دعوى اعتراض الغير و البحث في انعدام القرار

تحت عنوان
(( بين دعوى اعتراض الغير و دعوى إعدام قرار))
ا المنشور في مجلة المحامون العددين /3 ــ 4 / لعام 2004 ص/247 / سأل الزميل الموقر كاتب المقال سؤالا جاء على الشكل الآتي :
هل يجوز أن تتحول دعوى اعتراض الغير إلى دعوى انعدام قرار قضائي مبرم

بقلم المحامي الأستاذ أمير إبراهيم تريسي

تعليق على رأي

و بالرجوع إلى البحث المذكور نجد أن الزميل الأكرم قد انتهى في مقاله المشار إليه إلى تقرير مفاده أن القرار ( مدار بحثه ) و الذي انتهى إلى إعلان انعدام القرار المعترض عليه ، هو الذي يجب إعلان انعدامه لمخالفته لقرارات الهيئة العامة لمحكمة النقض ،

و الخوض في هذا الموضوع يحتم علينا تحديد المفاهيم و الأسس الآتية :
(1) ــ متى يكون الحكم سليما ؟.
(2) ــ الإبرام و قوة القضية المقضية .
(3) ــ تحديد مفهوم كل من بطلان الأحكام و انعدامها ، و طرق الطعن فيها ، ومن له الحق في الطعن وطلب الانعدام .
(4) ــ تحديد الشكليات الأصولية التي صدر في ظلها الحكم المعترض عليه ( مدار البحث و المعلن انعدامه بناء عليها ) .
(5) ــ و من ثم القول في تصويب رأي الزميل الجليل أو تخطئته ، وذلك طبقا لما ستقرره القواعد القانونية والفقهية التي سنرتكز عليها في بحثنا هذا .

الحكم السليم :
الفقه والاجتهاد متفقان على أن الأحكام دائما تصدر صحيحة من ناحية الشكل ، و هي على حق من ناحية الموضوع ، و هذه القرينة لا تقبل إثبات العكس و لا سبيل لنقضها سوى اتباع السبل و الطرق التي قررها المشرع لإبطال الأحكام أو تعديلها ، و تصحيح ما قد شابها من عيوب و ما انطوت عليه من بطلان .

حجية القضية المقضية :
القرارات القضائية المبرمة هي عنوان للحقيقة ، حتى و لو صدرت بشكل مخالف لهذه الحقيقة باعتبار أن الإبرام يغطي ما قد شاب القرار من عيوب و هذا ما يسميه الفقه بقوة القضية المقضية ، أو حجية الأمر المقضي به .
وقد بلغت هذه القاعدة مبلغا عظيما من الشهرة ، و الشيوع ، و ذيوع الصيت ، فقال بها أهل العلم و الفقهاء و رجال القانون و تغنى بها عامة الناس حتى أضحت مقولة شعبية يقول بها القاصي و الداني وأشهر قول فيها الأغنية الشعبية (( مغرم بعيونك مغرم محكوم و حكمي مبرم )) .

و الذي يهمنا في هذا المقام هو أن : الأحكام المبرمة تعتبر قرينة قانونية لا يجوز إعادة النظر فيها مرة أخرى [بين أطرافها ] مهما كان السبب فلا تقبل ضدها الأدلة و لا الحجج ، و لا تنقض باليمين ، ولا الإقرار ولا يملك الخصوم حق التنازل ، أو عدم التمسك بها . كل ذلك دون الإخلال بالأحكام المقررة في المواد ( 241ـ 486 ـ من قانون أصول المحاكمات المدنية ) لجهة طلب إعادة المحاكمة و مخاصمة القضاة .

بحسبان أن هذه الحجية قد شرعت كفالة لحسن سير العدالة من جهة ، ومن جهة ثانية شرعت كي تكون ضمانا لاستقرار المعاملات وحفظ المراكز القانونية للخصوم من الناحيتين الاقتصادية و الاجتماعية ، و ما يحققه ذلك من مصلحة عامة للمجتمع أضحت تمثل نظاما عاما لا يجوز خرقه أو مخالفة أحكامه . ( م/90/ من قانون البينات و الأسباب الموجبة لها ) .

و مرتكز ذلك هو اتخاذ المشرع من الحكم القضائي القطعي قرينة قاطعة ، على أن القضية قد فصلت على خير وجه وأعدله . و مبنى ذلك و مرده هو أن مؤسسة القضاء مؤسسة عدل و إنصاف تقضي بالقسطاس المستقيم ، و ترعى مصالح الخصوم و تقدم لهم كافة الضمانات اللازمة لصيانة حقوقهم .

و يبقى القول : بأن الحجية التي تتمتع بها الأحكام القضائية المبرمة تبقى حجة قاصرة على أطراف النزاع الممثلين في الدعوى التي صدر فيها الحكم المبرم دون غيرهم .

