بلاغات السب والقذف عبر وسائل التواصل الاجتماعي: أسبابها ونتائجها ومعالجتها
من الضروري البحث عن تطبيقات جديدة وجدية للحد من البلاغات الكيدية بين الأفراد، وبخاصة بلاغات السب عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي. للأسف زادت في الآونة الأخيرة بلاغات السب والقذف عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وظهرت صعوبة في معرفة هل تلك البلاغات حقيقية أم إنها كيدية وسوف يتم التنازل عنها لاحقاً. رأينا أنه لا بد من وضع مقترحات في سبيل الحد في تلك البلاغات.

بلاغات السب والقذف عبر وسائل التواصل الاجتماعي: أسبابها ونتائجها ومعالجتها
اتصل أبو نواف على أبو شهاب وقال له: أنت معزوم على العشاء يوم الخميس في بيتنا في عجمان وسوف يكون جميع الشباب موجودين. فرد أبو شهاب: أعتذر عن الحضور بسبب ازدحام السيارات يوم الخميس كالعادة، كما أنني لا أستطيع المجيء من منطقة العين إلى إمارة عجمان ثم الرجوع ليلاً إلى العين، اعذرني. فرد عليه أبو نواف: إن لم تحضر العزيمة سوف أفتح عليك بلاغ سب عن طريق قروب الواتسآب في مركز الشرطة في عجمان وسوف تأتي العزيمة رغماً عن أنفك!

باقي القصة معروفة طبعاً، حيث سيقوم أبو نواف بفتح بلاغ صوري في مركز شرطة في عجمان أو الشارقة ويتهم فيه صديقه بسبِّه عن طريق الواتسآب، ويريهم المحادثات في قروب الواتسآب التي تبين بعض السباب الصادر من أبو شهاب والتي في الحقيقة كانت دعابة بين الأصدقاء في القروب الواحد. وبعد اتصال مركز الشرطة بأبو شهاب من أجل الحضور لتوجيه الاتهام إليه، يقوم أبو نواف بالتنازل عن شكواه ويذهب بصديقه إلى العزيمة رغماً عن أنفه، ويُغلق ملف البلاغ بالتنازل أو التعهد.

مثل هذه القصة وغيرها ما كانت لتحدث لولا الثغرات في التشريع والتي استغلها أو قد يستغلها بعض الأفراد، فلا يمكن لموظفي مركز الشرطة أو النيابة العامة معرفة الجدية في البلاغ الذي يتقدم بفتحه الشاكي ضد المشكو في حقه، كما لا يمكن معرفة جدية ألفاظ السب والقذف إن كانت حقيقية أو كان معتاداً عليها أصدقاء القروب الواحد من باب الدعابة فيما بينهم. وبالتالي لا بد من وضع حد لهذه البلاغات التي تُفتح ثم يتم التنازل عنها، فنرى أنه لو يتم فرض مبلغ تأمين يدفعه الشاكي في حال فتحه لبلاغ سب وقذف عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، فهذا التأمين يضمن جدية البلاغ.

فإذا تمت إحالة البلاغ الى النيابة العامة ثم المحكمة وصدر فيها حكم بالإدانة على المشكو في حقه، يمكن للشاكي استرداد مبلغ التأمين حتى لو تنازل عن المشكو في حقه لاحقاً. أما في حالة تنازله عن المشكو في حقه قبل صدور حكم بالإدانة – سواء تنازل في مركز الشرطة أو في النيابة العامة أو في المحكمة – فيتم مصادرة التأمين. وكذلك في حالة صدور حكم بالبراءة على المشكو في حقه فإنه يصادر مبلغ التأمين. نرى أنه في حال تم فرض مبلغ التأمين بالطريقة المذكورة سيتم تمييز البلاغ الجدي من البلاغ الكيدي أو الصوري، ولن يقدم شخص على الشكوى على آخر بطريقة كيدية وهو يعلم بأنه سيدفع مبلغ تأمين وقد لا يسترده.

طبعاً، مبلغ التأمين سيكون بمثابة ضمان لجدية البلاغ وجدية التقاضي. وهذا لا يخالف مبدأ مجانية التقاضي أو الحق في اللجوء إلى المحاكم، فرسوم رفع القضايا مثلاً والتي تفرض على المدعي لرفع دعواه هو لضمان جدية التقاضي أصلاً، ولا تخل بمبدأ المجانية. والفائدة المرجوة من تطبيق هذا المقترح هو التقليل من عدد قضايا السب عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي والحفاظ على استقرار وضع الأفراد في المجتمع، ولضمان الجدية في التقاضي.

وقد تكون هناك عدة عقبات في طريق تطبيق هذا المقترح، حيث أننا لو فرضنا أن شخصاً ما فتح بلاغ سب على آخر، وأثناء نظر البلاغ أو القضية، حصلت تسوية بين الشاكي والمشكو في حقه، فإن الشاكي قد يمتنع عن التنازل حتى لا يخسر مبلغ التأمين. وهذه إحدى سلبيات هذا المقترح، ولكننا نرى أن الإيجابيات المرجوة من تطبيق المقترح أكبر من سلبياته.

بقلم المحامي: عبدالعزيز الزعابي

إعادة نشر بواسطة محاماة نت