دراسة و بحث حول القانون الدولي العام

تعريف القانون الدولي العام:

القانون الدولي كغيره من مواضيع العلوم القانونية ، لم يكن هناك اتفاقا بشأنه ، ولذلك وجدت عدة تعاريف يمكن تصنيف هذه التعاريف في عدة مجموعات أهمها:
المجموعة (1):
تعبر عن التعريفات التقليدية للقانون الدولي، والتي تفيد بأن هذا الأخير هو مجموعة القواعد التي تحدد حقوق وواجبات الدولة في علاقاتها المتبادلة . ومن خلال هذا التعريف يتضح لنا بأن الدولة هي الشخص القانوني الوحيد المخاطب بأحكام القانون الدولي.

المجموعة (2):
هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين أفراد الجماعات المختلفة. و نلاحظ أن مثل هذا التعريف يعتبر أن الفرد هو الشخص القانوني الوحيد ذلك باعتبار أن القانون في نهاية الأمر لا يخاطب إلا الأفراد أي الأشخاص القانونية والطبيعية.

المجموعة (3):
يمكن أن نحددها بتلك التعاريف التي تعبر عن القانون الدولي المعاصر التي تدور حول أن هذا القانون : هو مجموعة القواعد القانونية التي تحكم سلوك أعضاء المجتمع الدولي في إطار العلاقات الدولية ، ومثل هذا التعريف يتسع ليشمل أشخاص قانونية أخرى مثل المنظمات الدولية.

تحديد نطاق القانون الدولي:

قواعد القانون الدولي واجبة الالتزام والتي يفترض أن الجماعة الدولية لا تقوم بخرقها ، فهي قواعد قانونية بأتم معنى الكلمة ، لأنها تتوافر فيها صفات القاعدة القانونية التي درسناها في السنة الماضية ، بحيث هي قواعد ملزمة تنظم السلوك الخارجي للمخاطبين بها ، وفي هذه النقطة هناك فقهاء القانون من يشكك في قانونية قواعد القانون الدولي ، فبالنسبة لأصحاب هذا الطرح فإنه لكي نكون بصدد قانون لابد من وجود سلطة تقوم بإصداره وسلطة أخرى تقوم بتطبيقه وسلطة ثالثة تقوم بتنفيذه .
والسلطة التي تسهر على تشريع وتنفيذ وتطبيق القانون بهذه الكيفية يجب أن تحتكر وسائل الإكراه والقوة لتجبر المخاطبين بأحكام القانون بالخضوع له عند الضرورة ، ومواصفات كهذه غير موجودة على المستوى الدولي لأن المجتمع الدولي يتكون من وحدات تتميز بأنها تتساوى من حيث السيادة ، فعلى الصعيد الدولي لا توجد سلطة تعلو سلطات دولة أخرى ولا توجد سلطة تحتكر وسائل الإكراه لإجبار الدول المنتهكة الأخرى على الخضوع لأحكام القانون .
لكن هذا الطرح غير صحيح من عدة نواحي، فمن ناحية فهو يصور لنا القانون كأنه مجموعة قواعد تقوم بإصدارها السلطة التشريعية ، ومعنى ذلك أن هذا الطرح يقوم بحصر مصادر القانون في التشريع فقط وهذا غير صحيح .
ومن ناحية أخرى فإن الالتزام بالقانون غير مرتبط بوجود السلطة المنظمة وتحتكر وسائل الإكراه بإلزام المخاطبين بأحكام القانون على الالتزام بها ، والدليل على ذلك فإن قواعد القانون للمجتمع الداخلي كثيرا ما تنتهك بالرغم من وجود سلطة تحتكر هذه الوسائل ، وفي حالات أخرى فإن بعض الناس يلتزمون باحترام قواعد القانون بمحض إرادتهم لقناعات أو لأسباب أخرى وليس خوفا من الإكراه المفروض .
فالمجتمع الدولي حديث النشأة مقارنة بالمجتمعات الوطنية ، وفي الوقت الحاضر تبدو لنا منظمة الأمم المتحدة وكأنه لديها سلطة تعلو على الدول الأخرى ويتضح ذلك من خلال تعامل هذه المنظمة مثلا مع المسألة العراقية حيث بداية قامت بإصدار قرارات دولية اتجاه هذه الدولة بعد غزوها للكويت عام 1991 وبعد ذلك استعملت معها وسائل الإكراه وتمثلت في العقوبات الاقتصادية ثم التدخل العسكري طبقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، حيث أجبرت على الخروج من الكويت بالقوة كما نعلم.
ومن هنا ننتهي إلى أن قواعد القانون الدولي كغيرها من قواعد القانون تتميز بالإلزام الذي يتجلى من خلال تحمل المسؤولية الدولية في حالة خرق القانون الدولي ، وعلى الرغم من ذلك فإن المجتمع الدولي كالمجتمعات الوطنية لا تنظمها القواعد القانونية فقط وإنما يخضع في تنظيمه إلى أنماط أخرى من القواعد المنظمة للسلوك كقواعد المجاملات والأخلاق الدولية .

قواعد المجاملات الدولية

هي تلك العادات التي يجري إتباعها استجابة لاعتبارات الملاءمة والتي تساعد على توطيد العلاقات بين الدول وخلق جو من الثقة أو الصداقة المتبادلة ولذلك فإن خرق المجاملات الدولية لا يعتبر بمثابة عمل أو تصرف غير مشروع يثير المسؤولية الدولية وكل ما في الأمر أن عدم الالتزام بالمجاملات الدولية يؤدي إلى تعكير صفو العلاقات الدولية ويعتبر كذلك من الأعمال غير الودية والتي تواجه أو تقابل بالمثل .
ومن أمثلة المجاملات الدولية مراسيم استقبال رؤساء الدول ومراسيم استقبال السفن الحربية وكذلك التحية البحرية ، وهنا تجدر الإشارة إلى أن المجاملة الدولية قد تتحول إلى قاعدة قانونية دولية ملزمة وذلك إذا دخلت مجال القانون الدولي العام بواسطة أحد مصادره كالمعاهدات الدولية أو العرف الدولي أو القرارات الدولية أو المبادئ العامة للقانون والى غير ذلك من المصادر المحددة بنص المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية ، ومثال ذلك الحصانات الدبلوماسية كانت بمثابة مجاملات ثم تحولت إلى قاعدة قانونية دولية أبرمت بشأنها عدة اتفاقيات مثل اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية 1961 واتفاقية فينا للعلاقات القنصلية 1963 ، وفي المقابل فإنه يمكن للقاعدة القانونية الدولية أن تتحول إلى مجرد مجاملة دولية وذلك بخروجها من نطاق القانون الدولي العام كما حدث بالنسبة للتحية البحرية ومسألة استقبال السفن البحرية.

التمييز بين قواعد القانون الدولي وقواعد الأخلاق الدولية:

نعلم بأن معيار التمييز بين الأخلاق والقانون محل خلاف فهناك من يرى بأن : الأخلاق هي قاعدة من قواعد الحياة الفردية ، بينما القانون هو قواعد اجتماعية ، ولكن وجهة النظر هذه تتجاهل أن الأخلاق كما يمكن أن تكون فردية تحدد واجبات الإنسان اتجاه نفسه فإنها يمكن أن تكون اجتماعية تحدد واجبات الفرد تجاه الآخرين ، وهناك من يميز بينهما ومن بين هؤلاء الفقيه الهولندي (غروسيوس) الذي يرى بأن القانون يهتم بالتصرفات الخارجية للإنسان أما الأخلاق فهي تخاطب الضمير الداخلي للإنسان.
وكل هذا معناه أنه لا يمكن الحديث عن قواعد الأخلاق في نطاق المجتمع الدولي الذي يتكون من دول ووحدات دولية أخرى كلها أشخاص قانونية معنوية ينعدم لديها الضمير ومعيار التمييز بين الأخلاق والقانون يكمن بصفة أساسية في عنصر الالتزام ، وتبعا لذلك فإن الإخلال بقاعدة خلقية لا يترتب عليها المسؤولية الدولية على عكس الإخلال بقاعدة قانونية دولية ، ومن أمثلة قواعد الأخلاق على الصعيد الدولي تلك القاعدة التي تفرض على الدول تقديم المساعدة لدولة ما منكوبة مثلا ، وقد تتحول القاعدة الخلقية إلى قاعدة قانونية دولية من خلال المصادر الدولية السالفة الذكر ، وهذا ما حدث بالنسبة لتلك القواعد القانونية المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب والجرحى والمرضى والمدنيين أثناء النزاعات المسلحة حيث كانت في بداية الأمر مجرد قواعد أخلاقية وبعد ذلك أصبحت قواعد قانونية واجبة التطبيق والاحترام من خلال اتفاقيات جنيف الأربعة المبرمة عام 1949 بشأن القانون الدولي الإنساني . أي مجموعة القواعد القانونية الواجبة التطبيق خلال الحروب والنزاعات المسلحة ذلك أن الحرب وإن اعتبرت من الأعمال المحظورة وفقا لنص المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة إلا أنه يمكن اللجوء إليها استنادا إلى نص المادة 51 من الميثاق في إطار ما يعرف بحق الدفاع الشرعي ، وكذلك من خلال تطبيق القواعد القانونية الواردة في ميثاق الأمم المتحدة والمتعلقة باستعمال القوة وفقا للفصل السابع من الميثاق وذلك في حالة تهديد الأمن والسلم الدوليين والإخلال بهما .

أساس القانون الدولي:

على الرغم من إجماع فقهاء القانون الدولي على قانونية قواعد هذا القانون ، أي أنها تتمتع بالصفة الإلزامية ، إلا نهم اختلفوا في أساس هذا الإلزام.

1. المذهب الإرادي:

يتمحور أساس القانون الدولي وفقا لهذا المذهب في الإرادة حيث ينسب إليها الفضل في تكوين القانون وإضفاء علية صفة الإلزام ، ولذلك فإن إرادة الدولة هي أساس القوة الملزمة للقانون الداخلي ، وإرادة الدول هي أساس الإلزام بالنسبة للقانون الدولي ، وأنصار المذهب الإرادي اختلفوا في تحديد المقصود بالإرادة التي تعتبر أساس إلزام قواعد القانون الدولي وقد تجلى هذا الاختلاف في نظريتين هما :

a. نظرية التقييد أو التحديد الذاتي للإرادة المنفردة:

ووفقا لهذه النظرية فإن الدولة لا تعلوها سلطة أخرى يمكن أن تفرض عليها الالتزام بقواعد القانون الدولي ، فالدولة تتمتع بسلطة مطلقة والتزامها بقواعد القانون الدولي يكون باختيارها من دون أي إكراه ، ومعنى هذا أن الدولة هي التي تقيد إرادتها بنفسها وتلتزم بقواعد القانون الدولي . وفقا لمنطق هذه النظرية فإن القانون الدولي ما هو إلا قانون الدولة الذي يهتم بقضاياها الخارجية.
وقد تعرضت هذه النظرية إلى نقد شديد ذلك أنه إذا كان الهدف من القانون هو تقييد الإرادة فكيف يمكن القول بأن هذا القانون يجد أساسه في هذه الإرادة ، ومن ناحية أخرى فإن منطقا كهذا يؤدي إلى هدم القانون الدولي ، فإذا كانت الدولة تلتزم بقواعده بمحض إرادتها فلها أن تتحرر من هذا الالتزام متى شاءت بمحض أو بذات الإرادة .
فالقاعدة القانونية وفقا لهذه النظرية أسيرة مصالح وأهواء الدولة ، فالدولة تلتزم بالقاعدة طالما كانت تخدم مصالحها وتتحلل منها مت أصبحت هذه القاعدة تتعارض مع مصالحها.

b. نظرية الإرادة المتحدة أو المشتركة للدول

وفقا لهذه النظرية فإن الإرادة هي أساس الصفة الملزمة لقواعد القانون الدولي وهذه الإرادة تكمن في الإرادة المشتركة الجماعية الناتجة عن اتحاد إرادات مختلف دول المجتمع الدولي وما يؤاخذ على هذه النظرية أنها تؤدي إلى حصر مصادر القانون الدولي في المعاهدات الدولية فقط ، وذلك أن الالتزامات التي ترتبها المعاهدات ناتجة عن اتفاق الأطراف المتعاقدة فيما بينها ولذلك فإن هذه النظرية لا تفسر الالتزام بقواعد القانون الدولي المستمدة من مصادر أخرى مثل المبادئ العامة للقانون وقرارات المنظمات الدولية ، كما أن هذه النظرية تعرضت بدورها إلى نقد مشابه لما تعرضت لها سابقتها لأنها تؤدي أيضا إلى إضعاف وعدم استقرار قواعد القانون الدولي وذلك لعدم وجود ضمانات تحول دون انسحاب الدول من الإرادة المشتركة التي تؤدي إلى وجود أنظمة قانونية دولية متعددة حيث كل معاهدة يكون لها كيان مستقل عن المعاهدات الأخرى . ونظرا لهذه الانتقادات المذهب الإرادي حاول الفقه الدولي أن يفسر أساس الالتزام بقواعد القانون الدولي بعيدا عن إرادة الدول وهذا ما نلمسه في طرح المذهب الموضوعي.

2. المذهب الموضوعي:

هذا المذهب يبحث في أساس القوة الملزمة لقواعد القانون الدولي خارج إرادة الدول سواء كانت إرادة منفردة مقيدة أو إرادة جماعية مشتركة وهذا المذهب الموضوعي يتمثل في مدرستين.

a. المدرسة القاعدية النمساوية:

تسمى هذه المدرسة بالمدرسة القاعدية لأن أنصارها تصور القانون على أنه جملة من القواعد على شكل هرم وكل قاعدة تستمد قواعدها من القاعدة التي تعلوها، وتسمى بالنمساوية إلى مؤسسيها النمساويين الأول ( كلسن Kelsen ) والثاني ( فالدرومي ) ، وتنطلق هذه المدرسة في بحثها عن أساس الإلزام في قواعد القانون الدولي حيث أنها تعتبر القانون على أنه هيكل هرمي من القواعد تستمد كل قاعدة الزاميتها من القاعدة التي تعلوها ، أي أن القواعد القانونية تتدرج في قوتها بشكل هرمي حتى تصل إلى قمة الهرم الذي يتكون من قاعدة معروفة هي « المتعاقد عبد تعاقده» .
وما يؤاخذ على هذه النظرية أنها حاولت تأسيس الإلزام للقانون الدولي على محض الافتراض.

b. المدرسة الاجتماعية:

تنسب هذه المدرسة إلى بعض الفقهاء الفرنسيين ك : (جورج سال) ، وتنطلق في البحث عن أساس القانون الدولي من خلال نظرتها للقانون على أنه مجرد حدث أو واقع اجتماعي يفرضه الشعور بالتضامن الاجتماعي الذي لا تستطيع الجماعة الاستمرار من دونه .
ويؤاخذ على هذه النظرية أنها تحاول تأسيس القانون الدولي على فكرة غير محددة وهي فكرة التضامن الاجتماعي ، ولذلك حاول بعض أنصار هذه المدرسة استبدال فكرة التضامن الاجتماعي بفكرة الضرورة الاجتماعية .

وأخيرا ما يمكن أن نقف عليه في مسألة أساس القانون الدولي وبعيدا عن الجدال الفقهي الذي دار بشأنه على نحو ما رأينا : فإن القانون الدولي تلتزم به الدولة وتنص على التزامها به في قانونها الوطني ، ولذلك كثيرا ما نجد الدساتير تنص على المبادئ التي تلتزم بها الدولة في سياستها الخارجية وهذه المبادئ تعتبر من صميم قواعد القانون الدولي .

علاقة القانون الدولي بالقانون الداخلي

حيث أن الدولة هي شخص من أشخاص القانون الدولي العام وفي ذات الوقت هي الجهة التي تقوم بخلق القانون الداخلي (في جزء منه ) من خلال سلطتها التشريعية .
فإن القضية تطرح العلاقة بين تواجد الدولة في المجال الخارجي وتواجدها في مجالها الوطني ، وبعبارة أخرى فإن القضية تطرح بشأن العلاقة بين القانون الدولي الذي يحكم سلوك الدولة الخارجي في إطار العلاقات الدولية وبين القانون الداخلي الذي ينظم الشؤون الداخلية للدولة ، وفي إطار الفقه الدولي تعالج هذه القضية في إطار النظريتين تعرف إحداهما بنظرية الثنائية والثانية بنظرية وحدة القانون.

1. نظرية الثنائية :

تفيد هذه النظرية أن لكل من القانون الدولي والقانون الوطني مستقل عن الآخر ، وتبعا لذلك فلا وجود لأية علاقة بينهما ، ويتزعم هذه النظرية الفقيهان Triepl و Anzilotti وهما من أنصار المذهب الإرادي في تحديد طبيعة قواعد القانون الدولي ، ويستند أصحاب هذه النظرية إلى عدة أساليب …. لتبرير وجهة نظرهم والمتمثلة في عدم وجود علاقة مباشرة بين القانون الدولي والقانون الداخلي، ومن بين هذه الأساليب:

• اختلاف مصادر القانونين ، فالقانون الداخلي مصدره الإرادة المنفردة للدولة ، فهي التي تقوم بالتشريع من خلال سلطتها التشريعية ، بينما مصدر القانون الدولي يتمثل في الإرادة المشتركة لمجموعة من الدول.
• اختلاف البناء القانوني في كل من المجتمع الدولي والمجتمعات الداخلية ، ذلك أن الأجهزة المختصة في تشريع وتطبيق وتنفيذ القانون محددة في ظل النظام الداخلي وليست كذلك في إطار النظام القانوني الدولي .
• اختلاف المخاطبين بأحكام القانون في كل من القانونين ، فالقانون الدولي لا يخاطب إلا الدول في حين أن القانون الوطني يخاطب الأفراد .
وهناك عدة نتائج تترتب على الأخذ بنظرية الثنائية :

– بما أن الدولة تقوم بوضع القانون الداخلي وتشترك مع غيرها من الدول في وضع القانون الدولي ، وإن كانت تلتزم بقواعد القانون الدولي إلا أنه إذا حدث وأن قامت بوضع قانون داخلي يتعارض مع القانون الدولي الذي سبق لها الالتزام به فإن هذا القانون يبقى صحيحا وأقصى ما يمكن أن تتعرض له الدولة أنها تتحمل المسؤولية الدولية ، هذه الأخيرة تتمثل في التعويض لا غير .

تطبيق قواعد القانون الدولي في المجال الداخلي:

يكون من خلال عمليتين اثنتين: (الاستقبال والاندماج): أي أن القاعدة القانونية الدولية لا تطبق في إقليم الدولة إلا إذا حولت عن طريق الأجهزة المختصة إلى قاعدة وطنية كأن تصدر في شكل قانون أو مرسوم أو……. ،وفي هذه الحالة تطبق قاعدة القانون الدولي في مجال القانون الوطني باعتبارها قاعدة وطنية .

1. نظرية الثنائية : عدم قيام تنازع بين القانونين لأن كل منهما مستقل ومنفصل عن الآخر لا علاقة بينهما إلا تلك العلاقة التي تتم بينهما في ظل مفكرة الإحالة، كأن يحيل أحد القانونيين مهمة الفصل في قضية معينة إلى قانون آخر ، فعلى سبيل المثال القانون الدولي يحدد فئة الدبلوماسيين ويترك كيفية حماية هؤلاء إلى الدولة التي يمثلون فيها أو الذين يمثلون دولتهم بها في هذه الحالة ، فهناك إحالة من القانون الدولي إلى القانون الداخلي، أو أن يقوم القانون الدولي بتحديد حقوق الأجنبي ويحيل مهمة تحديد الأجنبي إلى القانون الداخلي ، فالدولة عادة من خلال قانون الجنسية تحدد الأشخاص الذين يتمسكون بجنسيتها والأشخاص الأجانب الذين لا يتمتعون بهذه الجنسية .

وإذا أردنا تقييم نظرية الثنائية فإننا نلاحظ ما يلي:

  • أ‌. عدم صحة القول باختلاف مصادر القانونين ، ذلك أن القانون بصفة عامة هو ثمرة الحياة الاجتماعية ، كما أن القول بصدور القانون الدولي من خلال الإرادة المشتركة للدول ومصدر القانون الداخلي يتمثل في الإرادة المنفردة للدولة، قول من شأنه حصر مصادر القانون الداخلي في التشريع فقط ومصادر القانون الدولي في المعاهدات ، والواقع أن مصادر القانون الدولي متعددة مثل ما هي عليه مصادر القانون الداخلي كما سنرى ذلك في المحاضرات اللاحقة ، ومن جهة أخرى لو سلمنا باختلاف مصادر القانونين فإن ذلك لا يؤدي بالضرورة إلى اختلاف القانونين عن بعضهما .
  • ب‌. عدم صحة القول باختلاف المخاطبين بأحكام القانونين على أساس أن الدولة هي المخاطب في ظل القانون الدولي(شخصية اعتبارية) ، وأن الأفراد هم المخاطبون في ظل القانون الداخلي(أشخاص طبـيعيون) ، ذلك أن القانون الداخلي يخاطب كذلك الأشخاص الاعتبارية التابعة له كالدولة والولاية والبلدية و….. وهذا ما نجده تحديدا في فروع القانون العام الداخلي ، وفي المقابل فإننا نجد أيضا أن القانون الدولي يوجه بعض أحكامه للفرد مباشرة وهذا ما نجده بكثرة في أحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان وهما فرعان من فروع القانون الدولي العام . بل وهناك من يرى بأن الفرد هو الشخص القانوني الوحيد للقانون الدولي .
    وما يمكن قوله أنه لا يوجد اختلاف جوهري بين المخاطبين بأحكام القانونين، وعليه لا يمكن القول بانتفاء العلاقة بينهما استنادا على هذه الحجة.
  • ج‌. فيما يتعلق بالاستناد إلى اختلاف البناء القانوني في كل من المجتمع الدولي والمجتمعات الداخلية ، فإن هذا الاستناد في غير محله ، ذلك أن المجتمع الدولي حديث النشأة مقارنة بالمجتمعات الوطنية هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فهو مجرد اختلاف شكلي ولا يؤدي بالضرورة إلى انفصال القانونين عن بعضهما .

2. نظرية الوحدة:

أصحاب هذه النظرية ينتمون إلى المذهب غير الإرادي في تحديد طبيعة قواعد القانون الدولي العام ، ومنطق هذه النظرية يكمن في إعطاء مفهوم موحد للقانون وبالنسبة لهذه النظرية فإن القانون هو عبارة عن كتلة واحدة من المبادئ تحكم مجموع النشاطات الاجتماعية، وعلى ذلك فإن كل من القانونين الدولي والداخلي فرعان يجمعهما أصل واحد ، كما في الشجرة الواحدة فإنه لا يمكن تصور استقلال وانفصال بين أعضائها، فكذلك لا يمكن القول بوجود استقلال وانفصال بين القانونين ما داما ينتميان إلى أصل واحد ، وفي إطار هذا التصور فإن التنازع والتعارض بين القانون الدولي والقانون الوطني أمر وارد وممكن ، والقضية التي يمكن أن تثار هنا هي كيفية حل التنازع بينهما في حالة التعارض، مع العلم بأن حل مثل هذا التنازع لا يتم إلا بالأخذ بأحدهما وإهدار الآخر ، حيث لا يمكن تطبيق القانونين على قضية واحدة ، وبمعنى آخر هل تسمو قواعد القانون الدولي على قواعد القانون الداخلي أم العكس؟
وفي إجابته عن هذه القضية انقسم الفقه المناصر لنظرية الوحدة إلى اتجاهين الأول يقول بسمو قواعد القانون الداخلي على قواعد القانون الدولي ، والثاني يرى بأن قواعد القانون الدولي هي التي تسمو على قواعد القانون الداخلي .

• الاتجاه الأول:( سمو القانون الوطني على القانون الدولي)
يتزعم هذا الاتجاه مجموعة من الفقهاء الألمان ينطوون تحت ما يعرف بمدرسة (بون) ويستند أنصار هذا الاتجاه بقولهم أن القانون الوطني يسمو على القانون الدولي وفق ما يلي :
أ‌- أن الدولة سابقة الوجود على الجماعة الدولية والقانون الداخلي تعبير عن الدولة (الدستور) وهذا القانون هو الذي يحدد اختصاصاتها الخارجية في إطار علاقاتها الدولية ، وهذا يعني أن القانون الدولي مشتق من القانون الداخلي ، وتبعا لذلك فإن القانون الوطني يسمو على القانون الدولي ، فالدولة تستند إلى دستورها وهو قانون داخلي لإبرام المعاهدات الدولية وهي قانون دولي .
ب‌- إن العلاقات الدولية تقوم على أساس مبدأ المساواة في السيادة بين الدول ، وهذا يعني عدم وجود سلطة على الصعيد الدولي تعلو سلطات الدول ، لذلك فالدول حرة في تحديد الالتزامات الدولية التي تلتزم بها ، وحيث أن الدولة تستند في تصرفاتها على قانونها الداخلي بتحديد الالتزامات التي ترتبط بها ، فهذا يعني سمو القانون الداخلي على القانون الدولي.
– ويؤخذ على هذا الطرح أنه لا يتماشى مع الواقع ذلك أن التزامات الدولة في إطار علاقاتها الدولية لا تتأثر بتعديل أو إلغاء القانون الداخلي ، فنهاية الدساتير مثلا لا تؤدي إلى إنهاء العمل في المعاملات الدولية ، ومن ناحية أخرى فكثيرا ما نجد الدول تقوم بإلغاء أو تعديل تشريعاتها الداخلية لتحقيق الملاءمة مع الالتزامات الدولية .

• الاتجاه الثاني (سمو القانون الدولي على القانون الداخلي )
تزعم هذا الاتجاه المدرسة النمساوية وبعض الفقهاء الفرنسيين ، وأنصار هذا الاتجاه اختلفوا في الحجج التي استندوا عليها في التبرير الذي ذهبوا إليه ، فبالنسبة لفقهاء المدرسة النمساوية يقررون بأن الاعتبارات العملية تفرض ضرورة الاعتراف بسمو القانون الدولي على القانون الداخلي ، وذلك على أساس أن قاعدة « المتعاقد عبد تعاقده » تنتمي إلى القانون الدولي .
أما بالنسبة لبقية أنصار هذا الاتجاه فيستندون لتبرير وجهة نظرهم إلى فكرة التفويض أي أن القانون الدولي هو الذي يفوض للدولة أن تقوم بعملية التشريع لرعاياها في حدود إقليمها . مما يوحي أن القانون الداخلي مشتق من القانون الدولي، وأن هذا الخير هو صاحب التفويض في وجوده.
فإذا أردنا تقييم هذا الاتجاه فنلاحظ أنه تعرض لجملة من الانتقادات أهمها :

o من الناحية التاريخية فإن القانون الوطني أسبق في الوجود من القانون الدولي ، وهذا يعني أنه لا يمكن أن نشتق السابق من اللاحق .
o ومن الناحية الشكلية فإن قواعد القانون الداخلي لا يمكن أن تكون باطلة لكونها تتعارض مع قواعد القانون الدولي بصفة تلقائية وإنما يجب أن يكون إلغاؤها بنفس كيفية إصدارها .

الحلول العملية المتبعة :

– من خلال القضاء الدولي والممارسة العملية في الإطار الدولي يلاحظ الأخذ بفكرة اتجاه سمو القانون الدولي عن القانون الداخلي ، ويتضح ذلك من خلال المسؤولية الدولية التي تقع على عاتق الدولة في حال تخاذل أجهزتها التشريعية في إصدار القوانين لتحقيق الملاءمة مع قواعد القانون الدولي ، وهذا الطرح تجسد في القضاء الدولي منذ زمن بعيد ، فعلى سبيل المثال ذهب القضاء الدولي إلى تأكيد مبدأ سمو القانون الدولي على القانون الداخلي منذ سنة 1871 من خلال قضية السفينة «الألباما Alabama» بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية ، وتتلخص وقائع هذه القضية في أن الــ و.م.أ رفعت الدعوى ضد المملكة المتحدة على أساس أن المملكة المتحدة خرقت التزاماتها الدولية وذلك بخرقها مبدأ الحياد حيث سمحت لسفينة الألباما التابعة لإحدى الولايات الأمريكية التي كانت آنذاك في حرب أهلية بأن ترسو على موانئها وتجري عليها إصلاحات ، حيث تمكنت هذه السفينة بعد رجوعها إلى الولايات المتحدة من إغراق عدة سفن حربية أخرى تابعة لولايات أخرى معادية لها ، ولقد دفعت المملكة المتحدة بأنه لم يكن هناك قانون داخلي يجرم استقبال سفن الأطراف المتحاربة ، ولكن محكمة التحكيم رفضت هذا الدفع وحكمت بمسؤولية المملكة المتحدة ، وألزمتها بالتعويض عن الأضرار التي أصابت الأطراف المتضررة بسبب هذه السفينة ، وأكدت محكمة التحكيم بأن عدم وجود هذا القانون في المملكة المتحدة لا يسقط عنها التزامات الإخلال بقاعدة أساسية في القانون الدولي والمتمثلة في قاعدة الحياد ، كما أكدت هيئة التحكيم من خلال هذه القضية على مبدأ سمو القانون الدولي على القانون الداخلي .

وتأكد هذا المبدأ الأخير في الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في القضية التي طرحت بين الــ:و.م.أ وبين الأمم المتحدة وذلك لما قرر الكونغرس الأمريكي وجوب إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في نيويورك باعتبارها منظمة إرهابية .
فمحكمة العدل الدولية ذكًَُّّّرت الـ:و.م.أ بأنه وفقا لاتفاقية المقر المبرمة سنة 1947 بين حكومة الـ:و.م.أ ومنظمة الأمم المتحدة والتي تفيد بأنه لا يمكن لدولة أن تستند لقانونها الداخلي للتهرب من التزاماتها الدولية . وكأن المحكمة في هذه القضية تريد أن تذكَّر الـ:و.م.أ بأنها سبق لها وأن استفادت من هذا المبدأ من خلال قضية الألمباما .
– أما الحلول المتبعة في النظم القانونية الداخلية للدول يتضح من خلال دساتير بعض الدول التي أهلت القاضي الوطني لتطبيق قواعد القانون الدولي دون حاجة إلى إجراء خاص بشأنها ، فالدستور الإيطالي الصادر سنة 1947 ينص في مادته الـ:10 على وجوب مطابقة النظام القانوني الإيطالي لقواعد القانون الدولي، وذات التصرف أخذ به دستور ألمانيا الاتحادية سنة 1949 حيث اعتبر هذا الدستور أن قواعد القانون الدولي العام جزء من الدستور الفيدرالي ولذلك فإن القاضي يملك رفض تطبيق كل قواعد القانون الداخلي الألماني التي تتعارض مع قواعد القانون الدولي العام .
وفيما يتعلق بتطبيق المعاهدات فإذا أردنا النظر في دساتير معظم الدول نجدها تتعارض مع هذه الفكرة بصور أو طرق أخرى مختلفة ويمكن إبراز ذلك في اتجاهين :

الاتجاه الأول:

يعتبر أن المعاهدات التي تبرمها الدولة تأخذ حكم وتطبق بصفة مباشرة في إقليم الدولة وهذا ما أكدته المحكمة الفيدرالية في نيويورك في قرارها الصادر بتاريخ 29/06/1958 والمتضمن عدم إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها منظمة إرهابية يتعارض مع التزامات الـ:و.م.أ وفقا ل باعتبارها منظمة إرهابية يتعارض مع التزامات الـ:و.م.أ وفقا لاتفاقية المقر المبرمة بينها وبين الأمم المتحدة سنة 1947 ، ووفقا لهذا الاتجاه فإن المعاهدات الدولية لكي تصبح سارية المفعول في إطار القانون الداخلي تتطلب بعض الإجراءات البسيطة تنشرها في الجريدة الرسمية للعلم بها.

الاتجاه الثاني :

يتطلب لتطبيق المعاهدات في النظام الداخلي ضرورة إدماجها بواسطة التشريع وفي هذه الحالة فإن القاضي الوطني يطبق المعاهدة الدولية ليست باعتبارها قواعد قانونية دولية وإنما باعتبارها قواعد قانونية داخلية على أساس صدور تشريع بشأنها ، وهذا هو الوضع المتبع في المملكة المتحدة حيث يحتاج تطبيق المعاهدة الدولية في إقليم هذه الدولة ضرورة صدور قانون خاص من البرلمان أو تشريع فرعي من الحكومة لذلك .

الوضع في الجزائر:

فيما يتعلق بالوضع التشريعي في الجزائر يمكن الوقوف عليه من خلال نصوص الدستور الجزائري 1989 المعدل سنة 1996 ، فإن النصوص المتعلقة بالمعاهدات الدولية تتجلى فيما يلي :

1. المادة 77 الفقرة 9 : « يضطلع رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى السلطات التي تخولها إياه صراحة أحكام أخرى في الدستور، بالسلطات والصلاحيات الآتية :- يبرم المعاهدات الدولية ويصادق عليها، »

2. المادة 131 تنص : « يصادق رئيس الجمهورية على اتفاقيات الهدنة، ومعاهدات السلم والتحالف والاتحاد والمعاهدات المتعلقة بحدود الدولة، والمعاهدات المتعلقة بقانون الأشخاص، والمعاهدات التي تترتب عليها نفقات غير واردة في ميزانية الدولة، بعد أن توافق عليها كل غرفة من البرلمان صراحة. »

3. المادة 132 : « المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية، حسب الشروط المنصوص عليها في الدستور، تسمو على القانون. »

4. المادة 165الفقرة 1 : « يفصل المجلس الدستوري، بالإضافة إلى الاختصاصات التي خولتها إياه صراحة أحكام أخرى في الدستور، في دستورية المعاهدات والقوانين، والتنظيمات، إما برأي قبل أن تصبح واجبة التنفيذ، أو بقرار في الحالة العكسية. »

5. المادة 168 : « إذا ارتأى المجلس الدستوري عدم دستورية معاهدة أو اتفاق، أو اتفاقية، فلا يتم التصديق عليها. »

6. المادة 131 : « يصادق رئيس الجمهورية على اتفاقيات الهدنة، ومعاهدات السلم والتحالف والاتحاد والمعاهدات المتعلقة بحدود الدولة، والمعاهدات المتعلقة بقانون الأشخاص، والمعاهدات التي تترتب عليها نفقات غير واردة في ميزانية الدولة، بعد أن توافق عليها كل غرفة من البرلمان صراحة. »

© من خلال ما سبق يتضح لنا أن الجزائر تأخذ بنظرية وحدة القانون مع سمو القانون الدولي على القانون الداخلي .

مصادر القانون الدولي

عادة ما يميز فقهاء القانون الدولي في معرض حديثهم عن المصادر المادية والتكميلية للقانون ، والمقصود بدراستنا لمصادر القانون الدولي هي المصادر الرسمية ، وهي تلك الفنون التي من خلالها تكتسب القاعدة القانونية الدولية صفة الإلزام ، وفقهاء القانون الدولي في دراستهم لمصادر القانون الدولي يستندون إلى نص المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية والتي نصت على ما يلي :

« 1 – وظيفة المحكمة أن تفصل في المنازعات التي ترفع إليها وفقاً لأحكام القانون الدولي، وهي تطبق في هذا الشأن:
( أ ) الاتفاقات الدولية العامة والخاصة التي تضع قواعد معترفاً بها صراحة من جانب الدول المتنازعة.
(ب) العادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون دل عليه تواتر الاستعمال.
(ج) مبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة.
(د ) أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف الأمم ويعتبر هذا أو ذاك مصدراً احتياطياُ لقواعد القانون وذلك مع مراعاة أحكام المادة 59.

2 – لا يترتب على النص المتقدم ذكره أي إخلال بما للمحكمة من سلطة الفصل في القضية وفقاً لمبادئ العدل والإنصاف متى وافق أطراف الدعوى على ذلك. »

– وما يمكن ملاحظته على نص هذه المادة :

 – أنها أهملت مصدرا هاما من مصادر القانون الدولي ويتعلق الأمر بالقرارات الدولية ، ويكفي الإشارة للمسألة العراقية حاليا للتدليل على إلزامية قرارات المنظمات الدولية خاصة إذا ما تعلق الأمر بمنظمة عالمية وعامة ، من مهامها الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين كمنظمة الأمم المتحدة .
 – إن هذا النص مأخوذ حرفيا وبنفس الرقم من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدائمة الدولية والذي اعتمدته عصبة الأمم .
 – هذا النص يتضمن بعض المصطلحات التمييزية فيما يتعلق بالمبادئ العامة للقانون المقبولة في الأمم المتمدنة.

المصدر الأول : المعاهدات الدولية

إن المعاهدات الدولية كمصدر نظمت بعدة معاهدات واتفاقيات وأهم هذه الاتفاقيات اتفاقية فينا بشأن معالجة موضوع إبرام المعاهدات بين الدول، وذلك بتاريخ 23/05/1969.
وكذلك الاتفاقيات الخاصة …….

تعريف المعاهدة الدولية :
يمكن استخلاص تعريف المعاهدة الدولية من نص المادة الثانية الفقرة (ا) من اتفاقية فينا التي تنص على أن : « المعاهدة تعني اتفاق دولي يعقد بين دولتين أو أكثر كتابة ويخضع للقانون الدولي سواء في وثيقة واحدة أو أكثر ، وأيا كانت التسمية التي تطبق عليه ».
– حاولت هذه المادة تعريف المعاهدة بغض النظر عن التسمية أو المصطلحات التي تطلق عليها ، ذلك أن المعاهدة لها عدة مترادفات تؤدي إلى معنى واحد مثل : اتفاق ، اتفاقية، عهد، ميثاق ، بروتوكول التصريح، موادعة، نظام تبادل الخطابات …الخ.
ومن خلال التعريف السابق نلاحظ أن المعاهدة تقوم على 3 عناصر :

1. المعاهدة اتفاق شكلي:
ويقصد بذلك أن المعاهدة تخضع لعملية إبرامها إلى إجراءات محددة كالتوقيع والتصديق والتسجيل ، كما أن المادة 2 / أ حددت مثل هذه الإجراءات بوجود شرط الكتابة سواء كانت في وثيقة واحدة أو في عدة وثائق . وشرط الكتابة يطرح التساؤل حول ما إذا كان كشرط لصحة المعاهدة أو كوسيلة لإثبات المعاهدة.
وحول هذا التساؤل فإن فقهاء القانون الدولي يذهبون إلى أنه ليس هناك ما يحول دون أن تتم المعاهدة بصفة شفوية ، أي أنها لا تستدعي الكتابة ويستدلون على ذلك عادة برفع الراية البيضاء فيما بين المتحاربين كدليل على اتفاق وقف إطلاق النار والعمليات العسكرية بصفة مؤقتة ، ولكن إذا رجعنا إلى ميثاق الأمم المتحدة نجد المادة 102 تنص على ما يلي :
« 1/ كل معاهدة وكل اتفاق دولي يعقده أي عضو من أعضاء “الأمم المتحدة” بعد العمل بهذا الميثاق يجب أن يسجل في أمانة الهيئة وأن تقوم بنشره بأسرع ما يمكن.
2/ ليس لأي طرف في معاهدة أو اتفاق دولي لم يسجل وفقا للفقرة الأولى من هذه المادة أن يتمسك بتلك المعاهدة أو ذلك الاتفاق أمام أي فرع من فروع الأمم المتحدة ».

2. المعاهدة اتفاق يبرم بين أشخاص القانون الدولي :
ومعنى هذا أن المعاهدات الدولية يجب أن تتم بين شخصين وأكثر من أشخاص القانون الدولي ، ومؤدى هذا إلى استبعاد التصرفات الدولية المنفردة من نطاق دراسة المعاهدات كمصدر من مصادر القانون الدولي بالنسبة للأشخاص القانونية الدولية المؤهلة لإبرام المعاهدات الدولية ، فليس هناك خلاف من أن الدولة هي الشخص الرئيسي المخاطب بأحكام القانون الدولي ، والذي هو مؤهل لإبرام كل المعاهدات الدولية ، كما أن التطورات التي شهدتها مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية أدت إلى توسيع أشخاص القانون الدولية ، حيث أن القانون الدولي الإتفاقي المتجسد في ميثاق الأمم المتحدة ( انظر المادة 104من نص الميثاق) وكذلك الفقهاء الدوليين قد أضفوا الشخصية القانونية الدولية على المنظمات الدولية ، أما فيما يتعلق ببعض الكيانات القانونية الأخرى فإن خلافا فقهيا قد ميز توجه القانون الدولي بشأنها ويتعلق الأمر بـبابا الكنيسة الكاثوليكية وحركات التحرر والشركات المتعددة الجنسيات .

– فيما يتعلق ببابا الكنيسة يتمثل في دولة الفاتيكان ومدى تمتعه بالشخصية القانونية فإن هذا نتيجة للسيادة الروحية التي كان يباشرها هذا البابا على العالم المسيحي الكاثوليكي ، وحاليا على الرغم من الاعتراف للكنيسة الكاثوليكية على تبادل السفراء مع باقي الدول وإبرام المعاهدات الدولية فهذه المعاهدات شكليا هي بمثابة معاهدات دولية ، أما من الناحية الموضوعية نجدها كثيرا ما تعالج قضايا داخلية تهم المسيحيين ، وتبعا لذلك تبدو وكأنها تعالج وضعا داخليا .
– أما حركات التحرر الوطني فإن شخصيتها القانونية التي تؤهلها لإبرام المعاهدات الدولية التي تؤسس على أساس مبدأ حق تقرير المصير ، فالاعتراف بهذا الحق على الصعيد الدولي يتبعه اعتراف بصاحب الحق ، حيث لا يمكن تصور الحق من غير صاحبه .
والممارسة العملية أثبتت أن حركات التحرر الوطنية تقوم بإبرام المعاهدات الدولية كما هو الأمر بحركة التحرير الجزائرية مع فرنسا ، وكما هو الشأن عليه بين حركات التحرر الفلسطينية مع الكيان الصهيوني .
أما فيما يتعلق بالشركات المتعددة الجنسيات فإن الفقه الغربي حاول إضفاء هذا الوصف عليها وذلك حتى تكون في منأى من إجراءات الرقابة والتأميم التي تباشرها عليها الدول المضيفة على أساس مبدأ حق الشعوب في السيادة الدائمة على ثرواتها الطبيعية ، بينما هناك جانب فقهي آخر يطلق على هذا النوع من الشركات اسم المشروعات العابرة للحدود القومية على أساس أن هذه الشركات عادة ما تكون مسجلة في دولة محدودة ، وبذلك فهي تنتمي إليها ، وكل ما في الأمر أن نشاطات هذه الشركات تمتد خارج حدود الدولة التي سجُلت فيها من خلال الاستثمار.

3. يجب أن تبرم المعاهدات الدولية وفق قواعد القانون الدولي:
هذا العنصر ينصرف إلى أن موضوع المعاهدات الدولية يجب أن يكون مشروعا ، وأن لا تتعارض بصفة أساسية مع قواعد القانون الدولي الآمرة . لكن الصعوبة تثور في تحديد المقصود بقواعد القانون الدولي الامرة.

تصنيف المعاهدات الدولية

يعتمد الفقه الدولي في تصنيفه للمعاهدات الدولية على معيارين أحدهما شكلي ولآخر موضوعي .
ووفقا للمعيار الموضوعي : يجري التمييز بين المعاهدات الشارعة والمعاهدات العقدية وذلك استنادا للوظيفة القانونية ،فالمعاهدات الشارعة هي تلك المعاهدات المنشئة للقانون ويقصد بها تلك التي يكون الهدف من إبرامها تنظيم العلاقة بين الأطراف من خلال وضع قواعد قانونية تتسم بالعمومية والتجريد على عكس المعاهدات العقدية التي يكون الهدف من إبرامها هو تنظيم العلاقة بين أطرافها بشكل شخصي . و في الوقت الحاضر فإن المعاهدات الشارعة عادة ما تبرم في إطار منظمة دولية أو في مؤتمر دولي ، ومن أمثلة هذا النوع من الاتفاقيات :

اتفاقية فينا للمعاهدات 1969 ،قانون البحار 1963، اتفاقيات جنيف بشأن القانون الدولي الإنساني 1948،……..
بالنسبة للمعاهدات العقدية فهي تخص عدد معين من الدول ، ولا تسمح عادة بالانضمام إليها (تنظيم أمور خاصة بين الدول المتعاقدة ) ، ومن أمثلتها معاهدات الحدود ، التجارة …
وبالنسبة لفقهاء القانون الدولي الذين يميزون بين المعاهدات الشارعة والعقدية وفقا لما سبق ،فهم يرتبون نتيجة على ذلك وتتمثل هذه النتيجة في أن المعاهدات الشارعة هي فقط التي تصلح لأن تكون مصدرا من مصادر القانون الدولي ، وإذا رجعنا إلى المادة38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية فإننا نرى أن هذه النتيجة غير مقبولة ، لأن هذه المادة اعتبرت المعاهدات الدولية سواء كانت عامة أو خاصة مصدرا من مصادر القانون الدولي ، ووفقا للمعيار الشكلي فإن الفقه الدولي يميز بين المعاهدات التامة بأتم معنى الكلمة و بين ما يصطلح على تسميته بالاتفاقيات ذات الشكل المبسط ، ومناط التمييز بين هذين النوعين من المعاهدات يكمن في ضرورة توخي بعض الشروط الشكلية لإبرام المعاهدات . فالمعاهدات ذات الشكل المبسط هي التي تصبح نافذة بمجرد التوقيع عليها ولا تحتاج إلى التصديق عليها ، بينما المعاهدات التامة لابد من التصديق عليها . ومن حيث الأثر القانوني فإنه لا فرق بين هذين النوعين ، حيث لكل منهما يتمتع بالإلزام ووجوب التنفيذ .
وكذلك وفقا للمعيار الشكلي فإنه يمكن التمييز بين المعاهدات الثنائية والمعاهدات الجماعية (متعددة الأطراف) ، وأهمية التمييز بينهما تكمن في مدى قبول أو عدم قبول التحفظ عليها ، لأنه كقاعدة عامة لا يكون التحفظ في المعاهدات الثنائية.

إبرام المعاهدات الدولية:

إن عملية إبرام المعاهدات الدولية يمر بعدة مراحل حيث عادة يجري التفاوض بشأن موضوع المعاهدة أولا ، وفي حال نجاح المفاوضات بين الأطراف فإنه لابد من تحرير المعاهدة فبل التوقيع عليها ، كما أن المعاهدة كقاعدة عامة لا تصبح ملزمة إلا بعد التصديق عليها من طرف أشخاص القانون الدولي ، وقد يقترن ارتضاء الالتزام بالمعاهدة بالتحفظ على بعض أجزاء منها ، ويجب أن تسجل لدى الجهة المعنية ، وإضافة إلى هذا وذاك فإن المعاهدة الدولية يجب أن تتوافر فيها جملة من الشروط الموضوعية وهي:

1. المفاوضات:

المفاوضات بشأن إبرام معاهدة دولية تختلف من معاهدة إلى أخرى ، فبالنسبة للمعاهدة الثنائية فإن مفاوضات إبرامها عادة ما تتم بأسلوب دبلوماسي بشكل يجمع وزير الخارجية بالممثل الدبلوماسي المعتمد بدولته ، أما في المعاهدات المتعددة الأطراف فإن المفاوضات بشأن الاتفاق على موضوعها عادة ما تجري في إطار منظمة دولية أو في إطار مؤتمر دولي يعقد خصيصا لهذا الغرض ، وفيما يتعلق بالأشخاص الذين يحق لهم إجراء المفاوضات باسم ولحساب الدولة فإن العرف الدولي استقر على أن كل من رئيس الدولة ورئيس الحكومة ووزير الخارجية يحق لهم التفاوض دون حاجة إلى وثيقة تفويض وهؤلاء لهم اختصاص عام وشامل ، وأساس ذلك أن عملية إبرام المعاهدات الدولية عادة ما تكون من اختصاص السلطات التنفيذية ، وهؤلاء الثلاثة يمثلونها ، وإذا رجعنا إلى قانون المعاهدات فإننا نجده قد أعفى فئة أخرى من شرط وثيقة التفويض ويتعلق الأمر بالمبعوث الدبلوماسي بالنسبة للتفاوض بين دولته والدول المعتمدة عندها ، إضافة المبعوث المعتمد لدى منظمة دولية أو لدى مؤتمر دولي ، وإضافة إلى ذلك وعلى أساس ما تتمتع به الدولة من سيادة وحرية الاختيار فإنه يمكن أن تختار أي شخص آخر للتفاوض باسمها ولحسابها بشرط أن تزوده بوثيقة تفويض .

2. تحرير المعاهدات:

بعد نجاح المفاوضات تأتي مرحلة تحرير المعاهدات وأول قضية تطرح فيما يتعلق بالتحرير تتمثل في اللغة التي تحرر بها المعاهدة خاصة إذا كانت لغة الأطراف متعددة أو مختلفة .
إن الممارسة الدولية في شأن هذه القضية ليست موحدة، وهناك عدة طرق لمعالجة اللغة التي تحرر بها المعاهدة الدولية :
تحرير المعاهدة بلغة واحدة مثلما متبع في الماضي حيث كانت اللغة اللاتينية هي اللغة التي تحرر بها المعاهدات وحلت اللغة الفرنسية محلها بعد ذلك ، واستمر هذا الوضع إلى غاية الحرب العالمية الأولى .
تحرير المعاهدة بلغتين أو أكثر مع الإعفاء من الأولوية لنص المعاهدة.
تحرير المعاهدة بأكثر من لغة مع عدم إعطاء الأولوية لنص محرر بلغة محددة ، وعلى الرغم من المشاكل التي قد تثيرها هذه الطريقة في تحرير المعاهدات إلا أنها معمول بها على الصعيد الدولي استنادا على مبدأ المساواة في السيادة ، وباعتبار اللغة مظهر من مظاهر السيادة.
وفي الغالب فإن المعاهدات تحرر باللغات المعمول بها في منظمة الأمم المتحدة مع عدم إعطاء الأولوية لأية لغة، وهذه اللغات هي : الفرنسية ، الانجليزية، الروسية ، الصينية، والاسبانية.

3. صياغة المعاهدات

ديباجة- موضوع المعاهدة- بيانات فنية توضيحية أو ملاحق
– الديباجة :وهي مقدمة المعاهدة وتتضمن عادة بيان بأسماء الأطراف ، والممارسة الدولية بهذا الشأن ليست موحدة ، فبعض المعاهدات تتضمن ديباجتها أسماء الأطراف المتعاقدة ، كما نص نص ميثاق الأمم المتحدة في ديباجته (نحن شعوب الأمم المتحدة
وقد آلينا على أنفسنا :أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف، وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية، ……..) .
كما تتضمن الديباجة ذكر الأسباب والأسانيد الداعية إلى إبرام المعاهدة ، وكذلك الأهداف التي تسعى المعاهدة إلى تحقيقها .
– صلب المعاهدة : ويتضمن القواعد التي تم الاتفاق عليها في شكل مواد وقد تكون هذه المواد في أبواب أو فصول أو بنود .
– ملاحق المعاهدة : وهي بيانات تفصيلية ذات طابع فني .

4 . توقيع المعاهدات :

التوقيع إجراء يقوم به شخص من أشخاص القانون الدولي طرف في المعاهدة الدولية ، ويعبر بمقتضاها عند ارتضائه الالتزام بما ورد في المعاهدة ، أي أن التوقيع يِؤدي إلى إضفاء الصفة الرسمية على نصوص المعاهدة التي تم الاتفاق عليها خلال مرحلة التفاوض ، وقانون المعاهدات نص في المادة 12 على الحالات التي تكون فيها المعاهدة ملزمة بالتوقيع عليها وهي بقولها:

« 1/ تعبر الدولة عن ارتضائها الالتزام بمعاهدة بتوقيع ممثلها عليها وذلك في الحالات التالية:

أ-إذا نصت المعاهدة على أن يكون للتوقيع هذا الأثر .
ب-إذا ثبت بطريقة أخرى أن الدول المتفاوضة كانت قد اتفقت على أن يكون للتوقيع هذا الأثر.
ج-إذا بدت فيه الدولة في إعطاء التوقيع هذا الأثر في وثيقة تفويض ممثلها أو عبرت عن ذلك أثناء المفاوضات.

2/ لأغراض الفقرة الأولى من هذه المادة :

أ-يعتبر التوقيع بالأحرف الأولى على نص معاهدة من قبيل التوقيع على المعاهدة إذا ثبت أن الدول المتفاوضة قد اتفقت على ذلك.
ب-يعتبر التوقيع بشرط الرجوع إلى الدولة على معاهدة من جانب ممثل الدولة من قبيل التوقيع الكامل عليها إذا أجازته الدولة بعد ذلك . »

يتضح من خلال هذه المادة أن الحالات التي تكون فيها المعاهدة ملزمة هي :

1-حالة ما نظمت المعاهدة ذاتها نصا يفيد بأنها تصبح ملزمة بمجرد التوقيع عليها ولا تحتاج بذلك إلى إجراء آخر مثل التصديق.
2-حالة ما إذا ثبت بطريقة أخرى أن أطراف المعاهدة قد اتفقوا على أنها تكون ملزمة بالتوقيع عليها .
3-حالة ما إذا تبين من وثيقة التفويض أو أثناء المفاوضات بأن الشخص القانوني الدولي كان يعبر عن إعطاء التوقيع الأثر القانوني للمعاهدة .
كقاعدة عامة نقول أن المعاهدة الدولية تكون ملزمة ويجب التوقيع عليها وتصبح نافذة من تاريخ التوقيع.
4-إذا كانت المعاهدة من النوع الشكل المبسط فإنها تصبح نافذة بمجرد التوقيع عليها .

والتوقيع على المعاهدة بالمعنى الصادق يجب أن يكون من الأشخاص المؤهلين لإبرام المعاهدات الدولية والذين سبقت الإشارة إليهم في معرض حديثنا عن المفاوضات .
والفقه الدولي في إطار معالجته لإجراء التوقيع عادة ما يشير إلى ما يصطلح بتسميته بالتوقيع بالأحرف الأولى ، ذلك أنه إذا كان التوقيع على المعاهدات الدولية يكون بكتابة الإسم الكامل لممثل الدولة المتعاقدة ، إلا أن الممارسة الدولية جاءت ببعض أشكال التوقيع الأخرى من حيث أن ممثلي الأطراف يوقعون بكتابة الأحرف الأولى من أسمائهم.
والحكمة من هذا الشكل من أشكال التوقيع تكمن من أن ممثل الدولة قد يكون مترددا بين قبول أو عدم قبول نصوص معينة من المعاهدة ويحتاج إلى استشارة الجهة المعنية العليا في دولته لإعطاء الموافقة النهائية.
كما يستعمل هذا الشكل للتوقيع في إطار بعض المنظمات الدولية إذا كانت المفاوضات بشأن إبرام المعاهدات تقوم بها أجهزة معينة والتوقيع يكون من اختصاص أجهزة أخرى كما هو الشأن بالنسبة للإتحاد الأوروبي في معاهدة ( ماستريخت ( Maastricht المبرمة في 07/02/1992 ، ولكن التوقيع بالأحرف الأولى قد يكون بالأحرف كاملة في حالة ما إذا ثبت أن أطراف المعاهدة قد اتفقوا على ذلك.
وأخيرا هناك بعض المعاهدات لا يتم التوقيع عليها وهي عادة تلك التي تبرم في إطار منظمة دولية ، حيث تعرض مباشرة على التصديق وذلك بعد إقرارها .

5 -التصديق:

هو التأكيد الرسمي على ارتضاء الالتزام بالمعاهدة التي سبق التوقيع عليها أو إقرارها .
والتصديق إجراء داخلي يقوم به الشخص القانوني الدولي وفقا لدستوره ، ويعلن بمقتضاه قبوله لأحكام المعاهدة والالتزام بتنفيذها . وأول قضية تطرح في دراستنا للتصديق تتمثل في الحكمة من التصديق ، أي لماذا يشترط القانون الدولي التصديق على المعاهدات ؟
-بالنسبة للفقه الدولي فإن هناك اعتبارات علمية قانونية واعتبارات عملية تحدد الحكمة من التصديق ، فالاعتبارات القانونية تتمثل في أن التصديق إقرار بأثر رجعي من جانب الموكل ( الدولة ) على تصرفات الوكيل الذي قام بإبرام المعاهدات الدولية ، ومثل هذا الاعتبار مستمد من الوكالة في القانون الخاص.
والاعتبار العملي يتمثل في أن المعاهدات الدولية قد تعالج موضوعا ذو أهمية كبيرة بالنسبة للدولة مما يستوجب إعطاء الدولة فرصة أخرى لإعادة النظر والتصحيح فيما تريد الإقدام علــــــــــــــــــــــــــيه.
سؤال : هل يمكن للدولة أن لا تقوم بالتصديق على معاهدة قبل التوقيع عليها؟

حرية الدولة في التصديق:

باعتبار التصديق تصرف قانوني تقوم به الدولة وفقا لسلطتها ، فإنه يخضع لسلطة الدولة التقديرية ، وتتجلى حرية الدولة في التصديق من خلال:

أ-للدولة حق اختيار التوقيت المناسب لها لإجراء عملية التصديق ، وقد يتأخر التصديق عدة سنوات من إبرام المعاهدة ،فمثلا المعاهدة التي بين أيدينا والمتمثلة في اتفاقية فينا لقانون المعاهدات المبرمة في مايو 1969 لم يتم التصديق عليها من طرف الجزائر إلا في سنة 1987 ( انظر الجريدة الرسمية عدد 42 لسنة 1987 ).
كذلك لم تقم الجزائر بالتصديق على الاتفاقيات المتعلقة بالعهدين الدوليين لحقوق الإنسان لسنة 1966 إلا في سنة 1989 .
وكذلك إمكانية أن تقوم الدولة برفض التصديق على المعاهدة لأي سبب من الأسباب ، فالكونجرس الأمريكي رفض التصديق على معاهدة فارساي سنة 1919 على الرغم من الجهود التي بذلها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية (ولسن ) للتوصل إلى هذه المعاهدة .
وإن كان عدم التصديق على المعاهدة يعتبر من الأعمال غير الودية التي قد تعكر نقاوة العلاقات ، إلا أنه لا يعتبر بمثابة انتهاك أو خرق لالتزام دولي يرتب على الدولة المسؤولية الدولية ، ومن خلال الممارسة العملية الدولية يتبين أن إحجام الدول عن التصديق على المعاهدات الدولية قد يرجع إلى عدة أسباب من يبنها :
-تغير الظروف التي أبرمت في هذه المعاهدة .
-تجاوز المفاوض للسلطات الممنوحة له بمقتضى وثيقة التفويض.
-أو سبب عيوب الإرادة كإكراه ممثل الدولة على التوقيع على معاهدة أو إفساد إرادته.
من السلطة المختصة بالتصديق؟
عادة القضية تطرح بشأن جهاز الدولة المختص بالتصديق ، وعادة هذه القضية يحكمها القانون الداخلي (عادة الدساتير هي التي تحدد الأجهزة أو السلطات المختصة بعملية التصديق ) ، والممارسة العملية في هذا الشأن تظهر بأن السلطة التنفيذية هي السلطة المختصة بعملية التصديق المتمثلة في رئيس الدولة وهذا هو الوضع السائد في الأنظمة الديمقراطية (سلطة الأفراد ) ، وهناك بعض الدساتير تمنح الاختصاص بالتصديق إلى السلطة التشريعية كما كان الحال عليه في دستور الجمهورية التركية بعد إلغاء الخلافة الإسلامية وإقامة الجمهورية التركية ذات التوجه العلماني ، ودستور الإتحاد السوفيتي سابقا لسنة 1923 ، وفي الوقت الحاضر فإن بعض الدساتير تجعل الاختصاص بالتصديق مشترك بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، حيث يقوم رئيس الدولة بعملية التصديق بعد موافقة البرلمان ، وقد يكون ذلك بالنسبة لبعض المعاهدات أو لكل المعاهدات كما هو الشأن عليه في دستور الجزائر لسنة 1989 المعدل سنة 1996.

التصديق الناقص :

قد تقوم الدولة بالتصديق على معاهدة أبرمتها ولكن بكيفية مختلفة أو معايرة للكيفية المحددة في دستورها ، ومثال ذلك أن يكون الدستور قد أعطى الاختصاص بالتصديق للدولة، ولكن الرئيس قام بالتصديق على المعاهدة من غير موافقة البرلمان عليها ، فمثل هذا التصديق يطلق عليه الفقه الدولي مصطلح التصديق الناقص ، وقد نظر الفقه الدولي في قيمته القانونية . والفقه الدولي في معالجته لهذه القضية لم يقف على رأي واحد وتعددت اتجاهاته وذلك وفقا لما يلي :

الاتجاه الأول:
يذهب أنصار هذا الاتجاه إلى القول بأن التصديق الناقص تصديق صحيح ويستندون إلى حجة وجوب عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ، بمعنى أنه لا يجوز لأية دولة أن تتدخل في الشأن الداخلي لدولة أخرى ، وتفحص مدى موافقة تصرفات رئيس الدولة للدستور الساري فيها وهذا استنادا إلى الفقرة 4 من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة والتي تـــنص على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية ، ومن ناحية أخرى فإنه يصعب التحقق من الأوضاع الدستورية السائدة في مختلف دول المعمورة.

الاتجاه الثاني:
يذهب أنصار هذا الاتجاه عكس الاتجاه الأول ومعناه القول ببطلان التصديق الناقص ، ويستند أنصار هذا الاتجاه في تبرير وجهة نظرهم إلى فكرة الاختصاص . بمعنى أي تصرف لكي يكون مشروعا وصحيحا يجب أن يصدر من ذوي الاختصاص ، ولما كان التصديق ناقص وفقا للمثال السابق ليس من الاختصاص الخالص برئيس الدولة فإنه يقع باطلا.

الاتجاه الثالث:
يذهب أنصار هذا الاتجاه إلى الإقرار بعدم صحة التصديق الناقص والقول بقبوله في ذات الوقت ، بمعنى أن هذا التصديق الناقص هو تصديق غير صحيح والدولة التي أتت به تعتبر قد أتت بفعل غير مشروع مما يحملها المسؤولية الدولية ،وخير تعويض تقدمه هذه الدولة لإسقاط دعوى المسؤولية عنها هو قبول واعتماد ذلك التصديق الناقص .

– وفيما يتعلق بقانون المعاهدات بشأن هذه القضية وبالرجوع إلى المادة 46 والتي تنص على ما يلي :
« 1/ ليس للدولة أن تحتج بأن التعبير عن رضاها الالتزام بالمعاهدة قد تم بالمخالفة لحكم في قانونها الداخلي يتعلق بالاختصاص بعقد المعاهدات كسبب لإبطال هـذا الرضا إلا إذا كانت المخالفة بينة وتعلقت بقاعدة أساسية من قواعد القانون الداخلي.
2/ تعتبر المخالفة بينة إذا كانت واضحة بصورة موضوعية لأيـة دولة تتصرف في هذا الشأن وفق التعامل المعتاد وبحسن نية » .
إذن من خلال هذا النص يتبين لنا أن مخالفة الدستور وهو القانون الأساسي للدولة يعتبر بمثابة مخالفة لقاعدة قانونية ذات أهمية جوهرية ، ولذلك يمكن للدولة أن تستند إلى أن التصديق على المعاهدات كان ناقصا من خلال عدم مطابقته لما نص عليه الدستور اعدم الالتزام بأحكام هذه المعاهدة ، ومن هنا نستنتج إلى أن قانون المعاهدات يعتبر التصديق الناقص غير مشروع .
وفيما يتعلق بالحالات التي يًشترط فيها التصديق على المعاهدات لكي تصبح تلك المعاهدات يمكن القول أن كل المعاهدات لا تنتج آثارها القانونية إلا بعد التصديق عليها باستثناء الحالات التي تكون فيها المعاهدة ملزمة بالتوقيع عليها واتي سبق الإشارة إليها ، أو إذا كانت المعاهدة من المعاهدات ذات الشكل المبسط .
وإذا رجعنا الى قانون المعاهدات فإن المادة 14 منه تنص على الالتزام بالمعاهدات من خلال التصديق عليها وفقا لما يأتي:
« 1/ تعبر الدولة عن رضاها الالتزام بالمعاهدة بالتصديق عليها في إحدى الحالات التالية:
(أ) إذا نصت المعاهدة على أن التعبير عن الرضا يتم بالتصديق؛ أو
(ب) إذا ثبت بطريقة أخرى أن الدول المتفاوضة كانت قد اتفقت على اشتراط التصديق؛ أو
(ج) إذا كان ممثل الدولة قد وقع المعاهدة بشرط التصديق؛ أو
(د) إذا بدت نية الدولة المعنية من وثيقة تفويض ممثلها أن يكون توقيعها مشروطاً بالتصديق على المعاهدة، أو عبرت الدولة عن مثل هذه النية أثناء المفاوضات.
2/ يتم تعبير الدولة عن رضاها الالتزام بالمعاهدة عن طريق قبولها أو الموافقة عليها بشروط مماثلة لتلك التي تطبق على التصديق » .

6-التحفظ على المعاهدات الدولية:

التحفظ هو تصرف صادر عن الإرادة المنفردة لشخص قانوني لشخص قانوني دولي عن ارتضائه للالتزام بالمعاهدة من خلال التوقيع أو التصديق أو الإقرار الرسمي ، ويكون الهدف منه الاستبعاد أو تعديل الأثر القانوني لبض نصوص المعاهدة لتطبيقها على الشخص القانوني الدولي ، والتحفظ قد يكون إعفائيا ( حذف بعض المواد ) وقد يكون تفسيريا .
والتحفظ بهذه الكيفية يجب أن يكون له كيان منفصل عن المعاهدة ، لأنه إذا ورد كنص من نصوصها سواء كان في شكل إعفائي أو تفسيري فإننا لا نكون بصدد تحفظ ، وإنما مثل هذا العمل يعتبر كنص من نصوص المعاهدة ذاتها ، وهناك عدة أسباب تجعل الدولة تلجأ إلى أسلوب التحفظ عند ارتضائها الالتزام بالمعاهدة الدولية ، فمبدأ العالمية يجب أن لا يقضي على مبدأ الخصوصية للشعوب الأخرى ، ولذلك نجد أن العلاقات الدولية تزدهر كلما كانت خصوصية الدول محفوظة . والتحفظ على المعاهدات يعتبر كوسيلة للحفاظ على هذه الخصوصية هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن فكرة الرقابة على السلطة التنفيذية التي تقوم بإبرام المعاهدات يؤدي في كثير من الأحيان إلى إبداء بعض التحفظات على هذه المعاهدات .
وقد تعرض الفقه الدولي إلى قضية مشروعية التحفظات على المعاهدات الدولية ، لكنه اختلف إلى عدة اتجاهات ،وكل اتجاه فقهي تبنى نظرية محددة في تبرير أو عدم تبرير التحفظات التي تجرى على المعاهدة الدولية ، وفي إطار العمل الدولي يمكن الوقوف على عدة نظريات منها :

ا-نظرية الإجماع : اعتمدت هذه النظرية في إطار عصبة الأمم وتفيد بأن التحفظ على المعاهدة ولكي يكون مشروعا يجب أن يحـــــوز على موافقة جميع الأطراف ، وقد استقرت عصبة الأمم على هذه النظرية بمناسبة التحفظات التي أبدتها استراليا على معاهدة المخدرات التي أشرفت عصبة الأمم على إبرامها ، حيث انتهت اللجنة التي حددها مجلس العصبة للنظر في مشروعية التحفظات التي أبدتها استراليا على المعاهدة إلى أن التحفظات لا تكون مشروعة إلا إذا كانت مقبولة من جميع أطراف المعاهدة ، وإن اعترض طرف على هذه التحفظات فأن تلك التحفظات تكون باطلة مطلقا .

ب-نظرية الدول الأمريكية : هذه النظرية تم العمل بها في إطار منظمة الدول الأمريكية وهي منظمة إقليمية أنشئت عام 1948 وتظم الـــ و. م. أ ودول أمريكا الوسطى وغيرها ، ومفاد هذه النظرية أن الدولة المتحفظة يمكن أن تكون طرفا في معاهدة على الرغم من اعتراض بعض الأطراف بشرط عدم سريان النصوص التي جرى التحفظ بشأنها في مواجهة هذه الدول المعترضة على التحفظ ، ويلاحظ على هذه النظرية بأنها غير ملائمة بالنسبة للمعاهدات الشارعة.

ج-نظرية محكمة العدل الدولية : تم التوصل إلى هذه النظرية من خلال المعاهدات الدولية التي أبرمت بإشراف منظمة الأمم المتحدة في 09/12/1948 والمتعلقة بمنع جريمة إبادة الجنس البشري والعقاب عليها ، حيث أبدت بعض دول المعسكر الشرقي آنذاك بعض التحفظات عليها ، ولكن هذه التحفظات قوبلت بمعارضة شديدة من طرف بعض الأطراف الأخرى ، وفي 17/11/1950 طالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة رأيا استشاريا من محكمة العدل الدولية بشأن هذه القضية ، فأفت المحكمة برأيها في 28/05/1951 بما يفيد بأنه يمكن إبداء التحفظات على المعاهدات بالرغم من وجود بعض الأطراف المعارضة بشرط أن لا تتعارض تلك التحفظات مع موضوع وغرض المعاهدة ، وتلك التحفظات تسري في مواجهة الأطراف التي لم تعترض عليها ولا تسري في مواجهة الأطراف التي اعترضت عليها . وهذا الرأي دون في نص المادة 19 من قانون المعاهدات بما يلي :
« للدولة، لدى توقيع معاهدة ما أو التصديق عليها أو قبولها أو إقرارها أو الانضمام إليها، أن تبدي تحفظا، إلا إذا:

(أ) حظرت المعاهدة هذا التحفظ؛ أو
(ب) نصت المعاهدة على أنه لا يجوز أن توضع إلا تحفظات محددة ليس من بينها التحفظ المعني؛ أو
(ج) أن يكون التحفظ، في غير الحالات التي تنص عليها الفقرتان الفرعيتان (أ) و(ب)، منافيا لموضوع المعاهدة وغرضها » .

7- تسجيل المعاهدات الدولية :

لقد سبقت الإشارة إلى هذه الجزيئية في معرض حديثنا في شرط الكتابة على المعاهدات الدولية ووقتها تساءلنا عما إذا كان شرط الكتابة شرط صحة أو شرط إثبات ، ووفقا لنص المادة 80 لقانون المعاهدات فإن تسجيل المعاهدات يكون من خلال :
« 1/ ترسل المعاهدات بعد دخولها حيز التنفيذ إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة لتسجيلها وحفظها بحسب الحال، وكذلك لنشرها.
2/ يشكل تحديد جهة الإيداع تفويضاً لها بالقيام بالأعمال المذكورة في الفقرة السابقة. »
وإذا رجعنا إلى ميثاق الأمم المتحدة في المادة 102 تنص على :

1/ كل معاهدة وكل اتفاق دولي يعقده أي عضو من أعضاء “الأمم المتحدة” بعد العمل بهذا الميثاق يجب أن يسجل في أمانة الهيئة وأن تقوم بنشره بأسرع ما يمكن.
2/ ليس لأي طرف في معاهدة أو اتفاق دولي لم يسجل وفقا للفقرة الأولى من هذه المادة أن يتمسك بتلك المعاهدة أو ذلك الاتفاق أمام أي فرع من فروع “الأمم المتحدة”.
وفيما يتعلق بإجراءات التسجيل فإنها تتمثل في الآتي :

a-يقوم أحد أطراف المعاهدة بطلب تسجيله إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة .
b-إذا كانت الأمم المتحدة طرفا في المعاهدة فإن الأمين العام للأمم المتحدة هو الذي يتقدم بطلب التسجيل .
c-تتم عملية التسجيل في سجل خاص معد لذلك ، يتضمن تقييد المعاهدة مع بيانات عن الأطراف وتواريخ التوقيع والتصديق أو الإقرار الرسمي وتبادل التصديقات.وتاريخ دخول المعاهدة حيز التنفيذ ، وكذلك بيان عن اللغات التي حررت بها هذه المعاهدة .
d-تقوم الأمانة العامة للأمم المتحدة بعد ذلك بنشر المعاهدة في مجموعة خاصة تسمى مجموعة المعاهدات التي نشرتها الأمم المتحدة.
e- تنشر المعاهدة بلغتها الأصلية مصحوبة بترجمة باللغتين الإنجليزية والفرنسية .
f-ترسل هذه المجموعة إلى جميع أعضاء الأمم المتحدة.

آثار المعاهدات الدولية:

إن القاعدة الدولية العامة في هذا المجال أن آثار المعاهدة تنحصر بين أطرافها ، لكن هناك استثناءات حيث تمتد فيها الآثار إلى الغير.

1- آثار المعاهدة على الأطراف المشاركة فيها :
هناك عدة قواعد قانونية تحكم تعامل الدول مع المعاهدات الدولية التي سبق أن ارتضت الالتزام بأحكامها ومن هذه القواعد :
أ- وجوب تنفيذ المعاهدات الدولية بحسن نية: ووفقا لنص المادة 26 من قانون المعاهدات التي تنص :
« كل معاهدة نافذة ملزمة لأطرافها وعليهم تنفيذها بحسن نية ».
ب-عدم رجعية آثار المعاهدات الدولية : ومن هذا المبدأ فإن المعاهدات الدولية لا تسري على القضايا السابقة على إبرامها ، وهذا ما يتضح من خلال نص المادة 28 بحيث تنص :
« ما لم يظهر من المعاهدة قصد مغاير أو يثبت خلاف ذلك بطريقة أخرى لا تلزم نصوص المعاهدة طرفاً فيها بشأن أي تصرف أو واقعة تمت أو أية حالة انتهى وجودها قبل تاريخ دخول المعاهدة حيز التنفيذ بالنسبة لذلك الطرف » .
ج- تحديد النطاق الإقليمي للمعاهدة : تطبيقا لنص المادة 29 بقولها :
« ما لم يظهر من المعاهدة قصد مغاير أو يثبت خلاف ذلك بطريقة أخرى، تلزم نصوص المعاهدة كل طرف فيها بالنسبة لكامل إقليمه » .
د- تطبيق المعاهدات المتطابقة التي تتعلق بموضوع واحد : ودراسة العلوم القانونية تتحدث عن القضايا المنشئة في القانون الدولي . وتنص المادة 30 من قانون المعاهدات على ما يلي :
« 1- مع مراعاة ما جاء في المادة 103 من ميثاق الأمم المتحدة، تتحدد حقوق والتزامات الدول الأطراف في معاهدات متتابعة تتعلق بموضوع واحد وفق الفقرات التالية.
2- إذا نصت المعاهدة على أنها خاضعة لأحكام معاهدة أخرى سابقة أو لاحقة، أو أنها لا ينبغي أن تعتبر غير منسجمة مع مثل هذه المعاهدة فان أحكام المعاهدة الأخرى المعنية هي التي تسود.
3- إذا كان كل الأطراف في المعاهدة السابقة أطرافاً كذلك في المعاهدة اللاحقة دون أن تكون المعاهدة السابقة ملغاة أو معلقة طبقاً للمادة 59، فإن المعاهدة السابقة تنطبق فقط على الحد الذي لا تتعارض فيه نصوصها مع نصوص المعاهدة اللاحقة.
4- إذا لم يكن أطراف المعاهدة اللاحقة جميعاً أطرافاً في المعاهدة السابقة تنطبق القاعدتان التاليتان:
(أ) في العلاقة بين الدول الأطراف في المعاهدتين تنطبق القاعدة الواردة في الفقرة(3)؛
(ب) في العلاقة بين دولة طرف في المعاهدتين ودولة طرف في إحداها فقط تحكم نصوص المعاهدة المشتركة بين الطرفين حقوقهما والتزاماتهما المتبادلة.
5- ليس في حكم الفقرة (4) ما يخل بالمادة 41 أو بأية مسألة تتصل بالقضاء أو وقف العمل بمعاهدة وفقا للمادة 60 أو بأية مسألة تتصل بالمسئولية التي قد تنشأ على الدولة نتيجة عقدها أو تطبيقها لمعاهدة لا تتمشى نصوصها مع التزامات هذه الدولة في مواجهة دولة أخرى في ظل معاهدة أخرى» .
هـ-إحترام المعاهدات في القانون الداخلي: وفقا لنص المادة 27 فإنه :
« لا يجوز لطرف في معاهدة أن يحتج بنصوص قانونه الداخلي كمبرر لإخفاقه في تنفيذ المعاهدة، لا تخل هذه القاعدة بالمادة 46. »

2-آثار المعاهدات بالنسبة للغير:

المقصود ب“الغير“ الأطراف الثالثة التي لم يسبق لها وأن ارتضت الالتزام بالمعاهدة بوسائل ذلك ، وفي الحالات المحددة والقاعدة مثلما وردت في المادة 34 من قانون المعاهدات :
« لا تنشئ المعاهدة التزامات أو حقوقاً للدولة الغير بدون رضاها » .
ولكن هذه القاعدة ليست مطلقة وترد عليها بعض الاستثناءات تمتد من خلالها آثارها إلى الغير وذلك في الحالات الآتية :
أ- المعاهدات المنشئة لمراكز قانونية موضوعية : فالمعاهدات التي تتضمن وضع نظام أساسي إقليمي تلزم الغير كما هو الشأن بالنظام القانوني بشأن “ حياد سويسرا“ الذي وضع في 30/03/1815 .
ب-المعاهدات المتعلقة بطرق المواصلات الدولية البحرية والنهرية : مثل اتفاقية القسطنطينية لسنة 1888 بشأن نظام الملاحة بقناة السويس وكذلك معاهدة لوزان بسويسرا لسنة 1923 بشأن المضايق التركية ( البوسفور والدرنديل ) .
ج-المعاهدات المنشئة لوحدة دولية جديدة: مثلما نص على ذلك ميثاق الأمم المتحدة في الفقرة 6 من المادة 2 بقولها :
« تعمل الهيئة على أن تعمل الدول غير الأعضاء فيها على هذه المبادئ بقدر ما تقتضيه ضرورة حفظ السلم والأمن الدولي» .
د-النص في معاهدة على أن آثارها تمتد إلى دولة أو دول ليست طرفا فيها : بشرط فبول هذه الأخيرة بذلك وهو ما نصت عليه المادة 35 من قانون المعاهدات بقولها :
« ينشأ التزام على الدولة الغير من نص في المعاهدة إذا قصد الأطراف فيها أن يكون هذا النص وسيلة لإنشاء الالتزام وقبلت الدولة الغير ذلك صراحة وكتابة » .
وهناك حالات أخرى تمتد فيها آثار المعاهدات إلى الغير وذلك في حالة :
-شرط الدولة الأكثر رعاية.
-المعاهدات المنشئة لمنظمة دولية.
-المعاهدات المنشئة لدولة جديدة .

تفسير المعاهدات الدولية :

عادة ما تثور مشاكل بين الدول المتعاهدة أثناء تنفيذها للمعاهدات الدولية بشأن المقصود بنص معين من نصوص المعاهدة مما يطرح قضية تفسير المعاهدة على البحث .
وبداية لابد من تحديد الجهة المختصة بالتفسير ما إذا كانت جهة دولية أو وطنية .

1. -التفسير الدولي للمعاهدات الدولية:
قد يكون حكوميا أو قضائيا .
أ-التفسير الحكومي : قد يكون صريحا وقد يكون ضمنيا والتفسير الصريح يتخذ عدة أشكال :
a-قد يكون بمقتضى نصوص تفسيرية في ذات المعاهدة المراد تفسير بعض نصوصها .
b-يكون بمقتضى اتفاق معاصر أو لاحق عن المعاهدة.
c-يكون معاصر للمعاهدة في شكل ملاحق .
d-يكون بمقتضى تصريح إنفرادي وتتم الموافقة عليه من الأطراف الأخرى .
كما أن هذه التفسير ( الرسمي ) قد يرد بصفة ضمنية وذلك في حال ما: إذا تم تنفيذ المعاهدة من فبل أطرافها بطريقة متماثلة دون الإعلان عن ذلك صراحة .
ب-التفسير الدولي القضائي للمعاهدات : يكون بواسطة القضاء أو التحكيم الدوليين ، وقد يكون إلزاميا أو اختياريا ، ويكون إلزاميا في حال ما إذا كان الاتفاق بين الأفراد فبل حدوث الخلاف على وجوب عرضه على جهة قضائية دولية للفصل فيه ، ويكون اختياريا إذا تم الاتفاق على عرض النزاع على القضاء الدولي بعد حدوث النزاع بشأن التفسير .
وما يميز التفسير القضاء الدولي للمعاهدات أن حجية التفسير تبقى قاصرة على أطراف النزاع فقط وفي ذات النزاع لاغير.

2. –التفسير الداخلي أو الوطني للمعاهدات:
إن عملية التفسير الوطني للمعاهدات الدولية تنصرف إلى ما إذا كانت المحاكم الوطنية تختص بتفسير المعاهدات أم لا.
لقد تصدى الفقه الدولي إلى هذه القضية واختلف بشأنها وذهب في ثلاث اتجاهات :

الاتجاه الأول : يذهب إلى رفض اختصاص القضاء الوطني بتفسير المعاهدات الدولية ، لأن مهمة المحاكم الوطنية تنحصر في تطبيق المعاهدات ، بينما تفسير هذه المعاهدات هو عمل حكومي تختص به السلطة التنفيذية واحتراما لمبدأ الفصل بين السلطات فإن ليس من حق السلطة التنفيذية تفسير المعاهدات ، ولذلك وفقا لهذا الاتجاه إذا طرحت قضية تتعلق بتفسير المعاهدات وطنيا فإنه يجب على المحاكم التوقف عن إصدار القرارات.

الاتجاه الثاني : يمكن القول عنه بأنه توفيقي بحيث يميز بشأن المعاهدة الخاضعة للتفسير عما إذا كانت متصلة أو غير متصلة بالنظام العام الدولي ، فإذا كان نص المعاهدة الغامض يحتاج إلى تفسير لا يتصل بالنظام العام الدولي فإن المحاكم الوطنية يمكنها القيام بعملية التفسير ، أما إذا كان هذا النص يتصل بالنظام الدولي العام فإنه يجب على المحاكم الوطنية أن لا تقوم بالتفسير .

الاتجاه الثالث : يرى الاتجاه الراجح من حيث التطبيق أنه لا يمكن للمحاكم الوطنية تولي عملية تفسير المعاهدات الدولية ويجب عليها فقط في عملية تفسيرها أن تراعي القواعد القانونية الدولية المعمول بها في عملية التفسير .
طرق التفسير :
(أنظر المادة 31و32و33 من قانون المعاهدات الدولية _الجريدة الرسمية عدد 42 /1987

بطلان المعاهدات الدولية

هناك أسباب تجعل المعاهدات الدولية باطلة ، وهناك أسباب أخرى تجعلها قابلة للإبطال وهذا الأخير لا يتقرر أو لا يقع إلا إذا طالب الشخص القانوني الدولي لمن تقرر الإبطال لمصلحته ، كما أن المعاهدة الدولية في هذه الحالة تتوفر فيها أسباب القابلية للإبطال ، وعلى الرغم من ذلك فإنها تبقى صحيحة إذا أجازها الدولة الطرف التي تقرر الإبطال لمصلحتها .

1-المعاهدات القابلة للإبطال:

أسباب قابلية الإبطال للمعاهدات الدولية محددة بقانون المعاهدات وهي :
a-الإخلال الواضح بقواعد القانون الداخلي بشأن إبرام المعاهدات الدولية :
وفقا للمادة 46 من قانون المعاهدات بقولها :
« 1/ ليس للدولة أن تحتج بأن التعبير عن رضاها الالتزام بالمعاهدة قد تم بالمخالفة لحكم في قانونها الداخلي يتعلق بالاختصاص بعقد المعاهدات كسبب لإبطال هـذا الرضا إلا إذا كانت المخالفة بينة وتعلقت بقاعدة أساسية من قواعد القانون الداخلي.
2/ تعتبر المخالفة بينة إذا كانت واضحة بصورة موضوعية لأيـة دولة تتصرف في هذا الشأن وفق التعامل المعتاد وبحسن نية » .
كذلك مخالفة القواعد الدستورية المتعلقة بإبرام المعاهدات الدولية ومثاله التصديق الناقص الذي يحق للدولة أو الشخص القانوني الدولي المطالبة بإبطال المعاهدة لهذا السبب.
b-تجاوز ممثل الدولة سلطته : وفقا لنص المادة 47 من قانون المعاهدات الدولية :
« إذا كانت سلطة الممثل في التعبير عن رضا الدولة الالتزام بمعاهدة ما خاضعة لقيد معين فلا يجوز الاحتجاج بإغفال الممثل مراعاة هذا القيد كسبب لإبطال ما عبر عنه من رضا إلا إذا كانت الدول المتفاوضة الأخرى قد أخطرت بالقيد قبل قيام الممثل بالتعبير عن هذا الرضا » .
c-الغلط : وفقا لنص المادة 48 من اتفاقية فينا للمعاهدات :
« 1- يجوز للدولة الاحتجاج بالغلط في المعاهدة كسبب لإبطال رضاها الالتزام بها إذا تعلق الغلط بواقعة أو حالة اعتقدت هذه الدولة بوجودها عند عقد المعاهدة وكانت سبباً أساسياً في رضاها الالتزام بها.
2- لا تنطبق الفقرة(1) إذا كانت الدولة المعنية قد أسهمت بسلوكها في الغلط أو كانت الظروف قد جعلت هذه الدولة على علم باحتمال وقوعه.
3- لا يؤثر الغلط المتعلق فقط بألفاظ المعاهدة، على صحتها. وتطبق في هذه الحالة أحكام المادة 79 » .
ومثال ذلك على ما ورد في الفقرة 3 من هذه المادة : قضية اكتشاف البترول إذ تبرم الدولة مع دولة أخرى معاهدة للاستفادة من البترول لكنها تعطيها معلومات خاطئة عن مكان وجود ه فتكون الدولة في حالة غلط .
ولا يمكن التمسك بالغلط إدا كان الغلط في الصياغة.
d-الغش والتدليس : وفقا لنص المادة 49 من قانون المعاهدات :
« يجوز للدولة التي عقدت المعاهدة بسلوك تدليسى لدولة متفاوضة أخرى أن تحتج بالتدليس كسبب لإبطال رضاها الالتزام بالمعاهدة » .
ومعنى هذا النص أنه : إذا تعمد أحد أطراف المعاهدة خداع الطرف الآخر لحمله على إبرام معاهدة وذلك أن قدم بيانات ومستندات مخالفة للحقيقة يجوز للدولة الطرف التي كانت ضحية السلوك التدليسي أن تطالب إبطال هذه المعاهدة .
e-إفساد ممثل الدولة : فإذا كان تعبير الدولة عن ارتضائها الالتزام بمعاهدة دولية قد صدر نتيجة الإفساد المباشر أو غي المباشر بممثلها بواسطة دولة متفاوضة أخرى يجوز للدولة أن تستند إلى لإبطال ارتضائها الالتزام بالمعاهدة وهذا وفقا لنص المادة 50 من قانون المعاهدات الدولية.
تأثير الإكراه على صحة المعاهدات الدولية
-هل يكون بموجبه البطلان مطلقا أو نسبيا ؟ وهل هناك تمييز بين الإكراه الذي يقع على ممثل الدولة والدولة ذاتها؟
النصوص : تنص المادة 51 من قانون المعاهدات والمعنونة ب” إكراه ممثل الدولة ” :
« ليس لتعبير الدولة عن رضاها الالتزام بمعاهدة والذي تم التوصل إليه بإكراه ممثلها عن طريق أعمال أو تهديدات موجهة ضده أي أثر قانوني » .
و تنص المادة 52 من ذات القانون والمعنونة ب ” إكراه الدولة بالتهديد بالقوة أو استعمالها”:
« تكون المعاهدة باطلة إذا تم التوصل إلى عقدها بطريق التهديد أو استخدام القوة بصورة مخالفة لمبادئ القانون الدولي المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة » .
-يمكن لدولة أن تحتل مناطق دولة أخرى فتقوم بإبرام معاهدات مع الدولة المحتلة مثال : العراق و الـ و. م. أ بعض معاهداتها صحيح وأخرى خاطئة .
و المعاهدات التي تبرم في إطار الاحتلال أو هجوم تكون باطلة بطلانا مطلقا.
-والمعاهدات التي تكون صحيحة على الرغم من أنها تحت استعمال القوة تمت في إطار الدفاع عن النفس وفقا لنص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة ، وكذلك استعمال القوة ضد دولة أخرى وفقا للفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة أي بواسطة استعمال المنظمة لتسوية النزاعات الدولية.
-لا فرق بين المادتين ( 51 و 52 ) من حيث الأثر لأنهما تؤديان إلى إبطال المعاهدات بطلانا مطلقا ، لكن هناك من يقول أن إكراه ممثل الدولة يجعل المعاهدة قابلة للإبطال .
يستشهد الفقه الدولي في معرض حديثه عن الإكراه كسب يؤدي إلى بطلان المعاهدات الدولية إلى تلك المعاهدة المبرمة في 19/11/1905 بين اليابان وكوريا والتي بمقتضاها وُضعت كوريا تحت الحماية اليابانية ، وذلك بعد احتلال اليابان لكوريا و إرغام إمبراطورها وحكومته على إبرام هذه المعاهدة .
-أما فيما يتعلق بإكراه الدولة ذاتها فقد مر بعدة تطورات ، ففي ظل القانون الدولي التقليدي كان لا يؤثر على صحة المعاهدات الدولية ، لأن استعمال القوة آنذاك كان مشروعا في العلاقات الدولية حيث كانت الحرب وسيلة لتسوية الخلافات الدولية . أما وقد أصبح استعمال القوة أو التهديد باستخدامها من القضايا المحظورة في العلاقات الدولية وفقا لنص المادة 02 الفقرة04 فإن :
المعاهدات الدولية التي تبرم تحت طائل الإكراه والموجه ضد الدولة الطرف في المعاهدة تعتبر باطلة بطلانا مطلقا ، ذلك لأن إرادة الدولة تكون منعدمة ، ومثل هذا الإكراه لا يعيب الإرادة فحسب ، وإنما يقيدها ، والدولة التي تُحتل أراضيها لا تكون حرة في إبرامها لمعاهدة مع الدولة التي تقوم بالاحتلال ، كما أن إرادتها تكون مكبلة.

تعارض المعاهدات مع قواعد القانون الدولي الآمرة:

وفقا لنص المادة 53 من قانون المعاهدات فإنه:
« تكون المعاهدة باطلة إذا كانت وقت عقدها تتعارض مع قاعدة آمرة من القواعد العامة للقانون الدولي. لأغراض هذه الاتفاقية يقصد بالقاعدة الآمرة من القواعد العامة للقانون الدولي القاعدة المقبولة والمعترف بها من قبل المجتمع الدولي ككل على أنها القاعـدة التي لا يجوز الإخلال بها والتي لا يمكن تعديلها إلا بقاعدة لاحقة من القواعد العامة للقانون الدولي لها ذات الطابع » .
واستنادا إلى نص المادة 103 من ميثاق الأمم المتحدة واتي تنص على ما يلي:
« إذا تعارضت الالتزامات التي يرتبط بها أعضاء “الأمم المتحدة” وفقا لأحكام هذا الميثاق مع أي التزام دولي آخر يرتبطون به فالعبرة بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق» .
فمن خلال هذا النص يتضح أن المبادئ العامة التي تحكم العلاقات الدولية والتي اُعتبرت كمبادئ أساسية تقوم عليه الهيئة الدولية ، تمثل الحد الأدنى للقواعد القانونية التي تعتبر من قبيل القواعد القانونية الآمرة ، والتي تمثل النظام الدولي العام ، والتي لا يجوز بأية حال من الأحوال من أعضاء المجتمع الدولي المنظم على خلاف ما تقضي به في علاقاتهم الثنائية أو الجماعية ، ومن بين هذه القواعد تلك الواردة في المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة والمتمثلة فيما يلي :
a-مبدأ المساواة في السيادة بين جميع الأعضاء .
b-تنفيذ الالتزامات الدولية بحسن نية .
c-تسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية .
d- الامتناع عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها في العلاقات الدولية .
e-عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى .

سؤال: الإكراه الذي يقع على ممثل الدولة هل تقوم بتصنيفه ضمن البطلان النسبي أو البطلان المطلق؟.

المصدر الثاني : العرف الدولي

إن العرف من مصادر القانون في بعض المجتمعات إذ يحتل المرتبة الأولى ، وبعض المرتبة الثانية . وهو منصوص عليه في المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية التي صنفته في الترتيب الثاني ضمن مصادر القانون الدولي ، وأغلب قواعد القانون الدولي قواعد عرفية تم تقنينها فيما بعد في إطار معاهدات دولية عامة ، والقاعدة العرفية تنشأ من خلال إتباع أشخاص القانون الدولي سلوكا معينا مع توفر القناعة لديهم بإلزامية إتباع ذلك السلوك ، ولذلك فإن فقهاء القانون الدولي يؤسسون العرف كمصدر من مصادر القانون الدولي على عنصرين أو ركنين أحدهما مادي أو واقعي ، والآخر شخصي أو نفسي.

1-العنصر الواقعي أو المادي للعرف:
يتمثل هذا العنصر في السلوك المتبع من طرف أشخاص القانون الدولي ، وهذا الركن الواقعي للعرف يجب أن تتوفر فيه الشروط الآتية :
a-يجب أن يكون هناك سلوك القيام بعمل ، وقد ثار الخلاف أو اختلف الفقه بشأن طبيعة هذا السؤال وخاصة إذا اتخذ الصورة السلبية ( الامتناع عن العمل ).
والرأي الراجح يميل إلى اعتبار أن العرف يتولد من العمل الإيجابي أي القيام بعمل وكذلك العمل السلبي يصلح أن يكون العنصر المادي في العرف الدولي مع الإشارة أن الفقه الدولي يشترط لقبول السلوك السلبي مع القدرة على التصرف.
b-أن يكون السلوك ذو طابع دولي ومعنى ذلك أن السلوك المتبع من طرف شخص أو أشخاص القانون الدولي يجب أن يكون متصلا بموضوع من موضوعات القانون الدولي وليس شأنا داخليا ، وهذه المسألة تثير عدة خلافات فيما يعتبر أو لا يعتبر من الشؤون الداخلية للدولة وخاصة إذا كانت فئة من معينة من أفراد الشعب معرضة للإبادة الجماعية.
ومثال ذلك : القرار 688 فيما يتعلق بحماية أفراد الشعب العراقي في الشمال والجنوب من اضطهاد النظام الحاكم في العراق ، الصادر بعد نهاية حرب الخليج الثانية.
c-يجب أن يكون السلوك عاما ، ومعنى هذا أن السلوك المكون للعنصر المادي للعرف الدولي يجب أن يُتبع من مجموعة من الدول ، والسؤال المطروح هل يُشترط لعمومية السلوك الدولي أن يكون متبعا من طرف كل المجموعة الدولية ، وهل يشترط أن يكون متبعا من طرف الدول الفاعلة في العلاقات الدولية أم لا ؟.
من الناحية النظرية أنه يكفي أن يكون السلوك متبعا من طرف الأغلبية بغض النظر عن مدى فاعليتها في العلاقات الدولية على أساس مبدأ المساواة في السيادة والمقصود بالسيادة هنا السيادة القانونية وليس الفعلية.
d-وجوب استمرار السلوك لفترة زمنية وذلك بكيفية تمكن أشخاص القانون الدولي الأخرى من العلم بالسلوك المتبع ، وكما هو ملاحظ من خلال تطور وسائل الاتصال فإن هذا الشرط تقل أهميته .
e-وجوب تكرار السلوك ، وتكرار السلوك الدولي الذي يكوّن العنصر المادي في العرف هو دليل تواتره فيما يتعلق بالعرف فيكفي لتكرار السلوك ولو لمرة واحدة ، وإذا كان السلوك صادر عن منظمة دولية فإن سابقة واحدة تكفي لتكوين العنصر المادي للعرف الدولي .

2-العنصر المعنوي للعرف:
يعني أن أشخاص القانون الدولي الذين يمارسون سلوكا وفقا للمواصفات السابقة إنما يقومون بذلك وفقا لقانون أي أنهم يقومون به تنفيذا لالتزام دولي أو طلبا لحق لهم ، وهذا تمييزا للقاعدة العرفية عن قاعة الأخلاق والمجاملات ، وتجدر الإشارة إلى أن جانب من الفقه الدولي يركز كثيرا على هذا العنصر ويعتبره العنصر الوحيد الذي يكون العرف الدولي ، ذلك أن العنصر المادي وفقا لهذا الرأي هو مجرد وسيلة لإثبات العرف وليس منشئا له.

المصدر الثالث : المبادئ العامة للقانون

وفقا لنص المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية فإن المبادئ العامة للقانون تعتبر من المصادر الأساسية وعلى الرغم من الملاحظة السابقة التي أوردناها بخصوص النقد الموجه لهذه المادة في بداية دراستنا لمصادر القانون الدولي ومنها ما تعلق بهذا المصدر وذلك في الفقرة (جـ )التي تتحدث عن المبادئ العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة ( المتحضرة ) ، فإن الفقه الدولي اختلف بشأن تحديد المقصود بها ، لكن الرأي الفقهي الراجح يذهب إلى أن المقصود بها : هي تلك المبادئ الواردة في القوانين الداخلة في تشكيلية المجتمع الدولي والتي يمكن تطبيقها كقانون دولي ، ذلك أن بعض المبادئ العامة القانونية هي مبادئ مشتركة في كل الأنظمة القانونية وهي كذلك بالنسبة لفرعي القانون ( العام والخاص )ومثالها : مبدأ تنفيذ العقود أو الالتزامات بحسن نية ، ومبدأ المسؤولية في حال الإخلال بالالتزامات ، ومبدأ عدم تعسف في استعمال الحق ، ومبدأ بطلان التصرفات القانونية لعيوب الإرادة أو لعدم صحة المحل .
وإضافة إلى المبادئ فهناك باقي المصادر التي نصت عليها المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية والتي يمكن الإطلاع عليها من خلال الكتب والمطالعة الفردية .

المجال الدولي
من خلال دراسة المعاهدات فإنه يمكن إبرامها بين أشخاص القانون الدولي العام ، وربما تكون الدولة هي الشخص الرئيسي لقواعد القانون الدولي إضافة إلى المنظمات الدولية ، وبدراسة دستور الدولة فتعرف من خلال عناصرها المادية المكونة لها ، إضافة إلى خصائصها وتبعا لذلك فهي : عبارة عن مجموعة بشرية تعيش في إطار إقليم محدد وتخضع لسلطة من خلال تنظيم سياسي واقتصادي واجتماعي ، ولكي يكتمل مفهوم الدولة لابد من أن يكون كيانها متمتعا بالسيادة والشخصية المعنوية .
ودراسة الشعب والسلطة يدخل في نطاق القانون الدستوري ، ولذلك فإننا سنقتصر في دراستنا للمجال الدولي على ركن الإقليم ( بقية الأركان الأخرى درست في السنة الأولى في كل من القانون الدستوري والمجتمع الدولي ) .
ركن الإقليم يعتبر من العناصر المادية الهامة التي تمارس عليه السلطة وتحدد في إطاره اختصاصات الدولة في مواجهة الدول الأخرى . والإقليم كركن للدولة يتكون من عنصرين أساسيين وهامين لكل دول المعمورة وهما : العنصر البري والعنصر الجوي ، ولكن هناك مجموعة من الدول توصف بأنها دول ساحلية وهي المطلة على البحار والمحيطات وبالتالي فإنه يمكن القول بأن عنصر الإقليم يتكون من عنصرين في بعض الدول ( البري والجوي بالنسبة للدول الداخلية)ومن ثلاثة عناصر بالنسبة للدول الساحلية (الجوي والبري والبحري )
والقواعد القانونية المنظمة للعنصر البحري يُطلق عليها في إطار التخصص ” القانون الدولي للبـــــــــــحار ” وعلى هذا فإن دراسة المجال الدولي تنحصر في دراسة القواعد القانونية الدولية المنظمة للحيز البحري وكذلك المنظمة للمجال الجوي بما فيه الفضاء الخارجي .

أولا : المجال البحري ( القانون الدولي للبحار )

كانت البحار منذ أمد بعيد من المواضيع الحساسة في العلاقات الدولية ، وذلك كونها سبيلا للاتصال ومصدر للرزق والغذاء ، ويكفي للتدليل على ذلك أن الدراسة الحديثة تعتبر أن مصدر التغذية للأجيال القادمة تكمن في قاع البحار وما تحتها ( التراث الإنساني المشترك ) ، أهمية كهذه وردت في القرآن الكريم حيث جاء ذكره في مواضع كثيرة منها ما جاء في سورة إبراهيم الآية 32 « وسخّر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخّر لكم الأنهار ». وأهمية كهذه هي التي تجعله محل صراع منذ نشأة الجماعة الدولية ، لأن بعض الدول حاولت فرض سيطرتها على أجزاء كبيرة من البحار والمحيطات وإخضاعها لسيادتها على أساس قابليتها للحيازة ، وعلى هذا وجد ملوك بريطانيا واسبانيا وبرتغاليا إذ كانوا يصفون أنفسهم بملوك البحار ، وتبعا لهذه المزاعم فقد اتجه الفقه الدولي منذ بداية القرن 17 إلى الانتصار لفكرة مضادة ، فالفقيه الهولندي ( غروسيوس Grotius) ناد بالبحر المفتوح وحرية الملاحة في البحار لمواجهة آراء الفقهاء الإنجليز فيما يتعلق بالبحار المغلقة.
وفي النصف الثاني من القرن العشرين توصل المجتمع الدولي إلى تقنين القواعد المتعلقة بالبحار حيث أُبرمت اتفاقيات جنيف الأربع المتعلقة بقانون البحار سنة 1958 وهي تتعلق ب:
-البحر الإقليمي .
-المنطقة المتاخمة ( الملاصقة والمجاورة ) في أعالي البحار .
-اتفاقية الصيد وصيانة موارد الأحياء المائية بأعالي البحار .
-اتفاقية الامتداد القاري أو الجرف القاري أو الرصيف القاري .
وقد كان لعوامل التقدم العلمي والتكنولوجي وظهور دول جديدة وتطلعها إلى إقامة نظام اقتصادي قانوني دولي جديد يحقق لها التنمية المنشودة ، كما أن لمبدأ السيادة ومحاولة الدول بسط سيطرتها الإقليمية على أجزاء من البحار والمحيطات أثّر في إعادة النظر في قواعد القانون الدولي للبحار ، ولذلك تم إبرام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الموقع عليها في جمايكا سنة 1982م .والتي تحتوي على 320 مادة إضافة إلى 5 مرافق ملحقة بها.
I. ا لبحر الإقليمي:
مع نهاية العصر الوسيط وبداية العصر الحديث ظهر إدعاء السيطرة على البحار والمحيطات ، وبذلك بدأت ملامح تحديد البحر الإقليمي في تلك الفترة . وقد تعددت معايير تحديد البحر الإقليمي في تلك الفترة ، فقد حدّد على أساس ” مد البصر” وجسد ذلك في المعاهدة بين الجزائر وانجلترا سنة 1602 ، كما حدد على أساس المدى الذي تصله قذيفة المدفع المنصوب على الشاطئ ، وقد انعكس ذلك على الفقه الدولي حيث اختلف في تحديد البحر الإقليمي بين 3 أميال إلى 100 ميل بحري ، ونظرا لهذا الاختلاف فقد ذهب رأي فقهي إلى اعتبار البحر الإقليمي جزء من أعالي البحار ، وذهب اتجاه فقهي آخر إلى اعتباره جزء من إقليم الدولة الساحلية الذي تغمره المياه ، وبالنسبة للاتفاقية الأخيرة فقد حسمت في هذه القضية بنصها في المادة 2 منها على ما يلي :
« 1/ تمتد سيادة الدولة الساحلية خارج إقليمها البري ومياهها الداخلية أو مياهها الأرخبيلية إذا كانت دولة أرخبيلية إلى حزام بحري ملاصق يعرف بالبحر الإقليمي.
2/ تمتد هذه السيادة إلى الحيز الجوي فوق البحر الإقليمي وكذلك على قاعه وباطن أرضه.
3/ تمارس السيادة على البحر الإقليمي رهنا بمراعاة أحكام هذه الاتفاقية وغيرها من قواعد القانون الدولي ».

حق المرور البريء :
هناك قيد قد يرد على سيادة الدولة على بحرها الإقليمي يتمثل في حق المرور البريء ويعني:
حق السفن التابعة للدول الأخرى في العبور بالبحر الإقليمي مادام هذا العبور يتسم بالبراءة والمقصود بها أن السفن الأجنبية خلال عبورها البحر الإقليمي للدولة الساحلية لا تلحق أضرارا بمصالح هذه الأخيرة من العبور ، ويكون ذلك بإحدى الصور الآتية :
a-اتخاذ السفينة لطريقها في البحر الإقليمي من غير أن تقصد ميناء أو رصيف تابع للدولة الساحلية.
b- اتخاذ السفينة لطريقها في البحر الإقليمي قاصدة المياه الداخلية للدولة الساحلية.
c- اتخاذ السفينة لطريقها خارجة من المياه الداخلية إلى أعالي البحار.
وبالنسبة للمادة 17 من اتفاقية قانون البحار فإن جميع سفن الدول سواء كانت ساحلية أو غير ساحلية تتمتع بهذا الحق خلال مرورها عبر البحر الإقليمي ، وقد حددت هذا الحق بنصها على أن يكون المرور بريئا مادام لا يضر بالسلم للدولة الساحلية أو بحسن نظامها و بأمنها ، كما حددت هذه المادة الحالات التي لا يكون فيها المرور بريئا ومثال ذلك
أن تقوم السفينة أثناء مرورها بالبحر الإقليمي بأي تهديد بالقوة أو باستعمالها ضد سلامة الدولة الساحلية ، أو أي نشاط آخر لا تكون له علاقة بالمرور.

تحديد البحر الإقليمي:
لكل دولة الحق في أن تحدد عرض بحرها الإقليمي بمسافة لا تتجاوز 12 ميل بحري تقاس من خط الأساس وهو الخط الفاصل بين المياه الداخلية والإقليمية ، ويتمثل وفقا للمادة 5 من الاتفاقية في : «…….أنه حد أدنى جَزر على امتداد الساحل كما هو مبين على الخرائط ذات المقياس الكبير المعترف بها رسميا من قبل الدولة الساحلية » .
وهنالك حالات خاصة لتحديد عرض البحر الإقليمي منها :

1–الخلجان: ( جمع خليج ) والخليج هو منطقة من البحر تتغلغل في الشاطئ نتيجة التعرجات الطبيعية للساحل بحيث يكون بشكل نصف دائرة أو أكثر ، وقطر هذه الدائرة يتمثل في فتحتي التغلغل ، ووفقا للمادة 10 الفقرة 1فإنه يراد بالخليج « ……. انبعاج واضح المعالم يكون توغله بالقياس إلى عرض مدخله على نحو يجعله يحتوي على مياه محصورة بالبر ويشكل أكثر من مجرد انحناء للساحل ، غير أن الانبعاج لا يعتبر خليجا إلا إذا كانت مساحته تعادل أو تفوق مساحة نصف دائرة قطرها يرسم خط عبر مدخل ذلك الانبعاج ».
وفي الفقرة 4 من ذات المادة ورد فيها : « إذا كانت المسافة بين حدي أدنى الجزر لنقطتي المدخل الطبيعي لخليج ما لا تتجاوز 34 ميلا بحريا ،جاز أن يرسم خط فاصل بين حدي أدنى الجزر المذكورين ، وتعتبر المياه الواقعة داخل هذا الخط مياها داخلية ».
لا تنطبق الأحكام الآنفة الذكر على ما يسمى بـــ ” الخلجان التاريخية ” ولا في أية حالة ينطبق عليها نظام خطوط الأساس المستقيمة المنصوص عليها في المادة 07 .
2-المياه الداخلية : تبعا لما سبق فإن المياه الداخلية هي التي تقع بين اليابسة وخط الأساس وحكمها حكم اليابسة ، وباختصار يمكن القول بأن أن البحر الإقليمي أو المياه الإقليمية للدولة الساحلية تكون عنصرا من العناصر التي يتكون منها إقليم الدولة ككل ، وتبعا لذلك فإن الدولة تمارس اختصاصاتها على هذا العنصر وكذلك على الأشخاص بما لها من سيادة ، ولكن سيادة الدولة الساحلية على البحر الإقليمي يرد عليها حق مقرر للسفن الأجنبية وهو حق “” المرور البريء”” وقد حددت المادة 18 من قانون البحار معنى المرور ، وفي كل الأحوال فإن المرور يكون متواصلا وسريعا وإن كان يشتمل على التوقف و الرسو لكن فقط بقدر ما يكون له من مقتضيات الملاحة العادية أو حين تستلزمها قوة قاهرة أو حالة شدة أو حين يكون لغرض تقديم المساعدة لأشخاص أو سفن أو طائرات في حالة شدة .
أما معنى براءة المرور فقد حددتها المادة 19 حيث تضمنت الفقرة 01 أنه : « يكون المرور بريئا مادام لا يضر بسلم الدولة الساحلية أو بحسن نظامها أو بأمنها » . وحددت الفقرة 02 من ذات المادة الحالات التي لا يكون فيها المرور بريئا وهي :
« أ/أي تهديد بالقوة أو أي استعمال لها ضد سيادة الدولة الساحلية أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي أو بأية صورة أخرى انتهاكا لمبادئ القانون الدولي المجسدة في ميثاق الأمم المتحدة.
ب/ أي مناورة أو تدريب بأسلحة من أي نوع .
ج/ أي عمل يهدف إلى جمع معلومات بدفاع الدولة الساحلية أو أمنها.
د/ أي عمل دعائي يهدف إلى المساس بدفاع الدولة الساحلية أو أمنها.
هـ/ إطلاق أي طائرة أو إنزالها أو تحميلها .
و/ إطلاق أي جهاز عسكري أو إنزاله أو تحميله.
ز/ تحميل أو إنزال أي سلعة أو عملة أو شخص خلافا لقوانين وأنظمة الدولة الساحلية الجمركية أو الضريبية أو المتعلقة بالهجرة أو الصحة.
ح/ أي عمل من أعمال التلويث المقصود والخطير يخالف هذه الاتفاقية.
ط/ أي من أنشطة صيد السمك .
ي/ القيام بأنشطة بحث أو مسح.
ك/ أي فعل يهدف إلى التدخل في عمل أي من شبكات المواصلات أو من المرافق أو المنشآت الأخرى للدولة الساحلية .
ل/ أي نشاط آخر ليس له علاقة مباشرة بالمرور » .
وفيما يتعلق بالمركبات الغاطسة والغواصات فيجب أن تبحر فيه رافعة علمها .

واجبات الدولة الساحلية فيما يتعلق بالمرور البريء :
القاعدة العامة المحددة في المادة 24 أن على الدولة الساحلية أن لا تعيق المرور البريء للسفن الأجنبية عبر بحرها الإقليمي ، وتمتنع بصورة خاصة بفرض شروط على السفن الأجنبية يكون أثرها العملي إنكار حق المرور البريء على تلك السفن أو الإخلال به ، أو التمييز القانوني أو الفعلي ضد سفن أية دولة أو ضد السفن التي تحمل بضاعة إلى دولة أخرى أو منها أو لحسابها ، وأيضا أن تقوم بالإعلان المناسب على أي خطر يهدد الملاحة عبر بحرها الإقليمي تعلم بوجوده.
وهناك التزامات أخرى حددتها المادة 26 من قانون البحار تتمثل في عدم جواز فرض رسوم على السفن لمجرد مرورها عبر بحرها الإقليمي ، ويمكن أن تطلب رسوم بالنسبة للسفن التي تقدم لها خدمات بشرط أن يكون هذا الإجراء غير تمييزي .

الولاية الجنائية على ظهر سفينة أجنبية :
وفقا للمادة 27 فإنه لا ينبغي للدولة الساحلية ممارسة الولاية الجنائية على ظهر سفينة أجنبية مارة عبر بحرها الإقليمي من أجل توقيف أي شخص أو إجراء أي تحقيق بصدد أي جريمة اُرتكبت على ظهر السفينة إلا في الحالات الآتية :
1-إذا امتدت نتائج الجريمة إلى الدولة الساحلية.
2-إذا كانت الجريمة من نوع يخل بسلم البلد أو بحسن النظام في البحر الإقليمي .
3-إذا طلب ربان السفينة أو ممثل دبلوماسي أو موظف قنصلي لدولة العلم مساعدة السلطات المحلية .
4-إذا كانت هذه التدابير اللازمة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات أو المواد التي تؤثر على العقل .
ولكن يمكن للدولة الساحلية أن تتخذ الإجراءات التي تأذن بها قوانينها لإجراء توقيف أو تحقيق على ظهر سفينة أجنبية مارة خلال البحر الإقليمي بعد مغادرة مياهها الداخلية .
الولاية المدنية إزاء السفن الأجنبية :
وفقا لنص المادة 28 فإنه لا ينبغي للدولة الساحلية أن توقف سفينة أجنبية مارة خلال بحرها الإقليمي أو أن تحوّل دون اتجاهها لغرض ممارسة ولايتها المدنية فيما يتعلق بشخص موجود على ظهر السفينة ، كما لا يجوز للدولة الساحلية القيام بإجراءات التنفيذ ضبط السفينة أو احتجازها لغرض أي دعوى مدنية إلا فيما يتعلق بالالتزامات التي تتحملها السفينة أو المسؤوليات التي تقع عليها أثناء رحلتها خلال مياه الدولة الساحلية ، ولكن يمكن للدولة الساحلية اتخاذ إجراءات التنفيذ لغرض أي دعوى مدنية ضد أي سفينة أجنبية راسية في بحرها الإقليمي أو مارة به أو أن تحتجزها بعد مغادرة المياه الداخلية .

وضعية السفن الحربية:
السفينة الحربية هي تابعة للقوات المسلحة لدولة ما ، وتحمل العلاقات الخارجية المميزة التي لها جنسية هذه الدولة ، وتكون تحت إمرة ضابط معين رسميا من قبل الحكومة المالكة لتلك السفينة ، ويظهر اسمه في قائمة الخدمة ويشغلها طاقم من الأشخاص خاضع لقواعد الانضباط للقوات المسلحة النظامية .
وفي حال عدم امتثال أية سفينة حربية لقوانين وأنظمة الدولة الساحلية بشأن المرور عبر البحر الإقليمي أو تجاهلت أي طلب يقدم إليها للامتثال لتلك القوانين والأنظمة جاز للدولة الساحلية أن تطلب إليها مغادرة بحرها الإقليمي على الفور .
وفي حالة ما إذا تضررت الدولة الساحلية نتيجة عدم امتثال السفن الحربية أو الحكومية المستعملة لأغراض غير تجارية تابعة لدولة أخرى فإن المسؤولية الدولية تتحملها دولة العلم .
ومما سبق يعتبر كاستثناءات واردة على حصانة السفن الحربية والسفن الحكومية الأخرى المستعملة لأغراض غير تجارية ( مثال يخت ملكة بريطانيا ).

II. المنطقة المتاخمة (المجاورة)
فللدولة الساحلية الحق في منطقة متاخمة لبحرها الإقليمي تعرف ب” المنطقة المتاخمة ” وهذا الحق يتمثل في السيطرة اللازمة من أجل :
1-منع خرق القوانين والأنظمة الجمركية أو المتعلقة بالهجرة أو الصحة داخل إقليمها أو بحرها الإقليمي .
2-المعاقبة على أي خرق القوانين والأنظمة المذكورة أعلاه إذا حصل هذا الخرق داخل الإقليم أو في البحر الإقليمي.
وفيما يتعلق بحدود المنطقة المتاخمة فإنه لا يجوز أن تمتد إلى أبعد من 34 ميل بحري تقاس من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الإقليمي.

نظام المرور العابر في المياه التي تشكل مضائق دولية
المضيق من الناحية الجغرافية هو عبارة عن ممر مائي دولي يفصل بين يابستين ويصل بين بحرين ، ومن أمثلته : جبل طارق ، باب المندب ، تيران ( البحر الأحمر وخليج العقبة ) .
واتفاقية قانون البحار لم تضع قواعد عامة لكل المضايق الدولية ولنظام المرور فيها ، وإنما ميزت بين ثلاثة أنواع من المضائق كما سنرى ، حيث المادة 35 استثنت المضائق التي ينظم المرور فيها بكيفية كلية أو جزئية بمقتضى اتفاقيات دولية قائمة ونافذة منذ زمن بعيد ، وقد قررت الاتفاقية نظام المرور العابر في المضائق الدولية غير المستثناة من تطبيق الجزء الثالث من الاتفاقية ، كما أن هذا النص ينطبق فقط على المضائق المستخدمة للملاحة الدولية والتي تصل بين جزء من أعالي البحار أو منطقة اقتصادية خالصة وجزء آخر من أعالي البحار أو منطقة اقتصادية خالصة .
ووفقا للمادة 38 من اتفاقية قانون البحار فإنه تتمتع جميع السفن والطائرات في المضائق المشار إليها فيما سبق بحق المرور العابر الذي لا يجوز أن يُعاق ، إلا أن المرور العابر لا ينطبق إذا كان المضيق مشكلا بجزيرة للدولة المشاطئة للمضيق وببر هذه الدولة ، ووُجد في اتجاه البحر من الجزيرة طريق في أعالي البحار أو طريق في منطقة اقتصادية خالصة يكون ملائما بقدر مماثل من حيث الخصائص الملاحية .
والمرور العابر هو أن يمارس وفقا لهذا الجزء حرية الملاحة والتحليق لغرض وحيد هو العبور المتواصل والسريع في المضيق بين جزء من أعالي البحار أو منطقة اقتصادية خالصة مجاورة وجزء آخر من أعالي البحار ، ولكن العبور المتواصل والسريع لا يمنع الدخول إلى دولة مشاطئة للمضيق أو مغادرة لها.

وهناك واجبات على السفن والطائرات أثناء المرور العابر يجب التقيد بها منها :

1-يجب أن تمر دون إبطاء سواء خلال المضيق أو فوقه.
2-أن تمتنع عن أي تهديد بالقوة أو استعمالها ضد الدولة المشاطئة للمضيق .
3-أن تمتنع عن أي أنشطة غير تلك الملازمة للأشكال المعتادة لعبورها المتواصل السريع ، إلا إذا أصبح ذلك ضروريا بسبب قوة قاهرة أو حالة شدة.د

وهناك واجبات أخرى على السفن فقط تتمثل في :
1-يجب أن تمتثل للأنظمة والإجراءات للسلامة في البحر.
2-يجب أن تمتثل للأنظمة والإجراءات المتعلقة بمنع التلوث من السفن وحفظه والسيطرة عليه .
وفي مقابل ذلك هناك واجبات يقررها قانون البحار على الدول المشاطئة للمضايق تتمثل عموما في عدم إعاقتها للمرور العابر وكذلك قيامها بالإعلان المناسب عن أي خطر يهدد الإبحار أو التحليق داخل المضيق أو فوقه ، وفي كل الأحوال لا يمكن لها القيام بغلق المضيق أمام المرور العابر.

المرور عبر المضائق الدولية التي تصل بين أعالي البحار أو منطقة اقتصادية خالصة وبين البحر الإقليمي لدولة أجنبية :
هذه المضائق وفقا للمادة 45 فإنه ينطبق عليها نظام المرور البريء شرط عدم قيام الدولة المشاطئة للمضيق بوقف المرور البريء خلال المضيق ( إسرائيل واستعمال لتيران للوصول إلى ايلات ) .

المياه الأرخبيلية المحيطة بالجزر والضحاضيح مثل اندونيسيا تقرر بالنسبة لها وضع خط دائري وكل المياه الواقعة داخل الدائرة تسمى مياه أرخبيلية ولها أن تسمح بالعبور عبرها ما لم يهدد سلامتها .

III. المنطقة الاقتصادية الخالصة :
هي منطقة واقعة وراء البحر الإقليمي وملاصقة له ، يحكمها النظام المحدد في الجزء 05 من الاتفاقية ، وخاصة فيما يتعلق بحقوق الدولة الساحلية وولايتها وحقوق الدول الأخرى .
والمنطقة الاقتصادية الخالصة للدولة الساحلية لا تمتد إلى أكثر من 200 ميل بحري تقاس من خطوط الأساس التي يقاس منها البحر الإقليمي ، والاتفاقية قررت حقوقا وواجبات على الدولة الساحلية فيما يتعلق بهذه المنطقة ، فوفقا للمادة 56 فإن للدولة الساحلية في المنطقة الخالصة :
1-حقوق سيادية : لغرض استكشاف واستغلال الموارد الطبيعية الحية منها وغير الحية للمياه التي تعلو قاع البحر ولقاع البحر وباطن أرضه ، وحفظ هذه الموارد وإدارتها ، وكذلك فيما يتعلق بباقي الأنظمة للاستكشاف والاستغلال الاقتصاديين للمنطقة مثل إنتاج الطاقة من المياه والتيارات والرياح.
2-الولاية على الوجه المنصوص عليه في الأحكام ذات الصلة بهذه الاتفاقية فيما يتعلق بـ:

أ) إقامة واستعمال الجزر الاصطناعية والمنشآت والتركيبات .
ب) البحث العلمي البحري.
ج) حماية البنية البحرية.

وعلى الدولة الساحلية واجبات أخرى تتمثل في :
أثناء ممارستها لحقوقها يجب أن لا يكون على حساب حقوق الدول الأخرى . أما الحقوق المتعلقة بقاع البحر وباطن أرضه فإنها تمارس وفقا للجزء 06 من الاتفاقية .

IV. الجرف القاري:

وفقا للمادة 76 فإنه :
1- يشمل الجرف القاري لأي دولة ساحلية قاع وباطن أرض المساحات المغمورة التي تمتد إلى وراء بحرها الإقليمي في جميع أنحاء الامتداد الطبيعي لإقليم تلك الدولة البري حتى الطرف الخارجي للحافة القارية أو إلى مسافة 200 ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الإقليمي إذا لم يكن الطرف الخارجي للحافة القارية يمتد إلى تلك المسافة .
2- لا يمتد الجرف القاري لأي دولة ساحلية إلى ما وراء الحدود المنصوص عليها في الفقرات 4و5و6 من هذه المادة.
3-تشمل الحافة القارية الامتداد المغمور من الكتلة البرية للدولة الساحلية ، وتتألف من قاع البحر وباطن الأرض للجرف والمنحدر ، ولكنها لا تشمل القاع العميق للمحيط بما فيه من ارتفاعات متطاولة ولا باطن أرضه.
4-أ) لأغراض هذه الاتفاقية تقرر الدولة الساحلية الطرف الخارجي للحافة القارية حيثما امتدت إلى ما يتجاوز 200 ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الإقليمي ، وذلك باستخدام :
-إما خط مرسوم وفقا لنص المادة 07 بالرجوع إلى أبعد النقاط الخارجية الثابتة التي لا يقل سمك الصخور الرسوبية عن كل منها عن 1% من أقصر مسافة من هذه النقطة إلى سفح المنحدر القاري .
-أو خط مرسوم وفقا للفقرة 07 بالرجوع إلى نقاط ثابتة لا تتجاوز 60 ميل بحري من منتهى سفح المنحدر القاري .
ب) يحدد سفح المنحدر القاري في حال عدم وجود دليل على خلاف ذلك بالنقطة التي يحدث فيها أقصى تغير في الانحدار عند قاعدته .

حقوق الدول الساحلية على الجرف :

حددتها المادة 77 من الاتفاقية وهي كما يأتي :
1- تمارس الدولة الساحلية على الجرف القاري سيادته لأغراض استكشاف واستغلال موارده الطبيعية .
2-إن الحقوق المشار إليها في الفقرة 01 خالصة بمعنى أنه إذا لم تقم الدولة الساحلية باستكشاف الجرف أو استغلال موارده الطبيعية فلا يجوز لأحد أن يقوم بهذه الأنشطة من غير موافقة صريحة من الدولة الساحلية.
3-تتألف الموارد الطبيعية المشار إليها في هذا الجزء من الموارد المعدنية وغيرها من الموارد غير الحية بقاع البحار وباطن أرضها ، وبالإضافة إلى الكائنات الحية التي تنتمي إلى الأنواع الآبدة ، أي الكائنات التي تكون فيها المرحلة التي يمكن جنيها ، أما غير المتحركة وموجودة على قاع البحر أو تحته أو غير قادرة على الحركة إلا وهي على اتصال مادي دائم بقاع البحر أو باطن أرضه

النظام القانوني للمياه العلوية والحيز الجوي وحقوق وحريات الدول الأخرى:

إن حقوق الدول الساحلية على جرفها القاري لا تمتد إلى المياه التي تعلو هذا الجرف ولا إلى الحيز الجوي الذي يعلوها ولا إلى حقوق الدول الأخرى في هذه المياه ، فحقوق الدولة الساحلية على جرفها القاري يجب أن لا تتعدى على حرية الملاحة أو التدخل فيها من غير مبرر يبيحه القانون الدولي كضوابط للملاحة في حرية البحار.

V. أعالي البحار:

تتمثل في تلك الأجزاء من البحار والمحيطات التي لا تشملها المنطقة الخالصة أو البحر الإقليمي أو المياه الداخلية لدولة ما ، ولا المياه الأرخبيلية .
وأعالي البحار مفتوحة لجميع الدول ساحلية كانت أو غير ساحلية ، وتخضع لمبدأ ”الملاحة الحرة ” وكذلك حرية التحليق إضافة إلى حرية وضع الخطوط المغمورة وحرية إقامة الجزر الاصطناعية ، وحرية صيد الأسماك ، وحرية البحث العلمي ، وهناك قواعد دولية تحكم البحار العالية وتعتبر بمثابة نظام قانوني لها ، وهذه جملة منها:
1-تخصيص أعالي البحار للأغراض السلمية .
2-عدم جواز إخضاع أي جزء من أعالي البحار لسيادة دولة معينة.

وضعية السفن في أعالي البحار:
حُدد الوضع القانوني للسفن في أعالي البحار بالمادة 92 من الاتفاقية بنصها على ما يأتي:
1-تبحر السفينة تحت علم دولة واحدة فقط وتكون خاضعة لولايتها الخالصة في أعالي البحار إلا إذا تم النص على خلاف ذلك في معاهدة أخرى أو في مقتضى نصوص في هذه الاتفاقية ، ولا يجوز للسفينة أن تغير علمها أثناء رحلة ما ، أو أثناء وجودها في ميناء الزيارة إلا في حالة نقل حقيقي في الملكية أو في التسجيل .
2-لا يجوز للسفينة التي تبحر تحت علمي دولتين أو أعلام أكثر من دولتين مستخدمة إياهما وفقا لاعتبارات الملاءمة أن تدعي لنفسها أي جنسية من هذه الجنسيات أمام أي دولة أخرى ، ويجوز اعتبارها في حكم السفينة عديمة الجنسية.

واجبات دولة العلم:
1-تمارس كل دولة ممارسة فعلية لولايتها أو للولاية والرقابة في الشؤون الإدارية أو التقنية أو الاجتماعية على السفن التي ترفع علمها .
2-وعلى كل دولة بوجه خاص :
أ) أن تمسك سجلا للسفن يتضمن أسماء السفن التي ترفع علمها والصفة الخاصة لهذه السفن .
ب) وأن تضطلع بالولاية بموجب قانونها الداخلي على كل سفينة ترفع علمها .
3-تتخذ كل دولة بالنسبة للسفن التي ترفع علمها ما يلزم من تدابير لتأمين السلامة في البحار وذلك فيما يتعلق بعدة أمور :
أ) بناء السفن ومعداتها وصلاحياتها للإبحار .
ب) تكوين طواقم السفن وشروط العمل الخاصة بهم وتدريبهم آخذة في الاعتبار الصكوك الدولية المنطبقة .
جـ) استخدام الإشارات والمحافظة على الاتصالات ومنع المصادمات .

أما فيما يتعلق بالسفن الحربية في أعالي البحار فلها حصانة تامة من ولاية أية دولة غير دولة العلم ، ونفس القول بالنسبة للسفن المستخدمة في مهمات حكومية ( غير تجارية).

الاختصاص الجزائي في مجال المصادمات والحوادث الملاحية :

1-في حالة وقوع مصادمة أو أية حادثة ملاحية أخرى تتعلق بسفينة في أعالي البحار تؤدي إلى مسؤولية جنائية أو تأديبية لربان السفينة أو أي شخص آخر يعمل في خدمتها .
-لا يجوز أن تتقادم أية دعوى جزائية أو تأديبية ضد ذلك الشخص إلا أمام السلطات القضائية أو لدولة العلم أو للدولة التي يكون الشخص من رعاياها .
2-في المسائل التأديبية تكون الدولة التي أصدرت شهادة ربان السفينة أو شهادة الأهلية أو الترخيص ………المختصة بعد إتباع الطرق القانونية الواجبة ب…………….سحب هذه الشهادة حتى لو كان الحائز لها من غير رعايا الدولة التي أصدرتها .
3-لا تصدر أية سلطات غير سلطات دولة العلم أمرا باحتجاز السفينة أو احتباسها حتى لو كان ذلك على ذمة التحقيق.

ثانيا : المجال الجوي

لم نتمكن من دراسة هذا الجزء نظرا لانتهاء السنة الجامعية والتي تخللتها فترات من الإضرابات والتوقفات عن الدراسة من قبل الطلبة ، ولذا نرجو من كل من يملك هذا الجزء أن ينشره وأجره على الله.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
——————————————————
تمت إعادة النشر بواسطة محاماة نت.