مسؤولية الشركة الأم عن الأضرار البيئية التي تسببها شركاتها التابعة في ظل تجمع الشركات

د. حورية سويقي، أستاذة محاضرة صنف ب

قسم الحقوق/ المركز الجامعي بلحاج بوشعيب عين تموشنت الجزائر.
Abstract:

A corporate group is the clustering of two or more companies under the management of the parent company. The companies that operate under its control are referred to as subsidiaries. What raises the debate about corporate clustering is the contradiction that may appear at first glance about the way this group functions and its relationship with its structures, since the subsidiary companies have an independent legal personality but are at the same time subordinate to their parent company, though the corporate group does not possess any moral personality, while the judiciary has provided the group with special authority in several cases; it is worth mentioning the case of Rozenblum. This contradiction raises many legal problems, especially when it comes to deciding about the types of responsibility to give to subsidiaries, including the environmental responsibility, and the extent to which these responsibilities can be extended to the parent company, especially if the moral personality of the subsidiary company is reduced. In the case of mixing receivables or establishing a fictitious subsidiary, or when the moral personality of the subsidiary company is declining, or when the parent company intervenes in the management of the subsidiary company, then who is primarily responsible in this case? Is it the corporate group as a whole, though it does not have any moral personality? Or is it the parent company? Or is it the subsidiary company which possesses the capacity and legal independence? The debate is further exacerbated by the fact that the Algerian legislator has not frame yet the corporate group with detailed texts; he left it to the general legislation that regulates the company law. However, this general legislation is not sufficient for setting up legal safeguards that can guarantee the repair of damage that is caused by subsidiaries and also to compensate those affected.

On the other hand, the French legislator addressed the issue in a different way. He departed from the principle of independence of moral personality by delimiting the responsibility of the parent company for the environmental damage caused by its subsidiaries; this was done when the French Environment Management Act was amended in 2010.

Keywords: Corporate group; Parent company; Subsidiary; Moral personality; Environmental responsibility.

الملخص:
يظهر تجمع الشركات في صورة تجميع شركتين أو أكثر تحت إدارة الشركة الأم، وتسمى الشركات الخاضعة لرقابتها بالشركات التابعة.

وإن ما يثير حدة النقاش بصدد تجمع الشركات هو التناقض الذي قد يبدو للوهلة الأولى في طريقة عمل هذا التجمع وعلاقته بهياكله ؛ كون أن الشركات التابعة تتمتع بشخصية قانونية مستقلة إلا أنها في نفس الوقت تابعة للشركة الأم وخاضعة لرقابتها. مع العلم أن تجمع الشركات لا يتمتع بشخصية معنوية في حين أن القضاء اعترف له بمصلحة خاصة في العديد من القضايا على غرار قضية Rozenblum.

يثير هذا التناقض العديد من الإشكالات القانونية خاصة عند تقرير شتى أنواع المسؤولية على الشركات التابعة بما فيها المسؤولية البيئية، ومدى إمكانية امتدادها على الشركة الأم خاصة إذا كانت الشخصية المعنوية للشركة التابعة متلاشية؛في حالة الخلط في الذمم أو تأسيس شركة تابعة وهمية ، أو عندما تكون شخصيتها المعنوية متقلصة؛ في حالة تدخل الشركة الأم باعتبارها مدير فعلي في إدارة الشركة التابعة. فعلى من ترفع دعوى المسؤولية في هذه الحالة؟ هل ترفع على التجمع ككل بالرغم من عدم تمتعه بالشخصية المعنوية؟ أم على الشركة الأم؟ أم على الشركة التابعة كونها صاحبة الصفة والاستقلالية القانونية؟

وما يزيد من حدة النقاش هو عدم تأطير المشرع الجزائري لتجمع الشركات بنصوص مفصلة ، و تركه للقواعد العامة التي تحكم قانون الشركات. إلا أن هذه الأخيرة غير كافية لوضع الضمانات القانونية التي تكفل إصلاح الأضرار التي تسببها الشركات التابعة وتعويض المتضررين.وذلك على خلالف المشرع الفرنسي الذي تصدى إلى ذلك ، وخرج عن مبدأ استقلالية الشخصية المعنوية من خلال تقرير مسؤولية الشركة الأم عن الأضرار البيئية التي تسببها شركاتها التابعة ،وذلك عند تعديله لقانون البيئة الفرنسي سنة 2010.

الكلمات المفتاحية: تجمع الشركات،الشركة الأم ،الشركة التابعة، الشخصية المعنوية، المسؤولية البيئية.

مقدمة:

لقد عاش العالم تغييرا جذريا في النصف الثاني من الثمانينات بسبب انهيار المعسكر الاشتراكي وزوال المبادئ التي كان يقوم عليها. فبعدما كانت الدول تحتكر التجارة والصناعة وتمنع أية مبادرة من الخواص، فإنها نظرا للأزمات المختلفة التي كانت تعيشها، ورغبة منها في التطور بدأت تفكر جليا في النهوض باقتصادها باتباع مسلك الدول المتقدمة التي نجحت في هذا المجال بانتهاجها سياسية ناجحة وفعالة. وذلك بإجراء إصلاحات في مختلف المجالات حتى تتمكن من التلاؤم مع المبادئ الجديدة التي تقوم عليها السياسية اللبرالية الاقتصادية[1]. ومن هذا المنطلق، شرعت العديد من الدول بتعديل مختلف التشريعات خاصة التجارية منها لتحقيق أهم مبدأ تقوم عليه الرأسمالية ألا وهو حرية التجارة والصناعة.حورية

ولهذا الغرض أقرت معظم تشريعات الدول بإمكانية تركيز الشركات، والسماح لها بالاتحاد من أجل تحقيق أهدافها. وفي ظل هذه الظروف ظهر ما يسمى بتجمع الشركات، حيث كان لتمكين الشخصية المعنوية من حق تملك الأسهم والحصص في رأسمال شركات أخرى، و إدارتها تبعا لذلك أثره الكبيرة في إنشاء الشركات العملاقة التي تتكون من شركات أعضاء يمارسون نشاطاتهم تحت غطاء الشركة الأم في ظل الوحدة الاقتصادية لتجمع الشركات.

لقد تبلور هذا الإطار القانوني في فرنسا أولا ،ثم تبناه المشرع الجزائري بعد انتهاجه النهج اللبرالي، بموجب الأمر رقم 96/27[2].

وإن ما يثير النقاش بصدد تجمع الشركات هو التناقض الذي قد يبدو للوهلة الأولى في طريقة عمل هذا التجمع وعلاقته بهياكله، كون أن الشركة التابعة تتمتع بشخصية قانونية مستقلة ، إلا أنها في نفس الوقت تابعة للشركة الأم وخاضعة لرقابتها.

وتزداد حدة هذا التناقض عند إثارة موضوع المسؤولية على مستوى التجمع ، إذ يسمح هذا الأخير من أجل تحقيق الوحدة الاقتصادية بخلق وضعية فعلية تنتج عنها تبعية الشركة التابعة للشركة الأم بالرغم من استقلاليتها القانونية، إلا أنه لم يتطرق إلى الشق الأخر من المعادلة أين يمكن فيه تمديد مسؤولية الشركة التابعة على الشركة الأم وذلك بهدف خلق توازن بين المصالح والحفاظ على مصلحة التجمع ككل.

بل عادة ما يكون افتقار ميزانية الشركة التابعة بسبب تصرفات الشركة الأم، مما يؤدي بها حتما إلى الاخلال بالتزاماتها بما فيها التزاماتها البيئية ويتعذر عليها التعويض عنها.

وفي إطار غياب نصوص خاصة لمعالجة ذلك في القانون الجزائري، يجدر بنا طرح الإشكال الآتي: ما مدى جواز تمديد المسؤولية البيئية للشركات التابعة على الشركة الأم كمقابل للتضحية الاقتصادية الذي تقوم بها الشركة التابعة في سبيل تحقيق مصلحة و الحفاظ على سمعة التجمع ككل؟

يتحدد نطاق هذه الدراسة بضبط مفهوم تجمع الشركات تم البحث عن السبل القانونية التي يمكن من خلالها تمديد المسؤولية اليبئية على الشركة الأم سواء استنادا إلى القواعد العامة للشركات، أو باستحداث نصوص خاصة للتصدي لذلك.

تم الاعتماد في هذه الدراسة على المنهجين التحليلي و المقارن ، وذلك لتحليل مختلف النصوص القانونية التي عالجت موضوع تجمع الشركات على المستوى الوطني، ومحاولة ايجاد سبل لتمديد المسؤولية على الشركة الأم في القواعد العامة. ومقارنة ذلك مع التشريعات المقارنة التي سبقتنا في تأطير هذا النوع من المسؤولية في هذا المجال.

وعليه تم تقسيم هذه الدراسة إلى مبحثين:

المبحث الأول: مفهوم تجمع الشركات

المبحث الثاني: مدى جواز تمديد المسؤولية البيئية للشركة التابعة على الشركة الأم

المبحث الأول: مفهوم تجمع الشركات

إن تجمع الشركات التجارية هو عبارة عن وضعية فعلية لمجموعة من الشركات تشكل كيان اقتصادي واحد من خلال عملها كوحدة غير أنها من الناحية القانونية مستقلة عن بعضها البعض[3].

والالمام بمفهوم تجمع الشركات يستدعي التطرق إلى مختلف التعاريف الفقهية و القانونية التي قيلت فيه، ثم إبراز خصوصيته سواء من حيث افتقاده للشخصية المعنوية أو من حيث اعتراف القضاء له بمصلحة خاصة. وفيما يلي تفصيل ذلك:

المطلب الأول: التعريف الفقهي والقانوني لتجمع الشركات

إن نظرية تجمع الشركات لم يكن لها نصيب من التنظيم كهيكل قانوني خاص بشكل كامل ومفصل في القانونين الجزائري والفرنسي. ولقد اكتفى المشرع الجزائري في القانون التجاري بتنظيم التجمع ذو المنفعة الاقتصادية من المادة 796 إلى المادة 799مكرر4 ، في الفصل الخامس من الباب الأول من الكتاب الخامس المتعلق بالشركات التجارية وعنونه بالتجمعات، إلا أن المراد به التجمع ذو المنفعة الاقتصادية الذي يقوم بين شخصين معنويين أو أكثر، في حين أن تجمع الشركات محل الدراسة هو الذي يوجد فعلا دون ضرورة وجود عقد بين الأعضاء المكونة له.

وعلى الصعيد الفقهي كانت ومازالت نظرية تجمع الشركات محل دراسات و أبحاث فقهية.

وعليه، سنتطرف إلى مختلف التعاريف الفقهية لتجمع الشركات لعلنا نتوصل على ضوئها إلى فهم التعاريف القانونية، وفيما يلي تفصيل ذلك:

الفرع الأول: التعريف الفقهي لتجمع الشركات

تطلق تسمية تجمع الشركات على مجموعة شركات تمارس نشاطا اقتصاديا متماثلا و تخضع لإدارة اقتصادية موحدة، تسيطر على ذمتها المالية إحدى الشركات التي تأتي على رأس التجمع وتسمى الشركة الأم[4]،وتمارس سيطرتها على الشركات الأعضاء لملكيتها جزء من رأسمالها.

ويعرفه جانب من الفقه على أنه وحدة اقتصادية مكونة من شركة أم و شركات تابعة لها، مع وجود ثلاثة خصائص تجمعهم:

شركات تابعة متمتعة بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي.
تبعية الشركة التابعة للشركة الأم عن طريق تقنية المراقبة.
الطابع المالي الذي يربط الشركات الأعضاء[5].
في حين يرى جانب آخر من الفقه أن تجمع الشركات لا يتكون من شركة أم وشركات تابعة فقط ، بل أيضا من شركات تابعة للشركات الوليدة”Sous filiale ” تمارس عليهم الشركة الأم رقابة غير مباشرة[6].

ويذهب جانب آخر من الفقه إلى أنه يجب أن تجتمع عدة شروط لوجود تجمع الشركات:

أن تمتلك شركة نسبة معينة من حقوق التصويت أو رأس المال في شركة أخرى تختلف باختلاف تشريع كل دولة، بحيث تصبح الثانية تابعة لها اقتصاديا.
أن يخضع تجمع الشركات إلى إدارة موحدة [7].
وفي إطار البحث عن تعريف جامع ومانع لتجمع الشركات، نجد محاولة جانب من الفقه الذي يعرفه بدوره على أنه وحدة اقتصادية بين شركتين أو أكثر يتمتعون بالشخصية المعنوية و الاستقلال القانوني، تجمعهم مصلحة مشتركة، وخاضعين لرقابة الشركة الأم .

وهذه الأخيرة تمارس الرقابة بمناسبة امتلاكها نسبة من حقوق التصويت أو من رأس مال الشركة التابعة، مما يمكنها تعيين أعضاء مجلس إدارتها أو بأية وسيلة أخرى تحدث نفس الآثار[8].

الفرع الثاني: التعريف القانوني لتجمع الشركات

بالرجوع إلى القسم الثاني من الفصل الرابع من الباب الأول من القانون التجاري الجزائري والمعنون بالشركات التابعة، المساهمات والشركات المراقبة، و بالأخص المواد من 729إلى 732 مكرر 4[9]، نلاحظ غياب تعريف خاص لتجمع الشركات. إذ لم يقم المشرع الجزائري بتكريس نصوص قانونية تنظم هذه المنشأة بشكل مفصل، و إنما أشار إلى بعض الميكانيزمات التي يقوم عليها التجمع؛ كتلك التي تنظم المساهمات والمراقبة.

ويظهر جليا تبني المشرع الجزائري لنظرية تجمع الشركات من خلال المادة 732 مكرر 4 من القانون التجاري، والتي تنص:

” يقصد بالحسابات المدعمة[10]تقديم الوضعية المالية ونتائج مجموعة الشركات و كأنها تشكل نفس الوحدة.”

وبالرجوع إلى القرار المؤرخ في 19 أكتوبر 1999، والمتضمن تقنيات إعداد وتجميع حسابات التجمع[11]، والمحدد لكيفية تطبيق المادة 731 مكرر من القانون التجاري، نجد أن المادة الأولى منه تنص:

“إن حسابات الشركة القابضة التي تم تجميعها مع حسابات الشركة المعنية التي هي تحت رقابتها تشكل الحسابات المجمعة للمجمع.”

وبالرجوع إلى المادة 138 مكرر4 من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة، نجد أنها تعرف تجمع الشركات كالآتي:

” تجمع الشركات يعنى به كل كيان اقتصادي مكون من شركتين أو أكثر ذات أسهم، مستقلة قانونا، تدعى الواحدة منها الشركة الأم تحكم الأخرى المسماة الأعضاء تحت تبعيتها لامتلاكها المباشر ل 90/100 أو أكثر من رأسمالها الاجتماعي، والذي لا يكون رأس مال ممتلكا كليا أو جزئيا من طرف هذه الشركات أو نسبة 90/100 أو أكثر من طرف شركة أخرى تمكنها أخذ طابع الشركة الأم.

يجب أن تكون العلاقات بين الشركات الأعضاء في التجمع في المفهوم الجبائي مسيرة أساسا بأحكام القانون التجاري.”

أما القانون البنكي، فقد تبنى بدوره نظرية تجمع الشركات، إذ بعدما نص في المادة 76 من الأمر رقم 03/11 [12] على منع كل شخص طبيعي أو معنوي من ممارسة عمليات استلام الأموال من الجمهور و الاقتراض العام ووضع آليات ذلك، تضمنت المادة 79 من نفس القانون استثناءات على ذلك، ومن ضمنها الفقرة 2 التي نصت صراحة على أنه يمكن لمؤسسة أن تقوم بعمليات الخزينة مع شركات لها تربط بينها بصفة مباشرة أو غير مباشرة مساهمات في رأس المال تخول إحداها سلطة الرقابة الفعلية على الأخرى.

كما تبنى قانون المنافسة[13] بدوره نظرية تجمع الشركات، حيث جعل مشروعية تجمع الشركات مقترنة بالترخيص الصادر عن مجلس المنافسة، و في حالة حصوله على ذلك يدخل في قائمة التجميعات الاقتصادية التي نصت عليها المادة 15 من نفس القانون.

المطلب الثاني: مصلحة تجمع الشركات بين الفراغ التشريعي و التكريس القضائي

تكتسب الشركات التجارية الشخصية المعنوية من تاريخ قيدها في السجل التجاري[14]. ويترتب على ذلك تمتعها بكل الحقوق المترتبة عن اكتساب الشخصية الاعتبارية[15].ويصبح لديها مصلحة خاصة ما يعرف بالمصلحة الاجتماعية اعتبرها المشرع الجزائري معيارا لمشروعية تصرفات المسيرين في شركات الأموال.

إلا أن تجمع الشركات يعتبر استثناء عن القواعد العامة ذلك أنه لا يتمتع بشخصية معنوية مستقلة في حين القضاء يعترف له بمصلحة خاصة. وفيما يلي تفصيل ذلك:

الفرع الأول: افتقاد تجمع الشركات للشخصية المعنوية

إن تجمع الشركات هو كيان اقتصادي يتكون من شركات تابعة مستقلة قانونا و في نفس الوقت خاضعة اقتصاديا للشركة الأم.

إلا أن التجمع في حد ذاته لا يتمتع بالشخصية المعنوية و لا يخضع للقيد في السجل التجاري. فهو وحدة اقتصادية ناتجة عن الرقابة التي تمارسها الشركة الأم على شركاتها التابعة بمناسبة امتلاكها نسبة من حقوق التصويت أو رأس المال فيها.

وافتقاده للشخصية المعنوية بكل ما يترتب عنها من آثار قانونية يستلزم عدم تمتعه بمصلحة خاصة، إلا أن القضاء اعترف له بذلك.

الفرع الثاني: اعتراف القضاء بوجود مصلحة خاصة لتجمع الشركات

إن الاعتراف بمصلحة خاصة لتجمع الشركات أمر في غاية الدقة بسبب غياب اعتراف تشريعي حاسم وقاطع لتجمع الشركات في حد ذاته.

وعلى المستوى القضائي، رفضت بعض القرارات القضائية الاعتراف بمصلحة تجمع الشركات كمصلحة مستقلة عن مصلحة الشركات الأعضاء المكونة له، ومن بينها قرار FRUEHAUFالشهير الصادر عن مجلس قضاء باريس، حيث غلب هذا الأخير مصلحة الشركة التابعة FRUEHAUFعن مصلحة تجمع الشركات.

في حين رجحت القرارات الأخرى مصلحة تجمع الشركات على المصالح الخاصة للشركات التابعة له. ومن أهمها القرارات التي تدلي بالاعتراف بمصلحة التجمع في نطاق جريمة التعسف في استعمال أموال الشركة و إجازة القيام بعمليات الخزينة إذا أملت مصلحة تجمع الشركات ذلك. وأول قرار صادر بهذا الصدد هو قرار Willot الذي توصل القضاء من خلاله إلى رفع الجرم عن فعل التعسف في أموال الشركة إذا ثبت أن استغلال الأموال كان في مصلحة الوحدة الاقتصادية لتجمع الشركات. إلا أن القضاء قيد هذا المبدأ بثلاثة شروط:

أن نكون أمام تجمع شركات وحدة اقتصادية.
أن تستفيد جميع الشركات الأعضاء في التجمع من تضحية إحدى الشركات التابعة لها التي تحملت العبء.
أن تكون التضحية المقدمة من قبل إحدى الشركات التابعة بمقابل.
ولقد أكدت محكمة النقض الفرنسية هذا الاتجاه القضائي بصدور قرار Rozenblum ، والذي أكد الشروط التي طرحها القضاء في قضية Willot معتبرا أن المساعدات المالية التي قدمها مدراء إحدى الشركات إلى شركة أخرى في نفس التجمع يجب أن تمليها مصلحة اقتصادية مشتركة[16].

المبحث الثاني: تمديد المسؤولية البيئية للشركات التابعة على الشركة الأم

إن تمديد مسؤولية الشركات التابعة بشكل عام على الشركة الأم يصطدم مع إحدى المبادئ الأساسية التي تقوم عليها الأحكام العامة للشركات و هو مبدأ استقلالية الشخصية المعنوية . إلا أن الوحدة الاقتصادية لتجمع الشركات تجاوزت المبادئ العامة، و خلقت تناقضا بين القانون والواقع أي بين الاستقلالية القانونية للشركات التابعة من جهة، و بين تبعيتها الاقتصادية واقعيا للشركة الأم من جهة أخرى.

وإذا كانت الوحدة الاقتصادية لتجمع الشركات تستدعي تبعية الشركات الأعضاء للشركة الأم لتحقيق المصلحة المشتركة للتجمع ككل، فالأرجح أن تتحمل الشركة الأم بدورها مسؤوليات الشركات التابعة في حالة تعذر على هذه الأخيرة عن تحمل ذلك للحفاظ على سمعة التجمع. إلا أنه عادة ما تتملص الشركة الأم من ذلك محتجة بستار الشخصية المعنوية الذي يخدم لا شك مصالحها.

وعليه سوف نتطرق في هذا المبحث إلى تحديد مفهوم المسؤولية البيئية للشركات، ثم التطرق فيما بعد إلى إمكانية تمديد المسؤولية البيئية للشركات التابعة على الشركة الأم .

المطلب الأول: مفهوم المسؤولية البيئية للشركات

إن تحديد مفهوم المسؤولية البيئية للشركات يستدعي تعريف البيئة أولا (الفرع الأول)، ثم التطرق فيما بعد إلى تحديد مفهوم الخطأ البيئي الذي يجعل الشركة محل مساءلة قانونية (الفرع الثاني).

الفرع الأول: تعريف البيئة

تعتبر البيئة هي الوسط الذي يعيش فيه الإنسان مع غيره من المخلوقات ، وتتوافر لهم فيها وسائل الحياة و أسباب البقاء.

ويعرفها جانب من الفقه على أنها مجموعة الظروف والعوامل الفيزيائية والعضوية وغير العضوية التي تساعد الإنسان والكائنات الأخرى على البقاء ودوام الحياة[17].

في حين يعرفها جانب آخر من الفقه على أنها نظام يتعايش فيه جميع الأحياء علاوة على الغلاف الجوي و ما يتبعه من هواء وغازات، وأيضا العناصر المائية من محيطات و بحار و الظواهر الطبيعية من أشجار وغابات[18].

ويرى جانب آخر من الفقه أن البيئية تحتوي على عنصران:

العناصر الطبيعية وهي كل ما يحيط بالإنسان من عناصر والتي لا دخل للإنسان في وجودها مثل الماء والهواء والتربة والبحار والمحيطات.
العناصر الصناعية وهي التي ساهم الإنسان في إنشاءها[19].
و من استقراء التعاريف السابقة نستنتج أن مفهوم البيئة أوسع ليشمل كل العناصر الطبيعية الحية وغير الحية و العناصر الصناعية أيضا التي ساهم الانسان في نشأتها، والتي تحتاج لا شك أن تكون محل حماية.

وعلى المستوى التشريعي، يعرف المشرع الجزائري البيئة في المادة 04/07 من القانون رقم 03/10، المؤرخ في 19 يوليو 2003، المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة [20] والتي تنص:

” تتكون البيئة من الموارد الطبيعية اللاحيوية والحيوية كالهواء والجو والماء والأرض وباطن الأرض والنبات والحيوان، بما في ذلك التراث الوراثي، وأشكال التفاعل بين هذه الموارد، وكذا الأماكن و المناظر والمعالم الطبيعية.”

أما التشريعات المقارنة فقد خصت البيئة بتعاريف مضبوطة، نذكر منها قانون البيئة المصري الذي نص في مادته الأولى على أن البيئة هي المحيط الحيوي الذي يشمل الكائنات الحية وما تحتويه من مواد، وما يحيط بها من هواء وماء وتربة وما يصنعه الانسان من منشآت[21].

أما القانون الفرنسي فبدوره نص في المادة الأولى من قانون حماية الطبيعة على أن البيئة هي مجموعة من العناصر الطبيعية والفصائل الحيوانية والنباتية والهواء و الأرض والثروة المنجمية والمظاهر الطبيعية المختلفة.[22]

ومن استقراء هذين التعريفين نستنتج أن التشريعات المقارنة أضافت عنصرا جديدا إلى جانب العناصر الحية و غير الحية وهي جملة المنشآت التي أقامها الإنسان كجزء هام من مكونات البيئة.

وعلى المستوى الدولي عرف مؤتمر الأمم المتحدة المنعقد في ستوكهولم البيئة على أنها” رصيد الموارد المادية والاجتماعية المتاحة في وقت ما وفي مكان ما لإشباع حاجات الإنسان وتطلعاته”[23].

الفرع الثاني: الخطأ البيئي الصادر من الشركة

إن قيام المسؤولية المدنية للشركة عن الأضرار البيئية التي تسببها يستدعي توفر أركان المسؤولية بشكل عام من خطأ وضرر وعلاقة سببية. وفي إطار عدم وجود نصوص خاصة تنظم ذلك، يستدعي الأمر تطبيق القواعد العامة للمسؤولية المنصوص عليها في القانون المدني باعتباره الشريعة العامة.

وعليه سوف نقتصر في دراستنا على ركن الخطأ و بالأخص صور الخطأ البيئي الذي يستوي أن يكون عقديا أو تقصيريا، وفيما يلي تفصيل ذلك:

أولا: الخطأ البيئي العقدي

بالرغم من أن دعاوي المسؤولية العقدية عن الأضرار البيئية نادرة، وذلك لأن المنازعات البيئية بهذا الصدد حديثة، وغالبا ما يتم تسويتها بطرق ودية بين الأطراف لدرجة أنها أصبحت تدخل في الأعباء الاقتصادية للمشروع.

إلا أنه متى قامت علاقة تعاقدية بين المضرور و محدث الضرر، فان ضحايا أضرار التلوث يحق لهم المطالبة بالتعويض على أساس المسؤولية العقدية[24].

و من تطبيقات ذلك ثبوت مسؤولية شركة قامت بتخزين نفايات سامة في المكان الذي استأجرته، مما يعد إخلالا بالنصوص القانونية . ومتى تبث ذلك قامت مسؤولية الشركة بالإضافة إلى المسؤولية الشخصية للمدير تجاه المؤجر[25].

ثانيا: الخطأ البيئي التقصيري

لقد اختلف الفقهاء في تعريفهم للخطأ التقصيري، فمنهم من يأخذ بالنظرية التقليدية للخطأ، ومنهم من يعول على نظرية تحمل التبعة. والمستقر عليه فقها و قضاء أن الخطأ التقصيري هو إخلال الشخص بالتزام قانوني مع إدراكه لذلك.

والحديث عن الخطأ في مجال المسؤولية البيئية يواجه صعوبات عديدة، ذلك أنه إذا أمكن إثباته بعنصريه المادي والمعنوي بصدد بعض النشاطات الناجم عنها تلوث بيئي، فانه يصعب اتباث ذلك في كل صور هذا النشاط. ويرجع ذلك إلى الطبيعة الخاصة للنشاط المتعلق بتلوث البيئة[26].

فالحديث مثلا عن المسؤولية الناجمة عن تلوث المياه القائمة عن خطأ صادر من إحدى الشركات، يستدعي من المتضرر إثبات أن المواد الملقاة من تلك الشركة هي السبب المباشر في حدوث الضرر، ويستدعي ذلك الرجوع إلى خبراء. وعادة ما يتعذر على الاشخاص تحمل نفقات ذلك.

وبالإضافة إلى توفر ركن الخطأ لا بد من توفر ركن الضرر و العلاقة السببية لقيام المسؤولية المدنية البيئية للشركة.

المطلب الثاني: مدى جواز تمديد المسؤولية البيئية للشركات التابعة على الشركة الأم

في إطار غياب نصوص خاصة تقضي بقيام المسؤولية البيئية للشركة الأم عن شركاتها التابعة، يستوجب بنا الأمر الرجوع إلى القواعد العامة، والتعرض إلى مختلف الحالات التي يجوز من خلالها تمديد المسؤولية إلى الشركة الأم( الفرع الأول)، والمناداة بإقامة نظام مسؤولية خاص لتقرير ذلك ( الفرع الثاني).

الفرع الأول: تمديد المسؤولية البيئية للشركة الأم في إطار القواعد العامة

سعى جانب من الفقه في إطار مشروع Catala[27] لتعديل قانون الالتزامات ومدة سريان التقادم في القانون المدني الفرنسي إلى بناء نظرية المسؤولية المدنية للشركة الأم في ظل تجمع الشركات، وذلك من خلال تأسيس مسؤولية تستمد أساسها من القواعد العامة ” المسؤولية عن فعل الغير”، بشرط إثبات أن الضرر ناتج عن الرقابة التي تمارسها الشركة الأم على شركاتها التابعة.

واقترح هذا المشروع تعديل المادة 1360 من القانون المدني الفرنسي كالآتي:

” وبالمثل يعد مسؤولا كل من يراقب النشاط الاقتصادي أو المالي لمهني في حالة تبعية، إلا أنه يتصرف لحسابه الخاص عندما يثبت المتضرر أن الفعل الضار يرتبط بممارسة الرقابة، وفي نفس الحكم بالنسبة للشركة الأم عن الاضرار التي تسببها لشركاتها التابعة أو لوكلائها.[28]“

إلا أنه تعرض هذا المشروع إلى عدة انتقادات كون أن مصطلح الرقابة في حد ذاته غير محدد المعالم، فيستوي أن تكون الرقابة مباشرة، غير مباشرة، قانونية أو بحكم الواقع. ومثل هذا التعديل سوف يؤدي لا شك إلى إعاقة الاستثمار خاصة بالنسبة للشركات الأم الأجنبية التي ترغب في الاستثمار في شركات تابعة فرنسية[29].

كما أن تمديد المسؤولية على الشركة الأم في القواعد العامة يصطدم مع مبدأ هام و هو مبدأ استقلالية الشخصية المعنوية, إلا أنه مع ذلك، فلقد أقر القضاء في العديد من القضايا بمسؤولية الشركة الأم عن دوين شركاتها التابعة في الحالات التي تحتج فيها الشركة الأم بالشخصية المعنوية للتملص من المسؤولية و هي:

حالات خلط الذمم
حالات تأسيس شركة تابعة وهمية.
حالات ارتكاب الشركة الأم خطأ في التسيير في الشركة التابعة.
أولا: حالات خلط الذمم

الأصل أنه متى تكونت الشركة تكوينا صحيحا، فانه يترتب على ذلك ميلاد شخص معنوي يتمتع بالشخصية الاعتبارية بكل ما يترتب عنها من آثار قانونية و ذمة مالية مستقلة.

إلا أن نظام تجمع الشركات يزلزل الشخصية المعنوية للشركات التابعة، يحيث يخلق وضعية فعلية تسمح للشركة الأم بالزام الشركات التابعة بخياراتها و قراراتها، مما يجعل الشركات التابعة لا تعبر سوى عن مصلحة التجمع، ولا تنساق إلا وراء توجيهات الشركة الأم. بل الأكثر من ذلك قد يتعدى الأمر إلى خلط الذمم المالية للشركات التابعة والشركة الأم من أجل إرضاء هذه الأخيرة مما يخول المسيرين استعمال هذه الذمم ككل لا يتجزأ.

وإذا كان لخلط الذمم على مستوى تجمع الشركات ايجابياته من الناحية الاقتصادية، فانه يثير العديد من الاشكالات القانونية ، خاصة أن كلا من المشرع الجزائري و التشريعات المقارنة لم تخصه بتنظيم قانوني.

وبالرجوع إلى الفقه المقارن نجد أنه يعرف خلط الذمم على أنه مزج لأموال ذات مصادر مختلفة في تكتل واحد بحيث يصبح من الصعب التفرقة بينهما[30].

وعلى المستوى العربي، يرى جانب من الفقه أنه يتحقق خلط الذمم على مستوى تجمع الشركات عندما يكون خلط في ذمم شركتين أو أكثر أعضاء في التجمع لها ذمم مالية مستقله ، ويترتب عن إفلاس أحدهما إفلاس الأخرى[31].

وفي نفس السياق يرى جانب آخر من الفقه أن التحقق من وجود خلط الذمم يرجع للسلطة التقديرية للقاضي، ويتوجب على هذا الأخير التأكد من توافر العناصر الآتية:

خلط الحسابات المالية .
سيرورة مالية غير عادية.
علاقات مالية غير عادية[32].
و في هذا الصدد صرحت محكمة النقض الفرنسية بأن خلط الذمم المالية لشركة تضامن و جمعية وشركة ذات مسؤولية محدودة لا يقرر فقط على أساس أن هذه الشركات لديها أعضاء مشتركون، وأن الجمعية و الشركة ذات المسؤولية المحدودة يساهمان في رأسمال شركة التضامن، وأن الأشخاص المعنوية الثلاثة تشترك في وظيفة تكميلية تمارس في نفس المبنى. وفي غياب الكشف عن وجود تشابك المستحقات المكونة للذمم المالية للأشخاص الاعتبارية الثلاثة، فان المجلس القضائي لم يعط اي أساس قانوني في قراره الصادر[33].

وعليه متى تبث مزح الذمم بتوفر العناصر سالفة الذكر، وجب تمديد مسؤولية إحدى الشركات على الأخرى، وبالمثل بالنسبة لتمديد المسؤولية البيئية للشركات التابعة على الشركة الأم.

ثانيا: حالات تأسيس شركات تابعة وهمية

ليس من الناذر في إطار تجمع الشركات وجود واحدة أو أكثر من الشركات التابعة الوهمية، الغرض من تأسيسها إخفاء العمليات التي تجريها الشركة الأم خاصة و أن هذه الأخيرة تجد نفسها بفعل الوحدة الاقتصادية تسعى دائما إلى التخفيف من حدة الاستقلالية القانونية للشركات الأعضاء. وتستعمل الشركات التابعة كوعاء لتلبية حاجاتها الاقتصادية مما قد يؤدي إلى جعلها قوقعة فارغة مجردة من كل حكم ذاتي .

إذ من مصلحة الشركة الأم احيانا ممارسة أنشطة تجارية عن طريق التخفي وراء الشركات التابعة أو الحصول على قرض بنكي باسم هذه الأخيرة ، أو أيضا مشاركة الأخطار المالية بين الشركات التابعة عن طريق تحميلها بعضا منها.

ولتقدير وجود الصورية في تجمع الشركات، سار الفقه والقضاء للكشف عن ذلك من وقائع مادية ، و يختص قاضي الموضوع بذلك.

كما حدد جانب من الفقه بعض المؤشرات الذي يستند إليها القضاء في استنتاج ذلك و من بينها:

وحدة الأنشطة بين الشركتين.
وحدة المديرين.
وحدة مركز الإدارة الرئيسي[34].
يجب أن تخلق العناصر السابقة اعتقاد لدى الغير أنه يتعامل مع شركة واحدة.
و إذا تبث ذلك يجوز تمديد المسؤولية على الشركة الأم. ومن تطبيقات ذلك ما قضى به مجلس قضاء باريس أن شركة باتا للسنيما وهي الشركة الأم تعتبر مسؤولة عن دوين شركاتها التابعة، لان الشركتين لهما نفس المديرين ونفس مركز الادارة ونفس المستخدمين. وافترض المجلس أن وحدة هذه العناصر تؤدي إلى صورية الشركة التابعة وجعلها مجرد وسيط تفقد استقلالها وذاتيتها القانونية في مواجهة الشركة الأم التي تعتبر مسؤولة عنها كلية.

واستنادا لذلك، قضى المجلس بمسؤولية الشركة الأم عن شركاتها التابعة التي تعتبر مجرد فرع أو قسم لها و ليس شركة مستقلة[35].

ثالثا: حالات ارتكاب الشركة الأم خطأ في تسيير الشركة التابعة

تعتبر خصوصية العلاقة التي تجمع الشركة الأم وشركاتها التابعة من أبرز ما يميز تجمع الشركات ذلك أنها تثير تناقض بين الوضع القانوني والوضع الاقتصادي. وتحت غطاء تحقيق الاستراتيجية الموحدة للتجمع، عادة ما تتولى الشركة الأم تسيير الشركة التابعة إما باعتبارها مدير فعلي أو مسير قانوني بتوليها العضوية في مجلس إدارة الشركة التابعة.

وإذا ما ارتكبت خطأ في التسيير فيؤدي ذلك لا شك إلى قيام مسؤوليها الشخصية. ويعرف الخطأ في التسيير بأنه تصرف مخالف لمصلحة الشركة، يهدد مصلحة الشخص المعنوي في استمراريته[36].

ومن تطبيقات الخطأ في التسيير الصادر من الشركة الأم تجاه الشركة التابعة عمليات الخزينة التي تقوم بها والذي تؤدي إلى افتقار ميزانية الشركة التابعة مما يؤدي بها إلى التوقف عن دفع ديونها[37].

وحتما إذا جعل ذلك العجز المالي الذي سببته الشركة الأم في ميزانية الشركة التابعة هذه الأخيرة تحول دون القيام بالتزاماتها البيئية، أو تعويض المتضررين من جراء خرق التزاماتها البيئية، فاذا ثبت ذلك، فانه يتم تمديد المسؤولية لا شك على الشركة الأم.

الفرع الثاني: نحو استحداث نصوص قانونية خاصة لقيام مسؤولية الشركة الأم عن الأضرار البيئية لشركاتها التابعة

إن كانت القواعد العامة تمنح فرصة مساءلة الشركة الأم عن الأضرار البيئية التي تسببت فيها شركاتها التابعة من الناحية النظرية متى ثبت توفر حالة من الحالات سابقة الذكر، إلا أنه من الناحية التطبيقية من الصعب اثبات ذلك، وعادة إن لم نقل غالبا ما تتملص الشركة الأم من المسؤولية محتجة بمبدأ الاستقلالية القانونية أحد أعمدة نظرية قانون الشركات.

ويثير هذا الفراغ التشريعي إشكالات عديدة ،خاصة إذا ما كنا بصدد مجموعة شركات متعددة الجنسيات، و يزيد الطين بلة إذا كانت الشركة الأم يقع مقرها في إحدى الدول المتطورة والشركات التابعة في الدول النامية أو في طور النمو. بل عادة ما تتعمد الشركات الأم تأسيس شكات تابعة في الدول النامية للتهرب من مسؤولياتها و التزاماتها البيئية، هذا ما يدعونا إلى المناداة بتقنين نظام مسؤولية خاص يقضي بمساءلة الشركة الأم عن الأضرار البيئية التي تسببها شركاتها التابعة.

وبالرجوع إلى القانون الفرنسي، نجد أنه خطى خطوة بارزة بهذا الصدد، إذ قنن مسؤولية الشركة الأم عن الأضرار البيئية التي تسببها شركتها التابعة بموجب القانون رقم 2010/788 المؤرخ في 12/07/2010 المتضمن الالتزام الوطني للبيئة[38]، وذلك في إطارين:

أولا: الالتزام الارادي للشركة الأم بتحمل كل أو جزء من الأضرار البيئية التي تسببت فيها شركاتها التابعة في حالة عجز هذه الأخيرة عن الوفاء بها، وذلك بمقتضى التعديل الذي مس المادة 233/5-1 من القانون التجاري الفرنسي[39].

ويرى جانب من الفقه أن إقرار المشرع الفرنسي لهذه القاعدة يوحي بافتراضه حسن النية في الشركة الأم التي تعمل مع شركاتها التابعة في إطار الوحدة الاقتصادية للتجمع، ومكنها من تحمل التزامات الشركة التابعة دون أن تخل بالمبادئ القانونية التي يتضمنها القانون التجاري[40].

ويرى ذات الفقه أن دوافع مبادرة الشركة الأم من أجل تحمل المسؤولية تكون إما من باب أخلاقي وغالبا ما تهدف من ذلك إلى المحافظة على سمعتها في الأوساط التجارية[41].

ثانيا: مسؤولية الشركة الأم عن الأضرار البيئية التي تسببت فيها شركاتها التابعة عند خضوع هذه الأخيرة لإجراءات التصفية القضائية[42].ويكون ذلك بتحميل الشركة الأم جزء أو كل التكاليف الخاصة بإعادة تأهيل الشركة التابعة عند انتهاء هذه الأخيرة من نشاطاتها، ويكون ذلك بمبادرة من المصفي أو من النيابة العامة أو الوالي المختص إقليميا.

إلا أن المشرع الفرنسي لم يترك هذه المسؤولية على إطلاقها بل قيدها بشروط، وهي :

ملكية الشركة الأم لأغلبية رأس مال الشركة التابعة.
أن تكون الشركة التابعة في طور التصفية القضائية.
ارتكاب الشركة الأم خطأ موصوف أدى إلى افتقار وعجز ميزانية الشركة التابعة[43].

ومتى ثبتت هذه الشروط وجب قيام مسؤولية الشركة الأم عن الالتزامات البيئية لشركاتها التابعة. وبالرغم من محدودية هذه المسؤولية و صعوبة إثبات الخطأ الموصوف المرتكب من قبل الشركة الأم، والذي أدى إلى عجز الشركة التابعة، إلا أنها تشكل ضمانا إضافيا للدائنين المتضررين يغنيهم عن البحث في القواعد العامة على أساس لقيام مسؤولية الشركة الأم[44].

خاتمة:

تهدف الشركة الأم في إطار الوحدة الاقتصادية لتجمع الشركات إلى تحقيق هدف اقتصادي للتجمع ككل. إذ تخول القواعد العامة لقانون الشركات الشركة الأم الحرية في تسيير شركاتها التابعة بمناسبة امتلاك أغلبية رأس المال أو حقوق التصويت فيها، أو بشكل عام بممارسة الرقابة عليها سواء كانت رقابة قانون أو رقابة اتفاق أو رقابة واقع. وعادة ما تتولى الشركة الأم الإدارة الفعلية لشركاتها التابعة وتكون هذه الأخيرة خاضعة اقتصاديا لها، وتضحي بمصالحها من أجل الحفاظ على الوحدة الاقتصادية لتجمع الشركات. إلا أنه لا يمكن القول عكس ذلك؛ إذ لا يمكن للشركة الأم تحمل التزامات الشركات التابعة، وهذا ما ينتج عنه حتما اللامساواة بين ما تضحى به الشركة التابعة وبين ما تتحصل عليه الشركة الأم من امتيازات.

ومن أجل تحقيق التوازن بين العلاقات على مستوى تجمع الشركات، دعى جانب من الفقه إلى التخفيف من حدة مبدأ الاستقلالية القانونية على مستوى شركات التجمع بما يعود بالنفع العام على الشركات التابعة أيضا. وتحميل الشركة الأم التزامات الشركة التابعة متى تعذر على هذه الأخيرة القيام بها، وفي حالات محددة.

وبالفعل، لقد كرس القضاء هذا المبدأ الذي أصبحت تفرضه الحقيقة الاقتصادية التي تقوم عليها فكرة تركيز المشاريع. بل أدى ذلك ببعض التشريعات المقارنة على غرار القانون الفرنسي بإعادة النظر في نصوصها القانونية التي تنظم تجمع الشركات و إقرار مسؤولية الشركة الأم عن الأضرار البيئية لشركاتها التابعة، من أجل توفير الحماية القانونية اللازمة للمتضررين، وذلك في إطار الموازنة بين مواكبة التطور الاقتصادي لتجمع الشركات و حماية دائني ومتضرري الشركة التابعة من جراء عجزها عن الوفاء بالتزاماتها و التعويض عن الأضرار البيئية و الايكولوجية التي تسببت فبها.

وعليه يكون المشرع الجزائري قد جانب الصواب بعدم تحيينه للنصوص القانونية التي تنظم تجمع الشركة بما يكفل مصلحة دائني ومتضرري الشركة التابعة و تمديد المسؤولية البيئية على الشركة الأم. و يجعل بذلك المجال خصبا للشركات الأم الأجنبية التي لديها شركات تابعة في الجزائر من أجل خرق التزاماتها البيئية و التملص من المسؤولية تحت ستار الشخصية المعنوية.

وعقب هذا التحليل نلتمس التوصيات الآتية:

يجب على المشرع الجزائري التدخل من أجل إزالة الغموض الذي يكتنف الطبيعة القانونية لتجمع الشركات، وتنظيمه وفق قوانين محكمة الصياغة ، وتأطير بدقة المسؤوليات و الالتزامات والحقوق المترتب عنه.
تشديد المسؤولية البيئية على الشركات التجارية خاصة منها التي تمارس نشاطات تلحق أضرارا جسيمة بالبيئة، وذلك للحفاظ على المصلحة العامة للمجتمع والمصلحة الخاصة للأفراد.
إعادة النظر في قانون البيئة واستحداث نصوص قانونية خاصة لتمديد المسؤولية البيئية للشركات التابعة على الشركة الأم ، وذلك لضمان عدم تملص الشركات الأم من المسؤولية تحت ستار الشخصية المعنوية من جهة، وحماية حقوق الدائنين المتضررين من جهة أخرى.
إن تقنين المسؤولية البيئية للشركة الأم عن الأضرار التي تسببها شركاتها التابعة في إطار تجمع الشركات متعددة الجنسيات يجبر الشركة الأم الامتثال إلى المعايير البيئية ،وأن تلزم شركاتها التابعة بذلك، لتجنب قيام مسؤوليتها.
أولا: المراجع الفقهية

1: باللغة العربية

خالد مصطفى فهمي،الجوانب القانونية لحماية البيئة من التلوث في ضوء التشريعات الوطني و الاتفاقيات الدولية دراسة مقارنة، دار الفكر الجامعي،الاسكندرية، 2011.
شريف محمد غنام، الإفلاس الدولي لمجموعة الشركات متعددة الجنسيات، دار الكتب القانونية، مصر،سنة 2009.
عبادة قادة، المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، سنة 2016.
وجدي سليمان حاطوم، دور المصلحة الجماعية في حماية الشركات التجارية دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2007.
2:باللغة الأجنبية

François Dekeuwer,Defossez, Groupe de sociétés contrats et responsabilités,L.G.D.J, Paris,1994.
François Gore, Droit des affaires, tome 2, Montchrestien,Paris,1999.
Frederic Magnus,Le groupe de sociétés et la protection des intérêts catégoriels, éd Larcier,Belgique,2011.
Serge Hadji Artinian, La faute de egstion,LITEC,Paris,2001.
Pariente Maggy, Les groupes de sociétés ,éd Litec,Paris,1993.
ثانيا: المقالات العلمية

هارون أوروان، المسؤولية البيئية لمجمع الشركات، مجلة الباحث للدراسات الأكاديمية، العدد الرابع ،كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة باتنة ، 2014.
ثالثا: الرسائل العلمية

1: باللغة العربية

الطاهر خامرة، المسؤولية البيئية و الاجتماعية مدخل لمساهمة المؤسسة الاقتصادية في تحقيق التنمية المستدامة، مذكرة ماجستير، كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، جامعة قاصدي مرباح ورقلة الجزائر، سنة 2007.
بلفضل محمد، المسؤولية الدولية الناتجة عن الأضرار البيئية في الأنظمة الوطنية و الاتفاقيات، رسالة دكتوراه في القانون العام،كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة وهران الجزائر، 2011/2012.
حسن محمد هند ، مدى مسؤولية الشركة الأم عن ديون شركاتها الوليدة في مجموعة الشركات مع إشارة خاصة للشركات متعددة القوميات، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، قسم القانون التجاري، جامعة عين الشمس، مصر،سنة 2005.
رتيبة ايمان شويطر، النظام القانوني للتجمعات ذات المنفعة الاقتصادية في القانونين الجزائري والفرنسي، مذكرة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة منتوري قسنطينة،2005 .
2:باللغة الأجنبية

Farag Hmoda, La protection des créanciers au sein des groupes de sociétés, université franche-compte, thèse soutenue le 19 Mars 2013.
Pascaud-Blandin Perle, La responsabilité de la société mère du fait des actes commis par sa filiale, Mémoire de master, Université de Paris sud, France,2013,
رابعا: النصوص القانونية

1:النصوص القانونية الوطنية

الأمر رقم 75/58، مؤرخ في 26 سبتمبر 1975، المتضمن القانون المدني، المعدل والمتمم بالقانون رقم 07/05 المؤرخ في 13 ماي 2007.
الأمر رقم 75/59 مؤرخ في 26 سبتمبر 1975، المتضمن القانون التجاري، المعدل والمتمم بالقانون رقم 05/02، المؤرخ في6فبراير 2005.
الأمر رقم 96/27 مؤرخ في 09/12/1996، المعدل والمتمم للأمر رقم 75/59، المؤرخ في 26سبتمبر 1996، المتضمن القانون التجاري، جريدة رسمية العدد77.
الأمر رقم 03/03 مؤرخ في 19 يوليو 2003، متعلق بالمنافسة، جريدة رسمية العدد 43.
الأمر رقم 03/11، مؤرخ في 26 غشت 2003، متعلق بالنقد والقرض، جريدة رسمية العدد 52.
2: النصوص القانونية الأجنبية

Loi n° 95-101 du 2 février 1995 relative au renforcement de la protection de l’environnement, JORF n°29 du 3 février 1995.
Loi n2010 /788 du 12 juillet 2010, Portant engagement national pour l’environnement, publié sur Internet : https://www.legifrance.gouv.fr/affichTexte.do?cidTexte=JORFTEXT000022470434 Date de dernière consultation 04/11/2017.
[1] رتيبة ايمان شويطر، النظام القانوني للتجمعات ذات المنفعة الاقتصادية في القانونين الجزائري والفرنسي، مذكرة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة منتوري قسنطينة،2005،ص.7.

[2] مؤرخ في 09/12/1996، المعدل والمتمم للأمر رقم 75/59، المؤرخ في 26سبتمبر 1996، المتضمن القانون التجاري، جريدة رسمية العدد77.

[3] François Dekeuwer,Defossez, Groupe de sociétés contrats et responsabilités ,L.G.D.J, Paris,1994,p .1.

[4]حسن محمد هند ، مدى مسؤولية الشركة الأم عن ديون شركاتها الوليدة في مجموعة الشركات مع إشارة خاصة للشركات متعددة القوميات، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، قسم القانون التجاري، جامعة عين الشمس، مصر،سنة 2005، ص.29.

[5]François Goré, Droit des affaires, tome 2, Montchrestien,Paris,1999,p.475.

[6]P. Didier, Droit commercial, tome 3, 1993,p.513.

[7] حسن محمد هند، المرجع السابق،ص.30.

[8]Pariente Maggy, Les groupes de sociétés, éd Litec, Paris,1993,p .468.

[9] الأمر رقم 75/59 مؤرخ في 26 سبتمبر 1975، المتضمن القانون التجاري، المعدل والمتمم بالقانون رقم 05/02، المؤرخ في 6فبراير 2005.

[10] يقصد بالحسابات المدعمة الحسابات الإجبارية المنصوص عليها في المادة 716 من القانون التجاري والتي تلتزم كل شركة بتحضيرها ونشرها، و هي حسابات الجرد والميزانية و حسابات الأرباح والخسائر.

[11] جريدة رسمية العدد 87.

[12] أمر رقم 03/11، مؤرخ في 26 غشت 2003، متعلق بالنقد والقرض، جريدة رسمية العدد 52.

[13] أمر رقم 03/03 مؤرخ في 19 يوليو 2003، متعلق بالمنافسة، جريدة رسمية العدد 43.

[14] المادة 549 من القانون التجاري الجزائري.

[15] المادة 50، أمر رقم 75/58، مؤرخ في 26 سبتمبر 1975، المتضمن القانون المدني، المعدل والمتمم بالقانون رقم 07/05 المؤرخ في 13ماي 2007.

[16] وجدي سليمان حاطوم، دور المصلحة الجماعية في حماية الشركات التجارية دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2007، ص.637. و أنظر أيضا:

Frederic Magnus,Le groupe de sociétés et la protection des intérêts catégoriels, éd Larcier,Belgique,2011,p. 57.

[17] أحمد عبد الكريم سلامه ،قانون حماية البيئة، جامعة الملك سعود الرياض ،سنة 1997،ص.11 وما يليها ،أشار إليه خالد مصطفى فهمي، الجوانب القانونية لحماية البيئة من التلوث في ضوء التشريعات الوطني و الاتفاقيات الدولية دراسة مقارنة، دار الفكر الجامعي ،الاسكندرية، 2011،ص.21

[18] Lavieille (J-M),Droit de l’environnement ,elipes1998,P.7.

أشار إليه خالد مصطفى فهمي، المرجع السابق،ص.23.

[19] خالد مصطفى فهمي،المرجع السابق، ص.23 وما يليها.

[20] جريدة رسمية العدد43، الصادرة في 20 يوليو 2003.

[21] القانون رقم 04، الصادر في 02/02/1994،الجريدة الرسمية المصرية العدد5، الصادرة في 03/02/1994.

[22] Loi n° 95-101 du 2 février 1995 relative au renforcement de la protection de l’environnement, JORF n°29 du 3 février 1995.

[23] أشار إلى هذا التعريف الطاهر خامرة، المسؤولية البيئية و الاجتماعية مدخل لمساهمة المؤسسة الاقتصادية في تحقيق التنمية المستدامة، مذكرة ماجستير، كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، جامعة قاصدي مرباح ورقلة الجزائر، سنة 2007،ص,16.

[24]عبادة قادة، المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، سنة 2016،ص.64.

[25] استشهد بهذا المثال عبادة قادة، المرجع السابق،ص.67 وما يليها.

[26]المرجع نفسه،ص.78 وما يليها.

[27]AVANT-PROJET DE REFORME DU DROIT DES OBLIGATIONS (Articles 1101 à 1386 du Code civil) ET DU DROIT DE LA PRESCRIPTION (Articles 2234 à 2281 du Code civil), publie sur Internet:

http://www.justice.gouv.fr/art_pix/RAPPORTCATALASEPTEMBRE2005.pdf , Date de dernière consultation :25 /10/2017 .

[28]« De même, est responsable celui qui contrôle l’activité économique ou patrimoniale d’un professionnel en situation de dépendance, bien qu’agissant pour son propre compte, lorsque la victime établit que le fait dommageable est en relation avec l’exercice du contrôle. Il en est ainsi notamment des sociétés mères pour les dommages causés par leurs filiales ou des concédants pour les dommages causés par leurs concessionnaires. »

[29]Pascaud-Blandin Perle, La responsabilité de la société mère du fait des actes commis par sa filiale, Mémoire de master, Université de Paris sud, France,2013,p.32.

[30]“La confusion de patrimoine s’entend d’un mélange de biens d’origine différentes dans une masse unique au sein de laquelle il devient plus difficile de les distinguer. » Farag Hmoda, La protection des créanciers au sein des groupes de sociétés, thèse soutenue le 19 Mars 2013 La protection des créanciers au sein des groupes de sociétés,université franche-compte, thèse soutenue le 19 Mars 2013, p.315.

[31] حسن محمد هند، المرجع السابق،ص.169,

[32] شريف محمد غنام، الإفلاس الدولي لمجموعة الشركات متعددة الجنسيات، دار الكتب القانونية، مصر،سنة 2009،ص.183.

[33]“La cour de cassation affirma en ce sens que la confusion des patrimoines d’une S.N.C, d’une S .A.R.L et d’une association ne peut êtredécider aux seuls motifs que ces trois personnes ont communs, que l’association et la S.A.R.L participent au capital des membres et des dirigeants de le S.N.C,que les trois personnes ont une activité complémentaire exercée dans les mêmes locaux.

En l’absence de toute constatation révèlant l’imbrication des éléments d’actifs et de passif composant les patrimoines de ces trois personnes morales, la cour d’appel n’a pas donné de bases légales à sa décision. » Cass.com,16 juin 2009,n08-15.883. cite par Farag Hmoda,op.cit,p.324.

[34] شريف محمد غنام، المرجع السابق،ص.176.

[35] استشهد بهذا القرار القضائي شريف محمد غنام، المرجع الاسبق،ص.171.

[36]Serge Hadji Artinian,La faute de egstion,LITEC,Paris,2001,p.180.

[37]CA,Paris,15novembre 2007,revue pro.coll,2008,n87,Note Martin Serf. « Les dirigeants de la société mère sont reconnus responsables pour avoir affecté les fonds de cette dernière au financement sans contrepartie d’une filiale américaine alors qu’elle ne disposait pas de ressources pour rembourser un jour la sociétémère . »

[38]Article 227,Loi n2010 /788 du 12 juillet 2010, Portant engagement national pour l’environnement, publié sur Internet : https://www.legifrance.gouv.fr/affichTexte.do?cidTexte=JORFTEXT000022470434 ,Date de dernière consultation 04/11/2017.

[39]« Art. L. 233-5-1. − La décision par laquelle une société qui possède plus de la moitié du capital d’une autre société au sens de l’article L. 233-1, qui détient une participation au sens de l’article L. 233-2 ou qui exerce le contrôle sur une société au sens de l’article L. 233-3 s’engage à prendre à sa charge, en cas de défaillance de la société qui lui est liée, tout ou partie des obligations de prévention et de réparation qui incombent à cette dernière en application des articles L. 162-1 à L. 162-9 du code de l’environnement est soumise, selon la forme de la société, à la procédure mentionnée aux articles L. 223-19, L. 225-38, L. 225-86, L. 226-10 ou L. 227-10 du présent code. »

[40]هارون أوروان، المسؤولية البيئية لمجمع الشركات، مجلة الباحث للدراسات الأكاديمية، العدد الرابع،كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة باتنة،2014,

[41] المرجع نفسه،ص.240.

[42]« Art. L. 512-17. − Lorsque l’exploitant est une société filiale au sens de l’article L. 233-1 du code de commerce et qu’une procédure de liquidation judiciaire a été ouverte ou prononcée à son encontre, le liquidateur, le ministère public ou le représentant de l’Etat dans le département peut saisir le tribunal ayant 13 juillet 2010 JOURNAL OFFICIEL DE LA RÉPUBLIQUE FRANÇAISE Texte 1 sur 126 . . ouvert ou prononcé la liquidation judiciaire pour faire établir l’existence d’une faute caractérisée commise par la société mère qui a contribué à une insuffisance d’actif de la filiale et pour lui demander, lorsqu’une telle faute est établie, de mettre à la charge de la société mère tout ou partie du financement des mesures de remise en état du ou des sites en fin d’activité. « Lorsque la société condamnée dans les conditions prévues au premier alinéa n’est pas en mesure de financer les mesures de remise en état en fin d’activité incombant à sa filiale, l’action mentionnée au premier alinéa peut être engagée à l’encontre de la société dont elle est la filiale au sens du même article L. 233-1 si l’existence d’une faute caractérisée commise par la société mère ayant contribué à une insuffisance d’actif de la filiale est établie. Ces dispositions s’appliquent également à la société dont la société condamnée en application du présent alinéa est la filiale au sens du même article L. 233-1 dès lors que cette dernière société n’est pas en mesure de financer les mesures de remise en état du ou des sites en fin d’activité incombant à sa filiale. « Lorsque l’article L. 514-1 du présent code a été mis en œuvre, les sommes consignées, en application du 1o du I du même article, au titre des mesures de remise en état en fin d’activité, sont déduites des sommes mises à la charge de la société mère en application des alinéas précédents. »

[43] لمزيد من التفصيل أنظر هارون أوروان، المرجع السابق،ص.241.

[44] المرجع نفسه،ص.241.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت