بحث و دراسة حول الفائدة في القانون و القضاء

المحامي موسى الاعرج

المقدمة:

– ما من أحد ينكر أهمية المال ، وقد تكرَّست أهمية المال في المجتمعات الانسانية منذ القدم، وكرَّست هذه الأهمية الأديان السماوية ، ولعل أوضح دليل على ذلك أن أحد أركان الإسلام هو الزكاة ، فهي تسمى عبادة مالية ، ويعتبر الإسلام من يقتل دون ماله شهيداً ، كذلك فإن المال هو أحد العناصر المستوجب الحفاظ عليها الى جانب الدين والنفس والعقل والنسل ، فأي اعتداء على أي منها يعتبر اعتداءً على المجتمع 0

– والمال كما يقال هو عصب الحياة ، بل وتدور به وحولـه معظم المعاملات في المجتمع ، ومن هنا كان الحصول على المال أولوية من الأولويات الحياتية ، ولما كان البيع في صلب هذه المعاملات ، فقد أصبح الحصول على الربح على رأس هذه الأولويات ، فكانت تجارة البضائع مبيعاً وشراءً هي الوسيلة التي حلت محل الزراعة والمقايضة ، ومنذ ظهرت النقود أصبح المعنى المخصوص للمال هو النقود، وأصبح إقراض النقود والحصول على مثلها مع زيادة نوعاً من أنواع التجارة، وأصبحت هذه الزيادة تسمى فائدة وسماها الإسلام ربا 0

– والفائدة في العربية تقابل المنفعة أو المصلحة ، وهي إشتقاق من الفعل ” فاد ” بمعنى حصل ، وهو فعل لازم ، إذا دخلت على أولـه الألف ( أفاد ) أصبح متعدياً ، وإذا دخلت عليه الألف والسين ( استفاد ) استلزم المشاركة ، والفائدة غالباً ما ترد على المال أو العلم وعلى قدر أو كمية منهما ( المنجد في اللغة والإعلام ) 0

– والربا في العربية يعني العلو أو الزيادة ، وأربى تعني أخذ أكثر مما أعطى ، واقترن الربا بالجاهلية بحلول سداد الدين أو القرض ، فكان المُقْرض عند حلول وقت السداد ( والسداد هنا لأصل القرض فقط أو لمبلغ الدين فقط ) يقول لمدينه إما أن تقضي ( تدفع الدين ) أو تربي ( أي لا تسدد الدين على أن تسدده بعد مدة مع زيادة يتفق عليها ) 0

– وكلمة Interest الانجليزية هي ذات أصل لاتيني Interesse من مقطعين inter و esse حيث يعني الأول ” بين ” والثاني ” يكون ” أي تعني الوجود بين اثنين ، وأصبحت تعني في الإصطلاح إما حق الإنتفاع أو التمتع بالملك من دون ملكية ، أو الثمن أو التعويض الذي يدفع لقاء استعمال المال المقترض لمدة معينة ، أو مجموعة من الأشخاص لهم أهداف مشتركة 0

– والفائدة المقصودة هنا لا بد لتصورها من وجود مال ووجود مقرض ومقترض لهذا المال ، ولا بد من تحديد زمن لهذا القرض ، أي زمن محدد يرد عند انتهائه المقترض المال لمن اقترضه منه ، إذا وجدت هذه العناصر الأربعة أمكن الحديث عن الفائدة التي هي عبارة عن الثمن الذي يحصل عليه المقرض في مقابل وضع المال تحت تصرف المقترض ، ويكون هذا الثمن متفقاً عليه بين المقرض والمقترض أخذاً في الإعتبار زمن وضع المال تحت تصرف المقترض 0

– وإذا كنا نسلِّم دون جدل أن البيع غير الربا ، وأن الفائدة هي الربا بالمنظور الشرعي الإسلامي ، إلا أننا نرى أن البيع بالتقسيط ( وهو الذي لا يعتبر ربا شرعاً ) فيه شبهة الربا ( فالبيع بالتقسيط يكون عادة بثمن أعلى من ثمن البيع نقداً ) ، فليس الفرق بين الثمنين (الثمن النقدي والثمن بالتقسيط ) إلا مقابل احتفاظ المشتري بجزء من الثمن لزمن محدد ( وهو مدة التقسيط ) وهذه هي الفائدة أو الربا 0

– ومنذ وجدت النقود وانتهى زمن المقايضة أصبحت النقود هي محل الإقتراض، وأصبحت الفائدة منسوبة الى قيمة القرض ، وأصبحت الفائدة أو الربا هي مقدار المقابل النقدي المتفق عليه بين المقرض والمقترض الذي يحصل عليه المقرض من المقترض عن كل وحدة زمنية ( يوم أو أسبوع أو شهر أو سنة ) متفقاً على تحديدها ( أي الفائدة ) بينهما منسوبة الى المبلغ المقترض ، أي أن الفائدة هي ثمن حيازة المال ( وليس بالضرورة ثمن استعماله ) لمدة معينة ، وقد يكون المُقْتَرِض أو الحائز للمال المقترض هو البنك وعندها يسمى هذا القرض وديعة ، فمن وظيفة البنوك قانوناً قبول الودائع من الجمهور ، وقد يكون المُقْترِض ليس بنكاً وعندها يسمى القرض تسهيلات أو ائتمان ، وتعرضنا للموضوع سيكون كالتالي :-

أولاً : الوديعة والإقراض ” والفائدة ” 0
ثانياً : ” الفائدة ” في نصوص القانون
ثالثاً : ” الفائدة ” في أحكام القضاء
رابعاً : الخلاصـــــــــة

أولاً : الوديعة والإقراض والفائدة :-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
– أوضحنا في المقدمة ما هي الفائدة ، وأن الفائدة بمفهوم الشرع الإسلامي هي الربا ، ولما كانت أعمال البنوك هي العمود الفقري للإقتصاد الوطني في الدولة الحديثة ، بل وهي عصب الإتصال والتفاعل الإقتصادي بين الدول المختلفة ، خاصة في وقت أصبح فيه العالم قرية صغيرة كما يقال ، ولما كانت أعمال البنوك في غالبيتها – ما عدا البنوك الإسلامية – تقوم على أساس الفائدة أخذاً وعطاءً ، فهي تتلقى الودائع من الجمهور مقابل دفع سعر فائدة معين، وهي تقرض أو تمنح تسهيلات مقابل حصولها على سعر فائدة معين هو بالضرورة أعلى من سعر الفائدة التي تدفعه على الودائع ، لما كان ذلك فلا بد من توضيح ما هي الودائع وما هي التسهيلات ( الإقراض ) ، وبالتالي ما هي الفائدة وهل للفائدة شكل واحد أم تظهر في أكثر من شكل 0

1 – الوديعة الكاملة : –
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينظم القانون المدني الأردني ( المواد من 868 – 893) عقد الإيداع ويعرَّف الإيداع بأنه (( عقد يخوَّل به المالك غيره حفظ ماله ويلتزم به الآخر حفظ هذا المال ورده عيناً )) ويعرِّف الوديعة بأنها ( المال المودع في يد أمينلحفظه )) ويضيف أن عقد الإيداع يتم (( بقبض المال المودع حقيقة أو حكماً ))0

– يلاحظ من نصوص القانون المدني أعلاه أنه يتوجب على المودع لديه أن يرد المال المودع عيناً ، وأن يد المودع لديه على المال هي يد أمينة ، وهذا يعني على الأقل أمرين اثنين ، هما أن على المودع لديه أن يرد المال بذاته أو بعينه حتى لو كان مثلياً ( أي اذا أودعت لديه عشرة آلاف دينار من فئة خمسين دينار فيجب أن يردها نفسها بذواتها، أي ذات الأوراق المودعة أو اذا أودع لديه سبائك من الذهب وزنها 1000غرام ، فيجب أن يردها بذاتها وليس أي كمية من الذهب من نفس العيار مقدارها 1000 غرام ) وهذا الأمر يستوجب أمرا آخر بالضرورة هو عدم جواز تصرف المودع لديه بالوديعة بأي وجه من الوجوه ، وإذا تصرف المودع لديه بالوديعة كان مسيئاً للأمانة مستوجباً العقاب ، حيث تنص المادة (422) من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 (( كل من سلم إليه على سبيل الأمانة أو الوكالة ولأجل الإبراز والإعادة أو لأجل الاستعمال على صورة معينة أو لأجل الحفظ أو لاجراء عمل – بأجر أو بدون أجر – ما كان لغيره من أموال ونقود وأشياء وأي سند يتضمن تعهداً أو ابراء وبالجملة كل من وجد في يده شيء من هذا القبيل فكتمه أو بدلـه أو تصرف به تصرف المالك أو استهلكه أو أقدم على أي فعل يعد تعدياً أو امتنع عن تسليمه لمن يلزم تسليمه اليه ، يعاقب بالحبس من شهرين الى سنتين وبالغرامة من عشرة دنانير الى مئة دينار )) ، وتضيف المادة (889) من القانون المدني أنه (( اذا كانت الوديعة مبلغاً من النقود أو شيئاً يهلك بالإستعمال وأذن المودع للمودع لديه في استعماله اعتبر العقد قرضاً )) وتعرف المادة (636) من القانون المدني القرض بأنه (( تمليك مال أو شيء مثلى لآخر على أن يرد مثله قدراً ونوعاً وصفةً الى المقرض عند نهاية مدة القرض )) ، بل وتشترط المادة (639) في المال المقترض أن يكون مثلياً 0 واضح مما تقدم من نصوص أن الوديعة ترد على المال بذاته أي بعينه ولا يجوز للمودع لديه التصرف فيه ، وبالتالي يجب أن يرد هذا الذات أو العين، في حين أن القرض يرد على المال بمثله ويجوز أن يتصرف المودع لديه ( المقترض ) به، ويجوز رد مثله 0

– ولعل أبرز مادة في القانون المدني تتعلق بموضوعنا هي المادة (640) التي تنص على ما يلي (( اذا اشترط في عقد القرض منفعة زائدة على مقتضى العقد سوى توثيق حق المقرض لغا الشرط وصح العقد )) والمنفعة الزائدة هنا هي الفائدة بكافة أشكالها ، لأن الفائدة التي نتحدث عنها والربا كلاهما منفعة زائدة على القرض ، وكذلك الفقرة (1) من المادة (480) من القانون المدني التي تنص على أنه (( يجوز البيع بطريقة المرابحة أو الوضيعة أو التولية اذا كان رأسمال المبيع معلوماً حين العقد وكان مقدار الربح في المرابحة ومقدار الخسارة في الوضيعة محدداً )) إلا أن الفقرة (2) من نفس المادة تنص على أنه (( اذا ظهر أن البائع قد زاد في بيان مقدار رأس المال فللمشتري حط الزيادة )) وهذا الحكم الأخير هو استبعاد للربا في البيع ، لأن أي زيادة في طرق البيع المشار اليها ( المرابحة والوضيعة والتولية ) هي عبارة عن منفعة زائدة بدون مقابل ، فبيع المرابحة يجب أن يكون برأس المال مضافاً اليه ربحاً متفقاً عليه والوضيعة بيع بمبلغ أقل من رأس المال بمقدار متفق عليه ، والتولية هي البيع بمبلغ يعادل رأس المال دون زيادة أو نقصان ، أي أن القانون المدني – وهو المستقى من أحكام الشريعة الإسلامية – يحرِّم الفائدة انطلاقاً من أن الفائدة هي الربا 0

2 – الوديعة الناقصة : –
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
– في ضوء ما تقدم من نصوص ، فإن أعمال البنوك سواءً في تلقي الودائع بفائدة أو الإقراض أو منح التسهيلات بفائدة أعمال لا يجيزها القانون المدني ، ولكن كيف تعمل البنوك إذن ما دام عملها الأساسي قبول الودائع من الجمهور بفائدة واقراض الجمهور بفائدة 0

– يعرِّف قانون البنوك رقم 28 لسنة 2000 الوديعة بأنها : (( مبلغ من النقود يسلِّمه شخص بأي وسيلة من وسائل الدفع الى شخص آخر الذي يلتزم برده لدى الطلب أو وفقاً للشروط المتفق عليها ، ويكتسب المودع لديه ملكية النقود المودعة ويكون لـه الحق في التصرف فيها مع التزامه برد مثلها للمودع ويكون الرد بذات نوع العملة المودعة ))0

– وتنص الفقرة (1) من المادة (115) من قانون التجارة الأردني على (( أن المصرف الذي يتلقى على سبيل الوديعة مبلغاً من النقود يصبح مالكاً لــه ، ويجب عليه أن يرده بقيمة تعادلـه دفعة واحدة أو عدة دفعات عند أول طلب من المودع أو بحسب شروط المواعيد أو الاخبار المسبق المعينة في العقد )) ، وهذه الوديعة ليست وديعة بمفهوم القانون المدني ، اذ كيف يمكن أن يكون مبلغاً من النقود وديعة وفي نفس الوقت يصبح البنك مالكاً له ، لا بد أن هناك مفهوماً آخر للوديعة أو معنى آخر للوديعة 0

– من الواضح من وصف الوديعة المشار اليه أنها ليست الوديعة الكاملة السابق الإشارة اليها والتي تنظمها أحكام القانون المدني ، فعبارة وفقاً للشروط المتفق عليها ( الواردة في تعريف الوديعة في قانون البنوك ) تخفي وراءها الفائدة المتفق عليها واكتساب المودع لديه لملكية الوديعة يهدم أساس عقد الايداع الذي أشرنا اليه ، وحق المودع لديه في التصرف في الوديعة يجافي مفهوم الإيداع القائم على مفهوم الامانة المبني على عدم التصرف في الوديعة ، والإلتزام برد المثل مناقض لرد الوديعة الذي يجب أن يكون رد عين أو ذات لا رد مثل ، ولذلك سميت الوديعة هنا( التي تودع لدى البنوك ) بالوديعة الناقصة ، أو أصبحت وديعة البنوك تسمى مجازاً بالوديعة وأصبح مفهوم الإيداع في البنك هو تسليم النقود له ليس إلا 0

– وهناك نوعان أساسيان من الودائع بالنظر الى مدة الزمن المتفق عليها لإبقاء الوديعة لدى البنك ، فإذا كان من المتفق عليه أنه يحق للعميل سحب الوديعة في أي وقت سميت ” وديعة تحت الطلب ” وإذا كان من المتفق عليه أن مدة مكث الوديعة أسبوع أو شهر أو سنة سميت ” وديعة لأجل ” 0

– ومن البديهي أن الفائدة التي تدفع على الوديعة تتناسب تناسباً طردياً مع زيادة مقدار المبلغ وزيادة مقدار الأجل ، فكلما كان مبلغ الوديعة أكبر أو كانت مدة مكث الوديعة أكبر كان سعر الفائدة أعلى 0

3 – الإقــــــــــــــــراض : –
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
– الإقراض والتسهيلات ومنح الائتمان كلها مسميات لعملية واحدة ، ويعرِّف قانون البنوك ” الائتمان ” بأنه (( دفع مبلغ من المال من البنك الى العميل مقابل حق استرداده مع فوائده وأي مستحقات أخرى عليه ، وأي ضمان أو كفالة أو تعهد يصدره البنك )) ( المادة (2) من قانون البنوك رقم 28 لسنة 2000 ) ، وكلمة ” دفع ” هنا لا تعني فقط التسليم المادي بل تشمل التسليم الحكمي الذي يشمل تمكين العميل من سحب مبلغ أو الدفع نيابة عن العميل والتسجيل على حسابه لدى البنك 0

– واضح من التعريف أن التسهيلات تأخذ أحد شكلين اما شكلاً مباشراً ويعني المبالغ التي تدفع لعميل البنك أو توضع تحت تصرفه في الحساب أو التي يسمح البنك بكشف حساب العميل الجاري بمقدارها ، وبامكان العميل استعمالها في أي وقت بالحصول على مبلغها والثاني غير مباشر ويكون في صورة التزام البنك بالنيابة عن عميله لصالح الغير ، فالإعتمادات والكفالات وخطابات الضمان كلها تنضوي تحت التسهيلات غير المباشرة 0

– والواقع أن البنك يتقاضى فائدة ( بالإضافة الى عمولة ) على كل من نوعي هذه التسهيلات ، إلا أن الفائدة على التسهيلات المباشرة تكون أعلى سعراً من الفائدة على التسهيلات غير المباشرة ، وفي كلتا الحالتين يقوم البنك بتسجيل الفائدة على حساب العميل بالسعر والطريقة المتفق عليها 0

– وكما أن الوديعة مبلغ من النقود يسلم الى البنك بأي وسيلة من وسائل الدفع فإن الإقراض هو مبلغ من النقود يسلّم الى العميل مباشرة أو غير مباشرة بأي وسيلة من وسائل الدفع ، وبديهي أن الإقراض يكون مقابل فائدة كما هي الوديعة مقابل فائدة 0

4 – الفائــــــــــــــــــدة : –
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
– إذن الفائدة يدفعها البنك عندما يكون مقترضاً ( حاصلاً على الودائع من الجمهور ) ويدفعها العميل عندما يكون مقترضاً ( حاصلاً على تسهيلات من البنك ) ، وكما أسلفنا فإن سعر الفائدة على التسهيلات هو بالضرورة أعلى من سعر الفائدة على الودائع ، لأن البنك يحصل على الودائع من أجل اقراضها فلا يعقل أن يقرض بسعر مساوٍ أو بسعرٍ أقل من سعر الفائدة الذي يدفعه على الودائع وإلا أصبح عمل البنك غير مجد بل خاسراً 0

– وقد عُرفت الفائدة في بلادنا أو ل ما عرفت على أنها الربا ، لسيادة أحكام الشريعة الإسلامية في المعاملات إبَّان العهد العثماني ، فلم تعرف مجلة الأحكام العدلية الفائدة ، بالرغم من أنها التشريع المدني الرئيسي الذي كان سائداً في بلادنا في تلك الحقبة ، ولما لم يجد المشرع العثماني مناصاً من تنظيم الفائدة التي فرضها التعامل التجاري مع العالم العربي فقد حاول تحديدها والحد من غلوائها 0

– والأصل في الفائدة أن تحتسب على أساس نسبة مئوية في السنة أو المدة المتفق عليها من أصل المبلغ المقترض ، أو من أصل الدين، مدة بعد مدة ، وإذا احتسبت كذلك وصفت بأنها فائدة بسيطة ، وإذا احتسب فائدة على مجموع أصل القرض أو الدين وفائدته وهكذا وصفت الفائدة بأنها مركبة ، وإذا كانت الفائدة مركبة وتقاعس المدين عن السداد فمع مرور الوقت يمكن أن يكون مجموع الفوائد ضعف أو أضعاف الدين 0

– وتوصف الفائدة بالقانونية اذا كانت وفق الحد الذي نص عليه القانون ، والحد الذي نص عليه القانون هو 9% سواءً في نظام المرابحة العثماني أو في المادة (167) من قانون أصول المحاكمات المدنية التي جاء فيها (( مع مراعاة ما ورد في أي قانون خاص تحسب الفائدة القانونية بنسبة 9% سنوياً ولا يجوز الإتفاق على تجاوز هذه النسبة )) والقانون الخاص هنا هو قانون البنك المركزي الذي أجاز للبنك المركزي تحديد الفائدة بغض النظر عن حدها القانوني (المادة (43) واذا لم يحددها البنك المركزي يترك أمر تحديدها للبنوك المرخصة 0

– وإذا كانت القاعدة الأصل هي تحديد الفائدة بـ 9% سنوياً فإنه من المحظور الإتفاق على فائدة تزيد على الحد المذكور إلا بين البنوك التجارية وعملائها وذلك سنداً لنص المادة (43) من قانون البنك المركزي وذلك في حال عدم وجود تحديد صادر عن البنك المركزي 0

– وتقوم فكرة دفع فائدة على النقود بعد تاريخ استحقاقها على مبدأ التعويض عن الضرر الذي يمكن أن يلحق بالدائن لعدم دفع هذه النقود لـه في الوقت المحدد ، أو لتعويضه عن عدم حيازته واستعماله لها خلال المدة الواقعة بين تاريخ استحقاق دفع هذه النقود وتاريخ دفعها فعلاً ، ومن هنا جاءت الفقرة (1) من المادة ( 167) من قانون أصول المحاكمات المدنية لتقول في عجزها ” يحكم بالفائدة دون أن يكلف الدائن اثبات تضرره من عدم الدفع ” ، وللدكتور عبدالرزاق السنهوري تبرير لذلك أورده في شرحه للقانون المدني المصري بصدد شرح المادة (229) التي تنص على (( لا يشترط لاستحقاق فوائد التأخير ، قانونية كانت أو اتفاقية أن يثبت الدائن أن ضرراً لحقه من هذا التأخير )) وفيما يلي ما أورده السنهوري :-

(( فالدائن الذي لم يستوف المبلغ من النقود الذي له في ذمة مدينه في الميعاد الواجب يكون حتماً في أحد موقفين ، فإما أن يكون في حاجة الى هذه النقود ، فهو اذن مضطر أن يقترضها متربصاً في سداد القرض وفاء مدينه بالتزامه ، وعندئذ يكون قد أصابته خسارة من جراء تأخر المدين ، هي الفوائد التي يدفعها عادة لاقتراض المبلغ ، ومن ثم كان لـه أن يسترد هذه الفوائد عادة لاقتراض المبلغ ، ومن ثم كان لـه أن يسترد هذه الفوائد من المدين على سبيل التعويض ، وأما أن يكون في غير حاجة الى نقود ، ولكن النقود يمكن اعادة استغلالها فلو أن المدين وفى التزامه في الميعاد لكان في مكنة الدائن أن يستغل نقوده وعندئذ يكون قد فاته ربح من جراء تأخر المدين ، فقد كان يربح الفوائد التي يتقاضاها عادة في استغلال المبلغ ومن ثم كان لـه هنا أيضاً أن يسترد هذه الفوائد من المدين على سبيل التعويض )) 0

من الواضح أن تبرير الدكتور السنهوري لاعتبار الفائدة بمثابة تعويض يقوم على افتراض أن الدائن بحاجة الى الاقتراض أو لديه رغبة في اعادة اقراض نقوده ، وكلا الفرضين لا يقوم مبرراً لتقاضي تعويض ، فمن المعروف أن التعويض لا يكون إلا عن فعل ضار أو عن اخلال بعقد بعد الاعذار 0

ثانياً : الفائدة في القانـــــــــون :-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
– يعتبر القانون المدني الأردني أي اشتراط للفائدة لاغياً ، حيث تنص المادة (640) منه على (( اذا اشترط في عقد القرض منفعة زائدة على مقتضى العقد سوى توثيق حق المقرض لغا الشرط وصح العقد )) ، وعبارة منفعة زائدة تشمل الفائدة وكل منفعة أخرى يحصل عليها المقرض بسبب القرض إلاَّ ما يوثق حقه ( كوضع عقار تأميناً لدين القرض ) ، كما أن الفقرة (1) والفقرة (2) من المادة (480) من القانون المدني تعتبران زيادة البائع في مقدار رأس المال دون علم المشتري في بيوع المرابحة والوضيعة والتولية زيادة ربوية ، ولما كان القانون المدني هو القانون العام في المعاملات ( وضع كقانون مؤقت عام 1976 ثم أصبح قانوناً دائماً عام 1996 ) ، فقد احترز في الفقرة (2) من المادة (1448) حيث قدَّم في الإعمال على نصوصه أحكام القوانين الخاصة وهي نظام المرابحة العثماني وقانون التجارة وقانون البنوك وقانون البنك المركزي 000الخ 0

– لا يزال نظام المرابحة العثماني الصادر عام 1304 هجرية ( الذي ألغى نظام المرابحة الصادر عام 1280 هجرية ) ساري المفعول ، وهذا النظام يحدد الحد الأقصى للفائدة بـ 9% سنوياً ، وفي نفس الوقت يوجب أن لا تتجاوز الفوائد مقدار رأس المال مهما كان عدد السنين التي تمر رغم عدم سداد القرض 0

– وجاء قانون الربا الفاحش رقم 20 لسنة 1934 الذي لا يزال سارياً ليؤكد على عدم مجاوزة الفائدة في الإقراض الحد القانوني الذي حدده نظام المرابحة العثماني ، فأجاز القانون المذكور للمحكمة أن تدقق مرة ثانية في حسابات معاملات الإقراض بهدف التحقق من عدم مجاوزة الحد القانوني للفائدة وعند الاقتضاء أن تأمر بإعادة المبلغ الزائد على هذا الحد ، بل أجاز القانون للمحكمة قبول أي بينة فيما يتعلق بإثبات أن الفائدة المستوفاه قد تجاوزت الحد القانوني 0

– وقد أكسا قانون الربا الفاحش قوة اضافية لإعمال نظام المرابحة العثماني وكأن مشرع هذا القانون قد نظر الى ضرورة التماشي مع معطيات الاقتصاد العالمي وتعاملاته من جهة والى ضرورة الإبقاء على حرمة الربا اذا تجاوز حداً معيناً هو الحد الذي جاء به نظام المرابحة العثماني من جهة أخرى 0

– وإزاء تحديد نظام المرابحة العثماني للحد الأعلى للفائدة بـ 9% ، الأمر الذي لا ينسجم مع حركة الإقتصاد التي لا تعرف الثبات ، فقد جاء قانون البنك المركزي رقم 23/1971 في المادة (43) بنص أعطي بموجبه البنك المركزي صلاحية تحديد الحد الأعلى والحد الأدنى لمعدل الفوائد التي تتقاضاها البنوك المرخصة ومؤسسات الإقراض المتخصصة ( باستثناء البنوك الإسلامية ) على تسهيلات الائتمان التي تمنحها للعملاء والحد الأدنى والحد الأعلى لمعدلات الفوائد التي تدفعها البنوك المرخصة ومؤسسات الإقراض المتخصصة على الودائع لديها وذلك دون التقيد بأحكام أي تشريع أو نظام آخر للفوائد أو المرابحة ( الفقرتان أ ، ج من المادة 43) وأضافت الفقرة (هـ) من المادة (43) من القانون المذكور أنه اذا لم يحدد البنك المركزي معدلات الفوائد كما جاء في الفقرتين أ ، ج من نفس المادة أو ألغى البنك المركزي أي أمر كان قد أصدره بذلك الخصوص فيمكن للبنوك أن تتقاضى من عملائها الفوائد وتدفع لعملائها الفوائد دون التقيد بالحدود التي ينص عليها أي قانون أو نظام للمرابحة أو الفوائد وذلك وفقاً لتعليمات البنك المركزي 0

– وكان البنك المركزي قد أصدر عدة مذكرات بشأن تحديد معدلات أسعار الفائدة ( المذكرات ذوات الأرقام 11/1990 ، 26/1990 ، 161/1993 ، 160/1995 ) ، إلا أن مذكرته السارية المفعول رقم 14/2002 المؤرخة 15/12/2002 قد نصت تحت البند أولاً على ” تحدد البنوك أسعار الفوائد التي تدفعها على مختلف أنواع الودائع لديها وأسعار الفوائد والعمولات التي تتقاضاها على مختلف أنواع التسهيلات الإئتمانية ” ، أي أن مسـألة تحديد الفائدة على الودائع وعلى التسهيلات أصبحت مسألة يحكمها العقد بين البنك والعميل ، أي أن الفوائد على الودائع وعلى التسهيلات أصبحت معوَّمة كما يقال 0

– وتبين المادة (167) من قانون أصول المحاكمات المدنية وتعديلاته رقم 24 لسنة 1988 كيف يتم الحكم بالفائدة وتحددها بالحد القانوني ، حيث تنص :-

1 – (( اذا كان المدين قد تعهد بتأدية مبلغ من النقود في وقت معين وامتنع عن أدائها عند حلول الأجل يحكم عليه بالفائدة دون أن يكلف الدائن اثبات تضرره من عدم الدفع 0

2 – اذا كان في العقد شرط بشأن الفائدة يحكم بما قضى به الشرط ، وأن لم يكن هناك شرط بشأنها فتحسب من تاريخ الإخطار العدلي ، والا فمن تاريخ المطالبة بها في لائحة الدعوى أو بالادعاء الحادث بعد تقديم اللائحة المذكورة 0

3 – تترتب الفائدة على التعويض والتضمينات التي تحكم بها المحكمة لأحد الخصوم وتحسب الفائدة من تاريخ إقامة الدعوى 0

4 – مع مراعاة ما ورد في أي قانون خاص تحسب الفائدة القانونية بنسبة 9% سنوياً ولا يجوز الإتفاق على تجاوز هذه النسبة )) ، فالفقرة الأولى من المادة ترسم مبدأ الحكم بالفائدة باعتبارها تعويضاً بالشروط الواردة فيها ، وتفرق الفقرة الثانية من المادة بين حالتين ، الأولى وجود شرط في العقد بشأن احتساب الفائدة وفي هذه الحالة فالعقد شريعة المتعاقدين والمحكمة تأخذ بذلك ، والثانية عدم وجود شرط بشأن احتساب الفائدة فإذا لم يكن هناك تاريخ محدد لاحتسابها فتحكم بها المحكمة من تاريخ المطالبة القضائية سواءً وقعت بطريق الإخطار العدلي ( تاريخ تبليغ الإخطار العدلي ) أو من تاريخ المطالبة بها في لائحة الدعوى / تاريخ تسجيل الدعوى ، أما تاريخ احتساب الفائدة عن ما تحكم به المحكمة من تعويض فهو تاريخ تسجيل الدعوى 0

– ويجدر التنويه أن هذه المادة أصبحت هكذا بعد إلغاء عبارة ( اكتساب الحكم الدرجة القطعية ) الواردة في الفقرة (3) منها والإستعاضة عنها بعبارة ( إقامة الدعوى ) ثم بإلغاء نص الفقرة (4) الواردة فيها والإستعاضة عنه بالنص الحالي بموجب القانون المعدل رقم 14 لسنة 2001 حيث كان نص الفقرة (4) السابق كما يلي :-

(( ويشترط في كل ما تقدم أن لا تتجاوز الفائدة الحد القانوني ))0

– ويحكم أعمال البنوك في الأردن قانون البنوك وتعديلاته رقم 28 لسنة 2000 وهو يفرِّق بين البنوك التقليدية والبنوك الإسلامية ، وبين الأعمال المصرفية القائمة على أساس الفائدة والأعمال المصرفية الإسلامية القائمة على غير أساس الفائدة 0

– ويعرِّف قانون البنوك البنك بأنه (( الشركة التي يرخص لها بممارسة الأعمال المصرفية وفق أحكام هذا القانون بما في ذلك فرع البنك الأجنبي المرخص لـه بالعمل في المملكة )) ووفق نص القانون ( المادة 6 وما بعدها ) فإن البنك المركزي هو الجهة التي ترخص البنوك ، في حين يعرف قانون البنوك البنك الإسلامي بأنه (( الشركة التي يرخص لها بممارسة الأعمال المصرفية بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها وأي أعمال أو أنشطة أخرى وفق أحكام هذا القانون ))0

– ويعرف قانون البنوك الأعمال المصرفية على أنها (( قبول الودائع من الجمهور واستخدامها بصورة كلية أو جزئية لمنح الإئتمان وأي أعمال أخرى يقرر البنك المركزي اعتبارها أعمالاً مصرفية بموجب أو أمر يصدرها لهذه الغاية )) في حين يعرف قانون البنوك الأعمال المصرفية الإسلامية بأنها (( الأعمال القائمة على غير أساس الفائدة في مجال قبول الودائع والخدمات المصرفية الأخرى وفي مجال الإستثمار بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها ))0

– وإذا كان من الواضح أن الأعمال المصرفية تقوم على أساس الفائدة ودائع وتسهيلات وكان من الواضح أن الأعمال المصرفية الإسلامية لا تقوم على أساس الفائدة ، وبالتالي فإن البنوك التقليدية تتعامل بالفائدة ، وأن البنوك الإسلامية لا تتعامل بالفائدة فهل يجوز للبنوك التقليدية ممارسة الأعمال المصرفية الإسلامية ، الجواب بالنفي لأن قانون البنوك تحدث عن ترخيص نوعين من البنوك ” البنك والبنك الاسلامي ” وعن نوعين من الأعمال المصرفية ، وقد تمخض عن ذلك اختلاف في الأحكام التفصيلية التي تحكم عمل كل نوع والإختلاف في متطلبات ممارسة العمل 0

– وأخذاً في الإعتبار قيام العمل المصرفي على الفائدة أو عدم قيامه عليها فقد اشتمل قانون البنوك على أحكام خاصة بعمل البنوك الإسلامية وأخضعها للأحكام الأخرى لقانون البنوك بالقدر الذي لا يتعارض مع الأحكام الخاصة بها في نفس القانون ، حيث نصت الفقرة (ب) من المادة (3) من قانون البنوك (( يخضع البنك الإسلامي للأحكام الخاصة بالبنوك الإسلامية الواردة في هذا القانون ، كما تسري عليه أحكام هذا القانون والقوانين الأخرى ذات العلاقة بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع تلك الأحكام )) 0

– وتحظر المادة (4) من قانون البنوك في فقرتها ( أ ) على أي شخص أن يقوم بالأعمال المصرفية إلا بعد منحه الترخيص النهائي من البنك المركزي وفق أحكام قانون البنوك ، وتحظر الفقرة (ب) من نفس المادة على غير المرخص لـه ممارسة الأعمال المصرفية قبول الودائع دون موافقة خطية مسبقة من البنك المركزي 0

– وتعتبر الفقرة (هـ) من المادة (92) من قانون البنوك جميع الأعمال المصرفية والنشاطات المالية بحكم ماهيتها الذاتية أعمالاً تجارية بغض النظر عن صفة العميل المتعاقد أو المتعامل مع البنك سواءً كان مدنياً أو تجارياً وتسري عليها أحكام قانون التجارة الساري المفعول كما لا تخضع لأحكام أي نظام للمرابحة0وقد جاء ذلك انسجاماً مع نص المادة (43) من قانون البنك المركزي 0

– وينص قانون البنوك ( المادة 50) على أن من أهداف البنك الإسلامي تقديم الخدمات المصرفية وممارسة أعمال التمويل والإستثمار القائمة على غير أساس الفائدة أخذاً و / أو إعطاء في جميع الصور والأحوال وتطوير وسائل اجتذاب الأموال والمدخرات وتوجيهها نحو المشاركة في الإستثمار بالأسلوب المصرفي القائم على غير أساس الفائدة 0

– وتوجب المادة (53) من قانون البنوك الفقرة (ب) أن تكون أعمال وأنشطة البنك الإسلامي قائمة على غير أساس الفائدة بنوعيها فائدة الديون التي تقبض أو تدفع في جميع حالات الإقراض والإقتراض بما في ذلك أي أجر يدفعه المقترض دون ارتباطه بجهد تقابله منفعة معتبرة حسب الأراء الفقهية المعتمدة وفائدة البيوع في اطار العمل المصرفي في حالات الصرف للعملات المختلفة الجنس اذا داخلها الأجل 0

– وتنص المادة (30) من قانون البينات وتعديلاته رقم 30 لسنة 1952 على أنه يجوز في حالات عدة الإثبات بالشهادة في الإلتزامات التعاقدية حتى لو كان المطلوب تزيد قيمته على مائة دينار ( أي استثناءً من القاعدة التي لا تجيز الإثبات بالشهادة اذا كان المطلوب يزيد على مئة دينار ) ومن بين هذه الحالات حالة اذا ما طعن في العقد بأنه ممنوع بالقانون أو مخالف للنظام العام أو الآداب وغنى عن القول أن عقد الربا الفاحش القائم على أن الفائدة أكثر من 9% هو عقد ممنوع بالقانون 0

– وقد تناول قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 الفائدة في مواقع عدة حيث تنص المادة (110) منه على (( إن الدفعات في الحساب الجاري تنتج حتماً لمصلحة المسلِّم على المستلم فائدة تحسب على المعدل القانوني اذا لم تكن معينة بمتقتضى العقد أو العرف )) 0

– وتنص المادة (113) من قانون التجارة الأردني على أن :-

1 ) يوقف الحساب ( الجاري ) ويصفى في آجال الإستحقاق المعينة بمقتضى العقد أو بحسب العرف المحلي وإلا ففي نهاية كل ستة أشهر 0

2) ويؤلف الرصيد الباقي ديناً صافياً مستحق الأداء ينتج ابتداءً من يوم التصفية فائدة بالمعدل المبين في الحساب الجاري اذا نقل هذا الرصيد الى حساب جديد وإلا فبالمعدل القانوني 0

– وتقضي الفقرة (3) من المادة (115) من قانون التجارة الأردني استحقاق الفائدة على الوديعة من اليوم التالي لكل ايداع إن لم يكن يوم عطلة ، ولغاية اليوم الذي يسبق إعادة كل مبلغ ما لم يكن هناك اتفاق مخالف 0

– وفي مجال الإعتماد المصرفي أجازت المادة (121) من قانون التجارة الأردني للبنك استرداد المبالغ التي دفعها أو المصاريف التي أنفقها لإنفاذ ما وكل به مع الفائدة المتفق عليها أو الفائدة القانونية إن لم يكن هناك اتفاق ابتداءً من يوم الدفع 0

– أمَّا المادة (128) من قانون التجارة فتتحدث عن الفائدة في سند السحب ، في حين اعتبرت المادة (235) من نفس القانون أن كل اشتراط للفائدة في الشيك يعتبر كأن لم يكن ، لأن هذا الاشتراط يخرج الشيك عن طبيعته كأداة وفاء 0

ثالثاً : الفائدة في أحكام القضاء :-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
– من حيث المبدأ ، لا يحكم القضاء بالفائدة ما لم تكن من ضمن الطلبات لأن القاعدة الإجرائية أنه لا يجوز الحكم بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبه الخصوم والحكم بالفائدة بدون طلب يصلح سبباً للتمييز ( المادة 158/5 أصول محاكمات مدنية ) ، وكذلك يصلح سبباً لاعادة المحاكمة ( المادة 213/5 أصول محاكمات مدنية ) 0

– وأحكام القضاء مستقرة على أنه (( اذا لم تشتمل وكالة المحامي على المطالبة بالفائدة القانونية ولا تخولـه المطالبة بها فإن ذلك يجعل الحكم لـه بالفائدة القانونية مخالفاً للقانون )) ( تمييز حقوق 806/2004 ) (( ان المطالبة بالفائدة يجب أن تنظمها الوكالة الخاصة المعطاه من الموكل للمحامي الوكيل ولا يحكم بها الا اذا كانت هذه الوكالة تخولـه المطالبة بها )) ( تمييز حقوق 349/2004) كذلك فإن (( من المستقر عليه في الاجتهاد القضائي هو عدم جواز الإدعاء بالفائدة دون توكيل ، فاذا كانت وكالة المحامي التي أقيمت هذه الدعوى بالاستناد اليها أنَّ المطالبة بالفائدة ليست من الخصومات الموكل بالمطالبة بها وانحصر التوكيل بحق المطالبة بمنع المعارضة وبأجر المثل والعطل والضرر وإزالة الكوابل والمواسير ، كما أن لائحة الدعوى لم تتضمن المطالبة بالفائدة القانونية ، فإن الدعوى حين إقامتها تكون أقيمت من وكيل غير مفوض بالمطالبة بالفائدة ، وأن ابراز وكالة جديدة لا يصحح الطلب الأصلي ولا يعتبر ذلك من الطلبات المكملة للطلب الأصلي ، والمترتبة عليه أو المتصلة به )) (تمييز حقوق 3164/2003)0

– كما قضت محكمة التمييز في قرارها رقم 1320/2006 تاريخ 27/9/2006 أن (( من واجب محكمة الدرجة الأولى الحكم بالفائدة إذا طلبها المدعي وتحقق موجبها وإن إيداع المدعى عليه لجزء من المبلغ المطالب به بعد إقامة الدعوى لا يغير من الأمر شيئاً والجهة المعنية في احتساب الفائدة وتحصيلها ومراعاة الإيداع المبكر ليست محكمة الموضوع ))0

– (( وذهب القضاء الى أن الفائدة تعتبر تعويضاً والحكم فيها يكون وفقاً للقانون الذي أقيمت الدعوى في ظله )) ( تمييز حقوق 1237/2004) ويكون احتساب الفائدة وفقاً للقانون الذي اقيمت الدعوى في ظله (( وحيث أقيمت الدعوى بتاريخ 16/6/2002 وينطبق عليها نص المادة 167/3 من قانون أصول المحاكمات المدنية كما عدلت بالقانون رقم 14 لسنة 2001 بحيث تسري الفائدة القانونية من تاريخ المطالبة )) ( تمييز حقوق 2985/2004) 0

– كما أجاز القضاء تقاضي الفائدة المركبة فَقَدْ(( خول القانون المعدل لقانون البنك المركزي سلطة إصدار الأوامر في تحديد الحد الأدنى والأعلى لمعدلات الفوائد دون التقيد بأحكام أي تشريع أو نظام يتعلق بالفوائد أو المرابحة ولم يرد في هذه التعليمات ما يمنع الحكم بالفائدة المركبة ( تمييز حقوق 90/1987) وعليه وحيث أن الفائدة التي يستحقها البنك على القرض هي الفائدة المتفق عليها في عقد القرض كما تستحق عليه العمولة المتفق عليها )) ( تمييز حقوق 4244/2005) 0

– ولا تعارض اذا تم المطالبة بالفائدة الاتفاقية بعد أن تم ابتداءً المطالبة بالفائدة القانونية : (( اذا تضمنت لائحة الدعوى المطالبة بالفائدة القانونية بينما في المرافعة النهائية طالبت بالفائدة الاتفاقية فإن المدعية المميزة تستحق الحكم لها بالفائدة القانونية ولا يتعارض ذلك مع ما جاء بقرار الهيئة العامة رقم 2363/2002 لأن مطالبة المدعية بالفائدة الاتفاقية لا يعني تنازلها عن الفائدة القانونية )) ( تمييز حقوق 3697/2004) 0

– ولعل تفسير القضاء لحكمي المادتين (110) ، (113) من قانون التجارة والمادة (4) من نظام المرابحة العثماني يوضحه قرار محكمة التمييز رقم 1459/2005 أيَّما توضيح حيث يقول :-

(( 1. يستفاد من المادة 110 من قانون التجارة ان الدفعات التي تدفع في الحساب الجاري تنتج لمصلحة المسلم على المستلم فائدة تحسب على المعدل القانوني إذا لم تكن معينه بالعقد أو العرف وحيث أن الفائدة المتعلقة بالحساب موضوع هذه الدعوى محدده بالعقد فان تسجيل الفوائد على رصيد الحساب القائم بالنسبة المبينه في العقد بصورة دورية وبشكل مستمر من قبل البنك يتفق واحكام المادة 110 المشار إليها وان المديونية التي تحسب الفوائد عليها هي الرصيد المدين كما هو واقعه في كل مرحلة من مراحل الحساب وان تطبيق أحكام المادة الرابعة من نظام المرابحة العثماني والتي لا تجيز تقاضي فوائد تزيد على رأس المال بغض النظر عن مدة الادانة يستوجب أن لا تزيد الفائدة على مجمل الدفعات التي قبضها المدين على الحساب، أو أن لا تزيد الفائدة التي تستوفي على الرصيد القائم عند اقفال الحساب بعد الاقفال عن هذا الرصيد وحيث أن محكمة الاستئناف لم تخالف ذلك فيكون تطبيقها لاحكام القانون سليماً اما الطريقة التي اوردها المدعي في هذا السبب لتحديد راس المال فهي اضافة إلى انها مخالفة لاحكام المادة 110 من قانون التجارة فانها مخالفة للمنطق والواقع والأصول المحاسبية إذ انها لا تدخل في الاعتبار مدة الزمن التي بقيت اموال المدعى عليها (البنك ) تحت يد المدعية الأولى تجني من وراء توظيفها الارباح بينما تحرم المدعى عليها من ذلك ، ونشير إلى أن استشهاد المميز بالقرار رقم 2273/97 لتبرير ما أورده في هذا السبب هو استشهاد في غير محله ذلك أن القرار المستشهد فيه كما هو وارد في حيثياته يتعلق بتسهيلات في الجاري مدين مقدارها خمسة الاف دينار سحبها المدين عند منحه التسهيلات واقتصرت حركة الحساب بعد ذلك فقط على عمليات قيد الفوائد والعمولات مما يجعل ما ينطبق على الحساب المشار إليه لا ينطبق على الحساب موضوع هذه الدعوى الذي جرى عليه الكثير من عمليات السحب والايداع .

2. يستفاد من المادة 113 من قانون التجارة ، أن قصد المشرع من عبارة نقل الرصيد إلى حساب جديد هو أن يتفق طرفي الحساب على أن الرصيد القائم والناتج عن عملية الترصيد لم يصبح مستحق الأداء بتاريخ الترصيد وانهما اتفقا سواء كان ذلك صراحة أو ضمناً على الاستمرار بالتعامل في هذا الحساب وسواء كان ذلك على الأسس السابقة المتفق عليها أو بناء على أسس جديدة جرى عليها الاتفاق ( ولا يؤثر في ذلك بقاء رقم الحساب على حالة أو أخذه رقماً جديداً الأمر الذي غالباً ما يتحاشاه البنك لانه يحدث إرباكاً للبنك والعميل ولا فائدة منه) . وفي هذه الحالة وهي الاستمرار في التعامل في الحساب لا يستطيع البنك التنفيذ على الضمانات والرهونات المتعلقة بهذا الحساب لان هذا الدين لم يصبح مستحق الأداء وإنما كان الغرض من وقفه تحديد رصيده المدين في تلك المرحلة ليكون طرفاه على اطلاع على مجرياته ومقابل ذلك يستحق البنك الفائدة المتفق عليها إذ لا مبرر لخلاف ذلك لا في القانون ولا في المنطق. وحيث يتبين أن رصيد الحساب موضوع هذه الدعوى اتفق على اعتباره غير مستحق للسداد بالتاريخ المذكور بموجب ملحق اتفاقية نظمت بين طرفيه واتفق بموجبها على تسديده على اقساط نصف سنوية عددها اربعة اقساط فمعنى ذلك وفقاً لاحكام المادة 113 من قانون التجارة أن هذا الدين قد جرى تجديده لمدة جديدة (نقل رصيده إلى حساب جديد) وبذلك تكون الفائدة التي يستحقها البنك عليه هي الفائدة المتفق عليها كما تستحق عليه العمولة المتفق عليها باعتباره حساب عامل ولم تزل هذه الصفة عنه ويستمر ذلك إلى حين اقفاله واعتبار رصيده اصبح مستحق الأداء 0))

– أما بشأن اثبات الربا الفاحش وهو الفائدة التي تزيد على الحد القانوني فقد درج القضاء منذ عام 1953 على أن نص الفقرة (4) من المادة (30) من قانون البينات ينطبق على عقد الإقراض بربا فاحش ، فقد جاء في قرار التمييز رقم 123/1953 ما يلي :-

((1 0 اجازت الفقرة الرابعة من المادة 30 من قانون البينات الإثبات في الالتزامات التعاقدية إذا طعن في العقد بأنه ممنوع بالقانون أو مخالف للنظام العام أو الاداب ، وقد قرر القانون هذه القاعدة الاستثنائية تسهيلاً للكشف عن مخالفة القانون وتحقيقاً لرغبة المشرع في ابطال كل اتفاق غير مشروع ، ويترتب على هذه القاعدة جواز اثبات عدم مشروعية محل العقد أو سببه بالبينة الشفوية خلافاً للأصل الذي يمنع اثبات ما يخالف مضمون السند بمثل هذه البينة ، ولما كان قانون المرابحة يحرم الربا الفاحش وهي الفائدة 9% فإن أي عقد يتضمن فائدة تزيد على هذا الحد يعتبر تعاقداً غير قانوني ومخالفاً للنظام العام ، ويحق لمن يدعي ذلك أن يقيم البينة الشفوية لاثباته ، وقد استقر الفقه والقضاء على هذا الراي ، وبما أن قبول هذه البينة لاثبات مخالفة القانون والنظام العام انما جاء استثناء من الأصل كما أسلفنا فإننا نرى أنه يترتب على المحكمة أن تتشدد في اقتناعها بوقوع هذه المخالفة وأن لا تقبل بمجرد الإدعاء بوجود ربا فاحش ما لم يعين المدعي أصل الدين ومقدار الفائدة غير القانونية التي اضيفت اليه ، وبما أن المحكمة رفضت سماع البينة الشفوية على هذا الادعاء ، فإننا نقرر نقض الحكم المميز واعادة القضية لمحكمة الاستئناف للسير فيها على ضوء هذا القرار )) 0

– ويفرِّق قرار تمييز حقوق رقم 403/1975 بين اثبات الربا الفاحش الجائز استثناءً سنداً للفقرة (4) من المادة (30) بينات وبين اثبات اتخاذ المراباة وسيلة للكسب وموضوع حكم كذب الاقرار الوارد في المادة (1589) من مجلة الأحكام العدلية حيث يقول :-

(( ان اثبات أن المدعى عليه من محترفي الاقراض بالربا يقتضي اثبات اتخاذه المراباة صنعة ووسيلة للكسب ، إن الأحكام المتعلقة بادعاء كذب الاقرار والمنصوص عليها في المادة 1589 من المجلة لا تحول دون تطبيق قواعد الاثبات الواردة في قانون البينات والتي تجيز الاثبات بالشهود اذا طعن في العقد بأنه ممنوع بالقانون أو مخالف للنظام العام حسب نص المادة 30/4 من قانون البينات 0 اذا توصلت محكمة الموضوع الى أن معاملات الاقراض موضوع سندات التأمين تنطوي على الربا الفاحش خلافاً لما جاء فيها ، فإن مقتضيات الفصل بالدعوى توجب أن يقتصر حكمها على تحديد مقدار الدين في كل سند والنزول بفائدته الفاحشة الى الحد القانونية مستحقة من تاريخ استحقاق الدين ( كطلب المدعي ) وحتى السداد التام على أن لا يتجاوز رأس المال عملاً بأحكام المادة الرابعة من نظام المرابحة ومنع المطالبة بالباقي ، وليس الحكم بمنع المطالبة بمبلغ محدد ، ما دامت الفائدة سارية مستمرة لعدم السداد الذي بدونه يستحيل تعيين استحقاق الدائن بمبلغ محدد المقدار )) 0

– والقول بأنه (( لا يرد الادعاء بالربا الفاحش بعد صدور القانون رقم 19/1979 المعدل لقانون البنك المركزي والذي أعطى البنك سلطة إصدار الأوامر في تحديد الحد الأدنى والأعلى لمعدلات الفوائد )) ( قرار تمييز 368/1991) هذا القول ينطبق فقط على البنوك المرخصة من البنك المركزي ولا ينطبق على غيرها من شركات الإقراض أو آحاد الناس ، فدعوى الربا الفاحس لا زالت تسمع اذا توافر شرطها المحدد في المادة السادسة من نظام المرابحة العثماني (( تسمع دعوى استرداد الربا الفاحش ما دامت معاملة الاقراض والاستقراض جارية بين المدين والدائن 0 أما اذا تم أداء الدين وانقطعت المعاملات بين الدائن والمدين فتكون الدعوى غير مسموعة عملاً بالمادة السادسة من نظام المرابحة العثماني )) ( تمييز حقوق 1161/1994 ) 0

رابعاً : الخلاصــــــــــــــــة :-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – ان الوديعة لدى البنوك هي وديعة ناقصة وليس وديعة بالمعنى الذي جاء في القانون المدني والذي يترتب على التصرف فيها اساءة الائتمان ، فالوديعة لدى البنك تصبح ملكاً لـه يتصرف فيها كيف يشاء ، ولكن البنك يلزم برد مثلها لا عينها ويلتزم بردها بنفس العملة التي أودعت بها ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك 0

2 – إن قبول الودائع النقدية من الجمهور هو عمل محصور بالبنوك المرخصة من البنك المركزي وهو أساس عمل البنوك وأحد الأعمال المصرفية التي لا يجوز لغير البنوك ممارستها 0

3 – إن الإقراض وبالرغم كونه من الأعمال المصرفية ليس حكراً على البنوك المرخصة من البنك المركزي بل بإمكان أي شركة من غاياتها الإقراض أن تقوم بذلك شريطة عدم قبول الودائع من الجمهور واقراضها ، وهذا يخضع للحد القانوني للفائدة 9% من المبلغ المقترض واذا تجاوز هذا الحد كان ربا فاحشاً 0

4 – إن النصوص ذات العلاقة بالفائدة في الأردن هي نصوص موزعة بين نظام المرابحة العثماني ، وقانون الربا الفاحش ، وقانون التجارة الأردني ، وقانون البنك المركزي الأردني ، والقانون المدني الأردني ، وقانون أصول المحاكمات المدنية الأردني 0

5 – وجميع القوانين المشار اليها تجيز تقاضي الفائدة من حيث المبدأ إلا القانون المدني حيث تنص المادة (640) منه على ” اذا اشترط في عقد القرض منفعة زائدة على مقتضى العقد سوى توثيق حق المقرض لغا الشرط وصح العقد ” أي أن شرط الفائدة في القروض غير معتبر 0

6 – إلا أن الفقرة (2) من المادة (1448) من القانون المدني نصت على أنه ” عند تطبيق أحكام هذا القانون تراعى أحكام القوانين الخاصة ” وغني عن القول أن أحكام القوانين المشار اليها التي تبيح الفائدة هي قوانين خاصة بالنسبة للقانون المدني 0

7 – والقاعدة الأصل أن الحد القانوني للفائدة الذي لا يجوز تجاوزه هو 9% سنوياً من المبلغ المقترض إلا أن البنك المركزي يجوز لـه أن يحدد حداً أعلى أو أدنى من الفائدة لعمليات البنوك ودائعاً وتسهيلات ، وإذا لم يحدد البنك المركزي ذلك أصبح حد الفائدة للودائع والتسهيلات هو ما يتفق عليه بين البنك وعميله ، وهذا ما هو قائم حالياً 0

8 – إن الفائدة إما أن تكون قانونية أي 9% سنوياً وإما أن تكون اتفاقية ولغايات المطالبة أمام المحاكم ، فإن نص المادة (167) أصول محاكمات مدنية هو الذي يرجع اليه بشأن الفائدة اذا لم يكن قد تم اتفاقاً على الفائدة 0

9 – إن المطالبة بالفائدة أمام المحاكم يجب أن تكون من ضمن الطلبات وداخله في الخصوص الموكل به في الوكالة وإلا لا يجوز الحكم بها لأن المحكمة تكون قد حكمت بما لم يطلب أو تكون الدعوى مقدمة بشأنها من غير ذي صفة 0