المسؤولية القانونية الدولية للحرب الكيماوية في شمال المغرب

بين سنتي 1921 -1927

محمد أمزيان/ باحث في سلك الدكتوراه، مختبر الدراسات السياسية والعلاقات الدولية

بجامعة محمد بن عبد الله بفاس/ المغرب

مقدمة
تعتبر الحرب الكيماوية بشمال المغرب بين سنتي 1921 – 1927 من أهم الحروب الكيماوية في تاريخنا المعاصر، من حيث إدارتها كما وكيفا من طرف القوى الإستعمارية أنذاك، وبتحايل تام على مختلف أحكام ومقتضيات الإتفاقيات الدولية خاصة إتفاقيتي للسلام 1899-1907 التي نصت على حظر إستخدام القذائف التي تحمل أي نوع من أنواع الغازات السامة، وكذا معاهدة فرساي لسنة 1919 التي ذهبت بعض أحكامها إلى منع ألمانيا من إنتاج وتسويق وتخزين وتصدير وإستيراد الأسلحة الكيماوية وما شابهها حسب الفصلين 170 و171 وبروتوكول جنيف لسنة 1925 والقاضي بحظر اللجوء إلى حرب الغازات والحرب الجرثومية وحرم خلالها مختلف أنواع الغازات السامة والمواد المشابهة لها، وكما ذهبت عدة توصيات والقرارات الصادرة عن عصبة الأمم والجمعية العامة للأمم المتحدة تؤكد بجلاء منع إستعمال الأسلحة الكيماوية والغازات السامة. إلا أن القوى الإستعمارية وحلفائها ألقوا قنابل تجريبية كيماوية في محاولة إخماد مقاومة شمال المغرب بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي وقد أكدتها مجموعة من المصادر التاريخية والكتابات المؤرخة لمرحلة ما بين 1921-1927 وأن المستعمر تجاهل لكافة أحكام ومقتضيات الإتفاقيات الدولية المذكورة أعلاه بشأن حظر إستخدام الأسلحة.

إن هذا العدوان الكيماوي قد انعكس سلبا على الحياة العامة في المنطقة([1])، وأثر على الإنسان والبيئة بشكل عام، لكون الأضرر لم تكن ظرفيا أو مؤقتا، بل اتخذت طابعا مستمرا بسبب إنتشار الأمراض السرطانية.

للإلمام والتوسع أكثر في هذا المقال، إرتأينا أن نعالج الإشكالية وهي على الشكل التالي: إلى أي حد يمكن إعتبار حرب الريف جريمة دولية في إطار قواعد القانون الدولي؟.

أما عن منهجية الدراسة فسيتم معالجة هذا المقال من منظور تاريخي بإعتبار حرب الريف جزء أساسي من تاريخ المغرب المعاصر الأمر الذي يستدعي منا الخوض في تبيان الحقائق من خلال المصادر التاريخية والكتابات المؤرخة لتلك المرحلة. ثم دراسته من جانب قانوني بحيث يمكن إستخلاص المبادئ العامة لقواعد وأعراف الحرب من خلال استقراء النصوص القانونية للإتفاقيات الدولية، من أجل تحديد مسؤولية الأطراف وطبيعتها وآثارها.

لهذه الأسباب، ارتأينا أن نقسم هذا المقال إلى: المحور الأول/ موقف القانون الدولي من حرب شمال المغرب بين سنتي 1921-1927 المحور الثاني/ التكييف القانوني للحرب الكيماوية في شمال المغرب

المحور الأول/ موقف القانون الدولي من حرب شمال المغرب بين سنتي 1921-1927

كانت الحروب قبل عهد عصبة الأمم مقرونة بسيادة الدولية الداخلية في إختيارها، لكن بعد تطور قواعد القانون الدولي بدأت مجموعة من الإتفاقيات تراعي الجوانب الإنسانية والأخلاقية في العمليات القتالية خاصة إتفاقيتي لاهاي للسلام لسنتي 1899-1907([2]) المتعلقتين بقوانين الحرب وأعرافها النواة الأساسية لفكرة الجريمة الدولية، وتوالت بعدها محاولات لتقنين هذه الجرائم وتحريم الأسلحة الكيماوية والجرثومية،وكانت كل الإتفاقيات والمعاهدات الجماعية منها والثنائي%