أما بالنسبة إلى الغير فإنه : ليس لهذه الأحكام أي حجية بمواجهته ، و هي غير ملزمة له إلا إذا قبل هذا الغير بها و رضخ لما قضت به. حيث تبقى حجية الأحكام المدنية قاصرة على خصوم الدعوى دون غيرهم لأن الحكم كالعقد لا يسري أثره إلا في حق من كان طرفا فيه و لا يمتد هذا الأثر إلى الغير . ( قا/1748/ تقنين أصول المحاكمات المدنية ) .
و بالتالي فإن : لكل من لم يكن طرفا في الدعوى أو ممثلا فيها له أن ينكر الحكم المبرم الصادر فيها و ذلك أيا كانت صفة هذا الحكم أو الدرجة القضائية التي صدر عنها . (( ــ م /266/ أصول مدنية و ما بعدها ــ رزق الله انطاكي أصول المحاكمات في المواد المدنية و التجارية صـ\786\ لعام 962 ))

مفهوم كل من البطلان و الانعدام :

مما لا خلاف عليه أن البطلان ثلاثة أنواع أو ثلاثة مراتب هي : الانعدام . و البطلان المطلق. و البطلان النسبي .

ــ مفهوم الانعدام :
الانعدام هو عيب خطير يصيب القرار الذي يشوبه في كيانه ووجوده و يلفه من جميع جوانبه حتى انه يطغى عليه و يمتد إلى أركانه الأساسية و الجوهرية فيولد ميتا و هو بذلك بطلان مطبق لا يبرأ منه القرار المعدوم و لا يشفى بحال من الأحوال فالانعدام يحط القرار في الدرك الأسفل من البطلان فلا تنفعه و سيله و لا يجدي معه علاج .

و الاجتهاد و الفقه متفقان على أنه يكفي إنكار الحكم المعدوم عن التمسك بما اشتمل عليه من قضاء و جواز التمسك بانعدام الحكم بدعوى مبتدأه إذ إن الانعدام لا يصحح بالحضور أو بالتكلم في الموضوع أو التمسك بحجية الشيء المحكوم به و هو لا يصحح مهما طال عليه الزمن كما انه يثبت متى فقد الإجراء ركنا أساسيا من أركان انعقاده لا صحته و هو بغير حاجة إلى نص يقرره و بغير حاجة إلى إثبات ضرر المتمسك به .
ــ يراجع ــ
(( الدكتور احمد أبو الوفا ــ نظرية الدفوع في قانون المرافعات صفحة / 11/ و صفحة /508الى 513))
(( مقال المرحوم القاضي نصرت ملا حيدر ــ مجلة المحامون لعام /1970 صــ/ 483/ ))
(( مقالي المحامي الأستاذ محمد بشير الجزائلي ــ المحامون لعام 1993صــ/658/ و كذلك المحامون لعام /1994/ صـ/829/))
(( مقال المحامي الأستاذ أنور حمادة ــ المحامون لعام /1999/صــ/17/ ))
(( مقال المرحوم المحامي الأستاذ إبراهيم التريسي ــ المحامون لعام 1994صـ/1101/ ))
والفقه يضرب أمثلة عديدة على الأحكام المعدومة نورد جلها :
(1) الحكم الذي لا يوقع عليه رئيس الهيئة التي أصدرته و لا كاتبها .
(2) الحكم الصادر عن محكمة غير مشكلة تشكيلا صحيحا . و يتفرع عن هذه الحالة ـ حالة صدور الحكم عن هيئة مؤلفة من قاضيين بدلا من ثلاثة ــ و ــ حالة مشاركة قاض سبق له الحكم في القضية أو انه اتخذ فيها إجراء يشف عن رأيه فيها ــ و ــ وحالة صدور الحكم عن قاض زالت عنه ولاية القضاء .
(3) صدور الحكم على طرف لم تتم دعوته إلى المحاكمة و لم تبلغ إليه صحيفتها .
(4) الحكم الصادر بمواجهة شخص ميت قبل رفع الدعوى عليه
(5) الحكم الذي لا يشتمل على مسودة له .
(6) الحكم الذي يخلو من عبارة صدوره باسم الشعب العربي في سورية .
(7) الحكم الصادر عن أحد القضاة في نزاع كان فيه مدعيا أو مدعى عليه .
(8) ــ الحكم الصادر بتثبيت الزواج بين المحارم .
(9) الحكم الصادر بتثبيت الزواج بين شخصين من جنس واحد .
(10) الحكم الذي يصدر شفاهة .
(11) الحكم الصادر بالربا الفاحش أو الدعارة .
(12) الحكم الصادر عن جهة قضائية في موضوع خارج عن ولايتها .
(13) جهالة تاريخ صدور الحكم و كيفية صدوره .
(14) عدم توقيع القاضي على مسودة الحكم .
إذ لا يتصور أن يكون هناك ثمة حكم في مثل هذه الأحوال . والاجتهاد مستقر على أن :
[الباطل و المعدوم و الوكالة بعد الوفاة ـــ نقض ــــ هيئة عامة ـــ أساس / 797/ قرار / 280/ عام 2001 ـ مجلة القانون لعام 2001 ــ رقم متسلسل / 20/ صــ/ 130/
ـ للتفريق بين الحكم المعدوم و الحكم الباطل لا بد أولا من التعريف بالحكم الصحيح و الذي استقرت أحكام الفقه و الاجتهاد على أن : الحكم السليم إنما هو القرار الصادر عن محكمة مشكلة تشكيلا صحيحا في خصومة رفعت فيها الدعوى وفق قواعد المرافعات ، سواء كان صادرا في موضوع الخصومة أو في شق منه ، أو في مسالة متفرعة عنه . و لمعرفة متى يكون الحكم باطلا و متى يكون معدوما لا بد من الإشارة إلى أن التفريق بين هذين الحكمين ليس من هنات الأمور بل إنها تدق في كثير من الأحيان ، و من هنا احتدم الجدل و الخلاف بصدده في ساحات المحاكم و كتب الفقهاء و لكن يمكن القول على أنه كلما كان العيب الذي شاب الحكم معدما لركن من أركانه الجوهرية فنحن أمام حكم معدوم لا باطل .

لذلك فإن الهيئة قررت إقرار المبادئ التالية :

أ ــ إذا كان عيب الخصومة قائما قبل رفع الدعوى كالوفاة أو فقدان الأهلية أو نقصها فالحكم الصادر تبعا لذلك يكون معدوما .
ب ــ إذا كان هذا العيب قد حصل خلال سير الدعوى و سكت عنه الأطراف و لم يظهر للمحكمة كان الحكم باطلا .
ج ــ إذا استمر الوكيل في الحضور نيابة عن موكله في الدعوى دون أن يعلم بوفاة موكله ، اعتبرت الوكالة قائمة و انصرف كل التصرف حقا أو التزاما إلى ورثة الموكل لا بموجب وكالة ظاهرة و إنما بموجب وكالة حقيقية .
د ــ إن الخلل في الإجراءات بسبب الوفاة أثناء سير الدعوى يشكل بطلانا نسبيا لا يستفيد منه إلا الأشخاص الذين شرع لمصلحتهم ، و لا تقضي به المحكمة من تلقاء ذاتها ، و لا يقع بقوة القانون و إنما يجب أن يتمسك به الخصم ، و هو صاحب المصلحة كما يجوز أن يتنازل عنه صراحة أو ضمنا .
هـ ــ إذا سكت الورثة عن استعمال حقهم في البطلان النسبي للحكم بسبب وفاة مورثهم خلال سير الدعوى ، و اكتسب القرار الصادر بحق مورثهم الدرجة القطعية صار للحكم حجية الأمر المقضي به حتى لو كان مشوبا بعيب في الشكل أو في الموضوع ، أو اشتمل على خطأ في تطبيق القانون و لو كان مخالفا لنظام العام ]
(( نقض ــــ هيئة عامة ـــ أساس / 797/ قرار / 280/ عام 2001 ـ مجلة القانون لعام 2001 ــ رقم متسلسل / 20/ صــ/ 130/ ))

[ يجب أن يشمل قرار الحكم على مسودة القرار و هي جزئ من متمماته ـ و الحكم الذي لا يشمل على مسودة له يعتبر بحكم المعدوم و عليه استقر الاجتهاد] .
( القاعدة /446/ المحامون العددان /7ــ8/ لعام 993 ــ نقض سوري : أساس /3578/لعام 992 قرار /84/ لعام 992 تاريخ ـــا 4/2/ 1992)
[ الانعدام لا يصحح بالحضور أو بالتكلم بالموضوع ، و يثبت متى فقد الإجراء ركنا أساسيا من أركان انعقاده لا صحته , و بغير حاجة إلى نص يقرره , و بغير حاجة إلى إثبات ضرر أصاب المتمسك به ] .
( هيئة عامة أساس/3/ قرار/ 34/ تا ــا 7/10/992 المحامون العددان /1ـ3/ صـ/797/)
[ ـ الحكم الذي لا يوقع عليه رئيس الهيئة التي أصدرته و لا كاتبها و الحكم الصادر عن هيئة مكونة من قاضيين بدلا من ثلاثة ، أو الصادر على شخص متوفى قبل رفع الدعوى عليه ، و الحكم الصادر من شخص زالت عنه ولاية القضاء ــ يكون معدوما ]
(( هيئة عامة : أساس / / قرار/ 73/ تا / / 10/992)) .
[ و من حيث إنه إذا كان القانون قد حجب عن قاضي النيابة الاشتراك في الحكم في الدعوى , فان صدور الحكم عنه رغم ذلك يجعل الحكم معدوما لأنه صدر عن قاض لا ولاية له ] .
(( نقض مدني ــ رقم /1921/ تــــــــا /3/12/ 1981 ــ المحامون لعام 1982 ــ صــ/275/ ))
[ يتبين من مراجعة ملف الدعوى انه لا ينطوي على أكثر من مسودة لحكم يشار إلى أنه صدر في /31/7/ 1974 و هي مسودة غير موقعة من القاضي . وحيث أن عدم توقيع الحكم من القاضي مصدره يفقده ركنه الأساسي و يرتب انعدامه ] .
(( نقض عقاري رقم /25/ تا30/1/1975 المحامون صـ/148/ ))
[ــ إقامة الدعوى على ميت معدومة : انه من المعروف انه إذا توفي المدعى عليه قبل تقديم الدعوى فان الدعوى تعتبر قد أقيمت على ميت و تعتبر عندئذ معدومة .
ــ الانعدام لا تلحقه الإجازة : و بما أن الانعدام لا تلحقه الإجازة لأن الإجراءات الجارية هي و العدم سواء و لا تصححها التصرفات التي يقوم بها الورثة …………… و بما أن هذا من متعلقات النظام العام و من حق المحكمة و في كافة المراحل إثارة ذلك من تلقاء نفسها ……لذلك تقرر نقض الحكم ]
(( نقض سوري : أساس / 430/ قرار / 259/ تـــــــــا /2/3/1997م مجلة المحامون لعام 1998صـ/883/ ))

و خلاصة القول :
إن الحكم المعدوم هو ذلك الحكم الباطل الذي افتقد ركنه الأساسي ، أو فقد سببا جوهريا من أسباب تكونه و وجوده ، و بذلك فهو لم يتكون ولم يوجد فهو و العدم سواء . وهو وإن وجد من حيث الشكل المادي له فإنه غير موجود من حيث الأثر القانوني .
و بعبارة أدق : إن الوجود المادي للقرار المعدوم لا يعني بحال من الأحوال وجوده من الناحية القانونية لأنه عدم ، و العدم يفيد عدم الوجود.
أما القاعدة القانونية التي يجب اعتمادها لتقرير انعدام الحكم فهي :
ــ يعتبر الحكم معدوما إذا فقد ركنا من أركانه الأساسية , و حتى تتوافر في الحكم أركانه الأساسية يتعين أن يكون صادرا عن الجهة القضائية المختصة ، و ممن يملك ولاية إصداره ، و من محكمة مشكلة تشكيلا صحيحا في خصومة صحيحة قائمة بين طرفين تتوافر فيهما أهلية التقاضي ، و يتعين أن يكون الحكم مكتوبا ، و أن تتضمن هذه الكتابة بياناته الأساسية التي بينها الفقه و التي أشرنا إليها آنفا .
مفهوم البطلان :
البطلان نسبي و مطلق و منه ما يشوب الإجراءات و منه ما يشوب الأحكام على تفصيل :
ــ البطلان النسبي :
يكون البطلان نسبيا عند مخالفة قاعدة قانونية أريد منها حماية مصلحة خاصة لأحد أطراف الدعوى ، و هذا لا يجوز إثارته إلا من قبل طرف الخصومة الذي شرع الإجراء لحمايته و لمصلحته ، و هو مقيد بشروط و مواعيد لا بد من مراعاتها و التقيد بها تحت طائلة اعتباره صحيحا و يصح التنازل عنه من قبل من شرع لمصلحته .
ــ البطلان المطلق :
و يكون البطلان مطلقا عند مخالفة قاعدة قانونية قصد من تشريعها حماية مصلحة عامة مرتبطة بالنظام العام ، و بالتالي فان إثارته هي من حق أي طرف في الدعوى كما أن للمحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها و بدون طلب و يكون ذلك في أي مرحلة تكون عليها الدعوى .

ــ الحكم الباطل :
هو : ذاك الحكم الذي شابه عيب من عيوب البطلان التي تفسده و تورثه البطلان ، أخذا بالقاعدة القائلة : إن ما بني على الباطل فهو باطل. و الفقه و الاجتهاد متفقان على أن الحكم الباطل هو حكم صحيح من جهة الشكل إلا انه مبني على إجراء باطل يمكن رده إلى اعتبارات شكليه و أخرى موضوعية .
و إن التمسك ببطلان الحكم لا يتم إلا عن طريق سلوك إحدى طرق الطعن المقررة قانونا شريطة أن يقدم الطعن في الميعاد القانوني جامعا لشرائطه الشكلية و الموضوعية .
وإن تفويت طريق الطعن يمحي كافة الأخطاء و العيوب التي ألمت بالقرار ، و يسدل الستار عليها بشكل نهائي و بات ، و ذلك أيا كانت هذه العيوب و أيا كان و صفها و سواء تعلقت بالنظام العام أم لم تتعلق ، و لا يمكن التمسك بالبطلان إلا وفق ما ذكر أعلاه باعتبار أن دعوى الإبطال لا أصل لها في التشريع السوري . و إن الحكم بالبطلان أمر واجب عند تحقق إحدى حالتين هما :

(1) إذا نص القانون صراحة على البطلان ، و لم تتحقق الغاية من الإجراء . و أمثلة ذلك كثيرة في قانون أصول المحاكمات .
(2) إذا شاب الإجراء عيب لم تتحقق بسببه الغاية التي من أجلها شرع هذا الإجراء .
و ذلك كما هو مستفاد من نص المادة /39/ من قانون أصول المحاكمات السوري بعد التعديل .
و قد استقر الاجتهاد على أن :
[إذا توفي الخصم أو فقد أهليته أثناء نظر الدعوى و صدر حكم عليه دون أن يمثل في الخصومة من يقوم مقامه , و دون أن يعلن بقيام هذه الخصومة ، فإن الحكم يعد باطلا لا معدوما و البطلان المتقدم مقرر فقط لمصلحة من شرع انقطاع الخصومة لحمايته ، و هم ورثة المتوفى أو من قام مقام من فقد أهلية الخصومة أو من زالت صفته .

ــ يرتب على البطلان إلغاء كافة الآثار القانونية للحكم الباطل ] .
(( قرار/10/ أساس /916/ تا/27/1/1993ــ المحامون العددان ــ 11ــ12 لعام 1993 صـ\1179\ ))

نتيجــــة:
و عليه نستطيع أن نقرر بأن : ليس كل بطلان في إجراءات التقاضي ينحدر بالقرار إلى درجة الانعدام إذ قد يعتور القرار شئ من البطلان دون أن يؤثر على كيانه و آثاره و مفاعيله القانونية .
باعتبار ــ و كما سبق و أن أسلفنا ــ أن الانعدام في جوهره يمثل إمعانا بينا و استهتارا فاضحا في الخروج على حكم القانون ، و بالتالي فان الحكم و الحال ما ذكر يعتبر غير موجود لأنه ولد ميتا ، و من كان كذلك فلا حماية له و لا يسبغ عليه القانون صفة الإبرام باعتباره يشكل سلوكا متدنيا بعيدا كل البعد عن سلوك القاضي العادي ، و يمثل عملا قانونيا ينطوي على عيب يتصل بعدم المشروعية ، و هو بذلك يشكل حالة ثالثة لا تأتلف مع مفهوم الحكم الباطل و تجافي كل الجفاء مفهوم الحكم الصحيح و السليم .
و بهذا المعنى فانه لا يترتب أي اثر قانوني على الحكم المعدوم الذي لا يصحح بالحضور و لا ينقشع عنه الإنعدام بالرد عليه ، أو مناقشته ، أو ممارسة أي عمل ، أو أي إجراء من شأنه تصحيحه ، و يكفي التمسك بعدم وجوده حتى لا يكون له أثر و هو لا يصحح مهما طال عليه الزمن .
لذلك فإنه يجوز التمسك بالانعدام في أية مرحلة و أمام أي جهة قضائية كانت أم غير قضائية ، كما يجوز ذلك أمام دائرة التنفيذ التي تملك الحق الكامل في أن تمتنع عن تنفيذ الحكم المعدوم تلقائيا ، و لها أن تثير الانعدام من تلقاء نفسها وبدون طلب بسبب أن العيب الذي شاب الحكم المعدوم هو عيب غليظ شمل القرار برمته وامتد إلى كيانه فأزاله .
و لا شك أن الفرق شاسع و كبير بين بطلان الحكم و انعدامه .

لجهة الحكم موضوع النقاش :

(أ) ــ بالعودة إلى المقال مدار التعليق يتبين لنا بان الزميل الموقر كاتب المقال قال و بالحرف الواحد ( … و أثناء الجلسات ورد تبليغ أحد المدعى عليهم بشرح انه متوفى منذ عدة سنوات … )
كما أنه قد أكد في مكان آخر منه على أن :
( … و أثناء الجلسات ابرز وكيل المعترض مذكرة خطية أشار فيها على أن دعوى إزالة الشيوع قد أقيمت على أحد المالكين و هو ميت و أن قيام المحكمة بدعوة ورثته ، و إدخالهم بالدعوى لا تلحقه الإجازة ….. ) انتهى النص :
نستخلص من ذلك :
(1) ــ إن الدعوى الأصلية موضوع اعتراض الغير و النقاش ، أقيمت على شخص ميت ابتداء و بالتالي . فان القرار الصادر فيها مشوب بالانعدام و ليس البطلان . طبقا لما سبق بيانه من القواعد القانونية المستقرة .
(2) ــ إن المحكمة الناظرة بدعوى اعتراض الغير. هي ذاتها المحكمة المختصة بإعلان انعدام القرار الصادر عنها موضوع الاعتراض ، باعتبار أن كلا الدعويين تقدمان إلى المحكمة التي صدر عنها القرار (( سواء المعترض عليه . أو المطلوب إعلان انعدامه )) و هذا مستفاد مما قرره الزميل في مقاله مدار البحث ((من أن الحكم المعترض عليه قد اكتسب الدرجة القطعية و أصبح مبرما ))
و مفاد ذلك أن طرق الطعن بالقرار المعدوم قد انغلقت و لا سبيل يمكن سلوكه لإعلان انعدام القرار إلا : التقديم بدعوى مبتدئة إلى ذات المحكمة التي صدر عنها القرار المطلوب إعلان انعدامه .
و عليه وبعد أن ثبت لنا بأن الحكم مدار النقاش هو حكم معدوم فإنه و من نافلة القول أن نقرر :
بأن هذا الحكم لا أثر له و لا وجود من الناحية القانونية وأنه يكفي مجرد إنكاره و التمسك بانعدامه لإهداره ، و أن من حق المحكمة ــ و من بعدها دائرة التنفيذ ــ و حتى بدون طلب ــ أن تثير هذا الأمر و أن تتمسك به من تلقاء نفسها لتعلق ذلك بالنظام العام . و هنا يدور السؤال :
إذا كان من حق رئيس التنفيذ ( و هو لا يعتبر من قضاة الحكم ) الامتناع عن تنفيذ القرار بسبب انعدامه . و أن حقه في ذلك لا يتوقف على طلب الخصوم .
فما هو المانع من أن تعلن المحكمة الناظرة بدعوى اعتراض الغير أن القرار المعترض عليه أمامها هو قرار معدوم و ليس له أي حجية , أو أثر قانوني يذكر. ؟
مع الأخذ بعين الاعتبار بأن هذه المحكمة هي محكمة موضوع , و لها أن تبحث بكافة الأدلة و المستندات و الحجج المطروحة عليها , و أن تقول كلمتها فيها .
إن هذا الحق ليس قاصرا على المحكمة الناظرة بطلب إعلان انعدام القرار و إنما هو حق لكل محكمة تكون ناظرة بأي دعوى تتعلق بهذا القرار أو تتفرع عنه أو تكون الدعوى المنظورة أمامها مستنده إليه كدليل إثبات . أو قرينة على الحق محل النزاع ،اذ لكل هذه المحاكم أن تنكر القرار المعدوم , و أن تهدره لاعتلاله في ركن جوهري و أساسي من أركانه .أفقده وجوده و أثره القانوني فولد ميتا .
الأمر الذي يعطي للمحكمة الناظرة بدعوى اعتراض الغير . المنصب على قرار معدوم ، الحق بإعلان انعدام هذا القرار ، سواء كان ذلك بناء على طلب أحد الخصوم ، أو كان بدون طلب و أيا كان الحال فإن للمحكمة أن تثير الانعدام من تلقاء نفسها .
خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الحكم المعدوم غير موجود أصلا ، و بالتالي فإن مثله لا يمكن الطعن فيه بطريق اعتراض الغير ، بحسبان أن الطعن في مثل هذه الحالة يكون واقعا على العدم ، فضلا عن أن مثل هذا الطريق من طرق الطعن مقرر ضد الأحكام التي لها وجود و أثر قانوني ، و هي تلك التي تصدر إما صحيحة و سليمة ، أو تلك التي يكون قد شابها شيء من البطلان ــ مطلقا كان أم نسبيا ــ . (( فقط البطلان المطلق ))
و عليه فإن هذا الحق يبقى ثابتا لهذه المحكمة ، وذلك أيا كان نوع أو وصف أو تكييف الدعوى المنظورة أمامها ، طالما أن الحكم المعدوم يشكل المحور الرئيسي فيها. هذا من جهة .
و من جهة ثانية : فإنه و لئن كان وصف الدعوى ، و تكييفها و طريقة عرضها ، و بسط أدلتها ، و أسانيدها ، هو من عمل المدعي الذي قد يخطئ أو يتعثر في ذلك .
فإنه من واجب المحكمة أن تصحح وصف المدعي لدعواه ، وعليها أن لا تأخذ بالوصف و التكييف الخاطئ الوارد في استدعاء الدعوى ، و هذا ما استقر عليه الاجتهاد لدى محكمة النقض حيث قضت
[ لئن كان من حق المدعي تكييف الدعوى التي قدمها , فان للمحكمة إذا وجدت أن المدعي أخطأ أو تعثر في دعواه , إضفاء التكييف القانوني الصحيح على واقعة النزاع الذي تستخلصه من أقوال و دفوع الطرفين ، و من الأدلة و البينات التي يتقدم بها كل منهما إليها , كما لو أخطأ المدعي و وصف دعواه بأنها حيازة , و هي في حقيقتها تسليم مبيع , أو كانت الدعوى إيجارية و وصفها بأنها دعوى حيازة …. و على هذا الأساس يتعين طرق الطعن ]
(( نقض مدني رقم / 733/ لعام 1995 المحامون لعام 1995 صــ/500/ ))
[ القرار الصادر بتصديق عقد الصلح قرارا ولائيا , و ليس قضائيا , و لا يقبل اعتراض الغير , إلا أنه يحق للمدعي باعتراض الغير أن يوسع طلباته و يطلب القضاء له بإبطال الصلح موضوعيا و على المحكمة أن تفصل في طلبه ]
(قا/ 1740/ تقنين أصول المحاكمات السوري )
و بالتالي فإن خطأ المدعي في توصيف دعواه و تسميتها باعتراض الغير لا يغير بالأمر شيئا طالما أن المحكمة المختصة بنظر الدعوى الاعتراضية ، هي ذاتها المحكمة المختصة بإعلان انعدام القرار المعترض عليه .
و هذا محقق في حالة الدعوى موضوع البحث بسبب انغلاق طرق الطعن الأصلية المقررة للطعن بالقرار الصادر فيها و صيرورته مبرما . (من حيث الوصف و ليس الأثر )
وهو محقق أيضا في حالة أي قرار يقبل الطعن بطريق اعتراض الغير. سواء انغلقت طرق الطعن المقررة له , أم لم تنغلق . طالما أن الطعن بطريق اعتراض الغير مقدم وفق الأوضاع المقررة قانونا و من شخص خارج عن الخصومة الأصلية و غريب عنها و هو غير ممثل في الدعوى
بحسبان أن طريق اعتراض الغير بحد ذاته يمثل حالة تدخل متأخرة في الدعوى . تعطي لصاحبها الحق في إتباع خطة الهجوم التي يراها مناسبة , وصولا إلى تعديل الحكم المعترض عليه, أو محوه , و إلغاء كافة آثاره .
(ب ) ـ إن الطلب العارض هو في حقيقته ادعاء جديد يلزم طرحه وفق الأصول المقرة في المادة /157/ أصول مدنية. و قد أجاز المشرع أن تبدى أثناء نظر الخصومة القائمة طلبات عارضة تتناول بالتغير زيادة أو نقصانا أو إضافة للدعوى من حيث الموضوع أو السبب أو الأطراف على أن تكون هذه الطلبات متصلة أو مرتبطة بالطلب الأصلي .
(( تقنين أصول المحاكمات ـ طعمة و استانبولي صـ/ 44/ ))
و قد قصد المشرع من جواز تقديم الطلبات العارضة ألا يحرم المدعي من فرصة تصحيح دعواه بما يتفق مع الوضع القانوني الذي تمر فيه الدعوى و ذلك وفق أصول محددة في المادة /158/ أصول مدنية .
وقصد المشرع من تقرير ذلك هو الحيلولة دون تكرار الدعاوى بنفس الموضوع و من نفس الخصوم . بأن ثبت للمدعي الحق في أن يعدل سبب دعواه أو يستبدله أو يضيف إليه سببا آخر أثناء الخصومة القائمة .
و إذا كان أطراف الدعوى لا يملكون طلب انعدام القرار إلا بموجب دعوى مبتدئة تقدم إلى المحكمة التي أصدرت القرار المعدوم . شرط انغلاق طرق الطعن المقررة للطعن بالقرار المعدوم .
فان دعوى اعتراض الغير تكون هي الدعوى الصالحة لإعلان انعدام القرار المعدوم باعتبارها مقدمة من شخص خارج عن الخصومة و غريب عنها و لا يملك سوى سلوك هذا الطريق لمحي القرار المعترض عليه و إعدامه . و كما نرى فانه لا يوجد أي مانع قانوني يمنع المدعي باعتراض الغير من تعديل موضوع دعواه طالما إن هذا التعديل يدخل في الاختصاص النوعي للمحكمة الناظرة بالدعوى من جهة و إن هذا التغيير قد جاء متفقا مع ما آلت إليه العلاقة التي تستند إليها الدعوى .
(جـ) ــ يكون الطلب المقدم إلى المحكمة جديدا و فق المفهوم المحدد في المادة /238/ أصول إذا تجاوز في مقداره حدود الطلب الأصلي و هو ذاك الطلب الجائز رفعه بدعوى مبتدأة دون أن يكون من الجائز الدفع بحجية الشيء المحكوم فيه بالحكم في الطلب الأصلي .
و قد أجاز المشرع للخصوم أمام محكمة الاستئناف و مع بقاء الطلب الأصلي على حاله تغيير سببه و الإضافة إليه دون أن يعد ذلك منهم طلبا جديدا .
والاجتهاد مستقر على انه : [ …. الطلب الجديد الذي لا يجوز قبوله لأول مرة أمام محكمة الدرجة الثانية هو الذي يكون من شانه إدخال تغيير على موضوع النزاع أو يهدف إلى تغيير في صفة الخصوم …..] ( قا/1610/ تقنين أصول المحاكمات )
[ لئن كان ليس للخصوم تقديم طلبات جديدة أمام محكمة الاستئناف إلا أن لهم تقديم أدلة و أوجه دفاع جديدة , لأن الاستئناف يعتبر امتدادا للخصومة . و تتميز وسائل الدفاع عن الطلبات الجديدة بأنها لا تغير موضوع النزاع و لا صفة الخصوم , و إنما تتناول إيراد حجج أو مستندات جديدة لتأييد المزاعم و الدفوع أو دحضها ]
و قد جاء في حيثيات القرار المذكور : [ ……………….. بحسبان أن من وسائل الدفاع الجديدة إيراد وقائع أو أدلة جديدة لتأييد وجهة نظر أحد الخصوم أو لتفسير العقد موضوع النزاع بالمعنى الذي في مصلحته , أو التمسك بوجه من أوجه البطلان …………. ] ( قا / 1822/ المرجع السابق )
و بعد أن أوضحنا مفهوم الطلب الجديد . فإنه لابأس من القول بأنني أميل إلى القول بأن تقديم دفع أمام المحكمة الناظرة بدعوى اعتراض الغير , يتضمن طلب إعلان انعدام القرار المعترض عليه , لا يعتبر من الطلبات الجديدة التي من غير الجائز تقديمها إلى محكمة الدرجة الثانية وذلك للأسباب الآتية :
(1) ــ انه لا يشترط دائما أن تكون المحكمة الناظرة بدعوى اعتراض الغير, هي من محاكم الدرجة الثانية حصرا . إذ قد تكون وفي كثير من الأحيان من محاكم الدرجة الأولى .
(2) ــ إن المحكمة المختصة بنظر دعوى اعتراض الغير تعتبر بمقام محكمة الدرجة الأولى , حتى و لو كانت من محاكم الدرجة الثانية . بحسبان انه لا طريق أمام الغير يمكن له سلوكه لابطال القرار المعترض عليه , كله أو في جزء منه . إلا تقديم هذه الدعوى إلى هذه المحكمة , وذلك أيا كانت درجتها .و بالتالي فانه يجوز إبداء كافة الدفوع و الطلبات أمامها. وذلك أيا كان نوع هذه الدفوع و الطلبات طالما أن الهدف منها هو محو و إلغاء القرار محل الاعتراض كله أو في جزء منه. مس في مصلحة المعترض .
(3) ــ إن طلب إعلان الانعدام لا يغير بصفة الخصوم ولا بموضوع النزاع . و من الجائز الدفع بعدم حجية القرار المعدوم , بل و إنكاره , و التمسك بانعدامه, في كل زمان و مكان . و بالتالي لا يمكن اعتباره من الطلبات الجديدة بأي حال من الأحوال .
و خاتمة القول سؤال : ألا يعتبر الدفع بانعدام القرار المعترض عليه و طلب إعدامه. خيرا من تكليف المعترض لتقديم دعوى جديدة بطلب إعلان الانعدام . و بالتالي إرهاق المحاكم و الخصوم بدعوى جديدة . بهدف إبطال قرار يكفي مجرد إنكاره و التمسك بانعدامه لاعتباره غير موجود أصلا ..؟ .
(د) ــ إن اجتهاد الهيئة العامة لمحكمة النقض السورية رقم /36/ق/1س تا /19/4/1994م المشار إليه في متن المقال محل التعليق . يفيد بأنه لا يمكن اتخاذ دعوى مخاصمة القضاة وسيلة لإعلان انعدام القرار المطلوب إبطاله بطريق المخاصمة .
بحسبان أن الانعدام يكون موضوع دعوى مبتدأة تقدم إلى المحكمة التي أصدرت القرار المعدوم حصرا و ليس لأي محكمة أخرى أيا كانت درجتها أو تسميتها . و في حال وقعت هذه المحكمة بالخطأ المهني الجسيم أو تحققت لديها إحدى الحالات المنصوص عنها في المادة /486/ أصول مدنية . أمكن مخاصمتها , و طلب إبطال قرارها مع التعويض و إلا . فلا . و فوق كل ذي علم عليم , و الله من وراء القصد .
ــــــــــــــا 20/8/ 2004 م
المحامي
أمير إبراهيم تريسي
فرع إدلب