بحث قانوني ودراسة متعمقة عن جرائم الفواحش

الخطة
المقدمــــة.
المبحث الأول: الجرائم الماسة بالإرادة..

* المطلب الأول: جريمة الاغتصاب (هتك العرض)
– الفرع الأول: أركان الجريمة.
– الفرع الثاني: العقوبة و الظروف المشددة
– الفرع الثالث: و سائل إثبات جريمة الاغتصاب

* المطلب الثاني:جريمة الفعل المخل بالحياء.
– الفرع الأول:أركان الجريمة .
– الفرع الثاني: العقوبة و الظروف المشددة

* المطلب الثالث: جريمة تحريض قاصر على الفسق وفساد الأخلاق.
-الفرع الأول: أركان الجريمة.
– الفرع الثاني: العقوبة.

المبحث الثاني: الجرائم الماسة بالحياء العام وكيان الأسرة.

* المطلب الأول: جريمة الفعل العلني المخل بالحياء.
-الفرع الأول: أركان الجريمة.
– الفرع الثاني: العقوبة.

* المطلب الثاني: الإغراء ( المراودة)
-الفرع الأول: أركان الجريمة.
-الفرع الثاني: العقوبة.

* المطلب الثالث : جريمة الزنا.
– الفرع الأول: أركان الجريمة.
– الفرع الثاني: العقوبة.
– الفرع الثالث: وسائل إثبات جريمة الزنا .

* المطلب الرابع: جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم.
-الفرع الأول: أركان الجريمة.
– الفرع الثاني : العقوبة .
-الفرع الثالث: وسائل إثبات جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم.

المبحث الثالث:الجرائم الماسة بالآداب العامة و الأخلاق.

* المطلب الأول: جريمة الشذوذ الجنسي.
– الفرع الأول: أركان الجريمة.
– الفرع الثاني: العقوبة و الظروف المشددة.

* المطلب الثاني: جريمة الدعارة ( البغاء)
– الفرع الأول: أركان الجريمة.
– الفرع الثاني: العقوبة و الظروف المشددة

* المطلب الثالث: جريمة التحرش الجنسي.
– الفرع الأول: أركان الجريمة.
– الفرع الثاني: العقوبة و الظروف المشددة.
– الفرع الثالث : وسائل إثبات جريمة التحرش الجنسي.

* المطلب الرابع:جريمة الإخلال بالأخلاق الحميدة.
– الفرع الأول: أركان الجريمة.
– الفرع الثاني: العقوبة.

الخاتمـــة

قائمة المراجــع

مقدمة

يحمي المشرع عرض الأفراد بحمايته للحرية الجنسية ، وحظر الاعتداء عليها بوضع قيود معينة ورتب على خرق هذه القيود عقوبات رادعة، وفي حياة الإنسان دائرة من المحرمات تشمل أنواع السلوك الاجتماعي التي يستنكرها المجتمع سواء كانت من المعاصي التي تنهى عنها الأخلاق أو التي تنهى عنها الآداب، إلا أن الأفعال المكونة لهذا السلوك لا تتعادل في مدى خطورتها وبالتالي لا تقابل من المجتمع بغرم واحد في محاربتها.
ومن هذه الأفعال ما يهدد النظام الاجتماعي، إما لجسامة الضرر الذي يلحق بالمجتمع نتيجة ممارسة الأطراف لها أو لأن ممارستها تشجع على ارتكاب أفعال أكثر خطورة وهذا النوع من المحرمات هو ما يعبر عنه بالفواحش.
ومن ثم تصدى المشرع لها وذلك بتجريم ما يصل منها درجة تهدد المجتمع وتفكيك بنيانه الاجتماعي ويفرض العقوبات المناسبة على مرتكبيها.

ولقد تم تجريم هذه الأفعال لعدة اعتبارات فهناك اعتبارات دينية باعتبار أن جميع الأديان السماوية تحرم المساس بالأعراض ومباشرة الفحشاء وتدعوا إلى إتباع الزواج كطريق مشروع للعلاقات الجنسية حماية للإنسان ومبادئ الأخلاق، كون أن سلوك هذه الجرائم يهدد أمن الأفراد و استقرار المجتمعات ، ولذلك اهتمت المجتمعات قديما و حديثا بموضوع التصدي للجريمة ومكافحتها ، ولم يخل مجتمع ما من آلية لمكافحة الجريمة ، وتطورت هذه الآليات بتطور المجتمع فبعد أن كانت مقتصرة على العقاب وحده و صلت في بعض الدول و المجتمعات الحديثة إلى ثلاثة طرق وهي :الوقاية و الإصلاح، العلاج وثم العقاب ، ولكن التصدي لهذه الجرائم منيت بفشل ذريع الأمر الذي يدعو إلى البحث عن مناهج بديلة ، والإسلام باعتباره دين صلاح و إصلاح قد تصدى للظاهرة الإجرامية حتى أصبح وقوع الجريمة استثناء من الأصل العام في الاستقامة ، فكثيرا ما كان المجرم يسعى بنفسه إلى إقامة الحد عليها لتطهير نفسه من الذنب الذي ارتكبه ، كما عبر عن ذلك جعفر ابن أبي طالب في خطبته أمام النجاشي عندما قال “… كنا قوما أهل جاهلية يكل القوي منا الضعيف نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش و نقطع الأرحام…” وهناك اعتبارات اجتماعية وأخلاقية فالمشرع الجزائري عندما جرمها إنما هدف لحماية حق الشخص على جسمه وحريته الجنسية.

وقد خصص المشرع الجزائري لجرائم الاعتداء على العرض و الفاحشة القسمين السادس و السابع من الفصل الثاني الذي يحمل عنوان الجنايات و الجنح ضد الأسرة و الآداب العامة من الباب الثاني الذي يحمل عنوان الجنايات و الجنح ضد الأفراد من الكتاب الثالث ، الجزء الثاني من قانون العقوبات، و هناك توافق كبير بين الشريعة و القانون في تجريم هذه الأفعال و يفرضان عليها عقوبات محددة منصوصا عليها فيهما، هذا كله جعلنا نهتم بدراسة جرائم الفواحش محاولة من لإثرائها و لو بالشيء اليسير وللإلمام بجوانبها ، فما ماهيتها والأركان التي تقوم عليها و طرق إثباتها بالإضافة إلى الجزاء الذي قرره المشرع الجزائري لهذه الجرائم في دراسة لا تقتصر على إتباع المنهج الموضوعي كمنهج وحيد في عملنا على اعتماد المنهج المقارن بين مختلف التشريعات خاصة منها التشريعين الفرنسي والمصري باعتبارهما المصدر التاريخي للتشريع الجزائري

المبحث الأول: الجرائم الماسـة بالإرادة.

المطلب الأول: جريمة الاغتصاب ( هتك العرض)

يعد الاغتصاب أخطر الجرائم الماسة بالعرض و أبشعها مما حذا بالمجتمع الدولي إلى اعتبارها من جرائم الحرب و من الجرائم الخطيرة التي تختص محكمة الجزاء الدولي بالنظر فيها حيث عرفها القضاء الفرنسي : بأنها المعاشرة الجنسيــة بالإكراه وبدون رغبة المجني عليهـــا.
ولقد عرف الأستاذ جارو الاغتصاب بأنه كل فعل معاشرة شهوانية يقع على امرأة رغما عن إرادتها فيقــول:
« Ceci posé, et en la absence de toute définition précise donnée par le code pénal, il résulte de ces précédents qu’on a toujours entendu par viol le fait de connaître charnellement une femme sans la participation de sa volonté »

وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض الفرنسية أنه إزاء عدم وجود تعريف قانوني للاغتصاب فإنـه يتعين على القاضي البحث والتأكد من توافر أركان هذه الجريمة بحسب خصائصها الخاصــة والنتائج الجسيمة التـي تلحق بالمجني عليها وبشرف عائلتها وإن هذه الجريمة تنشأ عن فعل ضد الإرادة بـأية وسيلة إكراه أخرى أو مباغته من أجل التعدي عليها رغما عن إرادتها، من أجل الغرض الذي يستهدفه الفاعـل .
غيـر أن الأمر تطور في فرنسا إثر صدور قانون العقوبات الجديد في 23/12/1980 بنصه في المــادة 23-222 منه على أن الاغتصاب هو كل فعل إيلاج جنسي مهما كانت طبيعته ارتكب على ذات الغير بالعنف أو الإكراه أو التهديد أو المباغتــة.
وتبعا لذلك أصبح مفهوم الاغتصاب في القانون الفرنسي لا يقتصر على الاتصال الجنسي الطبيعي الواقع من رجل على أمره، بل كذلك الاتصال الجنسي غير الطبيعي المفروض من رجل على امرأة كإتيانها من دبرها أو في الفم أو من رجل على رجل كالشذوذ الجنسي، بل يتسـع ليشمل كل إيلاج جنسي ولو تم عن غير طريق الاتصال الجنسي الطبيعي كإدخال الأصبع أو إدخال عصا أو ما أشبه في القبل أو في الدبر، كل ذلك بطبيعة الحال بغير رضاء المجني عليه، ومنه لا يعد اغتصابا الممارسات الجنسية التي لا تتضمن إيلاج كالملامسات والممارسات الجنسية بين النساء المسماة بالسحاق.
وبينما كان الجاني رجل والمجني عليه امرأة فإنه طبقا للمفهوم الواسع للاغتصاب يمكن أن يكون الجاني رجلا كما يمكن أن يكون امرأة والمجني عليه كذلك يمكن أن يكون رجلا ويمكن أن يكون امرأة وبالتالي فالقانون الفرنسي صار يعرف الرجل المغتصب والمرأة المغتصبة.
كمـا جـرم المشرع الفرنسـي الإكراه الجنسـي الـذي يمارسـه الزوج على زوجته حتـى وإن كانت المواقعة عادية لا شذوذ فيهــا.

أما القانون المصري ، فقد خصص المشرع المصري لجرائم الاعتداء على العرض الباب الرابع من الكتاب الثالـث من قانـون العقوبات تحت عنوان ” هتك العرض وفساد الأخلاق ” ويضم المادة 267 التي تنــص:” من واقع أنثى بغير رضاها يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة، فإذا كان الفاعل من أصول المجني عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادما عندها أو عند من تقدم ذكرهم يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة”

وبهذا يكون المشرع المصري قد تعرض لجريمة الاغتصاب واعتبرها جناية يعاقب مرتكبيهـا بالأشغــال الشاقة المؤقتة ثم شدد العقوبة إلى الأشغال الشاقة المؤبدة لتصل إلى الإعدام وجريمـــة الاغتصاب هي مــن الجرائم المادية لا الشكلية لأن الحدث المكون لها هو الوطء بدون رضاء المرآة و هو في ذاته حدث ضار يتمثــل في العدوان على الحرية الجنسية ، و في الوقت ذاته فإن عدم رضا المرأة لا يجعل وقوع الجريمة راجعا إلى سلوك منها و إنما تعزى الجريمة إلى سلـوك الرجل وحده و بالتالي تدخل في عداد جريمة الفاعل الوحيد لا جريمة الفاعل المتعدد.

و لقد سار المشرع المصري على منوال المشرع الفرنسي بعدم العقاب على الاعتـداءات على الحريــة الجنسية في كل صورها فانتقى صورا معينة تتميز عن غيرها يتعدى الأذى فيها إلى الغـير منها جريمة الاغتصاب.

أما القانون الدولي ،فطبقا للمادة السابعة الفقرة الأولى من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة (روما) التي وصفت جريمة الاغتصاب بكافة أشكالها على أنها جريمة ضد الإنسانية عندما ترتكب بطريقة منظمة ضد مجموعة من السكان المدنيين، كذلك أشارت إليها العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية في موادها، إلا أن جريمة الاغتصاب رغم خطورتها على المجتمع الدولي والتي تمس شرف وإحساس الإنسان إلا أنها لم تحظ باتفاقية خاصة بها.
لقد حظر القانون الدولي الاغتصاب وغيره من أشكال الاعتداء الجنسي، كما أشارت إليه المادة 27 من اتفاقية جنيف التي تحظر بصفة خاصة الاغتصاب،كما ورد حظر الاغتصاب ضمنيا والاعتداء الجنسي في المادة 4 الفقرة 1 من البروتوكول الإضافي الثاني المتعلق بالنزاعات المسلحة التي تنص على أنه « لجميع الأشخاص الحق في احترام شخصهم وشرفهم ” وكذا المادة 46 من اتفاقية لاهاي لسنة 1907 والمادة 76 الفقرة 1 من البروتوكول الإضافي الأول التي تقضي بحماية النساء من الاغتصاب وأخيرا يحظر الاغتصاب بصفته جريمة ضد الإنسانية بموجب المادة 5 من النظام الأساسـي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا ( السابقة ) وكذا بموجب المادة 3 من نظام المحكمة الجنائـيـة الدولية برواندا ومن أكثر الأحكام صلة بالموضوع هي اتفاقية جنيف التي أشارت في المادة 27 الفقرة 2 من الباب الرابع “يجب حماية النساء بصفة خاصة ضـد أي اعتداء على شرفهـن ولا سيما ضد الاغتصاب والإكراه على الدعارة وأي هتك لحرمتهن “.

أما تعريف جريمة الاغتصاب فقد عرفها القانون الجزائري بنـص المشرع الجزائري عـلى جريمة الاغتصاب في المادة 336 قانون عقوبات ضمن جرائم انتهاك الآداب بصفة عامة في القسم السادس، من الفصل الثاني، من الباب الثاني ،من الكتاب الثالث ،من الجزء الثاني، من قانون العقوبات .

وبرجوعنا للقانون الجزائري نجده لم يعطي أي تعريف لجريمة الاغتصاب كما لم يحدد أركانها مما يجبرنـا للرجوع إلى الفقه و القضاء من أجل تحديد المفهوم القانوني لها و البحث عن ذلك في التشريعات المقارنـة.
و ما يستشف من أحكام القضاء الجزائري أن الاغتصاب هو: ” مواقعه رجل لامرأة بغيــر رضاها”، و لكن بعض الفقه يعتبر الاغتصاب هو إتيان امرأة بغير رضاها وممارسة العملية الجنسيـة الطبيعية ممارسة كاملــة.

ونصت المادة 336 ق ع ج بأن: ” كل من ارتكب جناية هتك عرض يعاقب بالسجن المؤقت من خمس إلى عشر سنوات وإذا وقع هتك العرض ضد قاصرة لم تكمل السادسة عشر فتكون العقوبة السجن المؤقت من عشرة إلى عشرين سنة”.

و نجد المشرع الجزائري استعمل لفظ هتك العرض للتعبير عن الاغتصاب لأن النص الفرنسي للمادة 336 قانون عقوبات تنص على (( Qu conque a commis le crime de viol
ومنه فإن المشرع الجزائري لم يوفق في ضبط المصطلحات المقررة للجريمة و نـجد أنفسنا أمام قانون وضعي فكان يتعين عليه أن يسمى الأشياء بأسمائها وحتى إذا نظرنا إلى التشريعات المقارنة وخاصة منها التشريع المصري، نجدها تستعمل مصطلح الاغتصاب لأن هتــك العرض يقصد به الفعل المخل بالحياء مع استعمال العنف.

الفرع الأول: أركــان الجريمة :

أولا:الركن المادي:

01: فعـــل الوطء:
يتحقـق فعـل الوطء بإيلاج الرجل عضو تذكيره في فرج المرأة باعتباره المكان الطبيعـي في جسم المرأة المخصص لممارسة العملية الجنسية العاديـة، فإذا تحقق الإيلاج كان ذلك كافيا لتمام الجريمة..

و يستوي أن يكون الإيلاج كاملا أو جزئيا مرة واحدة أو عدة مرات بلـغ بـه شهوتـه بقذف المني أو لم يبلغ ذلك، تمزق بسببه غشاء البكارة أم لم يتأثر، فالإيلاج وحده كاف ولو لم يتم إنـزال السائل المنـوي.
ولا يقع الاغتصاب إلا من رجل على امرأة فلا يعد اغتصابا إتيان المرأة كرها من الخلف أي الدبـر أو إيلاج أي جسم آخر في فرج المرأة كوضع الأصبع أو عصا أو أي شيء آخر ولو كان قاصدا من ذلك فض بكارتها وفضها فعلا، وإنما تعـد هــذه الأفعال إخلال بالحياء .
فجميع الأفعال الماسة بالحرية الجنسية للمرأة التي لم تبلغ مبلغ الاتصال الجنسي الكامل وذلك أيا كانت درجة الفحش التي تنطوي عليها، فعبث يد الجاني كرها بالأعضاء التناسلية للمرأة لا يعد اغتصابا ولو بلغ حد إدخال أصبعه في فرجها وإزالته لبكارتها.
كما لا يعد اغتصابا من عبث بعضو تذكيره في جزء من جسم المرأة يعتبر عورة كالثدي مثلا وإنما تقوم بذلك جريمة الفعل المخل بالحياء ولا تقوم هذه الجريمة بتلقيح امرأة صناعيا ضد إرادتها ولو أفضى إلى حملها، إذ لا يصدق على هذا الفعل أنه اتصال جنسي.
كما يلزم أن يأخذ شكل الإيلاج أي الإدخال، فإذا اتخذ شكل الاحتكاك على فرج المرأة من الخارج حتى أمنى عليه، فلا تقوم الجريمــة ونكون بصدد فعل مخل بالحياء إلا أن مثل هذه الأفعال تعد اغتصابا في القانون الفرنسي وهذا مـنذ إصلاح قانون العقوبات لسنة 1980، حيث عرف الاغتصاب على أنه كل إيلاج جنسي مهما كانت طبيعتــه.
ويشترط أن يقع فعل الوطء بين رجل وامرأة فلا تقوم جريمة الاغتصاب إذا وقع فعل الوطء من رجل على رجل كاللواط أو من امرأة على امرأة كالسحاق، حتى لو حدث باستخدام العنف أو مع انعدام الرضــا بل تعتبر تلك الأفعال من قبيل الأفعال المخلة بالحيــاء.
ويشترط أن تكون المرأة التي وقع عليها فعل الوطء حية فلا تقوم هذه الجريمة إلا على الأحياء ومن ثم يخرج من نطاق الاغتصاب فسق الرجل بجثة امرأة، ويستوي أن تكون المرأة بكرا أو ثيبا أو متزوجة أو مطلقة أو أرملة أو عجوز ولو كانت قد بلغت سن اليأس ولا عبرة بدرجة أخلاق المرأة فقد تكون عريقة الأصل والنسب .
ولابد أن يكون الفاعل الأصلي في جريمة الاغتصاب رجلا فلا تقع الجريمة من المرأة على الرجل فتجبره على المواقعة بالقوة واستعمال العنف ولكن يمكن أن تتوصل المرأة إلى ذلك عن طريق الخديعة أو الغش أو التحايل أو الإكراه المعنوي وهنا يتوفر انعدام رضا الرجل ولكن تعتبر الجريمة في هـذه الحالة بفعل المخل بالحياء لأن الجاني في جريمة الاغتصاب لا يكون إلا رجلا ولا تكون المرأة جانيــة في جريمة الاغتصاب.
و ما دام جوهر الاغتصاب هو الإيلاج فان مقتضي ذلك أن الجريمة يستحيل أن تقع تامة إلا إذا كان الرجل قادرا عليه و كانت المرأة صالحة له، أما إذا كان الرجل عاجزا مطلقا على الإيلاج لفقدان القدرة عليه أو كان عضو المرأة غير صالح مطلقا لدخول شيء فيه فان الجريمة لا تقوم لا على صورتها التامة و لا على صورتها الناقصة تطبيقا لنظرية الاستحالة المطلقة

02: استعمال العنف :

أ/ العنف المادي : يقصد بها أعمال العنف التي توجه لجسم المجني عليها بهدف إحباط مقاومتهـا التي تعترض بها فعل الجاني و كذا العنف الذي يستهدف تخويف المجني عليها حتى لا تبدي مقاومــة.
و قد يتخذ العنف صورة الضرب أو الجرح أو التقييد بالحبال أو الإمساك بالأعضاء مـحل الحركة من المرأة للسيطرة عليها و يجب أن يؤدي هذا العنف إلى شل مقاومة المجني عليها أو شــل إرادتها و لا يتطلب القانون أن يستمر الإكراه طوال فترة المواقعة بل يكفي أن يكون المتهم قـــد استعمل الإكراه ابتدءا للتغلب على مقاومة المجني عليها فإذا فقدت المجني عليها قواها و استسلمت، حيث أصبحت لا تستطيع المقاومة تحقق الإكراه، إما إذا ثبت أن استسلام المرأة جاء بمحض رغبتها و أنها سواء أستعمل الجاني القوة أو لم يستعملها كانت ستستسلم له فلا يمكن القول بتحقق الإكراه.

ب- العنف المعنوي: يقصد به التهديد بشر أو أذى جسيم وحال يوجه من الجانـي إلى إرادة المجني عليها لحملها على القيام بعمل أو الامتناع عنه، من قبيل شهر سكين في وجه المرأة، أو بسـلاح ناري أو بتهديدهــا بفضيحة، كفضح أمرها لدى ذويها عن علاقة غير مشروعة وإفشاء سر تحرص عن كتمانه أو تهديد بإطلاق حيوان شرس عليها، علما أن الخطر هنا لا يشترط فيه أن يكون حقيقيا بـل يجوز أن يكون وهميـــا.

ج- الحالات الأخرى:كما قد توجد عوامل حكمية تأخذ حكم الإكراه و بها ينعدم الرضــا وتفقد الشعور ومثالــها أن تكون المجني عليها وقت المواقعة غير قادرة على التعبير عن إرادتــه ولا تستطيع رفض المواقعـــة الجنسيـة، بحيث لو كانت في كامل وعيها لرفضت هذا الاتصال الجنسي ويرجع هذا العجز في التعبير إلى عاهة العقل أو الإعياء أو المرض أو النوم أو السكر أو المخدر ، و بالتالي تفتقد الإرادة.

ثانيا: الركن المعنوي:

لا تقوم جناية الاغتصاب قانونا من مجرد إيلاج رجل لقضيبه في فرج المرأة بدون رضاها دون موجب شرعي و أنما لا بد من توافر القصد الجنائي لدي الجاني القائم على عنصر، العلم و الإرادة و لكن لا يكفي لقيامها القصد العام و أنما يجب أن يتوافر إلى جانبه قصدا خاصا.

أ- القصد الجنائي العام :
يتوفر القصد الجنائي العام لدي الجاني بانصراف إرادته إلى ارتكاب فعل الإيلاج بدون رضي المجني عليها و منه فان مجرد مواقعة المرأة يعني العلم بالمواقعة و أن وقوع الإكراه من الجاني يعني انعدام رضا المرأة، غير أنه ينعدم توافر القصد الجنائي رغم استعمال الإكراه و ذلك إذا كان الجاني مع استعماله القوة و ممانعة المجني عليها و مقاومتها يعتقد أنها كانت غير جادة في هذه الممانعة و هذا التمنع و أنها كانت مدفوعة إلى ذلك تحت تأثير عوامل أخرى و تستطيع محكمة الموضوع أن تصل إليها في حالة أثارتها من طرف الجاني.
فإذا كان الجاني يجهل أن المرأة مجنونة أو معتوهة أو نائمة وأنه كان يعتقد أنها تتمنع فقط لمجرد إثارة رغبته الجنسية فإن القصد الجنائي لا يكون متوفرا .
وكذلك إذا كان يجهل أن من واقعها ليست زوجته وأن عقد زواجه منها باطل أو فاســد ولكنه كان يجهل سبب البطلان أو الفساد فإن القصد الجنائي لا يتوافر لديه، سواء تعلق غلطه بالواقع كما لو تزوج أخته من الرضاع وهو جاهل أنها كذلك أو تعلق بالقانون كما لو كان عالما بذلك ولكنه يجهل القاعدة الشرعية التي يحرم هذا الزواج .

ب- القصد الجنائي الخاص:
جريمة الاغتصاب من الجرائم العمدية، والرأي الغالب فقها و قضاء أن القصد الجنائي اللازم توافره لدى الجاني في هذه الجريمة هو القصد الجنائي الخاص.
ويثبت هذا القصد باتجاه إرادة الجاني إلى وطء المجني عليها بغير رضاها مع علمـه وقـت ارتكاب الفعل بأن هذا الوطء غير مشروع، واستعمال القوى أو التهديد ما هي إلا قرائن على توافر القصد الجنائي في أغلب الأحــوال إلا أنها لا تدل دائما على اتجاه إرادة الفاعل إلى فعل الوطء بدون رضا المجني عليها.
كما أنه لا يستبعد أن يكون الجاني معتقدا بأن مقاومة المرأة له لم تكن جدية ولكنها من قبيل التمنع غير الجاد مما يعد غلط في الواقعة ولذا يلزم لإدانة الجاني أن يثبت علمه بعدم رضا المرأة ولا يعتد في هذا الصدد، بأن يدفع المتهم هذا العنصر بأنه قد سبق له مواقعة هذه المرأة حتى لو كان قد أنجب منها طفلا في علاقات سابقة غير مشروعة، كما لا يعتد بأن المرأة من البغايا اللائي اعتدن الممارسات الجنسية لأن العبرة بالواقعة موضوع الدعوى بغض النظر عن سلوك المرأة قبل ارتكاب الاغتصاب.

الفرع الثاني : العقوبـــــة و الظروف المشددة :
حسب نص المادة 336 ق ع ج ، يعاقب على جريمة الاغتصاب بالسجن المؤقت من خمس إلى عشر سنوات غير أن الظروف المشددة تقترن بما يلي :
أ- صغر سن المجني عليه: إذا كان المجني عليه قاصرا لم يبلغ سن السادسة عشر تكون العقوبة السجن المؤقت من 10 سنوات إلى 20 سنة ( حسب نص المادة 336/02 ق ع ج )
ب- صفة الجاني : إذا كان الجاني من الأصول أو من الفئة التي لها سلطة على الضحية كان معلما له أو ممن يخدمونه أو كان خادما بأجر أو موظفا أو أحد رجال الدين ترفع العقوبة في هده الحالة إلى السجن المؤبد (حسب نص المادة 337 ق ع ج )
ج – تعدد الجناة: إذا استعان الجاني بشخص أو أكثر ترفع العقوبة كذلك إلى السجن المؤبد وتقتضي العقوبة للاغتصاب في القانون الجزائري الملاحظتين الآتيتين:
– إن العقوبة المقررة لجريمة الاغتصاب هي عقوبات ملطفة مقارنة بما هو في بعض التشريعات سواء في محيطنا العربي أو الغرب ففي تونس على سبيل المثال يعاقب على الاغتصاب بالسجن المؤبد و ترفع العقوبة لتصبح الإعدام حال توافر استعمال العنف أو السلاح أو التهديد ، كما يعاقب القانون الفرنسي على نفس الفعل بالسجن مدة عشرون سنة.
– لم يأخذ المشرع الجزائري بعين الاعتبار الآثار التي تنتج عن جرم الاغتصاب مثل فض البكارة و الحمل في حين أن المشرع المغربي أخد بمثل هده الآثار فاعتبرها ظروفا مشددة تغلظ فيها العقوبة.
الفرع الثالث :وســــائل إثبات جريمة الاغتصاب :
لقد نصت المادة 212 ق.إ.ج في فحواها بأنه ” يجوز إثبات الجرائم بأي طريق من طرق الإثبات ماعدا الأحوال التي ينص فيها القانون على غير ذلك وللقاضي أن يصدر حكمه تبعا لاقتناعه الخاص ولا يسوغ للقاضي أن يبني قراره إلا على الأدلة المقدمة له في معرض المرافعات والتي حصلت المناقشة فيها حضوريا أمامه. “1
ولذا فإن وسائل الإثبات في المواد الجزائية متعددة ومختلفة إلا أنه ليس بالأمر السهل إثبات جريمة الاغتصاب، فما عدا الحالات التي يعترف فيها الجاني بنفسه تلقائيا أو يضبط في حالة تلبس تثبــت جريمة الاغتصاب بمعاينة مسرح الجريمة وكذا التفتيش بالإضافة إلى شهادة الشهود إذا كانت مطابقة لأقوال الضحية هذا مع إثباتها بواسطة الدليل الفني أي تقرير الطبيب الشرعي والملاحظ عمليـــا أن معظم القضاة يعتمدون في أحكامهم علــى أساس

1- قانون الإجراءات الجزائية – الطبعة الثالثة – الديوان الوطني للأشغال التربوية . 2002

الشهادة الطبية التي تظهر أثار العنف الممـارس على الضحيــة كون أن الخبرة الطبية دليل
قوي وقاطع حيث يقوم الطبيب الخبير بمعاينة ملابس الضحية للكشف عن أثار المقاومة كتمـزق الـملابس أو وجود بقع دموية أو نطاق أو أية علامة تدل على مكان وقوع الفعل كالحشائش و الطين ثم يقوم بفحص الضحية و ذلك على مرحلتين:

أولا – الفحص العام: للبحث عن أثار المقاومة و العنف الجسدي كالكدمات و سجحات الأظافر حول الفم و العنق لمنع الضحية من الصراخ و حول المعصمين و الذراعين و الوجه الداخلي للفخذ

ثانيا- الفحص الجنسي:يخص الأعضاء التناسلية كالتورم و الكدمات و فحص الإفرازات للتمييــز بين الدم و الطمث و السيلان و كذا فحص غشاء البكارة بالنسبة للبكر فإذا كان إفتضاض البكارة دليل قاطع على حصول الإيلاج فان تمزيق غشاء البكارة تمزيقا جزئيا يكفي لإثبات المواقعة، وقد يحصل أن تتم المواقعة بدون أن يتمزق الغشاء كما هو الحال إذا كان الغشاء لينا يتمدد عنـد الإيلاج بدون أن يتمزق وهو ما يعبر عنه بالغشاء المطاطي وهنا يثار الإشكال في معرفـة مــا إذا حدث إيلاج أم لا .
أما بالنسبة للثيب فمن الصعب معرفة وقوع الاغتصاب إذا لم تكن هناك أثار عنف خارجية واضحة لانعدام العلامات الداخلية والإشكال الذي يطرح أن علامات الاغتصاب تزول بعد مرور 7 إلى 10 أيام من وقوع الفعل ولا يبقى هناك سوى أثار للتمزق القديم بعد اندمال الجرح والذي يظهر علــى شكل نديات بيضاء اللون وصلبة القوام ولهذا فإن الطبيب الخبير الشرعي لا يمكنه تحديد بدقة هـل كان الاغتصاب فعلا أم لا ؟
ولابد كذلك من فحص عينة من محتوى المهبل وإفرازاته بحثا عن النطاف بالمجهر وتحليل كل إفـراز يلاحظ على منطقة العانة والبطن والوجه الداخلي للفخذين وعلى الملابس،إلا أنه لا يمكن أن ينسب هذا التحليل إلى المتهم لأنه لا يمكن إرغامه على إعطاء دليـل ضـده وهذا يطرح إشكال الإثبات وأحيانا قد يكون من المفيد فحص الجاني بعد أخذ موافقته للتأكد من أنه هو الذي قام بالفعل المنسوب إليه بحثا عن أثار للمقاومة كالسجحات الظفرية والكدمات والعض على مستوى الوجه وأعلى الصدر كما قد تفيد بقع الدم المكتشفة على ملابس الجاني أو أعضائــه في مقارنتها بالتي تمت معاينتها على الضحية وأيضا فإن فحص الجاني يسمح بتقدير القوة البد نيــة للجاني المحتمل القول ما إذا كانت قوته العضلية كافية لإرغام المجني عليها و مواقعتها عنوة

المطلب الثاني : جريمة الفعل المخل بالحيــــاء:

لم يعرف قانون العقوبات الجزائري الفعل المخل بالحياء على غرار باقي التشريعات التي نهلت من نفس المنبع و هو القانون الفرنسي ، ولكن ما استقر عليه القضاء و اتفق عليه الفقه أنه : “كل فعل يمارس على جسم شخص أخر ويكون من شأنه أن يشكل إخلالا بالآداب سواء كان ذلك في علنية أو في خفاء ” ،و تتميز جريمة الفعل المخل بالحياء عن الاغتصاب فيما يلي :
– لا يقع الاغتصاب إلا على الأنثى أما الفعل المخل بالحياء فيقع على الأنثى و الذكر.
– لا يتم الاغتصاب إلا بالواقع من القبل أما الفعل المخل بالحياء فيشمل كل الفعال الماسة بالعرض فيما عدا الواقع.

الفرع الأول : أركـــان الجريمة

أولا : الركن المـادي : يتمثل الركن المادي للجريمة في عدة عناصر هي :

1- فعل مادي مناف للحياء: يشترط هذا الفعل أن يقع مباشرة على جسم الضحية ويخدش حياءها ولنا أن نعرفها بالتفصيل:

أ‌- ضرورة المساس بجسم المجني عليه: تشترط الجريمة حصول اتصال مادي بين الجاني و المجني عليه فلا تقوم الجريمة إلا إذا استطال فعل الجاني إلى جسم الضحية

ب- خدش الحياء : استقر الرأي في الفقه و القضاء على اعتبار العورة معيارا لضبط مدى خدش الحياء العام ، غير أن الآراء تباينت حول المرجع الواجب اعتماده في الاعتبار ما يعد عورة وما لا يعد كذلك ، وفي غياب مرجع قانوني يحددها فيرجع التقدير إلى العرف الجاري و التقاليد و أحوال البيئة الاجتماعية و أخلاقها ،ففي الفقه الإسلامي العورة هي كل ما يستره الإنسان استكنا فا و حياء فهي بالنسبة للرجل بين السرة و الركبة في حين أنها تشمل بدن المرأة باستثناء الوجه و الكفين .
وبالرجوع إلى القضاء المقارن لاسيما القريب منا حضاريا نجد أمثلة عديدة مخلة للحياء منها الكشف عن عورة المجني عليه ، تقبيل المجني عليه ، دلك الجهاز التناسلي فوق الثياب بمستوى الفرج ملامسة المجني عليه في فخده ، قرص فخد المرأة على سبيل المغازلة ، إيلاج القضيب في دبر المجني عليه بدون رضاه ، إتيان المرأة من الخلف بالقوة ، بل ويجرم هذا الفعل إن وقع من زوج على زوجته بدون رضاها ، باعتبار أن الزواج يبيح للزوج الاستمتاع بزوجته من المكان الطبيعي للوطء.

ثانيا : الركن المعنوي :
01
-القصد الجنائي: يجب أن تنصرف إرادة الجاني إلى الفعل و نتيجته، فلا يتوفر القصد إذا حصل الفعل المخل بالحياء عرضا كما إذا لامس الفاعل عورة الضحية في حافلة مكتظة بالركاب دون أن يقصد هذه الملامسة.
02- استعمال العنف: يستوي في ذلك، كما هو الشأن بالنسبة للاغتصاب أن يكون العنف ماديا أوأدبيا أو باستعمال الخديعة أو المباغتة أو المكر فتكون الجريمة بمجرد انعدام رضا الضحية.
غير إن ما يميز جريمة الفعل المخل بالحياء عن الاغتصاب هو أن المشرع لا يشترط فيها العنف دائما إذ تقوم الجريمة ولو كان الفعل المخل بالحياء قد ارتكب بدون عنف وذلك متى كان المجني عليه قاصرا ولم يتجاوز السادسة عشرة من العمر.

الفرع الثاني : العقوبــــة والظروف المشددة :

يميز المشرع الجزائري من حيث الجزاء بين الفعل المخل بالحياء المرتكب بعنف و الفعل المرتكب بدون عنف:

أولا: الفعل المرتكب بعنف: يعاقب عليه بنفس العقوبة المقررة للاغتصاب و هي السجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات حسب المادة ( 335/01 ق ع ج )
و تشدد العقوبة كما في جريمة الاغتصاب في ثلاثة حالات:

1- إذا كانت الضحية قاصرا لم تتجاوز السادسة عشر سنة، ترفع العقوبة لتصبح من 10 إلى 20سنة ( المادة 335/2قع ج ).
02- إذا كان المجني من الأصول أو من فئة من له سلطة على الضحية أو كان موظفا أو من رجال
الدين ترفع العقوبة في هده الحالة إلى السجن المؤبد حسب نص المادة: ( 337 ق ع ج )
03- إذا استعان الجاني بشخص أو أكثر ترفع العقوبة كذلك إلى السجن المؤبد ( المادة 337 ق ع ج(
ثانيا: الفعل المرتكب بدون عنف: يجرم المشرع الجزائري الفعل المرتكب بدون عنف الواقع على القاصر و يميزه من حيث الجزاء فيما يلي :

1-إذا كان المجني عليه قاصرا لم يتجاوز 16 سنة يعد هذا الفعل جنحة تعاقب عليه المدة (334/1 ق ع ج ) بالحبس من 05 إلى 10 سنوات، ترفع العقوبة إلى السجن المؤقت من 10 إلى 20 سنة حال توفر أحد الظروف التالية:
• إذا كان المجني عليه من الأصول أو من له سلطة على الضحية.
• إذا استعان الفاعل بشخص أو أكثر وهذا طبقا لما ورد في المادة 337 ق ع ج.
2- إذا كان المجني عليه قاصرا تجاوز 16 سنة ولم يبلغ سن الرشد 19 سنة و كان الجاني من الأصول يعد هذا الفعل جناية تعاقب عليه المادة ( 334/02 ق ع ج )بالسجن من 05 إلى10 سنوات.
وتطبق العقوبة المذكورة على حد السواء بالنسبة للفعل التام أو فعل مشروع فيه.

المطلب الثالث: جريمة تحريض قاصر على الفسق و فساد الأخلاق.

يقصد بجرائم التحريض القصر على الفسق وفساد الأخلاق ، تلك التصرفات أو الأفعال أو الأقوال التي يقوم بها شخص ما و تلك الوسائل التي يستعملها مع شخص أخر سواء ذكر أو أنثى بقصد التأثير عليه و إقناعه وتشجيعه من أجل دفعه إلى الفسق وفساد الأخلاق ، ولا يهم إن كان القاصر فاسد الأخلاق عند ارتكاب الفعل ، ولا تقوم الجريمة بمجرد التفوه بعبارات بذيئة و لا بمجرد إسداء نصائح و إنما تتطلب القيام بعمل ما قد يأخذ أشكال يمكن ذكرها على سبيل المثال ومنها:

– قبول قصر في دور الدعارة ، توفير محل بقصد الدعارة ، التسهيلات الموفرة للبعض لإشباع رغباتهم مع الآخرين ، القيام باتصالات جنسية أو بأي عمل من أعمال الفجور في حضور القصر تنظيم لقاءات يكون فيها القصر تارة فاعلين نشيطين في المشهد وتارة أخرى شهودا.

كما لم يتطرق القضاء الجزائري إلى أحكام نستنير بها في شأن فساد الأخلاق،فيمكن تفسيرها أيضا في أمثلة منها تأجير غرفة للقصر لتعاطي الفجور، وإرسال خطابات جنسية إلى قاصر وصور خليعة ، ويستوي في ذلك إن تلقاها القاصر أم لا ، لأن الشروع عاقب عليه أيضا وخاصة ما هو متداول في زمننا هذا بإرسال هذه الصور عن طريق وسيلة ” البلوتوث” في أجهزة الهواتف النقال.

الفرع الأول : أركـــان الجريمة :

أولا : الركن المادي :

01- القيام بعمل مادي : تقتضي الجريمة القيام بعمل مادي و لا يشترط أن يؤدي هذا العمل إلى نتيجة معينة فلا يهم إن كان العمل الذي قام به الجاني قد حرض القاصر على الفسق و فساد الأخلاق أو شجعه عليه أو سهله له ، كما لا يهم أيضا حالة القاصر إن كان فاسد الخلاق عند ارتكاب هذا الفعل هذا العنصر يجرنا إلى التمييز بين صورة القصر وهي :
* القاصر الذي لم يكمل 16 سنة : إذا كانت الضحية قاصرا لم تكتمل 16 سنة تقوم الجريمة حتى وان ارتكب الفعل مرة واحدة ، بل ولا يشكل الاعتياد ظرفا مشددا .
* القاصر الذي لم يكمل 19 سنة : إذا كانت الضحية قاصر بلغ سن 16 سنة ولم يكمل 19 سنة تتحول الجريمة إلى جنحة الاعتياد وهذا ما نصت عليه المدة ( 342 ق/ ق ج).

ثانيا : الركن المعنوي :

يتمثل هذا الركن في أن يكون الجاني على وعي بأنه يقوم بالوساطة لفساد أخلاق قاصر، و إذا كان من الجائز للمتهم الدفع بالخطأ في تقدير سن الضحية على أساس اعتقاده بأنها بالغة ، فقد قضي في فرنسا بأن هذا الظرف لا يحول دون مساءلة الجاني اللهم إلا إذا كان الغلط لا يمكن إسناده له وهذا ليس حال من يبني ادعاءه عل المظهر الجسمي للضحية .

ومن جهة أخرى تقتضي هذه الجريمة أن يتصرف الجاني لإشباع شهوات الغير ،وعلى هذا الأساس قضي بأن من يشبع رغباته مع القاصر لا يرتكب جريمة التحريض على الفسق إذا كان الأمر يتعلق بإغراء مباشر وشخصي وبشعور متبادل يتجسد في إقامة علاقات جنسية طبيعية مهما كانت النتائج المترتبة عن هذه العلاقات على أخلاق الفتاة.

وفي هذا الصدد قضت المحكمة العليا بأن الجريمة تقتضي أن يقوم الجاني بالتحريض لغيره و ليس لنفسه ، ومن ثم خلصت إلى عدم قيام الجريمة في حق المتهم الذي قام بتحريض فتاة تجاوزت سن18 سنة لإشباع رغباته ما دامت هده الأخيرة راضية على الاتصال به جنسيا،وكتحصيل لما سبق فان العلاقات الجنسية مع قاصر لا تشكل بمفردها جنحة التحريض على الفسق.

الفرع الثاني : العقوبـــــــة:

أولا : العقوبات الأصلية : تعاقب المادة 342 ق ع ج على هذا الفعل بصورتيه بالحبس من خمسة إلى عشر سنوات و بغرامة من 500 إلى 25000 دج.

ثانيا : العقوبات التكميلية : يجوز الحكم أيضا على مرتكبي الجريمة بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الوطنية الواردة في المادة 08 ق ع ج و المقررة في المادة 14 ق ع ج و بالحكم عليه بالمنع من الإقامة ، وذلك لمدة سنة على الأقل وخمس سنوات على الأكثر وهذا ما ورد في نص المادة 349 ق ع ج .

المبحث الثاني : الجرائم الماسة بالحياء العام وكيان الأسرة:

المطلب الأول: جريمة الفعل العلني المخل بالحياء

لم يعرف التشريع الجزائري الفعل العلني المخل بالحياء في النص القانوني ، و قد عرفته محكمة النقض المصرية بأن الفعل ألعمدي المخل بالحياء الذي يخدش من المجني عليه حياء العين أو الأذن ليس إلا أما بقية الأفعال العمدية المخلة بالحياء التي تستطيل إلى جسم المرء وعوراته و عاطفة
الحياء عنده من هذه الناحية فهي من قبيل هتك العرض .
و الغرض من تجريم الأفعال الفاضحة بصفة عامة هي حماية الناس من أن تقع أبصارهم بغير إرادتهم على أفعال منافية للآداب و السلوك العام المتعارف عليه و بمعنى آخر حماية شعور الجمهور
من أي تجريح برؤية بعض المناظر العارية أو المظاهر الجنسية التي تقتضي الأخلاق العامة التستر عند إتيانها ، ولا عبرة بعد ذلك إذا كان هذا الفعل في حد ذاته معاقب عليه من عدمه وعلى ذلك فمن يحتضن زوجته أو باشرها في الطريق العام يكون فعله هذا مخل بالحياء و فاضحا ومعاقب عليه رغم أن ما أتاه أمر مشروع و من حقه أن يأتيه ، إلا أن إتيانه له في الطريق العام أو في مكان عام أمر معاقب عليه قانونا لما في ذلك من خدش للحياء العام .

إذن الفعل في مدلوله العام هو “حركة عضوية إرادية”ووفق هذا المدلول يعتبر القول و الكتابة فعلا ولكن الشارع يعني بلفظ الفعل في هذه الجريمة الفعل الفاضح كمدلول ضيقا ولهذا فقد أقر بوجود عقوبات أخرى لعقاب الإخلال بالحياء العام عن طريق القول أو الكتابة أو الصور.
وقد ساوى المشرع الجزائري في المادة 333 مكرر ق. ع. ج في العقوبة بين من يرتكب فعلا ماديا علنيا مخلا بالحياء وبين من يرتكب جريمة الإخلال بالآداب العامة التي عبر عنها المشرع الجزائري بعبارة ” كل من صنع أو حاز أو استورد….أو سعى إلى استيراد من أجل التجارة أو وزع أو أجر أو لصق أو أقام معرضا أو عرض أو شرع في العرض للجمهور أو باع أو شرع في البيع أو وزع أو شرع في التوزيع كل مطبوع أو محرر أو رسم أو إعلان أو صور أو لوحات زيتية أو صور فوتوغرافية أو أصل الصور أو قالبها أو أنتج أي شيء مخل بالحياء ” .
ولكون ضابط هذا التجريم هو المخالفة لقيم الأخلاق السائدة في المجتمع ، ويتضح أن دلالة الفعل العلني المخل بالحياء هو حركة عضوية سواء أتاها الجاني على جسمه أو أتاها على جسم غيره وهذا بعرض مناظر فاحشة على المسرح ضمن رواية مسرحية أو برنامج استعراضي ، وتقوم كذلك بعرض رقصات فاضحة أو مجرد ظهور شخص في الغالب يكون امرأة في مكان عام -كملهى ليلي- وهو عار كليا أو جزئيا .

الفرع الأول : أركــــان الجريمة :

أولا: الركن المادي : حسب نص المادة333 ق ع ج تقوم جريمة الفعل العلني المخل بالحياء بتوافر مايلي :

01- فعل مادي منافي للحياء : تتطلب جريمة الفعل العلني المخل بالحياء ارتكاب فعل مادي يكون منافيا للحياء العام و المقصود هنا هو حياء البصر باعتبار أن الغرض من التجريم هو حماية الغير من مشاهدة مناظر منافية للآداب العامة ،ومما لاشك فيه أن مفهوم الحياء العام ليس واحدا عند الناس حيث يتأثر بالمحيط و البيئة و المكان و الزمان ” فالحياء في المجتمعات الإسلامية تختلف على الحياء في المجتمعات الغربية،و في بلد واحد يختلف الحياء لدى سكان الريف عن سكان المدينة بل وقد يختلف بين مدينة وأخرى و قرية و أخرى ” وعلى سبيل المثال أصبحت القبلة الحارة على الشفتين أمرا عاديا في المجتمعات الغربية بل وحتى في بعض البلدان العربية أو الإسلامية في حين أنها تخدش الحياء في معظم المجتمعات الإسلامية الأخرى.

و لا يشترط أن يقع الفعل العلني المخل بالحياء على جسم الغير بل يكفي بمجرد وقوعه على جسم الجاني نفسه كالحركة أو الإشارة الجنسية الفاضحة ، ويستوي أن يكون المجني عليه و الجاني سواء ذكرا أو أنثى و يمكن إعطاء بعض الأمثلة للأفعال المخلة بالحياء ومنها:

* لمس ذراع أنثى أثناء سيرها في الطريق قد يعد فعلا فاضحا إذا كان المقصود التحكك بها .
* قيام راقصة في محل عمومي بالرقص الخليع و تعريض نفسها للأنظار ببذاءة الحركات تثير فكرة التمازج الجنسي و لو عند بعض الحاضرين كترقيص البطن مما يجرح شعور الحياء على وجه العموم.
* إذا أشار شخص بيده إلى مكان عضوه التناسلي وهو يصيح على امرأة في الطريق العام .

هذا ويجب التنويه بأن المشرع الجزائري في المادة 333 مكرر قانون عقوبات قد ساوى في العقوبة بين من يرتكب فعلا ماديا علنيا مخلا بالحياء و بين من يصنع أو يحوز أو يستورد من أجل التجارة أو يوزع أو يؤجر أو يلصق أو يقيم معرضا أو يشرع في البيع أو يوزع أو يشرع في التوزيع كل مطبوع أو محرر أو رسم أو إعلان صور أو لوحات زيتية أو صور فوتوغرافية أو أصل الصور أو قالبها أو ينتج شيئا مخالفا للحياء .

02 : العلنية: لا يشترط لتوافرها أن يشاهد الغير عمل الجاني ، بل يكفي أن تكون المشاهدة محتملة حتى ولو لم يشاهد الفعل أحد على الإطلاق ، ولذلك يتوافر ركن العلنية إذا ارتكب الجاني الفعل في طريق مظلم لم يكن يمر به أحد وقت وقوع هذا الفعل ، أو إذا ارتكبه في محل عمومي لم يكن به ساعة وقوعه أحد على الإطلاق أو ارتكبه في مكان خصوصي آخر.
فالغرض من اشتراط العلنية في الفعل الفاضح صيانة الجمهور من أن يقع نظره على مشهد مغاير للآداب ومن ثم فركن العلانية يتحقق إذا ارتكب الفعل في ظروف يستفاد منها، يمكن أن يخدش حياء الغير فيكفي احتمال أن يكون الجمهور قد جرح شعوره بوقوع الفعل المغاير للآداب بغير حاجة للبحث فيما إذا كان هناك في الواقع شهود رأوا هذا الفعل وليس ما إذا كانت هذه العلنية قد أرادها الجاني أو لم يردها ، إذ يجب في هذه الجريمة النظر فقط إلى احتمال الفضيحة أي احتمال خدش الحياء العام لا إلى العلنية الواقعية للفعل ، ويستخلص من هذا أن العلنية ركن جوهري في هذه الجريمة و تمر عبر شروط منها :

أ) المكان العمومي:

لا يقتصر المكان العمومي على ما كان كذلك بالطبيعة بل يشمل أيضا المكان العمومي بالتخصيص و المكان العمومي بالصدفة.
* المكان العمومي بطبيعته : و هو مكان مفتوح للجمهور بصفة دائمة مطلقة دون قيد أو شرط كالطريق العمومي ، الشوارع ، الميادين و المنتزهات العامة ، فالعلنية هنا تكون مفترضة تتحقق بمجرد ارتكاب الفعل المخل بالحياء فلا يشترط أن يشاهد الغير عمل الجاني و لو ارتكب ذلك في الظلام أو في الغابة أو في السيارة غير أن العلنية تنتفي إذا كان زجاج السيارة يعتم الرؤية .
* المكان العمومي بالتخصيص: ويقصد به ما يسمح للجمهور بدخوله في أوقات معينة أو بشروط معينة مجانا أو بأجرة كالإدارات العمومية و المرافق العامة و المدارس و المحلات التجارية و قاعات السينما و تكون هذه الأماكن عمومية في أوقات محددة مفتوحة للجمهور أما في غير هذه الأوقات فالأفعال المرتكبة لا تكون علانية إلا إذا أمكن مشاهدتها بسبب عدم احتياط الفاعل
* المكان العمومي بالصدفة: و يقصد به المكان الخاص في الأصل الذي يصبح عموميا عند ما يجتمع فيه عدد من الأشخاص صدفة كالسجون مثلا و المستشفيات و المحلات التجارية.

ثانيا : الركن المعنوي :

يلزم لتوافر أركان جريمة الفعل العلني المخل بالحياء توافر القصد الجنائي لدى الجاني ، وهو تعمد إتيان الفعل ، ويكفي لذلك أن يتعمد الجاني تعريض نفسه للأنظار في حالة منافية للآداب حتى ولو كان قد اتخذ الحيطة و الحذر ، كأن يكون قد لجأ في ارتكاب فعله مثلا أي جهة خلاء مظلمة كان يتوقع أن أحدا قد لا يشاهده فيها ، فإذا كان الشخص قد أكره على هذا الفعل انتفت المسؤولية كالشخص الذي تمزقت ملابسه أثناء مشاجرة فتكشف عورته أو تتصل النار بملابسه فيتخلص منها جميعها اتقاء الخطر ، أو من يسقط عنه سرواله فجأة في مكان عام هذا من جهة .
ومن جهة أخرى يشترط أن يوجه الفاعل إرادته نحو إتيان الإشارة أو الفعل ويعلم أن من شأنه المساس بحياء العين و لاشك في أن الظروف التي تحيط بالحادث لها اعتبارها في هذا الصدد، فقد قررت محكمة النقض الفرنسية في 20-10-1955 أن جريمة الفعل المخل بالحياء من الجرائم العمدية ثم عدلت وقررت ومعها بعض الشرائع ، أن القصد الجنائي ليس من أركان الجريمة و أن الغرض من تجريم الفعل هو حماية الآداب ومحاربة الرذيلة سواء حصل عن عمد أو إهمال الذي يتم عن استهتار الفاعل بالحياء العام ،وما استقر عليه في فرنسا يصلح تطبيقه في الجزائر نظرا لتطابق التشريعين في هذه النقطة .

أما محكمة النقض المصرية فقد قررت في حكم لها أنه يشترط في الفعل الفاضح أن يكون مقصودا به الإخلال بالحياء العام وعرفته بأنه هو الفعل العمد الذي يتعمد الجاني إتيانه سواء مس العين أو الأذن أو وقع على جسم الغير أو وقعه الجاني على نفسه ،وقضت أن العلم والإرادة يكفيان لتكوين الركن المعنوي و هو العمد .

أما الرأي عند المشرع الجزائري اشتراط القصد الجنائي في الأفعال التي تقع على جسم المجني عليه بغير رضائه و التي تبلغ من الفحش درجة تدخلها في عداد جرائم هتك العرض والقصد في هذه الحالة هو علم الجاني بأن فعله يخدش الحياء العام أما الأفعال الأخرى التي تثير الشعور بالخجل عند الجمهور سواء وقعت على شخص معين برضائه أو لم تقع على شخص معين فيكفي فيها الإهمال و عدم الاحتياط لتجرم .

الفرع الثاني : العقوبـــــة :
نصت المادة 333 ق ع ج “يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين و بغرامة من 500الى 2000دج كل من ارتكب فعلا علنيا مخلا بالحياء . وإذا كان الفعل العلني مخل بالحياء من أفعال الشذوذ الجنسي ارتكب ضد شخص من نفس الجنس تكون العقوبة بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات و بغرامة من 1000الى 10000 دج ”
ومن الاعتبارات التي يسترشد بها القاضي في تحديد العقوبة مدى ما ينطوي عليه الفعل من إخلال بالحياء و مقدار العلنية الذي أتيح له ، و له أن يعتبر رضاء من ارتكب الفعل عليه و سنه و سمعته الأخلاقية و مدى مشروعية الفعل في ذاته أسبابا للهبوط أو ارتفاع بالعقوبة في حدود سلطته التقديرية و لم ينصص الشارع على ظروف المشددة ، ولا عقاب على الشروع فيها .

المطلب الثاني : الإغـــراء ( المراودة)

و هو الفعل المنصوص و المعاقب عليه في المادة 347 ق ع ج لم يعرف القانون فعل الإغراء ومع ذلك يمكن تعريفه استنادا لما استقر عليه الفقه و القضاء ، بأنه كل دعوة موجهة إلى شخص ، سواء كان ذكرا أو أنثى ، مجهولا أو معروفا و هذا بإتيان الفجور وذلك مهما كانت الوسيلة المستعملة في ذلك ، وهو على هذا النحو يتمثل في المراودة ، ويمكن للجريمة هذه أن تقوم إما بالإشارة أو القول أو الكتابة أو أية وسيلة أخرى لكن بشرط العلنية وهذا ما يجرنا إلى توضيح أركانها.

الفرع الأول : أركــــان الجريمة :

أولا : الركن المادي : يتمثل الركن المادي للجريمة في عنصرين هما:

01) -فعل الإغراء: تقتضي جريمة الإغراء أن يقوم شخص بإغراء أشخاص من الجنسين بقصد تحريضهم على الفسق وذلك بصفة علنية أي يجب أن يكون الإغراء عموميا أي يرتكب في مكان عمومي و يمكن الإشارة أن الجريمة غير مصورة في من يتعاط الدعارة و لا تشترط الجريمة هنا الاعتياد لتقوم .
02)- العلنية : عددت المادة 347 ق ع ج وسائل الإغراء وكل هذه الوسائل تفيد العلنية وهي :الإشارة ، القول ، الكتابة ، أو أية وسيلة أخرى تتوفر فيها العلنية.
ولكن يبقى ذلك متوقفا على توافر الشرط الأول وهو فعل الإغراء لأن القانون لا يعاقب من يعرض نفسه للفسق و الدعارة ويمكن شرح الوسائل المستعملة على حدا للتوضيح أكثر في ما يلي :
*الإشارة: تثير الإشارة عدة تساؤلات عملية وهي على أي أساس يمكن التفريق بين الإشارة البريئة و الإشارة المكونة للجريمة ؟ فهل يعتبر الغمز بالعين على سبيل المثال إغراء؟ ونفس التساؤل يثار بخصوص الوقوف بالطريق العمومي وكذلك الذهاب والإياب على الرصيف الذي تقوم به بعض النساء في الطريق، ويثار نفس التساؤل في وقوف امرأة متزينة أمام نزل أو وجودها ببهو نزل أو بإحدى قاعاته أو بمقهى أو حانة.
و مما لاشك فيه أن مثل هذه الإشارات لا تعتبر إغراء ما لم تكن مصحوبة بأعمال أخرى تتضمن الدعوى الواضحة إلى الفاحشة
وفي هذا الصدد قضي في فرنسا بأن وقوف امرأة مطولا أمام مدخل نزل يشكل إغراء وقضي بالمقابل أن مرور امرأة على رجال وهي تحدق إلى وجوههم لا يشكل إغراء.
* القول: يشترط في القول التفوه بعبارات تتضمن الدعوة إلى تعاطي الدعارة، والأصل أن تكون الدعوة واضحة، غير أنه من الجائز أن يستعمل أسلوب المجاز أو التلميح، وفي هذه الحالة يكون التقدير لقاضي الموضوع حسب ملابسات القضية.
*الكتابة : قد يكون الإغراء بالكتابة ، وهكذا قضي في فرنسا بإدانة مدير صحيفة نشرت إعلانات في ركن ” الزواج” تحت عنوان خرجات وهي دعوة صريحة للفاحشة .

ثانيا : الركن المعنوي :
تشترط الجريمة توافر القصد الجنائي ، كما يستشف ذلك من نص المادة 347 ق ع ج بقولها”يعاقب بالحبس من ستة أشهر أي سنتين و بغرامة من 1000الى 20000 دج كل من قام علنا بإغراء أشخاص من أي من الجنسين بقصد تحريضهم على الفسق وذلك بالإشارة أو الأقوال أو الكتابات أو بأية وسيلة أخرى ” و بالتمعن في نص المادة نرى بأن المشرع شدد على أن تكون نية الجاني متجهة بقصد التحريض على الفسق .

الفرع الثاني : العقوبــــــة : تتضمن عقوبة الإغراء الجزاء التالي :

أولا : العقوبة الأصلية : يتعرض مرتكب جريمة الإغراء لعقوبة الحبس من ستة أشهر إلى سنتين و لغرامة من 1000 إلى 20000دج
ثانيا: العقوبة التكميلية: يجوز الحكم أيضا على مرتكب الجريمة بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الوطنية الواردة في المادة 8 ق ع ج و المقررة في المادة 14 و الحكم عليه بالمنع من الإقامة، وذلك لمدة سنة على الأقل و خمس سنوات على الأكثر حسب نص المادة ( 349ق ع ج )
ويعاقب على الشروع في ارتكاب الجنحة بالعقوبات ذاتها المنصوص عليها بالنسبة لتلك الجنحة.

المطلب الثالث : جريمة الزنـــا

تعاقب معظم التشريعات الوضعية على جريمة الزنا، بينما قلة منها لا يعاقب عليها من بينها القانون الانجليزي ففي رأيهم أن العقاب لا يجدي إذ لا فائدة من عقاب شخص لا تروعه مبادئ الأخلاق فضلا ، عن ما في العقاب من إثارة فضيحة ينجم عنها ضرر بالعائلة أبلغ من الضرر الذي يصيب المجتمع ومن هذا اختلفت التشريعات في نظرتها إلى الزنا و ذهبت إلى مذهبين:

– المذهب الأول : مذهب تجريم الزنا و العقاب عليه في كل الأحوال سواء كان الجاني ذكرا أو أنثى و سواء كان متزوجا أو غير متزوج ، و هو مذهب التشريعية الإسلامية التي تعاقب على الزنا سواء كان الجاني محصنا (متزوجا) أو غير محصن مع تفرقة من حيث العقوبة المنفردة.

– المذهب الثاني : مذهب عدم العقاب على الزنا و هو مذهب معظم التشريعات الأوربية كالتشريع الفرنسي الذي ألعني جريمة الزنا من القانون العقوبات بموجب القانون الصادر في 11/07/1975.
و قد توسطت غالبية التشريعات العربية التي لم تأخذ بالشريعة الإسلامية في هذا الباب بما فيها الجزائر بين المذهبين.

و لهذا لم يعاقب القانون الجزائري على كل وطء في غير حلال و إنما قصر العقاب على الفعل الذي يحصل من شخص متزوج على اعتبار أن فيه انتهاك لحرمة الزوج الآخر و لا يجيز المتابعة إلا بناء على شكوى الزوج المضرور .

الفرع الأول: أركـــان الجريمة

أولا: الركن المفترض:

يتمثل هذا الركن في رابطة زوجية صحيحة ، يجب أن تتصف الزانية بأنها زوجة وكذلك الزاني لأن انعدام الرابطة الزوجية وعدم وجود عقد زواج شرعي واقع وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية يجعل الفعل غير مكتمل شروط المعاقبة ويسلبه صفة جريمة الزنا وذلك كأن تكون الرابطة الزوجية قائمة على زواج باطل أو مخالف للقانون أو الشريعة .

ولذلك فالخطيبة ليست بزوجة لعدم انعقاد الزوجية بعد ، فإذا خانت خطيبها فلا يشكل هذا العنصر جريمة الزنا ، ولذلك فعقد القران ذاته يكفي لقيام الجريمة إذا تم وفقا لقانون الأسرة وطبقا لنص المواد 09 و 22 من قانون الأسرة ، ويجب أن تكون رابطة الزوجية قائمة حال ارتكاب جريمة الزنا وقيام هذه الرابطة بحقيقة فعلية ، ويعني هذا أن الزوجة ما زالت على ذمة الزوج ولم يحدث طلاق بينهما أما قيامها حكما فيعني أنه طرأ عليها طلاق ولكنه طلاق رجعي لا يرفع الحل ولا يزيل ملك الزوج طالما أن العدة قائمة فإذا زنت في فترة العدة قامت في حقها جريمة الزنا أما إذا انقضت العدة فان الطلاق يصبح بائنا وعندئذ لا تقوم الجريمة.

ثانيا : الركن المادي : يتمثل الركن المادي في :

– الوطء غير المشروع : لا تقوم الجريمة إلا بحصول الوطء فعلا بالطريق الطبيعي أي بإيلاج عضو التذكير في فرج الأنثى ، وبذلك تشترك جريمة الزنا مع جناية الاغتصاب في هذا الشرط ، ولا تقوم الجريمة بما دون ذلك من أعمال الفاحشة الأخرى التي يرتكبها أحد الزوجين مع غيره مثل القبلات و الملامسات الجنسية و إتيان المرأة من الدبر إلى غير ذلك غير أنه قضي في فرنسا بقيام جريمة الزنا بالإيلاج حتى و ان كان الاتصال الجنسي غير كامل لذا يشترط أن تتم العلاقة الجنسية وعليه لا يعاقب على الشروع .

ثالثا : الركن المعنوي:

لا يكفي لقيام ارتكاب عمل مادي ينص و يعاقب عليه قانون جزائي ، بل لا بد أن يصدر هذا العمل المادي عن إرادة الجاني و تشكل هذه العلاقة التي تربط العمل المادي بالفاعل ما يسمى بالركن المعنوي ، فلا تقوم الجريمة بدون توافر الركنين المادي و المعنوي علاوة على الركن الشرعي و يتمثل الركن المعنوي في نية داخلية يضمرها الجاني نفسه .

إذا فالجريمة تتطلب توافر القصد الجاني لدى الفاعل الأصلي متى ارتكب الفعل عن إرادة و علم بأنه متزوج و أنه يتصل بشخص غير زوجته و لا تقوم جريمة الزنا بانعدام القصد الجنائي إذا ثبت أن الوطء قد حصل بدون رضا الزوج كما لو تم بالعنف أو التهديد أو نتيجة للخديعة أو المبالغة.

حيث أنه لا عقاب على زوجته إذا زنت و هي في حالة الجنون ، أو في حالة الإكراه كالتهديد و الإسكار و التخدير و التنويم المغناطيسي أو في حالة الغل المادي كما لو تسلل رجل إلى فراش امرأة أثناء نومها ، اتخذ حيالها المركز الذي كان يشغله زوجها فضنت أنه هو و سلمت نفسها إليه أو في حالة الغلط القانوني إذا ارتكبت الزنا و هي تعتقد أنها حرة من الوثاق الزوجي كما لو اعتقدت أنها مطلقة أو إن زوجها الغائب قد مات .

إما بالنسبة للشريك فيشترط فيه العلم بأن خليلته أو خليله متزوجا أو متزوجة فإن كان يجهل الرابطة الزوجية وقت إتيان الفعل فإن القصد الجنائي يكون منتفيا، ومن ثم يتبين لنا أن جريمة الزنا تشترط فقط توفر قصد جنائي عام .

الفرع الثاني : العقوبــــة:

تعاقب المادة 339 ق ع ج على الزنا بالحبس من سنة إلى سنتين دون تمييز بين الزوج و الزوجة ، و تطبق نفس العقوبة على الشريك و لا عقاب على الشروع في ذلك و تجدر الإشارة أن المشرع نص على عذر الاستفزاز في جريمة الزنا فنص في المادة 279 من قانون العقوبات :”يستفيد مرتكب القتل و الجرح و الضرب من الأعذار إذا ارتكبها أحد الزوجين على الزوج الآخر أو على شريكه في اللحظة التي يفاجئه فيها في حالة التلبس بالزنا

و يتبين من هذا النص وجوب توفر أركان ثلاثة لعذر الاستفزاز و هي:

أولا : صفة الجاني و هو أن يكون الجاني أحد الزوجين و أن يكون الضحية هو الزوج الآخر أو شريكة و هذا العذر مقرر للزوج المغدور دون غيره .
ثانيا : مفاجأة الزوج متلبسا في الزنا .
ثالثا: القتل و الضرب و الجرح في اللحظة ذاتها.
فبتوفر أركان عذر الاستفزاز فإن العقوبة تخفض طبقا لنص المادة 283 من قانون العقوبات
1- الحبس من سنة إلى خمس سنوات إذا تعلق الأمر بجناية عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد.
2- الحبس من 06 أشهر إلى سنتين إذا تعلق الأمر بأي جناية أخرى.
3- الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر إذا تعلق الآمر بجنحة.
وفي الحالتين المنصوص عليها في الفقرتين 01 و 02، يجوز الحرمان من القامة من خمس سنوات على الأقل إلى عشر سنوات على الأكثر .

الفرع الثالث : وسائـــل إثبات جريمة الزنا :

لا يجوز إثبات جريمة الزنا إلا بإحدى الوسائل الثلاث التي على سبيل الحصر وردت في المادة 341 ق ع و هي :

أولا : محضر إثبات بالجنحة يحرره ضابط الشرطة القضائية : يشترط أن يعاين الجنحة ضابط من ضباط الشرطة القضائية حسب ما هي معرفة في المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية و أن تكون الجنحة متلبسا بها و التلبس بالجنحة معروف في المادة 41 من قانون إجراءات جزائية .

ثانيا : إقرار وارد في رسائل أو مستندات صادرة من المتهم : يجب أن يكون الإقرار واضحا دون لبس أو غموض و يتناول مضمونه ذكر علاقات جنسية على أن يكون هذا الإقرار واردا في محررات أو صور أو في أي مستند آخر و يكون صادرا من المتهم .

ثالثا : الإقرار القضائي : و يقصد به الاعتراف، فالإقرار أمام الشرطة القضائية لا يعتد به ، بل يعتد بالإقرار أمام قاضي التحقيق في المحضر الاستجواب الأول أما الاعتراف أمام وكيل الجمهورية فلا يعتد به إلا إذا تم في محضر رسمي يوقع عليه المتهم و كاتب النيابة فضلا عن وكيل الجمهورية وعدا هذه الوسائل الثلاثة لا تقبل أي وسيلة أخرى لإثبات الزنا مثل الشهادة .

وتبعا لذلك قضت المحكمة العليا في عدة مناسبات بنقض قرارات إدانة متهمين بالزنا ، استنادا إلى قرائن غير منصوص عليها في المادة 341 ق ع ج، غير أن تقديم دليل على قيام الجنحة بإحدى الوسائل المذكورة في المادة 341 ق ع ج كفيل بعدم منع القاضي من استعمال سلطته التقديرية في الدليل، وذلك وفق معطيات المادة 213 ق ا ج .

المطلب الرابع : جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم

و هو الفعل المنصوص عليه و المعاقب عليه في المادة 337 مكرر و قد عرف الأستاذ سعد عبد العزيز الجريمة بأنها ” كل فعل من أفعال الاتصال الجنسي المباشر التي تقع بين شخص ذكرا كان أو أنثى و بين أحد محارمه شرعا،من أقاربه أو أصهاره أو غيرهم برضائهم المتبادل ”
وقد نص عليها المشرع الجزائري و عرفها في المادة 337 مكرر ق ع ج التي نصت ” تعتبر من الفواحش العلاقات الجنسية التي تقع بين :
1 – الأقارب من الفروع أو الأصول.
2- الإخوة و الأخوات الأشقاء من الأب أو الأم .
3- بين شخص و ابن أحد إخوته من الأب أو الأم أو مع أحد فروعه.
4- الأم أو الأب و الزوج أو الزوجة و الأرمل أو الأرملة ابنه أو مع أحد آخر من فروعه.
5- والد الزوج أو الزوجة الأم أو زوجة الأب و فروع الزوج الآخر.
6- من الأشخاص يكون أحدهم زوجا لأخ أو لأخت.
بالتمعن في نص المادة فالمشروع الجزائري على غرار التشريعات السماوية و مبادئ الأخلاق وضع أطر لحماية الأسرة التي تعتبر نواة المجتمع ورابطة القرابة و النسب و الدم التي تكون الصلة و العلاقات الاجتماعية و الجريمة في حد ذاتها فاحشة تهتك الأعراض و الأنساب لدا وضعت النصوص القانونية و الأحكام التي تنظم العلاقات داخل المجتمع و الأسرة بصفة خاصة “

الفرع الأول : أركــــان الجريمة:

أولا الركن المادي : يتمثل الركن المادي الفاحش فيما يلي :

أ- الفعل المادي الفاحش : يتوفر الفعل المادي لقيام جريمة الفحش بين ذوي المحارم بوقوع علاقة جنسية طبيعية تامة بين الرجل و المرأة استنادا إلى رضائهما الصريح المتبادل دون استعمال عنف أو غش أو تهديد أو إكراه مادي أو معنوي من أحد الطرفين ضد الآخر ، إما إذا صاحب الفعل تهديدا أو إكراها فإن الوصف ألجرمي يصبح اغتصابا لا فحشا و نطبق المادة 336 فقرة 1 بدل المادة 337 مكرر.
و نفترض أيضا في جريمة الفحشاء مساس مباشر بجسم المجني عليه و يخرج من نطاقها الأفعال التي يرتكبها الجاني على جسمه أما نظر المجني عليه مهما كانت درجة فحشاه و مهما بلغ تأثيره عليه .
إلى جانب أنه لا يشترط لوجود الركن المادي الوطء الطبيعي الذي يحصل بإيلاج عضو التذكير في فرج الأنثى ، و إنما يشمل كل إيلاج جنسي بإيلاج بالدبر و حتى بالفم و لا يهم إن كان الجاني ذكرا أو أنثى و من ثم تشتمل العلاقة اللواط و المساحقة و يشترط الرضا بطبيعة الحال .

ب – علاقة القرابة أو المصاهرة: يشترط القانون لقيام جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم وجود صلة قرابة أو نسب أو مصاهرة بين مرتكبي جريمة الفحش أو وجود أحد أو بعض أسباب التحريم المنصوص عليها في المواد من 24 إلى 30 من قانون الأسرة.
و يثار التساؤل بشأن الرضاع فهل تطبيق قاعدة يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب قياسا على الزواج فيكون الجواب بنعم مع حصر التحريم في الطفل الرضيع وحده دون إخوته و أخواته طبقا لنص المادة 28 من قانون الأسرة التي تنص على :” يعد الطفل الرضيع وحده دون إخوته و أخواته و لدا للمرضعة و زوجها و أخا لجميع أولادها و يسرى التحريم عليه و على فروعه”

– ثانيا : الركن المعنوي :

المراد به هو القصد العام الذي يتوفر بمجرد علم كلا المتهمين بأن الشخص الآخر الذي يقوم بممارسة أو تنفيذ الفعل الفاحش معه من دوي محارمه أما أذا كان
الفاعلان لا يعلمان أو ليس في استطاعة أحدهما أو كلاهما، العلم بصفة الحرمة أو بسبب التحريم… القصد الجنائي و لم تعد الجريمة قائمة ، أما إدا كان أحدهما لا يعلم و الآخر يعلم فإن العقاب يسلط فقط على من كان يعلم .

و ينبغي التنويه أيضا إلى أن الأنثى التي ترضى و تسمح بارتكاب الفاحشة معها من احد أصولها أو فروعها ، مع علمها بالقرابة و تكون فوق سن السادسة عشر مرتكبة لجريمة وطئ المحرمات كفاعل أصلي لأن الرضا الصادر من هذه الأنثى لا يعتبر سببا مبررا أو مبيحا لهذه الجريمة أو ينبغي المسؤولية عن الجاني أو المجني عليه.
ومن خلاصة القول يتضح أن الركن المعنوي لابد فيه من توافر العلم و الإرادة مهما كان الباعث الذي دفع الجاني على ارتكاب جريمة الفحش بين ذوي المحارم فقد يكون هذا الباحث إشباعا للشهوة البيولوجية أو غير ذلك.

الفرع الثاني : العقوبـــــة :

إذا رجعنا بتمعن و حرص إلى نص المادة 337 مكرر من قانون العقوبات فإننا نجد أنها تضمنت ثلاث أنواع من العقوبات:
فالنوع الأول هو العقوبة الجنائية لفعل ذي وصف جنائي عقوبته من 10 إلى 20 سنة سجنا و هي جناية فعل الفحش بين الأشخاص و هو:
– شخص و ابن أحد إخوته أو أخواته أو أحد فروعه.
– بين الأم أو الأب و زوجة أو زوج و أرمل أو أرملة الابن أو أحد فروعه
– ولد الزوج أو الزوجة أو زوج الأم أو زوجة الأب و أحد فروع الزوج الآخر.
– أما بخصوص النوع الثالث فهو العقوبة الجنحة ذات وصف جنحي عقوبتها بين سنتين و خمس سنوات حبس وهي جنحة فعل الفحش المعترف بين أشخاص يكون أحدهم زوجا لأخ أو أخت الآخر .
و في جميع الأحوال إذا ارتكبت الفاحشة من شخص راشد على شخص قاصر يبلغ من العمر 18 سنة فإن العقوبة المفروضة على الراشد تفوق وجوبا العقوبة المفروضة على الشخص القاصر، و يتضمن الحكم المقضي به ضد الأب أو الأم فقدان حق الأبوة أو الوصاية الشرعية .

الفرع الثالث : وسائل إثبات جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم :

تثبت هذه الجريمة بشهادة الشهود أو بالأدلة الشفوية ،بخلاف جريمة الزنا التي قيد المشروع إثباتها بوسائل محددة على سبيل الحصر في المادة 341 قانون العقوبات .
المبحث الثالث: الجرائم الماسة بالآداب العامة و الأخلاق.

المطلب الأول : جريمة الشذوذ الجنسي

وهو الفعل المنصوص عليه في نص المادة 338 ق ع ج على أن ” كل من ارتكب فعلا من أفعال الشذوذ الجنسي على شخص من نفس جنسه يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين و غرامة من 500إلى 2000دج ، و إذا كان أحد الجناة قاصرا لم يكمل الثامنة عشرة فيجوز أن تزاد عقوبة البالغ إلى الحبس لمدة ثلاث سنوات و إلى غرامة 1000 دج ” و تنص المادة 333/02 منه على ” و إذا كان الفعل العلني المخل بالحياء من أفعال الشذوذ الجنسي ارتكب ضد شخص من نفس الجنس تكون العقوبة بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات و بغرامة من 1000 إلى 10000 دج ” (1)

و تسمى هذه الجريمة في فقه القانون بظاهرة الميل إلى الجنس الآخر أو الجنسية الغيرية أو الاشتهاء المغاير و الطريقة الشاذة التي تحالف الطبيعة تنحصر في صورة مختلفة لأفعال الجنسية ، و نقصد بها كل فعل يقع إرضاء للشهوة الجنسية بغير طريق الجماع و تكاد تنحصر تلك الأفعال كونها الشائعة و المعروفة وفقا لتصورات و ابتكارات و تخيلات التي لا تخضع إلى منطق و لا إلى عقل و لا يمارسه إلا مختل التفكير ، مريض النفس و العقل و منها مايلي :
اللواط – السحق –مواقعه حيوان – مواقعه الموتى – الأفعال التي تقع من رجل أو امرأة على نفسه أو غيره مثل ) ممارسة العادة السرية بالاستمناء(
و لا يستطيع التسليم بأن المشرع الجزائري في نص المادة 338 ق ع ج قد قصد توزيع العقوبة على كل من يرتكب فعلا من أفعال الشذوذ الجنسي لأن من يباشر العادة السرية بيده لنفسه و كذا السحاق بين أنثيين ،لا يتصور توقيع العقاب على مرتكبيها و لم نجد أحكام المحاكم قد عاقبت عنها .

– الفرع الأول : أركــــان الجريمة :

أولا : الركن المادي : و يتمثل في أي فعل من أفعال الاتصال الجنسي بين شخصيين من جنس واحد مهما كانت طبيعتها و هدا يقتضي بالضرورة المساس بالجسم و العورة تحديد و لا يهم بعد دلك إن تم وطء أو اقتصر الأمر على ملامسة العورة ليس إلا وقد تتم الممارسات الجنسية بين رجلين أو بين امرأتين لذا سنعرف بكل عنصر على واحد.

أ: الممارسات الجنسية بين رجلين : يشكل اللواط الصورة المثلى للشذوذ الجنسي بين رجلين و يتمثل في إتيان الرجل للرجل من الدبر وقد تأخذ الجريمة أشكال أخرى مثل المداعبة و التدالك و الإيلاج الجنسي بالفم .. الخ .

ب: الممارسات الجنسية بين امرأتين : يتمثل الركن المادي هنا في المساحقة ، ويقصد بها إتيان المرأة للمرأة ، و طالما أنه لا يمكن أن نتصور وطء بين امرأتين فإن المساحقة تقتصر على الأشكال الأخرى للشذوذ مثل المداعبة و التدالك و غير ذلك من ضروب الممارسات ذات المسحة الجنسية

ثانيا : الركن المعنوي : ويتمثل في القصد الجنائي العام وهو ركن يكاد يكون مفترضا إذ تقوم الجريمة بمجرد إتيان فعل من أفعال الشذوذ الجنسي ، إذ لا يعرف القانون لواطا أو سحقا غير عمديين و يخضع القصد الجنائي للقاعدة العامة التي تقتضي بأن لا عبرة بالبواعث في تحديد عناصره، فإذا كان الباعث عادة هو ” الشهوة الجسدية ” فإن من المتصور أن يحرك الجاني إلى فعله باعث أبعد من ذلك المدى فقد يهدف إلى الانتقام من أهل الملوط به و إنزال العار بهم أو إرضاء عقيدة فاسدة سيطرت عليه ، و لكن تحقيق هده الغايات يفترض إرضاء للرغبة الجنسية و يكمن عنصري العلم و الإرادة هنا بأن يعلم الجاني بصفة فعله من حيث كونه اعتداء على عرض المجني عليه وأن يعلم بصفته غير المشروعة،و بأن الجاني عليه راض عنه و يتعين ثبوت اتجاه الإرادة إلى ارتكاب الفعل بصفاته السابقة فالقصد الجنائي في فعل اللواط هو نية الاعتداء على عرض وعفة المجني عليه

الفرع الثاني : العقوبـــة و الظروف المشددة :

تعاقب المادة 338 ق ع ج على الشذوذ الجنسي بالحبس من شهرين إلى سنتين و بغرامة من 500 إلى2000 دج إذا تم الفعل بين بالغ و قاصر تجاوز 16 سنة و لم يبلغ بعد 18 سنة ترفع عقوبة البالغ إلى 03 سنوات حبس و إلى 10.000 دج غرامة .

و يبدو أن المشرع الجزائري قد أراد توقيع العقوبة على طرفي الفعل معا و هي اللائط و الملوط به و يفهم من الفقرة الثانية للمادة التي تنص على أنه ” إذا كان أحد الجناة قاصرا لم يكمل الثامنة عشرة فيجوز أن تزداد عقوبة البالغ إلى الحبس لمدة ثلاث سنوات و إلى غرامة 10.000 دج فعبارة “إذا كان أحد الجناة قاصر..” تفيد أن طرفي الفعل جانيين و ليس أحدهما جان و الآخر مجني عليه.
و إذا كان أحد هذين الجانيين قاصرا لم يكمل 18 سنة ” سواء كان هو اللائط أو الملوط به فإن العقوبة تزاد على الطرف البالغ منهما فتصل إلى ثلاث سنوات و غرامة 10.000 دج

و ثمة ظرف آخر مشدد عدا ظرف السن حدده المشرع في الفقرة الثانية للمادة 333 ق ع التي تنص على أنه ” إذا كان الفعل العلني المخل بالحياء من أفعال الشذوذ الجنسي ارتكب ضد شخص من نفس الجنس تكون العقوبة بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات و بغرامة من 100 إلى 10.000 دج”

المطلب الثاني : جريمة الدعارة )البغاء (

يعني بالدعارة لغة الفساد أو الفسق أو الخبث أو الشر و هنا عدة مصطلحات لغوية تستعمل للتعبير عن الفعل منها البغاء الذي يعبر عن الاتصال الجنسي غير المشروع و أيماس المرأة أي فجورها و احترافها له و العاهرة فهي الفسق و الفجور و هذه المعاني التي وضعتها اللغة لألفاظ مختلفة تكاد تتقارب حتى يشعر الإنسان بأن اللفظ الواحد منها قد يغني عن بقية الألفاظ .

ويمكن القول إلى أن ممارسة هذا الفعل عرف أولا لدى الإغريق و الرومان في تعريفها حيث يعرفها القانون اللبناني ” بأنه مهنة المرأة التي يشتهر عنها تقديم جسدها لقاء المال سواء أكان ذلك سرا أم علنا “

أما القضاء الفرنسي فقد عرفها على أنها استخدام الجسم إرضاء لشهوات الغير مباشرة ، نظير أجر و بغير تمييز فإذا انعدم هذا القصد فلا يكون هذا الفعل بغاء إنما يكون فسقا .

ويرى المشرع المصري أن كلمة دعارة أو فجور أو فسق ليست بالضرورة تعبير عن اللذة الجسمانية بل تشمل فساد الأخلاق بأي طريقة كانت ، كإرسال والد ابنته للرقص في محلات الملاهي أو لمجالسة الرجال و التحدث إليهم في محل معد للدعارة أو غير دلك من طرق إفساد الأخلاق.

أما بخصوص المشرع الجزائري فلم يضع تعريفا للبغاء و الدعارة رغم أنه نص عليها في المادة 343 ق ع ج و بالتالي لم يشترط أي شرط في تعريف الدعارة، و لم ينسبها إلى المرأة دون الرجل و ترك الأمر إلى القواعد العامة و آراء الفقهاء و أحكام المحاكم.

و ينبغي التنبيه إلى أن المشرع الجزائري لا يجرم فعل المرأة التي تتعاط الدعارة و لا فعل الرجل الذي يتعاط اللواط بمقابل ، و يقصد بالدعارة عرض جسم شخص على الغير لإشباع شهواته الجنسية بمقابل ،و ما يجرمه هو فعل الوسيط بشأن الدعارة هو الفعل المنصوص و المعاقب عليها في المادتين 346 و 348 ق ع ج .

الفرع الأول :أركــــان الجريمة :

أولا: الركن المادي: يشمل الركن المادي في شأن الدعارة فيما يلي:

1- جنحة الوسيط في شأن الدعارة: تأخذ الوساطة في شأن الدعارة سبع صور نصت عليها المادة 343 ق ع ج، تتفق هذه الصور في عدة خصائص و تتميز البعض منها بخصائص معينه و هي:

أ/ العناصر المشتركة: و هي سبع حالات للوساطة نصت عليها المادة 343 ق ع ج و هي :
– قد يكون الجاني ذكرا أو أنثى.
– قد يكون المجني عليه، و يقصد به من تعاطي الدعارة ذكرا أو أنثى و يشترط فيه احتراف الدعارة و التعود.
– اشتراط القصد الجنائي المتمثل في العمد.
– خصت المادة 343 ق ع ج على حد سواء على الدعارة و الفسق علما أن الفسق خلافا للدعارة و لا يستوجب الاحتراف و لا البحث عن مقابل.
– استخدم أو استدرج أو أعال شخصا و لو بالغ بقصد ارتكاب الدعارة و لو برضاه أو أغواه على احتراف الدعارة أو الفسق.
– قيام بالوساطة بأي صفة كانت بين أشخاص يحترفون الدعارة أو الفسق و بين أفراد يستغلون دعارة أو فسق الغير أو يكافئون الغير عليه .

ب/ صورة الوساطة في شأن الدعارة: و تتمثل في أربع عناصر و هي :

– المساعدة و المعاونة المادية و الحماية : تشكل المساعدة و المعاونة شكلا للاشتراك المعاقب عليه في المادة 42 ق ع ج و نظرا لعدم تجريم تعاطي الدعارة بنص خاص فقد جرم المشرع كل من ساعد أو عاون أو حمى دعارة الغير أو أغرى الغير على الدعارة و ذلك بأية طريقة كانت و تقتضي المشاركة و المعاونة مساهمة نشيطة وحقيقية و مادية .
– اقتسام الأرباح : و هو الفعل المنصوص عليه في المقطع رقم 2 للمادة 334 و يقصد به كل من اقتسم متحصلات دعارة الغير أو تلقى معونة من شخص يحترف الدعارة عادة أو يستغل هو نفسه موارد دعارة الغير و ذلك على أية صورة كانت و يقصد هنا المستفيد من دعارة الغير ،سواء دفعت له متعاطية الدعارة النقود مباشرة) تلقى معونة( أو غطت مصاريفه )اقتسام الأرباح( و الملاحظ أن المشرع لا يميز بين اقتسام موارد الدعارة و تلقى معونة غير أنه اشترط الاعتياد على الدعارة عندما يتعلق الأمر بتلقي المعونة .

– العيش مع محترف الدعارة : و هو الفعل الذي أشارت إليه المادة 343 ق ع ج في المقطع رقم 3 بنصها على كل من ” عاش مع شخص يحترف الدعارة عادة” ، و الجدير بالذكر أن المشرع الفرنسي نزع عن هده الصورة الطابع الجزائري في قانون العقوبات الجديد .

-العلاقات المعتادة : هو الفعل المنصوص عليه في المادة 343 /4 و يقصد به كل من عجز عن تبرير الموارد التي تتفق و طريقة معيشته حالة أنه على علاقات معتادة مع شخص أو أكثر من الدين يحترفون الدعارة ” و تقوم الجريمة على شرطين و هما أن يكون الجاني على علاقة معتادة مع متعاطيه الدعارة و أن يكون نمط معيشة الجاني لا يتناسب و موارده المصرح بها.

ج/ صورة استخدام شخص لتعاطي الدعارة : و هنا أشارت المادة 343 في المقطع الخامس إلى فئتين من الأشخاص و هما :
– من استخدم أو استدرج أو أعال شخصا و لو بالغا قصد ارتكاب الدعارة و لا يشترط هنا الاعتياد أو الاحتراف
– من أغوى شخصا على احتراف الدعارة أو الفسق و الملاحظ هنا أن المشرع لم يشترط أن يكون المجني عليه قاصرا كما أنه لم يشترط عدم رضاه و بذلك يكون المشرع قد وسع إلى البالغ جريمة التحريض على الفسق و الدعارة المقررة لحماية القصر في المادة 342 ق ع ج د/ صورة التوسط في الدعارة : يعاقب على الوساطة بأي صفة كانت بين أشخاص يحترفون الدعارة أو الفسق و بين أفراد يستغلون دعارة أو فسق الغير أو يكافئون الغير عليه .

ه/ صورة عرقلة أعمال الوقاية أو الأشراف أو المساعدة و التأهيل: التي تقوم بها منظمات متخصصة لصالح أشخاص يحترفون الدعارة أو يخشى عليهم من احترافها و ذلك بطريق التهديد أو الضغط أو التحاليل أو بأية وسيلة أخرى .

2-جنح السماح بممارسة الدعارة : و تأخذ هذه الجرائم صورتين :

أ/ السماح بممارسة الدعارة أو الإغراء في مكان مفتوح للجمهور : و هو الفعل المجرم في المادة 346 ق ع ج ” كل من حاز أو سير أو شغل أو مول أو ساهم في تمويل فندق أو منزل مفروش أو فندق عائلي أو محل لتعاطي الخمور أو مطعم أو ناد أو مرقص أو مكان للعرض أو ملحقاته أو أي مكان مفتوح للجمهور أو يستعمله الجمهور أو اعتاد قبول ممارسة الدعارة من شخص أو أكثر أو السماح لهم بممارستها أو قام بالبحث عن عملاء بغرض ممارستها و ذلك بداخل المحل أو في ملحقاته
كما تجرم كل من يساعد هؤلاء الحائزين أو المسيرين أو المستخدمين أو الممولين ، و إن كان السماح بممارسة الدعارة في مكان عمومي يقتضي تعاطي الدعارة في المكان ذاته فإن المشرع قد سوى بين هذا الفعل و السماح بالإغراء ، كما … ذلك من عبارة ” البحث عن عملاء بغرض ممارسة الدعارة ” ويشترط في هده الجريمة الاعتياد لقيامها ومن ثم يفلت من العقاب من سمح بممارسة الدعارة عرضيا في محله ، كما تقتضي موافقة صاحب المحل على قبول دعارة الغير في محله و على هذا الأساس قضي في فرنسا بعدم قيام الجريمة في حق صاحبة الحانة تقوم هي بنفسها بتعاطي الدعارة في محلها .

ب/ السماح بممارسة الدعارة في مكان غير مفتوح للجمهور : جرمت المادة 348 هدا الفعل بنصها على معاقبة كل من ” سمح لأشخاص من يحترفون الدعارة بالاعتياد على ممارسة الفسق سرا في محلات أو أماكن غير مستعملة من الجمهور و يحوزها بأية صفة كانت ، ما لم يشكل الفعل جريمة أشد .

ثانيا: الركن المعنوي :

هذه الجريمة لا تتطلب قصد خاص ويكفي فيها القصد العام ، أي انصراف إرادة الجاني إلى ارتكابها مع علمه المسبق بأن القانون يعاقب عليها، مع الإشارة أن المشرع الجزائري خلافا على المشرع المصري لا يعاقب المرأة التي تحترف البغاء أو الدعارة ، غير أنه من الناحية العملية ولوضع حد لهذه الجريمة عادة ما يضفى عليها وصف وتكييف آخر من طرف القضاة على سبيل المثال( إغراء علني ) ما لم يقترن هذا الفعل بصور أخرى من التجريم.

الفرع الثاني : العقوبــــة و الظروف المشددة .

أولا : العقوبات المقررة للوسيط في شأن الدعارة:

1- العقوبات الأصلية: تعاقب المادة 343 على جنحة الوسيط في شأن الدعارة بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات و بغرامة من 500 إلى 20.000 دج.
2- العقوبات التكميلية: يجوز في جميع الحالات الحكم بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الوطنية الواردة في المادة 08 ق ع ج عملا بحكم المادة 14 و الحكم عليه بالمنع من الإقامة، و ذلك لمدة سنة على الأقل و خمس سنوات على الأكثر.
3- الظروف المشدودة: تضمنت المادة 344 تسعة ظروف مشدودة و هي :
– إذا كان المجني عليه قاصرا لم يكمل التاسعة عشرة.
– إذا صحب الجنحة تهديدا أو إكراه أو عنف أو اعتداء أو إساءة استعمال السلطة أو الغش .
– إذا كان الجاني يحمل سلاحا ظاهرا أو مخبأ.
– إذا كان الجاني زوجا أو أبا أو أما ووصيا على المجني عليه و معلمه و مستخدمه و الموظفين و رجال الدين.
-إذا كان الجاني من يساهمون بحكم وظيفتهم في مكافحة الدعارة أو في حماية الصحة أو الشبيبة أو صيانة النظام العمومي.
– إذا ارتكب الجنحة ضد عدة أشخاص.
– إذا كان المجني عليهم في الجنحة قد حملوا أو حرضوا على احتراف الدعارة خارج الأرض الجزائرية .
– إذا كان المجني عليهم بالجنحة قد حملوا أو حرضوا على احتراف الدعارة عقب وصولهم إلى الأرض الجزائرية أو بعد وصولهم إليها بفترة قريبة.
– إذا ارتكبت الجنحة من عدة فاعلين أو شركاء.

و حال توافر أحد هذه الظروف ، ترفع العقوبات المقررة في المادة 343 إلى الحبس من خمس إلى عشر سنوات و الغرامة من 10000 دج إلى 10.000 دج ، و يعاقب على الشروع في ارتكاب الجنح المشار إليها في هده المادة بالعقوبات ذاتها المنصوص عليها بالنسبة لتلك الجنح ، كما يطبق الجزاء المقرر للجرائم المذكورة في المادتين 343 و 344 ق ع ج ولو كانت الأفعال وقعت خارج أراضي الجمهورية .طيقا للمادة 345 ق ع ج .

ثانيا : العقوبات المقررة لجنحة السماح بممارسة الدعارة في مكان مفتوح للجمهور :

1- العقوبات الأصلية : تعاقب المادة 348 ق ع ج على هذه الجريمة بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات و بغرامة من 5000 إلى 2000 دج ما لم يكون الفعل جريمة أشد.

2- العقوبات التكميلية: يجوز الحكم أيضا على مرتكب الجريمة بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الوطنية الوارد تعدادها في المادة 08 ق ع ج ، عملا بنص 14 و الحكم عليه بالمنع الإقامة و ذلك لمدة سنة على الأقل و خمس سنوات على الأكثر.
وفي كل الجرائم السابقة الذكر يعاقب على الشروع في الجنحة بالعقوبات ذاتها المقررة للجريمة التامة.

المطلب الثالث : جريمة التحرش الجنسي

و هو الفعل المنصوص و المعاقب عليه بالمادة 341 مكرر قانون عقوبات جزائري هدا الفعل لم يكن مجرما في القانون الجزائري إلى غاية تعديل قانون العقوبات بموجب القانون رقم 04-15 المؤرخ في 10 نوفمبر 2004 و قد جاء تجريمه كردة فعل لنمو التحرش الجنسي في مواقع العمل و استجابة لطلب الجمعيات النسائية .
و إذا كان قانون العقوبات ، إلى غاية تعديله سنة 2004 يضمن للمرأة الحماية من الاعتداءات الجنسية من خلال جريمة الفعل المخل بالحياء و الاغتصاب فإن تكل الحماية مقصورة على الاعتداءات الجسدية التي تتطلب اتصالا جسديا بالضحية في حين لا يقتضي التحرش الجنسي اتصالا جسديا و إنما يأخذ شكل ابتزاز و مساومة على الترقية أو نقل أو حتى الفصل من العمل بحيث لا يمكن للضحية تجنب المضرة ) أو الحصول على المنفعة ( إلا بالنزول عند طلبات المعني و الاستجابة لرغبات الجنسية .

الفرع الأول : أركــــان الجريمة :

تقتضي هذه الجريمة شطرا أوليا نتطرق إليه قبل عرض أركانها وهذا الشطر الأولى هو أنه لا يمكن تصور هذه الجريمة في القانون الجزائري إلا في إطار تبعية أي علاقة رئيس بمرؤوسه RAPPORT D’AUTORITE)) قائمة بين الجاني و المجني عليه ، إذ تشترط المادة 341 مكرر أن يكون الجاني شخص يشغل سلطة “وظيفته أو مهنته ” ، ومن ثم يفلت من التجريم ما يصدر عن زميل في العمل أو عن زبون في مؤسسة ، ولم يحصر المشرع الجزائري مجال تطبيق الجريمة في ما يصدر عن الجاني أثناء ممارسته الضحية لنشاطها المهني ، فكل ما يتطلبه القانون هو أن يتم التحرش في إطار علاقة تبعية أي علاقة رئيس بمرؤوس سواء تم ذلك أثناء ممارستـه وظيفــة أو بمناسبتها أو أثناء ممارسة مهنة أو بمناسبتها و عبارة ” وظيفة ” على شمولها تتسع لكل الأنشطة بصرف النظر عن إطارها ، فقد يكون الإدارة أو المؤسسات أو الجمعيات بل و حتى الترفيه و التطوع ،أما المهنة فيقصد بها الوظائف المنظمة مثل الطب ، القضاء الهندسة و الفلاحة …الخ

و جدير بالذكر إلى أن المشرع الفرنسي، منذ تعديله قانون العقوبات بموجب قانـــون : 17-01- 2002لم يعد يشترط علاقة رئيس بمرؤوس بين الجاني و المجني عليه ، حيث لم يشترط النص أن يكون الجاني ” شخصا يستغل سلطة وظيفته ” و تبعا لذلك تقوم الجريمة و لو صدر التحرش عن زميل في العمل أو من أحد زبائن المؤسسة بل و حتى لو صدر من مستخدم .

أولا: الركن المادي : يتمثل في لجوء الجاني إلى استعمال وسائل معينة و هي ” إصدار الأوامر التهديد ،الإكراه، ممارسة ضغوط ” و ذلك قصد إجبار الضحية على الاستجابة لرغباته الجنسية و يتكون الركن المادي من عنصرين أساسيين هما :

أ / الوسائل المستعملة: تتمثل في ما يأتي :
– إصدار الأوامر : إصدار الرئيس إلى المرؤوس طلبات تستوجب التنفيذ و قد يكون الأمر كتابيا أو شفويا مثل طلب مدير مؤسسة من إحدى مستخدماته غلق باب المكتب و خلع ثيابها .
– التهديد : و تأخذ عبارة التهديد هنا بمعناه اللغوي فلا يقتصر مدلولها على التهديد المجرم في المواد 284 إلى 287 ق ع ج و إنما يتسع ليشمل العنف المعنوي و يسوي أن يكون كتابيا أو شفويا أو مجرد حركات أو إشارات مثل المدير الذي يطلب من مستخدميه قبول الاتصال الجنسي و إلا فصلها من العمل .
– الإكراه: إما أن يكون مادي أو معنوي فالأول يكون بالقوة الجسدية أو استعمال وسيلة مادية كالسلاح أو الثاني الذي يكون المبرر فيه إفشاء سر قد يضربها إن كشف .
– ممارسة ضغوط: للضغوط أشكال و ألوان و قد تكون مباشرة أو غير مباشرة لا يمكن حصرها بالعودة إلى المشرع الفرنسي فبموجب إغواء أو مراودة امرأة.

ب/ الغاية من استعمال الوسائل المذكورة : و تتمثل في ما يلي :
– إجبار المجني عليه على الاستجابة : و يقصد به حمل المجني عليه قبول الطلب الموجه إليه و الإجبار يفيد عدم الرضا فإن كان راضيا انعدمت الجريمة .
– الرغبات الجنسية للجاني: يشترط القانون أن يكون الجاني هو المستفيد من عملية التحرش الجنسي الذي يشمل التقبيل و الملامسة و الوطء…الخ ، و من ثم لا يسأل جزائيا من أجبر المجني عليه على الاستجابة لرغبات غيره الجنسية ما لم يشكل جنحة تحريض قاصر على الفسق أو الدعارة أو فساد الأخلاق .المنصوص عليها في المادة 342 ق ع ج .

ثانيا : الركن المعنوي : لا يمكن تصور هذه الجريمة دون وجود قصد و هكذا قضي في فرنسا بعدم قيام الجريمة إذا كان مدير مؤسسة قد أبدى عاطفة حب تجاه مستخدميه قد أبد لأحدهن معاني لا تتضمن فحشا و لا هجرا أو عرض عليها تقبيلها من فمها و هو الأمر الذي أدى ببعض الفقهاء في فرنسا إلى القول أن مثل هذه الجريمة لا تطبق على مبادرات حب صادقة و مردهم في دلك القول أن القصد الجنائي لا يتوفر لانعدام التهديد أو الضغط أو الإكراه أو إعطاء الأمر.

وإذا كان هذا القضاء يصلح في الجزائر باعتبار أن المشرع الجزائري استلهم مجمل أحكام المادة 341 مكرر من المادة 222/33 قانون العقوبات الفرنسي فإنه لم يعد يصلح في فرنسا منذ تعديل أحكام المادة 222/33 حيث لم يعد يشترط النص الجديد علاقة التبعية بين الجاني و المجني عليه كما لم يعد يشترط استعمال وسيلة معينة.

الفرع الثاني: العقوبـــة و الظروف المشددة:

نستخلص العقوبة من نص المادة 341 مكرر بقولها ” يعد مرتكبا لجريمة التحرش الجنسي و يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة من 50000 دج إلى 100.000 دج كل شخص يستغل سلطة وظيفته أو مهنته عن طريق إصدار الأوامر للغير أو بالتهديد أو الإكراه أو بممارسة ضغوط عليه قصد إجباره على الاستجابة لرغباته الجنسية و في حالة العود تضاعف العقوبة “

الفرع الثالث :وسائـــل إثبات جريمة التحرش الجنسي :

يواجه إثبات جريمة التحرش الجنسي عدة إشكاليات ، و قد أبدى القضاء الفرنسي تشديدا في تقدير الدليل إذ لا تكفي تصريحات المجني عليه لإقامة الدليل إذا لم تكن هذه التصريحات مصحوبة بشهادة شهود تؤديها معاينات موضوعية ، و هكذا قضي بإدانة المدير العام لإحدى محطات الإذاعة بجنحة التحرش الجنسي على صحفية بناء على شهادة دقيقة و مفصلة لزميلتها في العمل ، تعززها ترقية مهنية استثنائية للمجني عليها متبوعة بوقفها عن العمل وفصلها بغير مبرر.
ويتساءل بعض الفقهاء حول ما إدا كانت هده الجريمة من جرائم الاعتياد بدعوى أن المشرع استعمل مصطلح التحرش الذي ينطوي على فكرة التكرار و المعاودة و أن مختلف أساليب إساءة استعمال السلطة ) الأوامر ، التهديد و الإكراه و الضغوط ( قد صيغت في الجمع ، كما يتجلى دلك بأكثر وضوح في النسخة الفرنسية من القانون الجزائري ، غير أننا نميل إلى الاعتماد أن نية المشرع هي ردع التحرش الجنسي و لو تمثل في عمل منفرد .

المطلب الرابع : جريمة الإخلال بالأخلاق الحميدة

وهو الفعل المنصوص و المعاقب في المادة 333 مكرر و يتمثل في المساس بالحياء مثل إعلان مطبوعات أو رسوم أو إعلان أو صور أو لوحات زيتية أو أي شيء يتنافى و الحياء مثل إعلان صور عارية و عرضها للجمهور بغرض البيع أو العرض أو التوزيع .

الفرع الأول : أركــــان الجريمة :

أولا الركن المادي : يقوم الركن المادي للجريمة على عنصرين هما :

أ/ محل الجريمة : يتمثل محل الجريمة في كل مطبوع أو محرر أو رسم أو إعلان أو صور أو لوحات زيتية أو أي شيء مناف للحياء ، و عبارة ” أي شيء تسمح في التوسع في التجريم إلى أشياء لم يرد ذكرها في النص مثل الأفلام السينمائية الخليعة FILMS PORNOGRAPHIQUES و أفلام الفيديو من فئة “X ” و كذلك الأشياء المنحوتة .

و يأخذ هنا تحديد مفهوم “الحياء” “DECENCE” أهمية قصوى ، و هو المفهوم الذي يحتاج إلى التوضيح نظرا لما يكتنفه من غموض يضاف إليه الطابع المتغير للحياء الذي يختلف باختلاف المكان و الزمان .

وبصفة عامة يمكن اعتماد ما قضت به محكمة النقص الفرنسي، حيث عرفت منافاة الحياء بقولها أنها تغني مخالفة الحياء العام و هي تنطوي مبدئيا على إثارة الشهوة الجنسية و التحريض على السلوك المنحط القبيح و الانحرافات الجنسية.

و تبعا لذلك تعتبر منافية للحياء الصور التي تظهر الرجل و المرأة في وضع الوقاع و الصور للعراة تماما و التي تبرز عوراتهم و الكتب و تقدم أوصافا دقيقة لمختلف أوضاع و كيفية الاتصال الجنسي و مع ذلك يجب التمييز بينها و بين الكتب التي تهدف إلى الاستخدام في المجال العلمي مثل الطب و نفس الشأن ينطبق على الصور العارية الفنية و الصور المثيرة للجنس ، و إن كانت الصور الفنية تخلو عادة من أي نية في إثارة الجنس ، فإنه من الصعب القول في مجتمعنا العربي المسلم بأنها غير منافية لأخلاق الحميدة.
و على كل فإن الأمر متروك للسلطة التقديرية لقضاء الموضوع الدين يرجع إليهم الفصل .

ب/ الأفعال أو الحيازة أو الاستيراد أو السعي في الاستيراد و ذلك من أجل التجارة أو التوزيع أو التأجير أو اللصق أو إقامة معرضها ( .
– العرض أو الشروع في العرض للجمهور.
– البيع أو الشروع فيه.
– التوزيع أو الشروع في التوزيع.

و نستخلص من هذه القائمة بأن العلنية مطلوبة في صورتين و هما: العرض أو الشروع في العرض للجمهور و يشترط المشرع لقيام الجريمة أن يكون بغرض التجارة أو التوزيع أو التأجير أو اللصق أو إقامة معرض فيما يخص الصناعة و الحيازة و الاستيراد.

ثانيا : الركن المعنوي :

تقتضي الجريمة في كل صورها توافر قصد جنائي عام و تتطلب علاوة على ذلك ، قصدا خاصا يتمثل في الإيجار أو التوزيع أو التأجير أو اللصق أو إقامة معرض عندما يتعلق الأمر بصور الصناعة و الحيازة و الاستيراد أو السعي في الاستيراد و في كل الأحوال فإن سوء النية مفترضة في كافة الصور المذكورة ،الصناعة و الحيازة و الاستيراد أو السعي في الاستيراد و في كل الأحوال فإن سوء النية مفترضة في كافة الصور المذكورة .

الفرع الثاني : العقوبـــــة :

تعاقب المادة 333 مكرر من قانون العقوبات على جنحة الإخلال بالأخلاق الحميدة بالحبس من شهرين إلى سنتين و بغرامة من 500 إلى 2000 دج.

في الأخير، نتقدم بنداء إلى جميع المعنيين للعمل على الحفاظ على عادات و تقاليد مجتمعنا، و هذا بمحاربة جميع الجرائم الماسة بالآداب العامة محاربة ردعية و دون هواة، كونها باتت تتفشى أكثر فأكثر في المجتمع خاصة في المدن الكبرى و الساحلية ، دون إقصاء المدن الداخلية ،إن بعض هذه الجرائم تقع بصورة علنية في أوساط الشباب دون مراعاة القوانين ، القيم و الأخلاق ، ماسة بدلك فئات كبيرة من القصر.

ليست القوانين الردعية فقط التي يجب الاعتماد عليها أو تسخيرها في محاربة هذه الجرائم ،بل يجب إدخال سياسة التوعية بالمسؤولية لا سيما في أوساط الشباب، داخل المدارس مراكز تنشيط الشباب ، عن طريق وسائل الإعلام ، و كذا وزارة الشؤون الدينية ، لأن هذه الظاهرة عمت مجتمعنا و تفشى الفسق و الدعارة و الفحش ، و أصبحت البعض منها معتمدة كمهمة ، لقول الشاعر :
” إنما الأمم الأخلاق إن بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا “

نهج المشرع الجزائري في جرائم العرض على منوال المشرع الفرنسي بعدم العقاب على الرذيلة في كل صورها فاكتفى بتجريم صور معينة تتميز عن غيرها بتعدي الأذى فيها إلى الغير

فإذا نظرنا إلى قانون العقوبات الجزائري بمنظار إسلامي، يبدو لنا أنه قانون ليبرالي إلى درجة الإباحية، باعتباره مبنيا على مبدأ الحرية الجنسية ، ويترتب على ذلك أن لا جريمة و لا عقوبة متى بلغ الطرفان سن التمييز ، وتوافرت لديهما الإرادة .

أما إذا نظرنا إليه بمنظار غربي ، فيبدو لنا أنه قانون محافظ كونه يقيد الحرية الجنسية من حيث تجريمه ، على سبيل المثال في : الزنا ، الشذوذ الجنسي ، الفعل العلني المخل بالحياء .

وتتفق الشريعة مع القانون في تجريم هذه الأفعال، فارضين عليها عقوبات محددة و منصوص عليها فيهما، بل أن المشرع استلهم بعض القواعد و الضوابط طبقا للشريعة الإسلامية.

ففي جرائم الفواحش هناك صعوبة في ضبطها ، من خلال الممارسات القضائية ويرجع ذلك أساسا إلى عدة عوامل من بينها الاعتبارات الأخلاقية التي تطغى المفاهيم القانونية عند وصف هذا النوع من الجرائم ، ولأدل على ذلك جريمة الاغتصاب التي يراد بها فض البكرة والزنا التي يعني بها الفاحشة ، من جهة أخرى هناك عامل السرية رغم تعاليم ديننا الحنيف بأنه لا حياء في الدين ، فقسوة ردة فعل المجتمع خاصة اتجاه الضحية تجعل منه عاملا أخر يقف وراء صعوبة ضبطها أما العنصر الجوهري فيكمن في صعوبة إثبات هذا النوع من الجرائم في ظل العوامل السالفة الذكر .

وتأخذ جريمة الفواحش عدة أوصاف بحسب طبيعة الاعتداء و المصلحة المحمية و لا جريمة ولا عقوبة على الممارسات الجنسية التي تتم وفق الشروط الآتية ( إذا كان الطرفان قد تجاوزا سن السادسة عشرة ، وتوفرت لديهما الإرادة الكاملة ، وتمت في غير علانية ، ولم يكن أحد أطرافها من المحارم ، ولم يكونا متزوجين أو أحدهما متزوجا ، و لم يكونا من جنس واحد ) فإذا اختل شرط من هذه الشروط قامت الجريمة.

01- الدكتور : عبد الحكيم فودة – جرائم العرض في قانون العقوبات المصري – ديوان المطبوعات الجامعية الإسكندرية سنة 1997.
02- الأستاذ : أحمد أبو الروس – الموسوعة الجنائية الحديثة – طبعة 1997 المكتب الجامعي الحديث الأزطرية الإسكندرية.
03-الدكتور : رمسيس بهنام – قانون العقوبات المصري – جرائم القسم الخاص –الطبعة الأولى 1999 منشأة المعارف بالإسكندرية .
04-الدكتور : البقيرات عبد القادر – مفهوم الجرائم ضد الإنسانية – الطبعة الأولى سنة 2004 الديوان الوطني للأشغال التربوية.
05-الدكتور:محمد صبحي نجم – شرح قانون العقوبات الجزائري – ديوان المطبوعات الجامعية – الطبعة الثانية 1990.
06- الدكتور: أحسن بوسقيعة – الوجيز في القانون الجنائي الخاص – الجزء الأول طبعة سنة 2003و2006.
07-الدكتور: يحي بن لعلى – الخبرة في الطب الشرعي – أنجز طبعة بمطبعة عمار قرفي بباتنة سنة 2000
08-الدكتور: محمد رشاد متولي – جرائم الاعتداء على العرض- ديوان المطبوعات الجامعية سنة 1983.
09-الدكتور: سيد حسن البغال – الجرائم المخلة بالأداب فقها وقضاء – دار الفكر العربي القاهرة .
10-الأستاذ: عبد العزيز سعد – الجرائم الأخلاقية في قانون العقوبات الجزائري – الشركة الوطنية للنشر و التوزيع سنة 1982
11- قانون العقوبات الجزائري – الطبعة الخامسة- الديوان الوطني للأشغال التربوية 2007
12-قانون الإجراءات الجزائية – الطبعة الثالثـة- الديوان الوطني للأشغال التربوية 2002.