مراجعة الأحكام بغير طرق الطعن

مقدمة

ان القاضي عندما يصدر حكمه فأنه يخلع عباءته ويغادر المنصه دونما رجعه اليها في خصوص الدعوى التي اصدر فيها حكمه وهو ما يسمى قانونا باستنفاذ الولايه أي انه لم يعد قادرا على تصحيح ما شاب حكمه منخطأ وتترك هذه المهمه للمحكمة الاعلى درجه لتصحيح ما شاب هذا الحكم من خطأ فاستنفاذ الولاية يلازمه مسأله جوهريه هي عدم المساس بالحكم وينحصر نطاقه داخل اجراءات الخصومه التي صدر فيها الحكم ولا يسري الا في مواحهة المحكمة

التي باشرت سلطتها فيخصوص المسأله التي حكمت فيها والقاضي بشر لا يسلم من الخطأ فماذا يكون الحل في ذلكوقد استنفذ ولايته فالخطأ في الحكم لا يهدد العدل فقط وانما يهدد ايضا حالة النظاموالاستقرار القانوني فلا يقوم العدل الا اذا توافرت الثقه في الاحكام  ولذلك فقدوضع المشرع استثناءا خاصا في قانون المرافعات هو مبدأ مراجعة
الاحكام .

فالطعن في الاحكام قاعده يقررها القانون للمحكمة الاعلى درجه الا انه وضع طريقين
يعود بهما القاضي الذي اصدر الحكم لمعاودة نظر الطعن والفصل فيه وهو خروجعلى المبدأ العام لاستنفاذ ولايته وتتمثل هذه الحالات في القانون المصري فيالمعارضه والتماس اعادة النظر واقرار هذا الاستثناء تكمن في ان المسأله التي طرحتعلى القاضي وفصل فيها لم تطرح عليه بابعادها وجوانبها المختلفه وذلك لغياب بعض اطرافها او وجود غش او تزوير ( الماده 241 مرافعات ) وهو مبدأ استثنائي في القانونالمصري الذي يعطي هذا الحق للمحاكم الاعلى درجه وهي الاستئناف والنقض والتي تقوماساسا على تجريح الحكم وتبيان الاخطاء التي وقع بها.

اما النظام الثاني فهومراجهة الاحكام بغير الطعن فيها وهو نظام خاص لايعمل به الا
في الحدود التي حددهاالقانون على سبيل الحصر ووفقا للقواعد التي وضعها وضمنها في المواد 191-192-193 منقانون المرافعات ويتحدد نطاق اعمال هذه المواد في ثلاث حالات
.

والجديربالذكر ان تلك الحالات كما تتوافر للاحكام القضائية فانها كذلك تتوافر للاوامربانواعها المختلفه بل وكل مايصدر عن القاضى ويعد من قبيل الاعمال القضائيه وليستالاداريه وتلك الحالات الثلاث نبينها على النحو الاتى:

حالات المراجعه ونظامها القانوني

*-*-*-*-*

1) الخطأ المادي ( تصحيح الاحكام ) الماده 191 مرافعات

2 ) غموض المنطوق وابهامه ( تفسير الاحكام ) الماده 192مرافعات

3) اغفال الفصل في بعض الطلبات 
اكمال الحكم ) الماده 193 مرافعاتهذه هي الحالات التي نص عليها
القانون لمراجعة الاحكام وفيما يلي بيان لكلحاله
وشروط وقواعد تطبيقهاالحاله الاولىالخطأالمادي ( تصحيح الاحكام
)
*-*-*-*-*

نصت مادة 191 من قانونالمرافعات على ان ( تتولى المحكمة تصحيح ما يقع فى حكمها من
أخطاء مادية بحتهكتابية أو حسابية وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم منغير مرافعة و يجرى كاتب المحكمة هذا التصحيح على نسخة الحكم الأصلية و يوقعه هوورئيس الجلسة ويجوز الطعن فى القرار الصادر بالتصحيح اذا تجاوزت المحكمة فيه حقهاالمنصوص عليه فى الفقرة السابقة وذلك بطرق الطعن الجائزة فى الحكم موضوع التصحيحأما القرارالذى يصدر برفض التصحيح فلا يجوز الطعن فيه على
استقلال )

وفقالنص الماده 191 من قانون المرافعات فأنه لاتقوم حالة تصحيح
الحكم الا اذا توافرشرطان هما:

الشرط الاول : الخطأ المادي البحت ( الكتابي او الحسابي )

الشرط الثانى : ان يوجد الخطأ في الحكم نفسها ولا : الخطأ المادى البحت الكتابى أو
الحسابىوهذا الخطأ قد يكون حسابيا وقد يكونكتابيا على النحو الأتى

1- بالنسبة للخطأ الحسابي :

وهو الخطأ في إجراءعمليه حسابيه يقوم بها القاضي في مسببات حكمه او منطوقه
كالخطأ في الجمع مثلا عندحساب المبالغ المستحقة للدائن او في الطرح عند خصم المبالغ أو الأقساط التي سددهاالمدين من مبلغ المديونية الاصليه او في الضرب عند حساب الفوائد المستحقة او عندالقسمه في إجراء عملية تحويل العمله

2- بالنسبه للخطأ الكتابي :

وهو كل اخطاء القلم كالسهو ونسيان ذكر بعض البيانات او الخطأ في ذكرها ومن امثلتها الخطأفي ذكر الارقام كرقم العقار مثلا او الخطأ في رقم الدعوى او الخطأ في اسماء الخصوم او الخطأ في تاريخ اصدار الحكم او بيان الماده التى صدر فيها الحكم اذا كانت مدنيهاو مستعجله او تجاريه وقد يكون الخطأ في وصف الحكم غيابي او حضور يوقد يؤديالخطأ المادي في الحكم سواء كان حسابيا او كتابيا الي اختلاف واضح ما بين الاسباب والمنطوق فتؤدي الاسباب الي قرار مختلف عما ظهر في المنطوق فتتهدم اركان الحكم مما يؤدي الي انعدامه والوسيله في هذه الحاله الطعن بالطريق الذي رسمه القانون توصلاالي
الغاؤه .

وقد يكون التناقض الموجود بالحكم تناقضا ظاهريا لا ينعدم اويبطل بسببه الحكم ومن ثم لا يصلح لان يكون سببا للطعن فيه توصلا الي الغائه اوبطلاته وتظهر هنا الحاجه الي تصحيح الحكم بغير الطعن فيه الامر الذي تدخل معهالمشرع لعلاج هذه الحالات فنص على تصحيحها بغير الطعن فيها وفقا للماده 191 مرافعات
.

ومثال ذلك ان يذكر الحكم في أسبابه أحقية المدع في مبلغ معين من المالويسبب حكمه على هذا الأساس ثم يذكر أحقيته في مبلغ مخالف في المنطوق فهذا الخطأ لايبطل الحكم حيث انه لا يخرج عن كونه خطأ كتابي من اغلاط القلم لايؤدي الي بطلان الحكم او انعدامه .

وحيث انه قد تثور بعض الأسئلة في هذا الموضع وهي:

ماذا يحدث لو كان الخطأ مثلا كتابيا ولكنه وقع في اسماء الخصوم او صفاتهم او اسماء القضاه الذين اصدروا الحكم ؟وللاجابهعلى هذا التساؤل يجب التفرقه بين هذه الاخطاء فهل الخطأ في اسماء الخصوم من الجسامه بحيث يؤدي الي التجهيل بالخصومه ام لا ؟فاذا كان الخطأ جسيما بحيثجهل بالخصم او ادى الي الالتباس في شخصيته وحقيقة اتصاله بالدعوى هنا لايمكن اعتمادمبدأ التصحيح وفق الماده 191 وانما يكون بالطعن عليه بالطريق الذي رسمه القانون ذلكان هذا الخطأ يؤدي الي بطلان الحكم وفق نص الماده 178/3 مرافعات
.

وهوالحال كذلك فيما اذا كا ن الخطأ هو عدم ذكر اسماء القضاه الذين اصدروه فهو خطأ جسيم يبطل الحكم
.

اما اذا كان الخطأ في اسماء الخصوم او صفاتهم او في ذكر اسمالقاضي او عضو النيابه لايجهل بالخصوم او يؤدي الي التباس في شخصياتهم ولا يكون لهتأثير على سلامه اركان الحكم ففي هذه الحاله يكون الحل بالرجوع للمحكمه التي اصدرتالحكم لتصحيح ما وقعت فيه من خطأ مادي وفق نص الماده 191
.

وهناك بعضالاخطاء الماديه التي لا يمكن استعمال طريقة التصحيح معها كتلك التي رسم لهاالقانون طريق خاص ومنها خطأ المحكمة في وصف حكمها على انه ابتدائي او انتهائي علىغير الحقيقه فهذا الخطأ لايمكن استعمال مكنة التصحيح معها اذ ان القانون رسم لهاطريقا اخر للطعن عليها وهو الطعن عليه امام محكمة الاستئناف بطريق خاص يطلق عليه ( التظلم من وصف الحكم ) او ( استئناف الوصف ) وفق الماده 291مرافعات .

ثانيا: ان يكون الخطا فى الحكم نفسه

لا يكفي فقطلقيام مكنة التصحيح وجود الخطأ المادي ولكن يستلزم ان يكون الخطأ قد وقع في الحكمواستنادا الي ذلك لا يجوز اجراء التصحيح اذا كان الخطأ قد وقع من الخصوم انفسهمكالخطأ في صحف الدعاوى او المذكرات ذلك ان مكنة التصحيح ليست من المكنات المتاحه للخصوم لتصحيح ما وقعوا فيه من اخطاء .

ومع ذلك فان مكنة التصحيح تقوم اذاكان الخطأ المادي الذي ورد في الطلبات او الدفاع قد عول عليه القاضي وظهر بالتبعيهفي الحكم الذي اصدره .

ثالثا : القيام باعمال تصحيح الأحكام

طبقا لنص الماده 191 من قانون المرافعات فان من يتولى تصحيح الاخطاء الماديه سواء كانت حسابيه او كتابيه هى المحكمة التى اصدرت الحكم ومن ثم لايكون للمحضر القائم بالتنفيذ لهذا الحكم ان يتولى تصحيح ماشاب الحكم من خطا كتابى او حسابى ولا يكون كذلك لقاضى التنفيذ وهو يراقب اجراءات التنفيذ التى تتم تحت اشرافه ان يقوم بتصحيح تلك الاخطاء التى وردت بالحكم سواء فى الاسباب او المنطوق وعليهما ان ينبها الخصوم الى ولوج الطريق الذى رسمته الماده 191 من قانون المرافعات ان لم يطلب منهما الخصوم ذلك صراحة لتصحيح ما شاب الحكم من خطا كتابى او حسابى .