بحث مفصل حول اختصاص رئيس الدولة باصدار اللوائح التفويضية وفقاً للقانون

شروط ممارسة رئيس الدولة لاختصاصه في اصدار اللوائح التفويضية :

هنالك شروط عدة لابد من توفرها لا صدار اللوائح التفويضية وهي كالاتي :

اولاً : الشروط المتعلقة بظروف ممارسة التفويض التشريعي :

وفقا لحرفية نص المادة (38) من الدستور الفرنسي نجد انها لم تشترط لممارسة التفويض التشريعي ان توجد ظروف غير اعتيادية تسوغ ممارسة هذا الاختصاص ، لذا فقد اثيرِ السجال في الفقه الدستوري حول مدى ضرورة توافر ظروف غير اعتيادية تسوغ منح التفويض التشريعي، فذهب رأي في الفقه إلى ان نص المادة (38) تضمن عبارة (تنفيذ برنامجها) وهي عبارة شاملة تشير إلى امكانية استخدام هذه المادة في الظروف العادية الاستثنائية على حد سواء فالمادة المذكورة لم تشترط توافر ظروف غير عادية لتطبيقها مما يؤدي إلى اتاحة الفرصة للحكومة في اللجوء إلى استخدامها وفقا لارادتها المنفردة(1). في حين ذهب جانب اخر من الفقه إلى اشتراط ان تكون هنالك ظروف غير عادية تسيغ اللجوء لاعمال المادة (38) بحيث لا يمكن لسبب أو لاخر مواجهة هذه الظروف بواسطة التشريع البرلماني ، لذا فلا بد من وجود ظرف غير عادي يتطلب تدخل السلطة التنفيذية لمعالجته – وان لم يصل إلى حد كبير من الجسامة – وهو ما يسوغ اللجوء إلى التفويض التشريعي(2)، ومما يلاحظ ان نص المادة (38) لا تشير إلى تفويض رئيس الجمهورية في اصدار اللوائح التشريعية صراحة وانما تخاطب الحكومة مباشرة ، وازاء هذا النص نتساءل عن دور رئيس الدولة وسلطته تجاه الاوامر التشريعية ؟ ذهب جانب من الفقه إلى ان سلطة رئيس الجمهورية تجاه اللوائح التفويضية بدءً من طلب الاذن بها حتى اصدارها لا تتسم بالفردية وانما لابد من ان يشترك فيها معه الوزير الاول(3). في حين يذهب اغلب الفقه إلى ان رئيس الجمهورية في فرنسا – وان لم يذكره نص المادة (38) – يمارس سلطة حقيقية واسعة في طلب هذه اللوائح(4)، وذلك استنادا إلى نص المادة ( 13) من الدستور التي تعطيه سلطة التوقيع على جميع اللوائح الصادرة من مجلس الوزراء وتوقيعه عليها يعد اجراء جوهرياً يمنح بموجبه سلطة حقيقية في اصدارها ويجعله رقيباً على اعمال الحكومة(5)، ورئيس الجمهورية يملك سلطة تقديرية في التوقيع على هذه المراسيم الصادرة من مجلس الوزراء من عدمه إذ لا توجد هنالك وسيلة قانونية تجبره على التوقيع على هذه المراسيم(6)، والواقع العملي اثبت هذا الاتجاه فنجد ان البرلمان نص في بعض قوانين التفويض صراحة على ضرورة توقيع رئيس الجمهورية على الاوامر الصادرة بناءً عليها كقانون 4 فبراير عام 1960 ، وهو ما يوضح ان التفويض التشريعي انما ينعقد لرئيس الجمهورية وليس للوزير الاول(7) ، وقد تاكد هذا الاتجاه اكثر في قانون التفويض الصادر في 13 ابريل 1962 الذي خول رئيس الجمهورية سلطة اصدار الاوامر التشريعية ، وهو ما حدث ايضا عند مناقشة البرلمان لقانون التفويض الصادر في 22/6/1967 حيث اعلن الوزير الأول أمام البرلمان انه تحت رقابة رئيس الجمهورية عند اصدار الاوامر التشريعية(8). لذا فان توقيع رئيس الدولة على هذه الاوامر واهتمام البرلمان الفرنسي باثبات ذلك ليس مجرد شكلية وانما هي دليل على ان الإجراءات التي تتخذ انما هي تعبير عن سياسة رئيس الدولة(9) . ويلاحظ ان الدستور التونسي قد نهج على نهج الدستور الفرنسي ذاته فلم يشترط في الفقرة الثالثة من المادة (28) حدوث ظروف غير عادية تستدعي تطبيقها غير ان تطبيق المادة المذكورة يجب ان يكون في ظروف غير عادية تسوغه لا في ظروف عادية(10)، فالنص يقضي بان يكون التفويض لمدة محددة والتاقيت لا يكون في الظروف العادية وانما يرتبط بالظروف الاستثنائية وعليه فان تطبيق التفويض التشريعي لابد ان يكون في ظل ظروف غير عادية (استثنائية)(11). اما في ظل الدستور المصري فان نص المادة (108) قد اوضح بان الظرف الذي يستدعي التفويض التشريعي لا بد من ان يكون ((عند الضرورة وفي الاحوال الاستثنائية)) غير ان النص قد اثار الخلاف في الفقه المصري حول صياغته فهل المشرع يشترط توافر الضرورة والاحوال الاستثنائية معا ، ام تكفي احداهما ؟ وهل تختلف احداهما عن الاخر ؟ ذهب جانب من الفقه المصري إلى القول بان المشرع لم يقصد بالضرورة والاحوال الاستثنائية معنيين مختلفين وذلك لانهما يجمعهما المضمون والجوهر انفسهما، فلا قيام لحالة الضرورة ما لم تتوافر الظروف الاستثنائية ، فالمقصود من جمعهما معا هو رغبة المشرع الدستوري في عدم اجازة التفويض التشريعي الا عند قيام حالة ضرورة نتيجة لبعض الظروف الاستثنائية(12). في حين ذهب جانب اخر من الفقه إلى القول بان المشرع الدستوري قد قصد من ذكر ((الضرورة والاحوال الاستثنائية )) لغرض التشدد في منح التفويض التشريعي فلابد ان يتحرز مجلس الشعب في تخويل رئيس الجمهورية سلطة اصدار اللوائح التفويضية ، فلابد من توافر ظروف تتوافر فيها الضرورة والاحوال الاستثنائية معاً لتجيز التفويض التشريعي(13). وعلى ذلك فلا يجوز التفويض التشريعي بحجة السرية اللازمة عند اصدار التشريعات وكذلك لا تكفي قيام حالة الاستعجال لتسويغ اللجوء إلى التفويض التشريعي ما لم تكن هذه الحالة مرتبطة بظروف استثنائية(14). وبشان تقرير حالة الضرورة والظروف الاستثنائية حدث خلاف في الفقه، فذهب جانب من الفقه الدستوري المصري إلى ان تقرير مدى توافر حالة الضرورة والظروف الاستثنائية امر متروك لتقدير رئيس الجمهورية وحده يباشر تحت رقابة البرلمان(15). في حين ذهب جانب اخر من الفقه إلى ان تقدير الضرورة والظروف الاستثنائية وان كان لرئيس الجمهورية تحت رقابة البرلمان فان القضاء الدستوري له ان يمارس رقابته على سلطة رئيس الجمهورية في هذا المجال (16).

ثانياً : الشروط المتعلقة بالمفوض والمفوض اليه :

هنالك شروط لا بد من تحقيقها في المفوض أي البرلمان فلابد ان يكون هذا الاخير منعقدا وانعقاد البرلمان هو ما يميز حالة اللوائح التفويضية عن غيرها من اللوائح التي تصدرها السلطة التنفيذية لممارسة الوظيفة التشريعية في ظل الظروف الاستثنائية، غير ان هذا لا يعني ضرورة استمرار انعقاد البرلمان طول مدة التفويض(17)، وفضلاً عن انعقاد البرلمان فلابد ايضا من صدور الاذن من البرلمان بالتفويض التشريعي أما بالنسبة لما يتعلق من شروط بالمفوض اليه أي رئيس الدولة فلابد من حصوله على اذن من البرلمان لممارسة سلطته في اصدار اللوائح التفويضية ، وقد يتوجب علىرئيس الدولة استشارة جهات معينة(18). وقد اوضح الدستور الفرنسي هذه الشروط فهو قد اجاز للحكومة في المادة (38) وفي سبيل تنفيذ برنامجها ان تطلب الاذن من البرلمان باتخاذ هذه الاوامر التشريعية وهذا يستلزم ان يكون البرلمان منعقدا ولابد من صدور قانون التفويض من البرلمان بناءً على طلب الحكومة وهو يصدر على شكل قانون تتبع في اصداره الإجراءات التشريعية ذاتها المعمول بها(19) ، فالبرلمان لا يفوض الحكومة من تلقاء نفسه لتنظيم المسائل المختص بها وانما لابد ان يتم ذلك بطلب من الحكومة وتصدر هذه اللوائح من مجلس الدولة ويجب ان يوقع عليها رئيس الجمهورية(20) ، والحكومة ملزمة بطلب رأي مجلس الدولة والذي ينصب حول مدى ملاءمة ودقة الاوامر قبل اصدارها غير ان هذا الرأي لا يعد ملزماً للحكومة بحال من الاحوال(21). وقد اثير التساؤل حول عبارة (( تنفيذ برنامجها )) فهل هو البرنامج ذاته الوارد في المادة (49) والذي بموجبه تمنح الحكومة الثقة من قبل البرلمان ؟ اجاب المجلس الدستوري الفرنسي عن ذلك في قراره الصادر في 11/ 1/1977 بانه (( ليس بالضرورة ان يكون نفس البرنامج الوارد في المادة (49) وانما يكون برنامجا اخر غير الذي اعطيت الوزارة على ضوئه ثقة البرلمان ))(22).

ويتضح من صياغة نص المادة (( 28)) الفقرة الثالثة من الدستور التونسي انه قد اشترط قيام البرلمان بمجلسيه ( النواب والمستشارين ) وانعقاده ، وقد اشار النص إلى (( .. ان يفوضا .. )) وهذا يعني انه لابد من صدور قانون خاص بالتفويض ، ولم يحدد النص الجهة التي تقوم بالمبادرة وطلب التفويض فهل تكون المبادرة من البرلمان بتفويض رئيس الجمهورية ، أم ان المبادرة تكون من رئيس الجمهورية بطلب التفويض من البرلمان ؟

ونحن نرى ان هذا الحق يثبت لرئيس الجمهورية فقط اتساقاً مع الطبيعة الاستثنائية للتفويض من جهة وهو ما يتفق مع المنطق من جهة اخرى فلا يعقل ان البرلمان هو من يسعى وراء رئيس الجمهورية لتفويضه في ممارسة الوظيفة التشريعية التي هي الاختصاص الاصيل للبرلمان ، بينما نجد طبيعياً ان رئيس الجمهورية يسعى وراء صاحب الاختصاص الاصيل لتفويضه في ممارسة جزء من هذا الاختصاص .

أما بالنسبة لاستشارة رئيس الجمهورية لجهة اخرى فهو مالم يذكره الدستور غير ان القانون الخاص بالمحكمة الادارية في مجلس الدولة التونسي ذا الرقم 40 لسنة 1972 ، بين بأن جميع المراسيم والاوامر ذات الصفة التشريعية والترتيبية لابد من عرضها عليها لابداء رأيه فيها غير ان هذا الرأي لا يعد ملزماً لاية جهة(23). ووفقا لنص المادة (108) من الدستور المصري فان البرلمان لابد ان يكون منعقدا حتى يتسنى طلب التفويض منه ولابد ان ياذن لرئيس الجمهورية باصدار اللوائح التفويضية بناءً على قانون التفويض(24)، غير ان النص قد اشترط ضرورة موافقة أغلبية ثلثي أعضاء مجلس الشعب وهذه الأغلبية لا تشكل اية صعوبة في الحصول على تفويض من مجلس الشعب وذلك إذا كانت الأغلبية البرلمانية مؤيدة لسياسة رئيس الجمهورية(25). ولم يحدد النص الدستوري ما إذا كان قانون التفويض يصدر من مجلس الشعب مباشرة أم يكون متوقفا على طلب رئيس الجمهورية ، وازاء عدم التحديد فقد اختلف الفقه الدستوري في ذلك ، فذهب جانب من الفقه إلى القول بان عدم تحديد المشرع الدستوري الجهة التي لها المبادرة في طلب التفويض انما تؤدي إلى اعمال القاعدة الخاصة باقتراح القوانين ، وعليه يكون لكل من رئيس الجمهورية واعضاء مجلس الشعب حق المبادرة في طلب التفويض لأن قانون التفويض كأي قانون يمكن اقتراحه بواسطة أي منهم طبقا لنص المادة (109) من الدستور(26). في حين يذهب جانب اخر من الفقه إلى ان المادة (109) من الدستور رغم عمومها فهي تخص فقط حق اقتراح القوانين التي تطبق في الظروف والاحوال العادية التي لابد وان تصدر من البرلمان ، ومن ثم فانه من الملائم ان لايمتد حكم هذه المادة إلى قوانين التفويض التي تصدر لمواجهة ظروف استثنائية ، فضلاً عن ان الحاجة والرغبة في طلب التفويض هو امر خاضع لتقدير رئيس الجمهورية لمواجهة هذه الظروف ، لذا فهو حق يثبت لرئيس الجمهورية وحده (27)، فالتفويض يمنحه مجلس الشعب لرئيس الجمهورية وحده ، وهذا الاخير هو الذي يتلقى التفويض وهو الذي يكون له اصدار القرارات بقانون بناء على هذا التفويض(28)، أما بالنسبة لضرورة الاستشارة من قبل رئيس الجمهورية فان النص الدستوري لم يذكر ذلك غير ان هذا الشرط متحقق استنادا إلى قانون مجلس الدولة المصري رقم 47 لسنة 1972 الذي يلزم السلطة التنفيذية بعرض جميع اللوائح ذات الصبغة التشريعية على مجلس الدولة(29) .

ثالثاً : الشروط المتعلقة بمدة وموضوع التفويض :

وتنقسم هذه الشروط إلى نوعين احداهما يتعلق بالفترة الزمنية التي يمكن خلالها لرئيس الدولة ان يصدر اللوائح التفويضية بناءً على تفويض البرلمان له ، والاخرى تتضمن بيان الموضوعات التي يجوز لرئيس الدولة ان يتناولها بالتنظيم بموجب قانون التفويض :

1. ان يكون التفويض لمدة محدودة : وفقا للمادة (38) من الدستور الفرنسي لابد تحديد المدة الزمنية للوائح التفويضية تحديدا دقيقا ويرجع السبب في ذلك إلى حرص المشرع الدستوري على عدم استمرار التفويض لاجل غير مسمى كونه امرا استثنائيا عارضا فهو يعد خروجا على مبدأ الفصل بين السلطات ، ولذلك فان عدم تحديد القانون مدة التفويض يجعله باطلا(30)، لذا فلا يجوز للبرلمان ان يجعل تحديد مدة التفويض من تقديرات السلطة التنفيذية وذلك عن طريق ربطها بتحقيق الهدف من التفويض وهو (تنفيذ برنامجها)(31)، وانما يجب ان يحدد قانون التفويض تحديدا دقيقا المدة التي تؤهل خلالها الحكومة في اتخاذ تدابير تعود لمجال القانون(32).

لذا يقع على عاتق الحكومة عند تقديمها طلب التفويض ان تحدد الفترة الزمنية التي يحق لها خلالها ان تصدر الاوامر التفويضية(33). وقد اعتاد البرلمان الفرنسي على تحديد مدة التفويض التشريعي بفترة زمنية تتراوح بين اربعة اشهر الى عام على الاكثر ، غير انه قد يخرج عن هذا التحديد عندما تتعرض الدولة لظروف يصعب التكهن بالفترة الزمنية التي يمكن ان تزول خلالها لاسيما حالة الحرب(34) . نجد ان الدستور التونسي قد نص في الفترة الثالثة من المادة (28)بان يكون التفويض ((لمدة محددة )) وهذا التحديد لابد ان يكون تحديدا دقيقا فيجب ان تكون مدة التفويض لفترة زمنية محددة تاريخ الابتداء والانتهاء (35) . ونجد ان الدستور المصري قد اوضح ضرورة ان يكون ((التفويض لمدة محددة)) وذلك في المادة (108) وهذه المدة المحددة لابد ان تكون محددة تحديدا زمنيا لالبس فيه ولا غموض وبذلك لايجوز ربط هذه المدة بظروف معينة –كانتهاء حالة الحرب أو زوال الظروف الاستثنائية –لان ذلك يشكل تهديدا بالغا بحقوق وحريات الأفراد ، وعليه لايجوز ربط هذه المدة باحداث معينة ، وانما تربط بوحدات زمنية –كاسبوع أو شهر أو سنة -(36). في حين يذهب رأي إلى ان تحديد مدة التفويض يمكن ربطها بالاحداث التي حدت بمجلس الشعب إلى تفويض رئيس الجهورية في اصدار قرارات لها قوة القانون (37). فاذا تم ربط انتهاء مدة التفويض باحداث وظروف غير عادية فلا بد ان تكون هذه الاحداث والظروف ذات ابعاد محددة ، فيدرك الذهن العادي متى تبدا ومتى تنتهي(38)، ومما يلاحظ ان مدة التفويض يجب ان لا تستغرق المدة الباقية لنيابة البرلمان لأن ذلك يعد نزولا فعليا عن سلطته التشريعية ومن باب اولى الا تمتد هذه المدة إلى ولاية المجلس الجديد(39)، فاذا خلا قانون التفويض من تحديد هذه المدة اصبح باطلا لفقده أحد شروطه الأساسية ويجوز الطعن بعدم الدستورية(40) ، وهذا التشديد في ضرورة تحديد مدة قانون التفويض متاتٍ من كون التفويض التشريعي يعد امراً استثنائياً عارضاً وخروجاً على مبدأ الفصل بين السلطات ولذلك يتعين ان يكون هذا الخروج مؤقتا حتى لا يختل التوازن بين السلطات .(41)

2. ان يكون التفويض محدد الموضوعات: لم يبين الدستور الفرنسي هذا الشرط صراحة في نص المادة (38) ، غير ان الفقه يرى انه لابد ان يحدد قانون التفويض وبدقة ماهية الموضوعات التي سيتناولها قانون التفويض وبالتالي الاوامر التفويضية والسبب في ذلك يرجع إلى ان السلطة التشريعية محددة اصلا في مجال القانون وفق المادة (34) فاذا لم يكن قانون التفويض محدد الموضوعات الداخلة فيه عد ذلك سلطة مطلقة للسلطة التنفيذية في التشريع ولا سيما وان المادة (41) قد منعت البرلمان من ان يشرع في مجالات التفويض حتى انتهاء مدته ، واجازت في المادة (38) للاوامر التفويضية ان تدخل في النطاق المحتجز للقانون (42) . وهو ما أيده المجلس الدستوري في العديد من احكامه فقد قضى في 11 /1/1977 بان ((عندما تطلب الحكومة إلى المجلس النيابي الاذن بالتشريع عن طريق اوامر اشتراعية يجب عليها ان تبين بدقة ماهية التدابير التي تنوي اتخاذها ويجب ان تتخذ هذه التدابير من اجل تنفيذ برنامجها )) وكذلك قضى في عام 1986 بان ((على الحكومة ان تبين مجال تدخلها غير انها ليست ملزمة ببيان فحوى الاوامر الاشتراعية))(43) . غير انه من الملاحظ ان هنالك عدد من القوانين التفويضية قد صدرت بعبارات واسعة يسهل اعطاءها اكثر من تفسير كالقانون الصادر في 4 فبراير عام 1960 الخاص بتفويض الحكومة ، ولمدة عام باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحفظ الامن في الجزائر، وقانونا6 يناير،4 فبراير لعام 1982 اللذان فوضا الحكومة السلطة بتنظيم المسائل الاجتماعية عن طريق الاوامر التفويضية(44). والمعيار في تحديد هذه الموضوعات في قانون التفويض هو اتفاقها مع المبادئ الدستورية وعليه نجد ان المجلس الدستوري قضى في عام 1982 بان (( نصوص قانون التفويض لا يمكن ان يكون موضوعها أو اثرها اعفاء الحكومة عند ممارسة السلطات المعطاة لها تطبيقاً للمادة (38) من الدستور من احترام المبادئ الدستورية ولاسيما فيما يتعلق بالحرية والمساواة وحق الملكية ))(45).وبعد انتهاء مدة التفويض لا يجوز تعديل الاوامر التفويضية الداخلة في مجال القانون الا بقانون يصدر من البرلمان أما قبل انتهاء مدة التفويض فيكون محظورا على البرلمان التشريع في المسائل محل التفويض(46). أما في ظل دستور تونس فنجد انه قد اوضح بان المراسيم التفويضية يجب ان تكون ((… ولغرض معين … )) وهذا يعني ان موضوعات قانون التفويض يجب ان تكون محددة الغرض وبالتالي الموضوعات (47)، ونحن نتفق مع هذا الرأي وذلك لأن المجال المحدد للقانون محدد على سبيل الحصر في الدستور التونسي وفقا للمادتين (37،34) لذا لابد ان تكون الموضوعات التي يتضمنها قانون التفويض محددة على سبيل الحصر وبصورة دقيقة ، ولم يبين الدستور ما إذا كان للمراسيم التفويضية التي يختص باصدارها رئيس الجمهورية ، ان تدخل في المجال المحتجز للقانون ام لا ، ونحن نرى انه لا يجوز لها ان تتدخل في المجال المحتجز للقانون وذلك للاسباب الاتية:

 – عدم تحميل النص معاني اكثر مما يحتملها

 – لضمان عدم تعسف رئيس الجمهورية في التدخل في هذا المجال والتعرض لجميع الحقوق والحريات المقررة للمواطنين وكذلك  ضماناتها وتقيدها بشكل واسع .

 – لضمان عدم تعرض رئيس الجمهورية لتشكيلة المؤسسات الدستورية واختصاصاتها ، والعمل على جعلها مؤسسات استشارية – لاسيما البرلمان – والقول بغير ذلك يعني الدكتاتورية بعينها والتفرد بالسلطة ، ولاسيما وان المراسيم الصادرة عن رئيس الدولة في هذا المجال تعد محصنة من الطعن فيها بالالغاء أمام المحكمة الادارية في مجلس الدولة(48).

وكذلك لا يختص المجلس الدستوري بالنظر في هذه المراسيم ، الا إذا اتخذت شكل مشاريع قوانين بعد اقرارها في البرلمان غير ان عرضها على المجلس الدستوري يكون من اختصاص رئيس الجمهورية وحده(49)، لذلك نرىعدم تدخل هذه المراسيم التفويضية في المجال المحتجز للقانون ، ولابد من تحديد موضوعات التفويض بصورة محددة تحديداً دقيقاً. أما في الدستور المصري فنجد ان المادة ( 108) قد بينت ان التفويض يجب ان (( … تبين فيه موضوعات هذه القرارات والاسس التي يقوم عليها … )) . ومن خلال هذا النص يتضح انه لابد من تحديد الموضوعات التي تصدر فيها اللوائح التفويضية ، فالتفويض يجب ان يكون جزئيا ينصب على موضوعات محددة أما التفويض الكلي فانه غير جائر لانه يعد بمثابة تنازل من البرلمان عن اختصاصاته التشريعية وهذا ما لا يملكه ، ولابد ايضا من توضيح الاسس التي تقوم عليها اللوائح التفويضية وتتضح هذه الاسس في ضوء الاسباب الدافعة إلى صدور التفويض التشريعي ذاته(50)، وعدم تحديد الموضوعات الداخلة في قانون التفويض يعني التفويض المطلق لرئيس الجمهورية في اصدار اللوائح التفويضية في أي موضوع ، وهذا يعني تخلي مجلس الشعب عن اختصاصه في التشريع ، وهو امر غير جائز دستورياً (51)، ويلاحظ انه لابد من اتصال هذه الموضوعات المحددة في قانون التفويض وعلى سبيل الحصر اتصالا وثيقا بالضرورة والاحوال الاستثنائية(52). غير ان التساؤل الذي اثير في الفقه المصري يتعلق بمدى امكانية البرلمان التفويض في الموضوعات المحتجزة له دستوريا ؟ ذهب جانب من الفقه إلى انه لا يجوز للبرلمان ان يفوض في الموضوعات المحتجزة له دستوريا ولكن له ان يفوض في الموضوعات التي اباح الدستور التفويض بشانها أو الموضوعات التي سكت عنها الدستور بشرط ان لا يكون التفويض مخالفا للمبادىء القانونية العامة(53)، وللبرلمان ايضا ان يفوض في الموضوعات التي قرر الدستور تنظيمها بناء على قانون(54)، وللبرلمان ايضا ان يفوض في المجالات التي استلزم فيها الدستور للتشريع أغلبية خاصة على شرط ان يصدر قانون التفويض ذاته باغلبية لاتقل عن الأغلبية الخاصة المطلوبة(55)، وعليه لا يجوز للبرلمان ان يفوض في الموضوعات المحتجزة له دستوريا والا عد تفويضه بمثابة الخروج على احكام الدستور(56) . في حين ذهب جانب من الفقه الدستوري إلى القول بان لمجلس الشعب ان يفوض رئيس الجمهورية في اصدار لوائح تفويضية في الموضوعات المحتجزة دستوريا للقانون ،لان هذه اللوائح تتمتع بقوة القانون لذا فانه يجوز لها ان تتناول بالتنظيم كل ما يتناوله القانون بما في ذلك المسائل التي نص الدستور على ان يكون تنظيمها بقانون أو وفقا لاحكام القانون (57). وهذا هو ما يتفق مع روح نص المادة (108) من الدستور ومع طبيعة التفويض ذاته والحكمة من اللجوء اليه (58).

ومما يشار اليه ان المحكمة الدستورية العليا قد اخذت بالاتجاه الثاني في العديد من احكامها(59). وعن امكانية البرلمان في ان يشرع في الموضوعات نفسها محل التفويض حدث خلاف في الفقه ، فذهب جانب من الفقه الدستوري إلى ان قيام البرلمان باصدار قانون ينظم الموضوع محل التفويض يؤدي لوجود سلطتين تشريعيتين تمارسان الاختصاص ذاته مما قد ينتج عنه التناقض والاضطراب ،كما ان تدخل البرلمان لن يمنع الحكومة من اصدار لائحة تفويضية تلغي أو تعدل ما قرره البرلمان ،ولذلك فالافضل هو ان يقوم البرلمان بالغاء التفويض إذا تبين له ان الحكومة قد اساءت استخدام سلطتها بدلا من اصدار قانون في المجال نفسه الذي فوضه للحكومة وبذلك يسترد هيمنته التشريعية كاملة(60).في حين ذهب جانب اخر من الفقه إلى ان صدور قانون بالتفويض لا يحول دون البرلمان ومباشرة التشريع في الموضوعات نفسها التي تم فيها التفويض لأن التفويض لا يعني ابدا النزول على السلطة التشريعية أو الانتقاص منها والا كان الامر بمثابة توزيع السلطة بين مجلس الشعب ورئيس الجمهورية وهو امر محظور ، وان رغب في ذلك مجلس الشعب الذي لا يملك سلطة التشريع وانما يمارسها فقط(61).

رابعاً : الشرط المتعلق بعرض اللوائح على البرلمان :

لقد تطلب الدستور الفرنسي في المادة (38) وجوب عرض مشروع قانون التصديق على الاوامر التفويضية على البرلمان قبل نهاية مدة التفويض ويترتب على عدم عرضها زوال ماكان لها من قوة القانون ومن ثم انهاء اثارها واعتبارها لاغية(62). واثر الالغاء هذا يمتد إلى المستقبل فقط دون ان يكون له الاثر الرجعي(63) ، واذا عرضت الاوامر التفويضية على البرلمان ولكنه رفض اقرارها فهي تفقد قوتها القانونية بدون اثر رجعي(64) ، فاذا تم عرض هذه الاوامر على البرلمان فان هذا العرض في ذاته لايغير من طبيعتها القانونية – كقرارات ادارية – مما يجعل باب الطعن مفتوحا تجاهها بالالغاء(65) ، وهو ما ايده المجلس الدستوري في أحد احكامه الصادر في 27/2/1972 بان ((… اثر ايداع مشروع قانون التصديق هو الحفاظ على نفاذ الاوامر الاشتراعية ، وهو لايتناول على الاطلاق طبيعتها القانونية ، …. وبذلك تظل قابلة للمراجعة لتجاوز حد السلطة والدفع باللاقانونية ))(66) . فاذا ما عرض مشروع القانون على البرلمان فانه قد يتخذ تجاهه أحد المواقف التالية فهو أما ان يصدق على هذا المشروع أو قد يرفض التصديق عليه ، وقد يتخذ البرلمان جانب الصمت على بيان موقفه وهنا يثار التساؤل حول قيمة هذا الصمت فهل يعد رفضا ام تصديقا لمشروع القانون المعروض عليه ؟(67). ذهب جانب من الفقه إلى انه لا يمكن تفسير سكوت البرلمان على التصديق بانه تصديق أو رفض للتصديق فلا بد ان يتخذ البرلمان تجاهه موقفا صريحا ، لذا تظل هذه الاوامر متمتعة بطبيعتها الادارية حتى صدور موقف من البرلمان تجاهها ، وهذا يعني انها تكون عرضة للطعن بالالغاء(68). في حين يرى جانب من الفقه ان صمت البرلمان تجاه هذه اللوائح يعد رفضا لها(69).

وقد ذهب جانب اخر من الفقه إلى ان صمت البرلمان تجاه مشروع قانون التصديق على الاوامر التفويضية هو تصديق ضمني له(70). وقد بين الدستور التونسي في الفقرة الثالثة من المادة (28) بان ((… يعرضها حسب الحالة على مصادقة مجلس النواب أو المجلسين وذلك عند انقضاء المدة المذكورة)) . وهذا النص يدل على ضرورة عرض هذه المراسيم على البرلمان عند نهاية مدة التفويض وذلك للمصادقة عليها ، غير ان مما يلاحظ على النص المتقدم انه لم يحدد الاثر المترتب على عرض هذه المراسيم على البرلمان ورفضها من قبله وانما اكتفى النص فقط بوجوب عرضها في نهاية مدة التفويض لغرض المصادقة عليها ، وهذا نقص تشريعي واضح لابد من تدخل المشرع لازالته وسده ، وذلك منعاً للتفسيرات والتاويلات التي قد تصدر أمام هذا النقص التشريعي . ونرى انه في حالة عدم عرض هذه اللوائح على البرلمان فان الاثر المترتب على ذلك اعتبارها ملغاة ، أما في حالة عرضها على البرلمان ورفضها من قبله فان الاثر المترتب على ذلك هو سقوطها باثر رجعي ، لأن عدم الموافقة تعني عدم صحة أو على الاقل عدم ملائمة هذه اللوائح للمبادئ الدستورية من ناحية وللحالة الواقعية التي صدرت من اجلها من ناحية اخرى .

وقد اوجب الدستور المصري في المادة (108) عرض هذه اللوائح (القرارات بقوانين) في ذاتها على مجلس الشعب للمصادقة عليها ، والسبب في وجوب هذا العرض ان رئيس الجمهورية انما يباشر –وفقا للمادة108- اختصاصاً تشريعياً استثنائياً ولذا لابد من الرجوع إلى البرلمان صاحب الاختصاص الاصيل في التشريع في نهاية مدة التفويض ليقول كلمته في تلك اللوائح(71)، وهذا يتطلب بطبيعةالحال ان يكون البرلمان موجودا أما إذا انتهت مدة التفويض ولم يكن مجلس الشعب قائماً يجب عرض هذه اللوائح ( القرارات بقوانين ) على المجلس الجديد في أول اجتماع له(72).

فاذا عرضت هذه اللوائح على مجلس الشعب فقد يرى الموافقة عليها وذلك بان يصادق عليها ويسبغ عليها قوة القانون ، وقد يرفض صراحة الموافقة عليها وفي هذه الحالة يزول ما كان لها من قوة القانون (73) ، غير ان مجلس الشعب قد يتخذ موقف الصمت تجاه هذه اللوائح المعروضة عليه اللوائح ، فما هي قيمة هذا الصمت في هذه الحالة ؟

ذهب جانب من الفقه الدستوري إلى التفرقة بين الحالتين :

الحالة الاولى/ حالة تحديد المشرع الدستوري لمدة معينة يتوجب خلالها ان يصدق البرلمان على اللوائح التفويضية – وهو امر نادر الحدوث – فان فوات هذه المدة دون تصديق يعد بمثابة رفض ضمني لهذه اللوائح وتزول قوتها القانونية من تاريخ انقضاء المدة المحددة .

الحالة الثانية/ عدم تحديد المشرع الدستوري لمدة يتوجب على البرلمان خلالها التصديق –وهذا هو الغالب- ففي هذه الحالة تبقى اللوائح التفويضية محتفظة بقوتها القانونية طالما ان قانون التفويض الذي صدرت بناء عليه لايزال قائما ولم يتم الغاؤه من البرلمان(74). وقد ذهب جانب اخر من الفقه الدستوري إلى ان اللوائح التفويضية تظل قائمة ومحتفظة بقوتها القانونية إلى ما لانهاية حتى يتعرض لها مجلس الشعب ويبدي رايه فيها وذلك لأن المادة (108) قد ذكرت حالتين فقط تستوجب ازالة قوة القانون عن هذه اللوائح وهما حالة عدم عرضها على مجلس الشعب في أول جلسة وحالة رفض مجلس الشعب لها(75). اما إذا لم تعرض هذه اللوائح على مجلس الشعب في الميعاد المقرر لها –اول جلسة- أو عرضت ولم يوافق عليها مجلس الشعب فنجد ان هناك خلاف في الفقه حول الاثر المترتب على ذلك ، فذهب اغلب الفقه إلى ان الاثر المترتب على ذلك هو زوال ما كان لهذه اللوائح من قوة القانون بالنسبة للمستقبل فقط وذلك لأن نص المادة (108) لم ينص على الاثر الرجعي لزوال قوة القانون(76). في حين ذهب جانب من الفقه إلى انه بالا مكان زوال قوة القانون باثر رجعي –في هذه الحالة- إذا تضمن قانون التفويض نفسه نصاً بذلك أو إذا قرر البرلمان ذلك صراحة عند عرض اللوائح عليه شرط موافقة أغلبية الأعضاء عليه ، أو إذا صدر من القضاء الاداري حكم بالغاء هذه اللوائح لعدم مشروعيتها(77). في حين ذهب رأي في الفقه إلى ان الجزاء المترتب في هذه الاحوال زوال قوة القانون عن هذه اللوائح باثر رجعي وتصبح كانها لم تكن منذ تاريخ صدورها(78) . اذن فلا بد من عرض هذه اللوائح على مجلس الشعب في أول جلسة تلي انتهاء مدة التفويض مباشرةً(79) ، وذلك ان انتهاء هذه المدة يعني انتهاء الرخصة الممنوحة للسلطة التنفيذية لممارسة السلطة التشريعية لذا لابد من عرضها في أول جلسة للبرلمان(80) ، غير ان الواقع العملي اثبت عدم التزام رئيس الجمهورية بعرض تلك اللوائح على مجلس الشعب في أول اجتماع له ، واتضح ذلك حينما عرض على مجلس الشعب موضوع مد التفويض لرئيس الجمهورية في اصدار قرارات لها قوة القانون عن طريق استمرار العمل بالقانون رقم 29 لسنة 1972 بدءً من انتهاء السنة المالية لسنة 1976 حتى نهاية السنة المالية لسنة 1977 أو إلى ازالة اثار العدوان ايهما اقرب فلم تعرض هذه القرارات بقوانين الا بعد مرور اربعة اشهر من تاريخ انتهاء مدة التفويض وعقد مجلس الشعب لاكثر من ثلاثين جلسة ، لذا نادى النائب ((د. محمود القاضي)) بزوال ما لهذه القرارات من قوة القانون، غير ان المناقشات في مجلس الشعب قد انتهت لصالح موقف السلطة التنفيذية(81)، وهذا الحال يعد مخالفا للدستور لأن موافقة مجلس الشعب لاتصحح العيب الدستوري الذي اصاب القرار بقانون وهذا ما استقرت عليه المحكمة الدستورية العليا في مصر(82).

________________

1- د. محمد عبد الحميد أبو زيد : توازن السلطات ورقابتها ، القاهرة ، مطبعة النسر الذهبي ، 2003، ص92 .

2- أندريه هوريو : القانون الدستوري والمؤسسات السياسية ، ترجمة علي مقلد ، شفيق حداد وعبد الرحمن سعد ، الجزء الثاني، بيروت ، الأهلية للنشر والتوزيع ، 1977، ص418– 419. د. عبد العظيم عبد السلام : الدور التشريعي لرئيس الدولة في النظام المختلط ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2004 ، ص 151 ، د. سامي جمال الدين : لوائح الضرورة وضمانة الرقابة القضائية ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، 1982، ص 233. د. حسان محمد شفيق العاني : دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة –نشأته تفاصيله مستقبله للحريات العامة- ، بغداد ، 2005، ص78.

3- د. محمود أبو السعود حبيب : الاختصاص التشريعي لرئيس الدولة في الظروف الاستثنائية ، القاهرة ، دار الثقافة الجامعية ، 1990، ص 84 – 85 . د. أحمد سلامة بدر : الاختصاص التشريعي لرئيس الدولة في النظام البرلماني، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2003، ص 327 .

4- اندريه هوريو : القانون الدستوري والمؤسسات السياسية ، الجزء الثاني ، المصدر السابق ، ص 420. د. سامي جمال الدين : لوائح الضرورة ، المصدر السابق ، ص 267 .

5- Maurice Duverger: Institutions politiques، 1973، op. cit، p.224

د. عبد العظيم عبد السلام : المصدر السابق ، ص 112 .

6- د. أحمد سلامة بدر : المصدر السابق ، ص 329 . ونجد مثلا في عام 1986 رفض رئيس الجمهورية (( F. MITTERR AND )) توقيع امر صادر من الحكومة مما ادى إلى عدم نفاذ هذا الامر الذي كان يتعلق بتقسيم الدولة إلى دوائر انتخابية وذلك بناءً على تفويض من البرلمان ، د. يسرى محمد العصار : نظرية الضرورة في القانون الدستوري والتشريع الحكومي في فترات إيقاف الحياة النيابية ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1995، ص 40 هامش رقم (1).

7-Maurice Duverger: Institutions politiques، 1973، op. cit، p 225.

اندريه هوريو : القانون الدستوري والمؤسسات السياسية ، الجزء الثاني ، المصدر السابق ، ص 420 .

8- د. سامي جمال الدين : لوائح الضرورة ، المصدر السابق ، ص 268.

9- د. سامي جمال الدين : المكان نفسه .

10- د. سليمان محمد الطماوي : السلطات الثلاث في الدساتير العربية المعاصرة وفي الفكر السياسي الإسلامي ، ط5 ، القاهرة ، مطبعة جامعة عين شمس ، 1986، ص 87.

11- د. أحمد سلامة بدر : المصدر السابق ، ص 326 .

12- د. مصطفى أبو زيد فهمي : الدستور المصري ومبادئ الأنظمة السياسية ، الإسكندرية ، دار المطبوعات الجامعية ، 2004، ص 612 ، د. رمزي طه الشاعر : النظرية العامة للقانون الدستوري ، ط5 ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2005، ص 489، د. محمود ابو السعود حبيب: المصدر السابق، ص 75 – 76، د. إبراهيم عبد العزيز شيحا ، د. محمد رفعت عبد الوهاب : النظم السياسية والقانون الدستوري ، الإسكندرية ، مطبعة الفتح ، 2001، ص 785.

13- د. سامي جمال الدين : القانون الدستوري والشرعية الدستورية على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا ، ط2 ، الاسكندرية ، منشاة المعارف ، 2005 ، ص 311 ، د. أحمد سلامة بدر : المصدر السابق ، ص 234 – 235 ، د. . سعد عصفور : النظام الدستوري المصري (دستور سنة 1971) ، الإسكندرية، منشأة المعارف ، 1981، ص 137 ، د. محمد السناري : القانون الدستوري – نظرية الدولة والحكومة – ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1995 – 1996، ص 542-543 ، د. محمد حسنين عبد العال : القانون الدستوري ، القاهرة ، دار النهضة العربية، 1992، ص 247 .

14- د. محمود أبو السعود حبيب : الاختصاص التشريعي لرئيس الدولة في الظروف الاستثنائية ، القاهرة ، دار الثقافة الجامعية ، 1990، ص 77 – 78 .

15- د. سليمان محمد الطماوي : النظم السياسية والقانون الدستوري ، القاهرة ، دار الفكر العربي ، 1988، ص 480 ، د. أحمد سلامة بدر : المصدر السابق ، ص 236 – 237 .

16- د. سامي جمال الدين : القانون الدستوري والشرعية الدستورية على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا ، ط2 ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، 2005، ص 305، د. محمد السناري : المصدر السابق ، ص 543.

17- د. سامي جمال الدين : لوائح الضرورة ، المصدر السابق ، ص 237 .

18- مروان محمد محروس المدرس : تفويض الاختصاص التشريعي ، اطروحة دكتوراه ، جامعة بغداد ، كلية القانون 2000 ، ص 117 – 119.

19- جورج فيدل ، بيير دلفولفيه : القانون الإداري ، ترجمة منصور القاضي ، الجزء الأول ، ط1 ، بيروت ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 2001، ص 289.

20- د. محمد عبد الحميد أبو زيد : مدى سلطة الحاكم إزاء التشريعات الظنية والوضعية شرعاً وقانوناً ، ط2 ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1995، ص 177 .

21- جورج فيدل ، بيير دلفولفيه : المصدر السابق ، ص 289 – 290 .

22- هنري روسيون : المجلس الدستوري ، ترجمة د. محمد وطفة ، ط1، بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، 2001، ص 149 .

