أولاً. تحديد مفهوم الشركة في قانون ضريبة الدخل بشركة الأموال :

إن تحديد مفهوم القانون الضريبي الخاص عن الشركة يقتضي أن تأتي التشريعات بنص قانوني واضح وصريح ، إما أن يكون ضمن تعريف يرد بهذا الخصوص أو بنص يتضمن ما يفيد ذلك ولقد تباينت مواقف التشريعات بين هذا الأمر أو ذاك ، فالبعض جاء بالتعريف ، في حين اكتفى البعض الآخر بالنص المحدد فحصر فيه ما يدخل في هذا المفهوم من شركات، وفي كلتا الحالتين تفيد هذه النصوص عدم تقيد القانون الضريبي بالتكييف الذي يضفيه القانون التجاري على الشركات ، حيث دلت على ذاتيته المتميزة المستمدة من اعتداده بواقع أن بعض الشركات التي يتضمنها هذا القانون لا تتطلب وفقاً لأحكامه ومبادئه الخاصة التي يعتد فيها بالمراكز الحقيقية والفعلية هذا الوصف(1). ومن هنا كانت هذه النصوص بمثابة الإطار القانوني الذي حصر المقصود بالشركة المتمتعة بالشخصية المعنوية في القانون الضريبي بشركات الأموال التي أضحت أغلب أحكامه المنظمة لضريبة الدخل على الأشخاص المعنوية منصبة عليها ، ويبرر الفقه المالي ذلك في رغبة المشرع الضريبي في التحرر من قيود القانون الخاص في معالجة المسائل المالية التي تحكم عمل الشركات لان القانون الضريبي هو قانون عام كل ما يهمه مصلحة الخزانة وممارستها لسلطتها وعلاقتها بالأفراد، في حين إن قانون الشركات هو قانون يعنى بتنظيم علاقة الأفراد مع بعضهم بعضاً ، ومن هنا يحدد هذا القانون مبادئه الخاصة التي يحافظ بها على حقوق أطرافه (الخزانة والأفراد) باتخاذ مفهومه الخاص عن الشركة والتوسع في هذا المفهوم إذا شاء(2). وقد تضمن قانون ضريبة الدخل العراقي النافذ تعريفاً للشركة يستفاد منه مفهومها هذا جاء فيه “الشركة 1. الشركة المساهمة أو ذات المسؤولية المحدودة المؤسسة في العراق أو خارجه وتتعاطى الأعمال التجارية أو لها دائرة أو محل عمل أو مراقبة في العراق(3). حيث إن الشركات التي جاء هذا التعريف على ذكرها هي شركات الأموال التي تقررها القواعد العامة في القانون التجاري(4). لم يختلف موقف المشرع الأردني عن موقف المشرع العراقي ، حيث جاء بتعريف الشركة بأنها “الشركة المساهمة الخصوصية والعامة والشركة العادية غير المقيمة ولا تشمل الشركة العادية المقيمة ، وتعتبر الجمعية التعاونية في عملها الذي يستهدف الربح شركة مساهمة عامة(5). حيث يستفاد منه تحديدها بشركات الأموال وان كان قد تميز عن ذلك الأول بالنسبة إلى أنواع الشركات التي أدخلها في هذا المفهوم كما سنرى ، ثم عاد وأكده مرة أخرى عندما جاء بنص آخر حدد فيه هذه الشركات من جديد هو نص (ف هـ/م17)(6).في معرض بيانه لشرائح الضريبة وفئاتها. أما عن القانون المصري فقد كان أكثر دقة وتحديداً من سابقيه ، لأنه استخدم صراحة عبارة “شركات الأموال” التي لم يستخدمها المشرعان العراقي والأردني ابتداءً ، وهذا ما دفع البعض إلى انتقاد ذلك على أساس أن مصطلح الشركة هو مصطلح واسع ويمكن أن يشمل أنواعاً مختلفة من الشركات ، وهذا الرأي محل نظر لأن استخدام هذين القانونين لهذا المصطلح يتنافى مع مقصدهما من اختيار شركات الأموال بذاتها(7). وقد جاء المشرع المصري بهذه العبارة في الكتاب الثاني من قانون ضريبة الدخل النافذ المرقم 187 لسنة 1993 الذي اسماه “الضريبة على أرباح شركات الأموال” والتي أغنت عن التعريف لأنها حددت مراد المشرع المصري من الأشخاص المعنوية بشكل دقيق إلا وهو شركات الأموال ، أما النص المحدد فقد جاء به لتحديد الأنواع التي تنضوي تحت هذه التسمية وهو نص المادة (111) الذي اتفق فيه مع المشرع الأردني من حيث إدخاله أنواعاً معينة في هذا المفهوم لأغراضه ، وهذا ما سنراه في الفقرة التالية.

ثانياً. أنواع شركات الأموال في قانون ضريبة الدخل :

علمنا أن شركات الأموال هي من نوع الشركات التي يكون للجانب المالي فيها المقام الأول ، فهي لا تتأثر بشخصيات الشركاء ولا ترتبط بهم من حيث نشأتها أو نشاطها أو انقضاؤها أو غير ذلك من أحكام(8). وإذا كنا نعلم أن القوانين الضريبية عموماً تهتم بالجانب المالي للمكلف وتعيره أهمية كبيرة لأنه يشكل الوعاء الذي تنصب عليه الضريبة ، وأن هذه الأخيرة تمثل عماد النظام المالي للدولة الذي لا غنى عنه ، فهي تمدها بالأموال اللازمة لتسيير مرافقها العامة وسد حاجات المجتمع(9). فان هذا الترابط بين المال والضريبة قد يكون هو المحرك الأساس في اختيار شركات الأموال دون غيرها ، حيث يكون العائد مما يفرض عليها من ضرائب كبيراً . وعليه يلاحظ أن الأنظمة المالية للدول المتقدمة اقتصادياً تعتمد بشكل كبير على الإيرادات الضريبية من هذه الشركات فهي تساهم بنسبة مرتفعة في الإيرادات السنوية لحكومات تلك الدول(10). وقد تباينت التشريعات عندما أخذت بشركات الأموال بوصفها الأشخاص المعنوية الأبرز التي تحقق مفهوم الشركة في القانون الضريبي بالنسبة إلى الأنواع التي أدخلتها في هذا المفهوم ، فمن خلال تعريف الشركة في بعض التشريعات كالتشريعين العراقي والأردني ، ومن خلال النصوص المحددة لمفهومها الذي اعتمده هذا التشريع والتشريع المصري يتبين هذا التفاوت ، حيث التزم بعضها حدود القواعد العامة التي أوردها القانون التجاري بخصوص أنواع شركات الأموال فيما توسع البعض الآخر فيها بشكل ملحوظ وحتى تكون الصورة واضحة نتناول هذه الأنواع كما أخذت بها هذه التشريعات ، فبالنسبة إلى القانون العراقي ، كان التزامه حدود ما جاءت به القواعد العامة في قانون الشركات العراقي النافذ الأكثر مقارنة بغيره من التشريعات كما ظهر من خلال تعريفه للشركة الذي جاء به في (ف6/م1) وتشمل هذه الشركات ما يأتي:

1- الشركة المساهمة (الخاصة أو المختلطة)

يعرفها قانون الشركات العراقي النافذ بأنها “شركة تتألف من عدد من الأشخاص لا يقل عن خمسة يكتتب فيها المساهمون باسهم في اكتتاب عام ويكونون مسؤولين عن ديون الشركة بمقدار القيمة الاسمية للأسهم التي اكتتبوا بها(11).

ومن خلال هذا التعريف يمكن تحديد خصائص هذه الشركة فضلاً عن خصائصها العامة بوصفها شركة أموال بـ(12):-

-أن الحد الأدنى لعدد الشركاء فيها هو خمسة ، فيما لم يحدد حده الأعلى.

-يتكون رأس مالها من أسهم متساوية القيمة .

ويدخل المشرع العراقي في مفهوم هذه الشركة كل نشاط مصرفي أو نشاط يتناول أعمال التأمين وإعادة التأمين ، وكذلك الاستثمار المالي(13). وتكون مختلطة إذا ساهم القطاع الاشتراكي بتأسيسها بنسبة لا تقل عن 25% من رأس مالها(14).

وتعامل هذه الشركة على أنها شخص قائم بذاته فتفرض الضريبة باسمها وتصيب وعاءً ضريبياً واحداً يتمثل بالأرباح التي تحققها.

2- الشركة المحدودة (الخاصة أو المختلطة)

وهي شركة تتألف من عدد من الأشخاص لا يقل عن شخصين ولا يزيد على خمسة وعشرين يكتتبون فيها باسهم ويكونون مسؤولين عن ديون الشركة بمقدار القيمة الاسمية للأسهم التي اكتتبوا بها(15). وتتحد أهم خصائص هذه الشركة في:

-أن عدد الشركاء فيها لا يقل عن اثنين حداً أدنى ولا يزيد على (25) حداً أعلى(16).

– يُحظر في هذه الشركة الاكتتاب بأسهمها أو إصدار أية أوراق قابلة للتداول بالطرق التجارية لمنع الغير من المضاربة على أسهمها حماية لمركزها المالي وضمانها ، إلاّ أن هذا لا يمنع الشريك من التصرف في أسهمه على وفق شروط معينة ، ويكون للشركاء الآخرين حق الأفضلية في استرداد هذه الأسهم بذات الشروط(17).

ولا يميز المشرع العراقي بين هذه الشركة وسابقتها من حيث المعاملة الضريبية حتى بالنسبة إلى الأسعار ، بعد أن كان يوجد مثل هذا التمييز كما سيعرض البحث في موضعٍ لاحق .

3. الشركات الأجنبية

أشار قانون ضريبة الدخل العراقي إليها ضمن تعريف الشركة بالشركة المساهمة أو ذات المسؤولية المحدودة المؤسسة خارج العراق وتتعاطى الأعمال التجارية أو لها دائرة أو محل عمل أو مراقبة في العراق ، والمقصود بها هنا (فروع الشركات) التي تزاول التجارة في العراق سواء كانت عربية أو أجنبية أو التي يكون محل إدارتها أو عملها أو رقابتها فيه حيث تخضع للضريبة على أساس معياري الإقامة والإقليمية(18). إلاّ إذا كانت معفاة بمقتضى نص م(7) من قانون ضريبة الدخل النافذ(19). أما القانون الأردني ، فكما بدا من خلال تعريفه للشركة والنص الذي حدد به أنواع الشركات لأغراض ضريبة الدخل انه اخذ بما جاءت به القواعد العامة في قانون الشركات وإن اختلفت التسميات المستخدمة التي ترجع إلى صدور قانون جديد للشركات غيّر من تسمياتها دون أن يصاحبه تعديلها في القانون الضريبي (كتسمية الشركة العادية وتسمية الشركة المساهمة الخصوصية)(20). اللتين جاء بهما تعريف الشركة ، لكنه تميز عن القانون العراقي انه لم يقف عند هذه الحدود بل وسّع من نطاق شركات الأموال فزاد على ما جاءت به القواعد العامة أشخاصاً أخرى لا تحمل صفة شركة الأموال قانوناً وهي :الجمعيات التعاونية في أعمالها التي تقصد بها الربح ، والشركات العادية غير المقيمة أي شركات الأشخاص غير الأردنية عربية كانت أم أجنبية على الرغم من أن قانون ضريبة الدخل الأردني تضمن ما يغني عن هذه العبارة عندما ذكر صراحة الشركة الأجنبية أياً كان نوعها وسواء كانت مقيمة أو غير مقيمة(21). وعليه يمكن تحديد شركات الأموال في قانون ضريبة الدخل الأردني بما يأتي :

1- الشركات المساهمة الخصوصية : وتشمل

آ. الشركة ذات المسؤولية المحدودة :

ولا تخرج أحكام هذه الشركة عما ذكر في القانون العراقي عدا أنه أغفل ذكر حدها الأعلى(22).

ب. شركة التوصية بالأسهم:

وهي تلك الشركة التي تتألف من فئتين من الشركاء(23):-

– الشركاء المتضامنون الذين تكون شخصياتهم محل اعتبار كحال الشركاء في شركات التضامن، ولا يقل عددهم عن اثنين ويسألون عن ديون الشركة والتزاماتها مسؤولية شخصية تضامنية لأنهم يمتلكون فيها حصصاً غير قابلة للتداول .

– الشركاء المساهمون(24). الذين يساهمون في الشركة بأسهم قابلة للتداول ويخضعون لأحكام شركات الأموال فيسأل كل منهم بمقدار مساهمته عن ديون الشركة والتزاماتها ولا يقل عددهم عن ثلاثة. وفي المجال الضريبي تميز التشريعات الضريبية بين هاتين الفئتين فتمنح الشركاء المتضامنين حكم الشركاء في شركات الأشخاص ، حيث تتم معاملة كل منهم بشكل مستقل عن الآخر وفقاً لملفة الشخص ، أما الشركاء المساهمون فيسري عليهم حكم شركات الأموال فتخضع أرباحهم للضريبة مجتمعة بنسبة معينة حسب القطاع الذي تنتمي إليه الشركة وبعد توزيع الأرباح عليهم يخضعون لضريبة توزيع بنسبة 10% إلاّ إذا كانت الأرباح قد وزعت على شكل أسهم أو حصص لزيادة رأس المال(25).

