تنفيد حكم التحكيم وطرق الطعن فيه في القانون الجزائري

الدكتور العرباوي نبيل صالح

أستاد محاضر أ

كلية الحقوق والعلوم السياسية

جامعة طاهري محمد بشار

الملخص:

يعتبر التحكيم نظام تسوية المنازعات يخول بمقتضاه أطراف النزاع مهمة الفصل فيه إلى محكمين يختارونهم بمحض إرادتهم. فالمحكم يقوم بذات الوظيفة المنوط بالقاضي القيام بها وهي الفصل في المنازعة المعروضة عليه بإصدار حكم فيها

وأحكام التحكيم تخضع من حيث تنفيذها إما إلى المعاهدات الدولية المعمول بها في الجزائر إذا توافرت شروط إعمال هذه المعاهدات، وأما إلى القواعد والإجراءات الواردة في قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

Résumé:

L’arbitrage est un mode de résolution des conflits qui permet aux parties en litige de régler leur différend par le biais d’arbitres qu’ils auraient choisi par leur propre gré. L’arbitre comme le juge, tranche les litiges qui lui sont soumis en émettant des sentences.

L’application des sentences arbitrales est soumise soit aux conventions internationales conclues avec l’Algérie et dont les conditions d’application sont remplies ; soit aux règles et procédures contenues dans le code de procédures civile et administrative.

مقدمة:

القاعدة هي أن حكم التحكيم يعد واجب النفاد طالما كانت له القوة التنفيذية، فالقوة التنفيذية هي أساس تنفيذ الحكم جبرا إذا امتنع من صدر ضده عن تنفيذه رضاءا[1]. وهنا لابد من مواجهة مرحلة مهمة وهي التي تتعلق بالحكم الصادر في التحكيم وما يلي هذا الصدور، وذلك أنها تعتبر حصيلة كل ما يبذله الأطراف ومن يرتبط بهم والمحكمون ومن يعاونهم طوال فترة نظر النزاع بالتحكيم .

وطالما أن حكم التحكيم يفصل في خصومة، فغالبا ما يكون صادرا لصالح طرف وضد خصمه[2]، وهو ما يثير احتمال معارضة أحدهما في الحكم ومحاولة الخصم تنفيذه. ويقتضي هذا الأمر توضيح المقصود بحكم التحكيم، وبيان كيفية إصداره وما يجب أن يشتمل عليه من بيانات، ووقت انتهاء مهمة المحكمين، وما هي إمكانية تعديل الحكم بعد إصداره؟ وكذلك حجية حكم التحكيم وتنفيذه خارج الدولة التي صدر فيها الحكم، تم نبين حالات رفض تنفيذ حكم التحكيم.

المبحث الأول: حكم التحكيم وطرق الطعن فيه.

يعتبر حكم التحكيم من أهم المراحل التي يمر بها تظلم التحكيم، بدءا من اتفاق الأطراف على حل نزاعهم بالتحكيم، وحتى إنهاء النزاع وتنفيذ حكم التحكيم. فالحصول على حكم التحكيم هو غاية المتنازعين، فيه يتم الفصل في النزاع، وبفضله يحصل كل ذي حق على حقه[3].

وتنص المادة 1031 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على أنه [4] “تحوز أحكام التحكيم حجية الشيء المقضي فيه بمجرد صدورها فيما يخص النزاع المفصول فيه“. ويقصد بالحجية في قانون الإجراءات أن الحكم الصادر يحمل عنوان الحقيقة بخصوص ما فصل فيه بالنسبة لأطراف الدعوى وفي حدود الأساس الذي قدمت عليه هذه الدعوى. ومفاد ذلك أنه لا يمكن إثارة النزاع نفسه تأسيسيا على السبب ذاته بين الأطراف الذين صدر الحكم في مواجهتهم فاصلا فيما نشب بينهم من نزاع[5].

أولا: إصدار حكم التحكيم:

إن حكم التحكيم شأنه شأن حكم القضاء يصدر متمتعا بالحجية، فإنه يتميز عن أحكام القضاء بصدوره حائزا لقوة الأمر المقضي، مما يجعله حكما واجب النفاذ وذلك لعدم جواز الطعن فيه. أما أحكام القضاء فهي لا تكتسب قوة الأمر المقضي إلا بعد رفض الطعن فيها أو فوات مواعيد الطعن بطرق الطعن العادية أي المعارضة والاستئناف[6].

وحكم التحكيم يصدر حائزا للحجية وهو لا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن، ومؤدى ذلك أنه يصدر متمتعا بالحجية وقوة الأمر المقضي، و يكون واجب النفاد .

ويجب على هيئة التحكيم أن تصدر الحكم المنهي للخصومة خلال الميعاد الذي اتفق عليه الطرفان، فالمشرع وإن ترك الأمر لإرادة الأطراف، إلا أنه قرر على أن المحكمين قد يكونون أقدر من غيرهم على معرفة ظروف النزاع، فاستعمل بعض المرونة في مد الميعاد الذي حدده عند عدم اتفاق الأطراف.

أوجب المشرع على المحكمين بإتمام مهمتهم في ظرف أربعة أشهر تبدأ من تاريخ تعيينهم أو من تاريخ إخطار محكمة التحكيم. غير أنه يمكن تمديد هذا الأجل بموافقة الأطراف، وفي حالة عدم الموافقة عليه يتم التمديد وفقا لنظام التحكيم، وفي غياب ذلك يتم التحديد من طرف رئيس المحكمة المختصة.[7]

وقد ذهب البعض[8]، إلى تمتع الطرف الذي طلب إنهاء إجراءات التحكيم أو الذي لم يطلب استمرار هيئة التحكيم في نظر النزاع بالحق في رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة، حتى في حالة صدور قرار من رئيس المحكمة بتحديد ميعاد إضافي لاستمرار هيئة التحكيم في نظر النزاع .

وإذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من أكثر من محكم واحد، فإنه يتعين أن تكون هناك المداولة بين المحكمين قبل إصدار الحكم، ولقد ترك المشرع للمحكمين تنظيم قواعد المداولة، ما لم يتفق الأطراف على تطبيق قانون معين، ويجب أن تصدر أحكام التحكيم بأغلبية الأصوات وفقا للمادة 1026 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

ويجب أن تكون مداولة المحكمين سرية، باعتبارها قاعدة لازمة لضمان استقلال المحكم وعدم تأثير من اختاره عليه[9]، وإن كان من الناحية العملية يمكن أن تنكشف السرية عند توقيع المحكمين على الحكم[10].

1-تسبيب حكم التحكيم:

أخذ المشرع الجزائري بالقاعدة التي توجب تسبيب حكم التحكيم، فنص في الفقرة الثانية من المادة 1027 من قانون الإجراءات المدنية على أنه ” يجب أن تكون أحكام التحكيم مسببة “. فيتعين أن تكون أحكام التحكيم كافية متعلقة بموضوع النزاع وغير متناقضة، وبالتالي يمكن بطلان الحكم لقصور في التسبيب أو لغموض الأسباب وعموميتها أو لعدم التسبيب أصلا، حيث تقضي المادة 1056 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية على أنه: “لا يجوز استئناف الأمر القاضي بالاعتراف أو بالتنفيذ إلا في الحالات الآتية: …. إذا لم تسبب محكمة التحكيم حكمها، أو إذ وجد تناقض في الأسباب….”.

2- بيانات حكم التحكيم:

أوجب المشرع تضمن حكم التحكيم بيانات معينة حددها على سبيل الحصر، ففضلا عن تضمن الحكم عرض موجز لإدعاءات الأطراف وأوجه دفاعهم، تنص المادة 1028 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية على أنه” يتضمن حكم التحكيم البيانات الأتية:

اسم ولقب المحكم أو المحكمين.
تاريخ صدور الحكم.
مكان إصداره.
أسماء وألقاب الأطراف وموطن كل منهم وتسمية الأشخاص المعنوية ومقرها الاجتماعي.
أسماء وألقاب المحامين أو من مثل أو ساعد الأطراف عند الاقتضاء.”
ثانيا: طرق الطعن في حكم التحكيم:

عند صدور حكم التحكيم، فإن من صدر الحكم ضده سيحاول إثارة العقبات في طريق تنفيذ الحكم عن طريق الطعن فيه، وتختلف التشريعات في إجازتها للطعن في حكم المحكمين أو في عدم إجازتها[11].

ووفقا لقواعد القانون الدولي الخاص يخضع الطعن في حكم التحكيم لقانون الدولة التي يصدر فيها الحكم، ذلك أن مدى نهائية الحكم ترتبط بما يقرره قانون الدولة التي صدر فيها هذا الحكم. وقد أكدت اتفاقية نيويورك لسنة 1958 م المتعلقة بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها هذه القاعدة[12] . إذ تقضي الفقرة الخامسة من الإتفاقية” للسلطة المختصة في الدولة المطلوب تنفيذ الحكم فيها ، رفض التنفيذ لعدم صيرورة الحكم ملزما أو لإبطاله أو إيقاف تنفيذه من جانب سلطات الدولة التي صدر الحكم فيها، أو التي صدر الحكم وفقا لقانونها، والدولة على مختلف تشريعاتها تلجأ إلى الطعن في أحكام التحكيم إلى إحدى الطريقتين:

-إخضاع أحكام التحكيم لنفس طرق الطعن في الأحكام القضائية كما هو الحال في فرنسا قبل تعديل قانون المرافعات سنة 1980م. وقد أدى هذا إلى إجازات استئناف أحكام التحكيم الصادرة في فرنسا في التحكيم الداخلي، وكذلك يجوز الطعن بالاستئناف في القرار الصادر بالاعتراف بحكم التحكيم الصادر في الخارج أو تنفيذه .

وعلى غرار التشريع الفرنسي السابق، فإن المشرع الجزائري يجيز الطعن في أحكام التحكيم عن طريق اعتراض الغير الخارج عن الخصومة أمام المحكمة المختصة قبل عرض النزاع على التحكيم وذلك طبقا لنص المادة 1032 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.

كما يجوز استئناف أحكام التحكيم في أجل شهر واحد من تاريخ النطق بها أمام المجلس القضائي الذي صدر في دائرة اختصاصه حكم التحكيم، ما لم يتنازل الأطراف عن حق الاستئناف في اتفاقية التحكيم[13].

-هناك بعض الدول التي وضعت نظام مستقل ومتميز للطعن في أحكام التحكيم يختلف عن طرق الطعن في الأحكام القضائية، ويظهر هذا النظام في بعض التشريعات التي أجازت تعديل حكم التحكيم أو تصحيح ما به من أخطاء أو تفسيره.

وأجاز المشرع الجزائري الطعن بالنقض في القرارات الفاصلة في الاستئناف، وذلك طبقا لنص المادة 1034 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.

1- الطعن في حكم التحكيم في التشريع المصري:

تقضي المادة 52/1 من قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994على أنه “لا تقبل أحكام التحكيم التي تصدر طبقا لأحكام هذا القانون الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية”.

فالمشرع المصري وضع نوعا من الحصانة لأحكام التحكيم، فجعلها تسمو على أحكام القضاء وتتمتع بهذه الحصانة كل أحكام التحكيم التي تصدر وفقا لأحكام قانون التحكيم، أي أحكام التحكيم الذي يجري في مصر سواء كان تحكيما وطنيا أو دوليا، أو أحكام التحكيم الذي يجري في الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه للقانون المصري وذلك في حالة التحكيم التجاري الدولي[14].

2- الطعن في حكم التحكيم في القانون الفرنسي:

يفرق المشرع الفرنسي بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي، والأصل أن أحكام التحكيم الداخلي تقبل الطعن فيها بالاستئناف، إلا إذا تضمن اتفاق التحكيم ما يفيد نزول الأطراف عن حق الطعن بالاستئناف، أو كان المحكم مفوضا بالحكم وفقا لقواعد العدالة والإنصاف. ومع ذلك يجوز للأطراف حتى مع هذا التفويض التحفظ وتضمين اتفاق التحكيم ما يفيد صراحة تمسكهم بإمكانية الطعن بالاستئناف[15].

أما بالنسبة لأحكام التحكيم الدولي فلا يجوز استئناف أحكام التحكيم الصادرة في الخارج أو الصادرة في منازعات دولية، ويكون متاحا فحسب طلب البطلان بالنسبة لأحكام التحكيم الدولية الصادرة في فرنسا. أما الأحكام الصادرة في الخارج فلا تخضع للاستئناف أو طلب البطلان، وإنما يمكن استئناف القرار الصادر بالاعتراف وتنفيذ الحكم وذلك في الحالات التي يمكن فيها طلب بطلان الحكم الصادر في فرنسا في تحكيم دولي[16].

فالمشرع الفرنسي لم يعامل نفس المعاملة بين حكم التحكيم الدولي الصادر في فرنسا، وذلك الصادر في الخارج وهذا راجع لأن الأول الصادر في فرنسا يندمج ويصبح جزءا في النظام القانوني الفرنسي، مما يمكن رفع دعوى بطلانه لاستبعاده حتى لو كان صادرا بتطبيق أحكام قانون أجنبي[17].

أما الحكم الصادر في الخارج فيكفي منع الاعتراف به وتنفيذه ليظل صحيحا أو باطلا وفقا لما يتحدد في الخارج. ويعتبر النهج الذي اتبعه المشرع الفرنسي أكثر توفيقا، فاعتمد على السرعة في تنفذ أحكام التحكيم، بحيث حظر طرق الطعن ولم يسمح إلا برفع دعوى البطلان أو منع التنفيذ هذا في مجال التحكيم الدولي. أما فيما يتعلق بالتحكيم الداخلي فإجازة الطعن فيها يعتبر صائبا حتى لا تعامل معاملة تسمو على أحكام القضاء، بحيث لا يمكن الطعن فيها حتى وإن كانت مبنية على وثائق مزورة.

3- الطعن في حكم التحكيم في التشريع الجزائري:

رغم أن حكم التحكيم يعتبر عملا قضائيا، مما يستبعد عدم جواز المساس به إلا بواسطة طريق من طرق الطعن التي ينص عليها القانون بالنسبة له، فإن تأثير الطبيعة التعاقدية للاتفاق مصدر سلطة المحكمين قد أدى إلى فتح سبيل دعوى بطلان أحكام التحكيم، والذي أجازته مختلف التشريعات.

ولقد فرق المشرع الجزائري بخصوص الطعن في حكم التحكيم بين التحكيم الداخلي والدولي مسايرا في ذلك الاتجاه الذي نهجه المشرع الفرنسي. والأصل أن التحكيم الداخلي كما بينا سابقا يقبل الاستئناف[18]، إلا إذا تضمن اتفاق التحكيم تنازل الطرفين عن حق الاستئناف.

أما فيما يتعلق بحكم التحكيم الدولي فلا تسري عليه هذه الأحكام لذلك لا يجوز استئناف حكم التحكيم الصادر في الخارج أو الصادر في منازعة دولية، ويكون متاحا فقط طلب البطلان بالنسبة لأحكام التحكيم الدولية الصادرة في الجزائر، وذلك طبقا لنص المادة 1058 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية حيث تنص الفقرة الأولى على أنه “يمكن أن يكون حكم التحكيم الدولي الصادر في الجزائر موضوع طعن بالبطلان في الحالات المنصوص عليها في المادة 1056 أعلاه”.

أما الأحكام الصادرة في الخارج فلا تخضع للاستئناف أو طلب البطلان وإنما يمكن استئناف الأمر القاضي برفض الاعتراف أو برفض التنفيذ، وذلك وفقا لنص المادة 1055 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية التي تنص على أنه “يكون الأمر القاضي برفض الاعتراف أو برفض التنفيذ قابلا للاستئناف“.

أما الأمر القاضي بالاعتراف أو بالتنفيذ المتعلق بحكم التحكيم الدولي فيمكن استئنافه وذلك بناء على أسباب وأسس حصرية نصت عليها المادة 1056 وهذه الحالات هي:

إذا فصلت محكمة التحكيم بدون اتفاقية تحكيم أو بناء على اتفاقية باطلة أو انقضاء مدة الاتفاقية.
إذا كان تشكيل محكمة التحكيم أو تعيين المحكم الوحيد مخالفا للقانون.
إذا فصلت محكمة التحكيم بما يخالف المهمة المسندة إليها.
إذا لم يراعي مبدأ الوجاهية.
إذا لم تسبب محكمة التحكيم حكمها، أو إذا وجد تناقض في الأسباب.
إذا كان حكم التحكيم مخالفا للنظام العام الدولي.
ويرفع الاستئناف أمام المجلس القضائي خلال أجل شهر واحد ابتداء من تاريخ التبليغ الرسمي لأمر المحكمة[19]، ويوقف تنفيذ أحكام التنفيذ عند تقديم الطعون[20].

أ- دعوى البطلان:

الأصل أن حكم التحكيم شأنه شأن الحكم الصادر من المحاكم العادية لا يمكن التظلم منه إلا بإتباع طرق الطعن التي حددها القانون والتي وردت فيه على سبيل الحصر، إلا أن هذا الحكم لا يستمد قوته إلا من اتفاق الأطراف على التحكيم. وعلى ذلك إذا انعدم هذا الاتفاق أو كان باطلا أو إذا تجاوز المحكوم حدود سلطتهم فلا يوجد ثمة حكم، ومن ثم أجاز المشرع الحق في رفع دعوى ببطلان حكم التحكيم[21].

فالدعوى ببطلان حكم المحكمين تتميز عن طرق الطعن في أنها يقصد بها إنكار كل سلطة له، بينما في طرق الطعن يسلم الطاعن كقاعدة عند الطعن في حكم المحكم بسلطته في الفصل في النزاع[22].

وعلى هذا الأساس فإن الطرف الذي يبتغي إنكار سلطة المحكم فيما فصل فيه، عليه أن يرفع الدعوى بطلب الحكم ولا يلجأ إلى الطعن فيه، حيث أنه إذا طعن فيه أولا بالاستئناف فمعنى ذلك أنه يعترف بسلطة المحكم و يعترف بكيان قانوني لحكمه[23].

ولا تقبل دعوى البطلان بالنسبة لأي حكم يصدر من غير هيئة التحكيم ويلاحظ أن دعوى البطلان ليس طريقا من طرق الطعن في الأحكام، إلا أن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية قد أوردها في الفرع الثالث المتعلق بطرق الطعن في أحكام التحكيم الدولي في المادتين 1058 و 1059 من نفس القانون.

وقد أتاح المشرع الجزائري على غرار المشرع الفرنسي حق رفع دعوى البطلان ضد حكم التحكيم، ولكن المشرع الجزائري لم يسمح برفع دعوى البطلان إلا في مجال أحكام التحكيم الدولية الصادرة في الجزائر وهنا بناء على الحالات الواردة ي المادة 1056 السالفة الذكر.

وتقضي الفقرة الأولى من المادة 1058 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية على أنه “يمكن أن يكون حكم التحكيم الدولي الصادر في الجزائر موضوع طعن بالبطلان في الحالات المنصوص عليها في المادة 1056“. أما أحكام التحكيم الدولي الصادرة خارج الجزائر فلا يمكن أن تخضع للطعن بالبطلان، وإنما يمكن فقط استئناف الأمر القاضي بالاعتراف بها أو تنفيذها وذلك طبقا للحالات الواردة في المادة 1056 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية، أو الأمر القاضي برفض الاعتراف أو التنفيذ وذلك وفقا للمادة 1055 من نفس القانون . وعليه يظهر أن الدعوى ببطلان حكم التحكيم الصادر في الجزائر هو نفسه استئناف أمر تنفيذ حكم تحكيم صادر خارج الجزائر.

غير أن الأمر القاضي بتنفيذ حكم التحكيم الدولي لا يقبل أي طعن، إلا أن الطعن بالبطلان في حكم التحكيم يرتب بقوة القانون الطعن في أمر التنفيذ أو تخلي المحكمة عن الفصل في طلب التنفيذ، إذ لم يتم الفصل فيه “الفقرة 02 المادة 1058 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية”.

ب- حالات قبول البطلان:

باعتبار دعوى البطلان طريق استثنائي لإلغاء حكم التحكيم، كما أنه لا يعد من طرف الطعن في الأحكام التحكيمية، فقد عالجه المشرع في إطار محدد فلم يجز الالتجاء إليه في أي حالة، وإنما وضع حالات محددة على سبيل الحصر، لا يمكن رفع دعوى البطلان في غيرها[24]. وقد صرح المشرع الجزائري بذلك في المادة 1058 والتي أحالتنا إلى المادة 1056 السالفة الذكر.

ج- تحديد المحكمة المختصة:

يكون لذي المصلحة الذي كان طرفا في خصومة التحكيم رفع دعوى البطلان إذا توفر سبب من الأسباب الواردة في المادة 1056 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.

ويجب رفع دعوى البطلان أمام المجلس القضائي الذي صدر حكم التحكيم في دائرة اختصاصه في أجل شهر واحد من تاريخ التبليغ الرسمي للأمر القاضي بالتنفيذ[25]. والطعن بالبطلان له نفس أثر الاستئناف المتعلق بأمر التنفيذ أو أمر رفض التنفيذ فيوقف بذلك تنفيذ حكم التحكيم[26]. كما أن القرار الفاصل في دعوى البطلان هو الأخر قابل للطعن فيه بالنقض مثله مثل القرار الفاصل في الاستئناف أو أمر التنفيذ أو رفض التنفيذ[27].

المبحث الثاني: تنفيذ حكم التحكيم.

تنفيذ الحكم هو الهدف النهائي من نظام التحكيم، ولا شك أن الطرف الذي صدر حكم التحكيم لصالحه هو الذي يسعى للتنفيذ وقد يقبل الطرف الأخر تنفيذ الحكم إلا أنه قد يحاول استئناف كل الوسائل لعرقلة هذا التنفيذ.

ولقد أتى قانون الإجراءات المدنية و الإدارية بتسهيلات جوهرية عند إجراء التنفيذ في الجزائر، فبسط الشروط اللازمة بالتنفيذ وإجراءاتها. وإذا كان من المقرر أنه لا يجري تنفيذ جبري بغير سند تنفيذه[28]، فإن حكم التحكيم وحده لا يصلح سندا لإجراء التنفيذ الجبري، فهو ليس من الأعمال القانونية التي أعطاها القانون القوة التنفيذية[29].

فالمشرع الجزائري قد أجاز الالتجاء إلى التحكيم، إلا أنه لم يذهب إلى إعطاء حكم التحكيم القوة التنفيذية، فحكم المحكمين وإن كان يحوز حجية الأمر المقضي بمجرد صدوره إلا أنه ليس له القوة التنفيذية التي تمكن المحكوم له من اقتضاء حقه جبرا. فالقوة التنفيذية لا تلحق حكم المحكمين إلا بصدور أمر خاص بها يسمى أمر التنفيذ[30].

وتختلف أحكام وإجراءات تنفيذ حكم التحكيم وفقا لما إذا كانت تنظم هذه الأحكام اتفاقيات دولية أو ثنائية أو تشريعات وطنية. وسوف نتعرض في هذا المبحث إلى تنفيذ حكم التحكيم طبقا للاتفاقيات الدولية أو الثنائية(أولا) تم نشير تفصيلا إلى تنفيذ حكم التحكيم وفقا للتشريع الجزائري(ثانيا).

أولا : تنفيذ حكم التحكيم وفقا للاتفاقيات الدولية الجماعية أو الثنائية:

بدل المجتمع الدولي جهدا كبيرا في توحيد أحكام الاعتراف وتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي، حيث عقدت عدت اتفاقيات دولية تتعلق بكيفية تنفيذ حكم التحكيم. وكان لهذه الاتفاقيات أثر فعال على القواعد الوطنية في توحيد الأحكام في هذا الخصوص، وسوف نتعرض إلى أهم هذه الاتفاقيات.

1-بروتوكول جنيف في 24/09/1923.

إن أول محاولة في هذا الخصوص هو إبرام بروتوكول جنيف في شأن شرط التحكيم في 24/09/1923م من طرف عصبة الأمم المتحدة، وصادقت عليه 53 دولة. ويتميز هذا البروتوكول بالاعتراف بمبدأ سلطان الإرادة في شأن تحديد القانون الواجب التطبيق علي إجراءات التحكيم، وتتعهد الدول المتعاقدة بتنفيذ أحكام التحكيم طالما تم هذا التحكيم بناءا علي اتفاق التحكيم[31].

2-اتفاق جنيف في 26/09/1927:

تمكنت عصبة الأمم من إبرام اتفاق جنيف في خصوص تنفيذ أحكام التحكيم الدولية والمبرم في 26/09/1927 م، وصادقت علي هذا الاتفاق ما يقرب من 34 دولة[32].

3-الاتفاقية الأوربية للتحكيم التجاري الدولي في 21/04/1961 م.

بتاريخ 21/04/1961 أبرمت الاتفاقية الأوربية للتحكيم التجاري الدولي بمجهودات منظمة الأمم المتحدة، والتي صادقت عليها 29 دولة أوربية. والقصد من هذه الاتفاقية إيجاد تحكيم دولي على المستوى الأوروبي يتعلق بمنازعات التجارة الدولية فيما بين أطراف يقيمون أو تتركز أعمالهم في دول مختلفة من الدول الموقعة.

وخصصت هذه الاتفاقية لوضع قواعد الاعتراف و تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي، ونصت على هذا الأمر المادة التاسعة، حيث حظرت على الدول المتعاقدة الامتناع على الاعتراف أو تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي على سند صدور حكم ببطلانه في دولة متعاقدة أخرى إلا إذا توافر شرطان لعدم الاعتراف والتنفيذ هما[33]:

1-أن تكون الدولة التي صدر فيها الحكم ببطلان حكم التحكيم إحدى الدول المتعاقدة في الاتفاقيات الأوروبية، وأن تكون هذه الدولة المتعاقدة هي التي صدر فيها حكم التحكيم أو الدولة التي صدر الحكم وفقا لقانونها[34].

2-أن يكون بطلان الحكم مؤسسا على أحد الأسباب المحددة على سبيل الحصر وهي:

أ-نقص أهلية أحد أطراف اتفاق التحكيم.

ب-بطلان اتفاق التحكيم طبقا لأحكام قانون الإدارة، أو قانون الدولة التي صدر فيها حكم التحكيم في حالة عدم اتفاق الأطراف على القانون الواجب التطبيق.

ج-عدم إعلان طالب البطلان بتعيين المحكم، أو بإجراءات التحكيم أو عدم تمكينه من إعداد دفاعه.

د-الفصل في مسألة لا يتضمنها اتفاق التحكيم أو شروط التحكيم أو تجاوز مضمون اتفاق التحكيم أو شرط التحكيم.

ه-تشكيل محكمة التحكيم بالمخالفة مع اتفاق الأطراف أو عدم مطابقة الإجراءات لما اتفق عليه الأطراف، أو لما تنص عليه المادة 04 من الاتفاقية عند عدم وجود اتفاق بين الأطراف.

4- اتفاقية الرياض العربية للتعاون الدولي في 06/04/1983:

أبرمت اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي بتاريخ 06/04/1983، لتحل محل اتفاقية الأحكام في 14/09/1952 والتي نظمتها جامعة الدول العربية بالنسبة للدول الموقعة عليها[35].

تقضي اتفاقية الرياض بالاعتراف بالأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم أي دولة عربية هي طرف في الاتفاقية، وتقضي المادة 37 منها على أنه “مع عدم الإخلال بنص المادتين (28،30) من هذه الاتفاقية، يعترف بأحكام المحكمين وتنفيذها لدى أي طرف من الأطراف المتعاقدة بنفس الكيفية المنصوص عليها في هذا الباب مع مراعاة القواعد القانونية لدى الطرف المتعاقد المطلوب إليه التنفيذ”[36].

ومن خلال النص يتضح أنه يقتصر علي معالجة تنفيذ أحكام التحكيم الصادرة في داخل إحدى الدول الأعضاء بالاتفاقية. ويترتب علي تطبيق نص المادة 37 السالفة الذكر هو حرمان السلطة القضائية في الدولة المراد تنفيذ الحكم بداخله من التعرض لموضوع النزاع محل حكم التحكيم، ذلك أن ما تملكه السلطة القضائية المختصة هو مجرد مراجعة الشروط الشكلية لحكم التحكيم[37].

والجدير بالذكر أن حالات رفض تنفيذ حكم التحكيم المنصوص عليه في المادة 28 من اتفاقية الرياض، هي ذاتها الواردة باتفاقية نيويورك عام 1958 م كما سيتم تبيانه، إلا أن اتفاقية الرياض أضافت حالة جديدة من حالات رفض تنفيذ الحكم، هو عدم تنفيذ حكم التحكيم إذا كان مخالفا لأحكام الشريعة الإسلامية.

5-اتفاقية نيويورك المبرمة في 10/6/1958 م.

تعتبر اتفاقية نيويورك أفضل ما توصل إليه المجتمع الدولي في مجال الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية. والجدير بالذكر أن اتفاقية نيويورك حلت محل اتفاقية جنيف لعام 1927 م، وبروتوكول جنيف لعام 1923 م.

وطبقا لنص المادة الأولي من اتفاقية نيويورك تسري القواعد التي تضمنتها علي أحكام التحكيم الصادرة في إقليم دولة غير الدولة التي يطلب إليها الاعتراف و تنفيذ الأحكام علي إقليمها .كما تسري أحكام اتفاقية نيويورك علي أحكام التحكيم التي لا تعتبر وطنية في الدولة التي يطلب الاعتراف وتنفيذ الحكم فيها[38].

ولايشترط لتطبيق اتفاقية نيويورك صدور حكم التحكيم في دولة متعاقدة، بل يمتد حكمها إلي أحكام التحكيم الصادرة في دولة غير موقعة علي الاتفاقية، الأمر الذي أدي إلي توسيع نطاق تطبيقها في شأن مفهوم حكم التحكيم الأجنبي[39] .

وتطبيقا لهذه الاتفاقية، فإن الحكم الصادر في نزاع بين أطراف أجنبية وتعلق بمعاملات تجارية دولية يجري تنفيذها في الخارج، فإن هذا الحكم يعد أجنبيا خاضعا لحكم اتفاقية نيويورك[40].

وتسمح الاتفاقية للدول الموقعة بالتحفظ بصدد نصوصها المنظمة للاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، وذلك باشتراط عدم إعمالها إلا بالنسبة لأحكام المحكمين الصادرة في دولة أخري متعاقدة أي اشتراط المعاملة بالمثل، أو أن تقصر التزامها بالاعتراف وتنفيذ الأحكام علي ما يصدر في منازعات ناشئة عن علاقات قانونية عقدية بشرط أن تكون تجارية وفقا لقانونها الوطني[41].

ولعل أهم ما تضمنته اتفاقية نيويورك إقرارها مبدأ المعاملة الوطنية في شأن معاملة أحكام التحكيم الأجنبية معاملة الأحكام الوطنية. وهذا المبدأ يؤدي إلي التزام الدول المتعاقدة، الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم وفقا لقوانين المرافعات الوطنية السارية التطبيق داخل هذه الدول دون تمييز[42].

كما يترتب على هذا المبدأ عدم إمكان الدول الموقعة علي الاتفاقية تطبيق أحكام أكثر تشددا على أحكام التحكيم الأجنبية عن مثيلتها الوطنية.

ونصت المادة الثالثة من الإتفاقية على أنه ” تعترف كل من الدول المتعاقدة بحجية حكم التحكيم وتأمر بتنفيذه طبقا لقواعد المرافعات المتبعة في الإقليم المطلوب إليه التنفيذ طبقا للشروط المنصوص عليها في المواد التالية.

ولا تفرض للاعتراف أو تنفيذ أحكام المحكمين التي تطبق عليها أحكام الاتفاقية الحالية شروط أكثر شدة ولارسوم قضائية أكثر ارتفاعا بدرجة ملحوظة من تلك التي تفرض الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الوطنيين“.

وتتبع إجراءات تنفيذ أحكام التحكيم وفقا لقانون القاضي أي قانون الدولة التي يطلب تنفيذ الحكم فيها، مع مراعاة الحالات المحددة الموجبة لرفض التنفيذ. مع الإشارة إلى أن هذه الاتفاقية رغم ما قررته من التزامات على الدول المتعاقدة من التوفيق بين أحكام التحكيم الوطنية والأجنبية لم تقم بتسوية الأحكام بينها.

واشترطت المادة الرابعة من الاتفاقية أن يرفق طلب تنفيذ حكم التحكيم بالوثائق الآتية:

-أصل حكم التحكيم أو نسخة معتمدة منه.

-أصل اتفاق التحكيم أو نسخة معتمدة منه.

-ترجمة رسمية أو معتمدة، في حالة صدور حكم التحكيم المراد تنفيذه بلغة غير لغة الدولة المراد تنفيذ الحكم بداخلها.

وتتميز اتفاقية نيويورك بمرونة أحكامها ووضوحها، حيث أجازت لأي دولة متعاقدة التحفظ في تطبيق نصوصها الداخلية دون إهمالها في شأن الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية. بالإضافة إلى سهولة إتباع إجراءاتها، مما أدى إلى الإقبال على الانضمام لها من طرف الدول.

ثانيا: تنفيذ حكم التحكيم في التشريع الجزائري.

لقد قررت اتفاقية نيويورك السالفة الذكر على أن الدول المتعاقدة تعترف بحجية التحكيم وتأمر بتنفيذه طبقا للقواعد والأصول المتبعة في إقليم الدولة المطلوب التنفيذ على أرضها.وطبقا لنص المادة 1031 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية فإن أحكام التحكيم تحوز حجية الشيء المقضي فيه بمجرد صدورها فيما يخص النزاع المفصول فيه.

1- من حيث المحكمة المختصة:

وفقا للمادة 1035 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية فإن المحكمة المختصة بتنفيذ حكم التحكيم هي المحكمة التي يتلقى رئيسها بتلقي طلب الأمر بالتنفيذ، وهي المحكمة التي صدر في دائرة اختصاصها حكم التحكيم ويودع أصل الحكم في أمانة ضبط المحكمة من الطرف الذي يهمه التعجيل.

2 – حقيقة المقصود من الأمر بالتنفيذ:

لا يعد بالأمر بالتنفيذ دليلا على صلاحية الحكم للتنفيذ الفوري، إنما وضع الصيغة التنفيذية عليه هي وحدها دليل هذه الصلاحية. وعليه لا ينظر في صلاحية الحكم للتنفيذ إلا عند تسليم صورته التنفيذية إلى المحكوم له بعد تذييلها بصيغة التنفيذ[43].

يجب على طالب التنفيذ أن يودع بأمانة ضبط المحكمة حكم التحكيم ونسخة من اتفاق التحكيم، وتوضح الصيغة التنفيذية على الحكم. وفي حالة رفض طلب التنفيذ يمكن للخصوم استئنافه في أجل 15 يوما من تاريخ الرفض أمام المجلس القضائي وذلك وفقا للمادة 1035 الفقرة3 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

ويمارس القاضي وهو ينظر في إصدار أمر التنفيذ سلطة ولائية يباشرها دون مواجهة، وعليه بداية التحقيق من أن المستند المقدم له هو حكم تحكيم بالمعنى الصحيح، وليس عملا قانونيا أخر[44]. وإذا تأكد من هذا فإنه ينظر في إصدار المر بالتنفيذ، ولا يتولى تحقيق القضية التي صدر فيها حكم التحكيم، وإنما تقتصر سلطته على التأكد من المشروعية الظاهرة للحكم[45].

ويكون الأمر القاضي برفض الاعتراف أو برفض التنفيذ قابلا للاستئناف، أما الأمر القاضي بالاعتراف أو التنفيذ فلا يمكن استئنافه إلا في الحالات المحددة في المادة 1056 السالفة الذكر، وهذا إذا تعلق الأمر بأحكام التحكيم الأجنبية أو الصادرة في تحكيم دولي.

ويلاحظ أن المشرع الجزائري فتح الباب لاستئناف الأمر الصادر بالتنفيذ، كما أنه توسع في الأسباب التي تبرر ذلك وهو في ذلك نهج ما اتبعه المشرع الفرنسي[46]. فالمشرع فتح باب لإستئناف القرار الصادر بالتنفيذ في كل الحالات التي تبرر طلب البطلان.

3- المستندات الواجب تقديمها:

طبقا لحكم المادة 1052 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية يتعين على طالب التنفيذ أن يرفق بطلبه مستندات محددة هي:

-أصل الحكم الصادر من هيئة التحكيم.

-صورة من اتفاق التحكيم وتودع الوثائق بأمانة ضبط الجهة القضائية المختصة من الطرف المعني بالتعجيل[47].

4- شروط تنفيذ حكم التحكيم:

لا يجوز الأمر بتنفيذ حكم التحكيم إلا بعد التحقق أنه:

– لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم الجزائرية في موضوع النزاع.

-أن لا يخالف النظام العام في الجزائر.

-إذا لم يراع مبدأ الوجاهية.

-إذا لم تسبب محكمة التحكيم حكمها، أو إذ وجد تناقض في الأسباب.

-أن تكون المحاكم الجزائرية غير مختصة أصلا بنظر النزاع محل حكم التحكيم.

الخاتمة:

نصل في ختام دراستنا إلى أن التحكيم من حيث الأصل عمل إختياري يترك للأفراد حرية ممارسته إلا أنه قد يحدث خطأ في الحكم كون من أصدره هو انسان وقد يكون هذا الخطأ يتعلق بالإجراءات التي بني عليها الحكم، أو في تطبيق القانون على الوقائع واستخلاص النتائج منها. لهذه الأسباب حولت كل التشريعات معالجة ما يقع في حكم التحكيم من أخطاء طالما أن التحكيم مقيد بقواعد النظام العام، لذلك فرضت كل التشريعات رقابة قضائية على أعمال المحكمين.

التوصيات:

-تنظيم برامج تدريب لتكوين محكمين متخصصين على مستويات عالية.

-التركيز على تدريس مقياس التحكيم التجاري الدولي في الليسانس.

-إيجاد تنسيق بين مراكز التحكيم في الدول العربية.

-العمل على تشجيع تنفيد الاحكام التحكيمية من الجهات القضائية الوطنية المختصة لتجني مصير البطلان وذلك من أجل إنعاش الحركة التجارية العالمية.

[1] أنظرد إبراهيم أحمد إبراهيم: التحكيم الدولي الخاص، الطبعة الثالثة، 2000، ص 203.

[2] ليس هناك ما يمنع أن يكون لصالح كل الطرفان وضدهما في أن واحد.

[3] أنظر أكتر تفصيلا د محمود مختار أحمد بريري: التحكيم التجاري الدولي، الطبعة الثالثة، 2007، ص 255.

[4] تقابلها المادة 55 من قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 وتنص على أنه “أن أحكام المحكمين الصادرة طبقا لهذا القانون تحوز حجيته الأمر المقضي وتكون واجبة النفاذ“.

[5] د محمود مختار أحمد بريري: مرجع سابق، ص255.

[6] أنظر المواد 323 وما يليها من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

[7] أنظر المادة 1018 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

[8] د مختار أحمد بريري: مرجع السابق، ص 172. د ممدوح عبد العزيز العنزي :بطلان القرار التحكيمي التجاري الدولي، الأسباب والنتائج-دراسة مقارنة-،الطبعة الأولى 2006،ص79.

[9] أنظر المادة 1025 من قانون الإجراءات المدنية.

[10] د أحمد أبو الوفا: التحكيم الاختياري والإجباري، الطبعة الخامسة، 1988، ص 286.

[11] علي سبيل المثال القانون اللبناني مثلا يمنع الطعن بالمعارضة في هذا الحكم، ويجيز استئنافه في جميع الأحوال.

[12] د إبراهيم سيد ابراهيم: مرجع سابق، ص 224. د ممدوح عبد العزيز العنزي: مرجع سابق،ص279 وما يليها.د حفيظة السيد الحداد: النظرية العامة في التحكيم التجاري الدولي،2010،ص321 وما يليها.

[13] المادة 1033 من قانون الإجراءات المدنية.

[14] د مختار محمود أحمد بريري: مرجع سابق، ص211.

[15] د محمود محمد بريري: مرجع سابق، ص213 .

Article 1481 du code de procédure civile France ”la sentence arbitrale n’est pas susceptible d’opposition ni de pourvoi en cassation.

Elle peut être frappée de tierce opposition devant la jurisprudence qui eut été compétente a défaut d’arbitrage sous réserve des dispositions de l’article 588 alinia1 ».

[16] راجع د محمود محمد بريري، المرجع السابق، ص215. أنظر في هذا الشأن د أحمد أبو الوفا: مرجع سابق، ص314 وما يليها.

Article 1482 du code de procédure civile France ” la sentence arbitrale est susceptible d’appel a moins que les parties n’aient renonce à l’appel dans la convention d’arbitrage, toutefois , Elle n’est pas susceptible d’appel lorsque l’arbitre a reçu mission de statuer comme faculté dans la convention d’arbitrage. »

[17] د أحمد أبو الوفا: المرجع السابق، ص220. د محمود محمد بريري: المرجع السابق ،ص 215. أنظر كذلك د مصطفى محمد الجمال، د عكاشة محمد عبد العال: التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية، الطبعة الأولى 1998م، ص761.

[18] أنظر المادة 1033 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.

[19] المادة 1057 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

[20] المادة 1060 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

[21] أنظر د أحمد أبو الوفا : مرجع سابق، ص 317 وما يليها.

[22] د حفيظة السيد الحداد: مرجع سابق، ص 325.د ممدوح عبد العزيز العنزي: مرجع سابق، ص133.

[23] د فتحي والي: قانون التحكيم في النظرية والتطبيق، الطبعة 01، 2007 ص 544.

[24] د فتحي والي: مرجع سابق، ص545. د محمود مختار بريري: مرجع سابق، ص 236. د إبراهيم سيد إبراهيم: مرجع سابق، ص226.

[25] المادة 1059 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.

[26] المادة 1060 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.

[27] المادة 1061 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.

[28] تنص المادة 600 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية على أنه “لا يجوز التنفيذ الجبري إلا بسند تنفيذي والسندات التنفيذية هي: ….. 9 – أحكام التحكيم المأمور بتنفيذها من قبل رؤساء الجهات القضائية المودعة بأمانة الضبط”.

[29] حكم التحكيم شأنه شأن حكم القضاء، يصدر متمتعا بالحجية فإنه يتميز عن أحكام القضاء بصدوره حائزا لقوة الأمر المقضي مما يجعله حكما واجب النفاد وذلك لعدم جواز الطعن فيه. أما الأحكام القضائية فهي لا تكتسب قوة الأمر المقضي إلا بعد رفض الطعن فيها أو فوات مواعيد الطعن.

[30] د فتحي والي: مرجع سابق، ص480.

[31] أنظر د إبراهيم سيد إبراهيم: مرجع سابق، ص 253.

[32] د إبراهيم سيد إبراهيم: المرجع السابق، ص 253 . د أحمد بلقاسم، التحكيم الدولي،2005 ،ص 59 وما يليها.

[33] د إبراهيم سيد إبراهيم: مرجع سابق، ص254.د حفيظة السيد الحداد: مرجع سابق، ص 505.

[34] نفس المرجع، ص255.

[35] أنظر في هذا الشأن المحامي خالد عزت المالكي، التحكيم، 2003، ص169.

[36] اتفاقية الرياض لا تعترف بالأحكام التي تصدر علي حكومة الطرف المتعاقد المطلوب إليه الاعتراف بالحكم آو تنفيذه. وكذلك الأحكام التي تصدر علي موظفي تلك الحكومة عن أعمال قام بها بسبب وظيفته أو في معرض القيام بها- الأحكام الوقتية والتحفظية -الأحكام الصادرة في قضايا الإفلاس والضرائب والرسوم.

[37] عزة المالكي: مرجع سابق، ص 170.

[38] د محمود مختار بريري: مرجع سابق، ص 279 وما يليها.عزت المالكي: مرجع سابق، ص 197 .

[39] د فتحي والي: مرجع سابق، ص 501 . أنظر د ممدوح عبد العزيز العنزي: مرجع سابق، ص 188

[40] د مختار بريري: مرجع سابق، ص 280 .د حفيظة السيد الحداد :مرجع سابق،504.

[41] دفتحي والي: مرجع سابق، ص 504 .

[42] عزت المالكي: مرجع سابق، ص 199 .

[43] د/ أحمد أبو الوفا: مرجع سابق، ص 292 .

[44] د فتحي والي: مرجع سابق، ص491.

[45] د فتحي والي: المرجع السابق، ص491 وما يليها.

[46] أنظر د مختار بريري: مرجع سابق، ص291.

[47] المادة 1053 من قانون الإجراءات المدنية.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت