بحث قانوني هام عن انواع الاهلية و ادوارها و عوارضها

أ/ روان المستريحي

المقدمة

ان هذا الموضوع الذي سوف اتحدث فيه في هذه الورقة البحثية قد تناوله الفقه الاسلامي والقانون الاردني وهو موضوع الاهلية الذي ويتفرع عن هذا الموضوع عدة نقاط مهمة وهي انواع الاهلية وادوارها وعوارضها وتناولت ايضا ماقد قالوا وكتبوا فقهاء وأئمة الامة الاسلامية وما ورد في القانون الاردني وهي كالآتي :

الفصل الاول : الاهلية في القانون المدني

المبحث الاول : تعريف الاهلية
المبحث الثاني : انواع الاهلية
المبحث الثالث : ادوار الاهلية
المبحث الرابع : عوارض الاهلية

الفصل الثاني : الاهلية في الفقه الاسلامي

المبحث الاول : تعريف الاهلية
المبحث الثاني : انواع الاهلية
المبحث الثالث : ادوار الاهلية
المبحث الرابع : عوارض الاهلية

الفصل الثالث : الرشد وتعريفه عند مختلف الفقهاء

§ الفصل الاول : الاهلية في القانون الاردني

§ المبحث الاول : تعريف الاهلية

حتى يكون الرضا صادر من الشخص بطريقة صحيحة يجب ان يكون الشخص متمتع بالاهلية اللازمة .

تنص المادة (116) من القانون المدني الاردني على ان ” كل شخص اهل للتعاقد ما لم تسلب اهليته او يحد منها بحكم القانون ” وبمعنى اخر فان الاصل في الشخص توافر الاهلية اما عدم الاهلية فيجب ان يقرر بمقتضى نص في القانون .

§ المبحث الثاني : انواع الاهلية

وقد فرق الفقه بين اهلية الوجوب واهلية الاداء بالنسبة للانسان :

1* اهلية الوجوب :

وهي تعني اهلية التمتع بالحقوق و تحمل الالتزامات او كما يعرفها علماء اصول الفقه الاسلامي بانها ” صلاحية الانسان لوجوب الحقوق المشروعة له او عليه ” .
والمراة والرجل في اهلية الوجوب سيان واهلية الوجوب اما ان تكون كاملة او ناقصة فهي كاملة بالنسبة للانسان العادي وناقصة بالنسبة للجنين حيث لا تجب له من الحقوق الا الميراث والوقف والوصية والحق في النسب وبولادة الانسان تثبت له اهلية الوجوب كاملة حتى ولو لم تثبت له اهلية الاداء لان اهلية الوجوب هي مناط انسانية الانسان في نظر القانون بغض النظر عن ملكاته العقلية وقدرته على الادراك والتمييز وتستمر اهلية الوجوب ما بقي الانسان حيا وبغض النظر عن اقترانها باهلية الاداء فالمجنون والصغير غير المميز ومن في حكمهما يتمتعون باهلية الوجوب كالعاقل المميز ذلك ان الاهلية مرتبطة بشخصيته القانونية .

2* اهلية الاداء :

وهي تعني اهلية ابرام التصرفات القانونية او بمعنى اخر هي صلاحية الانسان لممارسة حقوقه بنفسه والزام نفسه بالتزامات مالية .
وهذه الاهلية بدورها اما ان تكون كاملة او ناقصة او معدومة لانها تختلف باختلاف ادوار الحياة من جهة وباختلاف سلامة العقل وقدرته على الادراك .

تقرر المادة (118) من القانون المدني الاردني في الفقرة الثالثة ان سن التمييز للانسان هو سبع سنوات كاملة .

§ المبحث الثالث : مراحل الاهلية الاداء

الدور الاول : دور انعدام اهلية الاداء :

وهذا الدور يمتد منذ الولادة وحتى سن السابعة وفي هذا الدور لا يكون للانسان ان يبرم اي تصرف من اي نوع حيث يعتبر فاقدا للتمييز وتكون تصرفاته جميعها باطلة ونصت المادة (117) من القانون المدني الاردني ” ليس للصغير غير المميز حق التصرف في ماله وتكون جميع تصرفاته باطلة ” .