جـ. شركة التوصية البسيطة :

عرفتها م (41) من قانون الشركات الأردني ، وهي تشبه في تكوينها سابقتها لكنها تلحق بشركات الأشخاص وهي تحمل ذات خصائصها إلا ما تعلق منها بتصرف الشريك الموصي بحصته ولا يكون ذلك إلاّ بموافقة باقي الشركاء ، وهي تخضع لذات المعاملة الضريبية التي تخضع لها شركة التوصية البسيطة ، حيث جاء قانون ضريبة الدخل الأردني معتبراً إياها شركة أموال فيما يتعلق بحصص الشركاء الموصين(26).

2- الشركة المساهمة العامة :

لا يختلف التعريف الذي أورده المشرع الأردني لهذه الشركة عن ما تأخذ به بقية التشريعات بالنسبة إلى الشركة المساهمة لكن استخدامه هذه التسمية الذي سبق تبريره يدفع إلى الاعتقاد باختلافها(27). ويدخل المشرع الأردني في مفهومها الشركات القابضة وشركات الاستثمار المشترك والشركة المعفاة ، لكن هاتين الأخيرتين لا تخضعان للضريبة لأنهما تتمتعان بالإعفاء المطلق(28). أما عن الشركة القابضة فهي تقوم على ذات المفهوم الذي تقوم عليه في القانون المصري ، لكنها يمكن أن تلحق بالقطاع الخاص أيضاً(29). وتضم شركات الامتياز والبنوك والشركات المالية ، وشركات التأمين وتخضع للضريبة بنسب معينة يحددها القانون الضريبي ، ولم يكتف المشرع الأردني بإخضاع الشركات الأردنية الموجودة على إقليمه للضريبة ، بل زاد على ذلك إخضاعه فروعها الموجودة في الخارج بنسبة 20% من دخلها الصافي بعد تنزيل الضريبة الأجنبية استناداً إلى مبدأ الجنسية.

3- الشركات الأجنبية :

استثناءً من الأصل العام جعل قانون ضريبة الدخل الأردني خضوع الشركات الأجنبية وفروعها لضريبة الدخل مطلقاً فلم يميز فيها بين شركات الأموال أو شركات الأشخاص وما إذا كانت مقيمة أو غير مقيمة ، عربية أم تحمل جنسية أخرى ، فكل شركة ليست مسجلة في المملكة وكان مركز إدارتها الرئيس أو الفعلي ، أو محل رقابتها والإشراف عليها أو محل نشاطها موجوداً فيها تعتبر شركة أجنبية لأغراض هذا القانون(30). ويقسم القانون الأردني الشركات الأجنبية إلى نوعين(31):-

آ. شركات أجنبية مقيمة عاملة :

وهي التي تسجل خارج المملكة ، ويكون مركزها الرئيس خارجها ولا تحمل الجنسية الأردنية لكنها تمارس نشاطها فيها ، وهي تخضع للضريبة إلا إذا اتفق على خلاف ذلك مع الحكومة أو الجهة طارحة العطاء(32). وتكون نوعين:

– شركات تعمل مدةً محدودة وتحال عليها عطاءات بتنفيذ أعمال داخل المملكة مدةً محدودة وينتهي تسجيلها بانتهاء تلك الأعمال إلاّ إذا حصلت على عقد جديد .

– شركات تعمل بصفة دائمة في المملكة بترخيص من الجهات الرسمية المختصة بذلك .

ب. شركات أجنبية غير عاملة :

(شركات المقر ومكاتب التمثيل ، أي تلك التي تتخذ في الأردن مقراً لها أو مكتب تمثيل لأعمالها في الخارج ، وتتمتع بالإعفاء بمقتضى نصوص قانون الشركات النافذ(33). أما في القانون المصري فقد تضمنت المادة (111) التي جاءت بتحديد أنواع شركات الأموال لأغراض ضريبة الدخل أربع فقرات ، خصصت الفقرة الأولى منها فقط لشركات الأموال التي جاء بها قانون الشركات المصري النافذ ، أما الفقرات الباقية فقد تضمنت ما زاده هذا القانون على مفهوم هذه الشركة الذي اتسم بالتوسع اكثر حتى من المشرع الأردني وان كان البعض منها يدخل ضمن الفقرة الأولى فلم تكن هناك حاجة لذكره كما سنرى وعموماً يشمل ما جاءت به هذه المادة : –

1- شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسؤولية المحدودة الخاضعة لأحكام القانون المرقم 159 لسنة 1981 أو الخاضعة لأية قوانين أخرى وغيرها من الأشخاص الاعتبارية ما عدا الخاضعين لأحكام الكتاب الأول من هذا القانون (ف1/م111).

ولا تخرج أحكام هذه الشركات عن إطار ما ذكر في القانونين العراقي والأردني(34). حتى بالنسبة إلى شركة التوصية البسيطة التي لم يفرق معاملتها عن شركة التوصية بالأسهم على الرغم من أن المشرع المصري لم يأت إلى ذكرها كونها من شركات الأشخاص ، خلافاً للمشرع الأردني الذي جاء بنص صريح يعدّها من شركات الأموال لأغراضه ، لكن هذا يستفاد من توجهات القضاء المصري(35).

2-بنوك وشركات ووحدات القطاع العام (ف2/م111) : كما رأينا آنفاً أن المشرع المصري لم يميز في المعاملة الضريبية بينها وبين الشركات المساهمة التابعة للقطاع الخاص في موقف اتفق فيه مع المشرع الأردني ويخالف ما أخذ به المشرع العراقي بخصوصها(36).

ويرى جانب من الفقه أن هذه الفقرة لا حاجة لها ما دامت الفقرة السابقة لها قد حددت المقصود بالشركة المساهمة عندما أشارت إلى ذلك بعبارة “والخاضعة لأية قوانين أخرى(37). وهذا الرأي يبدو محل نظر لان التكرار غير مطلوب لما يثيره من اللبس والاختلاط فقد يعتبر البعض أن هناك فئة أخرى من هذه الأشخاص تخضع للضريبة في حين انه لم يقصد به أكثر مما أشارت إليه العبارة المذكورة .

3-البنوك والشركات والمنشآت الأجنبية التي تعمل في مصر سواءٌ أكانت أصلية ولو كان مركزها الرئيس في الخارج أو كانت فروعاً لهذه البنوك والشركات والمنشآت بالنسبة إلى الأرباح التي تحققها عند مباشرة نشاطها في مصر (ف3/م111).

يجد خضوع هذه الشركات للضريبة في القانون المصري أساسه في مبدأ الإقليمية الذي يمثل المبدأ الأساس لفرض الضريبة على أرباح الشركات سواءٌ أكانت مصرية أو أجنبية ، ولهذا فقد جاء النص عليها لتأكيد عدم اختلاف هذه الشركات في حكمها عن الشركات المصرية بهذا الخصوص ضمن هذه الفقرة ، وقد اتفق المشرع المصري بخصوص هذه الفقرة مع المشرع الأردني من حيث إخضاعه الشركات الأجنبية لهذه الضريبة أياً كان شكلها على الرغم من إنه لم ينص صراحة على ذلك كما فعل هذا الأخير لكن الأمر يستفاد من صيغة الإطلاق التي جاءت بها عبارة (المنشآت الأجنبية) ومع ذلك فقد رفض جانب من الفقه المصري هذا واعتبر أن المقصود من النص هو شركات الأموال المصرية(38). لكن المعمول به حالياً هو إخضاع هذه الشركات للضريبة أياً كان شكلها القانوني ، وفي رأينا أن صيغة الإطلاق التي جاء بها القانون المصري مقصودة على الرغم من أن النص على ذلك صراحة هو أفضل ، كما فعل المشرع الأردني ، فهو يدل على رغبة هذه التشريعات في أحكام قبضتها على هذه الشركات ولا سيما وإن ما تقوم به من أعمال واستثمارات تتسم بالضخامة حتى إن كانت من شركات الأشخاص. ومن هنا فإن أية منشأة أجنبية تعمل في مصر وتباشر نشاطاً تجارياً أو زراعياً أو مالياً ، أو صناعياً تخضع فيما تحققه من أرباح للضريبة وتحديداً تلك الأرباح التي تحققها في مصر أما ما تحققه خارج مصر فهو ليس محلاً لهذه الضريبة . هذا الحكم يسري على فروع الشركات الأجنبية والبيوت الصناعية التابعة لها ومكاتب الإدارة والوكالات التي تديرها هذه الشركات الأجنبية ، لكن القانون المرقم 159 لسنة 1981 المعدل النافذ الخاص بشركات الأموال حدد للوكالات التي تديرها الشركة شروطاً محددة حتى تأخذ حكم المكاتب والفروع والبيوت الصناعية التابعة لتلك الشركات ، وهي(39):

-إذا كانت الوكالة تدار من الشركة نفسها أو عن طريق توكيل مستخدميها بذلك .

-إذا كانت للوكيل سلطة إبرام العقد نيابة عنها .

في هاتين الحالتين يعتبر ما يحققه الوكيل ربحاً للشركة تحقق في مصر ويخضع للضريبة باسمها لا باسم الوكيل ، كما هو الحال في القانون الأردني ويستثنى مما سبق حالة ما إذا كان نشاط الشركة الأجنبية قاصراً على وجود مكتب فني أو علمي يكون هدفه إعداد دراسات تتعلق بالإنتاج وحالة السوق دون أن يمارس نشاطاً تجارياً فلا يخضع هذا النشاط للضريبة لانتفاء تحقق الربح(40).

4-الهيئات العامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية بالنسبة إلى ما تزاوله من نشاط خاضع للضريبة ويستثنى من ذلك جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع (ف4/م111):

سبق أن تعرفنا على مفهوم الهيئات العامة في سياق الحديث عن الأشخاص المعنوية المعفاة من الخضوع للضريبة لأنها لا تستهدف الربح أصلاً ، فهي تقوم بخدمات تعود على المجتمع بالنفع العام قد أفادت إعفاءها الضمني في القانون المصري هذه الفقرة عندما اعتبرتها من شركات الأموال خارج حدود نشاطها المعتاد ، فتميز هذا القانون في هذا الحكم عن القانونين العراقي والأردني اللذين جعلا إعفاءها صريحاً ومطلقاً(41). ولا يميز المشرع المصري على الرأي الراجح بالنسبة إلى هذه الهيئات بين المصرية منها أو الأجنبية ما دامت أنها مشتغلة في مصر(42).

ومن خلال كل ما تقدم يبدو موقف المشرعين الأردني والمصري متميزاً عن موقف المشرع العراقي ، حيث أنهما توسعا كثيراً في تحديد مفهوم شركة الأموال لأغراض ضريبة الدخل فأدخلا عليه أشخاصاً لا يحملون وصف الشركة أو حتى وصف شركات الأموال الذي تقرره القواعد العامة في الشركات حيث زاد المشرع الأردني الجمعية التعاونية في أعمالها التي تستهدف الربح ، وشركات الأشخاص غير المقيمة (العربية منها والأجنبية) والمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي (شركات القطاع العام) ، ولم يختلف موقف المشرع المصري عنه عندما زاد على مفهوم شركة الأموال وحدات القطاع العام ، وشركات الأشخاص الأجنبية ، كما أضاف الهيئات العامة خارج حدود نشاطها المعتاد، لكنه أغفل الإشارة إلى الجمعيات التعاونية أو حتى الجهات الأخرى المماثلة لها التي لا ترمي إلى الكسب بالنسبة إلى أعمالها التي تستهدف بها الربح(43). فيما جاءت نصوص القانون العراقي ضيقة جداً ومقيدة بالنسبة إلى الشركات ضمن حدود القواعد العامة التي جاء بها قانون الشركات ، ولهذا كان من المفضل أن يساير المشرع العراقي مواقف التشريعات الأخرى فيزيد على هذا المفهوم كل ما من شأنه أن يحقق مصلحة الخزانة في زيادة إيراداتها من هذه الجهات، أو على الأقل يبين الوضع بالنسبة إلى لأشخاص المعنوية التي ينبغي إيجاد تصريف لأعمالها التي تتجاوز بها أغراضها كالجمعيات التعاونية وما في حكمها.

________________________

[1]- قدري نقولا عطية، مصدر سابق ، ص71-72.

2- محمد علوم ، مصدر سابق ، ص18.

3- (ف6/م1) من قانون ضريبة الدخل العراقي النافذ.

4- انظر ما سبق ، ص (52).

5- (ف7/م2) من قانون ضريبة الدخل الأردني النافذ.

6- نصت هذه الفقرة على : توفيقاً لأحكام هذا القانون مع قانون الشركات تعني كلمة الشركة ما يأتي:

الشركة المساهمة العامة، وتعتبر الجمعية التعاونية في عملها الذي يستهدف الربح شركة مساهمة عامة.
الشركة ذات المسؤولية المحددة.
شركة التوصية بالأسهم الأردنية باستثناء حصص الشركاء المتضامنين.
شركة التوصية البسيطة الأردنية باستثناء حصص الشركاء المتضامنين.
الشركة الأجنبية أو فرعها مهنا كان نوعها مقيمة كانت أم غير مقيمة.

7- أنظر : قيصر جعفر يحيى ، إقليمية الضريبة على دخل الشركات في القانون العراقي ، دراسة مقارنة ، رسالة ماجستير مقدمة إلى مجلس كلية القانون ، جامعة بغداد ، 2000 ، ص 32.

8- انظر ما سبق ، ص (52).

9- محمد كامل أمين ملش ، الشركات وضرائبها ، مطابع دار الكتاب العربي بمصر ، 1957، ص721.

0[1]- كانت الضريبة على أرباح شركات الأموال تحتل المرتبة الثانية لإيرادات الحكومة الفدرالية في الولايات المتحدة الامريكية ، حيث أنها كانت تمد الدولة بما يعادل 28% من مواردها ، وهذه النسبة كانت تفوق نصف الإيرادات المستمدة من دخول الأشخاص الطبيعيين ، د. عبدالكريم صادق بركات، النظم الضريبية (النظرية والتطبيق) ، الدار الجامعية ، بلا مكان طبع ، بلا تاريخ ، ص262.

1[1]- (ف1/م6) من قانون الشركات العراقي النافذ.

2[1]- د. مصطفى كمال طه ، شركات الأموال ، مؤسسة الثقافة الجامعية ، الإسكندرية ، 1982 ، ص 17.

3[1]- انظر م(7) من قانون الشركات العراقي النافذ، ويذهب جانب من الفقه المالي في العراق إلى اعتبار إخضاع المشرع العراقي هذه الشركات للضريبة استثناءً على الأصل العام في إعفاء المؤسسات وعدم اعتبارها شركات لأغراض ضريبة الدخل، انظر : احمد خلف حسين الدخيل ، صفة المكلف ونوع النشاط وأثرهما في تقدير ضريبة الدخل في القانون العراقي، دراسة مقارنة ، مجلة الرافدين للحقوق ، المجلد 1، العدد 16، السنة الثامنة، 2003 ، ص ص275-315.

4[1]- أثارت الطبيعة المختلطة لهذه الشركة قديماً خلافاً فقهياً حول مركزها بالنسبة إلى القانون الضريبي والضوابط التي تحكم إيراداتها ، إلا أن الثابت حالياً أن التشريعات تتفق على إلحاقها بشركات الأموال ومنحها حكمها ومنها تشريعنا العراقي والتشريعات محل المقارنة ، في هذه الاختلافات انظر د. السيد علي عبدالرحيم ، الشركة ذات المسؤولية المحدودة ومدى خضوعها للضريبة على الإيرادات في مصر ، ط 1 ، دار المعارف ، 1963 ، ص ص185-201.

5[1]- ف (2/م6) من قانون الشركات العراقي النافذ.

6[1]- يفسر الفقه هذا الحد الأعلى لعدد الشركاء برغبة المشرع في الحفاظ على الاعتبار الشخصي وتحجيم هذه الشركات بالشركات المتوسطة أو الصغيرة ، د. مصطفى كمال طه (شركات الأموال) ، مصدر سابق ، ص251.

7[1]- تتمثل هذه الشروط في :البيع بمقتضى محرر رسمي ، أو مصدق على التوقيعات فيه ، د. سميحة القليوبي ، مصدر سابق ، ص206.

8[1]- أحمد خلف حسن الدخيل ، مصدر سابق ، ص 285 .

9[1]- أنظر ما سبق ، ص ص (41-42) .

20- استخدم قانون الشركات الملغي المرقم 12 لسنة 1964هذه التسميات فأطلق على شركة التضامن اسم الشركة العادية ، وعلى الشركة ذات المسؤولية المحدودة اسم الشركة المساهمة الخصوصية، أما الشركة المساهمة فقد استخدم لها مصطلح الشركة المساهمة العامة وما زال هذا المصطلح الأخير مستخدماً حتى الآن ضمن قانون الشركات الجديد المرقم 22 لسنة 1997 ، على الرغم من تخليه عن تسميات الشركات الأخرى التي بقيت في القانون الضريبي كما سنرى ، انظر : أ. عليان الشريف ، رياض الحلبي ، فائق شقير ، محمد الباشا ، مبادئ القانون التجاري، دار المسيرة للنشر والتوزيع ، عمان ، الأردن ، 2000، ص ص93-96

[1]2- البند (5) من الفقرة هـ / م 17 التي سبق الإشارة إليها .

22- انظر م(53/أ) من قانون الشركات الأردني النافذ.

23- م (77) من قانون الشركات الأردني النافذ.

24- تسمى هذه الفئة من الشركاء في شركة التوصية بالأسهم في القانون المصري بالشركاء الموصين في حين استخدام القانون الأردني لفظ (المساهمون) وقد علل البعض ذلك بأن ما يملكه الشركاء في هذه الشركة هو اسهم وليس حصصاً وهي قابلة للتداول بحرية ، ولهذا فان هذه التسمية افضل من سابقتها ، وحتى يتميز هؤلاء عن الشركاء الموصين في شركات التوصية البسيطة ، د. فوزي محمد سامي ، الشركات التجارية (الأحكام العامة والخاصة) دراسة مقارنة ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، 1999 ، ص22.

25- البند (1/ف آ/م17) من قانون ضريبة الدخل الأردني النافذ.

26- رامي مجدي السمان ، بسام محمود أبو عباس ، مصدر سابق ، ص20.

– عبد الحليم كراجة ، هيثم العبادي ، المحاسبة الضريبية ، مصدر سابق ، ص176.

27- لم يختلف التعريف الذي جاءت به م (90) من قانون الشركات الأردني في جوهرة عن ما أخذت به بقية التشريعات بخصوص الشركة المساهمة إلاّ من حيث إجازته تأسيس شركة مساهمة يكون مؤسسها شخصاً واحداً بموافقة الوزير في ف(ب) منها، انظر د. فوزي محمد سامي ، مصدر سابق ، ص241.

28- انظر ما سبق ، ص (40).

29- انظر م(204) من قانون الشركات الأردني النافذ.

30- يأتي هذا من مفهوم المخالفة لنص م(4) من قانون الشركات الأردني النافذ التي حددت جنسية الشركة، كذلك من مفهوم المخالفة لنص البند د/ف13/م2 من قانون ضريبة الدخل التي حددت مفهوم الشخص المعنوي المقيم.

[1]3- د. فوزي محمد سامي ، مصدر سابق ، ص ص 111-112.

32- انظر بهذا الخصوص قرار محكمة التمييز الأردنية المرقم 1577/94 ، نقلاً عن: بسام محمود أبو عباس ، رامي مجدي السمان ، مصدر سابق ، ص21.

33- انظر ما سبق ، ص (42).

34- انظر المواد (2،3،4) من قانون الشركات المصري النافذ.

35- جاء في حكم محكمة النقض المصرية انه “والقانون على ما جرى به قضاء هذه المحكمة لم يفرق بهذا الخصوص بين شركات التوصية البسيطة وشركات التوصية بالأسهم التي وإن ضمت شركاء موصين ومساهمين فهي ليست إلا شركة توصية تفرض الضريبة على مديرها العامل بمقدار نصيبه من الربح أسوةً بالشركاء المتضامنين في شركة التضامن وما تبقى من الربح فتفرض عليه الضريبة باسم الشركة”، الطعن المرقم 432 سنة 21 قضائية بتاريخ 21/11/1953، بدران ، مصدر سابق ، ص ص1068-1069.

36- انظر ما سبق ، ص (37) ، ويكتفي البحث بما ورد عنها من تفاصيل منعاً للتكرار .

37- د. منصور احمد البديوي ، الضريبة الموحدة ، مصدر سابق ، ص ص215-226.

38- علل هؤلاء رأيهم هذا بورود النص ضمن الكتاب الثاني الذي يحمل عنوان الضريبة على أرباح شركات الأموال وهذا العنوان وحده كافٍ للقول بذلك ، كما أن اعتبارات العدالة الضريبية التي تقتضي المساواة بين الأجنبي والمصري تحتم ذلك ، فضلاً عن أن شركات الأشخاص الأجنبية قد جاء القانون بذكرها في م(16) في معرض بيانه للأشخاص الخاضعين للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية التي تضمنها الكتاب الأول الذي يحمل عنوان الضريبة الموحدة على دخل الأشخاص الطبيعيين ، انظر : د. السيد عبد المولى ، الضرائب على الدخل ، مصدر سابق ، ص391.

39- م (165) من قانون الشركات المصري النافذ.

40- د. منصور احمد البديوي ، الضريبة الموحدة ، مصدر سابق ، ص226-227.

[1]4- انظر ما سبق ، ص (26).

42- د. السيد عبد المولى ، الضرائب على الدخل ، مصدر سابق ، ص415.

43- على الرغم من أن المشرع الأردني لم يبين الوضع بالنسبة لهذه الجهات أيضاً إلا أنه من الممكن أن يقاس حكمها على حكم الجمعيات التعاونية .

المؤلف : زينب منذر جاسم الوائلي
الكتاب أو المصدر : ضريبة الدخل على الاشخاص المعنوية
الجزء والصفحة : ص52-62

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .