، وباعتبار معارضة الباقين كأن لم تكن. استأنف الطاعن والمتهم الثاني عشر (…..) هذا الحكم. وبتاريخ 16/ 3/ 2004 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه وإذ اعتبر الجريمة التي دين بها الطاعن جنحة اشتراك في اتفاق جنائي بغرض ارتكاب جنحة التزوير في محرر عرفي. إلا أنه لما كانت العبرة في جواز الطعن هي بوصف الواقعة كما رُفعت بها الدعوى الجزائية وليس بالوصف الذي تسبغه المحكمة عليها، وكانت الدعوى قد رُفعت على الطاعن بوصف أنها جناية اشتراك مع مجهول في تزوير محررات رسمية، فإن الطعن المرفوع منه يكون جائزًا، وقد استوفى الشكل المقرر في القانون.

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك في اتفاق جنائي بقصد ارتكاب تزوير في محرر عرفي قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه دفع بانتفاء القصد الجنائي لديه حيث كان حسن النية عندما استجاب لعرض المتهم الأول بأن يستحصل له على ال***ية البريطانية وجواز سفر بريطاني بإجراءات قانونية وصحيحة مقابل مبلغ من المال، ولم يكن يعلم أن المذكور سيقوم بذلك بغير حق وبطريق التزوير وإلا لما استجاب له أو وافقه لا سيما وأن هناك مكاتب مصرح لها ومعلن عن نشاطها في مثل هذه الأمور بالنسبة لفئة غير محددي ال***ية أمثاله، هذا إلى أنه قد عدل عن طلبه المشار إليه واسترد ما دفعه من مبالغ للمتهم الأول، إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع رغم جوهريته أو يدلل على توافر القصد الجنائي بما يقيمه في حقه. مما يعيبه بما يستوجب تمييزه.

وحيث إنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 56 من قانون الجزاء تنص على أنه “إذا اتفق شخصان أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة واتخذوا العدة لذلك على وجه لا يتوقع معه أن يعدلوا عما اتفقوا عليه عد كل منهم مسئولاً عن اتفاق جنائي ولو لم تقع الجريمة موضوع الاتفاق “وحددت الفقرة الثانية من المادة ذاتها العقوبة التي توقع وذلك على ضوء عقوبة الجريمة موضوع الاتفاق، ويدل نص هذه المادة في وضوح وجلاء على أن يكون موضوع الاتفاق الجنائي ارتكاب جناية أو جنحة – سواء أكانت هي المقصودة بالذات من الاتفاق أم كانت وسيلة لتحقيق الغرض المقصود منه – وأن يدخل الجاني في الاتفاق وهو عالم بأنه اتفاق معقود على ارتكاب جناية أو جنحة، ومن ثم يتعين حتى تتوافر أركان هذه الجريمة أن يكون الغرض المقصود من الاتفاق هو ارتكاب جناية أو جنحة، ولا تعارض بين أن تقع جريمة الاتفاق الجنائي وبين وقوع الجريمة التي قصد منه ارتكابها وفي هذه الحالة تكون قد وقعت جريمتان، بما مقتضاه أنه لا يمكن أن يتحقق الاتفاق الجنائي إلا باتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ما نهى النص عنه بحيث إنه إذا كانت الحقيقة وواقع الأمر غير ذلك، فلا يصح القول بأن اتفاقًا جنائيًا قد تم بين هؤلاء الأشخاص ومن ثم فإن هذه الجريمة لا تتحقق إلا إذا قصد الجاني الاتفاق مع غيره على ارتكاب جريمة – جناية كانت أم جنحة – وذلك مقتضاه أن يكون الجاني عالمًا بأن موضوع الاتفاق الذي يشارك فيه هو ارتكاب جريمة نهى عنها القانون ويعاقب من يرتكبها، ومع ذلك يقصد ارتكابها.

وأنه يتعين على المحكمة عند الدفع بانتفاء هذا القصد أو المنازعة في توافره أن تعرض لذلك في حكمها وتقول كلمتها فيه بأسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد دفع التهمة المسندة إليه – أمام محكمة الموضوع بدرجتيها – بانتفاء القصد الجنائي لديه وأنه كان حسن النية عندما استجاب لعرض المتهم الأول الاستحصال له على ال***ية البريطانية وجواز السفر البريطاني بالطريق القانوني حسبما أكد له المذكور ذلك، وأنه لم يكن يعلم أن في الأمر جريمة أو أمر مخالف للقانون وإلا لما استجاب له أو وافقه – على النحو الذي يثيره بوجه الطعن – ولما كان هذا الدفع جوهريًا إذ لو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى، مما كان يتعين معه على المحكمة وقد دفع به أمامها أن تحققه وصولاً إلى غاية الأمر فيه أو تطرحه بأسباب سائغة، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيبًا مما يوجب تمييزه بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن، بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه (……) الذي كان طرفًا في الخصومة الاستئنافية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه لاتصال الوجه الذي بُني عليه تمييز الحكم به وإن لم يكن قد قرر بالطعن بالتمييز وذلك عملاً بالفقرة الثانية من المادة 13 من القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز وإجراءاته.

وحيث إن موضوع الاستئناف صالح للفصل فيه.
وحيث إن الحكم المستأنف الصادر بتاريخ 18/ 10/ 2003 قد بين واقعة الدعوى المسندة إلى المستأنفين حسبما صورتها سلطة الاتهام واعتنقها الحكم المذكور وكذلك مضمون أدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام وعُول عليها الحكم المستأنف ومن ثم تحيل إليه هذه المحكمة في هذا الخصوص.
وحيث إن المستأنفين أنكرا الاتهام المسند إليهما وقام دفاعهما على انتفاء القصد الجنائي لديهما تأسيسًا على الشواهد التي عددها المستأنف الأول بأسباب الطعن وعلى النحو المار بيانه، وانتهى الدفاع عنهما إلى طلب البراءة.

وحيث إنه لما كان من المقرر أن استخلاص مدى توافر القصد الجنائي في جريمة الاشتراك في اتفاق جنائي على ارتكاب جنحة التزوير في محرر عرفي هو من الأمور التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع. وكانت هذه المحكمة يرتاح وجدانها لصدق دفاع المستأنفين بانتفاء القصد الجنائي لديهما، وبأنهما عندما وافقا على عرض المتهمين الأول (……) والثاني (……) عليهما بأن يحصلا لهما على ال***ية البريطانية وبالتالي جواز سفر بريطاني – حلاً لمشكلتيهما بوصفهما من فئة غير محددي ال***ية والمطلوب تحديد أوضاعهما – كانا حسنى النية ويعتقدان بأن هذه الإجراءات ستتم بطريق مشروع وقانوني وعن طريق جهات متخصصة في ذلك مقابل المبلغ المالي الكبير المطلوب، خاصة بعد أن عرض عليهما المتهم الأول جواز السفر البريطاني الصادر له بذات الإجراءات واطمئنا لحصته ومشروعيته، وترى المحكمة أن هذا الدفاع يُرجح أدلة الإثبات التي قام عليها الاتهام – والتي لا تطمئن إليها المحكمة – وآية ذلك:

1 – أن أقوال ضابط الواقعة – وهي عماد الاتهام فيها – قد خلت من القول بأن أي من المستأنفين كان سيء النية أو يعلم بأن المتهمين الأولين سيقومان وشريكهما البريطاني المجهول بتزوير جوازي السفر ووفقاهما على ذلك واشتركا معهما في الاتفاق الجنائي على هذا الأساس، بل قرر الضابط المذكور بأن المتهمين – ومنهم المستأنفين – كانوا يعتقدون بصحة جوازات السفر وسلامتها، واتفقوا مع الأولين على هذا الأساس.

2 – ما جاء بصور الإعلانات المنشورة في وسائل الإعلام والصحف – والمودعة حافظة مستندات المستأنفين من أن المكاتب والجهات المذكورة في هذه الإعلانات – والمرخص لها – بمقدورها الحصول لمن يشاء من فئة غير محددي ال***ية على ال***ية الفورية لبعض البلدان الأجنبية بالطرق الرسمية والمشروعة لقاء مبالغ مالية وبإجراءات ميسرة.

3 – ما قررته (……) نائبة القنصل بالسفارة البريطانية بدولة الكويت في التحقيقات من أنه يمكن لأي شخص غير بريطاني أن يت*** بال***ية البريطانية ثم يحصل على جواز سفر بريطاني عن طريق الجهات المختصة بالمملكة المتحدة أو من أي سفارة من سفاراتها في البلدان المختلفة. وفقًا لإجراءات وشروط معينة.

4 – أن قيام المتهمان الأول والثاني بتحرير شيك بالمبالغ الذي يدفعه راغب الحصول على ال***ية وجواز السفر ليقوم بصرفه عند عدم تنفيذهما ذلك – حسبما هو ثابت في الأوراق – من شأنه أن يدعم اعتقاد المستأنفين وغيرهما في صدق ما قيل لهم عن أن الإجراءات كلها تتم بطريق مشروع وقانوني كما قام عليه دفاعهما.

5 – أنه لم يجافي العقل والمنطق أن يوافق كلاً من المستأنفين على دفع مبلغ ثمانية آلاف دينار – الذي يطلبه المتهمان الأولان – وهو مبلغ كبير مقابل الحصول على مجرد جواز سفر مزور وغير صحيح.

6 – ما جاء بكتاب السفارة البريطانية بالكويت المؤرخ 18/ 11/ 1992 من أن جواز السفر الصادر للمتهم الأول يبدو حقيقي وغير مزور وهو ما يؤيد اعتقاد المستأنفين بقدرة المذكور على تنفيذ ما عرضه عليهما.

7 – ما جاء بكتاب مساعد النائب العام البريطاني المؤرخ 30/ 9/ 1992 من أن كبير ضباط الهجرة والجوازات بقسم مكافحة التزوير يعتقد أن جوازات السفر أو صورها موضوع الواقعة هي مستندات حقيقية وغير مزورة وتم الحصول عليها من المملكة المتحدة.

وحيث إن المحكمة وللأمور والشواهد المار ذكرها مجتمعة تخلص إلى أن الاتفاق الذي تم بين المستأنفين والمتهمين الأولين لم يكن موضوعه من جانب المستأنفين هو ارتكاب جريمة تزوير في محررات عرفية كما ذهبت سلطة الاتهام، وأن الواقع والحقيقة أن إرادتيهما – وكما قام عليه دفاعهما – قد اتجهت عند عقد الاتفاق إلى الحصول على ال***ية البريطانية ثم جواز السفر البريطاني بالطرق المشروعة والإجراءات الصحيحة بما ينتفي معه عنهما القصد الجنائي اللازم لقيام الجريمة وتلتفت المحكمة عن أدلة الثبوت التي ساقتها سلطة الاتهام والحكم المستأنف وترى أنها برمتها وللأسباب المار بيانها غير صالحة للاستدلال بها على ثبوت الاتهام بعناصره القانونية في حق المستأنفين، كما ترى أن الأوراق قد خلت أيضًا من دليل آخر يصلح لذلك، وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر فإنه يتعين القضاء بإلغائه وببراءة المستأنفين من التهمة المسندة إليهما مع مصادرة صور المحررات المضبوطة.