مدخـل :
         مع تقدم العلوم وتطورها خطى التحقيق الجنائي خطوات كبيرة لمواجهة استخدام المجرمين للوسائل العلمية والتكنولوجية الحديثة في اقتراف جرائمهم  ، مما فرض على الأجهزة الأمنية استخدام الأسلوب العلمي والتقنيات الحديثة وأجهزتهما لكشف ومكافحة الجريمة ومرتكبيها ، حتى وصلت هذه العلوم والوسائل التقنية إلى نتائج كبيرة وبدقة عالية في كشف الجريمة ومرتكبيها .

         تطور أسلوب مقاومة الجريمة مع التطور العلمي والتكنولوجي واستفاد من العلوم التطبيقية ، حيث استخدم علم البصمات في تحقيق الشخصية ، علم التصوير في تسجيل صور المجرمين ومسارح الجريمة ، الطب في مجال التشريح وتحديد مدة وأسباب الوفاة  علم البيولوجيا في التعرف على فصائل الدم ، الحمض النووي والبقع المختلفة ، علم الطبيعة والكيمياء في تحليل المواد للتعرف على حالات التسمم وفي تحاليل المخدرات ومعرفة تكوين المادة ، علم القذائف في تحديد سلاح الرمي ، اختبار الوثائق لكشف التزوير …الخ .

المبحث الأول : العلوم الشرعية.

المطلب الأول  : البصمات و أهميتها في التحقيق الجنائي .

        عرف الإنسان البصمات منذ عصور ما قبل التاريخ ، فقد وجدت على نقوش  في الصخور في أماكن متفرقة من العالم ، منها تلك التي وجدت في النقوش التي تظهر على الأواني الخزفية و الفخارية التي تركها البابليون والأشوريون والمصريون القدامى والصينيون واليابانيون وعل صخور جزيرة كافرينيس Caverinis على الشاطئ الشمالي لفرنسا. (1)

         ولعل أكبر دليل على استخدام بصمات الأصابع في التاريخ القديم تلك الوثيقة الموجودة في المتحف البريطاني والتي أصدرها أحد الضباط في الجيش البابلي بمناسبة صدور أمر إليه من رئيسه لإلقاء القبض على أحد الأشخاص ومصادرة أمواله وأخذ بصمات أصابعه ، إستنتج البعض من ذلك أن البابليين كانوا يحمون أنفسهم من التزوير في الإيصالات والعقود الهامة بواسطة وضع بصمة الإصبع على الآجر الذي كانوا يكتبون عليه الصكوك . (2)

         وفي تاريخ الصينيين القدامى ، نجد أنهم عرفوا استعمال بصمات الأصابع في علاقاتهم ، حيث أنه في عام 650 م إشترط القانون على الزوج الذي يطلق زوجته أن يحرر وثيقة مكتوبة بخط يده تتضمن سبعة أسباب تبرر الطلاق ، كما نص القانون نفسه أنه في حالة عدم معرفة الزوج القراءة و الكتابة أن يوقع على وثيقة الطلاق ببصمات أصابعه

وثبت أيضا أن الصينيين إستخدموا بصمات الأصابع في القرن 13 م في الإجراءات الجنائية  ولكن لا يعلم ما إذا كان استخدامهم لها مطابقا للطرق الحديث .
لقد توصل العلم إلى سر البصمة في القرن التاسع عشر وثبت أن البصمة تتكون من خطوط بارزة في بشرة الجلد تجاورها منخفضات وتعلو الخطوط البارزة فتحات المسام العرقية، تتمادى هذه الخطوط وتتلوى وتتفرع عنها فروع لتأخذ في النهاية وفي كل شخص شكلا مميزا وقد ثبت أنه لا يمكن للبصمة أن تتطابق وتتماثل في شخصين في العالم حتى في التوائم المتماثلة التي أصلها من بويضة واحدة .

        يتم تكوين البصمة في الجنين في الشهر الرابع وتظل ثابتة ومميزة له طوال حياته و يمكن أن تتقارب بصمتان في الشكل تقريبا ولكنهما لا تتطابقان ، لذلك فإن بصمات الأصابع وراحة اليدين والقدمين تعتبر من أهم طرق تحقيق الشخصية وتعد دليلا قاطعا ومميزا لشخصية الإنسان معمولا به في كل بلاد العالم .

خصائص البصمة : تتميز البصمة بالخصائص الثلاثة التالية:
– ثبات شكل الخطوط الحلمية منذ إكتمال نموها حتى نهاية العمر حيث أنها آخر أجزاء الجسم في التحلل بعد الوفاة ، كما أن الجروح والتشوهات والحروق بالبشرة الخارجية لا تؤثر على الخطوط الحلمية ، أما إذا وصلت الجروح إلى الطبقات الداخلية للجلد فإن ذلك يؤثر على الطبقة المتجددة وتظهر آثار الإلتحام بالجلد مما يجعلها علامة مميزة لذلك الأصبع .

-عدم تأثر البصمات بعامل الوراثة حتى في حالة التوأمين الذين ينتميان إلى بويضة واحدة .

إن نظرية الإحتمالات تؤكد إستبعاد تطابق بصمتين لشخصين ، حيث يشترط في الجزائر مثلا توفر 14 علامة مميزة في كل إصبع ، فعندئذ يكون إحتمال تطابق بصمتين هو 1/(10)14 وهو احتمال يتجاوز عدد سكان الكرة الأرضية .

التقنيات المستعملة في كشف البصمة
توجد تقنيات عدة لكشف البصمات تتمثل في :
1 ـ الإظهار باليود : يتم تبخير اليود للكشـف على البصمـات سواء داخل السيـارة أو المكان المغلق أو بوضع الأشياء التي يحتمل وجود بها بصمات داخل أجهزة خاصة  مع ملاحظة أنه كقاعدة عامة نجد أن عملية الإظهار غالبا لا تتم في مسرح الجريمة إذ أن المعدات المستخدمة كبيرة الحجم .

2 ـ الإظهار بالمساحيق: يتم نشر طبقة رقيقة من المساحيـق بواسطة فرشـاة ناعمة أو مغناطيسية على البصمة حيث تصبح مرئية تماما ومن أهم المساحيق:مسحوق الألمنيوم مسحوق الزنك والزئبق ، مركب الرصاص الأبيض ، حيث أن إختيار مسحوق الإظهار يتوقف على لون السطح الذي تكون عليه البصمات .

3ـ الإظهار بالطرق الكيميائية : يمكن إظهار البصمات الخفية التي تتخلف من الأصابع المبللة بالعرق إذا أمكن إظهار الأحماض الأمينية بواسطة محلول ( الهادرين ) وقد أثبتت

 التجربة أمكانية إظهار بصمات عمرها ثلاثين سنة باستعمال ( الهادرين ) ولكن بشرط أن تكون الورقة قد تم حفظها في مكان جاف من وقت إيداعها حتى وقت إظهارها .

4- الإظهار بالأشعة فوق البنفسجية : يمكن إظهار البصمات بواسطة تعريض الأسطح المحتمل وجود البصمات بها إلى حزمة من الأشعة فوق البنفسجية بواسطة مصابيح خاصة بذلك حيث تظهر البصمة عندئذ وتصويرها .

بصمة الرائحة أو البصمة الكيماوية :

         من أحدث الدراسات العلمية في مجال الآثار المادية هو التعرف على الآثار عن طريق رائحتها ، فمن المعروف أن حاستي السمع والبصر تلعبان دورا هاما في نقل المعلومات والملاحظات إلى الآخرين ، كما ينبئ الشيء عن وجوده عن طريق الرائحة .

         بينما تنتقل الأصوات إلينا في شكل إشارات تتلقاها الأذن ، فإن الرائحة تنتقل في صورة أبخرة عن طريق حاسة الشم  ولا يكفي أن يحمل الهواء منها قدرا ضئيلا لكي نحس وجودها و نتبين طبيعتها ، فهذه الأبخرة لا تتلاشى بسرعة بل تبقى لساعات أو أيام ، لذلك فهي تظل تنبئ عن الأشياء أو الأشخاص التي تنبعث منها فترة من الوقت .

         يمكن التعرف على الرائحة عن طريق أجهزة كشف الرائحة ، كما توصلت الدراسات على التأكيد أن الروائح تتعدد تبعا لتعدد المواد ولا تتشابه الرائحة المنبعثة من مادتين مختلفتين ، لذلك يمكن عن طريق جهاز قياس بصمات الرائحة معرفة نسبة الرائحة إلى صاحبها ، لقد طبقت هذه النظرية بنجاح في التعرف على آثار المتفجرات والمخدرات وكذلك في التمييز بين رائحة شخص معين وشخص آخر أو التمييز بين الإنسـان والحيوان أو التمييز بين أنواع النباتات ، قد توصل أصحاب هذه الدراسات إلى نتائج مماثلة للنتائج التي أدت إليها دراسة بصمات الأصابع ، لقد أثبتت نظرية الرائحة حجيتها عندما أستعملت حاسة الشم لدى الكلاب في شم الأثر المادي الذي يتركه الجاني في مكان الحادث ، ثم تتبع رائحته وبالتالي تتعرف على صاحبه .

         وقد اتجه بعض العلماء إلى فحص روائح الناس وذلك بوضع الرجل أو المرأة في أنبوب من الزجاج طوله متران وقطره 70 سم ، ثم إدخال بالأنبوب تيار نقي من الهواء ثم جمع هذا الهواء عند الخروج وتحليله تحليلا دقيقا وتصبح نتيجة التحليل أشبه بـ”بصمة” ذلك الرجل أو المرأة تدل عليه أو عليها ، حيث أمكن الكشف على نحو 24 مادة كيماوية في الهواء المجموع .

         أما هدف العلماء من ذلك فيعود إلى ربط هذه ” البصمة ” الكيماوية بالرجال والنساء من المجرمين ، فهي تكشف عما قد يكشف عنه الكلاب عن المجرمين .

المطلب الثاني : علم القذائف ( البالستيك ) BALISTIQUE

         كل سلاح يترك إمضاءه على الطلقات التي يرميها ، حيث يترك آثار على المقذوفات والأظرف ومن أجل معرفة هذه الظاهرة يجب دراسة عن قرب مبدأ عمل الأسلحة والذخائر .

الطلقة تتكون من 04 عناصر : المقذوف ، الظرف ، البارود ، الكبسولة التي تشمل المتفجر الأولي ، عند الرمي إبرة السلاح تضرب الكبسولة مما يؤدي إلى اشتعال المتفجرات السريعة الموجودة بالكبسولة ، التي تشعل بدورها البارود الموجود بالطلقة ، هذا الأخير يؤدي إلى تولد ضغط كبير يقذف بالمقذوف خارج ماسورة السلاح ، وتعطي الماسورات الحلزونية للمقذوف حركة دورانية ، حيث تترك الحلزونات والمجاري آثار على المقذوف .

         في الأسلحة النصف الآلية الظرف يقذف من السلاح بعد الرمي وتدخل طلقة جديدة إلى بيت النار ، القذف يتم عند رجوع الزلاقة إلى الخلف ، في هذا الوقت الظرف يكون ممسوك بواسطة النازع مستندا إلى مغلاق السلاح فيضرب اللافظ الذي  يقوم بقذفه خارج السلاح ، كما يمكن للظرف حمل آثار يكون مصدرها مخزن السلاح .

         إذن الآثار الرئيسية التي يمكن أن توجد على الظرف هي : بصمة الإبرة ، آثار المغلاق ، النازع ، اللافظ .

1- خصائص الآثار :
الآثار يمكن تصنيفها إلى صنفين : خصائص الصنف وخصائص فردية ،  بحيث أن الأولى متماثلة بالنسبة لنوع أو عدة أنواع للأسلحة وهي غير مهمة كثيرا لتعريف سلاح معين ولكن يمكنها أن تعطي معلومات على السلاح المبحوث عنه ، الخصائص الفردية تسمح جيدا بتعريف السلاح لأنها وحيـدة وخاصـة بكل سلاح ، فمن أجل تأكيد أن مقذوف أو ظرف قد تم رميه من سلاح معين ، فيجب أن تكون خصائص الصنف والخصائص الفردية للمقذوفين أو الظرفين متماثلة .

خصائص الصنف لماسورات عدة أسلحة كانت محل قياسات  وتحفظ ببنك المعطيات ، حيث أن مكتب التحقيقات الفدرالي “FBI ” يملك مثل هذا البنك ويغذى بمعطيات حالية و يحتوي حاليا على خصائص القسم لـ 10.000 سلاح ، إذا ما تم إسترجاع مقذوف أثناء تبادل الرمي يتم مقارنة هذه الخصائص بتلك الموجودة ببنك المعطيات ، مما يسمح بالحصول على فكرة حقيقية على السلاح المستعمل .(1)

2- الرمايات المرجعية :

يتم تنفيذ رمايات مرجعية بالأسلحة من أجل تبيان ما إذا كانت قد أستعملت في إطلاق مقذوفات أو أظرف مشكوك فيها وجدت بمسرح الجريمة ، الأظرف الناتجة عن هذه الرمايات تسترجع من الأسلحة التكرارية أو النصف آلية التي تقذف أوتوماتيكيا الظرف بالقرب من الرامي .

في بعض الأحيان المقذوفات المسترجعة يتغير شكلها ، مما يصعب تحليلها وتصبح مجالات الخطأ أكبر وبعض المعطيات في بعض الأحيان تكون خاطئة ، كما أنه يعترض التقنيين مشكل الأظرف المستعملة والمعاد ملأها لإستعمالها أو التي أدخلت في بيت النار ثم إخراجها وإدخالها مرة أخرى لرميها ، ففي هذه الحالة الأظرف تحتفظ بخصائص الرمي الأول .

3- خصائص بقايا البارود أثناء الرمي :

         أثناء رمي الذخيرة بالسلاح الناري تترك آثار والتي تسمى ” بقايا الرميRésidus de tir ” عند فحصها يمكن أن تساعد على إيضاح و تنوير القضايا الإجرامية كالإنتحار والقتل ، عند الرمي الغازات التي تحتوي على البقايا  الصلبة للكبسولة والبارود تبرد عند خروجها من الماسورة و تتكثف مكونة جزيئات ، بالإضافة إلى بقايا البارود المحروق جزئيا والبقايا المنزوعة من المقذوف تكون أغلبية ما يتم تسميته بـ ” بقايا الرمي ” .

         أثناء الرمي تلتصق بقايا البارود عند خروجها من السلاح بأيدي الرامي أو على ملابسه ، عند استعمال سلاح كتفي يمكن لهذه البقايا أن تتوضع على وجه الرامي، كما يمكنها أن تتوضع على ملابس أو جسم الشخص الذي تم الرمي عليه أو على الأشياء الواقعة بمحيط قريب من الرمي .

4- طرق تحليل بقايا الرمي :

         تقسم طرق التحليل إلى مجموعتين ، فهناك الطرق الكيميائية الأساسية التي تسمح بتحديد التكوين الأساسي الكمي والنوعي لبقايا الرمي ، من جهة أخرى طرق التحليل بالميكروسكوب الإلكتروني التي تسمح بتصنيف هذه البقايا طبقا لمورفولوجيتها وتحليل نوعي لجزيئات هذه البقايا ، البحث عن بقايا البارود على أيدي الرامي المفترض يتم بواسطة فهرس الرفع يسمى ” Kit GSR ” ، هذا الفهرس مكون من 05 أنابيب ( دعامة من الألمنيوم مغطاة بطبقة ذاتية الالتصاق ) ، يتم التصاق البقايا عند وضع يد المشكوك فيه على الطبقة الذاتية الالتصاق ، بحيث يتم رفع باطن اليد والجهة الخارجية كل على حدا ، يتم الحصول على 04 عينات مرفوعة ، الخامسة يتم رفعها من أي جهة بالجسم إذا كانت الظروف تفرض ذلك  .

         الخلاصة النهائية تعتمد على أساس عدد وتصنيف الجزيئات المكتشفة على العينات  وتصنف على سلم احتمالات تسمح بتقدير العلاقة مع لمس السلاح الناري .

5- تحديد مسافة الرمي :

         تحديد مسافة الرمي تتم بواسطة مقارنة بقايا رمي ناتجة عن رمايات مرجعية تطبق على مسافات معروفة مع إنتشار بقايا الرمي الدالة ، هذه الرمايات تنفذ بواسطة نفس الأسلحة المستعملة ضد الضحية أو على الأقل بسلاح من نفس الصنع ومن نفس النوع ، نفس الشيء بالنسبة للذخيرة تكون من نفس النوع ونفس تاريخ الصنع ، يتم تنفيذ هذه الرمايات في بادئ الأمر على قماش من القطن الأبيض لتحديد مجال لمسافة الرمي وأخيرا يتم الرمي على قماش من نفس النوع للهدف أو على الأقل من نفس اللون وتكوينه مشابه له .
تحديد مسافة الرمي تتم بعد تطبيق التحاليل التي تعتمد على المقارنة المرئية لتوزيع مكونات الرمي مع رمايات المرجع .

المطلب الثالث : فحص الوثائق و أهميته في التحقيق الجنائي.

         أثناء المعاملات بين أفراد المجتمع يتم إستعمال الوثائق ، حيث يتم قبول هذه الوثائق بدون مراقبتها في الحين ، رغم القيمة التي تمثلها ، مما يسهل تزويرها أو تقليدها وبالمقابل تحديدها وإكتشافها يطرح مشاكل معقدة ناتجة عن طبيعة المواد المستعملة ( الورق ، الحبر) وكذلك إلى الطرق المستعملة في التزوير .

         يكون التزويـر على الوثاـئق المكتوبـة بخط اليد أو بالآلة الراقنة أو المطبوعة أو المصورة ، كما يمكن أن يكون على الأوراق ذات القيمة كالأوراق المالية ، الصكوك البنكية  أو الوثائق الإدارية ويمكن أن يكون التزوير كامل أو جزئي .

1-   التزوير في الكتابات اليدوية :التزوير في الوثائق المكتوبة باليد يتم بالحذف أو الزيادة ويتم ذلك بوسائل ميكانيكية أو كيميائية ( محو ، حك ، غسل ) .

         المحو أو الحك يتلف حالة مساحة الورق ويعكس اتجاه الألياف المكونة له وتنقص من سمكه ، عند فحص الوثيقة بالأشعة المنعكسة يظهر الإختلاف في اللمعان في المنطقة التي تعرضت للمحو أو الحك مقارنة ببقية الورقة ، إختلاف السمك على الورق يظهر عند تعريض الورقة للأشعة النافذة ، حيث يظهر إختلاف في شفافية الورقة .

         يتم التزوير بالغسـل بإستعمـال الكاشـف من نوع “مصحح” والتي تكون معدنية أو عضوية والتي تغير الورقة في المنطقة التي أستعملت فيها ، عند تعريضها للأشعة فوق البنفسجية يظهر اختلاف في التألق أو البريق ” fluorescence ” .

         التزويـر بالزيـادة أو الإضافـة أو التحويـل يتم الكشف عنه بالوسائل البصرية أو الكيميائية ، حيث أن الحبر المستعمل يكون غالبا يختلف عن حبر النص الأصلي وبإستعمال الأشعة فوق البنفسجية أو تحت الحمراء يظهر إختلاف في التألق أو البريق  كذلك إختلاف في ألوانها ، كما يتم في بعض الأحيان إستعمال محاليل خاصة تسمح بتذويب الحبر المضاف بدون المساس بالحبر الأصلي .

2- التزوير في الوثائق المكتوبة بالآلة الراقنة :
كل آلة راقنة لها خصائص عامة وخصائص فردية خاصة ، الخصائص العامة تتعلق برسم وكتابة الحروف ، الأرقام ، الرموز(تناظر الحروف ، انفتاح الأرقام ، ميل الرموز أو عمودية ) ، وآلية الرقن أي الخطوة بين الحرف والآخر والخطوة بين السطور هذه الخصائص تسمح بتحديد إحتمالي لنوع الآلة الراقنة المستعملة ، أما الخصائص الفردية تتعلق بعيوب الحروف وعيوب الرقن . (1)

         عند تزوير وثيقة مكتوبة بالآلة الراقنة بحذف بعض الكلمـات أو الحـروف (محو أو حك) يتم الكشف عن التزوير بنفس الطرق المستعملة في الكتابة اليدوية ، غير أنه هناك صعوبة في كشف التزوير بالإضافة أو الزيادة ، نادرا ما يتم الإضافة بآلة راقنة مختلفة  وفي هذه الحالة كشف التزوير سهل بسبب إختلاف الخصائص العامة والفردية .

         في غالب الأحيان نفس الآلة تستعمل للإضافة أو الزيادة وفي هذه الحالة يتم التركيز على عيوب التراصف الأفقية أو العمودية الموجودة بين النص الأصلي والمشكوك في إضافته .
كما يمكن تحديد فترة كتابة نص إذا كان هناك أرشيف لنفس الآلة لتواريخ معروفة  حيث يمكن من تتبع تطور عيوب الآلة مع مرور الزمن وتدقيق إذا كان النص بتاريخ مسبق عن التاريخ الحقيقي إذا كانت هذه العيوب لا توجد أثناء تلك الفترة.

3- تزوير الأوراق النقدية :
تزوير الأوراق النقدية يتم بطرق صناعية معقدة تحتوي عموما على 3 مراحل :
–         إنجاز أفلام فوتوغرافية .
–         إنجاز أفلام طباعة .
–         طباعة الأوراق .
كما يتم استعمال طريقة أخرى متمثلة في إستخدام أجهزة الإعلام الآلي والطابعات الحديثة  غير أنه يتم الكشف عن الأوراق النقدية المزورة بإستخدام الأشعة فوق البنفسجية حيث تظهر عيوب في نوع الورق المستخدم الذي تختلف مكوناته عن تلك الخاصة بالأوراق الحقيقية  أوعدم وجود العلامة المائية “Filigrane ” ، إختلاف في الخيط الذهبي أو الفضي ، إختلاف في الألوان .

المطلب الرابع : فحص المركبات.

مثلما يترك الشخص آثارا في الأماكن التي إقترف بها الجريمة ، فإن المركبة المستعملة هي أيضا مهمة في البحث عن الآثار عليها أو التي تتركها بمسرح الجريمة .

1- آثار العجلات : تشمل آثار العجلات طبعات عجلاتها على الأرض ، فأثر العجلة يحدد نوع المركبة إذا كانت دراجة عادية أو نارية أو سيارة وعما إذا كانت محملة أو فارغة نتيجة الضغط الحاصل من عجلات المركبة على الأرض .

         والمركبة التي تسير في خط مستقيم لا تترك إلا طبعة العجلة الخلفية ولملاحظة طبعة العجلة الأمامية لا بد البحث عن المكان الذي دارت فيه المركبة دورة حادة أو عكست اتجاهها وتبدو آثار العجلات على أرض لينة (رمل ، ثلج ) وتكون هذه الآثار ثلاثية الأبعاد  وفي حالات خاصة يمكن أن تظهر على سطوح ملساء مثل البلاط والإسمنت في المستودعات ، عند مرور المركبة على بقعة زيت ، دهن أو دم ، من خلال فحص ورفع آثر العجلات يمكن معرفة نوع ونموذج العجلات التي زودت بها المركبة وفي كثير من الأحيان نوع المركبة .

2- كشف علامات الطبع : كل سيارة تحمل أرقام تسلسلية أو أرقام تسجيل سواء للمحـرك أو الهيكل وتكون هذه الأرقام مطبوعة على منطقة معينة من المعدن من طرف الصانع، ففي سرقات السيارات يحاول اللصوص تخريب و تغيير تلك الأرقام لغرض إخفاء مصدر المركبات ، يتم كشف الأرقام الحقيقية للمركبات باستعمال الطرق الكيميائية أو بواسطة أجهزة خاصة  .

 المبحث الثاني : العلوم البيولوجية وطرق الاستعانة بها في التحقيقات الجنائية.

 المطلب الأول : الحمض الريبي النووي (DNA).
الحمض النووي هو الحمض الرايبوزي للأكسجين النووي أو Acide Deoxyribonucleique  وقد سمي بالحمض النووي لتواجده في نوايا الخلايا لجميع الكائنات الحية مثل البكتريا والفطريات والنباتات والحيوانات والإنسان ، ماعدا خلايا الدم الحمراء للإنسان حيث ليست لها نواة ويوجد داخل نواة الخلية في صورة كروموزومات مشكلا وحدة البناء الأساسية لها .
وفي الإنسان تتكون نواة الخلية من 23 زوج من الكروموزومات منها 22 زوج متماثلة في كل من الذكر والأنثى والزوج 23 يختلف في الذكر عن الأنثى، حيث يسمى بالكروموزومات الجنسية، ويرمز لهم في الذكر بالحروف XY وفي الأنثى بالحروفXX.  (1)
كل كروموزوم يتكون من شريط طويل من الحمض النووي ملتفة حول نفسها على هيئة سلالم حلزونية ، وتوجد على هذا الشريط أجزاء تحمل الصفات الوراثية تسمى الجينات  وجزء آخر لا يحوي صفات وراثية أي غير فعال ، وهذه الجينات هي التي تورث فصائل الدم ، لون البشرة ، لون الشعر والعينين ، البصمة وغيرها .
قد أكتشفت البصمة الوراثية سنة 1984 من طرف الدكتور أليك جيفريز عالم الوراثة بجامعة ” ليستر” بلندن وسجل براءة إكتشافه سنة 1985 وأطلق عليها إسم البصمة الوراثية للإنسان .

1- مميزات بصمة الحمض النووي :
–         إمكانية استخـراج البصمـة من أي مخلفات بشرية سائلة مثل الدم ، اللعاب ، المني أو أنسجة مثل الجلد ، العظام أو الشعر .
–         الحمض النووي يقاوم عوامل التحليل والتعفن لفترات طويلة تصل إلى عدة شهور وثبت إمكانية تطبيقه حتى أربع سنوات من تاريخ وقوع الأثر في بعض الحالات .
–         تظهر بصمة الحمض النووي على هيئة خطوط عريضة يسهل قراءتها وتخزينها في أجهزة الكمبيوتر لحين طلبها للمقارنة .
–         أصبح معترفا بالبصمة الوراثية كدليل إثبات أو نفي في أغلب المحاكم بأوروبا وأمريكا .

2- أهمية البصمة الوراثية :
أستخدمت البصمة الوراثية في البداية في مجال الطب كدراسة الأمراض الوراثية وزرع الأنسجة وسرعان ما تم إستخدامها في الطب الشرعي والبحث الجنائي ، حيث تم التعرف على الجثث المشوهة و تتبع الأطفال المفقودين وأخرجت المحاكم البريطانية ملفات الجرائم المقيدة ضد مجهول  وفتحت التحقيقات فيها من جديد وبرأت مئات الأشخاص وأدانت آخرين .
تستخدم البصمة الوراثية في إثبات أو نفي البنوة أو الأبوة ، حيث تعتبر كقرينة إثبات أو نفي بنسبة 100 %  على عكس فصائل الدم والطرق الأخرى ، كما تستخدم في إثبات درجة القرابة في الأسرة في حالة إدعاء القرابة بغرض الإرث بعد وفاة شخص معين  التعرف على المجرمين في جرائم القتل والإغتصاب وغيرها بتحليل الآثار المادية على جسم وملابس كل من الجاني والمجني عليه .

ومن أشهر الجرائم التي إرتبط اسمها بالبصمة الوراثية قضية ” د.سام شبرد ” الذي أدين بقتل زوجته ضربا حتى الموت في عام 1955 أمام محكمة أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية ، حيث قضى 10 سنوات في السجن ، ثم أعيدت محاكمته سنة 1965 وحصل على براءته التي لم يقتنع بها الكثيرون ، حتى سنة 1993 حينما طلب الابن الوحيد لـ” سام شبرد ” فتح القضية من جديد وتطبيق إختبار البصمة الوراثية .

أمرت المحكمة في مارس 1998 بأخذ عينة من جثة شبرد وأثبتت العلوم الشرعية أن الدماء التي وجدت على سرير المجني عليها ليست دماء “سام شبرد ” بل دماء صديق العائلة وأدانته البصمة الوراثية ، حيث أسدل الستار على واحدة من أطول محاكمات التاريخ في جانفي 2000  (1).

المطلب الثاني : تحليل و معالجة بقع الدم .
آثار الدماء التي تتخلف عن الجريمة لها أهمية كبيرة في مجال البحث الجنائي خاصة أنه يتخلف عن حوادث التعدي والعنف والاغتصاب والقتل وتبدو هذه الأهمية في أنها تشير إلى مكان إرتكاب الجريمة وخط سير المصاب وكيفية وقوع الجريمة .
يجري البحث عن البقع الدموية في مسرح الجريمة سواء على ملابس وجسم الضحية أو على الأرضية ، الحيطان ، الأبواب ، النوافذ ، الآلات المستخدمة في الإعتداء كالسكين أو العصي أو الحجارة أو على ملابس وجسم المشتبه فيه خصوصا اليدين والأظافر  ويجب تحري الدقة في البحث عن آثاره وتحديد وصفه وشكله وحجمه وتصويره قبل رفعه ونقله إلى المخبر .

1- أسلوب التعرف على بقع الدم :
يمكن التعرف على البقع إن كانت من الدم أو غيره عن طريق الفحص الميكروسكوبي والكيميائي والتصوير الطيفي ، بشرط أن تكون كمية الدم المعثور عليه كافية  كما يمكن معرفة ما إذا كان الدم لإنسان أو حيوان وذلك باستعمال طريقة الترسيب ، فقد يفسر المشتبه فيه ما بملابسه من بقع دموية على قوله بأنها ناتجة عن ذبح حيوان أو طير
حيث عند تحليل دم الحيوان بإضافة مواد كيميائية معينة مع إستعمال طريقة الترسيب يتحول إلى مادة بيضاء عكس دم الإنسان .

كما يمكن التعرف على العمر الزمني للبقع الدموية وذلك بالإعتماد على مدى التغيير الذي طرأ على المادة التي تلون الدم ، فإذا كان الهيموقلوبين قد تحول إلى هيماتين فلا يمكن أن تكون بقعة الدم حديثة ، يتوقف هذا التغيير على عدة عوامل منها طبيعة المادة التي سقطت عليها البقعة وقوة لون الضوء الذي تعرضت له ودرجة الرطوبة ، يتم إجراء إختبارات كيميائيا وبالتحليل الطيفـي بمقارنة دم على نفس المـادة التي وقعت عليها البقعة أو مادة مماثلة لها وفي ظروف مماثلة أيضا ، حيث تؤدي أحيانا إلى التعرف على عمر بقعة الدم بشيء من الدقة .(1)

2- تحديد الشخصية بواسطة الدم :
لا يمكن الجزم بأن بقعة الدم هي لشخص معين إلا أنه يمكن التأكيد بأن بقعة الدم ليست له إذا إختلفت فصيلة دمه عن فصيلة البقعة الدموية المعثور عليها بمسرح الجريمة  فتحديد فصيـلة الدم مثلا في قضـايا الأبوة يساعد على استبعاد الأبوة بالنسبة لطفل معين أو إحتمال الأبوة بالنسبة له حسب قواعد علم الوراثة .
في حالة العثور على بقعة دم بمسرح الجريمة يمكن نفي نسبة البقعة الدموية لشخص مشكوك فيه إذا أكدت التحاليل أن فصيلة دمه تختلف عن فصيلة البقعة المعثور عليها بمسرح الجريمة ، غير أنه يمكن نسبتها إليه على سبيل الإحتمال إذا تطابقت فصيلتا الدم ، أي أن بحث فصائل الدم يمكن أن توصل إلى نتائج سلبية قاطعة أو إيجابية محتملة .

المطلب الثالث : إفرازات جسم الإنسان

          قد تتخلف بعض إفرازات جسم الإنسان في مكان الجريمة أو على الضحية مثل قضايا السرقة بالقوة أو هتك العرض والإغتصاب ومن بين هذه الإفرازات : السائل المنوي  اللعاب ، العرق ، البول ، الإفرازات المهبلية و الخلايا المهبلية .

1- السائل المنوي :
أساس فحص السائل المنوي هو وجود الخلايا الحية فيه ، لذلك يجب عدم التعرض بالإحتكاك أو الكشط لهذه البقع لأن ذلك يقتل الخلايا المنوية ،حيث تتميز بقع السائل المنوي باللون المتيبس عل القماش الأبيض المائل إلى الرمادي ، أفضل طريقة لرفع البقع المنوية على سطح صلب هي قطع الجسم الذي عليه أو إذابة البقعة بالقليسرين أو بالماء المقطر ثم سحبها على ورقة ترشيح .

         وفي قضايا هتك العرض والإغتصاب يتم البحث عن هذه البقع في الملابس الداخلية خاصة ، كما يتم فحص المجني عليها من طرف طبيب بفحص المهبل وشعر العانة والفخذين والبطن وغيرها من أجزاء الجسم التي يمكن أن تتعرض للتلوث ، بالإضافة إلى أخذ عينة من البول ، حيث يمكن الكشف عن وجود المني في البول حتى بعد 18 ساعة من الإتصال  وحتى بعد موت المجني عليها بوقت طويل يتم أخذ عينة من إفرازاتها المهبلية .

2- البــول :
تحديد ما إذا كان البول يخص إنسانا أو حيوانا أمر بالغ الدقة ، وإن وجد في بعض الحالات بشرط أن تكون كميته كافية للتحليل ، حيث يمكن تحديد ما إذا كانت البقعة تحوي إفرازا بوليا ، كذلك يمكن تحديد مدى التركيز الكحولي في عينة من البول . (1)

3- العــرق :
أثبتت التجربة أن عند فحص العرق الموجود بمناديل اليد وربطة العنق وغطاء الرأس والثياب التي تترك في مكان الجريمة يمكن تعقب المجرم .
ثبت علميا أن مجموعة البكتيريا التي تعيش على جلد الإنسان تختلف من شخص إلى آخر من حيث درجة الحساسية للمضادات الحيوية وكذلك سلوكها اتجاه التحاليل الكيميائية  فقد أثبت الفحص لآثار العرق العلاقة بين المتهم وآثار العرق الموجودة على بعض المضبوطات في مسرح الجريمة مثل أغطية الرأس أو الملابس الداخلية . (2)

4- اللعـــاب :
يمكن التعرف على اللعاب سواء إذا كان على شكل بقع جافة أو سائلة بإستعمال الطرق الميكروسكوبية أو الكيميائية ، حيث يمكن تحديد فصيلة الدم التي يمكن أن تؤدي إلى

الكشف أو التعرف عن المجرم ، كما يمكن الكشف عن وجود كحول لشخص معين بإستخدام عينة من اللعاب ، كما يمكن الكشف عن تعاطي المخدرات وخاصة الأشخاص المدمنين على الكوكايين .
5- الإفرازات المهبلية و الخلايا المهبلية :
الإفرازات المهبلية والمخاط لها أهمية في تحديد فصيلة الدم ويمكن التعرف على هذه الإفرازات بواسطة التحليل الميكروسكوبي والكيميائي .

المطلب الرابع : الشعر.
الشعر من الآثار المهمة التي تتخلف عن حوادث العنف ، الاحتكاك ، الجرائم الجنسية وذلك بسبب تعلقه أو سقوطه وسهولة إنتزاعه ، حيث يوجد الأثر على المجني عليه مصدره الجاني أو العكس ، ففي الجرائم الجنسية كثيرا ما يعلق شعر العانة الخاص بأحد الطرفين بشعر العانة الخـاص بالطـرف الآخر ، فقد ينتزع الشعـر من مجرم في صراع أو يلتصق به من المجني عليه أثناء إرتكاب الجريمة أو يلتصق بالمجني عليه في جريمة عنف أو قد يتساقط من الجاني دون أن ينتبه لذلك .

ويمكن عن طريق الفحص الميكروسكوبي التأكيد إذا كانت المـادة هي شعر فعلي أو مجرد شيء شبيه به ، حيث أن الشعر الآدمي يتكون من 03 طبقات أما الألياف والشعر الإصطناعي فليس له نفس التركيب .

كما يمكن معرفة إذا كان الشعر يخص رجل أو إمرأة وذلك بتحديد جزء الجسم الذي سقط منه ودراسة مقطع الشعر وثخانته وشكله ونوعه ، كما وجد أن شعر الأنثى يحتوي على كمية من الكبريت تعادل 03 مرات ما يحتويه شعر الرجل وكذلك بفحص الكروموزونات الجنسية الموجودة في خلايا الشعر .

يمكن تشخيص بعض حالات التسمم بالسموم المعدنية ، حيث ثبت أن الشعر من بين الأنسجة التي تتركز فيها هذه السموم ، كما أنه يقاوم تأثير العوامل الجوية والتعفن والتحلل بعد الوفاة ، لذلك يمكن الإستفادة من الشعر للكشف عن هده السموم بعد الوفاة بفترة طويلة .

يستخدم الشعر للكشف عن المخدرات وخاصة الكوكايين في حالات الإدمان ، حيث تبين أن نتائج التحاليل على الشعر تشير إلى إدمان الكوكايين وذلك لأن إفراز الكوكايين من الشعر يحتاج إلى وقت زمني بعد تعاطيه .

عند فحص الشعر وجذوره يمكن معرفة حصول العنف والمقاومة ، فقاعدة الشعر تظهر عند الفحص الميكروسكوبي كاملة ومنتظمة ، أما في حالة حدوث عنف أو مقاومة أثناء نزع الشعر فيشاهد غلافها متمزق ، مما يدل على نزعها من موضعها بالقوة ، أما إذا سقطت بدون قوة أو أثناء مشطها فتظهر أنها ضامرة بدون غلاف .

المبحث الثالث : التحليل الفيزيوكمياوية و الإشارة.

 المطلب الأول : الإعلام الآلي و ألإلكترونيك.
لقد دخل الكمبيوتر الحياة البشرية وأصبح جزءا لا يتجزأ منها ، حيث تزايد وجوده وعدده في السنوات الأخيرة ، وأصبح الاستغناء عنه أمرا مستحيلا ، إلا أن له عيوب ومحاسن ، حيث يمكن إختراقه وتخريب المعطيات الموجودة به أو تبديلها .

ورغم أن الكمبيوتر يعتبر من الوسائل الهامة في مكافحة الجريمة وله فائدة كبيرة في عمليات التعريف والمقارنة والمضاهاة وإكتشاف الجرائم ، إلا أنه لسوء الحظ أصبح الكمبيوتر هو الآخر من ضحايا النشاط الإجرامي أو ما يعرف بجرائم الكمبيوتر.

لقد رافق الانتشار السريع  لأجهزة الكمبيوتر نشاط كبير في الجرائم المتعلقة به  حيث أن مرتكبي هذه الجرائم أغلبهم من المثقفين كمهندسي الإلكترونيك ومبرمجي الأجهزة  ومشغلي الأجهزة والأشخاص المسؤولين عن حفظ وترتيب الأقراص التي تحتوي على المعلومات والبرامج .

يقوم بعض المجرمون بالدخول إلى شبكات المؤسسات أو الخدمات العامة وتخريبها أو إتلافها ، كما يقوم بعض الجناة بإعطاء أوامر للكمبيوتر الخاص بالبنوك لإجراء تحويلات مالية فورا بين الحسابات في المؤسسات المالية ، كما يتم التقليد في البرامج والتطبيقات مما يسبب خسـائر للمؤسسـة الصانعة ، أو تزوير البطاقـات الإلكترونـية الخاصة بالبنـوك أو المؤسسات التجارية المختلفة أو بطاقات التقاط القنوات الفضائية .

تتلخص مهام أفراد العاملين في مخابر الشرطة العلمية في:

– حماية البرامج من التقليد ، الدخول بدون حق ،السلب ، التخريب.
–  مراقبة البطاقات الإلكترونية .
–  التقليد في الإعلام الآلي و الهواتف الخلوية
كما أنها تتوفر على  وسائل وأجهزة تسمح لها باكتشاف التقليد والتزوير ويمكن بواسطة برامج جاهزة الكشف على كل محتويات القرص الصلب لجهاز الكمبيوتر وكل الملفات التي تم إلغائها منذ أول تاريخ لإستعمال الجهاز وبالتالي الكشف عن أي دليل يسهم في إدانة المشكوك فيه .

المطلب الثاني : الصوت

         تذهب بعض النظريات في علم الصوتيات إلى القول أن للصوت البشري بصمات تميز كل إنسان عن الآخرين تمام كما هو الأمر بالنسبة لبصمات الأصابع  ويحاول مستخدمو أجهزة الكمبيوتر من علماء الصوتيات إستخدام هذه الأجهزة لإجراء تحاليل دقيقة على الصوت البشري للخروج بالسمات التي تميز صوت إنسان معين على بقية الأصوات .
هناك سمات عضوية وأخرى مكتسبة للصوت يمكن إستخدامها في محاولة التمييز بين بصمة صوتية وأخرى ، يعنى بالسمات العضوية تلك الناتجة عن الصفات التشريحية لمجرى الصوت لدى إنسان معين ، أي طول هذا المجرى وحجم الرئتين والحنجرة وطول الأوتار الصوتية وسماكتها وسعة المناخير …الخ .

أما الصفات المكتسبة فهي الناشئة عن العادات الكلامية الفردية المتعلمة والواقع أن سمات الصـوت الناتجـة عن العوامـل العضويـة تعتبر أكثر ثباتا وأقل إخضاعا للتعديل أو السيطرة من قبل صاحبها من السمات المكتسبة ، لهذا فهي أكثر إستخداما في محاولات التمييز بين بصمات الصوت .
لقد شهد مطلع عقد الستينات اهتماما متزايدا بدراسة بصمات الصوت ؛ حيث نشرت مقالتان للأمريكي كيرستا ” Kersta ” في مجلة متخصصة في علم الصوتيات ، قدم من خلالهما نتائج  تجربتين للتعرف على بصمات الصوت عن طريق التحليل الآلي بإستخدام المخطط المرئي ( Spectrographe ) ، وأكد أن الأساليب المستخدمة في دراسة بصمة الصوت قد تطورت إلى درجة يمكن معها اعتماد نتائجها كأدلة جنائية للكشف عن الجريمة في حالة توفر المادة الصوتية .

لقد توالت الدراسات التي دفعت نتائجها دوائر الشرطة إلى تبنيها في عدد من الولايات المتحدة الأمريكية ( وصل عددها 23 ولاية سنة 1983 ) ومن ثم الاعتماد على بصمة الصوت كدليل إجرامي .

1- الطرق المستخدمة في دراسة الصوت :
هناك 03 طرق مستخدمة  في دراسات بصمة الصوت هي :
–         الطريقة السمعية : وتتلخص في قيام أشخاص مختصين بالإستماع إلى تسجيلات صوتية بغية الربط بين صوت معين وفرد معين أو أصوات وأصحابها بعد الاستماع إليهم .

–         الطريقة الآلية : تتضمن إستخدام وسائل آلية غالبا ما تعمل على الكمبيوتر للربط بين الصوت وصاحبه ، حيث يتم تزويد أجهزة الكمبيوتر ببرامج من شأنها تحليل الصوت البشري ومطابقته مع أصوات أخرى يتم إدخالها عند الحاجة .

–         الطريقة المرئية : تقوم على صور ورسوم ينتجها المخطط المرئي للصوت البشري حيث تقدم هذه الصور والرسوم تحليلا لكل صوت في الكلمة، تظهر من خلالها عناصر فيزيائية للصوت كمقدار الذبذبة وحدة الصوت …الخ ، ثم يقوم مختصون في علم الصوتيات الآلي بدراسة هذه الرسوم وتحليلها .

2- أنواع التطبيقات لبصمة الصوت :
هناك مجالان لتطبيق دراسات البصمات الصوتية هما : مجال التحقق من بصمة الصوت  ومجال التعرف عليها ، يشمل المجال الأول التحقق من هوية شخص ما عن طريقة مقارنة عينة من صوته مع عينة أخرى مخزنة تسمى العينة المرجعية ، يكون الشخص الذي تقع عليه عملية المقارنة في الغالب متعاون مع جهات التحقيق وهي غالبا ما تسهم في الوقاية من الجريمة .
ومثال هذه التحقيقات ما يعرف بالتحقيق الأمني الذي يجعل الدخول إلى مكان مقتصرا على شخص بعينه ، تطابق بصمة صوته ببصمة مماثلة مخزنة ، منها تطبيقات الأعمال البنكية ، حيث تقتصر سحب العملة من خزائنها على أشخاص محددين لهم عينات

صوتية مخزنة ، إلى جانب إقفال تلك الخزائن فلا تفتح الخزائن إلا بعد مطابقة بصمة صوت الشخص مع البصمات المخزنة فيها ، وأظهرت الدراسة أن دقة عمل الأجهزة عالية جدا ، إذ تصل أحيانا إلى نسبة 99,99 % (1).

أما المجال الثاني في دراسات البصمات الصوتية هو التعرف على
البصمة  ويتضمن محاولة تحديد صاحب بصمة صوتية ألتقطت أثناء القيام بجريمة ما ، حيث تجري مقارنة البصمة الملتقطة مع بصمات مرجعية عديدة مخزنة أصلا لدى دوائر التحقيق الجنائي لأشخاص مشبوهين

ويلاحظ أن هذا المجال التطبيقي يواجه صعوبتين :

الأولى
تتعلق بإعداد البصمات المشبوهة المخزنة ، الثانية بعمليات التنكر المقصود من جانب المجرمين ، فكلما زاد عدد البصمات المشبوهة المخزنة التي يجب أن تتم عليها المقارنة ، إزدادت عملية التعرف تعقيدا .

من أمثلة ذلك ما قام به ” ألفرد ستيرويتش ” الخبير في جهاز الاستخبارات العسكرية الأمريكية من تحليل للحديث الذي أدلت به أميرة ويلز الراحلة ( الليدي ديانا) للبرنامج التلفزيوني الشهير بانوراما والذي تم بعده الطلاق بين الأميرة وولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز ، حيث كشف كذب الأميرة ديانا ، و حسب ستيرويتش فإن المساحات السوداء في الرسم البياني توضح التأكيد أو الضغط على شيء معين وهو ما يقترح وجود خداع معين في الحديث وكلما كان التأكيد كبيرا كلما زاد احتمال الكذب ، قد أظهرت خطوط الجهاز العديد من المساحات السوداء في حديث الأميرة مع مقدم البرنامج .

كما يمكن تسجيل المكالمات الهاتفية وتقديم ذلك كأدلة إثبات إذا كانت القوانين تسمح بذلك .

المطلب الثالث : الطيف الحراري و تطبيقاته في التحقيق الجنائي.

المطلب الرابع : الحرائق
تعتبر جرائم الحريق العمدي من أخطر الجرائم وأشدها ضررا ويرجع السبب في ذلك إلى عدم إمكانية التحكم في نتائجها و لقضائها على الأرواح والممتلكات التي ليس لأصحابها أي علاقة بموضوع الحريق ، كما ترجع خطورتها إلى سهولة ارتكابها وصعوبة تتبع الآثار التي يتركها الجناة في محل الحادث ، فالنار تأتي على الدليل المادي الذي يتخلف عنهم ، فتدمره أو تتلفه ، فضلا عن تدخل عوامل أخرى تساعد على إزالة الأثر  (2) .
عند الانتقال إلى المكان الذي حدث فيه الحريق يجب فحصه وتحديد طبيعة تكوينه  المواد المصنوع منها ، المواد التي احترقت فيه وبقاياه ، معرفة ما إذا كان بالمكان مواد

قابلة للإشتعال الذاتي وحالتها ومكان وجودها ، دراسة مصادر الحرارة التي يمكن أن تشعل النار في المكان المحترق أو تسبب إشتعالـها كالكهرباء ومواقد الغاز والخشب أو البنزين .
تحديد المكان الذي بدأ منه إشتعال النار ، فإذا كانت المادة التي أستخدمت في الحريق سائلة كالمازوت أو الكحول سكبت على أرضية المكان ، فإن جزءا منها يتشربه الخشب أو يتسرب بين فتحات البلاط ، حيث يحترق السطح بسبب تعرضه للهواء ، وتبقى الأجزاء التي تشربت المادة السائلة أو تسربت إليها على حالتها الأصلية.

أما إذا كانت المادة المستعملة أحماضا أو مواد كيميائية ، فيظهر أثر تفاعلها على المكان الذي وضعت فيه ، فأثر الحمض هو تآكل أرضية المكان ، حيث يتم أخذ عينة منه وفحصه بواسطة التحليل الطيفي لمعرفة مكوناته .
إن رائحة ولون الدخان غالبا ما يساعدان على تحديد نوع المادة التي أستخدمت في إحداث الحريق ، فيمكن تمييز رائحة إحتراق المواد الكيميائية عن إحتراق الأخشاب والأقمشة ، كما أن لون لهب المواد الكيميائية أبيض ساطع والمواد الخشبية لها لون أحمر مصحوب بدخان .
كما أن معرفة حالة الجو والرطوبة وسرعة وإتجاه الريح يفيد في تحديد ما إذا كان الحريق عمدي أو عرضي وإشتعال النار في أكثر من مكان في وقت واحد دليل على أن الحريق عمدي  (1) .
إن المكان الذي بدأ منه الحريق تميزه علامات خاصة لا توجد في بقية الأماكن الأخرى التي إشتعلت فيها النار ، لذلك يتم أخذ عينات من بقايا الحريق في المكان الذي بدأ منه لفحصها بواسطة التحليل الكيميائي والطيفي ، بالإضافة إلى دراسة مداخل ومخارج المبنى المحترق ومعرفة ما إذا كانت مغلقة من الداخل أو الخارج ، حالة الأقفال والمفاتيح  وحالة الزجاج وتأثير النار عليه .
يتم أخذ عينات من مكان الحريق ويمكن أن تكون رماد المواد ( خشب زجاج بلاستيك ….إلخ) أو أشياء مصدرها المشكوك فيهم ( لباس ، دلاء ….إلخ) تكون في حالة جيدة ، يتم وضعها على حدى في أكياس بلاستيكية ، في المخبر يتم تحليل العينات من أجل إستخراج المواد المتبخرة المستعملة في الحريق ، عن طريق التحليل الكروماتوغرافي في المرحلة الغازية وكذلك التحليل الطيفي بالكتلة ، بعد الحصول على الجزيئات يتم مقارنتها مع مواد مرجعية مخزنة بالكمبيوتر .

المبحث الرابع : علوم مختلفة و أهميتها في التحقيق الجنائي.
المطلب الأول : الطب الشرعي.

الطب الشرعي هو تطبيق المعارف الطبية لأغراض قضائية ودور الطب الشرعي هو توضيح نقطتين أساسيتين : وقت الوفاة و سبب الوفاة .
وعليه أن يقدم وجهة نظر طبية حول المسألة المطروحة من الناحية الفنية بكل نزاهة وأمانة علمية ، إن تعفن أو تلف الجسم بعد الموت لا يتوقف فقط على العوامل الخارجية مثل الحرارة ، الوسط الذي تتواجد به الجثة (هواء ، سائل ، مدفون ) ، دخول الحشرات ، ولكن كذلك يتوقف على عوامل داخلية مثل وجود أمراض ، التكوين الفردي وجود نشاط عضلي كثيف قبل الموت .
خلال 24 ساعة الأولى من الوفاة يتم التركيز على العناصر الثلاثة التالية :
–    الصلابة ( القساوة ) .
–    الدكنة ( شحوب اللون ).
–    درجة الحرارة للجسم .
بصفة عامة الصلابة تصيب الفك في مدة من 3 إلى 4 ساعات ، تمتد بعد ذلك إلى الأطراف العلوية والسفلية إلى أن تصبح كاملة في مدة من 8 إلى 10 ساعات ، ثم تختفي في مدة من 24 إلى 36 ساعة .
يمكن إستعمال طريقة صلابة الجثـة مع الأخذ بعين الإعتبار إذا كان الجسم ساخن أو بارد ، حيث أنه إذا كان الجسم ساخن ورخو فإن الوفاة تعود إلى أقل من 3 ساعات ، أما إذا كان الجسم ساخن ومنقبض فإن الوفاة تعود من 3 إلى 8 ساعات ، إذا كان الجسم بارد وصلب فأن الوفاة تكون بين 8 إلى 36 ساعة ، إذا كان الجسم بارد ورخو فأن الوفاة تقدر بأكثر من 36 ساعة .
الدكنة تنتج عن تجمع الدم في العروق والأوعية الدموية للأجزاء السفلى للجسم طبقا لظاهرة قوة الجاذبية ، حيث تظهر الدكنة من 30 دقيقة إلى 4 ساعات ، وتكون قصوى وثابتة في 10 إلى 12 ساعة ، كما يمكن أن تظهر الدكنة إلى غاية 30 ساعة وتصل حتى 90 ساعة في حالات خاصة عندما تكون الجثة قد نقلت أو تم تغيير وضعيتها .
درجة الحرارة تساعد كثيرا في تحديد وقت الوفاة ، حيث تبين أن الجسم يفقد بسرعة حرارته لما يكون الجو بارد ، حيث أنه يفقد 1درجة في كل ساعة في جو درجة حرارته 0 درجة مئوية ، وأقل من ذلك في الجو الساخن ، فيفقد 1درجة كل 2 ساعات عند 20 درجة مئوية وتوجد عدة نظريات لقياس درجة الحرارة .
تعفن الجثة يبدأ خلال 48 ساعة التي تلي الوفاة ، تتغير المدة حسب درجة الحرارة و الرطوبة ومكان وجود الجثة وحتى طبقا لظروف الموت ، وفي 48 ساعة تظهر بقعة خضراء على الصدر نتيجة نشاط البكتيريا وتدهور الهيموقلوبين ، ويتم ظهور رسم العروق

جيدا خلال 5 إلى 6 أيام ، بعد ذلك ينتفخ الجسم وتظهر جيوب مائية به ، تبدأ الأنسجة في عملية التخريب ، كما يتم تدخل الحشرات منذ البداية .

المطلب الثاني : علم التسمم

         يهتم هذا العلم بدراسة كل المواد التي يمكنها أن تكون سبب الوفاة أو التسمم الإجرامي أو العرضي وذلك بتحليل المواد التي يحتويها الوسط البيولوجي ، مثل البول ومختلف البقايا والمواد العلاجية وباقي السموم الأخرى والمخدرات ، كما يقوم في مجال دراسته بتحليل نسبة الكحول الإثيلي في الدم في حالة السكر أثناء السياقة .
يكون الكشف عن آثار السموم أو المخدرات أو المواد الأخرى بإستعمال طريقة التحليل الطيفي بالكتلة وذلك بالأشعة فوق البنفسجية مقرونة بطريقة الفصل الكروموتوقرافي séparation chromatographique في المرحلة الغازية ،  وتسمح هذه الطريقة بإثبات الجزيئات المكونة للمادة وتأكيدها ، يتم قنبلة هذه الجزيئات بحزمة إلكترونية تسمح بتكسيرها إلى أيونات ، هذه الأخيرة تفصل طبقا لكتلتها بواسطة ألكترومغناطيس ، تتم بعد ذلك مقارنة شدة تيار الأيونات وطبيعتها بالمواد المخزنة بالكمبيوتر الذي تخزن به 100.000 مادة مرجعية .

بتحليل مختلف الأوساط البيولوجية يمكن معرفة سرعة انتشار السم في مختلف الأعضاء ونفس الشيء بالنسبة لظروف وسرعة الموت ، مثلا عند وجود نسبة عالية من الهيروين في الدم وكمية قليلة من الجزيئات المشتقة منها في البول ، هذا يعني أن الموت كان سريع وناتج عن تناول جرعة مفرطة ، كذلك يمكن تحليل الشعر مثلا الذي يقوم بالتخلص من هذه المواد عن طريق إفرازها والذي بواسطته يمكن تحديد فترة تناول السموم.

المطلب الثالث : الأنتروبولوجيا Anthropologie

         تهتم الأنتروبولوجيا بدراسة التغيرات والتنوعات البيولوجية للبشر على الأرض بمرور الأزمنة وتدرس هذه التغيرات للأفراد أو المجتمعات على مستوى الجزيئات ، الخلايا  النسيج والأعضاء كافة .
تهتم الأنتروبولوجيا في هذه الحالة أساسا بقياس بعض العظام المختارة وتوضيح الخواص ، حيث يتم التركيز على التشوهات العظميـة ، الأعضـاء أو المواد الاصطناعية ( ألواح معدنية ، براغي تثبيت وتحديد رقمها إن وجد ،عددها وإتجاهها ) والتي تكون النقاط الهامة للمقارنة مع الملف الطبي للمبحوث عليه .
يمكن تحديد أصل العظام بسهولة إن كان بشري أو حيواني ، حيث أن النسبة بين القطر الخارجي والداخلي للعظام الطويلة عند الإنسان صغير مقارنة بالحيوان ، فحص الهيكل العظمي يسمح كذلك بتحديد الجنس وفي بعض الأحيان العمر ، حيث أن الحوض عند المرأة عريض مقارنة بالرجل وبالمثل جمجمة المرأة صغيرة مع إنطباع قليل لبصمات العضلات عليها .

أما بالنسبة للعمر فيتم تحديده بفحص عظام القفص الصدري وكيفية إرتباطها وكذلك على درجة إلتحامها وإلتحام الجمجمة ، دراسة تكوين العظام بواسطة التحولات التي تطرأ عليها طول مدة الحياة تعطي عناصر إضافية للتقييم ، كما يمكن إستنتاج السلالة الإثنية لصاحبها بدراسة مورفولوجية الجمجمة .
يمكن تحديد عمر العظام بإستعمال طرق فيزيائية وكيميائية ، حيث أن الدهون تزول في العظم بالتقريب بعد مدة 10سنوات والبروتينات في أقل من 05 سنوات (1) .
كما يمكن إستعادة تقاسيم الوجه أو الجسم في علم الأناسة وذلك بواسطة أنظمة معالجة .

المطلب الرابع : علم الحشرات Entomologie

         يبدأ مجال البحث الجنائي لهذا العلم من لحظة الوفاة ، فيصبح الشخص المتوفى طعاما للحشرات ، حيث أنه يوجد حوالي 400 نوع من الحشرات الجيفية ، التي تشارك في إستهلاك الجثة بانتظام .
أثناء إكتشاف جثة يكفي فقط التعرف على الحشرات الموجودة  وتحديد طور تطورها ليتمكن من تحديد تاريخ الوفاة ، تبدأ العملية بجمع البيوض واليرقات والحشرات الطائرة أو الزاحفة حول أو فوق الجثة ، تؤخذ العينات الحية وتوضع في أنابيب إختبار ثم تنقل إلى المخبر، كما تؤخذ عينات من التراب من حول الجثة عن عمق من 10سم إلى01 متر من أجل جمع الحشرات التي تعيش في التربة ولا تظهر على السطح إلا لتقتات منه.

         على مستوى المخبر يتم فرز وترقيم الحشرات ، حيث يوضع جزء منها في أنابيب لكي تواصل نموها وتوفر لها كل الشروط الطبيعية التي وجدت فيها وبعد مدة تسمح بتفقيس البويضات وتحديد فترة النمو إلى غاية إكتشاف الجثة بواسطة عملية طرح للوقت الإجمالي للنمو .

(1) – العميد – عبد الجبار السامرائي- مجلة الشرطة – عدد361 –يناير 2001- أبو ظبي –  الإمارات العربية المتحدة  – ص 33.
(2) – نظير شمص وفوزي خضر –  علم البصمات دراسة تطبيقية شاملة – منشورات دار مكتبة الحياة بيروت – لبنان – 1982 – ص 16.
(1)- Anne leriche – La Criminalistique :du  mythe à la realité quotidiènne – editions KLUWER –Bruxelles- Belgique – 2002 –p 218.
(1)  Criminalistique – G.Chevet et autres – Laboratoire de l’identité judiciaire de paris – p 46.
(1)  د.منصور عمر المعايطة – الأدلة الجنائية والتحقيق  الجنائي –  مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع – عمان – الأردن – 2000 – ص 79
(1)   www.FreeArabi.htm
(1)  لواء دكتور .قدري عبد الفتاح الشهاوي – مرجع سابق – ص 96.
(1)  لواء دكتور .قدري عبد الفتاح الشهاوي – مرجع سابق – ص 104.
(2)  د.معجب معدي الحويقل – دور الأثر المادي في الإثبات الجنائي – أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية – الرياض – المملكة العربية السعودية – الطبعة الأولى -1999- ص 50.
(1)  – د.عادل عيسى الطويسي – المجلة العربية للدراسات الأمنية والتدريب – عدد22 – نوفمبر 1996 –  ص 86 .
(2)  أحمد أبو الروس – منهج البحث الجنائي – المكتب الجامعي الحديث – الإسكندرية –مصر – 2002 – ص 245 .
(1)  أحمد أبو الروس – مرجع سابق – ص 260 .
(1)   www. Encyclopedia universalis