بحث قانوني و دراسة حول الضمانات القانونية للوفاء بالاوراق التجارية

أ/ عيسي العماوي

مقـــدمة.
المبحث الأول : الوفاء بالكمبيالة والسند لأمر.
المطلب الأول : شروط صحة الوفاء،إثباته وآثاره.
المطلب الثاني:التعرض على الوفاء، والوفاء عن طريق التدخل.
المبحث الثاني: الشيك في القانون التجاري الجزائري.
المطلب الأول : تعريف الشيك و إنشاؤه و مميزاته.
المطلب الثاني: تداول الشيك و والوفاء به.
الخـــاتمة.

مقــدمة:

من المعلوم أن الورقة التجارية تنشئ التزاما على محررها بدفع قيمتها بنفسه إلى المستفيد أو الحامل-إذا كان سندا لأمر-،أو بإحالته إلى طرف آخر مدين للمحرر بهذه القيمة هو البنك-في الشيك-،أو التاجر-في الكمبيالة- .وبمقتضى هذه الحوالة يصبح المحال عليه مدينا للمحال بقيمة الورقة، وعليه الوفاء بهذه القيمة في ذمته للمحرر أو المحيل، وإلا كان من حق الحامل أن يرفع الأمر للقضاء لإجباره على الوفاء والمطالبة بالتعويض عن الأضرار الناشئة بامتناعه عن الأداء الودي، طبقا لإجراءات معينة حددتها القوانين التجارية.

وفي ذلك تتشابه أحكام الوفاء بالدين في الأوراق التجارية مع القواعد العامة للوفاء بالديون،إلا أن القوانين المعاصرة قد شددت الجزاء على الامتناع عن الوفاء بقيمة الأوراق التجارية، واهتمت بعامل السرعة في هذا الوفاء مراعاة لمتطلبات العمل التجاري،وتأمينا لتداول هذه الأوراق والثقة فيها.
ولذلك ربطت هذه القوانين الدين على نحو عام بالورقة نفسها بدلا من ربطه بالسبب الذي أنشأه،وحكمت بصحة الوفاء بالدين و بأدائه إلى الحامل دون تكليف بالبحث في أسباب ملكية هذه الورقة.
وبدراسة موضوع الوفاء تتبادر إلى الذهن مجموعة من الأسئلة بعضها مرتبط بشروط صحة الوفاء وكيفية إثباته وآثاره، وأخرى تتعلق بالمعارضة فيه.

المبحث الأول : الوفاء بالكمبيالة والسند لأمر.

يقصد بالوفاء بالكمبيالة والسند لأمر دفع المبلغ الثابت في الورقة التجارية للحامل في معاد الاستحقاق.
وتقديم الورق التجارية للوفاء يتطلب توفر مجموعة من الشروط التي تهم تقديم الورقة التجارية للوفاء ، ثم إن لهذا الوفاء آثارا تترتب في علاقة الأشخاص المرتبطين من خلال الورقة التجارية مع ضرورة إثباته أحيانا.

المطلب الأول : شروط صحة الوفاء،إثباته وآثاره.

من خلال هذا المطلب سنتطرق لشروط صحة الوفاء (الفقرة الأولى). على أن نخصص (الفقرة الثانية) لدراسة إثبات الوفاء وآثاره.

الفقرة الأولى : شروط صحة الوفاء

أولا : زمان ومكان الوفاء

(1 زمان الوفاء :
من خلال استقرائنا يتضح لنا أن المشرع الجزائرى حدد الوقت الذي يجب فيه على حامل الكمبيالة أو السند لأمر أن يطالب الوفاء بمبلغها.و لم يتطرف إلى الكمبيالة الواجبة الوفاء لمجرد الإطلاع وذلك راجع إلى أنها تكون واجبة الأداء بمجرد تقديمها، علما أن التقديم يجب أن يتم في ظرف سنة من تاريخ تحريرها ما لم ينقص أو يزيد الساحب في هذا الأجل أو ينقص منه المظهرون.
ولا تجوز المطالبة بالوفاء بالكمبيالة إذ صادف تاريخ استحقاقها يوم عطلة قانونية إلا في أول يوم عمل موال.أما أيام العطل التي تتخلل الأجل تعتبر داخلة في حسابه.
أضف إلى ذلك أنه لا يدخل اليوم الأول والأخير ضمن الآجال القانونية أو الاتفاقية، مما يعني أنه إذا أهمل الحامل في تقديم الكمبيالة للوفاء بها اعتمادا إلى ما سبق ذكره فإنه لا يمنح أي إمهال قانوني أو قضائي إلا في الأحوال المنصوص عليها حسب المشرع الجزائرى.

(2 مكان الوفاء
تقدم الكمبيالة للوفاء مبدئيا في المكان أو الموطن المذكور ضمن البيانات الإلزامية. فإن لم يذكر مكان الوفاء اعتبر المكان المذكور إلى الجانب المسحوب عليه هو مكان الوفاء وموطن المسحوب عليه ما لم يرد في السند خلاف ذلك.
وإذا لم يعين مكان بجانب اسم المسحوب عليه يعتبر مكانا للوفاء المكان الذي يزاول فيه نشاطه إن كان تاجرا، أو موطنه إن لم يكن تاجرا، فإن لم يعين مكان للوفاء، ولم يكن هناك مكان مبين بجانب اسم المسحوب عليه، ولم يكن له مكان يزاول فيه نشاطه، ولم يكن له موطن، كانت الكمبيالة باطلة.
ويمكن أن يعين محل مختار للوفاء إن تضمنت الكمبيالة بيان الوفاء في محل مختار .ولا يلزم الغير بالوفاء بالكمبيالة الموطنة لديه إلا بأمر كتابي من المسحوب عليه ، فإن وقع الوفاء من قبل الغير دون الأمر المكتوب تحمل تبعة مسؤولية ذلك.
ويمكن أن يقع الوفاء في موطن القابل بالتدخل أو الواسطة أو في موطن الموفي الاحتياطي، أو في إحدى غرف المقاصة.

ثانيا : موضوع وطريقة الوفاء :

يلتزم المدين في الورقة التجارية بالوفاء بمبلغ من النقود الذي يعتبر دائما محلا للوفاء تحت طائلة بطلان الكمبيالة ولما كان موضوع الكمبيالة مبلغا من النقود فإنه يثير بعض المشاكل فيما يخص العملة التي تختلف من بلد لآخر. لذلك أوجد المشرع الجزائرى في بعض الحلول تتمثل فيما يلي :
– إذا اشترط وفاء الكمبيالة بعملة غير متداولة في بلد الوفاء جاز وفاء مبلغها بعملة هذا البلد حسب قيمتها يوم الاستحقاق، غير أن المدين في حالة تأخره عن الوفاء يكون للحامل خيار المطالبة بمبلغ الكمبيالة حسب سعر عملة البلد يوم الاستحقاق أو يوم الوفاء.
– يُتًبع عرف بلد الوفاء في تعين قيمة العملة الأجنبية، ويمكن للساحب أن يشترط في الكمبيالة حصول الوفاء بعملة معينة حيث لا تطبق المقتضيات السالفة الذكر في هذه الحالة .
– وقد يحدث أن يعين مبلغ الكمبيالة بعملة تحمل اسما مشتركا تختلف قيمتها في بلد الإنشاء عن قيمتها في بلد الوفاء، في هذه الحالة يفترض أن الأداء يتم بعملة بلد الوفاء، مع مراعاة قوانين الصرف الجاري بها العمل يوم التقديم للوفاء.
– الأصل أن يتم الوفاء دفعة واحدة وفي هذه الحالة على المسحوب عليه أن يطلب تسليم الكمبيالة موقعا عليها بما يفيد هذا الوفاء، غير أن للمسحوب عليه أن يفرض على الحامل الأداء الجزئي، ولا يحق لهذا الأخير رفض الوفاء الجزئي وهنا على المسحوب عليه أن يطالب بإثبات هذا الوفاء على الكمبيالة وتسليمه توصيلا بما أداه.
– وإذا كان المبدأ أنه لا يجبر الدائن على تسلم شيء آخر غير النقود وإن كانت قيمة الشيء أعلى من القيمة المذكورة في الكمبيالة، غير أنه إذا ارتضى الدائن بقبول غير النقود فعندئذ يكون الوفاء – إذا توفرت شروط صحته- مبرئا لذمة المدين.
أماإذا رضي الحامل بتسليم الشيك على سبيل الوفاء بالكمبيالة فإنه يجب أن يعين في هذا الشيك عدد الكمبيالات الموفاة بهذه الكيفية وتاريخ استحقاقها.
فإذا لم يؤد الشيك وجب إبلاغ الاحتجاج لعدم وفائه إلى الموطن المعين لوفاء الكمبيالة ضمن الأجل المنصوص عليه.
ويتم الاحتجاج بعدم الوفاء بالشيك والتبليغ في إجراء واحد إلا إذا كان الاختصاص المحلي يستدعي تدخل كاتبين للضبط.
وإذا تلقى المسحوب عليه التبليغ ولم يؤد مبلغ الكمبيالة ومصاريف الاحتجاج بعدم وفاء الشيك ومصاريف التبليغ فعليه أن يرجع الكمبيالة للمأمور القائم بالإجراء، ويحرر هذا الأخير فورا احتجاجا بعدم وفاء الكمبيالة، وفي حالة رفض المسحوب عليه إرجاع الكمبيالة حرر في الحين محضر يثبت عدم الإرجاع، ويعفى بالتالي الحامل بالتقيد بإحكام المنصوص عليها قانونيا ، وعدم إرجاع الكمبيالة في هذه الحالة يشكل جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي .

ثالثا:أشخاص عملية الوفاء :

1الأشخاص الملزمون بالوفاء :
– المسحوب عليه القابل: عند قبول المسحوب عليه الكمبيالة يصبح هذا الأخيرة ملتزما التزاما صرفيا بالوفاء في تاريخ الاستحقاق ، وبالتالي يكون هو الملزم الأول بأداء قيمتها، حيث يخول للحامل عند عدم الوفاء ولو كان الساحب ذاته، حق مطالبة المسحوب عليه القابل بدعوى مباشرة ناشئة عن الكمبيالة بكل ما تجوز المطالبة به.
– ويأتي بعده – المسحوب القابل – الشخص المختار للوفاء بها أو الموفي الاحتياطي في حالة رفض المسحوب عليه الوفاء.
– الساحب والمظهرون والضامنون: يكون جميع الموقعين على الكمبيالة ضامنين الوفاء بمبلغها للحامل عند امتناع المسحوب عليه عن الأداء، حيث يحق للحامل أن يوجه الدعوى ضد جميع هؤلاء الأشخاص فرادى أو جماعة دون أن يكون ملزما بإتباع الترتيب الذي صدر به التزامهم.
ولا تمنع الدعوى المقامة على أحد الملتزمين من إقامة الدعوى تجاه الآخرين ولو كانوا لاحقين لمن أقيمت عليه الدعوى أولا.

2الأشخاص المخول لهم حق قبض قيمة الكمبيالة :
لا يجوز أداء المبلغ الثابت بالكمبيالة إلا للحامل الشرعي أو وكيله وكذلك للمظهرة إليه توكيليا. وقد توفى أيضا للدائن المرتهن في حالة تظهير الكمبيالة على سبيل الرهن.
ويعد حاملا شرعيا، كل من أتيت حقه بواسطة سلسلة غير منقطعة من التظهيرات ولو كان التظهير الأخير على بياض. فلا يجبر الحامل على التخلي على الكمبيالة إلا إذا كان سيئ النية وحصل عليها نتيجة ذلك. علما أن المسحوب عليه غير ملزم بفحص صحة توقيعات المظهرين لكنه ملزم بالتأكد من انتظام تسلسل التظهيرات وسلامتها.

الفقرة الثانية:إثبات الوفاء وآثاره :

أولا : إثبات الوفاء :
جرت العادة بأن يدفع المدين قيمة الورقة لقاء استردادها من الحامل موقعا عليها بالتخالص، ولو أنه ترك السند في حيازة الدائن دون أن يطالبه برده وحدث أن تعرض للتظهير من قبل الدائن إلى شخص حسن النية لا يعلم بواقعة الوفاء، عندئذ قد يضطر المدين إلى الوفاء إلى الحامل الجديد مرة أخرى.
لأنه في حالة عدم استرداد الكمبيالة من الحامل لا تبرئ ذمة المسحوب عليه، وبالتالي يكون معرضا للوفاء مرة ثانية إذا عاد إليه الحامل حسن النية. وعلى المسحوب عليه أن يتأكد عند إقدامه على الوفاء أنه يوفي للحامل الشرعي وذلك بالاعتماد على انتظام تسلسل التوقيعات.
ويجوز للمسحوب عليه أن يوفي الكمبيالة جزئيا، غير أنه في هذه الحالة عليه أن يطالب بإثبات هذا الوفاء على الكمبيالة وبتسليمه توصيلا بما أداه.
وإذا كانت الوسيلتان السابقتان تعدان حجة قاطعة لا تقبل إثبات العكس فإن ذلك لا يعني أن المشرع اشترط إتباع هاتين الطريقتين إذ أن هناك الاختيار ومعنى ذلك أن المدين جاز له إثبات الوفاء بكل الوسائل المعمول بها في المجال التجاري، فعدم تسليم الكمبيالة موقعا عليها أو الوصل في الأداء الجزئي لا يفقد المدين حقه في إثبات الوفاء بها بحيث تعد قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس.

ثانيا:آثار الوفاء :
إذا تم الوفاء على الوجه الطبيعي من المسحوب عليه في ميعاد الاستحقاق للحامل الشرعي للكمبيالة، دون معارضة من أحد، فقد انتهت حياة الكمبيالة نهايتها الطبيعية، ذلك انه إذا دفع المدين قيمة الكمبيالة في ميعاد الاستحقاق للحامل الشرعي دون غش أو خطأ جسيم من جانبه ودون معارضة من أحد، برئت ذمته من الدين.
كما تبرئ ذمة جميع الموقعين على الكمبيالة إذا وفى المسحوب عليه الكمبيالة في تاريخ الاستحقاق، باستثناء ذمة الساحب التي لا تبرئ في مواجهة المسحوب عليه إلا إذا كان قد قدم له فعلا مقابل الوفاء.
وإذا قام احد المظهرين بالوفاء فإن ذمته تبرأ من الدين وله حق الرجوع على الملتزمين الذين يضمنونه.
وكذلك الأمر نفسه بالنسبة للضامن الاحتياطي حيث له أن يرجع بعد أدائه على المضمون والملزمين السابقين لهذا المضمون.

المطلب الثاني:التعرض على الوفاء، والوفاء عن طريق التدخل.

إن التعرض على الوفاء يثير إشكاليات كثيرة، الأمر الذي دفع بالمشرع الجزائرى إلى أن يحضره ويمنعه، ما عدا بعض الحالات الاستثنائية (الفقرة الأولى) كما أن للوفاء بالتدخل أهميته وشروطه (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : التعرض على الوفاء

أولا : قاعدة حظر التعرض على الوفاء
إذا كان من الجائر مبدئيا للدائن في القانون المدني، أن يتعرض على الوفاء لمدينه، أو أن يقوم بإجراء حجز ما للمدين بين يدي الغير، وفقا لما ينص عليه القانون التجارى الجزائري مع مراعاة الاستثناءات المنصوص عليها ، فإن الأصل على العكس من ذلك فيما يتعلق بقانون الصرف، حيث أنه لا يجوز التعرض على وفاء المبلغ الثابت في الكمبيالة، ولا إيقاع حجز ما للمدين من طرف الدائنين الشخصيين للساحب لانتقال مقابل الوفاء لدى الغير المسحوب عليه، لما لمثل هذا التعرض من مناهضة ومنافاة لأهم القواعد التي تميز قانون الصرف، كالتداول، ووجوب الوفاء في تاريخ الاستحقاق والحرمان من الإهمال القضائي والقانوني.
على أن هذه القاعدة والمتمثلة في حظر التعرض على الوفاء ليست بقاعدة مطلقة. وإنما هي نسبية تخضع لاستثناءين مهمين نص عليهما المشرع.

. ثانيا:الاستثناءات :

1التعرض على الأداء في حالة الضياع أو السرقة :
لقد نظمت مقتضيات الأداء في أوراق تجارية بطرق تستلزم الإدلاء بالأصل، وعند تعذره (كالضياع أو سرقة) فإن المشرع نظم مسطرة خاصة منصوص عليها للحصول على نظير ثان، أو ثالث، أو رابع، بأمر من رئيس المحكمة وبعد تقديم كفالة.
وفي حالة فقدان الحامل للكمبيالة (كأن تكون قد ضاعت أو سرقة منه) يحق له في هذه الحالة أن يأمر المسحوب عليه بعدم الوفاء بها. فإذا كانت الورقة المفقودة لم تقبل بعد من طرف المسحوب عليه، أمكن للحامل أن يقدم نظيرا آخر منها، وبالتالي يحصل على أداء بواسطته، مع تقديم كفالة، أما إذا كانت الكمبيالة المفقودة قد قبلت من طرف المسحوب عليه، فلا يمكن للحامل أن يطالب بالأداء بناءا على نظير آخر منها إلا بعد حصوله على أمر من القاضي المختص يخوله ذلك وبعد تقديم كفالة. وإذا عجز المالك الأصلي للكمبيالة المفقودة عن تقديم نظير لها، سواء كانت مقبولة أو لم تقبل، يحق له أن يطالب بالأداء عن طريق أمر صادر عن القاضي إذا تمكن من إثبات ملكيته للورقة بواسطة دفاتره التجارية مع تقديم كفيل.

المبحث الثانى :الشيك في القانون التجاري الجزائري.

من بين الأوراق التجارية التي نظمها المشرع الجزائري ، و الذي نجد له دورا هاما في المجال التجاري” الشيك” وقبل التطرق إلى ضمانات الوفاء بالشيك يجب معرفة ما المقصود به و ماهي طبيعته القانونية ؟ و ما هي أحكامه في القانون الجزائري ؟

المطلب الأول: تعريف الشيك و إنشاؤه و مميزاته.

أولا أ‌- تعريف الشيك و مميزاته :

يعرف الشيك على أنه ورقة مكتوبة أو “صك محرر” وفقا لأحكام حددها القانون يأمر فيها الساحب المسحوب عليه (الذي يكون بنكا أو مؤسسة مالية ) لدفع مبلغ مالي معين إلى شخص معين أو لإذنه أو لحامله .
فالملاحظ أن الشيك ينشئ علاقة بين ثلاثة أشخاص ، الساحب ، المسحوب عليه و المستفيد مثل السفتجة إلا أن له مميزات تميزه عن السفتجة منها :

1- الشيك يعتبر آداة وفاء فقط و ليس آداة إئتمان لأن الحق الذي يعتبر مقابل الوفاء هو رصيد موجود لدى المسحوب عليه مستحق الآداء لدى الطلب .

2- على خلاف السفتجة المسحوب عليه في الشيك يكون دوما مؤسسة مالية أو ما في حكمها بحيث حددها المشرع الجزائري بموجب المادة 474/1 قا تجاري.

3- الشيك لا يعتبر عملا تجاريا بحسب الشكل و بالتالي فهو يختلف عن السفتجة من هذا الجانب .

ب – إنشاء الشيك – العادي :
بالإضافة إلى الشروط الموضوعية ، فالمشرع يشترط شروطا شكلية وضعها بموجب أحكام المادة 472 قا تجاري التي تقض بأنه : ” يحتوي الشيك على البيانات الاتية :

1- ذكر كلمة شيك المدرجة في نص السند نفسه باللغة التي كتب بها.

2- أمر غير معلق على شرط بدفع مبلغ معين .

3- إسم الشخص الذي يجب عليه الدفع – المسحوب عليه.

4- بيان المكان الذي يجب فيه الدفع .

5- بيان تاريخ إنشاء الشيك و مكانه .

6- توقيع من أصدر الشيك – الساحب.

و لقد نص المشرع الجزائري على الآثار المترتبة عن خلو الشيك من بيان من البيانات المذكورة أعلاه بموجب أحكام المادة 473 قا تجاري.

و مما تجدر إليه الإشارة هو أنه متى نشأ الشيك مستوفيا للشروط فإنه يكون واجب الوفاء لدى الإطلاع و من ثم فإنه بخلاف السفتجة لا يمكن تقديمه للقبول و يعتبر كل شرط يقضي بذلك كأنه لم يكن و هذا ما ذهبت إليه المادة 475/1 قا تجاري.

المطلب الثانى : تداول الشيك و وفائه.

ثانيا : تداول الشيك :

بما أن الشيك ورقة تجارية فإنه يخضع لقواعد قانون الصرف في تداوله و من ثم نتعرض بإيجاز إلى طرق تداوله ثم نتطرق إلى الوفاء بقيمة الشيك

أ‌- تداول الشيك :

تنص المادة 485 قا تجاري على أنه ” إن الشيك المشترط دفعه إلى شخص مسمى الموجب إشتراط صريح ( لأمر) أو بدونه يكون قابلا للتداول بطريق التظهير ، أما الشيك المشترط دفعه إلى الشخص المسمى مع الشرط ليس لأمر أو شرط مماثل لا يكون قابلا للتداول إلا حسب الأوضاع المقررة لإحالة العادية و بما يترتب عليها من نتائج ”

من خلال هذا النص يمكن إستخلاص أن الشيك يمكن تداوله بطريق التظهير مثله مثل السفتجة سواءا كان تظهيرا تاما – ناقلا للملكية- أو تظهيرا توكيليا أما التظهير التأميني فقليل الوقوع لأن الشك واجب الوفاء لدى الإطلاع ، و لكن يرتب التظهير أثره يجب أن يتحقق فيه الشروط الموضوعية و الشكلية بحيث يجب التوقيع على ظهر الشيك أو ورقة متصلة به بما يفيد تظهيره لشخص معين أو على بياض .

ب‌- الوفاء بالشيك :

للوفاء بالشيك من طرف المسحوب عليه سواء كان التقديم عادي مباشر أو التقديم إلى غرفة المقاصة أو التقديم الإلكتروني .

كما يجب أن يكون التقديم خلال الآجال المحددة قانونا من تاريخ تحرير الشيك و هذا ما نصت عليه المادة 501 قا تجاري حيث أن الشيك المحرر في الجزائر و الواجب الوفاء بها يجب أن يقدم خلال عشرين يوما ، أما الشيك المحرر في أي دولة أوربية أو إحدى دول المتوسط فإنه يجب تقديمه خلال ثلاثون يوما إن كان واجب الوفاء بالجزائر ، أما الشيك المحرر في أي دولة أخرى و واجب الدفع في الجزائر فيجب أن يقدم خلال سبعون يوما .
و الملاحظ أن هذه الآجال هي لتقديم الشيك للوفاء فإن قدم خلالها و كان الرصيد موجودا فعلى المسحوب عليه تسديد (الوفاء )

لكن في حالة ضياع الشيك أو سرقته فماهي الأحكام المتعلقة بذلك ؟

لإجابة عن ذلك نصت المادة 503/2 قا تجاري ” و لاتقبل معارضة الساحب على وفاء الشيك إلا في حالة ضياعه أو تفليس حامله ”

من خلال هذه الفقرة فإن المشرع الجزائري أجاز للساحب في حالة ضياع الشيك أو سرقته أن يعلن معارضة عن وفائه ، كما يجوز المعارضة في الوفاء في حالة إفلاس الحامل – المستفيد -.
مما تقدم يمكن إستخلاص أن المسحوب عليه متى توفر له الرصيد يجب عليه الوفاء حتى و لو قدم الشيك خارج الآجال المبينة سابقا ، ما لم تكن هناك معارضة في الوفاء بسبب الضياع أو السرقة أو إفلاس المستفيد ، كما أجاز المشرع الوفاء الجزئي يحيث لا تجوز للحامل رفض الوفاء الجزئي .
لكن ما إذا إنعدم الرصيد أو أنه كان غير كافي فما هي الآثار المترتبة عن ذلك ؟

إجابة عن ذلك فقد تناول المشرع الجزائري أحكام النقص أو الإنعدام في الرصيد بموجب التعديل للقانون التجاري سنة 2005 بالقانون رق 05-02 المؤرخ في 06 فيفري 2005 ، حيث ورد فيه الشيك دون رصيد أو الذي فيه نقص فإن لامسحوب عليه البنك وفق أحكام المادة 526 مكرر 1 يجب عليه القيام بالإجراءات التالية :

– تبليغ مركزية المستحقات غير المدفوعة بكل عارض دفع لعدم وجود أو عدم كفاية الرصيد خلال أربعة أيام من تارخ تقديم الشيك

– يجب على المسحوب عليه توجيه أمر للساحب لتسوية العارض بإجاد رصيد أو تكوين رصيد كافي يستجيب مع قيمة الشيك و هذا ما نصت عليه المادة 526 مكرر 2 خلال عشرة أيام من الأمر .

من خلال هذين الإجرائين يمكن اعتبار أن المشرع الجزائري أوجد إجراءات وقائية بالنسبة للشيك دون رصيد تحت تسمية عوارض الدفع التي تعتمد بعد تلك الإجراءات على التسوية و التي يقصد بها تمكين الساحب من تكوين رصيد كاف بالنسبة للشيك لدى المسحوب عليه قصد تسوية عارض الدفع خلال الآجال القانونية .

– بالنسبة للساحب يجب عليه تكوين رصيد كافي خلال عشرة أيام من تاريخ الأمر الموجه من المسحوب عليه فإن قام بذلك فلا إشكال ، أما في حالة عدم قيام الساحب بتسوية الوضعية كما هو مبين أعلاه فإنه يتعرض إلى منعه من إصدار شيكات لكنه يسترجع حقه في إصدار الشيكات إن قام يتسوية وضعه خلال عشرين يوما من الأمر بالدفع مع تحمله غرامة التيرئة المقدرة ب: 100 د ج عن كل قسط ب:1000 د ج و هذا وفقا لأحكام المادة 526 مكرر 5 .

و على هذا الأساس يمكن إعتبار إجراءات التسوية هي تفادي الوقوع تحت إجراءات مباشرة الدعوى العمومية لجريمة إصدار الشيك دون رصيد بشرط أن تتم التسوية خلال عشرون يوما من توجيه المسحوب عليه الأمر إلى الساحب لتسوية عارض الدفع و إيجاد رصيد كافي .

فإن قام بالإستجابة للأمر الموجه له من المسحوب عليه خلال العشرة أيام الأولى فإنه لا يتعرض للغرامة ، أما إذا كانت إستجابته بعد العشرة أيام الأولى فإنه إذا قام بتسوية وضعيته خلال العشرون يوما الثانية أي في اليوم الحادي عشر إلى غاية اليوم الثلاثون الأمر فإنه يتحمل غرامة التبرئة .
و في حالة العود لنفس المخالفة خلال الإثني عشرة شهرا من عارض الدفع الأول ف‘ن الساحب يتعرض إلى المنع من إصدار الشيكات حتى و إن قام بالتسوية ، مع مضاعفة الغرامة المادة 526 مكرر5 .

أما في حالة عدم التسوية فإن الساحب يتعرض إلى المنع من سحب الشيكات خلال خمسة سنوات من تاريخ الأمر المادة 526 مكرر 8.
مع الملاحظة أن في حالة عدم التسوية خلال العشرين يوما من الأمر بالدفع فإنه تباشر الدعوى العمومية و المتابعة الجزائية وفقا لأحكام قانون اغجراءات الجزائة من أجل تطبيق قانون العقوبات على أساس جريمة إصدار الشيك دون رصيد المادة 374 و 375 قا عقوبات .

ثالثا: أنواع الشيكات :

أ – الشيك المسطر – المخطط :

نص المشرع الجزائري في المادة 512 و ما بعدها من القانون التجاري على أن الشيك المسطر أو المخطط في الأصل شيك عادي يقوم ساحبه أو حامله بتسطيره مما يترتب عليه آثار خاصة حددتها المادة 513 قا تجاري ، و التسطير يتم بوضع خطين متوازيين على وجه الشيك و من ثم قد يكون التسطير عاما أو خاصا .

فالتسطير العام هو الذي لا يتضمن كتابة مصرف معين بين الخطين و ذلك بذكر إسم أحد المصارف ، بحيث يترتب على التسطير عدم جواز دفع المقابل إلا للمصرف أو المكتب من مكاتب الصكوك البريدية هذا إذا كان التسطير عاما ، أما إذا كان التسطير خاصا فلا يجوز للمسحوب عليه دفع المقابل إلا للمصرف المعين بين الخطي و إذا أهمل المسحوب عليه مراعاة هذه الشروط يكون مسؤولا عن الضرر بما يعادل قيمة الشيك ، و يستعمل الشيك المسطر للتقليل من مخاطر السرقة حيث أن سارق الشيك المسطر لا يستطيع تقديمه مباشرة للوفاء للمسحوب عليه و لكن يستطيع فقط تظهيره للبنك المتعامل معه و بهذه الطريقة يسهل التعرف عليه .
و يعتبر المشرع الجزائري الشيكات المعدة للقيد في الحساب شيكات مسطرة حيث نصت المادة 514 على أنه يجب أن تكون هذه الشيكات مسحوبة في الخارج وواجبة الدفع في الجزائر و يتم الوفاء بها إلى مصرف معين أو مركز الصكوك البريدية

ب – الشيك المعتمد و الشيك المؤشر :

يتم الإعتماد بكتابة كلمة معتمد على وجه الشيك مع إمضاء البنك و تاريخ الإعتماد و مبلغ الشيك و يدل الإعتماد على أن مقابل الوفاء مجسد لفائدة الحامل طوال مدة التقديم و على مسؤولية المسحوب عليه ، فالإعتماد إذن هو إلتزام المسحوب عليه إلتزاما صرفيا خاليا من كل الدفوع اتجاه الحامل ، و الإعتماد إلزامي إذ لا يستطيع المسحوب عليه رفضه إلا في حالة النقص أو عدم كفاية الرصيد و هذا ما نصت عليه المادة 483 قا تجاري .
مما يترتب عن الإعتماد بقاء الشيك المعتمد تحت مسؤولية البنك المسحوب عليه لمصلحة الحامل إلى غاية نهاية أجل التقديم المحدد قانونا .
بالإضافة إلى الشيك المعتمد يوجد نوع آخر و هو الشيك المؤشر و الذي عبارة عن التأكد من وجود الحساب و ذلك بأن يضع البنك عبارة مؤشر و لكن في هذه الحالة البنك غير مسؤول عن المبلغ في حالة سحبه عكس ماهو معمول به في الشيك المعتمد .

ج – شيكات السفر – السياحة :

هو شيك مسحوب من طرف بنك أو مصرف على أحد فروعه في الخارج لفائدة زبون البنك حتى يتمكن هذا اللأخير من الحصول على المقابل في بلد آخر و بعملة أجنبية .