الدور الثاني : دور نقصان اهلية الاداء :

وهذا الدور يمتد من السابعة حتى الثامنة عشرة وقد بينت المادة (118) من القانون المدني الاردني انه :
” 1- تصرفات الصغير المميز صحيحة متى كانت نافعة نفعا محضا وباطلة متى كانت ضارة ضررا محضا .
2- اما التصرفات الدائرة بين النفع والضرر فتعقد موقوفة على اجازة الولي في الحدود التي يجوز فيها له التصرف ابتداءا او اجازة القاصر بعد بلوغه سن الرشد ” .
ومن واقع هذا النص يتبين لنا انه :
1- لايكون للانسان في هذا الدور الا قبول التصرفات النافعة نففعا محضا (كالهبة) .
2- اما التصرفات التي تضره ضررا محضا ( كالتبرع للغير ) فلا يكون له القيام بها .
3- اما بالنسبة للتصرفات التي تدور بين النفع والضرر ( كالبيع والشراء ) فانها تكون معلقة او موقوفة على اجازة وليه او اجازة القاصر نفسه بعد بلوغه لسن الرشد اي ثمانية عشر عاما .

ويلحق بهذا الدور دور الصغير المميز الماذون له حيث نصت المادة( 119) من القانون المدني على ما يلي :
” 1- للولي بترخيص من المحكمة ان يسلم الصغير المميز اذا اكمل الخامسة عشرة مقدارا من ماله وياذن له في التجارة تجربة له ويكون الاذن مطلقا او مقيدا .
2- واذا توفي الولي الذي اذن للصغير او انعزل من ولايته لا يبطل اذنه ” .

وفي نص المادة( 122) من القانون الاردني انه اذا امتنع الولي عن اعطاء الاذن اعطته اياه المحكمة .

الدور الثالث : دور كمال الاهلية :

وهو ان يكون الانسان قد اتم الثامنة عشر دون ان يكون محجور عليه او مصابا بعارض من عوارض الاهلية واتت المادة( 43 ) من القانون المدني ونصت على :
” 1- كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل الاهلية لمباشرة حقوقه المدنية .
2- وسن الرشد هي ثماني عشرة سنة ميلادية “

* الولاية والوصاية على عديمي وناقصي الاهلية :

وتعريف الولاية هي عبارة عن صلاحية الشخص في مال غيره بخلاف الاهلية التي هي صلاحية الشخص في مال نفسه واذا انعدمت اهلية الانسان او نقصت فان الولي ينوب عن الصغير في التصرفات القانونية وقد نصت المادة (123) من القانون المدني الاردني على ان ” ولي الصغير هو ابوه ثم وصي ابيه ثم جده الصحيح ثم وصي الجد ثم المحكمة او الوصي الذي نصبته المحكمة ” .

اما الوصي فهو غير الاب والجد ممن يملك صلاحية التصرف نيابة عن الصغير ولكن تصرفات الاوصياء تكون مقيدة اكثر من تصرفات الاولياء ( الاب والجد الصحيح ) .

§ المبحث الرابع : عوارض الاهلية

1- الجنون :

هو مرض يصيب الانسان ويؤدي الى ذهاب عقله وتعطيل ارادته والجنون اما ان يكون مطبقا اي لا يفيق المريض من جنونه ابدا او غير مطبق يفيق من جنونه تارة ويجن تارة اخرى والمجنون حكمه حكم الصغير غير المميز اي ان تصرفاته جميعها باطلة وهو محجور عليه ابتداءا دون حاجة لقرار من المحكمة بالحجر عليه اما تصرفات المجنون في حالة افاقته فهي كتصرفات العاقل اي صحيحة ما دام بالغا سن الرشد .

2- العته :

هو خلل يصيب عقل الانسان ويؤدي الى نقصانه لا زواله كليا كالجنون والمعتوه حكمه حكم الصغير المميز اي تقبل تصرفاته النافعة نفعا محضا ويمتنع عليه التصرفات الضارة ضررا محضا اما التصرفات التي تدور بين النفعو الضرر فتبقى معلقة على موافقة الولي او موافقة القاصر بعد بلوغ سن الرشد والمعتوه كالمجنون محجور عليه ابتداءا دون حاجة لقرار من المحكمة بالحجر عليه .

3- السفه :

هو خفة تعتري الانسان فتحمله على العمل على خلاف مقتضى الشرع والعقل والسفيه حكمه حكم الصغير المميز بعد صدور قرار الحجر عليه اما قبل صدور قرار الحجر عليه فتكون تصرفاته نافذة .
وان ولي السفيه هو المحكمة او من تعينه للوصاية عليه وليس لابيه او جده او وصيهما حق الولاية عليه .

4- الغفلة :

هي ضعف في الملكات النفسية تبرز من خلال انخداع الشخص على وجه يهدد ماله بالضياع وذو الغفلة حكمه حكم الصغير المميز بعد صدور قرار الحجر عليه اما قبل صدور قرار الحجر عليه فتكون تصرفاته نافذة .

5- العاهات البدنية :

الاصل في العاهات البدنية كالعمى او البكم انها لا تؤثر على اهلية الانسان وقد وضع المشرع نظرية جديدة تسمى المساعدة القضائية قررت للاشخاص ذوي العاهات الجسمانية منعا من وقوعهم في خطر التصرفات .

§ الفصل الثاني : الاهلية في الفقه الاسلامي

ان الشرط في صحة التكليف كون المكلف اهلا لما يكلف به واهلية التكليف هذه تثبت للانسان ببلوغه عاقلا الا ان علماء الاصول يتكلمون عن الاهلية وعوارضها بصورة عامة

§ المبحث الاول : تعريف الاهلية

الاهلية معناها في اللغة : الصلاحية يقال فلان اهل لعمل كذا اذا كان صالحا للقيام به

§ المبحث الثاني : انواع الاهلية

وفي اصطلاح الاصوليين تنقسم الاهلية الى قسمين :
v اهلية وجوب
v اهلية اداء

اهلية الوجوب :

هي صلاحية الانسان لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه اي صلاحيته لان تثبت له الحقوق وتجب عليه الواجبات وتكون هذه الاهلية بالذمة اي تثبت هذه الاهلية للانسان بناء على ثبوت الذمة
تثبت لكل انسان اذ ما من مولود يولد الا وله ذمة وبالتالي يكون اهلا للوجوب له وعليه
وبهذا القول ان اساس ثبوت اهلية الوجوب للانسان هو الحياة اذ بالحياة تكون للانسان ذمة وعليها تنبني اهلية الوجوب ولهذا تثبت هذه الاهلية للجنين وان كانت ناقصة لوجود الحياة فيه ولما كانت حياة الانسان هي اساس ثبوت اهلية الوجوب فهي تلازمه مدى الحياة ولا تفارقه حتى الموت

اهلية الاداء :

هي صلاحية الانسان لان يطالب بالاداء ولان تعتبر اقواله وافعاله وتترتب عليها آثارها الشرعية بحيث اذا صدر منه تصرف كان معتدا به شرعا واذا ادى عبادة كان ادائه معتبرا ومسقطا للواجب واذا جنى على غيره اخذ بجنايته مؤاخذة كاملة وعوقب عليها بدنيا وماليا واساس هذه الاهلية هو التمييز لا الحياة

§ المبحث الثالث : ادوار الاهلية

الاهلية الكاملة والناقصة :

كللا من اهلية الوجوب والاداء قد تكون ناقصة وقد تكون كاملة نظرا للادوار التي يمر بها الانسان في حياته من مبدا تكوينه الى تمام عقله ثم موته وهذه الادوار هي :
v دور الجنين
v دور الانفصال الى التمييز
v دور التمييز الى البلوغ

دور الجنين :

الجنين في بطن امه قد ننظر اليه كجزء من امه يقر بقرارها وينتقل بانتقالها فنحكم بعدم ثبوت الذمة له وبالتالي تنتفي عنه اهلية الوجوب
وقد ننظر الى الجنين من جهة كونه مستقلا ومنفردا عن امه بالحياة ومتهيئا للانفصال عنها وصيرورته انسانا قائما بذاته فنحكم بوجود الذمة له وبالتالي تثبت له اهلية الوجوب
وهاتان الجهتان فلم تثبت له ذمة كاملة كما لم تنف عنه الذمة مطلقا وانما اثبتت له ذمة ناقصة صالحة لاكتساب بعض الحقوق فقط وبذلك كانت للجنين اهلية وجوب ناقصة بها صار صالحا للوجوب له لا عليه فتثبت له الحقوق التي لا تحتاج الى قبول كالهبة فلاتثبت له وان كانت نفعا محضا له لانه ليس له عبارة وليس له ولي او وصي يقوم مقامه في القبول ولا يجب عليه اي حق لنقصان اهليته كما قلنا والملاحظة هنا ان اهلية الوجوب الناقصة للجنين انما تثبت له بشرط ان يولد حيا
اما اهلية الاداء فلا وجود لها بالنسبة للجنين اذ لا يتصور صدور اي تصرف منه لعجزه الكامل كما ان هذه الاهلية مبناها التمييز بالعقل ولا تمييز مطلقا عند الجنين

دور الانفصال الى التمييز

الجنين متى انفصل حيا ثبتت له ذمة كاملة فثبتت له اهلية وجوب كاملة فتجب الحقوق له وعليه وكان ينبغي ان تجب عليه الحقوق بجملتها كما تجب على البالغ لكمال الذمة وثبوت الاهلية بها الا انه لما كان نفس وجوب الحق على الانسان ليس مقصودا لذات الوجوب بل المقصود من الوجوب حكمه : وهو الاداء فكل حق يمكن اداؤه عن الصبي يجب عليه وما لا يمكن اداؤه عنه لا يجب عليه على التفصيل الآتي :

حقوق العباد
حقوق الله تعالى

دور التمييز الى البلوغ

ويبدا هذا الدور ببلوغ الصغير السنة السابعة وينتهي بالبلوغ وفي هذا الدور تثبت للانسان اهلية وجوب كاملة لانها اذا ثبتت للصغير غير المميز فثبوتها للصغير وهو احسن حالا منه فتثبت الحقوق له وعليه على النحو الذي فصلناه بالنسبة للصغير غير المميز
اما اهلية الاداء فتثبت للصغير في هذا الدور ناقصة لنقصان عقله ويترتب على هذه الاهلية الناقصة صحة الاداء منه لا الوجوب بالنسبة للايمان وسائر العبادات البدنية لان فيها نفعا محضا للصغير
اما تصرفاته المالية فهي مفصلة على النحو الآتي :
1) تصرفات نافعة نفعا محضا للصغير :
كقبول الهبة والصدقة والوصية وهذه التصرفات تصح دون اجازة الولي او الوصي

2) التصرفات الضارة بالصغير ضررا محضا :
وهي تلك التي يترتب عليها خروج شيء من ملكه دون مقابل كالهبة والوقف وهذه التصرفات لا تصح من الصغير

3) التصرفات المترددة بين النفع والضرر بحسب اصل وضعها :
كالبيع والاجارة اليه وتكليفه بجميع التكليفات الشرعية وصحت منه جميع العقود والتصرفات دون توقف على اجازة احد اذا لم يكن فيه سفه

§ المبحث الرابع : انواع العوارض

v عوارض سماوية :

هي التي تثبت من قبل صاحب الشرع بدون اختيار الانسان ولهذا نسبت الى السماء لان ما لا اختيار للانسان فيهينسب الى السماء على معنى انه خارج عن قدرة الانسان مثل الجنون والعته والمرض والموت

v عوارض مكتسبة :

فهي ما كان للانسان فيها كسب واختيار وهي نوعان :
1. ما يكون من نفس الانسان كالجهل والسكر والهزل
2. ما يكون من غيره عليه وهو الاكراه

وتقسم العوارض السماوية الى :

1. الجنون :
وعرفه الاصوليين : بانه اختلال العقل بحيث يمنع جريان الافعال والاقوال على نهج العقل الا نادرا

وهو نوعان :
اصلي وطارئ
الاصلي : ان يبلغ الانسان مجنونا
الطارئ : ان يبلغ عاقلا ثم يطرا عليه الجنون
وكل منهما اما ممتد او غير ممتد

والجنون بنوعيه لا يؤثر في اهلية الوجوب لانها تثبت بالذمة والجنون لا ينافي الذمة لانها ثابتة على اساس الحياة في الانسان الا انه يؤثر في اهلية الاداء فيعدمها لانها تثبت بالعقل والتمييز والمجنون فاسد العقل عديم التمييز ولهذا كان حكمه حكم الصغير غير المميز في تصرفاته وافعاله

2. العته :

اختلال في العقل يجعل صاحبه قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير وقد يترتب عليه فقد الادراك والتمييز
وهو نوعان :
الاول : عته لا يبقى معه لا ادراك ولا تمييز وصاحبه يكون كالمجنون فتنعدم فيه اهلية الاداء دون الوجوب ويكون في الاحكام كالمجنون

الثاني : عته يبقى معه ادراك وتمييز ولكن ليس كادراك العقلاء وبهذا النوع من العته يكون الانسان البالغ كالصبي المميز في الاحكام فتثبت له اهلية اداء ناقصة اما اهلية الوجوب فتبقى له كاملة وعلى هذا لا تجب عليه العبادات ولكن يصح منه اداؤها ولا تثبت في حقه العقوبات وتجب عليه حقوق العباد التي يكون المقصود منها المال ويصح اداؤها من قبل الولي كضمان المتلفات وتكون تصرفاته صحيحة نافذة اذا كانت نافعة له نفعا محضا وباطلة اذا كانت مضرة له ضررا محضا وموقوفة على اجازة الولي اذا كانت دائرة بين النفع والضرر

3. النسيان :

عارض يعرض للانسان فلا يجعله يتذكر ما كلف به وهو لا ينافي اهلية الوجوب ولا اهلية الاداء لبقاء القدرة بكمال العقل وهو لا يكون عذرا في حقوق العباد لانها محترمة لحاجتهم لا للابتلاء وبالنسيان لا يفوت هذا الاحترام وعليه لو اتلف انسان مال غيره ناسيا لوجب عليه الضمان اما في حقوق الله تعالى فالنسيان يعد عذرا بالنسبة لاستحقاق الاثم فالناسي لا اثم عليه

4. النوم والاغماء

ينافيان اهلية الاداء لا الوجوب فما دام الانسان نائما او مغمى عليه فليست له اهلية اداء لانها تقوم على التمييز بالعقل ولا تمييز للانسان في حالة نومه او اغمائه وعلى هذا لا يعتد بشيء من اقواله مطلقا ولا يؤاخذ بافعاله مؤاخذة بدنية ولكن يؤاخذ مؤاخذة مادية
فان الاداء في الحال مرفوع عن النائم والمغمى عليه لان كلا من النوم والاغماء يوجب تاخير الخطاب بالاداء الى وقت الانتباه والافاقة لامتناع الفهم واستحالة الاداء في هاتين الحالتين

5. المرض :

وهو لا ينافي اهلية الاداء واهلية الوجوب ولهذا تثبت الحقوق له وعليه الا ان المرض يؤثر في بعض الاحكام بالنسبة للمريض مع ثبوت الاهلية الكاملة له من ذلك عدم نفاذ بعض تصرفاته وتفصيل ذلك ان خلافة الوارث عن موروثه في ماله تثبت بالموت جبرا بحكم الشارع كما يثبت بالموت

6. الموت :

وبه يكون الانسان عاجزا عجزا تاما يترتب عليه انعدام انعدام اهلية الاداء فتسقط عنه جميع التكليفات الشرعية لان الغرض منها الاداء عن اختيار والاداء بالقدرة ولا قدرة مع الموت لانه عجز خالص
فالحنفية قالوا بسقوط الزكاة عن الميت في حكم الدنيا فلا يجب اداؤها من التركة
والشافعية قالوا لا تسقط الزكاة بالموت لان المال هو المقصود من الزكاة لا فعل المكلف واخراج المال الواجب بالزكاة من التركة ممكن فلا يسقط الاداء
اما اهلية الوجوب فقد قلنا انها تكون بالذمة ولا خلاف بين الفقهاء في ان الذمة تفنى بعد الموت

الفصل الثاني : الرشد

قال الظاهرية :هو البلوغ مع العقل

اما الجمهور فالرشد عندهم : هو الصلاح في العقل والقدرة على حفظ المال فليس كل عاقل رشيدا وان كان كل رشيد عاقلا

وعند الجعفرية الرشيد : هو البالغ العاقل المصلح لماله والعدل في دينه فلا يتحقق الرشد بالقدرة على حفظ المال فقط وانما به وبالعدالة في الدين
لكنه ليس محل اتفاق عندهم فقد ذكر بعض متاخري مجتهديهم ان الرشيد هو المصلح لماله دون ان يشترط فيه العدالة في الدين

ولكن هل المراد بالرشد حقيقته ام مظنته

القول الاول :

المراد بالرشد حقيقته فلا بد من وجوده ومعرفته فلا يصح ان يقام مقامه شيء آخر من بلوغ سن معينة او غير ذلك وعلى هذا القول لا يدفع المال للصبي بعد البلوغ حتى يثبت رشده مهما بلغ من السن حتى لو صار شيخا وهذا قول الجمهور من الشافعية والمالكية والحنابلة والجعفرية وابي يوسف ومحمد صاحبي ابي حنيفة

والحجة على هذا القول :

اولا : ان دفع المال بعد البلوغ معلق بايناس الرشد فما لم يوجد ويثبت لا يجوز دفع المال الى البالغ لان المعلق بالشرط معدوم قبل وجود الشرط

ثانيا : ان السفه في حكم منع المال بمنزلة الجنون والعته وهما يمنعان دفع المال اليه سواء بلغ الخامسة والعشرين او تجاوزها كما يمنعانه قبله فكذلك السفه

القول الثاني

وهذا قول ابي حنيفة وعنده المراد الرشد حقيقته قبل بلوغ الخامسة والعشرين ومظنته بعد بلوغ هذا السن فمن بلغ رشيدا وثبت رشده دفع اليه ماله وان لم يبلغ الخامسة والعشرين وان بلغ غير رشيد او لم يعلم رشده انتظر الى ان يبلغ الخامسة والعشرين وعند ذلك يحكم برشده ويدفع اليه ماله سواء علم منه الرشد او لم يعلم لان هذه السن مظنة الرشد اذ لا ينفك عنها الا نادرا والاحكام تبنى على الغالب لا على النادر

الحجة على هذا القول :

v ان منع المال عمن بلغ غير رشيد انما كان لان السفه قد لا يفارق الانسان في اول احوال البلوغ اما اذا تطاول الزمن بان بلغ الخامسة والعشرين سنة فلا بد ان يستفيد رشدا بطريقة التجربة اذ التجارب تفتح العقول وتشحذ الاذهان وتبصر الانسان وبهذا الرشد المستفاد بتحقق شرط دفع المال لان الرشد وهو شرط دفع المال للبالغ جاء في الاية نكرة
v ان منع المال عن البالغ العاقل غير الرشيد اما ان يكون للتاديب واما ان يكون عقوبة على فعل الحرام وهو تبذيره واما ان يكون حكما غير معقول المعنى ثبت بالنص

وان القول الراجح

ومع تسليمنا بقوة ادلة ابي حنيفة الا ان ظاهر الآية لا يساعده لان دفع المال علق بايناس الرشد لاببلوغ سن معينة وحتى لو ساغ اقامة السن مقام الرشد فيرد عليه لم يجعل السن اكثر او اقل من الخامسة والعشرين وعليه فالذي نميل الى ترجيحه هو قول الجمهور .