بحث حول أركان جريمة السب العلني وفقا للقانون اليمني
بحث حول أركان جريمة السب العلني

أولاً:
الواقعة هي اعتداء بالسب والشتم في القضية رقم (442) وتاريخ3/12/2005م والتي تتلخص أمورها في عدة نقاط لابد البحث فيها وهي كالتالي:
1- بحث توافر أركان جريمة السب العلني.
2- الألفاظ – ما ورد في الشكوى – مقارنة مع الشهود.
3- الشهادة حيث أن المجني عليهم لم يكونوا حاضرين عند السب.
4- هل الشهادة أن السب تم في مجلس واحد “واقعة واحدة”.
قبل البدء على إجابة كل نقطة لابد من معرفة الامور الآتية:
– المقصود بالسب: هو توجيه كل ما يخدش الشرف والاعتبار دون اسناد واقعة معينة وإلا عد قذفاً والسب قد يكون علنياً م(306) عقوبات وقد يكون غير علني م(378/9) عقوبات.
– ويأتي أصل السب في اللغة/ يقصد بالسب شتم سواء بإطلاق اللفظ الصريح الدال عليه، او باستعمال المعارض التي تؤمي.
– وإصطلاح القانون/ الذي اعتبر السب كل إلصاق لعيب أو تعبير يحط من قدر الشخص نفسه أو يخدش سمعته لدى غيره.
المرجع: من كتاب جرائم العرض في قانون د/عبد الحكيم فودة سنة1997م
دار المطبوعات الجامعية –أسكندرية صـ413
وهذه التعاريف تنطبق عليها نص المادة(291) من قانون العقوبات اليمني والتي تنص:
(السب هو اسناد واقعة جارحة للغير لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه قانوناً أو أوجبت احتقارة عند أهل وطنه وكذلك كل إهانة للغير بما يخدش شرفه أو اعتباره دون ان يتضمن ذلك أسناد واقعة معينة إليه)
وهنا نلاحظ ان المشرع اليمني لم يشترط إلى الجهر بالسب أو الصياح أو اشتراطه في مكان عام وهذا لا بدل إلا على شيء هو أن القانون اليمني أطلق في المادة ولم يقيدها.

ثانياً: أركان السب العلني:
يقوم على ركنين أساسين وهما:
1- الركن المادي 2-الركن المعنوي

أولاً: الركن المادي:
والذي يتمثل في الآتي:
أ- وهو القول الجارح والذي يتمثل في خدش الشرف أو الاعتبار بأي وجه ويكون واضح أو جوهرة ينطوي على المساس بالشرف واعتبار المجني عليه حتى ولو اختلفت الوسيلة في التعبير عنها.
وهذا كله ينطبق على مادة(306) من قانون العقوبات التي نصت على:
(أن كل سب لا يشتمل على أسناد واقعة معينة بل تتضمن بأي وجه من الوجوة خدشاً للشرف أو الاعتبار)
المرجع من كتاب شرح قانون العقوبات
د/محمود نجيب حسني صـ699 دار النهضة العربية

ب- تحديد شخص المجني عليه:
لا يتطلب أن تصدر عبارات السب في حضور المجني عليه أو أن تصل إلى علمه.
ج- العلانية في القول:
تتخذ العلانية في الأصل صورة إحدى الوسائل التي حددتها المادة(171) وتنص على الآتي:
(وقد نصت على وسائل العلانية على سبيل المثال قد تكون عن طريق القول أو الكتابة أو الإيماء وتضاف إليها العلانية عن طريق التلفون)
وإذا ارتكب السب في الطريق العام توافرت له العلانية باعتباره ارتكب في مكان عام بطبيعته وكذلك لو حدث في قاعة جلسة محكمة توافرت له العلانية.
المرجع من كتاب شرح قانون العقوبات
د/محمود نجيب حسني صـ699

ويكن توضع ما ذكر سابقاً لمعرفة العلانية في القول والتي تتمثل في الجهر في مكان عام عن طريقة معرفة كلا من:
المكان العام/ هو المكان المطروق الذي يؤمه الناس بغير تمييز ويعتبر من الأماكن العامة الطرق العامة سواء كانت تربط بين المحافظات أو المراكز أو غيرها.

المقصود بالجهر/ قد يكون بالقول أو بالصياح
المقصود بالقول/ هو كل ما يتفوه به الإنسان من ألفاظ وعبارات.
أم الصياح/ هو كل صوت ولم يكن مركباً من ألفاظ واضحة.

المرجع من كتاب جرائم العرض في القانون
د/عبد الحكيم فودة سنة1997م صـ417
ثانياً: الركن المعنوي للسب:
تعتبر جريمة عمدية ومن ثم تتخذ ركنه المعنوي صورة القصد الجنائي والقصد في السب مقيد عام عنصراه العلم والإرادة:
أ‌) العلم:
يتعين ثبوت علم المتهم بمعنى الألفاظ التي صدرت عنه وإدراكه ما يتضمن هذا المعني من خدش لشرف المجني عليه واعتباره.
وإذا كانت هذه الألفاظ تحتمل معنيين أحدهما يمس الشرف والاعتبار وثانيها لا يمسه.
يفترض في هذا العلم إذا كانت الألفاظ في ذاتها “بحيث تفيد السب في ذاتها” خاصة إذا كانت دلالتها العرفية تتضمن من المعاني ما يمس شرف من وجهت إليه وكان المتهم نفسه ينتمي إلى البيئة التي تقرر للألفاظ دلالتها.
ب‌)الإرادة:
يتعين أن تتوافر لدى الجاني الإرادة المتجهة إلى النطق بعبارات السب.
ويتعين أن تتوافر لدى الجاني “إرادة الإذاعة” أي الإرادة المتجهة إلى ذيوع عبارات السب وإتاحة العلم بها للجهور الناس”.
وممكن أن نختصر الكلام السابق كله في نقاط معينة وهي:
أركان السب العلني:
1- خدش للشرف أو الاعتبار بأي وجه” وهذا يتمثل في كل خدش سواء كان لشخصه أو مركزه الوظيفي القانوني”.
2- العلانية
3- القصد الجنائي.
المرجع من كتاب جرائم القذف والسب وإفشاء الأسرار طبقاً لتعديل نهاياً للقانون
د/ عبد الحميد المنشاوي رقم(93) لسنة1995م.
اما بالنسبة للألفاظ وما ورد في الشكوى ومقارنة مع الشهود.
اولاًَ: الوقائع
أولاً كان الاعتداء بالسب كان على المدعو/ عادل علوي على أبو صريمة.
ثانياً: من قام بالاعتداء والسب المدعو/ علي صالح الحراضي.
حدث السب في تاريخ26/11/2005م في يوم السبت.
تم البلاغ في تاريخ1/12/2005م في تمام الساعة10صباحاً.

كان مضمون الشكوى هي كالتالي:
أنه قام المدعو/ علي صالح الحراضي بمباشرة السب العلني في عدة اماكن امام شهود بكلام فاحش وغير لائق والتي تضمنت أنه قال أنهم “بلا شرف ولا أخلاق وألفاظ أخرى”.
كان مضمون الشهادة هي كالتالي:
أ‌- كانت مضمون الشهادة الأولى وهي شهادة الشاهد الأول/ محمد أحمد عبد ربه الظاهري أن المدعو/ علي صالح الحراضي قد تلفظ على الموجهن المدعو/ عادل أبو صريمة والمدعو/ توفيق الطشي أنهم بلا أخلاف بعالي صوته حتى يسمعوه الناس ويشهر بالموجهين.
ب‌- كانت مضمون شهادة الشاهد الثاني/ سامي أحمد حسين السيد هي أنه قال المدعو/ علي صالح الحراضي أن الموجهين بلا أخلاق ولا ضمير.
نلاحظ مما سبق أن الشكوى جاءت شبه مطابقة لأقوال الشهود ولكن نلاحظ رغم اتفاق شهادة الشهود إلا أنه يوجد اختلاف في الألفاظ كما في الشكوى.
3- الشهادة حيث ان المجني عليهم لم يكونوا حاضرين عند السب:
وهذا ينطبق على ما جاء في الشكوى وكذلك في البلاغ الذي تم حيث قام المدعو/عادل علوي علي الصريمة بحسب ما تم أخبارة من كلاً من الأستاذ/ محمد الظاهري والمدعو/ سامي السيد بمعنى ان علم المجني عليه كان على شكل إخبار أنقل إليه”.
وهذا كله ينطبق إلى مورد في توضيح خاص من مرجع كتاب جرائم العرض في القانون د/عبد الحكيم فودة سنة1997م صـ417.
“أن العبرة لست بحدوث السمع بالفعل بل بإمكان حدوث ذلك ولو لم يتحقق السمع بالفعل لعدم ارتباد المكان فيه أفراد ولا يشترط أن يقع الطعن في حضور المجني عليه إذا يجوز ان يقع في غبته)
4- هل الشهادة أن السب تم في مجلس واحد “واقعة واحدة”
نعم الشهادة تمت في مجلس واحد وواقعة واحدة والدليل على ذلك هو ان من قام بالسب وهو المدعو/ علي صالح الحراضي قد التقى المدعو/ محمد الظاهري في الطريق وكذلك بالنسبة لمدعو/ سامي السيد والذي أفاد أنه خرج من باب منزله ووجد المدعو/ علي صالح الحراضي والمدعو/ محمد أحمد الظاهري بجانب منزله بمعنى أنه اتحد المجلس وكانت الواقعة واحدة كذلك وهو حول مشكلة المدرسات مدرسة الخنساء والموجهين والبيان النقابي.
من حيث قراءتي للقضية لاحظت الآتي ويكون رأي هو:
1- بحسب ما ورد في القضية أنها جريمة غير جسيمة والتي كانت وصفها هي واقعة سب وشتم وهذا ما تم في البلاغ إلى مدير البحث الجنائي ورفع على هذا الأساس إلى النيابة العامة.
2- سبق البلاغ شكوى بالموضوع السب والشتم وتم اتخاذ اللازم من حيث أخذ أقوال المبلغ وأقوال الشهود وأقوال الجاني والمعتدي بالسب والشتم.
3- كانت الشكوى وكذلك البلاغ نتيجة إخبار من الشهود على السب والشتم ولم يكن مباشرة من قبل الجاني على المجني عليه كما هو واضح.
4أن السب لم تتوفر فيه أركان السب العلني لعدة نقاط هامة منها:
1) أن السب وأن كان قد حدث في مكان عام وهو الطريق إلا أنه لم يأخذ شكل الصياح وأن أخذ على شكل القول لأنه انتفت الإرادة في السب كما انه أفضى لشخص بعبارات السب في مكان عام لصديقة يريد اسماعه وحدة هذه العبارات “محمد الظاهري” ولكن نتيجة ظهور شخص أخر وهو “سامي السيد” وسمع ذلك السب كان بدون قصد لذلك انتفى الركن المعنوي وهو اتجاه الإرادة بينما المشرع اليمني لم يشترط ذلك ونلاحظ ان المادة(291) ونصها المذكور قد تحققت واقعة السب.
5- قد يكون بواعث السب وهو نتيجة ما حدث للمدرسات مدرسة الخنساء قد تعتبر من عناصر القصد الجنائي في السب.
6- عدم تطابق الشهادة وما جاء في الشكوى وكذلك ما بين الشهود أنفسهم وعدم تتطابقها بلا أخلاق، بلا أخلاق وضمير، بلا شرف وبلا عرض وكلها لها مدلولها الخاص .
7- إنكار الجاني بأنه لم يسب أحد وأن غرضه كان عبارة عن مناصرة المدرسات الخنساء ونشر البيان النقابي الخاص وأن ما جرى هو عبارة عن موامرة الغرض منها إضاعة الموضوع الأساسي لا غير وكذلك القصد منه هو الانتقام بطريقة قانونية لا غير والدليل هو ما جاء في الشكوى من صياغة قانونية وأسانيد وطلبات وغيرها.
8- وجود شهود النفي
وهو أحمد عبد الله محمد النقيب والذي حضر عندما قام المدعو/ علي صالح الحراضي بمناداة الشاهد ضده على أنه سب ويسأله عن صحة ما قال وشهد فقال أنه لم يشهد ان على صالح الحراضي قد قام بسب الموجهين وأنه فقط تكلم بشأن المدرسات لاغير.
9- لابد من معرفة تتطابق الآتي:
أ‌- كانت واقعة السب في يوم السبت الموافق26/11/2005م حسب أقوال الشهود.
ب‌- كانت أقوال علي صالح الحراضي أنه في يوم الاثنين في تاريخ 27/11/2005م.
هذا التناقض الذي حدث في واقعة السب لا يدل إلا على شيء واحد هو تناقض الواقعة ونلاحظ من خلال الرجوع إلى التقويم تتطابق.
أقوال الشهود مع التقويم بينما تعارض مع أقوال على الحراضي بما يدل على احتمال الكذب أو عدم الدقة.
والذي كان من المفترض أن يكون التاريخ يوم الاثنين هو28/11/2005م.
وكذلك في حالة الشهود النفي وشهادتهم ومضمونها حول رجوع الشاهد الأول”محمد الظاهري” وإنكاره بما شهد فهذا لابد أن يكون الرجوع في مجلس القضاء.
10- فلابد أولاً من مناقشة الشهود وخاصة الإثبات ثم مناقشة شهود النفي ثم التأكد في مسألة حادثة السب متى حدثت.
اما بالنسبة لنص المادة(291) التي تنص على: (السب هو إسناد واقعة جارحة للغير لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه قانوناً أو أوجبت احتقاره عند اهل وطنه وكذلك كل إهانة للغير بما يخدش شرفه أو اعتباره دون ان يتضمن ذلك اسناد واقعة معنية إليه)
اولاً: لم يشترط المشرع اليمني في القانون اليمني كما في القانون المصري أن يكون السب العلني عن طريق:
الجهر – أو الصياح – أو في مكان عام
ولكن اعتبر واقعة السب للغير ان تكون واقعة جارحة ولم يحدد كيف يكون الجرح ولكن أطلقها بقوله أن تكون شكل احتقار بأي طريقة أو إهانة للغير بما يخدش الشرف أو الاعتبار.
والشرف هنا يتعلق بمكانته في المجتمع ونلاحظ هنا أن مس أولاً شخصة كإنسان وكذلك مس اعتباره كموجهين يعملوا في قطاع الدولة ومازالوا فيها “أعمالهم”.
ثانياً: نلاحظ في هذه الواقعة أن السب قد تحققت طبقاً لنص المادة.
أما بالنسبة لواقع التي حدثه في القضية قرينة بالتاريخ:
1- في 1/12/2005م يوم الخميس في تمام الساعة10صباحاً تم إبلاغ البحث الجنائي برداع عن واقعة السب.
2- حسب أقوال الشهود ان حادثة السب كانت في يوم السبت الموافق26/11/2005م.
3- حسب أقوال المتهم بحادثة السب أنه عندما كان ذهاب من جانب منزل الشاهد الثاني”سامي السيد” انه كان مروح من المدرسة ووجد في طريقة كلاً من الشاهد الأول والشاهد الثاني في تاريخ27/11/2005م يوم الاثنين.
4- في يوم الخميس الساعة10صباحاً تم فتح محضر جمع الاستدلالات في تاريخ 1/11/2005م مع الشاهدين.
5- في 28/11/2005م تم تقديم شكوى من الموجهين إلى وكيل النيابة رداع.
6- تم إرسال الأوليات القضية إلى وكيل نيابة البحث والسجون في تاريخ 3/12/2005م وقيدت في القلم الجنائي مدير أمن المنطقة برداع.
7- في تاريخ 3/12/2005م وكالة شرعية من قبل الموجهين”المدعين” للمحامي صالح أحمد الربامي.
8- في 1/12/2005م تم الإفراج على علي صالح الحراضي بضمانة تجارية على ان يحضر يوم السبت الموافق3/12/2005م “واعتقد أنه خطأ في الكتابة”.
9- في يوم الاثنين الموافق5/12/2005م الساعة1 بعد الظهر تم فتح محضر في النيابة العامة مع اطراف القضية.
10- في 7/12/2005م في الساعة 9 صباحاً بمقر نيابة رداع الابتدائية تم سماع الشهود النفي وهو أحمد عبد الله محمد النقيب كانت شاهده أنه في يوم الثلاثاء ثم إنكار الشاهد الاول حول ما قال عن شهادته ضد علي صالح الحراضي ولم يتم سماع الأشخاص الآخرين مع شاهد النفي.
وأخيراً الرأي الأول والأخير لكم في هذه القضية.
عقوبة السب

صـ105نصت المادة(292) من قانون العقوبات على:
(كل من سب غيره بغير القذف يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بالغرامة ولو كانت الواقعة المسندة للمجني عليه صحيحة)
ملاحظة:
لا يجوز الدفع بالجهل بالقانون أنه يعاقب مثلاً على فعل السب

مقدمة البحث

سمية حسين الخولاني

المحامي اليمني أمين حفظ الله الربيعي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت