مساهمة الأشخاص المعنوية العامة في حماية البيئة وفقاً لقانون العقوبات الجزائري

د. قوادري صامت جوهر، أستاذ مساعد “أ”

كلية الحقوق والعلوم السياسية- جامعة حسيبة بن بوعلي الشلف
الملخص:
منح المشرع الجنائي الجزائري للأشخاص المعنوية العامة فرصة للمساهمة في حماية البيئة بطريقة غير مباشرة، وذلك عن طريق إشراكها في تطبيق الآلية العقابية الجديدة، المتمثلة في “عقوبة العمل للنفع العام”، والتي استحدثها كنظام عقابي بديل للعقوبة السالبة للحرية بموجب القانون رقم 09-01 المؤرخ في 25 فبراير 2009 المعدل والمتمم للأمر رقم 66- 156 المتضمن قانون العقوبات، إذ لا يمكن تطبيق هذه العقوبة على المحكوم عليهم بها من قبل السلطة القضائية إلا بمساعدة الأشخاص المعنوية العامة مثلما تؤكده المادة 5 مكرر1 من قانون العقوبات، باعتبارها طرفا أصيلا لا يمكن الاستغناء عنه، ومن ثم أصبحت هذه الأخيرة مسؤولة وفقا لقانون العقوبات على حماية البيئة ولو بالقدر اليسير، عن طريق تطبيقها لعقوبة العمل للنفع العام، سواء كان ذلك في إطار الجرائم البيئية أو غيرها، فما هي الإجراءات المتبعة من قبل الأشخاص المعنوية العامة لحماية البيئة عن طريق عقوبة العمل للنفع العام؟ وما مدى نجاح هذه الآلية العقابية في المساهمة في حماية البيئة؟

الكلمات المفتاحية: حماية البيئة- عقوبة العمل للنفع العام- الأشخاص المعنوية العامة- الهيئات المستقبلة.
la contribution des personnes morales publiques dans la protection de l’environnement selon le code pénal algérien

Résumé:

le législateur pénal algérien a intégré indirectement les personnes morales publiques dans le domaine de la protection de l’environnement à travers l’application du nouveau mécanisme pénal qui est «la peine de travail d’intérêt général » d’après la loi 09-01 du 25 février 2009 tel que modifier et compléter par l’ordonnance 66-156 code pénal. Cette sanction ne peut être appliquer par les autorités judiciaires que par l’aide des personnes morales publiques, et ce la par la conformation de l’article 5 bis 1 du code pénal, on appliquant la peine de travail d’intérêt général dans le cadre des crimes environnementales.

Quelles sont les procédures prisent par les personnes morales publiques pour l’application du peine de travail d’intérêt général et sa fiabilité dans la protection de l’environnement?

Mots clés: protection de l’environnement, peine de travail d’intérêt général, personnes morales publiques, les établissements d’accueilles.

مقدمة:
تكتسي البيئة أهمية بالغة كونها الوسط الذي يعيش فيه الإنسان، فهي تتكون من الموارد الطبيعية اللاحيوية والحيوية كالهواء والجو والماء والأرض وباطن الأرض والنباتات والحيوان، بما في ذلك التراث الوراثي، وأشكال التفاعل بين هذه الموارد، وكذا الأماكن والمناظر والمعالم الطبيعية([1])، ونظرا لهذه الأهمية فقد احتلت حصة الأسد من اهتمام المجتمع الدولي في المناقشات الدولية والوطنية، لاسيما جداول أعمال المؤتمرات الدولية، وأبرزها في الآونة الأخيرة مؤتمر باريس للمناخ لسنة 2015، أما على المستوى الوطني، فقد خول القانون الجزائري الدولة السهر على حماية الطبيعة والمحافظة على السلالات الحيوانية والنباتية ومواضعها، والإبقاء على التوازنات البيولوجية والأنظمة البيئية، والمحافظة على الموارد الطبيعية من كل أسباب التدهور التي تهددها بالزوال، وذلك باتخاذ كل التدابير لتنظيم وضمان الحماية وفقا لنص المادة 11 من القانون رقم 03-10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة، وطبقا للمادة 10 من القانون ذاته كلفت الدولة بضبط القيم القصوى ومستوى الإنذار وأهداف النوعية، لا سيما فيما يتعلق بالهواء والماء والأرض وباطن الأرض، وكذا إجراءات حراسة هذه الأوساط المستقبلة، والتدابير التي يجب اتخاذها في حالة وضعية خاصة،د. جوهر ذلك أن البيئة تخضع لحراسة ومراقبة ذاتيتين طبقا لأحكام المادة 12 منه. أما في المجال الجنائي، فقد جسد المشرع الجزائري دور الدولة في حماية البيئة –بالإضافة إلى دورها التقليدي الأصيل في اقتضاء حقها في العقاب، ممثلة في السلطة القضائية- جسده من خلال إشراكها هي أو أحد فروعها، أو الأشخاص المعنوية العامة بشكل عام في تطبيق العقوبة الجنائية المستحدثة بموجب القانون رقم 09-01 المعدل والمتمم لقانون العقوبات الجزائري، والمتمثلة في “عقوبة العمل للنفع العام”، فما هو مضمون هذه العقوبة؟ وفيما يتمثل دور الأشخاص المعنوية العامة في تطبيقها؟ وكيف تساهم الأشخاص المعنوية العامة في حماية البيئة عن طريق عقوبة العمل للنفع العام؟

هذا ما سنحاول الإجابة عنه ضمن ورقتنا البحثية متبعين المنهجين الوصفي والتحليلي، وذلك بالتطرق إلى المحاور التالية:

أولا: الإطار المفاهيمي للأشخاص المعنوية العامة وعقوبة العمل للنفع العام.

المحور الثاني: إشراك الأشخاص المعنوية العامة في تطبيق عقوبة العمل للنفع العام.

المحور الثالث: دور الأشخاص المعنوية العامة في حماية البيئة عن طريق عقوبة العمل للنفع العام.

المحور الأول: الإطار المفاهيمي للأشخاص المعنوية العامة وعقوبة العمل للنفع العام.

نقسم هذا المحور إلى قسمين، مفهوم الأشخاص المعنوية العامة (أولا)، ومفهوم عقوبة العمل للنفع العام في قانون العقوبات الجزائري (ثانيا).

أولا: مفهوم الأشخاص المعنوية العامة.

يعرف الشخص المعنوي بأنه “مجموعة الأشخاص أو الأموال التي تهدف إلى تحقيق غرض معين، ويعترف لها القانون بالشخصية القانونية بالقدر اللازم لتحقيق ذلك الغرض”([2])، وتنقسم إلى نوعين: أشخاص معنوية خاصة وأشخاص معنوية عامة، وهذه الأخيرة هي ما يهمنا في دراستنا، حيث تخضع إلى قواعد القانون العام، وتقوم على فكرة السلطة العامة، وتزاول نشاطها انطلاقا من فكرة المرفق العام لتقديم الخدمات العامة([3])، فهي تلك الأشخاص التي تقوم بأعمال ومهام تتعلق بالمجتمع، وتهدف إلى تحقيق مصالحه العامة والتي تعد من اختصاص السلطة العامة، وتشمل الدولة والبلدية والمحافظة والجهات العمومية أو المؤسسات العامة الإدارية والصناعية والتجارية([4])، وتنقسم هذه الأشخاص المعنوية العامة إلى نوعين: أشخاص معنوية عامة إقليمية كالدولة والبلدية والولاية، وأشخاص معنوية عامة مرفقية كالمؤسسات والشركات العامة الإدارية والصناعية التجارية التي تختص بنوع معين من النشاط، أو بمرفق من المرافق كالجامعات والمدارس والمستشفيات([5]). هذا بالنسبة للأشخاص المعنوية العامة، فماهو مفهوم عقوبة العمل للنفع العام؟

هذا ما سنجيب عنه في العنصر التالي.

ثانيا: مفهوم عقوبة العمل للنفع العام في قانون العقوبات الجزائري.

تبنى المشرع الجزائري عقوبة العمل للنفع العام بموجب القانون رقم 09-01 المؤرخ في 25 فيفري 2009 المعدل والمتمم لقانون العقوبات، وذلك من خلال إضافة الفصل الأول مكرر تحت عنوان “العمل للنفع العام”، والذي تضمن خمس مواد جديدة من المادة 5 مكرر1 إلى 5 مكرر6 ، فتنص المادة 5 مكرر1 من قانون العقوبات الجزائري على أنه “يمكن للجهة القضائية أن تستبدل عقوبة الحبس المنطوق بها بقيام المحكوم عليه بعمل للنفع العام بدون أجر لمدة تتراوح بين أربعين ساعة وستمائة ساعة بحساب ساعتين (2) عن كل يوم حبس، في أجل أقصاه ثمانية عشر شهرا لدى شخص معنوي من القانون العام، وذلك بتوافر الشروط التالية…..”([6]) .

فعقوبة العمل للنفع العام تقوم على فكرة أن السلوك الإجرامي الذي ارتكبه الجاني قد ألحق الضرر بالمجتمع، ومن ثم يكون هذا المذنب مجبرا على تعويض الضرر المتسبب فيه، وإصلاح أي خلل، وأن هذا التعويض والإصلاح يكون من خلال إلزامه بالقيام بعمل فيه نفع ومصلحة للمجتمع، وبالتالي يتجنب مساوىء العقوبة السالبة للحرية([7])، وتماشيا مع هذه الفكرة ومع ما ورد في مختلف النصوص التشريعية للدول التي أخذت بهذه العقوبة، تولى الفقهاء تحديد مفهومها، فهناك من عرفها كما يلي: “تتمثل عقوبة العمل للنفع العام في القيام بعمل بدون أجر لصالح شخص معنوي عام –سلطة عامة أو بلدية أو مؤسسة عمومية – أو جمعية يخولها القانون ذلك([8])، كما يعرفها البعض بأنها “عقوبة تقوم على إلزام الجاني بالقيام بالعمل في إحدى المؤسسات الحكومية، لعدد معين من الساعات خلال فترة العقوبة سواء بصفة يومية أو لعدد معين من الأيام خلال الشهر، يحددها الحكم الصادر والذي يحدد كذلك المؤسسة التي سيقوم المحكوم عليه بتنفيذ الحكم بها، وكذلك نمط العمل الذي سيقوم به وعدد ساعاته، والفترة التي يجب عليه إتمام تنفيذ تلك الساعات خلالها أي فترة العقوبة”([9]).

ويمكننا تعريف عقوبة العمل للنفع العام من وجهة نظرنا بأنها: “عقوبة مقيدة للحرية بديلة عن عقوبة الحبس القصير المدة، يكلف من خلالها المحكوم عليه بها بعد موافقته – بموجب حكم قضائي – بأداء عمل معين بدون مقابل، لفائدة شخص معنوي عام أو خاص مكلف بالخدمة العامة، وذلك بعد دراسة ملف الحالة الخاص به من قبل سلطة مختصة”.

وقد خصّ المشرع الجنائي عقوبة العمل للنفع العام بمجموعة من الشروط، إذ لا يمكن للمحكوم عليه الاستفادة منها إلا بتوافر هذه الشروط، وتقسم هذه الأخيرة إلى شروط تتعلق بالجريمة، وشروط تتعلق بالشخص المجرم، وأخرى تتعلق بالعمل المكلف به، وذلك على التفصيل التالي:

1- شروط عقوبة العمل للنفع العام المتعلقة بالجريمة.

حصر المشرع الجزائري مجال تطبيق عقوبة العمل للنفع العام –باعتبارها بديلا للعقوبة السالبة للحرية- في جميع المخالفات المعاقب عليها بالحبس، وبعض الجنح فقط، ومن ثمّ أخرجت الجنايات من نطاق تطبيقها، كونها تعتبر أخطر أنواع الجرائم([10]) عملاً بمبدأ جسامة الجريمة، كما اشترط في المادة 5 مكرر1 من قانون العقوبات، أن تكون عقوبة الجريمة المرتكبة وفقا للقانون لا تتجاوز ثلاث (3) سنوات حبس([11])، وأن تكون مدة الحبس المنطوق بها لا تتجاوز سنة حبساً، وبذلك قد تكون هذه الأخيرة هي ذاتها العقوبة التي قرّرها قانون العقوبات للجريمة المرتكبة من المحكوم عليه، وهو ما يصدق على المخالفات، والجنح المعاقب عليها من شهرين إلى سنة حبس([12]) ، كما قد لا تكون العقوبة ذاتها قانونا، وإنما تمثل العقوبة المنطوق بها من القاضي بعد مراعاته لظروف الجريمة والجاني، وإعماله لظروف التخفيف التي تنزل بالمدة إلى سنة حبس أو أقل، وهو ما يصدق على الجنح المعاقب عليها قانونا بحد أدنى يساوي سنة حبس أو أكثر، وحد أقصى يساوي 3 سنوات حبس أو أقل.

2- شروط عقوبة العمل للنفع العام المتعلقة بالشخص المجرم.

إن عقوبة العمل للنفع العام باعتبارها عقوبة بديلة للحبس تطبّق على الشخص الطبيعي لا المعنوي، وبذلك لا يمكن الحكم على أية مؤسسة أو شركة أو أي شخص معنوي بعقوبة العمل للنفع العام، كونها لا تتناسب وطبيعة هذا المحكوم عليه، ولا يمكن قانونا تطبيقها على الأشخاص الطبيعين الذين تقل أعمارهم عن 16 سنة وقت ارتكابهم للجريمة عملا بأحكام المادة 5 مكرر1 من قانون العقوبات، وهو الحد الأدنى لسن العمل في الجزائر بموجب المادة 15 من القانون رقم 90-11([13]) . كما اشترط المشرع الجزائري أن يكون المتهم غير مسبوق قضائياً حتى يستفيد من هذه العقوبة البديلة، ويعدّ مسبوقاً قضائياً طبقا لأحكام المادة 53 مكرر5 من قانون العقوبات كل شخص طبيعي محكوم عليه بحكم نهائي بعقوبة سالبة للحرية، مشمولة أو غير مشمولة بوقف التنفيذ، من أجل جناية أو جنحة من القانون العام دون المساس بالقواعد المقرّرة لحالة العود، وبالتالي يعتبر غير مسبوق قضائياً بمفهوم المخالفة لنص هذه المادة، المحكوم عليه نهائيا بعقوبة سالبة للحرية من أجل مخالفة، وكذلك المحكوم عليه بغرامة فقط، وكذا الشخص الذي رد له الاعتبار وفق أحكام قانون الإجراءات الجزائية، باعتبار أن رد الاعتبار يزيل آثار الحكم الجزائي بالنسبة للمستقبل([14])، طبقا لنص المادة 676 منه. وهو ما يفسر نية المشرع الجزائري في حصر تطبيق عقوبة العمل للنفع العام على المجرمين المبتدئين فقط، الذين ليس لديهم خطورة إجرامية أو ميْل لارتكاب الجريمة، وحرمان المجرمين الخطرين ومعتادي الإجرام من الاستفادة من هذه العقوبة.

هذا وتشترط الفقرة الأخيرة من المادة 5 مكرر1 من قانون العقوبات الموافقة الصريحة للمحكوم عليه على هذه العقوبة، وذلك ما يستوجب حضوره لجلسة النطق بالعقوبة لاستطلاع رأيه بالموافقة أو الرفض، وهو ما يؤكده أيضا المنشور الوزاري الصادر عن وزير العدل بشأن كيفيات تطبيق عقوبة العمل للنفع العام([15])، وحضور المتهم في جلسة النطق بالعقوبة غير كاف، إذ على الجهة القضائية أن تأخذ موافقته ورضاه الصريح لتطبيق عقوبة العمل للنفع العام عليه، وأن يُنوّه بذلك في الحكم، وهو ما تؤكده الفقرة الأخيرة من المادة 5 مكرر1 التي تنص على أنه: “… ويتعيّن على الجهة القضائية قبل النطق بهذه العقوبة إعلامه بحقه في قبولها أو رفضها والتنويه بذلك في الحكم”.

3- الشروط المتعلقة بالعمل المكلف به المحكوم عليه في عقوبة العمل للنفع العام.

خصّ المشرع الجزائري العمل محل عقوبة العمل للنفع العام بمجموعة من الضوابط القانونية، حيث أخضعه لشروط معينة، ذلك أنّ هذا العمل ليس كغيره من العمل الاختياري الذي يمتهنه الإنسان في حياته اليومية، فهو لا يخرج عن كونه أحد صور الجزاء الجنائي، لذلك اشترط المشرع أن يكون هذا العمل ذو نفع عام، أي أنه يتميز بطابع المنفعة، فيكون لفائدة المجتمع([16]) لا لصالح الضحية([17]) ، لأنّ الجريمة المرتكبة من طرف الجاني أحدثت خللا اجتماعيا مسّ المجتمع والمتضرر معاً، وحتى يكفر عن خطئه يلزمه القانون بإصلاح الخلل الاجتماعي الحاصل، عن طريق قيامه بعمل يكون لفائدة المصلحة العامة، سواء كانت مادية أو معنوية. وقد عبّر المشرع عن مفهومه للمنفعة العامة من خلال تحديده للجهات التي خوّلها استقبال المحكوم عليهم لعقوبة العمل للنفع العام، حيث حصرها في الأشخاص المعنوية العامة بموجب المادة 5 مكرر1 من قانون العقوبات. كما يشترط أن يكون العمل مجانياً، أي أن المحكوم عليه بعقوبة العمل للنفع العام، يؤدي العمل المكلف به بدون أجر، فلا يتلقى مقابلا ماليا نظير ما يقوم به من عمل.

وقد حددت ساعات العمل للنفع العام بأربعين (40) ساعة كحد أدنى، وستمائة (600) ساعة كحد أقصى بالنسبة للمحكوم عليه البالغ، أما بالنسبة للمحكوم عليه القاصر فيجب أن لا تقل هذه المدة عن عشرين (20) ساعة، ولا تزيد عن ثلاثمائة ساعة (300)، وما يلاحظ أنها نصف المدة المقررة للمحكوم عليه البالغ([18]) . أمّا عن كيفية حساب وتوزيع هذه الساعات، فقد اتبع المشرع الجزائري قاعدة مفادها أنّ “كل يوم حبس تقابله ساعتين من العمل”، طبقا للمادة 5 مكرر1 من قانون العقوبات، فعلى سبيل المثال يكون حساب عدد ساعات العمل المكلف بها المحكوم عليه بعقوبة شهرين حبس وفقا لهذا المعيار كالتالي:

لدينا: 1 يوم حبس يقابله 2 ساعة عمل.

60 يوم حبس (شهرين) س؟

س= 120 ساعة عمل.

وقد حدد أجل تنفيذ هذا العمل بثمانية عشر (18) شهرا طبقا للمادة 5 مكرر1 من قانون العقوبات، يبدأ حسابه من يوم صيرورة الحكم أو القرار الصادر بعقوبة العمل للنفع العام نهائيا، وفقا لما تنص عليه المادة 5 مكرر 6 من قانون العقوبات بقولها: “لا تتفّذ عقوبة العمل للنفع العام إلا بعد صيرورة الحكم نهائياً”.

هذا وتختلف عقوبة العمل للنفع العام عن العمل العقابي، الذي يقصد به النشاط المهني أو الحرفي الذي يكلف به نزلاء المؤسسات العقابية سواء داخل أو خارج هذه المؤسسات، باعتباره عنصرا من عناصر التأهيل المطلوب([19])، حيث يتم توفير عمل لنزلاء المؤسسة العقابية بهدف تدريبهم وتأهيلهم للحصول على فرص عمل بعد الإفراج عنهم([20])، وقد أكدت هذا المعنى مجموعة من المؤتمرات والقوانين الدولية، ووفقا للمواد من 96 وما بعدها من القانون رقم 05-04 المتعلق بتنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، ويتخذ العمل العقابي عدة أشكال أو أساليب، فإما أن يكون داخل المؤسسة العقابية وإما أن يكون خارجها، ويتخذ هذا الأخير طرقا ثلاثة تعتمد على البيئة المفتوحة وهي: العمل وفقا لنظام الورشات الخارجية، ونظام الحرية النصفية، ومؤسسات البيئة المفتوحة، حيث تنص المادة 100 من القانون المشار إليه أعلاه على أنه “يقصد بنظام الورشات الخارجية قيام المحبوس المحكوم عليه نهائيا بعمل ضمن فرق خارج المؤسسة العقابية، تحت مراقبة إدارة السجون لحساب الهيئات والمؤسسات العمومية، ويمكن تخصيص اليد العاملة من المحبوسين ضمن نفس الشروط، للعمل في المؤسسات الخاصة التي تساهم في إنجاز مشاريع ذات منفعة عامة”، و تنص المادة 104 على ما يلي “يقصد بنظام الحرية النصفية وضع المحكوم عليه نهائيا خارج المؤسسة العقابية خلال النهار، منفردا ودون حراسة أو رقابة الإدارة ليعود إليها مساء كل يوم”، أما المادة 109 فتنص على ما يلي “تتخذ مؤسسات البيئية المفتوحة شكل مراكز ذات طابع فلاحي أو صناعي أو حرفي أو خدمات، أو ذات منفعة عامة، وتتميز بتشغيل وإيواء المحبوسين بعين المكان”.

نلاحظ أن المشرع الجزائري خصّ عقوبة العمل للنفع العام بالجرائم البسيطة، وحدّدها وفقا للمادة 5 مكرر01 من قانون العقوبات بالمخالفات والجنح التي لا تتجاوز عقوبتها قانوناً ثلاث سنوات حبس، وأن لا تتجاوز العقوبة المنطوق بها سنة حبساً، وبذلك يكون قد استثنى الجنح التي تكون العقوبة المنطوق بها فيها تتجاوز سنة ولو كانت عقوبتها المقررة قانوناً لم تتجاوز 3 سنوات حبس، والجنح المعاقب عليها قانونا بأكثر من 3 سنوات حبس والجنايات عموماً، غير أنه وبالرجوع إلى العمل العقابي، نجد أنّ مؤتمر باريس المنعقد سنة 1895 قد اعتبره كقاعدة عامة إلزامياً في جميع العقوبات التي تستتبع الحرمان من الحرية([21])، فالعمل العقابي مرتبط ارتباطا وثيقاً بالعقوبة السالبة للحرية، لاسيما الجنح والجنايات، حيث أنّ المشرع الجزائري لم يحدد بالضبط المدة القانونية للعقوبة السالبة للحرية التي يمكن أن يستفيد المحكوم عليه بها من العمل خارج المؤسسات المغلقة، غير أنّه وبالرجوع إلى المادة 106 من القانون رقم 05-04 المتعلق بتنظيم السجون والتي تحدد المستفيد من نظام الحرية النصفية، فإنّنا نستنتج أن العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها على الشخص لا يجب أن تقل عن سنتين (24 شهر) كأقصى تقدير.

يُستفاد ممّا سبق، أنّ للعمل العقابي علاقة بالعقوبة السالبة للحرية سواء كانت طويلة أو قصيرة المدة، والعلة في ذلك أنّ العمل العقابي يهدف إلى إصلاح وتأهيل المحكوم عليه، ولن يستفيد من أنظمة العمل خارج المؤسسة العقابية إلاّ من حاز على ثقة الإدارة العقابية، ممّا يعني أنّ المحكوم عليه قضى وقتا لا بأس به داخل السجن حتى أثبت جدارته وأحقيته بالعمل خارج السجن، والتخلص من قيود الحراسة المشددة عليه([22])، وهو ما يعني أن العمل العقابي يطبق على الجنح كما يطبق على الجنايات. وعلى عكس ذلك، فإنّ عقوبة العمل للنفع العام استحدثت كبديل لعقوبة الحبس القصير المدة في أغلب التشريعات([23])، لذلك نجدها مطبقة في المخالفات –بالنسبة للتشريعات التي تأخذ بالحبس كعقوبة أصلية في المخالفات- وبعض الجنح([24])، وبذلك تمّ إقصاء الجنايات في جميع الأحوال، إذ لا يجوز تطبيق عقوبة العمل للنفع العام عليها.

بعد أن تطرقنا لمفهوم الأشخاص المعنوية العامة وعقوبة العمل للنفع العام والفرق بينها وبين العمل العقابي، نتولى الآن التطرق إلى دور الأشخاص المعنوية العامة في تطبيق هذه العقوبة في المحور الثاني.

المحور الثاني: إشراك الأشخاص المعنوية العامة في تطبيق عقوبة العمل للنفع العام.

أشرك المشرع الجزائري الأشخاص المعنوية الخاصة إلى جانب الأشخاص المعنوية العامة في استقبال المحبوسين المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية لأداء العمل العقابي المنصوص عليه في المادة 100 من القانون رقم 05-04 المتعلق بتنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين المشار إليها سابقا، باعتبارها أسلوبا من أساليب المعاملة العقابية. غير أننا سنقتصر في دراستنا على دور الأشخاص المعنوية العامة في تطبيق عقوبة العمل للنفع العام -دون العمل العقابي- باعتبارها موضوع ورقتنا البحثية.

يشترط لنجاح تطبيق عقوبة العمل للنفع العام – فضلا عن توافر شروطها القانونية – اجتماع عدة جهات أو أطراف خولهم القانون ذلك، وهم قضاة الحكم، النيابة العامة، قاضي تطبيق العقوبات، الجهات المستقبلة للمحكوم عليه، وهذا الطرف الأخير هو محور دراستنا في هذه الورقة البحثية، إذ تتمثل هذه المؤسسات وفقا لقانون العقوبات الجزائري في الأشخاص المعنوية العامة دون الخاصة، وهي الدولة وفروعها من ولايات وبلديات وكافة المؤسسات والدواوين العامة، والمرافق والهيئات المصلحية التي يعترف بها القانون كالجامعات والمستشفيات …الخ، حيث خولها القانون مهمة استقبال المحكوم عليهم بعقوبة العمل للنفع العام ومراقبة تنفيذهم لها وإبلاغ السلطات المختصة بكل ما يتعلق بهم، غير أن التشريعات المقارنة وسعت في قائمة الهيئات المستقبلة ولم تقصرها على أشخاص القانون العام فقط، فنجد المشرع الفرنسي مثلا أعطى هذه المهمة لأشخاص القانون العام، وكذلك الأشخاص المعنوية الخاصة المكلفة بمهام الخدمة العامة وكذلك الجمعيات المؤهلة قانونا لذلك([25]) .

أولا: كيفية تعيين الجهات المستقبلة للمحكوم عليه.

لم يحدد قانون العقوبات الجزائري، ولا المنشور الوزاري كيفية تحديد قاضي تطبيق العقوبات للجهات المكلفة باستقبال المحكوم عليهم بعقوبة العمل للنفع العام، غير أنه يجب على المشرع الجزائري النص على طريقة قانونية لاختيار هذه المؤسسات أسوة بنظيرهما الفرنسي الذي اعتمد أحكاما قانونية محددة في هذا الصدد، أقرّتها المواد من ر131-12 إلى ر131-20 من قانون العقوبات، حيث اعتمد على نظام التأهيل([26]) (L’habilitation) لإعداد قائمة خاصة بمؤسسات القبول، المتمثلة أساسا في الجمعيات العامة والأشخاص المعنوية الخاصة المكلفة بالخدمة العامة، كون الأشخاص المعنوية العامة مؤهلة بقوة القانون، وتقدم الجهة الراغبة في الانتفاع بأعمال المحكوم عليه طلبها إلى قاضي تطبيق العقوبات إذا كان المحكوم عليه بالغاً، أما إذا كان هذا الأخير حدثا، فتقدم طلبها إلى قاضي الأحداث([27]) ، فإذا تعلق الأمر بتأهيل الجمعيات العامة، تقدم طلب التأهيل إلى قاضي تطبيق العقوبات بعد عرضها لقائمة الأعمال المتوفرة لديها، ويكون الطلب مرفقا بالوثائق التالية:

1- نسخة من الجريدة الرسمية المتضمنة الإعلان عن إنشاء الجمعية.

2- نسخة من النظام الخاص بالجمعية، وعند الاقتضاء نسخة من القانون الداخلي لها.

3- قائمة خاصة بالمؤسسات التابعة لها والإشارة إلى مقراتها.

4- عرض الشروط الخاصة بسيْر الجمعية.

5- ذكر الألقاب والأسماء وتواريخ وأماكن الميلاد، وجنسية وعنوان أعضاء مجلس الإدارة، ومكاتب الجمعية وممثليها المحليين.

6- الوثائق المتعلقة بآخر النشاطات المالية، وميزانية النشاط الساري وحساب يتضمن أصولها وخصومها من عقارات ومنقولات([28]).

أما عن الوثائق الواجب إرفاقها بطلب التأهيل إذا تعلق الأمر بأشخاص معنوية خاصة مكلفة بالخدمة العامة فتتمثل في:

1- نسخة من النظام الخاص بالشخص المعنوي.

2- مستخرج من السجل التجاري صالح لمدة ثلاثة أشهر.

3- نسخة من كشف الحساب السنوي، وعرض آخر النشاطات المالية.

4- ألقاب وأسماء وتواريخ وأماكن ميلاد، الأشخاص المكلفين بالتأطير التقني.

5- قائمة بالأعمال المقترحة وعدد المناصب المقدمة([29]) .

ويقوم قاضي تطبيق العقوبات بإرسال طلب التأهيل إلى المجلس الإقليمي للوقاية من الإجرام ومساعدة الضحايا ومكافحة المخدرات والطائفية والعنف ضد المرأة، لإبداء رأيه خلال مهلة شهرين طبقا للمادتين R131-13 وR131-18 من قانون العقوبات، كما يبلغ وكيل الجمهورية عملا بأحكام المادتين R131-13 وR131-19) الذي يبدي رأيه خلال عشرة أيام، ليتخذ بعدها قاضي تطبيق العقوبات قراره بشأن منح التأهيل للجهة المعنية وفقا للمادة R131-13، ويبلغه لكل من رئيس المحكمة، ووكيل الجمهورية، والمجلس الإقليمي للوقاية من الإجرام ومساعدة الضحايا ومكافحة المخدرات والطائفية والعنف ضد المرأة، كما يبلغ قراره للجمعية العامة للقضاة ونيابة مقر المحكمة، ويكون التأهيل لمدة خمس (5) سنوات طبقا لأحكام المادة R131- 13 من قانون العقوبات.

هذا ويمكن لوزير العدل منح التأهيل إذا تعلق الأمر بجمعية أو شخص معنوي خاص مكلف بأداء الخدمة العامة يمارس نشاطه على كامل التراب الوطني، ويكون تأهيله ساري المفعول أيضا لمدة (5) خمس سنوات، وتحدد قائمة الأشخاص المعنوية المؤهلة لاستقبال المحكوم عليه بعقوبة العمل للنفع العام بموجب قرار من وزير العدل([30]) ، لكن في ماذا يتمثل دور هذه الهيئات المستقبلة؟

ثانيا: دور الهيئات المستقبلة للمحكوم عليه بعقوبة العمل للنفع العام.

يقع على عاتق هذه الهيئات واجب إعطاء المعنى الحقيقي لعقوبة العمل للنفع العام، وذلك من خلال التزامها بجملة من الواجبات، أولها التزامها بإعلام قاضي تطبيق العقوبات بأي تعديل يمس نظامها الخاص أو أي عنصر من العناصر المشار إليها في المادة ر131-12 من قانون العقوبات الفرنسي، والتي على أساسها تمّ منحها التأهيل لاستقبال المحكوم عليه بعقوبة العمل للنفع العام، كما تلتزم بمرافقة هذا الأخير بهدف المساهمة في تأهيله وإعادة إدماجه من جديد في المجتمع، ولهذا الغرض تقوم بتعيين موظف مختص يكون مسؤولا عن الشخص المعني طوال فترة أدائه لعمله لديها، وتعلم قاضي تطبيق العقوبات أو عون الاختبار بهذا الموظف المختص الذي يدير ويشرف تقنيا على عمل المحكوم عليه عملا بأحكام المادة ر131-30 من قانون العقوبات الفرنسي([31]) ، حيث يصبح المستفيد من العمل للنفع العام ضمن فريق عمل مستعد لاستقباله، ويوفر له كل ما يحتاجه من أدوات ومعدات للقيام بعمله، آخذا بعين الاعتبار الأنظمة المتعلقة بالنظافة والأمن والعمل ليلا، وعمل النساء والعمال الشباب([32]) ، كما يسهر على مراقبته لمدى احترامه لساعات العمل المكلّف بها والتوقيت المحدد لها، حيث يقوم هذا الموظف بإخطار قاضي تطبيق العقوبات أو عون الاختبار عن كل إخلال بالالتزامات المتعلقة بالعمل للنفع العام، أو أي حادث يسببه المحكوم عليه، بمناسبة تنفيذه لعمله([33]) ، كما له سلطة إيقاف تنفيذ العمل في حالة وجود خطر على المحكوم عليه أو على الغير، أو وقوع خطأ جسيم من المحكوم عليه، وعليه في هذه الحالة إبلاغ قاضي تطبيق العقوبات أو عون الاختبار بدون تأخير عملاً بأحكام المادة ر131-33 من قانون العقوبات الفرنسي، أي أنه يلتزم بموافاة قاضي تطبيق العقوبات دوريا بكيفية سير العمل للنفع العام، وإبلاغه عن أي غياب أو حادث يطرأ أثناء التنفيذ، وفي ختام تنفيذ عقوبة العمل للنفع العام، تسلّم الجهة المنفّذ لديها العمل وثيقة لقاضي تطبيق العقوبات أو عون الاختبار، ونسخة للمحكوم عليه، تثبت تنفيذه للعمل المكلف به([34]) .

وبهذا تكون الهيئة المستقبلة للمحكوم عليه بعقوبة العمل للنفع العام قد أدت وظيفتها المنوطة بها قانونا، وأشرفت على تنفيذ هذه العقوبة البديلة بالاشتراك مع الهيئات القضائية المختصة، وعلى رأسها قاضي تطبيق العقوبات، لكن كيف يجسد هذا الدور في حماية البيئة؟

هذا ماسنتطرق له في المحور الموالي.

المحور الثالث: دور الأشخاص المعنوية العامة في حماية البيئة بواسطة عقوبة العمل للنفع العام.

رأينا أن المشرع الجزائري قد حصر تطبيق عقوبة العمل للنفع العام في الأشخاص المعنوية العامة دون الخاصة، كما سبق توضيحه، ولعل ذلك راجع لثقته فيها كونها من أشخاص القانون العام، وتستهدف تحقيق الصالح العام إذا ما قورنت بالأشخاص المعنوية الخاصة التي تسعى إلى تحقيق الربح، ويصطلح على تسمية الأشخاص المعنوية العامة في إطار تطبيقها لعقوبة العمل للنفع العام بـــ “الهيئات أو المؤسسات المستقبلة”، كونها تستقبل المحكوم عليهم بهذه العقوبة لأداء العمل المكلفين به من قبل قاضي تطبيق العقوبات، وفي إطار بحثنا يمكن أن يكون هذا العمل من الأعمال التي قد تساهم في حماية البيئة، بغض النظر عن نوع الجريمة التي ارتكبها المكلف بأداء هذا العمل، سواء كانت جريمة بيئية أو جريمة أخرى تتوفر فيها شروط الحكم بهذه العقوبة البديلة. وتنوع هذه الأعمال يتوقف على طبيعة المناصب المقترحة من الجهات المستقبلة للمحكوم عليهم، وعادة ما تكون هذه الأعمال في مجال تحسين البيئة،كحماية المساحات الخضراء والشواطئ، أوإصلاح مختلف الأضرار اللاحقة بها، وأعمال الصيانة، كالطلاء، التنظيف، البناء، الاعتناء بالحدائق العامة، أو ترميم وصيانة التراث، كإعادة ترميم المباني العامة وتنظيفها، أو المشاركة في الأعمال التضامنية، كمساعدة المحرومين ومرافقة ذوي الاحتياجات الخاصة، وتدريس المكفوفين وأي أعمال أخرى في إطار التضامن، أو المساهمة في الأنشطة التدريبية أو بعض المهام الإدارية، كاستقبال المكالمات الهاتفية في الإدارة، والاستقبال والتوجيه([35])…إلخ.

وقد اشترط المشرع أن يكون نوع العمل الذي يكلف المحكوم عليه بأدائه، متناسبا وقدراته البدنية مثلما ورد في المنشور الوزاري رقم 2 المتعلق بكيفيات تطبيق عقوبة العمل للنفع العام، وفي هذا الصدد نقترح على قاضي تطبيق العقوبات تطبيق قاعدة “الجزاء من جنس العمل”، وهو ما يعني في بحثنا أن كل من يرتكب مخالفة تمس بأحكام التشريعات البيئية، ومتى توفرت شروط تطبيق عقوبة العمل للنفع العام، فإن قاضي تطبيق العقوبات يكلفه بعمل من شأنه أن يسهم في حماية البيئة، وهو ما توفره أشخاص معنوية عامة معينة كالولاية والبلدية، والمؤسسات التربوية، الجامعات والمستشفيات ومحافظة الغابات مثلا، ومديرية البيئة، فكل هذه الهيئات عبارة عن أشخاص معنوية عامة لها دور فعال في حماية البيئة، وبإسقاطنا لما قلناه أعلاه – بشأن تطبيق الأشخاص المعنوية العامة لعقوبة العمل للنفع العام- على هذه الهيئات، يمكن لقاضي تطبيق العقوبات أن يكلف المحكوم عليهم بأداء أعمال لدى هذه الأخيرة في مجال حماية اليئة، حيث أنه وباستقرائنا لبعض التشريعات البيئية في الجزائر، تمكنا من حصر بعض الجنح والمخالفات التي يمكن لقاضي الموضوع أن يحكم على مرتكبيها بعقوبة العمل للنفع العام بدلا من الحبس، ومن ثم يمكن لقاضي تطبيق العقوبات توجيههم إلى هذه الجهات المستقبلة التي يفترض أنها سبق وأن اقترحت عليه قائمة من مناصب العمل المتوفرة لديها، من شأنها أن تحمي البيئة من مختلف الأضرار التي تلحقها، كأن يكلف المحكوم عليه الذي ارتكب مخالفة تفريغ الأوساخ والردوم في الأملاك الغابية الوطنية، المنصوص عليها في المادة 86 من القانون رقم 84-12، بالعمل لدى محافظة الغابات باعتبارها مؤسسة ذات طابع إداري، من مهامها حماية النباتات وتوسيع الثروات الغابية وحماية الأراضي، بدلا من حبسه لمدة 10 أيام وفقا لما تقرره المادة المذكورة أعلاه، هذه الفترة القصيرة التي تفوق سلبياتها غرض الردع الذي يسعى القاضي إلى تحقيقه عند نطقه بهذه العقوبة السالبة للحرية القصيرة المدة([36])، إذ يمكن أن يكلفه بالتنظيف وجمع الأوساخ الموجودة في الأملاك الغابية الوطنية لمدة أربعين ساعة موزعة على أيام الأسبوع، بحساب ساعتين عمل عن كل يوم حبس، باعتبار أن الأربعين ساعة هي الحد الأدنى لعقوبة العمل للنفع العام وفقا لما تقرره المادة 5مكرر1 من قانون العقوبات، ليكون بذلك الجزاء من جنس العمل، ومن ثم تساهم محافظة الغابات في حماية البيئة من خلال استقبالها للمحكوم عليه لديها، وتمكينه من تنفيذ هذه العقوبة البديلة بدلا من حبسه.

كما يمكن تكليف المحكوم عليه المعاقب لارتكابه جنحة قلع وقطع الأشجار المنصوص عليها في المادة 74 من القانون 84-12، بأداء عمل معين لدى البلدية أو الولاية كهيئة مستقبلة له، طيلة فترة العقوبة المحددة بموجب مقرر الوضع، والتي يتحدد مجالها بين أربعين ساعة عمل كحد أدنى، و600 ساعة عمل كحد أقصى، بدلا من حبسه لمدة تتراوح بين شهرين وسنة، كأن تكلفه مثلا بالمشاركة في عمليات التشجير التي تجريها عادة، أو الاعتناء بالمساحات الخضراء والحدائق العامة التابعة لها، بحساب ساعتين عمل عن كل يوم حبس، وهو مايجعله يساهم في حماية البيئة من خلال زرعه وغرسه للأشجار بدل تلك التي تسبب في إتلافها، وبالتالي يستفيد المحكوم عليه من درس عملي وتطبيقي في المحافظة على الأشجار والنباتات وعدم الاعتداء عليها بأي صورة، وإن كان المحكوم عليه مدرسا مثلا يمكن تكليفه بإعطاء دروس مجانية في المؤسسات التربوية، يوعيهم من خلالها بأهمية الغطاء النباتي وعملية التشجير، ودورها في حماية البيئة، ويوضح لهم سلبيات الاعتداء عليها.

والعمل ذاته يمكن أن يكلف به المحكوم عليه لارتكابه جنحة إتلاف أموال الغير بدون قصد عن طريق الحريق، المنصوص عليها في المادة 405 مكرر من قانون العقوبات، كما يمكنه أن يكلف في هذه الحالة بالعمل كحارس للأملاك الغابية الوطنية لدى محافظة الغابات، خلال المدة المحددة له من قبل قاضي تطبيق العقوبات، وذلك عقابا له على إهماله وعدم حيطته ورعونته التي تسببت في إتلاف أموال الغير، وحتى يتمكن أيضا من معرفة الأهمية التي تكتسيها هذه الأملاك الغابية. هذا ويمكن أن يكلف مرتكب المخالفة المنصوص عليها في المادة 64 من القانون رقم 01-19 المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها([37])، والخاصة بإيداع النفايات الخاصة الخطرة أو رميها أو طمرها أو غمرها أو إهمالها في غير المواقع المخصصة لهذا الغرض، بالعمل لدى مركز للردم التقني للنفايات، باعتباره مؤسسة اقتصادية تجارية – يتمثل نشاطها الرئيسي في التخلص والاستفادة من النفايات بطرق تقنية وحديثة وبأقل ضرر ممكن على صحة الإنسان والبيئة([38])- بدلا من حبسه، إذ يحدد المشرع عقوبة هذه الجريمة بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، كما يمكن أن يكلف كل من ترك تسربا في المياه السطحية المعاقب عليه بموجب المادة 100 من القانون رقم 03-10 المتعلق بحماية البيئة والتنمية المستدامة، بالحبس لمدة سنتين، بالعمل لدى البلدية كعامل مكلف بالسهر على تنظيم توزيع المياه الصالحة للشرب، باعتبارها من المهام الرئيسية التي تسهر البلدية على توفيرها للمواطنين، لمدة زمنية لا تتجاوز 600 ساعة كحد أقصى يحددها قاضي تطبيق العقوبات في مقرر الوضع، وبذلك يدرك المحكوم عليه أهمية الثروة المائية وضرورة الحفاظ عليها.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن هذه المؤسسات العامة المستقبلة، يمكنها أن توفر للمحكوم عليهم مناصب عمل تهدف إلى حماية البيئة، حتى وإن كانت الجرائم التي ارتكبوها لا علاقة لها بالبيئة، كأن تكلفهم مثلا بأعمال التنظيف في المستشفيات أو الطلاء أو ترميم الأماكن التراثية وغيرها، كل حسب قدراته البدنية وخبراته المهنية أو الحرفية المسبقة، ومن ثم تساهم هذه لأشخاص المعنوية العامة كمحافظة الغابات والبلدية والولاية والمستشفيات ومختلف الهيئات الأخرى، في حماية البيئة من خلال استقبالها للمحكوم عليهم لديها، وتمكينهم من تنفيذ هذه العقوبة البديلة بدلا من حبسهم، وهو ما يجنب هؤلاء الجناة أيضا مساوئ عقوبة الحبس القصيرة المدة، فيستفيد منهم المجتمع من خلال أدائهم للأعمال المكلفين بها في حماية البيئة ولو بالقدر اليسير، وهو ما يساهم أيضا في تحقيق الأمن البيئي.

الخاتمة:

عقوبة العمل للنفع العام هي عقوبة بديلة للعقوبة السالبة للحرية، تقوم على فكرة استثمار العقوبة من خلال تعويض الضرر الذي يسببه السلوك الإجرامي للجماعة، بتكليف المتسبب في الضرر بعمل يعود بالفائدة على المجتمع، فهي عقوبة مقيدة للحرية يكلف من خلالها المحكوم عليه بموجب حكم قضائي، وبعد موافقته بأداء عمل معين بدون مقابل، لفائدة شخص معنوي عام في القانون الجزائري -وتنفذ أيضا لدى شخص معنوي خاص مؤهل لتحقيق المنفعة العامة في بعض التشريعات المقارنة- وذلك طبقا للمواد من 5 مكرر 1 إلى 5 مكرر 6 من قانون العقوبات الجزائري. ولهذه الأشخاص المعنوية العامة دور رئيسي ومهم في حماية البيئة باعتبارها تمثل السلطة العامة، لاسيما ضمن قانون العقوبات الجزائري، وبالضبط في إطار إشراكها في تطبيق آلية تشريعية مستحدثة ضمن السياسة العقابية الجزائرية منذ 2009، وهي عقوبة العمل للنفع العام، والجانب الإيجابي في هذه المسألة هو أن الأشخاص المعنوية العامة سوف تحقق المصلحة العامة للمجتمع بحمايتها للبيئة، بتكلفة مالية أقل، كون العمل المؤدى من المحكوم عليهم بهذه العقوبة مجاني، أي بدون مقابل مالي، وفي هذا استثمار للمحكوم عليهم كيد عاملة إضافية، وبذلك يمكن للهيئات المستقبلة أن تستغل المال الذي وفرته في مشاريع تنمية أخرى، غير أن هناك جملة من النقائص المسجلة، منها قلة مناصب العمل المعروضة على قاضي تطبيق العقوبات وعدم تنوعها، فضلا عن غياب طريقة قانونية مضبوطة للتواصل بين الهيئات المستقبلة والجهات القضائية لعرض مقترحاتها بشأن هذه الأعمال، وهو ما يدفعنا لاقتراح التوصيات التالية:

– ضرورة إشراك الأشخاص المعنوية الخاصة في تطبيق هذه العقوبة البديلة، لا سيما وأن الواقع العملي في المجال البيئي يثبت الدور الرئيسي والمهم للجمعيات الناشطة في هذا المجال كجمعية الجزائر البيضاء، وجمعية أصدقاء البيئة، جمعية الواحة الخضراء والجمعية الوطنية لحماية البيئة ومكافحة التلوث، وجمعية دنيا لحماية البيئة بولاية الشلف مثلا..إلخ، وذلك حتى تتسم الأعمال المقترحة على المحكوم عليهم بالتنوع والوفرة، وتساهم في تحقيق الأمن البيئي، وهو ما يفرض على المشرع الجزائري إعادة النظر في هذه المسألة، بتوسيع قائمة الجهات المستقبلة للمحكوم عليهم إلى الأشخاص المعنوية الخاصة التي تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة.

– تطبيق عقوبة العمل للنفع العام على الأشخاص المعنوية مثلها مثل الأشخاص الطبيعية، مادام أن قانون العقوبات الجزائري يعترف بالمسؤولية الجزائية لها، ذلك أن المنشآت الصناعية هي أكثر الأشخاص إضرارا بالبيئة، سيما وأن هذه العقوبة لا تتعارض مع طبيعة هذه الكيانات الاعتبارية أو الافتراضية، كأن تلزم الشركات والمصانع والمؤسسات المخالفة للتشريعات البيئية مثلا بتقديم خدمات مجانية لحماية البيئة عموما.

– ضبط قائمة سنوية بالأعمال المقترحة من الهيئات المستقبلة الناشطة في المجال البيئي، وإيداعها على مستوى كل محكمة تابعة لدائرة الاختصاص القضائي لهذه الهيئات. حتى يتمكن قاضي تطبيق العقوبات من اختيار العمل المناسب للمحكوم عليه حسب قدراته البدنية وخبرته المهنية، في إطار مبدأ الجزاء من جنس العمل، متى اعتدى هذا المحكوم عليه -شخصا طبيعيا كان أو معنويا- على البيئة.

– ضرورة تبني المشرع الجزائري لأنماط جديدة لعقوبة العمل للنفع العام، حتى تكون فرص الحكم بها من قاضي الموضوع أكبر، كأن يتبنى هذه العقوبة باعتبارها عقوبة بديلة عن الغرامة، إذ لا يمكن أن تكون بديلة للحبس فقط، كون الحبس عقوبة لا يمكن تطبيقها على الشخص المعنوي.

– ضرورة تنظيم دورات وندوات تحسيسية وتعريفية بهذه العقوبة البديلة، ودور الأشخاص المعنوية العامة في تطبيقها، وتوضيح إمكانية تطبيها في المجال البيئي حماية للبيئة، سواء بصدد جرائم بيئية أو جرائم أخرى، حتى يكسر الحاجز الذي تعاني منه أغلب المؤسسات العامة تجاه المحكوم عليهم بهذه العقوبة، وعدم تقبلها لهم وعزوفها عن استقبالهم بحجة أنهم مجرمون.

قائمة المراجع:

أولا: القوانين.

– القانون رقم 84-12 المؤرخ في 23 يونيو 1984، المتضمن النظام العام للغابات، منشور في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية المؤرخة في 26 يونيو 1984.

– القانون رقم 90-11 المؤرخ في 21 أبريل 1990 المتعلق بعلاقات العمل، منشور في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية عدد 17، المؤرخة في 25 أبريل 1990.

– القانون رقم 01-19 المؤرخ في 12 ديسمبر 2001، المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها، منشور في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية العدد 77 المؤرخة في 15 ديسمبر 2001.

– القانون رقم 03-10 المؤرخ في 19 يوليو 2003 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة، منشور في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية عدد 43، المؤرخة في 30 يوليو2003.

القانون رقم 05-04 المؤرخ في 6 فبراير 2005 المتعلق بتنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، منشور في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، المؤرخة في 13 فبراير 2005، العدد 12.

– القانون رقم 09-01 المؤرخ في 25 فيفري 2009 المعدل والمتمم لقانون العقوبات الجزائري، الجريدة الرسمية رقم 15، المؤرخة في 8 مارس 2009.

– المنشور الوزاري رقم 2 المؤرخ في 21 أفريل 2009 المتعلق بكيفيات تطبيق عقوبة العمل للنفع العام.

ثانيا: الكتب والمقالات باللغة العربية.

– إسحاق إبراهيم منصور، نظريتا القانون والحق وتطبيقاتهما في القوانين الجزائرية، الطبعة التاسعة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2007.

– أيمن رمضان الزيني، العقوبات السالبة للحرية القصيرة المدة وبدائلها، دراسة مقارنة، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005.

– بلعسلي ويزة، المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن الجرائم الاقتصادية، رسالة دكتوراه في القانون، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري تيزي وزو، 2014.

– حدة فروحات، محمد حمزة بن قرينة، واقع التسيير المستدام للنفايات المنزلية: دراسة حالة المؤسسة العمومية الولائية لتسيير مراكز الردم التقني بورقلة، مجلة أداء المؤسسات الجزائرية، العدد 8، 2015.

– حسن علام، العمل في السجون من النواحي العقابية والقانونية والسجونية والاقتصادية، رسالة دكتوراه، القاهرة، 1960.

– جوهر قوادري صامت، مساوئ العقوبة السالبة للحرية القصيرة المدة، دورية الأكاديمية للدراسات الإجتماعية والإنسانية (أ)، العلوم الإقتصادية والقانونية، جامعة حسيبة بن بوعلي، الشلف، العدد 14 ،جوان 2015.

– رنا إبراهيم سليمان العطور، المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 22، العدد الثاني، 2006.

– سعداوي محمد الصغير، العقوبة وبدائلها في السياسة الجنائية المعاصرة، دار الخلدونية، الجزائر، 2012.

– سعداوي محمد الصغير، عقوبة العمل للنفع العام، دار الخلدونية، الجزائر، 2013.

– شينون خالد، العمل للنفع العام كعقوبة بديلة عن العقوبة السالبة للحرية، مذكرة ماجيستر، كلية الحقوق، جامعة الجزائر1، 2009، 2010.

– عبد الرحمن بن محمد الطريمان، التعزير بالعمل للنفع العام، دراسة تأصيلية مقارنة تطبيقية، أطروحة دكتوراه فلسفة في العلوم الأمنية، قسم العدالة الجنائية، كلية الدراسات العليا، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2013.

– عبد الرحمن خلفي، العقوبات البديلة، دراسة فقهية تحليلية تأصيلية مقارنة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2015.

– محمد السباعي، خصخصة السجون، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، 2009.

– هلالي عبد اللاه أحمد، محمد شنه، أصول علمي الإجرام والعقاب، الطبعة الأولى، كلية الحقوق، جامعة البحرين، 2008.

ثالثا: المراجع باللغة الأجنبية.

– Georges VERMELLE, travail d’intérêt général, jurisClasseur pénal, 11, 2006, LexisNexis.

-Philip L. REICHEL, comparative criminal justice systems, PEARSON, New Jersey, 5th edition,2008.

– Ministère de la justice, demande d’habilitation et d’inscription de travaux d’intérét général par une association ou une personne normale de droit privé chargée d’une mission de service public, Notice ne 51369#0, France.

([1]) المادة 4، بند 7 من القانون رقم 03-10 المؤرخ في 19 يوليو 2003 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة، منشور في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية عدد 43، المؤرخة في 30 يوليو2003.

([2]) إسحاق إبراهيم منصور، نظريتا القانون والحق وتطبيقاتهما في القوانين الجزائرية، الطبعة التاسعة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2007، ص 236.

([3]) بلعسلي ويزة، المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن الجرائم الاقتصادية، رسالة دكتوراه في القانون، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري تيزي وزو، 2014، ص 96.

([4]) رنا إبراهيم سليمان العطور، المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 22، العدد الثاني، 2006، ص 352.

([5]) بلعسلي ويزة، المرجع السابق، ص 98.

([6]) أنظر القانون رقم 09-01 المؤرخ في 25 فيفري 2009 المعدل والمتمم لقانون العقوبات الجزائري، الجريدة الرسمية رقم 15، المؤرخة في 8 مارس 2009.

([7]) عبد الرحمن بن محمد الطريمان، التعزير بالعمل للنفع العام، دراسة تأصيلية مقارنة تطبيقية، أطروحة دكتوراه فلسفة في العلوم الأمنية، قسم العدالة الجنائية، كلية الدراسات العليا، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2013، ص 94.

([8]) Georges VERMELLE, travail d’intérêt général, jurisClasseur pénal, 11, 2006, LexisNexis, p 2.

([9]) أيمن رمضان الزيني، العقوبات السالبة للحرية القصيرة المدة وبدائلها، دراسة مقارنة، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005، ص 209.

([10]) سعداوي محمد الصغير، العقوبة وبدائلها في السياسة الجنائية المعاصرة، دار الخلدونية، الجزائر، 2012، ص 84.

([11]) سعداوي محمد الصغير، عقوبة العمل للنفع العام، دار الخلدونية، الجزائر، 2013، ص 103، 104.

([12]) مثال ذلك جنحة إساءة استعمال السلطة ضد الأفراد المنصوص عليه في المادة 135 قانون عقوبات جزائري، والتي تنص على ما يلي: “كل موظف في السلك الإداري أو القضائي وكل ضابط شرطة وكل قائد أو أحد رجال القوة العمومية دخل بصفته المذكورة منزل أحد المواطنين بغير رضاه، وفي غير الحالات المقررة في القانون وبغير الإجراءات المنصوص عليها فيه، يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة من 20.000 إلى 100.000 دج دون الإخلال بتطبيق المادة 107″.

([13]) القانون رقم 90-11 المؤرخ في 21 أبريل 1990 المتعلق بعلاقات العمل، منشور في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية عدد 17، المؤرخة في 25 أبريل 1990.

([14]) عبد الرحمن خلفي، العقوبات البديلة، دراسة فقهية تحليلية تأصيلية مقارنة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2015، ص 173.

([15]) المنشور الوزاري رقم 2 المؤرخ في 21 أفريل 2009 المتعلق بكيفيات تطبيق عقوبة العمل للنفع العام، ص 2.

([16]) Philip L. REICHEL, comparative criminal justice systems, PEARSON, New Jersey, 5th edition,2008, p 316.

([17]) شينون خالد، العمل للنفع العام كعقوبة بديلة عن العقوبة السالبة للحرية، مذكرة ماجيستر، كلية الحقوق، جامعة الجزائر1، 2009، 2010، ص 91.

([18]) المنشور الوزاري رقم 2، المرجع السابق، ص 2.

) هلالي عبد اللاه أحمد، محمد شنه، أصول علمي الإجرام والعقاب، الطبعة الأولى، كلية الحقوق، جامعة البحرين، 2008، ص 445.[19](

([20]) محمد السباعي، خصخصة السجون، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، 2009، ص 78.

([21]) حسن علام، العمل في السجون من النواحي العقابية والقانونية والسجونية والاقتصادية، رسالة دكتوراه، القاهرة، 1960، ص 71.

([22]) هذه الحالة تخص قاضي تطبيق العقوبات وليس قاضي الحكم.

([23]) مثل التشريعين العقابيين الجزائري والتونسي.

([24]) تجدر الإشارة إلى أنّ المشرع الفرنسي لم يحدد مدة عقوبة الحبس في الجنح التي تستبدل بعقوبة العمل للنفع العام، وفقا للمادة 131-8 ق.ع.ف بل تركها على إطلاقها، لذلك لا تعتبر هذه العقوبة في القانون الفرنسي عقوبة بديلة للحبس القصير المدة.

([25]) المادة 131 -1 من قانون العقوبات الفرنسي.

)[26]( Ministère de la justice, Demande de l’habilitation, op.cit, p 1.

)[27]( Georges VERMELLE, op.cit, p 7.

)[28]( L’article R 131-12 du code pénal français.

)[29]( L’article R 131-12 et R 131-17 du code pénal français.

)[30]( L’article R 131-16-1 code pénal français.

وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن سحب التأهيل من هذه الهيئات بعد عقد الجمعية العامة للقضاة وأعضاء النيابة العامة من طرف رئيس المحكمة أو وكيل الجمهورية، وذلك بتصويت أغلبية الأعضاء الحاضرين، بعد إبداء ملاحظاتهم حول الشخص المعنوي المعني، وبعد تقديم قاضي تطبيق العقوبات لتقريره بهذا الشأن، وفي حالة الاستعجال يمكن لقاضي تطبيق العقوبات بناء على اقتراح أو توصية من وكيل الجمهورية أن يسحب التأهيل مؤقتا إلى حين صدور قرار الجمعية العامة للقضاة طبقا لأحكام المادة ر131-16 قانون عقوبات فرنسي.

)[31] (Georges VERMELLE, op.cit, p 9.

أنظر أيضا: المنصف بوزرارة، المرجع السابق، ص 13.

)[32]) Ministère de la justice, Demande de l’habilitation, op.cit, p.p 6, 7.

([33]) المنشور الوزاري 2، المرجع السابق، ص 5.

أنظر أيضاً: المادة ر131-32 من قانون العقوبات الفرنسي.

([34]) أنظر المادة ر131-34 من قانون العقوبات الفرنسي.

([35]) Ministère de la justice, demande d’habilitation et d’inscription de travaux d’intérét général par une association ou une personne normale de droit privé chargée d’une mission de service public, Notice ne 51369#0, France, p3.

([36]) لمزيد من التفصيل في المسألة راجع: جوهر قوادري صامت، مساوئ العقوبة السالبة للحرية القصيرة المدة، دورية الأكاديمية للدراسات الإجتماعية والإنسانية (أ)، العلوم الإقتصادية والقانونية، جامعة حسيبة بن بوعلي، الشلف، العدد 14 ،جوان 2015، ص 71-79.

([37]) القانون رقم 01-19 المؤرخ في 12 ديسمبر 2001، المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها، منشور في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية العدد 77 المؤرخة في 15 ديسمبر 2001.

([38]) حدة فروحات، محمد حمزة بن قرينة، واقع التسيير المستدام للنفايات المنزلية: دراسة حالة المؤسسة العمومية الولائية لتسيير مراكز الردم التقني بورقلة، مجلة أداء المؤسسات الجزائرية، العدد 8، 2015، ص 189.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت