تقرير حول رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص تحت عنوان النظام القانوني للـقيد العكسي مساطر معالجة صعوبات المقاولة نموذجا

من إنجاز الطالب أحمد بلا

تحت إشراف الدكتور رياض فخري
والدكتور عبد اللطيف الشقيري

وحدة التكوين والبحث : قانون المقاولة التجارية

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سطات

تقرير حول رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص تحت عنوان النظام القانوني للـقيد العكسي مساطر معالجة صعوبات المقاولة نموذجا
بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين.

ناقش الطالب الباحث أحمد بلا رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص تخصص قانون المقاولة التجارية، تحت عنوان ” النظام القانوني للقيد العكسي مساطر معالجة صعوبات المقاولة نموذجا “، برحاب كلية الحقوق بسطات، أمام لجنة علمية متكونة من السادة الأساتذة

الدكتور رياض فخري أستاذ التعليم العالي ونائب العميد بكلية الحقوق بسطات رئيسا
الدكتور عمر أزوكار دكتور في الحقوق ومحامي بهيئة الدار البيضاء عضوا
الدكتور عبد الحفيظ مشماشي دكتور في الحقوق وقاضي بالمحكمة التجارية بالبيضاء عضوا
الدكتور عبد اللطيف الشقيري دكتور في الحقوق ومحامي بهيئة البيضاء عضوا
وذلك بتاريخ 23 يونيو 2012
و قد قررت اللجنة منح الطالب نقطة مشرفة مع توصية بالنشر.

تقـــديــــم:

يعطي الضمان للدائن الأمان في استرداد قرضه في الأجل المضروب له، إذ أن المفروض في الضمان كفايته لتأمين أداء الدين بمجرد قبوله من طرف البنك الدائن.
لكن و أمام تراجع هذه الضمانات عن القيام بوظيفتها الفعالة إثر صدور قانون مساطر صعوبات المقاولة، الذي هدم الأسس و الثوابت التي كان ينبني عليها قانون الضمانات، و ذلك بفعل التفرقة التي أحدثها بين الديون الناشئة قبل فتح المسطرة، و التي تخضع لقاعدتي منع أداء الديون السابقة، ووقف ومنع المتابعات الفردية، بصرف النظر عن كون هاته الديون مقرونة أم لا بضمانات أو امتيازات معنية، و الديون الناشئة بعد صدور حكم فتح المسطرة، و التي تستفيد من حق الأسبقية الوارد في م 575 من م.ت. فقد جرى البحث عن ضمانات أكثر فعالية وقوة، تستند بالأساس على القواعد الذاتية التي تحكم بعض العقود، حيث يشكل عقد الحساب الجاري أو عقد الحساب بالإطلاع في هذا الإطار واحدا من أهم الضمانات التي تعكس فعالية الاحتكام إلى القواعد التي تحكم بعض العقود، إذ ينطوي هذا العقد على امتيازات جد مهمة بالنسبة لطرفيه، تنبع بالأساس من قواعد تشغيله، حيث أصبح عقد الحساب بالإطلاع يشكل عن حق أداة للضمان و أداة للتسوية في آن واحد. حيث يكفل للأطراف نظام أداء سريع ومبسط.

غير أن تفعيل الضمانات الذاتية للحساب الجاري يصطدم في بعض الفرضيات بالمبادئ الصارمة التي تقوم عليها المساطر الجماعية، و التي تتحرك في اتجاه العمل على تعطيل ميكنزمات هذا العقد، من أجل إفساح المجال للخروج بالمقاولة من الوضعية الهشة التي تعاني منها. مما يستوجب محاولة البحث عن إيجاد توازن يحقق حماية متوازنة بين طرفي عقد الحساب الجاري.

و في هذا السياق، تعتبر تقنية القيد العكسي أداة في يد البنكي، تمكنه من نقل الحق المقيد سابقا في الجانب الدائن من حساب الزبون إلى الجانب المدين من هذا الحساب، إثر رجوع الورقة التجارية المخصومة بدون أداء في تاريخ الاستحقاق، إذ تشكل هذه التقنية نقطة تصادم و التقاء مجموعة من المنظومات القانونية المطبوعة بطابع الاستثناء و التشدد، حيث تدور فعالية القيد العكسي وجودا و عدما بالنظر إلى توقيت استناد البنكي عليها، فإن كان القيد العكسي يمكن البنكي من استرداد قيمة الورقة المخصومة غير المؤداة في تاريخ الاستحقاق، فإن تفعيله في بعض الفرضيات قد ينقلب في مواجهته، خصوصا عندما يكون رصيد الحساب مدينا في مواجهة الزبون أثناء تشغيل الحساب.

و في هذا الصدد، يمكن القول أن القضاء الفرنسي كان سباقا إلى إرساء ثوابت القيد العكسي و مبادئه، إذا تمخض عن الجدل الذي صاحب صدور بعض الأحكام والقرارات التي عالجت مآل الورقة التجارية المقيدة عكسيا سواءا أثناء تشغيل الحساب أو بعد إقفال الحساب، الشروع في إعداد مشروع عقد الحساب الجاري، الذي تضمن في أحد أبوابه فرعا خاصا بمآل الورقة التجارية المخصومة و الغير مؤداة، وكذا الجوانب القانونية المرتبطة بالقيد العكسي عندما يكون الزبون المستفيد من الخصم موضوع مسطرة من المساطر الجماعية.

و الذي يظهر أن المشرع المغربي تبنى البعض من هذه الحلول التي توصل إليها القضاء الفرنسي، و إن كان تدخله محتشما في هذه المسألة.

و تدور إشكالية البحث حول إمكانية التوقيف بين مصلحتين متعارضتين، مصلحة البنكي في الاستناد على القيد العكسي رغم صدور حكم فتح المسطرة، في مواجهة الزبون، و بالتالي الاستفادة من مجموعة من الامتيازات التي أبرزها القضاء الفرنسي بجلاء. و مصلحة المقاولة في تجاوز الصعوبات المالية التي تعترضها، حيث يقتضي تحقيق هذه الغاية منع البنكي من استيفاء دينه الناشئ قبل صدور حكم فتح المسطرة.

و لمناقشة هذه الإشكالية، و ما تنطوي عليه من تساؤلات جوهرية، عملنا على تقسيم البحث إلى قسمين:
– تناولنا في الفصل الأول القيد العكسي أثناء تشغيل الحساب و مدى فعاليته إثر فتح المسطرة، و ناقشنا في الفصل الثاني إقفال الحساب و أثره على فعالية القيد العكسي.

الفصل الأول: القيد العكسي أثناء تشغيل الحساب و مدى فعاليته بعد فتح المسطرة.

و تتمحور الإشكالية الرئيسية للفصل الأول حول مدى اعتبار القيد العكسي معادلا للوفاء عند إجرائه أثناء تشغيل الحساب، و ذلك بصرف النظر عن كونه أجري بعد صدور حكم فتح المسطرة، في الحالة التي يقرر فيها السنديك مواصلة العمل باتفاقية الحساب الجاري، في سياق ممارسته للسلطة التي منحها له المشرع بموجب المادة 573 من م.ت.

و أثناء مناقشة هذه الإشكالية توصلنا إلى مجموعة من النتائج، يمكن إبرازها على الشكل التالي:

يذهب القضاء الفرنسي إجمالا إلى اعتبار القيد العكسي الذي يجري أثناء تشغيل الحساب، عندما يكون الزبون غير متوقف عن الدفع قيدا عكسيا معادلا للوفاء، إذ يلتزم البنك في ظل هذه الفرضية بإرجاع الورقة التجارية لزبونه قصد ممارسة حقوقه في مواجهة باقي الموقعين على الورقة.

إذ جرى تبرير هذا الحل بالاستناد على الأثر التجديدي لتقييد الحقوق أثناء تشغيل الحساب. و باستقراء مضمون م 502 من م.ت تبين لنا أن المشرع اقتفى أثر القضاء الفرنسي في هذه المسألة، حيث اعتبر أن القيد العكسي أثناء تشغيل الحساب يؤدي إلى انقضاء دين البنكي، إذ يكون هذا الأخير مجبرا على إرجاع الورقة التجارية إلى زبونه.

و في هذا الصدد، ظل القضاء المغربي وفيا لمضمون هذه المادة، إذ منح الزبون حماية مزدوجة في الحالة التي يحتفظ فيها البنكي بالورقة التجارية رغم قيدها عكسيا أثناء تشغيل الحساب. فمن جانب، اعتبرت محكمة النقض أن البنكي غير محق في الاستفادة من ميزة التضامن بين المدنيين، إذا قرر الاحتفاظ بالورقة التجارية بعد قيدها عكسيا.
و من جانب آخر، لم يعتد القضاء المغربي بقيمة الورقة التجارية المندمجة في الرصيد المدين المطالب به قضائيا بعد إقفال الحساب، على اعتبار أن البنكي لم يقم بإرجاع الورقة إلى زبونه بعد قيدها عكسيا.
و قد شقت هذه الحلول طريقها للتطبيق في مجالات أخرى كالشيك و عقد شراء الفاتورات و عقد حوالة الديون المهنية.
و هنا أثير التساؤل في فرنسا عن جواز الاستناد على القيد العكسي رغم فتح المسطرة في مواجهة الزبون المستفيد من عملية الخصم، حيث أجمع الفقه والقضاء الفرنسيين على إمكانية إجراء القيد العكسي بالرغم من فتح المسطرة.
فطرح تساؤل آخر يرتبط بمدى إمكانية تطبيق الحلول القضائية التي سنها القضاء الفرنسي سنة 1955 على القيد العكسي المفعل إثر فتح المسطرة.
حيث جرى العمل في هذا الإطار، متى قرر السنديك مواصلة العمل باتفاقية الحساب الجاري بعد فتح المسطرة في مواجهة الزبون على تجزئة الحساب إلى حسابين منفصلين، حساب مجمد يخصص لتصفية العمليات الجارية قبل فتح المسطرة، إذ لا يعادل القيد العكسي الوفاء عند إجرائه في هذا الحساب، على اعتبار أن الأثر التجديدي يختفي بحدوث عملية التجميد. و حساب مكرر يخصص لتقييد العمليات المخصصة لمتابعة نشاط المقاولة أثناء فترة الملاحظة، حتى يجد الاجتهاد القضائي لسنة 1955 مكانا له للتطبيق في هذه الفرضية، إذ يعتبر القيد العكسي المفعل في هذا الحساب قيدا عكسيا معادلا للوفاء، بصرف النظر عن الوضعية المالية الهشة التي يتواجد فيها الزبون المستفيد من الخصم، و بصرف النظر أيضا عن وضعية الرصيد في هذه الحالة، أي أن القيد العكسي يعادل الوفاء حتى و لو أسفر عن رصيد مدين في مواجهة الزبون.

– و للإفلات من هذه النتيجة الكارثية بالنسبة للبنكي، يحتفظ هذا الأخير بإمكانية متابعة الموقعين على الورقة التجارية، و الاستفادة بالتالي من الخاصية الاختيارية للقيد العكسي، و التي تخوله إمكانية ممارسة دعوى الرجوع الصرفي في مواجهة جميع الموقعين على الورقة.

و في هذا الإطار، أجمع الفقه و القضاء الفرنسي على أن الأوراق التجارية التي حل أجل استحقاقها هي التي تقبل إمكانية إجراء القيد العكسي، إثر رجوعها بملاحظة عدم الأداء، و بالتالي لا يعتد بالقيد العكسي المفعل بمجرد صدور حكم فتح المسطرة.

و عليه، جرى التأكيد على أن البنكي غير محق في الاحتفاظ بالرصيد الدائن للحساب الجاري، إلى حين حلول تاريخ استحقاق الورقة التجارية، قصد التعرف على مآل عملية الأداء.

وفي مقابل ذلك، حسم المجلس الأعلى في عدم إمكانية الاستناد على القيد العكسي إثر فتح مسطرة التسوية القضائية في مواجهة الزبون، حفاظا على قدسية الثوابت التي يقوم عليها قانون المساطر الجماعية. رغم أن جانبا من القضاء المغربي اعترف ضمنيا بإمكانية إجراء القيد العكسي رغم فتح المسطرة في مواجهة الزبون، وإن كان تدخله محتشما في هذه المسألة. إذ لا نلمس في القبول بإجراء القيد العكسي رغم فتح المسطرة أي خرق لمبدأ المساواة بين الدائنين، عندما تكون الغاية من إجراء هذا القيد هي تكوين الرصيد النهائي للحساب المجمد في يوم صدور حكم فتح المسطرة.

وقد أظهرت محكمة النقض الفرنسية في عدة قرارات صادرة عنها أن المعيار الحاسم للقول بمعادلة القيد العكسي للوفاء هو معيار وضعية الحساب بالنظر إلى كونه مقفل أم غير مقفل لحظة إجراء القيد العكسي، وليس معيار المساطر الجماعية، الذي يدل على الوضعية المالية الهشة للزبون المستفيد من الخصم. وهو ما يفيد استبعاد هذا المعيار الأخير من دائرة التحكم في مآل الورقة المقيدة عكسيا، سواءا أثناء تشغيل الحساب أو بعد إقفال الحساب.

وينتج عن هذا القول أن دين البنكي ينقضي بإجراء القيد العكسي، ولو كان الزبون لحظة إجراء هذا القيد موضوع مسطرة جماعية ما. حيث يلتزم البنكي في هذه الحالة بإرجاع الأوراق التجارية إلى زبونه، ليتمكن من ممارسة مختلف الدعاوى التي توفرها هذه الورقة لحاملها.

الفصل الثاني : تعطيل وظيفة الحساب بعد فتح المسطرة وأثره على فعالية القيد العكسي

وقد تناولنا في الفصل الثاني إشكالية جوهرية تتمحور حول مدى إمكانية إجراء القيد العكسي رغم إقفال الحساب نتيجة صدور حكم فتح المسطرة في مواجهة الزبون، ومآل الورقة التجارية المقيدة عكسيا في هذه الحالة. إذ توصلنا إلى ما يلي :
القيد العكسي ممكن رغم إقفال الحساب الجاري، فقد وضع القضاء الفرنسي مجموعة من الشروط اللازمة لنفاذه بعد إقفال الحساب. غير أن آثار القيد العكسي في هذا الفرض تختلف عن آثار القيد العكسي أثناء تشغيل الحساب. إذ لا يعتبر القيد العكسي بمثابة أداء، بفعل اختفاء الأثر التجديدي للحقوق من الحساب.
وخلصنا إلى نتيجة مفادها أن المعادلة التي تقضي بأن إقفال الحساب يعطل ميكانزم الأجل، وبالتالي السماح بإجراء القيد العكسي بمجرد تحقق واقعة الإقفال معادلة هشة وغير سليمة. لافتقارها لأساس قانوني واضح المعالم. إذ أن الأوراق التي حل أجل استحقاقها هي التي تقبل القيد العكسي إثر رجوعها بملاحظة عدم الأداء.
ينشأ القيد العكسي للبنكي بعد إقفال الحساب نتيجة صدور حكم فتح المسطرة في مواجهة الزبون ضمانتين مزدوجتين، مختلفتين على مستوى نطاق التطبيق، حيث تغطي الضمانة الأولى الفرضية التي يكون فيها رصيد الحساب دائنا لفائدة الزبون، إذ تتحرك هذه الضمانة في اتجاه الاستناد على المقاصة بين الحقوق المرتبطة، التي تضع البنكي في مركز قانوني متميز يسموا بموجبه على بقية الدائنين.

فالقضاء الفرنسي اعترف للبنكي بحقه في إجراء المقاصة بين حقه المقيد سابقا في الجانب الدائن من الحساب، والرصيد الدائن الذي يظهر بعد إقفال الحساب. حيث كان الفضل للقضاء الفرنسي في جعل المشرع في فرنسا يورد إمكانية الدفع بالمقاصة كاستثناء وارد على مبدأ عدم أداء الديون السابقة لحكم فتح المسطرة. إذ أن جل محاكم الموضوع كانت قبل تعديل سنة 1994 تقر بمشروعية الدفع بالمقاصة رغم كون المدين موضوع مسطرة جماعية ما.
لكن قبول القضاء الفرنسي بإجراء المقاصة بعد صدور حكم فتح المسطرة مشروط بوجود دينيين مرتبطين، إضافة إلى وجوب أن تكون الحقوق المتبادلة بين الطرفين مؤكدة.
وقد تجاوز القضاء الفرنسي هذه الحدود، وذهب نسبيا إلى أبعد من هذا، حينما قرر بأن الحقوق الناتجة عن عقدين منفصلين يمكن أن تخضع للمقاصة، على أساس أن عنصر الارتباط بين هذه العقود يتحقق نتيجة التخصيص العام للحقوق داخل الحساب.
في مقابل ذلك، حسم القضاء المغربي، سواءا على مستوى قضاء الموضوع أو قضاء محكمة النقض، في عدم إمكانية الاستناد على المقاصة عندما يكون المدين موضوع مسطرة التسوية القضائية، تكريسا لمبدأ المساواة بين الدائنين.

وتغطي الضمانة الثانية التي ينطوي عليها القيد العكسي بعد إقفال الحساب الفرضية التي يسفر فيها الحساب بعد إجراء هذا القيد عن رصيد مدين في مواجهة الزبون. والتي تعوض البنكي عن غياب معامل التسوية نتيجة اختفاء الأثر التجديدي للحقوق من الحساب. إذ يستفيد البنكي في هذه الحالة من مجموعة من الامتيازات تتمثل في الحق في الاحتفاظ بالورقة التجارية بعد قيدها عكسيا قصد متابعة جميع الموقعين عليها، على اعتبار أن القيد العكسي بعد إقفال الحساب لا يؤدي إلى انقضاء دين البنكي إلا في الحدود التي تتم مقاصتها مع الرصيد المؤقت الموجود يوم الإقفال. وذلك ما تقطع بشأنه المادة 505 من م.ت.

ويستفيد البنكي أيضا من القواعد التي سنها الاجتهاد القضائي الفرنسي لسنة 1888، والتي تخوله حق الجمع بين الدفعات المتوصل بها من طرف الأغيار والتوزيعات الناتجة عن المسطرة. والتي تعود للرصيد المدين للحساب المصرح به لدى المتصرف القضائي.

بل الأكثر من ذلك، يستفيد البنكي من الامتياز الذي يوفره التقاء نظرية التضامن بين الملتزمين بمبدأ عدم تجزئة مفردات الحساب الجاري، والذي يخوله حق الجمع بين الدفعات المتوصل بها و نصيبه في التوزيعات الناشئة عن المسطرة، دون أن يكون مجبرا على خصم الدفعات من الرصيد المدين المصرح به، والذي اندمجت فيه قيمة الورقة التجارية بعد إجراء القيد العكسي.
غير أن هذا الامتياز الذي وصفه جانب من الفقه الفرنسي بأنه امتياز بدون نص، قد يعصف في بعض الأحوال بفرص إنقاذ المقاولة من الصعوبات، بفعل اتحاد المبادئ المتشددة للقانون الصرفي مع قواعد الحساب الجاري، حيث يستفيد البنكي في هذه الحالة من إمكانية تسوية دينه في مجالين مختلفين، مجال الحساب الجاري، ومجال الضمانات التي يخولها القانون الصرفي لحامل الورقة التجارية. مما يستوجب الحد من فعالية هذه الامتيازات قصد توفير حماية متوازنة للأطراف، وذلك بمراعاة مصلحة المقاولة التي تقتضي ضرورة التقليص من قيمة خصومها، وحفظ حقوق الدائنين المتعاملين مع المقاولة.

وفي ضوء هذه الخلاصات، ارتأينا تقديم مجموعة من المقترحات كالتالي :

 ندعوا المشرع والقضاء المغربين إلى القبول بإمكانية إجراء القيد العكسي رغم فتح مسطرة التسوية القضائية في مواجهة الزبون، على الأقل من أجل فسح المجال لمشاركة القيد العكسي في تكوين الرصيد النهائي للحساب. والذي جرى العمل على تجميده يوم صدور الحكم، وذلك بهدف تمكين البنكي من التصريح بهذا الرصيد الذي من المحتمل أن يشمل قيمة حقه الناتج عن عدم الوفاء بالورقة التجارية في تاريخ الاستحقاق، على اعتبار أننا لا نلمس في الاعتراف بهذا الإجراء أي مساس بمبدأ عدم أداء الديون السابقة لحكم فتح المسطرة.

 كما نحث مشرعنا على الاعتراف الصريح بإمكانية إجراء المقاصة بين الرصيد الدائن للحساب بالإطلاع المحصور في تاريخ فتح المسطرة، وحق البنكي المستقر في الجانب المؤجل من الحساب، وذلك على غرار ما نهجه المشرع الفرنسي في هذه المسألة، والذي أورد مقاصة الحقوق المرتبطة كاستثناء وارد على مبدأ منع أداء الديون السابقة لحكم فتح المسطرة في المادة 7-633 L من م.ت.ف.

 وندعو قضائنا إلى الاستناد على مضمون المادة 505 من م.ت.م كأساس للقبول بإمكانية إجراء القيد العكسي بعد إقفال الحساب بالإطلاع الناتج عن فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية في مواجهة الدافع. حيث تقضي هذه المادة بأنه طيلة فترة تصفية العمليات الجارية تنقل الديون الناتجة عن عمليات جارية يوم الإقفال إلى الحساب، وهو ما يدل على إمكانية نقل حق البنكي المستقر في الجانب المؤجل إلى الجانب الحال من الحساب، إذ أن هذا الأمر لا يتحقق إلا بإجراء القيد العكسي.

 كما نحث مشرعنا إلى اعتماد بعض المقتضيات الواردة في مشروع عقد الحساب الجاري الفرنسي، الذي لم يكتب له أن ير النور في فرنسا، نظرا لأهميتها العملية، رغم إيماننا بأن تضخم النصوص القانونية يقتلها.