23- سالم كرير المرزوقي : التنظيم السياسي والإداري بالبلاد التونسية ، ط6، تونس، مطبعة المنار ، 2000، ص 123

24- د. محمود ابو السعود حبيب : المصدر السابق ، ص78 .

25- د. سعد عصفور : المصدر السابق ، ص138 .

26- د. مصطفى أبو زيد فهمي : الدستور المصري ومبادئ الأنظمة السياسية ، الإسكندرية ، دار المطبوعات الجامعية ، 2004، ص619 . د. سامي جمال الدين : لوائح الضرورة ، المصدر السابق ، ص242 ، د. محمد السناري : المصدر السابق ، ص546 .

27- د. محمود ابو السعود حبيب : المصدر السابق ، ص242. د. أحمد سلامة بدر: المصدر السابق ،242 .

28-د. إبراهيم عبد العزيز شيحا ، د. محمد رفعت عبد الوهاب : المصدر السابق ، ص785 .

29- د. سامي جمال الدين : لوائح الضرورة ، المصدر السابق ، ص269-وما بعدها .

30- د. سامي جمال الدين : المصدر نفسه ، ص253 .

31- د. أحمد سلامة بدر : المصدر السابق ، ص 333 .

32- جورج فيدال ، بيير دلفولفيه : المصدر السابق ، ص290.

33- د. حسان محمد شفيق العاني : دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة –نشأته تفاصيله مستقبله للحريات العامة- ، بغداد ، 2005 ، ص 76.

34- د.عبد العظيم عبد السلام : المصدر السابق ،ص117 .

35- د.سليمان محمد الطماري : السلطات الثلاث ، المصدر السابق ، ص87.

36- د.سعد عصفور : المصدر السابق ، ص138،د.سامي جمال الدين : لوائح الضرورة ، المصدر السابق ، ص254، د. محمود ابو السعود حبيب : المصدر السابق ، ص94 وما بعدها ، د. ع عمرو أحمد حسبو : النظام الدستوري المصري ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2002 ، ص270 .

37- د. محمد عبد الحميد أبو زيد : مدى سلطة الحاكم إزاء التشريعات الظنية والوضعية شرعاً وقانوناً ، ط2 ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1995، ص191

38- د. مصطفى أبو زيد فهمي : الدستور المصري ومبادئ الأنظمة السياسية ، الإسكندرية ، دار المطبوعات الجامعية ، 2004 ، ص615

39- د. سامي جمال الدين : القانون الدستوري، المصدر السابق ، ص312

40- د. عبد العظيم عبد السلام : المصدر السابق ، ص196 .

41- د. محمد السناري : المصدر السابق ، ص547 .

42- اندريه هوريو : القانون الدستوري والمؤسسات السياسية ، الجزء الثاني ، المصدر السابق ، ص 420 ، جورج فيدل ، بيير دولفولفيه : المصدر السابق ، ص 290 ، د. سامي جمال الدين : لوائح الضرورة ، المصدر السابق ، ص 250 ، د. محمد عبد الحميد ابو زيد : مدى سلطة الحاكم إزاء التشريعات ، المصدر السابق ، ص 177 – 178 .

43- هنري روسيون : المصدر السابق ، ص149 ، جورج فيدل ، بيير دلفولفيه : المصدر السابق ، ص289-290 .

44- د. عبد العظيم عبد السلام : المصدر السابق ، ص115 .

45- جورج فيدل ، بيير دلفولفيه : المصدر السابق ، ص290 .

46- د. محمد عبد الحميد ابو زيد : مدى سلطة الحاكم إزاء التشريعات ، المصدر السابق ، ص 178.

47- د. سليمان محمد الطماوي : السلطات الثلاث ، المصدر السابق ، ص 87 .

48- سالم كرير المرزقي : المصدر السابق ، ص 123.

49- تنظر المادة (72) من الدستور .

50- د. ماجد راغب الحلو : النظم السياسية والقانون الدستوري ، ط1 ، الإسكندرية، منشأة المعارف ، 2005، ص 665 – 666 .

51- د. إبراهيم عبد العزيز شيحا ، د. محمد رفعت عبد الوهاب : المصدر السابق ، ص 786 .

52- د. سامي جمال الدين : القانون الدستوري ، المصدر السابق ، ص 311 .

53- د.سامي جمال الدين : لوائح الضرورة ، المصدر السابق ، ص 249 -250.

54- د.محمود ابو السعود حبيب: المصدر السابق ، ص 93 .

55- د. ماجد راغب الحلو : النظم السياسية والقانون الدستوري ، المصدر السابق ، ص 667.

56- د. أحمد سلامة بدر : المصدر السابق ، ص 252 .

57- د. محمد السناري : المصدر السابق ،ص 549 .

58- د. عمر حلمي فهمي : الوظيفة التشريعية لرئيس الدولة في النظامين الرئاسي والبرلماني ، ط1 ، القاهرة ، دار الفكر العربي ، 1980، ص 387 . د. يسرى محمد العصار : نظرية الضرورة في القانون الدستوري والتشريع الحكومي في فترات إيقاف الحياة النيابية ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1995، ص 49.

59- فقد قضت في 2 / 9 / 1995 بان (( …. القرارات بقوانين التي تصدر تطبيقا للمادتين 108 ، 147 تملك بما لها من قوة القانون تنظيم كل ما يتناوله القانون بما في ذلك المسائل التي ينص الدستور على ان يكون تنظيما بقانون أو وفقا لاحكام القانون )) ذكره د. سامي جمال الدين : القانون الدستوري، المصدر السابق، ص109.

60- د. عمر حلمي فهمي : المصدر السابق ، ص386 ، د. يسرى محمد العصار : نظرية الضرورة ، المصدر السابق ، ص51 .

61- د. سامي جمال الدين : القانون الدستوري ، المصدر السابق ، ص314 .

62- اندريه هوريو : القانون الدستوري والمؤسسات السياسية ، الجزء الثاني ، المصدر السابق ، ص419 .

63- جورج فيدل : بيير دلفولفيه : المصدر السابق ، ص291 .

64- د. يسرى محمد العصار : نظرية الضرورة ، المصدر السابق ، ص41 ، د. محمد عبد الحميد أبو زيد : مدى سلطة الحاكم إزاء التشريعات الظنية والوضعية شرعاً وقانوناً ، ط2 ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1995، ص178.

65- اندريه هوريو : القانون الدستوري والمؤسسات السياسية ، الجزء الثاني ، المصدر السابق ، ص419 .

66- جورج فيدل ، بيير دلفولفيه : المصدر السابق ، ص293 .

67- د. أحمد سلامة بدر : المصدر السابق ، ص343 .

68- د. محسن خليل : علاقة القانون باللائحة ، مجلة الحقوق ، السنة (14) ، العدد (3-4) ، جامعة الإسكندرية ، 1969، ص81 ، د. عبد العظيم عبد السلام : المصدر السابق ، ص123 .

69- د. أحمد سلامة بدر : المصدر السابق ، ص344 .

70- اندريه هوريو : القانون الدستوري والمؤسسات السياسية ، الجزء الثاني ، المصدر السابق ، ص419. جورج فيدل ، بيير دلفولفيه : المصدر السابق ، ص293 .

71- د. سعد عصفور : المصدر السابق ، ص139 .

72- د. سليمان محمد الطماوي : النظم السياسية والقانون الدستوري ، المصدر السابق ، ص480-481 .

73- د. يسرى محمد العصار : نظرية الضرورة ، المصدر السابق ، ص53 .

74- د. محمود ابو السعود حبيب : المصدر السابق، ص100-101 ، د. أحمد سلامة بدر : المصدر السابق، ص257.

75- د. مصطفى ابو زيد فهمي : الدستور المصري ومبادئ الانظمة السياسية ، المصدر السابق ، ص620 . د. محمد عبد الحميد ابو زيد : توازن السلطات ورقابتها ، المصدر السابق ، ص108 ، د. محمد السناري : المصدر السابق ، ص554 ، د. عبد العظيم عبد السلام : المصدر السابق ، ص216 .

76- د. رمزي طه الشاعر : المصدر السابق ، ص489 ، د. محمد حسنين عبد العال : المصدر السابق ، ص248 ، د. عمرو أحمد حسبو : المصدر السابق ، ص270 .

77- د. سامي جمال الدين : لوائح الضرورة ، المصدر السابق ، ص275 ، د. محمد السناري : المصدر السابق ، ص 553 – 554 .

78- د. إبراهيم عبد العزيز شيحا ، د. محمد رفعت عبد الوهاب : المصدر السابق ، ص786 .

79- د. ماجد راغب الحلو : النظم السياسية والقانون الدستوري ، المصدر السابق ، ص667 .

80- د. مصطفى ابو زيد فهمي : الدستور المصري ومبادئ الانظمة السياسية ، المصدر السابق ، ص620 .

81- ينظر د. أحمد سلامة بدر : المصدر السابق ، ص258- 259 .

82- فقد قضت في 4/5/1980 بان (( إقرار مجلس الشعب للقرار المطعون عليه لا يترتب عليه سوى مجرد استمرار نفاذه بوصفه الذي نشأ عنه قرار بقانون ، دون تطهير من العوار الدستوري الذي لازم صدوره …)) . اورده د. مصطفى ابو زيد فهمي : الدستور المصري ومبادئ الانظمة السياسية ، المصدر السابق ، ص621.

الرقابة القضائية على اختصاص رئيس الدولة في اصدار اللوائح التفويضية :

لقد استقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي على ان اللوائح (الاوامر) التفويضية هي قرارات ادارية لها قوة القانون قبل تصديق البرلمان عليها وعلى ذلك اخضعها لاختصاصه للتحقق من مدى مشروعيتها (1)، وقد بدأ بهذا الاتجاه منذ عام 1907وذلك في قضية ((Compagnie des chemins de Ferl’ Est et autres )) والذي جاء فيه (( … إذا كانت قرارات رئيس الدولة بلوائح ادارة عامة تتم بمقتضى تفويض تشريعي وتتضمن نتيجة لذلك ممارسة سلطات عهد بها المشرع إلى الحكومة في هذه الحالة الخاصة بكل مداها ، فلا تخرج رغم ذلك من الطعن بالالغاء المنصوص عليه في المادة التاسعة من قانون مجلس الدولة الصادر في 24 مايو عام 1872 والتي اجاز الطعن بالالغاء لتجاوز السلطة في مختلف قرارات الجهات الادارية وذلك لصدورها من جهة ادارية … )) وقد تاكد هذا الاتجاه في العديد من الأحكام التي صدرت عن مجلس الدولة، فقد قضى المجلس في 11 يونيه عام 1990 في قضية المؤتمر المنعقد لبحث موضوع اقليم كالدونيا الجديدة والذي اقر فيه بخروج القوانين الصادرة من البرلمان بسيادته أو من الجهة التي عهد اليها في لحظة ما بالسلطة التشريعية وحدها ثم صودق على اعمالها من الرقابة القضائية ، ومن ثم فان الاوامر التي تصدرها الحكومة استنادا للمادة 38 من الدستور والتي يصدق عليها البرلمان صراحة أو ضمنا تعد اعمالا تشريعية ولاتخضع للرقابة القضائية(2). وكذلك قضى مجلس الدولة في 8 ديسمبر عام 2000 في الدعوى المقامة من السيد (هوفر واخرين) بشان طلب الغاء الامر رقم 525 لسنة 1998 الصادر في 24 يونيه عام 1998 والمتعلق بالرقابة على ترحيل الاموال الى الخارج بالنسبة للاراضي فيما وراء البحار مع ايقاف تنفيذ هذا الامر فجاء في الحكم بان (( الامر المطعون فيه صدر اعمالا للمادة 38 ، وان اللوائح الصادرة اعمالا لهذه المادة تعتبر اعمالا ادارية تخضع لرقابة المشروعية من جانب مجلس الدولة ، وذلك قبل تصديق البرلمان عليها بينما تصبح هذه اللوائح ذات قيمة تشريعية من وقت توقيع البرلمان عليها ومن ثم لاتخضع لرقابة القضاء الاداري ))(3). اما بالنسبة لرقابة المجلس الدستوري الفرنسي فهو لا يختص بنظرها لأن المجلس الدستوري يمارس رقابة وجوبية على دستورية القوانين الأساسية ولوائح المجالس النيابية وكل هذا قبل اصدار هذه القوانين واللوائح وذلك للتأكد من مدى موافقتها للدستور استنادا إلى المادة (61) من الدستور كما يمارس المجلس الدستوري رقابته على المعاهدات الدولية ليفحص مدى اتفاقها مع الدستور وفقا للمادة (54)(4)، غير ان المجلس الدستوري يمارس تجاه هذه اللوائح الرقابة وذلك قبل اصدارها من قبل البرلمان على شكل قانون للتأكد من مدى اتفاقها مع احكام الدستور وفقاً للمادة (41) من الدستور ، وتعد هذه الرقابة وقائية سابقة على صدور القانون(5). والمجلس الدستوري في حالة ممارسته للرقابة طبقا لاحكام المادة (41) من الدستور نجد ان دوره ينحصر فقط في تحديد المجال التشريعي والمجال اللائحي لضمان عدم اعتداء احدهما على الاخر(6). اما في ظل النظام السياسي التونسي فهذه اللوائح (المراسيم) التفويضية وفي حال صدورها من رئيس الجمهورية فانها ستكون بمنجاة من الطعن فيها لأنها من اعمال السيادة فلا تختص المحكمة الادارية في مجلس الدولة بنظرها(7)، واما بعد تصديق البرلمان عليها وصيرورتها قانوناً فان المجلس الدستوري لا يختص بالرقابة على دستورية القوانين بعد اصدارها وانما رقابته سابقة على الاصدار فان من المتصور ان يراقب المجلس الدستوري مدى توافق هذه اللوائح مع الدستور إذا ما وضعها البرلمان على صورة مشاريع قوانين غير ان هذه الفرض ايضا لايوجد له تطبيق عملي لأن العرض على المجلس الدستوري يكون من اختصاص رئيس الجمهورية وحده وفقا للمادة (72) من الدستور وعلى ذلك فاذا صدرت هذه اللوائح (المراسيم) مخالفة للمبادئ الدستورية متضمنة تقييد حقوق وحريات المواطنين معدلة في تشكيل واختصاصات السلطات العامة لصالح جهة رئيس الجمهورية فانها ستكون بمنجاة من أي طعن ورقابة قضائية ، وهذا يمثل تفرد في السلطة وخطوة نحو الدكتاتورية .

وأما في ظل النظام المصري فان هذه اللوائح قد استقر القضاء على عدها مجرد قرارات ادارية قبل تصديق البرلمان أما بعده فتختص بنظرها المحكمة الدستورية العليا (8)، وعلى ذلك قضت محكمة القضاء الاداري في مصر بان (( يتعين على رئيس الجمهورية اثناء ممارسته لما فوض فيه من اصدار قرارات وقوانين اعمالا لنص المادة 108 من الدستور الا يتجاوز الحدود المرسومة له دستوريا ويمس الحقوق والحريات العامة بادعاء بانه يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة الا بالقدر القانوني الذي يتناسب مع الضرورة والظروف الاستثنائية والا كان تصرفه مشوبا بعيب عدم المشروعية مستوجبا الطعن فيه … ))(9). ومن اكثر قوانين التفويض اثارة للجدل في الفقه والقضاء الدستوري هو القانون رقم 15 لسنة 1967 الصادر في ظل دستور 1964 والذي صدر في ظله العديد من القرارات بقوانين منها القرار بقانون رقم 48 لسنة 1967 الخاص بانشاء محكمة خاصة (محكمة الثورة) وكذلك القرار بقانون رقم 83 لسنة 1968 الخاص باعادة تشكيل الهيئات القضائية وغيرها من القرارات بقوانين التي صدرت في بعض الاحيان مخالفة لشروط إصدارها وذلك نتيجة سعة العبارات التي وردت بالقانون(10). وعندما عرض قانون التفويض رقم 15 لسنة 1967 على المحكمة العليا للبحث في مدى دستوريته قضت في 6/3/1976 بان (( فيما يتعلق بالشرط المتعلق بتعيين الموضوعات التي يرد عليها التفويض فان المادة الأولى من القانون رقم 15 لسنة 1967 (11) قد حددت في شرطها الأول موضوعات معينة هي تلك التي تتعلق بامن الدولة ….. ، ولئن كان هذا التحديد قد اتسم بشيء من السعة فان ذلك قد املته حالة الحرب وهي الظرف الاستثنائي الذي اقتضى اصدار قانون التفويض لمواجهة هذه الحالة باداء التشريع العاجل حماية لامن البلاد … ودعما للقوات المسلحة … أما ما تضمنته العبارة الاخيرة في المادة المذكورة من تفويض رئيس الجمهورية في اصدار قرارات لها قوة القانون بصفة عامة في كل ما يراه ضروريا لمواجهة الظروف الاستثنائية فانه لا ينفي عن الشطر الأول من النص استيفاءه لشرط تعيين الموضوعات التي يرد عليها التفويض وذلك بالنسبة إلى الموضوعات المحددة فيه على الوجه السابق بيانه )) . وبذلك فان المحكمة قضت بدستورية هذا القانون لانه تضمن توافر شروط تحديد موضوعات التفويض ، وازاء العبارات الواسعة الواردة فيه فقد صدر القرار بقانون رقم 83 لسنة 1969 الخاص باعادة تشكيل الهيئات القضائية والمسمى بقانون (( مذبحة القضاء )) وبناءً عليه تم فصل ونقل العديد من كبار الفقهاء من رجال القضاء والنيابة العامة ، وبعد وفاة الرئيس (( جمال عبد الناصر)) عرض هذا القانون على دائرة منازعات رجال القضاء بمحكمة النقض فاكدت في 7/3/1974 بان (( … القرار بقانون رقم 83 لسنة 1969 قد صدر في موضوع يخرج عن النطاق المحدد بقانون التفويض ويخالف مؤدى نصه ومقتضاه مما يجعله مجردا من قوة القانون … )) وقضت باعادة رجال القضاء إلى وظائفهم(12) ، وقد تعرض القانون رقم 15 لسنة 1967 الى العديد من الانتقادات من حيث سعة النطاق بالنسبة للعبارات الواردة فيه وعدم التزام القرارات بالقوانين الصادرة في ظله بما ورد فيه من قيود وغياب الاسس التي ينبغي ان تقوم عليها هذه القرارات بالقوانين(13) ، ويذهب البعض إلى ان السبب الذي دعى المحكمة إلى الحكم بدستورية هذا القانون هو ان المحكمة العليا نفسها قد انشئت بمقتضى القرار بقانون رقم 81 سنة 1969 الصادر استنادا إلى قانون التفويض محل البحث ، لذا فمن البديهي ان لاتقضي المحكمة بعدم دستورية ذلك القانون ، لأن هذا يترتب عليه زوال سندها القانوني(14). وازاء النقد الشديد للفقه حول موقف المحكمة العليا فان المحكمة الدستورية العليا – التي خلفتها – ، قد عدلت عن هذا الموقف فقد قضت في 3/2/1996 باشتراط ان يكون التفويض (( … عند الضرورة في اعلى درجاتها ولمدة محدودة والا كان مخالفا للدستور ، فلا يمارس رئيس الجمهورية ما فوض فيه .. الا خلال فترة زمنية لا يتعداها يبينها قانون التفويض فاذا خلا منها كان التفويض ممتدا في الزمان إلى غير حد ، متضمنا اعراض السلطة التشريعية عن مباشرة ولايتها الاصلية … ومخالفا للدستور بالتالي ))(15) . وقد قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قرار بقانون لم يعرض على البرلمان في أول جلسة له وذلك في 7/11/1992 وقد جاء في حكمها ان (( النعي على القرار بقانون … مخالفته لنص المادة ( 108 ) من الدستور يندرج تحت المطاعن الشكلية لاتصاله باجراء يتطلبه الدستور في كل قرار بقانون يصدر بناءً على تفويض وذلك لضمان مراقبة السلطة التشريعية من خلال عرض القرار بقانون عليها في الميعاد الذي حدده الدستور للكيفية التي مارس بها رئيس الجمهورية الاختصاص المفوض فيه ، كذلك يعتبر هذا العرض شرطًا تزول بتخلفه – وباثر رجعي – قوة القانون التي كان القرار بقانون متمتعا بها عند صدوره إذا ما نص الدستور على هذا الجزاء ورتبه على اغفال عرض القرار بقانون على السلطة التشريعية))(16).

____________________

1- د. ماجد راغب الحلو : القضاء الاداري ، الاسكندرية ، منشأة المعارف ، 2004 ، ص 284 .

2- لمزيد من التفاصيل ينظر: د. عبد العظيم عبد السلام : الدور التشريعي لرئيس الدولة في النظام المختلط ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2004، ص133-136 .

3- اورده د. أحمد سلامة بدر : الاختصاص التشريعي لرئيس الدولة في النظام البرلماني، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2003، ص364 .

4- د. يسرى محمد العصار : التصدي في القضاء الدستوري ، القاهرة، دار النهضة، 1999، ص54 .

5- د. أحمد سلامة بدر : المصدر السابق ، ص 360 .

6- هنري روسيون : المجلس الدستوري ، ترجمة د. محمد وطفة ، ط1، بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، 2001، ص149-150 .

7- سالم كرير المرزوقي : التنظيم السياسي والإداري بالبلاد التونسية ، ط6، تونس، مطبعة المنار ، 2000، ص123 .

8- د. ماجد راغب الحلو : القضاء الاداري ، المصدر السابق ، ص 284 .

9- ذكره د. أحمد سلامة بدر : المصدر السابق ،ص 307 -308.

10- د. مصطفى أبو زيد فهمي : الدستور المصري ومبادئ الأنظمة السياسية ، الإسكندرية ، دار المطبوعات الجامعية ، 2004،ص 616.

لقد نصت المادة الأولى من قانون رقم 15 لسنة 1967 بان ((يفوض رئيس الجمهورية في اصدار قرارات لها قوة القانون خلال الظروف الاستثنائية القائمة في جميع الموضوعات التي تتصل بامن الدولة وسلامتها وتعبئة كل امكانياتها البشرية والمادية ودعم المجهود الحربي والاقتصاد الوطني وبصفة عامة في كل ما يراه ضروريا لمواجهة هذه الظروف الاستثنائية )) اوردها د. سامي جمال الدين : لوائح الضرورة وضمانة الرقابة القضائية ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، 1982، ص 257 .

11- لقد صدر القانون بالاستناد إلى المادة ( 120 ) من دستور 1964 التي تنص على ان (( لرئيس الجمهورية في الاحوال الاستثنائية ، ان يصدر قرارات لها قوة القانون ، ويجب ان يكون التفويض لمدة محدودة ، وان يعين موضوعات هذه القرارات والاسس التي تقوم عليها )) .

12- لمزيد من التفاصيل ينظر: د. ماجد راغب الحلو : النظم السياسية والقانون الدستوري ، ط1 ، الإسكندرية، منشأة المعارف ، 2005، ص665-666 . د. مصطفى ابو زيد فهمي : الدستور المصري ومبادئ الانظمة السياسية ، المصدر السابق ، ص614-617 .

13- د. طعيمة الجرف : مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1976، ص 175، د. مصطفى ابو زيد فهمي : المصدر نفسه ، ص616-617 . د. سامي جمال الدين : لوائح الضرورة ، المصدر السابق ، ص257 -وما بعدها ، ص313 .

14- د. سامي جمال الدين : المصدر نفسه ، ص258 .

15- د. سامي جمال الدين : القانون الدستوري والشرعية الدستورية على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا ، ط2 ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، 2005، ص213 .

16- اورده د. إبراهيم محمد حسنين : الرقابة القضائية على دستورية القوانين في الفقه والقضاء ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2000 ، ص574 .

نطاق اختصاص رئيس الدولة في اصدار اللوائح التفويضية :

تتمتع اللوائح التفويضية بقوة القانون وعلى ذلك يستطيع رئيس الدولة من خلال هذه السلطة الاستثنائية ان ينشئ قواعد قانونية جديدة أو يعدل أو يلغي القوانين القائمة(1) ، غير ان هذه السلطة لاتمكن رئيس الدولة من وقف العمل ببعض نصوص الدستور(2)، ومما يلاحظ ان هذا الاختصاص التشريعي لرئيس الدولة يرد عليه قيدان الأول زمني والثاني موضوعي(3).

اولا/ القيد الزمني : تتقيد اللوائح التفويضية في فرنسا بالمدة المحددة في قانون التفويض بحيث اذا ما انقضت ، انتهت معها سلطة اصدار هذه اللوائح ( الاوامر ) ، ومع ذلك فان صلاحية اصدار هذه اللوائح تنتهي قبل انتهاء مدة التفويض وذلك عند نهاية مدة نيابة البرلمان الذي اقر قانون التفويض وكذلك عند حل البرلمان ، وايضا تنتهي مدة التفويض عند تغير الحكومة وذلك لأن التفويض يمنح على اساس برنامج هذه الحكومة وذلك لتنفيذ برنامجها ، أما مجرد التعديل الوزاري فانه لا يؤدي إلى ذلك الاثر ، كما تنتهي مدة التفويض ايضا بعدول الحكومة عن الاستمرار في تنفيذ برنامجها الذي حصلت من اجله على التفويض(4). وفي تونس فان اللوائح التفويضية لابد وان تتقيد بالمدة المنصوص عليها في قانون التفويض وبذلك فان سلطة رئيس الجمهورية في اصدار هذه اللوائح تنتهي عند نهاية هذه المدة وعرض اللوائح على البرلمان لاقرارها(5). ونحن نرى ان مدة التفويض تنتهي في حال تغير شخص رئيس الجمهورية ، لأن قانون التفويض ذاته يصدر لتمكين رئيس الجمهورية من اصدار هذه اللوائح (المراسيم) وذلك وفقا لنص الفقرة الثالثة من المادة (28) فهو يصدر من اجل تمكين رئيس الجمهورية تنفيذ سياسته وبتغير شخص رئيس الجمهورية تنقضي معه مدة قانون التفويض ، وكذلك ينتهي اثر التفويض في حال حل البرلمان (6). اما في مصر فان اللوائح تتقيد –كقاعدةعامة – بمدة التفويض المنصوص عليها في قانون التفويض بحيث يؤدي انقضاء هذه المدة إلى زوال اختصاص رئيس الجمهورية في استخدام سلطته التشريعية الاستثنائية (7) ، ومع ذلك فقد اجاز البعض لمجلس الشعب أن يقرر بأغلبية ثلثي أعضائه إنهاء العمل بقانون التفويض الذي سبق وان قرره وذلك قبل نهاية مدة التفويض (8) ، ويسقط قانون التفويض في حالة حل البرلمان وذلك لأن رئيس الدولة يمارس هذه السلطة بتفويض من الاصيل ، فاذا فقد الاصيل –البرلمان- سلطته ترتب على ذلك ان يفقد الوكيل –رئيس الجمهورية- ماله من سلطات (9)، ويسقط قانون التفويض وتنتهي اثاره في حال تغير رئيس الجمهورية(10).

ثانيا / القيد الموضوعي : ان ما يفهم من المادة (38) من الدستور الفرنسي هو انها تجيز اصدار اللوائح التفويضية في الموضوعات التي تدخل في نطاق القانون ، وانه من الصعب تصور وجود مجال من المجالات المحددة للقانون لا يجوز التفويض فيه وذلك لصراحة نص المادة التي تبين ان هذه اللوائح (الاوامر) (( …تدخل عادة في مجال القانون…)) ،غيران على الحكومة الالتزام بعدم اتخاذ اية تدابير تتناقض مع المبادئ الدستورية(11). وقد ذهب الفقه الغالب إلى ان اللوائح التفويضية الواردة في المادة (38) لا يمكنها التعرض للموضوعات التي يتم تنظيمها بقوانين اساسية(12) ، وذلك استناداً إلى نص المادة (46) من الدستور التي نصت على إجراءات خاصة لاقرار القوانين الأساسية تحول دون اللجوء إلى نص المادة (38) ، لاغفالها القواعد الخاصة التي نص عليها الدستور ، والقول بخلاف ذلك يؤدي إلى تعطيل حكم المادة (46) من الدستور ، ولاسيما تلك الإجراءات الخاصة بالاغلبية البرلمانية المتطلبة لاقرار هذه القوانين وكذلك عرضها على المجلس الدستوري للتأكد من مطابقتها للدستور (13).

في حين ذهب رأي اخر إلى ان التفويض التشريعي يجوز له ان يتناول الموضوعات الواجب تنظيمها بقوانين أساسية واستند هذا الرأي إلى ان اصطلاح ((اوامر باجراءات تدخل عادة في نطاق القانون)) ، قد ورد مطلقاً ومن ثم لا يجوز تخصيصه فضلاً عن ان الدستور قد نص على طريقتين لاقرار القوانين فهي قد تقر أما عن طريق البرلمان وفق المادتين (34 ، 46) وتشمل القوانين العادية والاساسية ، كما قد يتم اقرارها وفقا للمادة (38) ، وذلك عن طريق الحكومة وقد تكون تشريعات عادية أو قوانين اساسية(14).

أما بالنسبة للدستور التونسي فقد أوضح في الفقرة الثالثة من المادة (28) بان هذه اللوائح (المراسيم) يجب ان تكون ((… ولغرض معين ..)) وعلى ذلك فهذه اللوائح لابد ان تتقيد بالموضوعات الواردة في قانون التفويض ولا تتعداها إلى سواها والا اصبحت غير مشروعة (15)، وقد بينا فيما سبق ان هذه اللوائح يجب ان لا تنظم الموضوعات المحتجزة للقانون ومنها القوانين الأساسية … .

وقد اوضح الدستور المصري في المادة (108) بان لهذه اللوائح قوة القانون صراحة وهي بذلك تنشئ قواعد قانونية جديدة وتعدل وتلغي قوانين قائمة .(16) ، وقد راينا ان هنالك اتجاها فقهيا يرى عدم جواز ان تتناول هذه اللوائح بالتنظيم الموضوعات المحتجزة للقانون دستوريا ، في حين هنالك جانب اخر يرى جواز ذلك وعليه يجوز لرئيس الجمهورية –وفقا لهذا الراي- ان يصدر لوائح تتناول بالتنظيم جميع الموضوعات التي تدخل في نطاق القوانين الأساسية ، غير ان رئيس الجمهورية في هذه الحالة –بحسب رأي في الفقه- ملزم باخذ رأي مجلس الشورى وذلك وفقا للمادة (195) من الدستور والا كانت هذه اللوائح غير دستورية(17) ، في حين يذهب رأي اخر بان رئيس الجمهورية غير ملزم باخذ رأي مجلس الشورى ولا يوجد الزام كذلك على رئيس مجلس الشعب باحالة هذه القرارات بقوانين إلى مجلس الشورى ، وبالتالي لا يترتب على عدم عرضها على المجلس المذكور اية مخالفة دستورية (18). وقد أصدر البرلمان الفرنسي منذ عام 1958 العديد من القوانين التفويضية ومنها(19) ، قانون 4 فبراير لسنة1960 الخاص بتفويض الحكومة سلطة اتخاذ كافة التدابير اللازمة لحماية الامن والنظام العام في الجزائر ، وهذا القانون يعد مثالا صارخا للتفويض المطلق من البرلمان للحكومة وانموذجاً واضحاً لمدى امكانية هذه الاخيرة في استغلال سلطتها التقديرية التي منحها لها البرلمان وذلك لعدم تضمين هذا القانون اية توجيهات تلتزم بها الحكومة (20) ، وقانون 22 يونيو لعام 1967 الخاص بتفويض الحكومة سلطات محددة لمدة 4 اشهر في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة المشاكل الناجمة عن تدهور الموقف الاقتصادي والاجتماعي في الدولة وكذلك قانون 4 فبراير سنة 1982 الخاص بتفويض الحكومة سلطة تنظيم بعض المسائل الاجتماعية والمالية الخاصة ببعض البنوك والشركات وكذلك قانون 2 يوليو 1986 الذي فوض في المادة الأولى منه الحكومة حق تعديل والغاء بعض النصوص التشريعية الاقتصادية المنظمة للاسعار(21) .

وقد أصدر مجلس الشعب المصري العديد من قوانين التفويض تتعلق بمجالات متعددة ومن اهمها القانون رقم 29 لسنة 1972 الذي اعطى رئيس الجمهورية صلاحية التصديق على الاتفاقيات الخاصة بالتسليح وفي اصدار قرارات لها قوة القانون فيما يتعلق باعتمادات التسليح والاعتمادات الاخرى اللازمة للقوات المسلحة وذلك حتى انتهاء السنة المالية 1973 أو حتى ازالة اثار العدوان ايهما اقرب على ان تعرض على مجلس الشعب في أول جلسة له بعد انتهاء مدة التفويض وقد تم مد العمل بهذا القانون إلى ما بعد عام 1990 وكذلك القانون رقم 49 لسنة 1974 الذي فوض رئيس الجمهورية ولمدة سنتين صلاحية التصديق على الاتفاقيات المتعلقة بمشروعات الانتاج الحربي اللازمة لاقامة صناعة حربية متطورة وقد تم مد العمل لهذا القانون حتى عام 2001 ، وكذلك القانون رقم 94 لسنة 1974 الذي فوض رئيس الجمهورية تنظيم عمليات الاستيراد والتصدير وقد صدر هذا القانون دون وجود ضرورة تستدعيه وكذلك القانون رقم 89 لسنة 1974 الذي فوض رئيس الجمهورية زيادة اعتمادات موازنة صندوق الطوارئ للسنة المالية لعام 1974 والقانون رقم 103 لسنة 1980 الذي فوض رئيس الجهورية اصدار قرارات لها قوة القانون في المسائل المالية وغيرها المتعلقة بنشاط الجامعة العربية والمنظمات والاتحادات العربية وما ينبثق عنها من مؤسسات ومكاتب ، وقد تم مد هذا القانون حتى عام 2003 . ومما تجدر الاشارة اليه ان اكثر قوانين التفويض قد صدر مخالفا للشروط التي نص عليها الدستور فهي تعد مشوبة بعيب عدم الدستورية ، فنجد تخلف شرط (الضرورة والاحوال الاستثنائية) في العديد منها فالقانون رقم 94 لسنة 1974 الخاص بتفويض رئيس الجمهورية تنظيم عمليات الاستيراد والتصدير والنقد وكذلك القانون رقم 103 لسنة 1980 لم يصدرا في حالة ( الضرورة والاحوال الاستثنائية ) وانما في ظل ظروف عادية ، والقانون الاخير لم يتضمن تحديد مدة التفويض ، ونجد ان تمديد القانون رقم 29 لسنة 1972 الخاص بتفويض رئيس الجمهورية صلاحية التصديق على الاتفاقيات الخاصة بالتسلح فهو وان صدر في ظروف تستدعي ذلك فان مدالعمل به إلى ما بعد عام 1990 لم يكن مسوغاً وذلك لانتفاء حالة (الضرورة والاحوال الاستثنائية) وكذلك انتفت حالة (الضرورة والاحوال الاستثنائية) لمد العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1974 الخاص بالمشاريع الانتاجية الحربية إلى عام 2001 وبذلك انتفى أحد أهم شروط اصدار اللوائح التفويضية بل هو علة اصدارها ونجد تخلف شرط تحديد مدة التفويض ايضا في العديد منها فالقانون رقم 19 لسنة 1974 الخاص بتفويض رئيس الجمهورية زيادة اعتمادات صندوق الطوارئ للسنة المالية لعام 1974 ولم يحدد مدة نفاذ قانون التفويض بل هو لم يوجب على رئيس الجمهورية عرض ما اتخذه من قرارات لها قوة القانون على البرلمان في أول جلسة له ، ولم يحدد القانون رقم 103 لسنة 1980 كذلك مدة نفاذ قانون التفويض . وعلى ذلك فان المادة (108) ولاسيما تطبيقاتها العملية قد عملت على اضعاف دور البرلمان التشريعي في مقابل ازدياد دور رئيس الدولة في هذا المجال وهدر مبدأ الفصل بين السلطات في التعاون والرقابة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، بل ان رئيس الدولة وفي مجال تطبيقه لهذه المادة لم يلتزم حتى بالقيود الواردة في النصوص الدستورية ، واصبح هو المشرع العادي لأن هذه القرارات قد استمر تطبيقها لسنوات طويلة جدا وبالتالي فانها لاتعالج ظروف استثنائية تتصف بالتاقيت ، بل انها اصبحت تنظم موضوعات مستقرة ودائمة وهذا يستوجب ان تنظم بالقوانين العادية ، وليس باللجوء إلى السلطات الاستثنائية (22) .

__________________

1- د. مصطفى أبو زيد فهمي : الدستور المصري ومبادئ الأنظمة السياسية ، الإسكندرية ، دار المطبوعات الجامعية ، 2004 ، ص621-622 .

2- د. محمد عبد الحميد أبو زيد : توازن السلطات ورقابتها ، القاهرة ، مطبعة النسر الذهبي ، 2003، ص93 .

3- فؤاد عبد النبي حسن فرج : رئيس الجمهورية في النظام الدستوري المصري ، رسالة دكتوراه ، جامعة القاهرة ، كلية الحقوق ، 1995، ص497 .

4- جورج فيدل ، بيير دلفولفيه : القانون الإداري ، ترجمة منصور القاضي ، الجزء الأول ، ط1 ، بيروت ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 2001، ص290 . د. سامي جمال الدين : لوائح الضرورة وضمانة الرقابة القضائية ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، 1982، ص289 – 290 .

5- ينظر بهذا المعنى د. سليمان محمد الطماوي : السلطات الثلاث في الدساتير العربية المعاصرة وفي الفكر السياسي الإسلامي ، ط5 ، القاهرة ، مطبعة جامعة عين شمس ، 1986، ص87 .

6- د. سليمان محمد الطماوي : المصدر نفسه ، ص88 .

7- د. أحمد سلامة بدر : الاختصاص التشريعي لرئيس الدولة في النظام البرلماني، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2003، ص268 .

8- د. سامي جمال الدين : القانون الدستوري والشرعية الدستورية على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا ، ط2 ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، 2005، ص313 . د. محمد السناري : القانون الدستوري – نظرية الدولة والحكومة – ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1995 – 1996، ص558 .

9- د. سليمان محمد الطماوي : السلطات الثلاث في الدساتير العربية المعاصرة وفي الفكر السياسي الإسلامي ، ط5 ، القاهرة ، مطبعة جامعة عين شمس ، 1986، ص88 . د. يسرى محمد العصار : نظرية الضرورة في القانون الدستوري والتشريع الحكومي في فترات إيقاف الحياة النيابية ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1995، ص52 .

10- د. سامي جمال الدين : لوائح الضرورة وضمانة الرقابة القضائية ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، 1982، ص290 ، د. محمد السناري : المصدر السابق ، ص557-558 .

11- جورج فيدل ، بيير دلفولفيه : القانون الإداري ، ترجمة منصور القاضي ، الجزء الأول ، ط1 ، بيروت ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 2001، ص290-291.

12- حول التأصيل التأريخي لنظرية القوانين الأساسية في فرنسا ينظر: موريس دوفرجيه : المؤسسات السياسية والقانون الدستوري ، ترجمة د. جورج سعد، بيروت ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، 1992، ص29-وما بعدها .

13- لمزيد من التفاصيل ينظر: د. رمزي طه الشاعر : النظرية العامة للقانون الدستوري ، ط5 ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2005، ص329-330 ، د. علي عبد العال سيد أحمد : فكرة القوانين الأساسية ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1990 ، ص 155 – 157 ، د. عبد العظيم عبد السلام : الدور التشريعي لرئيس الدولة في النظام المختلط ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2004، ص 141 – وما بعدها .

14- لمزيد من التفاصيل ينظر: د. رمزي طه الشاعر : النظرية العامة للقانون الدستوري ، ط5 ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2005 ، ص 330 . د. محسن خليل : القانون الدستوري والنظم السياسية ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، 1987، ص 664 – 665 .

15- د. سليمان محمد الطماوي : السلطات الثلاث ، المصدر السابق ، ص89 .

16- د. إبراهيم عبد العزيز شيحا ، د. محمد رفعت عبد الوهاب : النظم السياسية والقانون الدستوري ، الإسكندرية ، مطبعة الفتح ، 2001، ص785 .

17- د. علي عبد العال سيد أحمد : فكرة القوانين الأساسية ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1990، ص166 .

18- د. رمزي طه الشاعر : النظرية العامة للقانون الدستوري ، ط5 ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2005، ص 345.

19- لقد أصدر البرلمان الفرنسي من عام 1958 – 1986 (22) قانون تفويض للحكومة ، جابرييل ايه . الموند ، جي . بنجهام باويل : السياسات المقارنة في وقتنا الحاضر –نظرة عالمية- ، ترجمة هشام عبد الله ، مراجعة سمير نصار ، ط5 ، لبنان ، شركة الطبع والنشر اللبنانية ، 1998 ، ص390 .

20- جورج فيدل ، بيير دلفولفيه : المصدر السابق ، ص289 .

21- لمزيد من التفاصيل ينظر: د. عبد العظيم عبد السلام : الدور التشريعي لرئيس الدولة في النظام المختلط ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2004، ص146-148 .

22- لمزيد من التفاصيل ينظر: د. مصطفى أبو زيد فهمي : الدستور المصري ومبادئ الأنظمة السياسية ، الإسكندرية ، دار المطبوعات الجامعية ، 2004، ص613 ، 616-617 ، د. محمود أبو السعود حبيب : الاختصاص التشريعي لرئيس الدولة في الظروف الاستثنائية ، القاهرة ، دار الثقافة الجامعية ، 1990، ص124 – وما بعدها ، د. أحمد سلامة بدر : الاختصاص التشريعي لرئيس الدولة في النظام البرلماني، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2003، ص270 – وما بعدها ، فؤاد عبد النبي حسن فرج : رئيس الجمهورية في النظام الدستوري المصري ، رسالة دكتوراه ، جامعة القاهرة ، كلية الحقوق ، 1995، ص500 -وما بعدها .

المؤلف : علي سعد عمران
الكتاب أو المصدر : ظاهرة تقوية مركز رئيس الدولة في بعض النظم الدستورية

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .