الخلع …بين التشريع والتطبيق
بعد مرور اكثر من ثلاث سنوات على تطبيق نظام الخلع نستطيع ان نقيمه بموضوعية اكثر وذلك التقييم سيكون على أساس لانه مستمد من التطبيق العملي لدعوى الخلع فبداية يجب ان نذكر الأساس الذي عليه تم عليه إقرار نظام الخلع فكان مصدرين اساسين

القران الكريم : فى الاية 229 من سورة البقرة . فيقول المولي عز وجل ” الطلاق مرتان فإمساك بمعروف او تسريح باحسان ولا يحل لكم ان تاخذوا مما اتيتموهن شيئاً الا ان يخافا الا يقيما حدود الله فان خفتم الا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فاولئك هم الظالمون “صدق الله العظيم المصدر الثانى هو تطليق الرسول صلي الله علية وسلم لحبيبة بن سهل من ثابت ابن قيس لبغضها اياه وانه لما كان لسبيل الاستمرار الحياه الزوجية بينهما فبدا واضحاً ان النظام المستمد منه الخلع هو نظام محكم غير الفكرة التي من اجلها تم تشريع الخلع ( فى حقيق الامر تكدس القضايا فى المحاكم وصعوبة حصول المرأة على الطلاق لطول فترة التقاضي )

فاصبحت المرأة تلجا الى الخلع لانه الاسهل والاسرع اجرائياً ولكن فى المقابل تنازل من المرأة عن جميع حقوقها المالية قبل الزوج واصبحت كل الاسباب التي بموجبها تلجأ المرأة الى الطلاق تضعف امام سبب الخلع . فأصبح الخلع بهذا المنهج غير الخلع التي تم التشريع عليه فى النصوص الفقهية فقد تكلم القران الكريم – قول الله تبارك وتعالي فى الاية 229 من سورة البقرة – عن الطلاق اولاً.

اى ان الاساس هو الطلاق العادى المبني على قاعدة لا ضرر ولا ضرار .اى ان الاصل فى التفريق هو الطلاق العادى ويحق للمرأة ان تلجا لطريق دعوى التطليق لاسباب اقرها المشرع ثم لا يحل للزوج ان يأخذ ما سبق واعطى لزوجتة من مهر الا أذا كان هذا الزوج رجلاً صالحاً ولكن الزوجة تبغض بغضاً شديداً لدرجة انها تخاف الا تقيم حدود الله اى تخش الكفر بالله بسبب هذا البغض فهنا رفع الحظر بان الزوجة تستطيع ان تفتدى نفسها وترد على زوجها المهر الذى دفعه لها و ان تتنازل له عن حقوقها المالية الشرعية فى مقابل ذلك ان يطلقها طلقة بائنة للخلع او ان يقوم القاضي بتطليقا عليه طلقة بائنة للخلع .

ولكن الواقع العملي نرى فى كثير من الأحوال غير ذلك – فقد يكون طلب الخلع لاسباب حاصلها – فى الغالب – غير سبب الخلع الا وهو الكره او الخشية الا تقيم حدود الله وهنا يقع المحظور لان الاية ختمت بقوله تعالي ” تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فاولئك هم الظالمون “ وقول الظالمون فى حقيق الامر قول دقيق لان غير السبب الذى من اجله شرع الخلع تكون المرأة ظاملة لزوجها معتدية على حدود الله .

فكان يجب مع اعطاء المراة حق مخالعة زوجها اعطائها باقى حقوقها المهدورة من سرعة الفصل فى القضايا المتعلقة بالتطليق للاسباب الاخرى حتى لا تضطر اسفة الى اللجوء الى الخلع ومن ناحية اخرى كأن المشرع قد قال لها ساعطيك حق الخلاص فى مقابل تنازلك عن حقوقك المالية الشرعية .

1 – لجأت المرأة من التطليق لاسباب التطليق – بضرر – عدم الانفاق – الهجر – حبس الزوج – الزواج بأخرى – الى الخلع بسرعة الفصل فى قضايا الخلع لانها قضية شكلية متى تمت اجراءاتها صحيحة فإن القاضي لابد ان يحكم بالخلع وهذا فى المقابل ان تتنازل المرأة عن حقوقها المالية الشرعية .

اما لو كان قانون الخلع مطبق جنباً الى جنب مع قواعد التطليق ويستوى التطليق للخلع مع التطليق للاسباب الاخرى فى سرعه الفصل فى القضايا وفى باقي المميزات لما لجأت المرأة الى الخلع الا تلك التي فعلاً لجأت اليه لسببه التى شرع من اجله

2 – ختمت آية الخلع بالقران الكريم بأن ( تلك حدود الله فلا تعتدوها ) فالمرأة في كل مراه تطلب الخلع لغير سببه فهي تعتدى على حدود الله ونرى ان هذا ظلم للمرأة من نفسها لنفسها وشق كبير منه ناتج عن ظلم المجتمع لها .

فالأمر جد خطير ولكن الأمل في العلاج كبير والحل أذن فى وجود تشريع ليس فى الإجراءات فقط كما حدث في القانون 1 لسنة 2000 الخاص بتظلم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية ولكن ايضاً فى تشريع المسائل الموضوعية فى قوانين الأحوال الشخصية كما ينبغي أن يشمل التشريع الإجراءات أمام المحكمة ويشمل سرعة الفصل فى القضايا وعدم إطالة أمد النزاع واخيراً وحتى لا تكون المرأة ظالمة يجب ان يكون دور القاضي اكثر ايجابية وهو ينظر دعوى الخلع .

وان يتحقق من وجود البغض الذى يخش الا تقام حدود الله بسببه ويظهر هذا الأمر من قرائن الأحول ومن أوراق الدعوى وهذا دور المشرع الان . حتى لا يقع الكبير من الظلم على العباد مما يضطرون الي ظلم أنفسهم والآخرين