العدة وما يترتب عليها من احكام.
العدة
تعريف العدة اصطلاحا:
العدة: تربص من فارقت زوجها بوفاة، أو حياة، بطلاق أو خلع أو فسخ.
وهي مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع.

حكمة مشروعية العدة:
شرعت العدة لمصالح كثيرة منها:
1. استبراء الرحم، لئلا تختلط المياه وتشتبه الأنساب.

2. ومنها: التنويه بفخامة أمر النكاح والرفعة من شأنه، فلا يصح إلا بحضور الرجال، ولا يرتفع إلا بانتظار طويل، ولولا ذلك لكان بمنزلة لعب الصبيان.

3. ومنها: إظهار الحداد على زوال نعمة النكاح التي هي من أجل النعم، وخصوصاً فيمن مات عنها زوجها، وذلك بترك الزينـة وإظهار الحزن، ليظهر حسن وفائهـا وغض طرفها عن غيره.
وإنما كانت عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً، لأن الأربعة أشهر مدة تنفخ فيها الروح في الجنين، أعني ثلاث أربعينات ولا يتأخر عنها تحركه غالباً، وزيد عشرة أيام لظهور تلك الحركة، فيتأكد بذلك من عدم وجود حمل من الزوج الأول .

وإنما كانت عدة الطلاق بالقروء أو ما يقوم مقامها، وعدة الموت بالأشهر، لأن المرأة في الطلاق لا تحتاج إلى ظهور الحمل، فإن صاحب النسب قائم ينظر إلى مصلحة النسب بالعلامات والفراش فجاز أن تعتد بما لا يعلم إلا بإخبارها، بخلاف المتوفى عنها زوجها فإن الزوج الذي كان يعرف حالها قد مات، ولا تكتفي العامة بالأمر الخفي، فجعل الشارع عدتها أمراً ظاهراً يتساوى في معرفته القريب والبعيد.

أنواع المعتدات :
1. الحامل: وعدتها بوضـع الحمل، فلو وضعت الحمل بعد يوم انتهت عدتها. قال تعالى: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن }
[الطلاق: 4].
2. المتوفى عنها زوجها وهي غير حامل: وعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام إذا كانت حرة. قال تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً } [البقرة: 234].

3. المـرأة التي تحيض وهي غيـر حـامل: وعدتهـا ثلاث حيـض للحـرة. قال تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء }
[البقرة: 228].

4. المرأة التي لا تحيض وفارقهـا زوجها حياً: عدتها ثلاثة أشهـر إن كان حرة. قال تعالى: {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن } [الطلاق: 4].

5. من ارتفع حيضها ولم تدر سببه فعدتها إن كانت حرة سنة، تسعة أشهر للحمل وثلاثة أشهر للعدة.

6. امرأة المفقود تعتد أربع سنين من فقده إن كان الغالب عليه أنه مات، وإن كان يرجى حياته وظاهر غيبته السلامة فتنتظر حتى يكمل تسعين سنة من ولادته، فإن لم يترك لها نفقة فلها حق طلب الفسخ.

كتاب النفقات
والمراد به بيان النفقة الواجبة على المسلم والمسلمة تجاه الآخرين بسبب قرابة أو ملك ونحوها.
وهي مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع في الجملة.

مشروعية النفقة:
تثبت النفقة بأمور منها:
1- الزوجية: شرعت نفقة الزوجة على زوجها، لأن النكاح جعل للزوج حق حبسها ومنعها عن الاكتساب، ولما كان نفع حبسها ومنعها عائداً إليه كانت كفايتها عليه، قال صلى الله عليه وسلم في حديث حجة الوداع الطويل: (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف.. ) رواه مسلم. ولهذا جعل للقاضي رزق في بيت مال المسلمين لأنه محبوس لجهتهم وممنوع عن الكسب لاشتغاله بمصالحهم.

ثانياً القرابة: شرعت النفقة للأقارب، لأن الإنفاق على المحتاج إحياء له، فإذا اجتمع في الشخص الحاجة والقرابة فإنه ينضم إلى إحياء نفسه تحقيق الصلة والبر بالأقارب، وترك الإنفاق سبب مفض إلى القطيعة فإن ترك الإنفاق على ذي الرحم المحروم مع قدرته وحاجة المنفق عليه فقد قطع رحمه وأغضب ربه، وخصوصاً الأبناء والوالدين فإن الابن جزؤه، والعقل يطالبه بالمحافظة على جزئه كما هو مطالب بالمحافظة على كله.

وأما الوالدان فإن الإنفاق عليهما من باب الإحسان إليهما والشكر لهما على بعض ما كان منهما إليه في التربية والبر والعطف عليه ووقايته من كل شر ومكروه، وإليه يشير قوله تعالى: {وبالوالدين إحسانا } [الإسراء: 23].
وقوله تعالى: {أن اشكر لي ولوالديك } [لقمان: 14].

ثالثاً: النفقة الواجبة للبهائم أو للرقيق: أما النفقة على البهائم فقد شرعت لأن ترك الحيوان جائعاً تعذيب له وهذا محرم، ولأن فيه تضييعاً للمال، ولأنه سفه لخلوه عن العاقبة الحميدة. وأما النفقة على العبيد فلأنهم بشر مثله وإخوان له، فشرعت شكراً لنعمة المملوكية حيث جعل الله لهم من جوهرهم وأمثالهم في الخلقة خدماً وخولاً أذلاء تحت أيديهم يستخدمونهم ويستعملونهم في حوائجهم، ولأن فيه إشفاقاً على ملكه ومحافظة عليه، وإبقاء له ورحمة له والله أعلم.

أنواع النفقات:
نفقة الزوجة:
يجب على الزوج أن ينفق على زوجته مالا يُستغنى عنه من مأكل ومشرب وملبس ومسكن بالمعروف لقوله تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته } [الطلاق:7].
وعليه مؤونة نظافتها من دهن وصابون وماء لطهارة من خبث وحدث.

نفقة الأقارب:
ويجب على القريب نفقة أقاربه وكسوتهم وسكناهم بالمعروف كالوالدين والأخوة والأخوات، ونحو ذلك بشروط ثلاثة:

1. أن يكونوا فقراء لا مال لهم ولاكسب.
2. أن يكون المنفق غنياً.
3. أن يكون له صلة قرابة بهم بحيث يرثهم لو ما توا ويرثونه لو مات بفرض أو تعصيب، إلا الأصول والفروع كالآباء والأبناء فتجب نفقتهم ولو لم يرثوه بأن كانوا محجوبين بوارث أقرب.
وإذا كان الأغنياء أكثر من واحد وجب عليهم اقتسام نفقة القريب الفقير على قدر إرثهم منه.

نفقة البهائم:
من ملك حيواناً وجب عليه إطعامه وسقيه، ويجبر على ذلك إن امتنع ، ويحرم لعن هذه الحيوانات وتحميلها ما يضرها، ويحرم حلبها ما يضر بولدها، ويحرم ضربها في وجهها، ووسمها فيه.