تقادم الشهادة وأثره في إسقاط الحدود

دراسة فقهية موازنة بالقانون (*)

الدكتور عبد الله الفواز/ كلية الشريعة، جامعة مؤتة

ملخص

يدرس هذا البحث مسألة متعلقة بالشهادة وهي، تقادم الشهادة وأثره في إسقاط الحدود، حيث يبين معنى التقادم، أنه: مضي زمان يحدده الحاكم على عدم أداء البينة فيما لا يحتاج إلى دعوى.

وكذلك يبين آراء الفقهاء في سقوط الحد عن المشهود عليه، ويصل إلى أن تقادم الشهادة لغير عذر يسقط الحد عن المشهود عليه، لأن مجيء الشاهد للإخبار عما شاهد بعد زمان يورث شبهة في شهادته، تستوجب الرد، وعندها يسقط الحد، لأن الحدود تسقط مع الشبهة.

أما ما يتعلق بمدة التقادم وتقدير الأعذار، فإنها تترك للسلطة التقديرية للحاكم، لعدم ورود نص في ذلك، فيكون –التقدير- خاضعاً بحسب الظروف والأحوال، والأزمان.

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد.

فإن الله عز وجل لما شرع العقوبات على الجناة، طلب إثبات الجنايات المقترفة، حتى لا يعُتدى على الأموال والأعراض والأنفس بغير حق، ولذلك يقول الله تعالى (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ)[15: النساء]، فإذا لم يثبت مدعى الشهود أو ظهروا أنهم كذبة، فعندئذ – رداً لاعتبار المشهود عليه– يقام على الشهود العقوبة، وفي هذا يقول الله تعالى– (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً) [4: النور]، وجاء في الحديث– “البينة أو حد في ظهرك”([1]).

ومن وسائل الإثبات كما هو واضح من الآيات الشهـادة ، وحتى تعد الشهادة وسيلة إثبات تـدل على المشهود به في الجنايات، ويلزم الأخذ بها، فإن الفقهاء وضعوا شروطاً في الشاهد، والمشهود به، والشهادة وقد تشددوا فيها، حماية للأنفس والأعراض، لكن الشروط منها ما كان محل اتفاق، ومنها ما هو محل خلاف بين الفقهاء.

ومن الشروط المختلف فيها بين الفقهاء في الشهادة، تقادمها، وأثره في إسقاط العقوبة عن المشهود عليه، وهي موضوع بحثنا، ولن يتطرق البحث إلى تقادم العقوبة، ذلك أن التقادم يقسم إلى قسمين، القسم الأول: تقادم وسائل الإثبات، والقسم الثاني: تقادم العقوبة.

وليس الحال بعيداً عن القانون، حيث قسم التقادم الجزائي إلى نوعين، الأول: تقادم الدعوى العامة أو الجريمة، والثاني: تقادم العقوبة([2]).

ولذا فإن هذا البحث يدرس تقادم الشهادة، أو ما يعرف عند القانونيين بـ (تقادم الدعوى).

الدراسات السابقة:

فيما يتعلق بالدراسات الجنائية، اطلعت على دراستين:

الأولى: للشيخ عبد القادر عودة في كتابه التشريع الجنائي الإسلامي (ج2، ص415-417، 509) حيث تحدث عن تقادم الشهادة، دون بيان معناه، ثم تحدث عن الآراء في المسألة وأدلة الحنفية دون أدلة الجمهور، ولم تكن دراسته مقارنة بالقانون.

الثانية: للشيخ محمد أبو زهرة في كتابه العقوبة حيث تعرض للتقادم من خلال عرض الأقوال والأدلة، لكنه لم يتحدث عن الأثر المترتب على التقادم فيما يتعلق بالشهود والمدة التي يعد فيها التقادم وشروط الأخذ بالتقادم وبداية التقادم، ونقل اتفاق الحنابلة على عدم الأخذ بالتقادم، وهذا غير صحيح؛ لأن الحنابلة انقسموا إلى فريقين في هذا الموضوع، وتأتي هذه الدراسة لتكمل الدراسات السابقة، من حيث بيان معنى التقادم ومدة التقادم وبداية مدة التقادم، والمقارنة القانونية.

الخطة: جاء هذا البحث في مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة وتوصية.

المبحث الأول: التقادم لغة، وفقها، وقانونا، وفيه ثلاثة مطالب، هي:

المطلب الأول: التقادم لغة.

المطلب الثاني: التقادم فقها.

المطلب الثالث: التقادم قانوناً.

المبحث الثاني: آراء الفقهاء في رد الشهادة للتقادم وأثره، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: آراء الفقهاء في رد الشهادة للتقادم.

المطلب الثاني: أثر رد الشهادة للتقادم.

المبحث الثالث: شروط التقادم، ومدته، وبدايته، وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: شروط الأخذ بالتقادم.

المطلب الثاني: مدة التقادم.

المطلب الثالث: بداية التقادم.

الخاتمة: عرضت فيها أهم نتائج البحث.

التوصية: عرضت فيها بعض ما يمكن أن يكون سبباً في إثراء الدراسات القانونية بالرجوع إلى الشريعة الإسلامية.

والله أسأل أن أكون قد وفقت في عملي خلال البحث، فإن كان كذلك فالفضل والمنة لله تعالى، وإن أخطأت فمن تقصيري، والله أسأل المغفرة والصفح عن ذلك.

المبحث الأول

التقادم لغة وفقهاً وقانوناً

المطلب الأول: التقادم لغة

التقادم من القدم، مصدر قديم، يقال: قدم الشيء قدما، والقدم: ضد الحدوث، أي ماله تقدم بالزمان، فكل ما مضى على وجوده زمناً طويلاً فهو قديم، ويقال: تقادم الشيء أي طال عليه الزمن.

فالتقادم في اللغة: هو كل أمر مرّ على وجوده وحدوثه زمن طويل([3]).

المطلب الثاني: التقادم فقهاً

لم أعثر فيما اطلعت عليه من مصادر الفقه، على تعريف التقادم، وإن كان الفقهاء قد تحدثوا عن أحكامه، لكن الفقهاء المعاصرين ذكروا تعريفات للتقادم منها:-

1- عرفه الزرقا بقوله: هو، انقضاء زمن معين على حق في ذمة إنسان، أو على عين لغيره في يده، دون أن يطالب صاحبها وهو قادر على المطالبة([4]).

هذا التعريف للتقادم بوجه عام فيما يتعلق بحقوق العباد، وحديثنا عن تقادم الشهادة، ثم إنه ذكر انقضاء زمن معين، وهو لا يسلم، لأن التقادم لم يرد في تحديد مدته نص أو إجماع حتى يكون معيناً، ثم أنه ذكر سبب التقادم بقوله وهو قادر على المطالبة، وهو لا يسلم لأن الأسباب لا تذكـر في تعريف الشيء وإنمـا تبين ماهيته، والأسباب خارجة عن الماهية.

2- عرفه الباز بقوله: هو، مرور زمن يمنع من سماع الدعوى([5]).

هذا التعريف، ذكر نتيجة التقادم بقوله: يمنع من سماع الدعوى، وهو لا يسلم لأن النتائج خارجة عن ماهية المعرف، فلا تدخل في التعريف.

3- عرفه قلعة جي بقوله: هو مرور مدة طويلة (يحددها النظام) على الدعوى دون أن يحركها صاحبها.([6])

ذكر التعريف مدة طويلة، وقوله طويلة، وصف غير منضبط، فقد تكون السنة طويلة عند فريق، وعند فريق تكون غير ذلك.

ثم قوله على الدعوى دون أن يحركها صاحبها، فإن هذا يدخل القذف ويخرج غيره وهو غير صحيح، لأن الحدود – سوى القذف- لا تتوقف على دعوى.

المطلب الثالث: التقادم قانونا

عرف فقهاء القانون التقادم بعدة تعريفات، ومن تعريفاتهم:

1- عرفه الكيلاني بقوله: هو مرور مدة من الزمن يحددها القانون على وقوع الجريمة دون اتخاذ أي إجراء لتحريك الدعوى الجزائية، أو مباشرتها([7]).

2- عرفه جوخدار بقوله: هو انقضاء الدعوى العامة إذا مضت مدة محددة من تاريخ اقتراف الجريمة أو من تاريخ انقطاع المدة([8]).

هذا التعريف ذكر الأثر المترتب على التقادم بقوله انقضاء الدعوى، والأصل في التعريف أن يبين ماهية المعرف، لا أثره.

التعريف المختار:

بعد عرض التعريفات الفقهية والقانونية، أرى – والله أعلم – أن يعرف تقادم الشهادة بأنه: “مضي زمان حدده الحاكم على عدم أداء البينة فيما لا يحتاج إلى دعوى”.

وفي ظني، أن هذا التعريف خلا من الاعتراضات المتقدمة على التعريفات الفقهية، حيث لم يذكر أسباب التقادم، أو نتائجه، أو تحديد مدة معينة للتقادم.

قولي: مضي زمان: وهو الحد الذي يبين التقادم من حيث مرور الزمان على الفعل ومشاهدته.

وقولي: يحدده الحاكم، حيث لم يرد في الشرع نص في بيان مدته، فيكون الأمر خاضعاً للسلطة التقديرية للحاكم، والأمر عندئذ يختلف بحسب الأحوال والأزمان.

وقولي: فيما لا يحتاج إلى دعوى، يخرج به تقادم الشهادة فيما يحتاج إلى دعوى، لأن التقادم عندئذ يكون بسبب التأخر في المطالبة، كحد القذف، فإن الدعوى من المقذوف أساس للنظر فيها، فإذا تأخرت الدعوى من المقذوف، فإن هذا التأخر لا يبطل حقه في المطالبة، ولا ترد الشهادة به، لأن تأخير الشهادة كان لتأخير صاحب الحق في المطالبة به، أما غيره من الحدود فلا يتوقف على الدعوى، فالتأخر ربما يكون لعذر أو غير ذلك، فيتحقق من الأمر.

المبحث الثاني

آراء الفقهاء في رد الشهادة للتقادم

اتفق الفقهاء على عدم تأثير تقادم الشهادة في دعوى حد القذف، ذلك أن الشهادة في القذف وإن تأخرت فإنها تقبل لأنها تتوقف على الدعوى، فتأخر الشهود كان لتأخر صاحب الحق في المطالبة به، ولذا فإن الفقهاء قرروا، أن الشهادة على حقوق العباد لا تقبل بلا دعوى([9]).

المطلب الأول: آراء الفقهاء في رد الشهادة للتقادم وأثره

اختلف الفقهاء في رد الشهادة للتقادم على قولين:

القول الأول: يرى أن التقادم مانع من قبول الشهادة، وهو رأي: الحنفية([10])، والحنابلة في رواية مرجوحـة([11])، وابن أبي ليـلى([12])، ومن القوانيـن:

القانون المصري([13])، والأردني([14])، والسوري([15]).

أدلته: استدلوا بأدلة من السنة والمعقول:

أولاً: من السنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين”. (ابن حجر، التلخيص الحبير، ج4، ص490. وقال له طرق يقوي بعضها بعضاً. والظنين المتهم في دينه، زيلعي، نصب الراية، ج4، ص84).

وجه الاستدلال: إن غياب الشاهد مدة طويلة، ثم مجيئه للإخبار بما حدث فيه تهمة، ولذلك ترد شهادته([16]).

ثانياً: من المعقول، استدلوا بعدة أدلة من المعقول منها:

1- إن الشاهد، بسبب الحد مأمور بأحد أمرين: الستر احتسابا بقوله – عليه الصلاة والسلام: “من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة”. (البخاري، الصحيح، كتاب المظالم، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، ص394. مسلم، الصحيح كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، حققه: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر – بيروت، ط2، ج4، 1996م)، أو الشهادة به احتساباً لمقصد إخلاء العالم عن الفساد للانزجار بالحد، فأحد الأمرين واجب مخير على الفور كخصال الكفارة، لأن كلا من الستر وإخفاء العالم عن الفساد لا يتصور فيه طلبه على التراخي، فإذا شهد بعد التراخي لزمه الحكم بأحد الأمرين: إما الفسق، وإما تهمة العداوة، لأنه إن حمل على أنه من الأصل اختار الأداء، وعدم الستر، ثم أخره، لزم الأول، أو على أنه اختار الستر ثم شهد لزم الثاني وذلك أنه سقط عنه الواجب باختيار أحدهما، فانصرافه بعد ذلك إلى الشهادة موضع ظن أنه حركه حدوث عداوة([17]). وهذا يوجب فسقه فترد لفسقه، وذلك استناداً للقاعدة الفقهية (شاهد الحسبة إذا أخر شهادته لغير عذر لا يقبل لفسقه)([18]).

2- أن قبول الشهادة بعد مضي المدة، فيه فتح باب لشر عظيم من الأحقاد والأضغان، مما يوقع الناس في الفوضى، والاضطراب وعدم الأمن، فكان من المصلحة، وسداً للذرائع المنع من قبول الشهادة في هذه الحالة لتحقيق المصالح ودرء المفاسد المتوقعة من مثل هذه الشهادات، فدل العقل والمصلحة على قبول مبدأ التقادم([19]).

أما القانونيون فقد استدلوا بأدلة من المعقول، منها:

1- إن مرور زمن معين على حدوث الجريمة من شأنه طمس معالمها وضياع أدلتها، لاختلاط ذاكرة الشهود، مما يجعل إثبات صحتها وإسنادها إلى شخص معين أمراً متعذراً حينا، ومستحيلاً في أحيان أخرى، وقد تؤدي الملاحقة تبعا لذلك إلى وقوع القضاء في أخطاء لا تغتفر([20]).

2- إن ضرورة الاستقرار القانوني في المجتمع تدعو إلى الأخذ بمبدأ التقادم، على أساس أنه لا ينبغي أن تظل الأوضاع والمراكز القانونية مزعزعة لمدة طويلة، بل ينبغي تصفيتها خلال فترة معقولة([21]).

3- إن المجرم الذي استطاع الإفلات من سوط العدالة، يظل مدة هربه خائفاً مضطرباً، مترقباً، وفي هذا نوع من العقاب يستمر طيلة مدة التقادم، ويعد كافياً للتكفير عن الجريمة المقترفة في حق المجتمع([22]).

القول الثاني: يرى عدم رد الشهادة – للتقادم، وهو رأي: المالكية([23])، والشافعية([24])، والحنابلة في الراجح([25])، والقانون العراقي، والسوداني([26]).

أدلتهم: استدلوا لرأيهم بأدلة من القرآن، والقياس، والمعقول:

أولاً: من القرآن

1- قال تعالى: (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ) [15: النساء].

وجه الاستدلال: إن هذه الآية، أوجبت إقامة الحد، عند ظهور الجريمة بالشهادة ولم تفرق في زمان حدوث الفعل، طالما ثبت بالشهادة([27]).

2- قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً )[4: النور].

وجه الاستدلال: إن الآية أوجبت الحد على من شهد عليه بالزنا، ولا فرق إن كانت على التراخي أو الفور، وإلا فإن الشاهد يقام عليه حد القذف([28]).

ثانياً: من القياس، وهو من وجهين:

الوجه الأول: تقادم الشهادة في الحد، على التقادم في القصاص، وذلك أن الشهادة في القصاص وإن تقادمت فإنها مقبولة، لأنها في حق، وكذلك الشهادة في الحد موضوعها حق، فلا تسقط لتقادمها([29]).

الوجه الثاني: إن الإقرار، وسيلة إثبات الحدود، ولا يسقط بالتقادم، والشهادة وسيلة إثبات الحد، وحيث اجتمع الإقرار والشهادة في صفة الإثبات، فما يثبت لأحدهما وهو الإقرار أنه لا يسقط بالتقادم، يثبت الآخر، وهو الشهادة فلا تسقط بالتقادم([30]).

ثالثا: من المعقول، وهو من أوجه:

الوجه الأول: إن الشهادة وسيلة إثبات في كافة الحقوق، ولا تسقط بالتقادم فيها، فكذلك في الحدود لا تسقط بالتقادم، لأنها تثبت الحق([31]).

الوجه الثاني: إن أساس قبول الشهادة هو الصدق، وإن كون الشهادة صادقة، لا يتأثر بالتأخير ما دام الشهود عدولا، ولا يصح أن ترد شهادتهم لفرض الضغن أو التهمة في التأخير، فإن رد شهادة العدل، لا يكون إلا بأمور مستيقنة تقدح في العدالة، وليس التأخير منها([32]).

الوجه الثالث: إن التأخير قد يكون لأسباب استدعت ذلك، كعدم وجود الحاكم، أو بُعده عن الشاهد([33]).

الوجه الرابع: إن ترك الجاني دون عقاب إذا ردت الشهادة، لن يزيل منه خطورته الإجرامية، بل إن هذا يشجع الأفراد على ارتكاب الجرائم([34])، وعندئذ فإن المجرم سيبقى خطرا على المجتمع ما دام طليقاً دون معاقبة([35]).

المناقشة: مناقشة أصحاب الأقوال

أولاً: مناقشة أصحاب الرأي الأول أدلة الرأي الثاني:

1- القياس على عدم رد الشهادة بالتقادم في القصاص، لا يسلم، لأن حقوق العباد يشترط فيها الدعوى، فتأخير الشاهد لتأخير الدعوى، لا يلزم منه فسق ولا تهمه([36]).

وكحد القذف، لأن الشهادة عليه لا تقبل إلا بخصومة المقذوف وطلبه الحد، فإنما أخروا الشهادة لعدم الخصومة من المقذوف، ولأن فيه بعض حق العباد، وهو دفع العار عن المقذوف، فمتى أقام الحجة، وجب الحكم به لدفع الضرر عنه([37]).

وكذلك حد السرقة يجتمع فيه أمران: المال والحد، والدعوى فيه إنما تشترط للمال، ولا تشترط للحد، لأن الحد خالص حق الله تعالى، فلو شهد على سارق في مال غائب، قبلت في المال دون الحد، ويحبس لحين حضور المسروق منه، ودعواه الملك لاحتمال حق السارق في المال([38]). وبتأخير الشهود في السرقة وكتمانها مدة طويلة، يكونون آثمين، فلا تقبل بعد ذلك في الحد لتمكن الشبهة فيها، والحدود تدرأ بالشبهات، لكن لا يؤثر في المال، حيث لا يسقط بالشبهة بل يثبت بها([39]).

2- قياس تقادم الشهادة على تقادم الإقرار، لا يسلم، لأن الإقرار لا يظهر فيه التهمة أو الفسق لأن الإنسان لا يعادي نفسه، فلا يبطل بالتقادم لعدم التهمة([40])، بخلاف الشهادة التي يظهر فيها العداوة والنقمة بالتقادم، لذا فإنها ترد.

ثانياً: مناقشة أصحاب القول الثاني أدلة القول الأول:

إن القول بأن ضرورة الاستقرار القانوني تدعو للأخذ بمبدأ التقادم، لا يسلم، لأن مؤدى هـذا منافـاة العدالة، التي تتطلب معاقبة فاعل الجريمة مهما مضت المدة على ارتكابها، فالعدالة لا تجيز إفلات المجرمين من العقاب لمجرد فوات الوقت، لأن العدالة لا تسقط بمرور الوقت، فهي خالدة مهما طال عليها الزمن([41]).

الرأي الراجح:

أرى – والله أعلم – أن القول الذي يرى رد الشهادة للتقادم، هو الراجح، ويؤيد هذا، أمران، الأول: إيراد المناقشة على أدلة القول الثاني، الأمر الثاني: إيراد أدلة تؤيد القول الأول.

الأمر الأول: إيراد المناقشة على أدلة القول الثاني.

* إن الاستدلال بالآيتين صحيح، لكنه لا يسلم مطلقاً، لأنهما عامتان، والعام يبقى على عمومه، ما لم يرد ما يخصصه، وقد جاء في الحديث رد الشهادة للتهمة وهو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين” -التهمة- (ابن حجر، التلخيص الحبير، ج4، ص490)، فيصبح عندئذ الشهادة تكون مقبولة، ما لم يكن الشاهد متهما فيها، ومن ذلك مجيئه لأدائها بعد زمان دون عذر لتأخره وهو التقادم.

* إن قياس تقادم الشهادة في الحدود على تقادم الشهادة في القصاص، لا يسلم، ذلك أن الحدود تدرأ بالشبهات، بخلاف حقوق العباد التي تستوفى مع الشبهة.

* قولهم إن الشهادة وسيلة إثبات في كافة الحقوق..، لا يسلم، ذلك أن الشهادة، لا تكون وسيلة إثبات، إلا إذا انتفى ما يبطلها، والتقادم يجعلها باطلة لقيام التهمة في الشاهد عند شهادته بحد متقادم.

* القول بأن أساس قبول الشهادة، صدق الشاهد، هذا صحيح، ولكن هناك فرق بين صدق الشاهد، وبين تطاول زمان على شهادته يؤدي إلى غياب معلومات حقيقية حول ما شاهده، مما يجعل شهادته محل شك، وإن كان عدلاً.

* قولهم إن التأخير قد يكون لأسباب استدعت ذلك، هذا صحيح، وهو ليس محل نزاع، إذ يقول الحنفية بأن بعد المسافة عن الحاكم يعد عذراً في التقادم فتقبل الشهادة.

* قولهم إن ترك الجاني دون عقاب… هذا صحيح، إذا انتفت موانع قبول الشهادة، لكن إذا كانت الوسيلة التي يثبت به الجرم، ويترتب عليه العقاب، لم تثبـت، فكيف يقام العقاب؟

الأمر الثاني: إيراد أدلة تؤيد القول الأول:

هناك دليلان يؤيدان سقوط الحد للتقادم، وهما:

الدليل الأول: قيام الأدلة على درء الحد بالشبهة، حيث أن تأخر الشهود دون عذر، لأداء الشهادة يورث تهمة في شهادتهم عند أدائها، والأدلة على درء الحد بالشبهة كثيرة، منها ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابة، ومن ذلك:

* ما روته عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم لمسلم مخرجا فخلوا سبيله، فإن الإمام إن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة”. (الترمذي، محمد بن عيسى، السنن، كتاب الحدود، باب ماجاء في درء الحدود، دار الكتب العلمية – بيروت، ط1، 1408ﻫ/ 1987م، ج4، ص25).

* ما روته عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ادرؤوا الحدود بالشبهات ما استطعتم”. (الحاكم، أبو عبدالله محمد، المستدرك، مكتبة النصر – الرياض، قال عنه حديث صحيح، ج4، ص384. وقال البوصيري: كونه موقوفاً اصح. البوصيري، أحمد بن أبي بكر، مصباح الزجاجة، دار الكتب الإسلامية، حققه: موسى علي والدكتور عزت عطيه، ج2، ص303).

* عن عمر رضي الله عنه، قال: “لأن أعطل الحدود بالشبهات خير من أقيمها بالشبهات”([42]).

* عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: “ادرؤوا الجلد والقتل عن المسلمين”([43]).

الدليل الثاني: إن تأخر الشاهد زماناً، ثم مجيئه، للإخبار فيه تهمة، حيث حركته العداوة أو الحقد، والشهادة ترد بالتهمة، ذلك لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه (رد شهادة الخائن والخائنة وذي الغمر على أخيه). (أبو داوود، السنن، كتاب الأقضية، باب من ترد شهادته، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1421ﻫ/ 2000م. ج3، ص384. ابن ماجة، السنن، كتاب الأحكام، باب من لاتجوز شهادته، حققه محمود نصار، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1419ﻫ/ 1998م، ج3، ص130). الغمر– أي الحقد والعداوة([44]).

المطلب الثاني: أثر رد الشهادة للتقادم

بعدما ترجح لدي في المطلب السابق رد الشهادة بالتقادم، فهل تسقط العقوبة، عن المشهود عليهم وعن الشهود أم لا فقها، وهل ترد الدعوى بالحق الشخصي والجزائي أم لا قانونا، وهو ما أبحثه في فرعين:

الفرع الأول: أثر رد الشهادة للتقادم فقها.

اتفق فقهاء الحنفية على سقوط الحد عن المشهود عليه، وذلك لأن سبب ثبوت الجناية تطرقت إليه الشبهة فأفسدته، فما عاد صالحا لترتب نتائجه عليه، أما الشهود فالقول الراجح لدى الحنفية أنهم لا يحدون – إذا كانت الشهادة على الزنا – حد القذف، وذلك لأن عددهم متكامل، وأهلية الشهادة قائمة فيهم، وذلك يمنع أن يكون كلامهم قذفا.

وهناك قول ضعيف في المذهب يرى إقامة الحد على الشهود([45]) وذلك لأن شهادتهم ردت فلم يثبت ما شهدوا به، فكانت شهادتهم قذفاً، ولذا يحدون حد القذف.

لكن يبدو – والله أعلم – أن القول الأول هو الأرجح ذلك أن الشهود لما جاءوا وشهدوا بما علموا، فإن ظاهر حالهم الصدق فيؤخذ في هذا الجانب لدرء حد القذف عنهم، وترد الشهادة ولا يؤخذ بها في حق المشهود عليه، لقيام الشبهة في شهادة الشهود لتأخرهم عن أداء الشهادة – والله أعلم-.

الفرع الثاني: أثر رد الشهادة للتقادم قانوناً.

اعتبرت القوانين النصوص الخاصة بالتقادم من النظام العام، لأنها تستهدف المصلحة العامة، لا مصلحة شخصية المتهم([46])، ويترتب على اكتمال مدة تقادم الدعوى الجزائية دون انقطاع عدة أمور:

1- سقوط الجريمة ، أو إزالة نتائجها الجزائية بالنسبة لكل المساهمين فيها([47]).

2- ليس للمتهم أن يتنازل عن الدفع بالتقادم([48]).

3- المحكمة تقضي به–انقضاء الدعوى الجزائية- من تلقاء نفسها دون أن يتقدم المدعي عليه بذلك([49]).

4- منع النيابة العامة، أو أية جهة أخرى من إقامتـها وتحريكها، أو اتخاذ أي إجراء فيها([50]).

5- بقاء الفعل المادي غير مشروع([51]).

6- أما فيما يتعلق بالدعوى المدنية، أي التعويض عن الأضرار المتولدة من الدعوى الجزائية، فان القوانين انقسمت إلى فريقين في سقوطها، فالقانون الأردني([52]) والسوري([53])، أوجبا إسقاط الدعوى المدنية المترتبة على الدعوى الجزائية. أما القانون المصري([54])، فقد فصل بين الدعويين، فلم يوجب إسقاط الدعوى المدنية، بسقوط الدعوى الجزائية.

المبحث الثالث

شروط التقادم، ومدته، وبدايته

المطلب الأول: شروط الأخذ بالتقادم

يكون البحث في هذا المطلب، بحسب المذهب الحنفي لأنهم قالوا بتأثير التقادم، ولذا وضع فقهاء الحنفية شروطاً للأخذ بمبدأ التقادم، ومنها:

أولاً: أن لا يكون المانع لعذر، فلو تأخر الشهود عن أداء الشهادة لعذر شرعي مقبول، لا يعد تأخيرهم هذا تقادماً يمنع من قبول سماع هذه الشهادة، ومن الأعذار:

* عدم وجود الحاكم، أو البعد عن الإمام، بحيث يتطلب الوصول إليه زماناً([55]).

* المرض الذي يمنع الشاهد من الوصول إلى الحاكم([56]).

* الحبس، أو الإكراه الذي لا يتحقق معه الوصول إلى الإمام([57]).

* الخوف على النفس في الطريق([58]).

هذه الأعذار، ليست على سبيل الحصر ، بل كل سبب يعد مانعا من الوصول إلى الحاكم، والمسارعة في أداء الشهادة، لا يؤثر على صحة الشهادة أو أدائها([59]). فتقبل وإن تأخر زمان أدائها.

ثانياً: ألا تنقضي مدة التقادم المقررة، فإذا مضت المدة الزمنية التي يحتمل فيها أداء الشهادة، ثم أراد الشاهد الأداء، فإنه لا يقبل منه أداؤها([60]).

ثالثاً: ألا يكون التأخير، لتوقفه على الدعوى، كما في حد السرقة بشأن المال، وحد القذف([61]).

المطلب الثاني: مدة التقادم

أبحث في هذا المطلب، المدة التي إذا مضت حكم بتقادم الشهادة، ورد الدعوى، وفيه فرعان:

الفرع الأول: مدة التقادم لدى فقهاء الحنفية.

اتفق الحنفية على أن التقادم غير مانع من قبول الشهادة في حد السرقة بشأن المال، وحد القذف، لأن أداء الشهادة، متوقف على الدعوى، فإذا تأخرت الشهادة، لتأخر الدعوى، فإن ذلك يعد عذراً لتقادمها فتقبل.

لكنهم اختلفوا في مدة التقادم بشأن حد السرقة- القطع- والزنا، وشرب الخمر، على الأقوال الآتية:

أولاً : مدة التقادم على الشهادة في حدي الزنا والسرقة – القطع-.

اختلف الحنفية في المدة على أربعة أقوال:-

القول الأول: يرى أن المدة غير محددة، لأن ذلك يختلف باختلاف أحوال الناس في البعد من القاضي والقرب، والتوقيت لا يكون بالرأي، بل بالنص، ولعدم وجود نص، فإنه يوكل إلى الحاكم. وهو قول أبي حنيفة في رواية أبي يوسف عنه([62]).

القول الثاني: يرى أن المدة تقدر بستة أشهر، وهو قول أبي حنيفة في رواية الطحاوي عنه، وهو مبني على تفسير الحين عند عدم وجود النية في الحلف بأداء الدين، فلو حلف المدين أن يؤدي الدين بعد حيـن، فإن المدة هي ستة أشهر([63]).

القول الثالث: يرى أن المدة مقدرة بسنة، وهو قول أبي حنيفة في رواية الحسن بن زياد عنه([64]).

القول الرابع: يرى أن المدة مقدره بشهر، لأن الشهر أدنى الأجل، فما كان دونه فهو في حكم العاجل([65]). وهو قول أبي حنيفة في رواية ثانية لأبي يوسف عنه، وأبي يوسف ومحمد بن الحسن، وهي الرواية الراجحة في المذهب الحنفي([66]).

ثانياً: مدة التقادم على الشهادة في حد الشرب.

اختلف الحنفية في المدة على قولين:

القول الأول: يرى أن المدة محددة بزوال الرائحة، فالشرط وجود الرائحة وقت الشهادة، وإلا فإن الشهادة تُعدّ متقادمة، فلا تقبل، وهو قول الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف([67]) واستدلا لرأيهما بأدلة من الأثر والمعقول.

أولاً: من الأثر، وهو ما يروى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه (جلد رجلاً وجد منه ريح خمر) ([68]). دل هذا الأثر أن الرائحة ما دامت قائمة يستدل منها على الشرب، فإذا جاءت الشهادة في هذا الزمان كانت مقبولة، وإلا فلا.

ثانياً: من المعقول، وهو إن قيام الرائحة أقوى في الدلالة على قرب العهد بالشرب، فيكون زوالها أكثر دلالة على تقادم العهد، وإنما يصار إلى التقدير بالزمان عند تعذر اعتباره، والتمييز بين الروائح ممكن للمستدل وإنما تشتبه على الجهال([69]).

القول الثاني: يرى أن المدة محددة بشهر، وهو قول محمد بن الحسن([70]).

استدل محمد بن الحسن لقوله بالمعقول، من وجهين، هما:

الوجه الأول: إن التقادم هو مرور الزمان، فالأصل أن يكون تقديره بالزمان، لا بوجود الرائحة وزوالها([71]).

الوجـه الثاني : إن تحقق التقادم بمرور الزمان أمـر مقطوع به، بينما تحققه برائحة أمر مشكوك فيه، فقد يكون منه، أو من غيره، والمقطوع به مقدم على المشكوك فيه([72]).

وناقش محمد قول أبي حنيفة، بأن قولكم إن وجود الرائحة، أقوى في الدلالة،…، غير صحيح إذ يمكن تحقق القرب بصور منها التقدير بزمان، وهو الشهر فما كان فوقه يدل على التقادم وما كان دونه يدل على القرب([73]).

الرأي الراجح:

أرى – والله أعلم – أن التوقيت بمدة زمنية هو الأولى، ولكن يترك تحديد مقدارها للقاضي تبعا لاختلاف الأزمان والأحوال، ولأنه لم يرد نص شرعي بمقدارها، فيترك أمرها لسلطة القاضي التقديرية، وذلك لما يلي:

* فيما يتعلق بالأثر المروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذي استدل به أبو حنيفة وأبو يوسف رضي الله عنهما هو صحيح، لكن عبد الله بن مسعود لم يقم الحد لمجرد أنه وجد رائحة الخمر، بل لأنه لما سأل الرجل عن شربه الخمر سكت، وهذا إشارة إلى إقراره، عندما سأله عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “أتشرب الرجس وتكذب القرآن، لا أقوم حق تجلد الحد، فجلد الحد”([74]). فالرجل لم ينكر شربه الخمر، ولم يعتمد عبد الله بن مسعود على رائحة الخمر، بل للإقرار.

* إن الاعتماد على وجود الرائحة، لا يكفي إذ قد يشرب الإنسان شراباً، أو طعاماً، له رائحة الخمر، ولا يقام الحد عليه لذلك، وفي أيامنا هناك من الأشربة المسكرة، ليس لها رائحة، فهل يسقط الحد لعدم وجود الرائحة؟

الفرع الثاني: مدة التقادم قانوناً:

* اتفقت القوانين التي أخذت بمبدأ التقادم على أنه من الأسباب العامة لانقضاء الدعوى الجزائية، فهو لعموميته كمبدأ، فإنه يسري على كافة الجرائم مهما بلغت خطورتها، على أن القوانين فرقت بين تقادم الجنايات والجنح والمخالفات([75]) على النحو الآتي:

* إذا كانت الجريمة جناية فالمدة عشر سنوات.

* إذا كانت الجريمة جنحة، فالمدة ثلاث سنوات.

* إذا كانت الجريمة مخالفة، فالمدة سنة واحدة.

والمدة تحسب من تاريخ وقوع الجريمة إذا لم تجر ملاحقة بشأنها خلال تلك المدة، وهذا فيما يتعلق بالجنايات والجنح، أما المخالفات فمضي سنة من تاريخ وقوعها سواء جرت ملاحقة لها ولم يصدر بها حكم، أو لم تتم ملاحقتها([76]).

إلا أن القوانين نصت على مدة خاصة لبعض الجنايات والجنح، ومن ذلك ما جاء في المادة (79) من قانون المطبوعات السوري: ان الحق العام والحق الشخصي في الدعاوى الناشئة عن جرائم المطبوعات يسقطان بالتقادم بانقضاء ستة أشهر من تاريخ وقوعها([77]).

وما جاء في المادة (475/4) من أن الدعوى العامة في جرائم الزنا تتقادم (بانقضاء ثلاثة أشهر على اليوم الذي اتصل فيه الجرم بعلم الزوج أو الولي) ([78]).

وفي حال النص على المدد الخاصة، فالواجب الأخذ بها، وإغفال النص العام الذي حدد مددا عامة لعموم الجنايات أو الجنح.

المطلب الثالث: بداية التقادم

تقدم الحديث في المطلب السابق، عن مدة التقادم في الحدود، والجنايات والجنح، والمخالفات، وهنا أبحث مسألة، وهي متى يبدأ حساب مدة التقادم، وأبحثها في فرعين:

الفرع الأول: بداية مدة التقادم فقهاً

تكفلت مجلة الأحكام العدلية، بيان زمان مدة التقادم حيث نصت المادة (667) على أنه: “يعتبر مرور الزمان من تاريخ وجود صلاحية الإدعاء في المدعى به، فمرور الزمن في دعوى الدين المؤجل، إنما يعتبر من حلول الأجل، لأنه ليس للمدعي صلاحية دعوى ذلك الدين، ومطالبته قبل حلول الأجل([79]).

فبينت المادة أن المدة تبدأ من تاريخ وجود صلاحية الإدعاء في المدعى به، وهذا يعني أن وقت التقادم يبدأ في الجنايات من يوم حدوثها، لأنه الوقت الذي يمكن للشاهد، الإبلاغ عما رآه أو أن يسكت، فهو بداية وقت التقادم.

الفرع الثاني: بداية مدة التقادم قانونا:

اتفقت القوانين على احتساب مدة التقادم من اليوم التالي لوقوع الجريمة، ومن ذلك ما جاء في المادة (349/1) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني على أنه (يحسب التقادم من يوم إلى يوم مثله من دون اليوم الأول) ([80]) وعلى ذلك فإن المدة لا تبدأ إلا من اليوم التالي لوقوع الجريمة، ولا تكتمل إلا بانقضاء آخر يوم فيها، ولا عبرة عندئذ بزمان اكتشاف الجريمة، أو افتضاح أمر الجاني إذا كتمها زمانا.

ولكن لظروف بعض الجرائم، وأحوالها الخاصة، فإن القوانين نصت على احتساب البداية بحسب تكييف الجريمة، ومن ذلك([81]):

1- الجرائم المتتابعة – كسرقة التيار الكهربائي، فإن المدة تحسب من اليوم التالي لآخر عمل تم تنفيذه، فلو سرق مرات بينها شهور– فيبدأ حساب المدة من المدة الأخيرة، وكذلك جرائم النصب والاحتيال، فإنها تحسب من اليوم التالي لآخر مبلغ قبضه، واحتال فيه على المجني عليه.

2- الجريمة المستمرة، وهي الجرائم التي تقبل بطبيعتها الاستمرار، كجريمة حمل السلاح بدون ترخيص، فتبدأ سريان مدة التقادم من اليوم التالي لانتهاء حالة الاستمرار، أي أنه يبدأ من اليوم التالي للتخلي عن السلاح.

وعلى المحكمة التي تصدر حكمها بشأن الجناية المرتكبة، أن تحدد في حكمها تاريخ وقوع الجريمة، حتى تتيح لمحكمة التمييز التحقق من صحة تطبيق القانون، وإلا كان الحكم مشوبا بالقصور في التسبب([82]).

الخاتمة

بعد هذا العرض لتقادم الشهادة وأثره في إسقاط الحدود، أضع النتائج الآتية:

الأولى: يعرف تقادم الشهادة أنه: مضي زمان على عدم أداء البينة فيما لا يحتاج إلى دعوى، وذلك لأنه لم يرد نص يبين مدة التقادم، فيترك الأمر لسلطة القاضي التقديرية، كما أن التقادم قد يكون لسبب تأخر صاحب الحق في رفع الأمر للقضاء إذا كان الأمر يتوقف على دعواه فلا يكون التقادم مفسداًً للشهادة.

الثانية: إن تقادم الشهادة لغير عذر كعدم البعد عن الحاكم يعد سبباً في اعتبار الشهادة غير مقبولة، لأن مجيء الشاهد بعد زمان في هذه الحال للإخبار عما رآه يعد تهمة في شهادته، وهذه التهمة تورث شبهة في الشهادة فترد الشهادة لذلك.

الثالثة: إن تقادم الشهادة يسقط الحد فيما هو حق لله تعالى وذلك لأن الشبهة تطرقت إلى الشهادة، وإذا كان الأمر كذلك، فإن الحد يسقط بالشبهة، ولا ينفذ معها، أما ما يتعلق من الحدود بحق العباد، فإن تقادم الشهادة لا يعد سببا في إسقاط الحق، لأن حقوق العباد تستوفى مع الشبهة.

الرابعة: بسقوط العقوبة الجزائية عن المشهود عليه تسقط العقوبة عن الشاهد وذلك لأن شهادته كاملة، وأهليته متوافرة، وهذا يمنع أن يكون كلامه كذباً.

الخامسة: يترك للحاكم تقدير الأعذار التي تسبب تأخر الشاهد عن أداء شهادته، وكذا المدة الزمنية، لعدم النص على ذلك فيكون الأمر خاضعاً للسلطة التقديرية للقاضي، تبعاً لاختلاف الأزمان والأحوال.

التوصية

1- إجراء الدراسات المقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، ذلك أن مثل هذه الدراسات تبين سبق الشريعة في كثير من التشريعات والأنظمة الوضعية.

2- عقد المؤتمرات الفقهية، واستضافة علماء القانون الوضعي، للبحث في مختلف الأمور، وهذا من شأنه إعطاء فكرة واضحة عن الأحكام الشرعية للقانونيين، حيث تخلو دراساتهم من بيان رأي الشريعة الإسلامية، فيمكن أن يكون هذا حافزاً للقانونيين أن يراجعوا كثيراً من الأنظمة والقوانين التي يْحكِّمونها.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

(*) المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، جامعة آل البيت، العدد (1)، 1426ه‍ / 2005م.

الهوامش

([1]) البخاري، محمد بن اسماعيل، الصحيح، كتاب التفسير باب ويدرؤ عنها العذاب ص827.

([2]) جوخدار، حسن، أصول المحاكمات الجزائية – الجزء الأول- الدعاوي التي ينظرها القضاء الجزائي، مطبعة الإنشاء – دمشق 1401ﻫ/1981م، ص121. خليل البحر، ممدوح، مبادئ قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني – دار الثقافة – عمان، ط1، 1419ﻫ/ 1998م، ص98.

([3]) ابن منظور، جمال الدين بن مكرم، لسان العرب، باب الميم فصل القاف، دار صادر- بيروت. الفيروز آبادي، محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، باب الميم فصل القاف، مؤسسة الرسالة – ط2، 1407ﻫ/ 1987م. إبراهيم، أنيس، المعجم الوسيط، مادة (قدم)، دار عمران – ط 2، ج2، ص747.

([4]) مصطفى، أحمد، الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد: المدخل الفقهي العام، مطبعة الإنشاء، دمشق، ط2، ج1، ص243، ورد التعريف في الهامش.

([5]) سليم رستم، شرح مجلة الأحكام العدلية، المطبعة الأدبية، 1923م، ص983.

([6]) محمد رواس وصادق حامد، معجم لغة الفقهاء، دار النفائس، بيروت، ط1، 405ﻫ/ 1985م ، ص139.

([7]) فاروق، محاضرات في قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني والمقارن، ط1، 1401ﻫ/1981م، ص263. ممن ذهب إلى مثل هذا التعريف: القيسي، ميسون مصطفى، التقادم في القانون الجزائي الأردني – دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، الجامعة الأردنية 1413ﻫ/1993م، ص15. خليل البحر، ممدوح، مبادئ قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني.

([8]) حسن، أصول المحاكمات الجزائية، ج1، ص121.

([9]) البورنو، محمد صدقي بن أحمد، موسوعة القواعد الفقهية، مكتبة التوبة- الرياض، دار ابن حزم، بيروت، ط1، 1412ﻫ/2000م، ج6، ص169.

([10]) المرغيناني، علي بن أبي بكر، الهداية في شرح بداية المبتدي، دار إحياء التراث العربي، ط1، 1416ﻫ/ 1995م، ج2، ص349. الحصكفي، محمد ابن علي، الدر المنتقي، دار الكتب العلمية، ط1، 1419ﻫ/ 1998م ج2، ص353.

([11]) المرداوي، علي بن سليمان، الإنصاف، دار الكتب العلمية – بيروت، ط1، 1418ﻫ/ 1997م، ج12، ص8.

([12]) العيني، محمود بن موسى بن أحمد، البناية شرح الهداية، تحقيق: أيمن صالح، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1420ﻫ/ 2000م ، ج6، ص325.

([13]) محمد، عوض، الوجيز في قانون الاجراءات الجنائية، دار المطبوعات الجامعية – الإسكندرية، ص105.

([14]) القيسي، ميسون، التقادم في القانون الجزائي الأردني، ص30.

([15]) الفاضل، محمد، الوجيز في أصول المحاكمات الجزائية، مطبعة الإحسان، دمشق، ط1، 1396ﻫ/ 1976م، ج1، ص66.

([16]) ابن قدامة، المغني، ج10، ص187.

([17]) ابن الهام، محمد بن عبد الواحد، فتح القدير، دار الفكر – بيروت، ط2، ج5، ص279.

([18]) الحموي، غمز عيون البصائر، دار الكتب العلمية- بيروت، ط1، 1405ﻫ/ 1985م، ج2، ص324.

([19]) الكاساني، علاء الدين مسعود، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، دار الكتب العلمية- بيروت، ط1، 1418ﻫ/1997م، ج9، ص230. المرغيناني، الهداية، ج2، ص349.

([20]) جوخدار، حسن، أصول المحاكمات الجزائية، ص122.

([21]) الكيلاني، فاروق، محاضرات في قانون أصول المحاكمات، ص265. محمد، عوض، الوجيز في قانون الاجراءات الجنائية، ص104.

([22]) رمضان، عمر السعيد، مبادئ الإجراءات الجنائية، 1408ﻫ/ 1988م، ج1، ص172. الحلبي، محمد، الوسيط في شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية – الجزء الأول – دعوى الحق العام والحق الشخصي، مرحلة التحري والاستدلال دار الثقافة – عمان، 1416ﻫ/ 1996م ص157-158.

([23]) الحطاب، التاج الأكليل، مطبعة السعادة، القاهرة، ط1، 1329ﻫ، ج6، ص313. سحنون، المدونة الكبرى، المكتبة العصرية، ط1، 1419ﻫ/ 1999م، ج7، ص2480.

([24]) الشربيني، محمد الخطيب، مغني المحتاج، دار المعرفة، ط1، 1418ﻫ/1997م، ج4، ص196. الماوردي، علي بن محمد، الأحكام السلطانية، ط2، 1388ﻫ/ 1966م، ص225.

([25]) ابن قدامه، عبد الله بن أحمد، المغني، دار الفكر، ط1، 1404ﻫ/ 1984م، ج10، ص182.

([26]) البحر، ممدوح خليل، مبادئ قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، ص99.

([27]) البهوتي، منصور بن يونس، كشاف القناع، دار الكتب العلمية – بيروت، ط1، 1414ﻫ/ 1994م.

([28]) الماوردي، علي بن محمد، الحاوي، حققه: علي محمد وعادل أحمد، دار الكتب العلمية- بيروت، ط1، ج13، ص229.

([29]) الرحيباني، مصطفى، مطالب أولي النهي، ط1، 1381ﻫ / 1961م.

([30]) الماوردي، الحاوي، ج13، ص229 بتصرف.

([31]) الروياني، عبد الواحد بن إسماعيل، بحر المذهب، حققه: أحمد عزو، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1423ﻫ /2002م، ص131، 39.

([32]) أبو زهرة، محمد، الجريمة، دار الفكر العربي، ص63.

([33]) الرحيباني، مطالب أولي النهي، ج6، ص594.

([34]) جهاد، جودة حسين، الوجيز في شرح قانون الاجراءات الجزائية لدولة الإمارات، ص144. نجم، محمد، الوجيز في قانون أصول المحاكمات الجزائية، دار الثقافة – عمان، ط1، 1411ﻫ/ 1991م، ص101.

([35]) عوض، محمد، أحوال انقضاء سلطة العقاب بالتقادم، القاهرة، 1385ﻫ/ 1965م، ص36. الفاضل، محمد، الوجيز في اصول المحاكمات الجزائية، ص162.

([36]) ابن الهمام، فتح القدير، ج5، ص279.

([37]) ابن عابدين، محمد أمين، رد المحتار على الدر المختار، حققه: عادل أحمد وعلي محمد، دار عالم الكتب، الرياض- طبعة خاصة، 1423ﻫ /2003م، ج6، ص47. السرخسي، أحمد بن أبي سهل، المبسوط، ج9، ص69.

([38]) الزيلعي، عثمان بن علي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، المطبعة الكبرى–مصر، ط1، ج3، ص188.

([39]) الموصلي، عبدالله بن مودود، الاختيار لتعليل المختار، ج4، ص82. ابن نجيم، زين الدين بن إبراهيم، البحر الرائق، المطبعة العربية- باكستان، ج5، ص20.

([40]) ابن الهمام، فتح القدير، ج5، ص279.

([41]) الكيلاني، فاروق، محاضرات في قانون اصول المحاكمات الجزائية الأردني، ص265.

([42]) أبو يوسف، يعقوب بن إبراهيم، الخراج، المطبعة السلفية، ط2، 1302ﻫ، ص153. وصححه موقوفاً على عمر، إبن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، التلخيص الحبير، صححه: عبدالله هاشم، 1384ﻫ/ 1964م، ج4، ص56.

([43]) البيهقي، أحمد بن الحسين، السنن الكبرى، كتاب السير، باب الرجل من المسلمين قد شهد الحرب يقع على الجارية من السبي قبل القسمة، دار المعرفة – بيروت، ط1، 1344ﻫ، ج9، ص123. وقال الألباني: إسناده حسن، الألباني، محمد ناصر الدين، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، المكتب الإسلامي– دمشق، ط1، 1399ﻫ/1979م، ج7، ص26.

([44]) العظيم أبادي، عودة المعبود، حققه: عبد الرحمن محمد، دار الفكر، ج10، ص8. الزيلعي، نصب الراية ج4، ص83.

([45]) البايرتي، العناية، ج5، ص278-279. الحصكفي، الدر المختار، ج6، ص48. ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار، ج6، ص48. الشيخ نظام، الفتاوي الهندية، ج2، ص175. داماد أفندي، مجمع الأنهر، ج2، ص354.

([46]) شعلة، سعيد أحمد، قضاء النقض المدني والجنائي في التقادم، دار الفكر الجامعي– الإسكندرية، ص377.

([47]) الذهبي، إدوار غالي، الاجراءات الجنائية في التشريع المصري، دار النهضة العربية- القاهرة، ط1، 1408ﻫ / 1988م، ص162.

([48]) الفاضل، محمد، الوجيز في أصول المحاكمات الجزائية، ج1، ص184.

([49]) الكيلاني، فاروق، محاضرات في أصول المحاكمات الجزائية الأردني، ص267. خليل البحر، مبادئ قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، ص102.

([50]) الحلبي، محمد، الوسيط في شـرح قانـون أصـول المحاكمات، ص173.

([51]) حسني، محمود نجيب، شرح قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة – القاهرة، ط2، 1408ﻫ/ 1988م، ص217. النقيب، عاطف، أصول المحاكمات الجزائية، منشورات عويدات – بيروت، ط1، 1406ﻫ/ 1986م، ص184.

([52]) خليل البحر، ممدوح، مبادئ قانون أصول المحاكمات، ص102.

([53]) الفاضل، محمد، الوجيز في أصول المحاكمات الجزائية، ص184.

([54]) مصطفى، محمود محمود، شرح قانون الإجراءات الجنائية، القاهرة، ط1، 1390ﻫ /1970م، ص144.

([55]) المرغيناني، الهداية، ج2، ص349.

([56]) الشيخ نظام، الفتاوي الهندية، حققه: عبد اللطيف حسن، دار الكتب العلمية – بيروت، ط1، 1412ﻫ/ 2000م ج2، ص175.

([57]) داماد أفندي، عبد الرحمن بن محمد، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر، حققه: خليل عمران، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1419ﻫ/ 1998م، ج2، ص353.

([58]) المرغيناني، الهداية، ج2، ص349.

([59]) ابن الهمام، فتح القدير، ج5، ص278.

([60]) الحصكفي، الدر المنتقى، ج2، ص354. التمرتاشي، تنوير الأبصار، ج6، ص47.

([61]) الحلبي، إبراهيم بن محمد، ملتقى الأبحر، ج2، ص353. السرخسي، المبسوط، ج9، ص69. الزيلعي، تبيين الحقائق، ج3، ص188.

([62]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج9، ص230.

([63]) السرخسي، المبسوط، ج9، ص70.

([64]) المصدر السابق.

([65]) الحصكفي، الدر المنتقى، ج2، ص354.

([66]) التمر تاشي، تنوير الأبصار، ج6، ص47.

([67]) ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار، ج6، ص47.

([68]) مسلم، صحيح، كتاب صلاة المسافرين، باب فضل استماع القرآن، وطلب القراءة من حافظة للاستماع والبكاء عند القراءة، ج1، ص551-552.

([69]) الموصلي، الاختيار، ج4، ص97. المرغيناني، الهداية، ج2 ، ص354.

([70]) داماد أفندي، مجمع الأنهر، ج2، ص354.

([71]) ابن نجيم، البحر الرائق، ج5، ص20.

([72]) الموصلي، الاختيار، ج4، ص97. المرغيناني، الهداية، ج2، ص354.

([73]) ابن نجيم، البحر الرائق، ج5، ص20.

([74]) مسلم، صحيح، كتاب صلاة المسافرين، باب فضل استماع القرآن، ج1، ص551-552.

([75]) عبيد، رؤوف، مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري، دار الجيل – القاهرة، ط7، 1331ﻫ/ 1951م، ص143.

([76]) انظر: القانون الأردني في المواد 338، و339، و 340، من قانون أصول المحاكمات الجزائية، القيسي، ميسون، التقادم في القانون الجزائي الأردني، ص30. والقانون المصري في المادة (15/1/1-ج) من قانون الاجراءات الجنائية. محمد، عوض، الوجيز في قانون الاجراءات الجنائية، ص105. والقانون السوري في المواد 437، و438، و 439، جوخدار، حسن، أصول المحاكمات الجزائية، ص123.

([77]) الفاضل، محمد، الوجيز في أصول المحاكمات الجزائية، ص166.

([78]) جوخدار، حسن، أصول المحاكمات الجزائية، ص124.

([79]) حيدر، علي، درر الحكام شرح مجلة الأحكام، تعريب المحامي فهمي الحسيني، دار الجليل – بيروت، ط1، 1411ﻫ /1991م، ج4، ص311.

([80]) نجم، محمد، الوجيز في قانون أصول المحاكمات الجزائية، ص103.

([81]) الحلبي، محمد، الوسيط في شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، ص160-161. الفاضل، محمد، الوجيز في أصول المحاكمات الجزائية، ص168-169. الكيلاني، فاروق، محاضرات في قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، ص267.

([82]) جهاد، جودة، الوجيز في شرح قانون الإجراءات الجزائية، ص146.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت