نظام الرهن المُفترى عليه
يوسف الفراج
الفرية: أن نظام الرهن العقاري بالتحديد الذي ينتظر صدوره في المملكة قد يكون سببا في ارتفاع أسعار العقارات, وذهب بعضهم إلى أبعد من هذا، وأشار إلى احتمالية تسببه في أزمة مالية كالتي حدثت في أمريكا, وقبل الدخول في البيان أؤكد أن هذه المقالة ستناقش مدى صحة هذه الفرية من خلال إظهار أحكام هذا النظام ومضامينه, ودوره في العملية التمويلية. أحكام مشروع نظام الرهن العقاري أحكام موضوعية لمسائل الرهن مستقاة من الراجح من أقوال الفقهاء وإن كان أغلبها يتفق مع أحكام المذهب الحنبلي استنادا إلى المرجعية الفقهية والتشريعية والقضائية في المملكة, وقد اشتمل المشروع على عدد من الفصول,

وهي كالتالي: الفصل الأول في إنشاء الرهن وقد نظّمت مواده من يجوز له الرهن, والحكم في حال كان الراهن غير المالك, والشروط الواجبة في العقار المرهون, ورهن المشاع, وشروط دين الرهن, وفي الفصل الثاني قرر المشروع آثار الرهن وغلة الرهن ونفقته ومسؤولية المحافظة عليه, ونقص قيمته, و”جواز نقل الحق في استيفاء الدين وفقا للمقتضيات الشرعية”, وبيع الرهن عند عدم الوفاء, والشروط الباطلة في عقد الرهن, وحق الغير فيه والتقادم والتتبع, ونظّم الفصل الثالث أحكام انقضاء الرهن وأحكام تلف المرهون كلياً أو جزئياً, وقصدت التوسع في استعراض أحكام المشروع لبيان المسائل التي نظمها المشروع وأنها تنحصر في الجوانب الموضوعية لأحكام الرهن والإلزام بقولٍ واحدٍ فيها يجب العمل به في هذه المسائل , على اعتبار أن الوضع الحالي يجعل للقضاة وكتاب العدل الاجتهاد في اختيار النص أثناء الحكم والتوثيق ولا شك أنهم سيختلفون, – مع العلم أنهم يتفقون في أكثر الأحكام لأن مرجعيتهم واحدة – ولا بد من الإشارة أيضا إلى أن هذا المشروع هو واحد من خمسة مشاريع, وهي: نظام مراقبة شركات التمويل, ونظام التمويل العقاري, ونظام التأجير التمويلي, ونظام التنفيذ .

والسؤال: هل يمكن أن يتسبب نظام الرهن العقاري بالتحديد في هذين الأمرين؟,

باختصار: لا, وأقصد أن نظام الرهن لن تكون له علاقة مباشرة ووحيدة فيها – في حال أنها حصلت, لا سمح الله -, كيف ذلك؟, النظام كما استعرضت يُنظِّم الأحكام الموضوعية وبهذا فلا علاقة له بالجوانب المالية إلا في حكم واحد سأشير إليه لاحقاً, والمعنيّ والأقرب في تنظيم الجانب المالي فيها هو نظام التمويل أو مراقبة شركات التمويل أو منظومة التمويل بعامة لا نظام الرهن, كيف ذلك؟ : بمعادلة بسيطة فإن ارتفاع الأسعار ينتج في الغالب عن زيادة الطلب, والمتوقع أن الزيادة ستحدث نظراً لوجود العديد من الشركات – التي سيُرَخص لها من خلال نظام التمويل- بتقديم التمويل العقاري وفقاً لعدد من المنتجات, ومن أشهرها صيغة الإيجار المنتهي بالتمليك- والمنظمة أحكامه في نظام التأجير التمويلي-, ولا بد من التنبيه أن التمويل غير محصورٍ في العقار بل حدد ”نظام مراقبة شركات التمويل” عدداً من الأنشطة التمويلية ,

ومنها: تمويل الأصول الإنتاجية , وتمويل بطاقات الائتمان والتمويل الاستهلاكي وغيرها, وعلى كل الأحوال فإن بعض أنواع التمويل ستتطلب ضمانات قوية للوفاء بالدين وبالتأكيد فإن العقار سيكون أبرز هذه الضمانات وسيكون رهنه وفقا لأحكام ”نظام الرهن العقاري”, هذا محل نظام الرهن في خريطة التمويل فهل يصح أن يقال إنه السبب خلف ارتفاع الأسعار؟ من جانب آخر، فالرهن أحد عناصر العملية التمويلية في السوق الأولية, والأزمات تحدث في الأسواق الثانوية – وإن كان سببها قد يبدأ من السوق الأولية – , نعم قرر نظام الرهن في أحد أحكامه جواز انتقال الحق

ويُقصد به: التوريق – التصكيك – إلا أن المعني بتنظيم هذه السوق نظام السوق المالية لا نظام الرهن, بل إن نظام الرهن ألزم على أن يكون نقل الحق وفقاً للأحكام الشرعية التي ترتكز على تصكيك الأصول لا الديون وقد أظهرت هذه الصيغة كفاءة عالية في التقليل من تداعيات الأزمة للجهات التي أخذت بهذه الصيغة. أخيراّ فإن هذه المقالة لا تهدف إلى البحث في احتمالية ارتفاع الأسعار –لا سمح الله- بسبب صدور هذه الأنظمة, لكنها تهدف إلى بيان محل نظام الرهن في هذه المنظومة فقط لا غير.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت