بحث قانوني ونظرة حول الدبلوماسية ” البروتكول الدبلوماسي”

البروتوكول

المقدمة

يرد مصطلح البروتوكول على عدة معان، منها أن البروتوكول يعنى قواعد السلوك المتحضر، ومنها كذلك أن البروتوكول هو نظام يتفق عليه في السلوك، أو التنفيذ. كما يعنى البروتوكول ملحق المعاهدة أو أداتها التنفيذية. ونظراً لأهمية التعرف على قواعد السلوك المتحضر، في المواضع المختلفة، بما يفيد في ترقية هذا السلوك وترقية المجتمع وإشاعة مشاعر الود بين أعضائه، باعتبار البروتوكول يعنى، في أبسط معانيه، مراعاة الآخر Paying Due Consideration to the Others، سواء في الحياة العامة، وفى الممارسات الدبلوماسية بوجه خاص، وفي الدبلوماسية الدولية الثنائية والمتعددة الأطراف، بوجه أعم.

والواقع أن قواعد السلوك مستقرة في حياة الناس، وفي أعمالهم،وهم يمارسونها، وفي معظم الأحيان دون أن يدرون.

وتعد قواعد البروتوكول واحترامها الخط الدفاعي الأول لحماية العلاقات الدبلوماسية والسياسية. ذلك أن العلاقات الدبلوماسية هي أداة إدارة العلاقات السياسية، وأن هذه الأداة قد وضعت لها القواعد الثابتة التي تكفل لها تحقيق هذه الغاية. ولكن الرابطة بين العلاقات الدبلوماسية والعلاقات السياسية، علاقة حساسة لأن توتر العلاقات الدبلوماسية يمكن أن ينال من العلاقات السياسية. كما أن تأثير العلاقات السياسية، يمكن أن يؤثر على العلاقات الدبلوماسية في بعض الأحيان، علماً بأن متانة العلاقات الدبلوماسية تكون أكثر أهمية كلما توترت العلاقات السياسية، حتى يمكن استخدام العلاقات الدبلوماسية في معالجة التوترات في العلاقات السياسية.

المبحث الأول
تعريف البروتوكول

البروتوكول لغة واصطلاحا

يعني البروتوكول في المصطلح الدارج، التقليد أو القاعدة، كما تعنى كلمة “اتيكيت” الذوق ومراعاة شعور الأخر. وقد نشأ المصطلح بشكل عام، في إطار عملية وضع قواعد السلوك الضروري عند المجتمعات المتحضرة، أو عند الطبقة الراقية في هذه المجتمعات. ثم تطور استخدام المصطلح ليشير إلى مجموعة القواعد، التي تضبط سلوك مجموعات من العاملين الذين يكون للمجاملة والذوق المتبادل دور مهم في عملهم. وهكذا ووفق هذا المعنى أصبحت قواعد البروتوكول مألوفة ومتطورة في العلاقات بين الملوك والرؤساء، وبين مبعوثيهم الدبلوماسيين والخاصين وفى المنظمات والمؤتمرات الدولية. وكلما اتسع نطاق المعاملات الدولية، أصبحت قواعد السلوك القائمة على المجاملة والذوق أكثر اتساعاً واستخداماً، مثل التحية البحرية، والتحية العسكرية للقوات المسلحة للدول المختلفة، ورموز تحية الموتى والقتلى، ثم الأعراف والمراسم والاتيكيت في مجال الزيارات، والممارسات الدبلوماسية المختلفة. وخلال الرحلة الطويلة التي استغرقها مصطلح البروتوكول والاتيكيت عبر القرون، ومن خلال ممارسات الجماعات البشرية المختلفة، استقرت مجموعة من القواعد التي تتناقلها وتتدارسها الأجيال.

وقد بدأت مراعاة هذه القواعد من الأمور المستحبة، بوصفها مبادرات لمراعاة الأخر وإنكار الذات وكلها من أخلاق الفروسية في العصور الوسطى، ومن قواعد المدنية الحديثة في الحضارة الأوربية. انتقلت مراعاة هذه القواعد إلى مرتبة الإلزام، بحيث يترتب على إغفالها أحياناً أزمات حادة في علاقات الدّول، وكثيراً ما أدى إغفالها إلى حروب حقيقية بين الدول الأوروبية، خلال القرن التاسع عشر. ولذلك بدأت مرحلة العناية المكثفة بها. وعلى الرغم من ذلك فهي ليست موثقة أو منشورة بشكل تفصيلي، كما تقل الكتابات فيها إلى حد الندرة، حتى إن العارفين بها يقتصر وجودهم على مقار أعمالهم، بوصفها ممارسات يومية تحرص إدارات المراسم في الوزارات المعنية، كرئاسة الدولة ورئاسة الوزراء، وبشكل أخص وزارة الخارجية، على توارثها وتناقلها بل وطبع دليل موجز بأهمها.

أما بروتوكولات حكماء صهيون، فهو مصطلح يشير إلى القواعد السرية التي تواعد حكماء الصهاينة على أن تكون نبراس الحركة الصهيونية، ووجود هذه البروتوكولات على أية حال يكتنفه بعض الغموض.

وإذا كانت قواعد البروتوكول قد أصبحت في معظمها قواعد عالمية، فإن جزءاً مهماً منها لا يزال، وسيظل كذلك، يحمل الطابع المحلي الخاص بكل دولة، مما يعنى أن قواعد البروتوكول العامة تسمح ببعض الخصوصيات، وفق تقاليد المجتمعات وتطورها، بما لا يُخل بهذه القواعد العامة.

وقد عرّف العرب المصطلح على أنه “الرّسوم”، المشتقة من كلمة “رسم”، أي الأمر المكتوب؛ ومثالها الآن “المرسوم الملكي” أو “الأميري”، ويعني القانون أو الأمر الملزم، بما يدل على احترام العرب لهذه القواعد، سواء في مقابلات الملوك والشخصيات الدولية المرموقة، أو رجال السياسة، أو مقابلة الناس ومعاملتهم. وقد اشتق الأتراك من “رسوم” العربية كلمة مراسم، ومن الرّسم كلمة “رسمي”، ومرسوم وهو الإرادة الرئاسية عموماً.

المصطلح في المفهوم القانوني

يُطلق البروتوكول في المفهوم القانوني، على ملحقات المعاهدة، أو الاتفاق التنفيذي للمعاهدة، أو يكون البروتوكول هو المعاهدة نفسها. كما قد يُطلق على المذكرات أو المحاضر المتفق عليها، التي يرجع إليها أطراف المعاهدة، عند الاختلاف في التفسير. ويُطلق على ملحقات المعاهدة “بروتوكولاً”، عندما تنظم أمورًا مكملة للمعاهدة، مثل البروتوكولات الملحقة بالعهدين الدوليين، للحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لعام 1966. فقد أُلحق بكل عهد بروتوكول خاص بالتّسوية السلمية للمنازعات، كما أُلحق بروتوكول اختياري باتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، بشأن تسوية ما ينشأ من منازعات، حول تفسير هذه الاتفاقية وتطبيقها. والبروتوكول، في هذه الحالة، مستقل وليس مكملاً للاتفاقية. وقد يتم تدارك بعض النقص في المعاهدة، في بروتوكول يُبرم بعد تاريخ إبرامها الأول بسنوات، ومثال ذلك بروتوكول 1967 المكمل لاتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين، المبرمة عام 1951، والملحقان الدوليان المبرمان عام 1977، المكملان لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، ويمثل هذان الملحقان، أو البروتوكولان الأول والثاني، تطويراً وإكمالاً للاتفاقيات الأربع. ومن البروتوكولات الشهيرة، التي تحمل معنى المعاهدة بذاتها، بروتوكول إكس لاشابيل Aixe La Chappel، المبرم عام 1818، الذي تضمن عدداً من الأعراف والقواعد في أسبقية رؤساء البعثات الدبلوماسية ومعاملتهم ودرجاتهم، ويعد علامة بارزة في تطور البروتوكول الدبلوماسي. ومثاله كذلك بروتوكول جنيف لعام 1925، الذي حظر استخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية. وقد كانت كلمة بروتوكول إحدى الكلمات المرادفة لـ”معاهدة”، مع فارق واحد وهو أن البروتوكول أقل مرتبة، أو ملحق فقط أو منفذ للمعاهدة، في الوقت الذي كان فيه العرف يجري على التمييز بين المعاهدةTreaty، والاتفاقية Conventio، والاتفاق Accord، والميثاق Charter، والعهدCovenant (كعهد العصبة)، وميثاق جامعة الدول العربية، والبروتوكول، والوفاق Entente، والمعاهدة البابوية Concordant وغيرها، وانصب التمييز على أساس موضوع الاتفاق سياسياً أو فنياً، وأطرافه، ودرجة إلزامه. أمّا اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969، فقد سوّت في المادة الثانية بين هذه المصطلحات. فكلها في مرتبة المعاهدة، متى توفرت شروطها “تعني معاهدة اتفاق دولي معقود بين دول بصورة خطية وخاضع للقانون الدولي، سواء أُثبت في وثيقة وحيدة، أو في اثنتين، أو أكثر، من الوثائق المترابطة، وأياً كانت تسميته الخاصة”.
أهم قواعد البروتوكول ومجالات تطبيقها

تُعالج قواعد البروتوكول، طبقاً للبروتوكول الدبلوماسي، الذي يشمل قواعد سلوك رؤساء الدول والممثلين الشخصيين لهم ولدولهم. ويتم ذلك طبقاً لأربع نقاط أساسية كالآتي:

الأولى: إن البروتوكول ينصرف إلى الجزء الرسمي الإجباري، كما ينصرف إلى قواعد الذوق العامة والمألوفة، في مجال العمل الدبلوماسي والعمل الرسمي بين الدول؛ ولذلك فإن الإخلال بالجزء الرسمي يؤدي حتما إلى إضرار في مجمل العلاقات الدبلوماسية، وربما السياسية أيضا وفق درجة أهمية القاعدة والحساسية، التي تحدثها في هذه العلاقات. أما تجاهل الجزء الشخصي في هذه القواعد، فقد يقتصر أثره على إحداث تعقيدات للشخص، الذي يتجاهله، في حدود لا تنسحب إلى مجمل العلاقات الرسمية. فهناك فرق بين أن يتجاهل السفير قواعد الاتصال، مع كبار المسئولين في الدولة المضيفة، ولو بتعليمات من حكومته، كإثارة مسائل داخلية حساسة دون التزام اللياقة الواجبة، وبين أن يتخلى السفير عن اللياقة في مناسبات مماثلة، دون أن يكون مكلفاً بإبلاغ رسالة حادة إلى الدول المضيفة.

الثانية: يختلف البروتوكول عن العلاقات العامة، كما يتفق معها في وجوه أخرى؛ فكلاهما يقع في إطار واحد، ويهدفان إلى تحقيق الانسجام في علاقات الأفراد، بما يجعل هذه العلاقات أداة لتيسير المعاملات، وليست عقبة أو عبئًا عليها. ذلك أن العلاقات وسيلة إلى غاية تعقبها، فإن تعثرت الوسيلة عزّت الغاية وتعذر تحقيقها. ولكن هذا الاتفاق والتماثل بين البروتوكول والعلاقات العامة، يجب ألا يُخفي اختلافاً جوهرياً بينهما، هو في أن البروتوكول حرفة ونظام وقواعد تمارس بشكل إجباري، ويؤدي تجاهلها إلى الإضرار بعلاقات الدول، بينما العلاقات العامة تتوجه إلى عموم الناس، ويترتب على تجاهلها تعقد العلاقات وتعثر المعاملات في قطاع معين. ويضاف إلى ذلك أن قواعد العلاقات العامة متطورة وغير محصورة،خلافا لقواعد البروتوكول بالمفهوم الرسمي، الذي استقرت عليه عبر العصور. ولا شك أن تطبيق قواعد العلاقات العامة، يُتطلب فقط في رجال العلاقات العامة. أمّا المراسم فهي قواعد مجردة يلتزم بها كل العاملين في القطاعات، التي تنطبق فيها قواعد المراسم والبروتوكول.

الثالثة: أن قواعد البروتوكول تختلف عن مدونة السلوك Code of conduct، المألوفة في المجال الأخلاقي، سواء للأطباء، أو الرياضيين، أو المعاملات التجارية، أو العاملين في وزارات الخارجية في بعض الدول، كالولايات المتحدة. فمدونة السلوك لها طابع أخلاقي معنوي، أمّا قواعد البروتوكول فهي تعالج مجالاً مختلفاً في السّلوكيات الدبلوماسية، وتنطبق على فئة خاصة، وتُعنى بالقواعد السلوكية الخارجية العامة، خلافًا لمدونة السلوك، التي تضع قواعد التعامل في مجال محدد، لتساعد أطرافه في الوصول إلى نتائج محددة. فهذه القواعد مطلوبة لتسهيل الوصول إلى غاية أبعد، بينما قواعد البروتوكول مقصودة لذاتها، وهدف احترامها قد يكون غير مباشر، وهو تفادي تأثر العلاقات السياسة بمشكلات العلاقات الدبلوماسية.

الرابعة: إن تجاهل الدولة، أو الدبلوماسي، لبعض قواعد البروتوكول، قد يدفع الدولة المتضررة إلى الرد، ويتوقف الرد على نوع المخالفة، وهل تعدّ المخالفة انتهاكاً لقاعدة قانونية، أم لقاعدة من قواعد المجاملة courtoisie، التي يجب أن تراعى فيها قاعدة المعاملة بالمثل reciprocite. فعلى سبيل المثال، فإن الدولة قد تعمد إلى تأخير موعد تقديم السفير الأجنبي أوراق اعتماده إلى رئيس الدولة، لتعبر بذلك عن موقف غير ودي تجاه دولة السفير؛ أو قد لا تدعوه إلى الحفلات الرسمية، وليس إلى اللقاءات الرسمية؛ أو قد تعمد إلى المماطلة في ترتيب المواعيد، التي يطلبها مع المسؤولين. وهذه التصرفات تدخل في إطار المجاملات، وعدم احترامها لا يعني انتهاك واجب قانوني محدد.

المبحث الثاني
البروتوكول والمجاملات والمراسلات والزيارات

صور المجاملات الدولية

1. التهاني

جرت العادة أن يتبادل رؤساء الدول التهاني، بالأعياد القومية والدينية، وكذلك في المناسبات المهمة كالزواج، أو تأييد قرار سياسي خاص له دلالته وتأثيره، أو النجاة من محاولة اغتيال، أو من كارثة قومية، أو النجاح في الانتخابات.

ويعرف العمل الدولي عدداً لا حصر له، من صور تكريم رؤساء الدول، إلى جانب صور التكريم الرسمية عند الزيارات والمغادرة، مثل منح الضيف مفتاح العاصمة، أو الدكتوراه الفخرية، أو تسمية أحد الشوارع باسمه، أو منحه أرفع وسام في الدولة.

2. التعازي

يتبادل الرؤساء برقيات التعازي، في وفاة الشخصيات العامة، أو أفراد الأسرة، أو وقوع الكوارث الطبيعية كالزلازل والأمراض. وفى مثل هذه المناسبات، تُعلن الدول الحداد لمدة تحددها كل دولة، فيما لا يقل عن ثلاثة أيام ولا يجاوز سبعة أيام، لوفاة رئيس دولة أخرى. ويمكن أن تنكّس الأعلام مجاملة للدولة الأخرى خلال مدة الحداد.

وقد تبلغ المجاملة حدّا أبعد من إرسال البرقيات للتعزية، بإرسال بعثات الشرف، أو المشاركة الشخصية لرئيس الدولة، في تشييع جنازة الرئيس الآخر.

3. تبادل الهدايا

ويدخل في باب المجاملات تبادل الهدايا والتهاني، في المناسبات المختلفة، وتبادل الأوسمة. ويقضي العرف الدبلوماسي بعدم دعوة الدولة المضيفة ممثل الدولة، التي بينها وبين دولة أخرى حرب، عند زيارة رئيسها الدولة الأولى، إلى المناسبات الرسمية تكريماً للضيف، وكذلك عدم دعوة ممثلي الدولة التي لا تعترف بها دولة الضيف. ويختلف الحال قليلاً في الحفلات، التي يقيمها رئيس بعثة إحدى الدول في دولة أخرى، لأنه هو الذي يحدد، وليس الدولة المضيفة، المدعوين إلى حفلاته. وقد تقتضي المجاملة سرعة الإجابة على برقيات الشكر والتهاني، لأن إغفالها -خاصة في بعض الظروف- قد يدل على فتور في العلاقات، أو عدم الرغبة في تبادل المجاملات.

4. زيارة الأماكن الحساسة

ومن صور المجاملات كذلك، أن يطلب رئيس الدولة الضيف زيارة بعض الأماكن ذات الأهمية المعنوية لدى الدولة المضيفة، مثل طلب الرئيس كلينتون عام 1995، خلال زيارته لمصر، زيارة قبر الرئيس السادات، ولم يكن ذلك مدرجاً في برنامج الزيارة؛ ومثاله كذلك توقف الرئيس كلينتون خلال زيارته التاريخية لأفريقيا، في مايو 1998، في مطار كيجالى في رواندا، لتكريم ضحايا المذابح العرقية عام 1994، وتوقف أمين عام الأمم المتحدة عام 1999 بالمطار نفسه، للغرض ذاته، والاعتذار عن تقاعس الأمم المتحدة، في هذه المذابح.

5. الاعتذار

ومن صور المجاملات الحديثة، اعتذار رؤساء الدول عمّا ألحقته دولهم من أضرار قومية، أو إنسانية، لدول أخرى، حتى أُطلق على هذا الاتجاه دبلوماسية الاعتذار diplomacy of apology. ومثال ذلك اعتذار اليابان لدول جنوب شرق آسيا، عمّا ألحقته اليابان بها خلال الحرب العالمية الثانية، واعتذار الولايات المتحدة والأمم المتحدة لتوتسي رواندا عام 1999، بسبب المذابح التي تعرضوا لها عام 1994، واعتذار الأمريكيين والكنديين والأستراليين لأصحاب البلاد الأصليين من الهنود الحمر. ويطالب الفلسطينيون إسرائيل بالاعتذار، عمّا ألحقته بهم من مظالم.

6. التعاون وتقديم المساعدات

ومن صور المجاملات تقديم المساعدات المادية والفنية، خاصة في أوقات الكوارث. وهذه المساعدات قد تستخدم أحياناً في التعبير عن مواقف سياسية؛ ومثال ذلك مسارعة إسرائيل والسلطة الفلسطينية إلى تقديم العون بشكل ظاهر للاجئي كوسوفا، في إشارة واضحة من كلا الطرفين إلى تفسيرهما الخاص لهذه المأساة.

وخلال الأسبوع الثاني من أغسطس 2000، كان التسابق بين الدول الأوروبية على إنقاذ بحارة الغواصة الروسية “كورسك” في إشارة لا تخفى لإظهار عجز موسكو عن إنقاذ بحارتها. ومن صور المجاملات ذات الدلالة الخاصة تعاون إسرائيل مع روسيا ضد مسلمي الشيشان تحت ستار مكافحة الإرهاب الدولي وتبادل المعلومات بينهما في هذا الشأن. وأخيراً تقديم الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية مساعدات غذائية عاجله لكوريا الشمالية، خلال الأزمة الغذائية الحادة التي واجهتها، لإظهار عجز النظام الشيوعي، وإشعار كوريا الشمالية بأهمية التقارب مع كوريا الجنوبية. وربما أسهم ذلك التعاون في عملية التقارب، التي تمت في مايو 2000، بين شطري شبه الجزيرة الكورية.

مراسم المراسلات والزيارات بين رؤساء الدول

1. المراسلات بين رؤساء الدول

تشير هذه المراسلات إلى حجم المجاملة، أو الاهتمام، أو التوافق بين الدول. وتراعى في هذه الرسائل عبارات المجاملة، التي تتطلبها المناسبة، سواء للتعزية، أو التهنئة، أو التضامن وغيرها. وتكتب هذه الرسائل على ورق من الحجم الكبير، وتوضع في غلاف، بعد ختمها بخاتم الدولة، موضحًا به اسم رئيس الدولة المرسل إليه، ولقبه الكامل. أمّا الرسائل العادية فتكون أبسط، ويستخدم رئيس الدولة صيغة المفرد، كما يستخدم صيغة الجمع للمخاطب. وتكون مثل هذه الرسائل عادة للمناسبات الاجتماعية، أو للمراسلات السياسية العادية وغير الرسمية. وقد يرسل رئيس الدولة الرسائل الشخصية ليسلّمها رئيس بعثته إلى الدولة الأخرى، أو يحملها مبعوث خاص، وقد تتخذ صورة كتابية أو شفهية. وقد تتضمن هذه الرسائل الشخصية أحيانًا، بعض المواقف الخاصة من القضايا المعلنة، التي يهم رئيس الدولة أن يبلغها إلى بعض الرؤساء الآخرين، ولكنه لا يرغب في إذاعتها. وعلى كلٍّ، فالمراسلات بين رؤساء الدول، ذات مناسبات وموضوعات تفوق الحصر.

2. زيارات رؤساء الدول

عرفت العلاقات الدولية المعاصرة تطورات جوهرية، أهمها ظهور دبلوماسية القمة[1] Summit Diplomacy والاتصال المباشر بين الرؤساء، سواء بأجهزة الاتصال المتطورة، أو الزيارات السريعة، أو إرسال المبعوثين الخاصين، أو الزيارات الرسمية العادية، أو الزيارات الشخصية، أو الزيارات غير الرسمية وغير الشخصية. وتحاط الزيارات الشخصية، عادة، بالكتمان، ولكن بالرعاية والاهتمام الشخصيين من جانب رئيس الدولة المضيفة، كما يكون للزيارة -غالبًا- طابع اجتماعي. أمّا الزيارات الرسمية، فلها قواعد محددة، إذ توجه الدعوة قبل إتمامها بمدة كافية، ويترك للضيف تحديد موعدها. ثم تتخذ ترتيبات الزيارة، وإعداد برنامجها، وتشكيل الوفد المرافق للضيف، وإعداد الصيغة الأولية للبيان المشترك ونقاط الخطب المتبادلة، وإعداد الأوسمة والنياشين، التي ستوزع خلال الزيارة. وترافق الضيف بعثة شرف من الدولة المضيفة، وبعثة أخرى إذا كانت زوجته بصحبته.

أما مراسم استقبال رؤساء الدول، فقد تتم في المطار، أو في القصر الرئاسي، حسب تقاليد كل بلد. وفى كل الأحوال، تُطلق 21 طلقة ترحيبًا بالضيف، ويعزف السلامان الوطنيان: لدولة الضيف أولاً، ثم لدولة المضيف، ويُستعرض حرس الشرف، ثم يقدم الرئيس المضيف لضيفه، الوزراء وكبار رجال الدولة، ثم يُوصل المضيف ضَيفه إلى حيث إقامته، ويرد الأخير الزيارة بعد ذلك بوقت قصير، في قصر الرئاسة.

ولا يتمتع رؤساء الحكومات بمراسم الرؤساء نفسها، كما لا يتمتع بها الرؤساء السّابقون، أو رؤساء الحكومة السابقون، وإنما يتمتعون بما تقتضيه المجاملة من التكريم. ولا تُتبع مراسم معينة عند زيارات وزراء الخارجية، أو الوزراء الآخرين.

ويستقبل رئيس الدولة زائره، عادة، في المدينة التي يحددها الرئيس المضيف، وهي غالبًا عاصمة بلاده. وقد رفض الرئيس المصري مثلا زيارة إسرائيل، حتى لا يستقبل في القدس، كما أن الملك عبد الله الثاني، خلال زيارته لإسرائيل في منتصف أغسطس 2000، وصل إلى تل أبيب ورفض السفر إلى القدس، مما دفع رئيس إسرائيل إلى رفض لقائه في تل أبيب، بينما التقى به فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي.

وقد جرى العرف على رفع علم دولة الرئيس الزائر، خلال فترة الزيارة، في بعض المواقع، خاصة تلك الواردة في برنامج الزيارة. وإذا تعدد الرؤساء الزوار في الوقت نفسه، ترفع أعلام دولهم، حتى لو كان وجودهم في الدولة الأجنبية لحضور مؤتمر أو اجتماع رسمي. وفي هذه الحالة ترفع أعلام الدول المشاركة فقط في مقر المؤتمر أو الاجتماع، ولا ترفع بالضرورة في الأماكن العامة الأخرى. وقد وقعت أزمة حادة بين إيران وبعض الدول الأوروبية، بسبب إصرار إيران على ألا تقدم الخمور في الحفلات التي تقام للرئيس الإيراني خلال الزيارة. فألغت ألمانيا الزيارة لهذا السبب، بينما أعلنت فرنسا أنها تبحث عن حل وسط. وفى هذه الواقعة لم تقبل الدولة المضيفة من الضيف أن يفرض سلوكاً معيناً على مضيفه، ولكن قد يلتزم المضيف بسلوك يجامل به الضيف، من باب المجاملات اللطيفة التي يبادر بها المضيف. وبالمقابل، فالمعروف أن ملوك المملكة العربية السعودية لا يقبلون أن تقدم الخمور على الموائد الرسمية أثناء زياراتهم للدول الأجنبية، ولم يحدث إشكال في ذلك مع أي دولة تمت زيارتها. بل إن الملك فيصل، رحمه الله، حينما زار تركيا في أغسطس سنة 1966م، رفض زيارة ضريح مصطفى كمال أتاتورك في أنقره. وذلك لتعارض ذلك مع العقيدة الإسلامية الصحيحة. وقد قبل منه ذلك رغم أن زيارة قبر أتاتورك من ضمن بروتوكولات الجمهورية التركية لجميع الزوار من الملوك والرؤساء. كذلك ليس من باب اللياقة أن يصر الضيف، على إلغاء فقرة في برنامج الزيارة، تراها الدولة المضيفة أساسية وتقليدية ما لم تتعارض مع عقيدته الدينية أو المصالح الوطنية. ومن آداب زيارات الرؤساء، ألا يرفض المدعو دعوة رئيس الدولة، أو رئيس الوزراء، أو وزير الخارجية. أما الموائد والحفلات الخاصة لزيارات الرؤساء، فلا تختلف من الناحية الفنية عن سائر الحفلات الرسمية الأخرى، في طريقة ترتيب الموائد وترتيب جلوس الشخصيات المدعوة، إلى هذه الحفلات. وقد جرت العادة أن يُرفع على سيارة الضيف، علم دولته على يمين مقدمة السّيارة، وعلم الدولة المضيفة على يسار المقدمة. كما يُعزف النشيد الوطني لدولة الضيف، قبل النشيد الوطني لدولة المضيف، ويفضّل أن يخصص للرئيس الزائر سيارة خاصة، أو أن يجلس الرئيسان، الزائر والمضيف في سيارة واحدة. وفي هذه الحالة يجلس الضيف في المقعد الخلفي الأيمن وبجواره الرئيس المضيف، وأن ينزل الضيف قبل المضيف بلحظات.

المبحث الثالث
البروتوكول وآداب الحفلات والمقابلات

آداب الحفلات والموائد

يُراعى إرسال الدعوات قبل الحفل بوقت كاف، وعلى المدعو أن يبادر إلى تأكيد قبول الدعوة، أو الاعتذار عنها. كما يُتجنب تفادى إقامة الحفلات في العطلات الرسمية، أو الأسبوعية، مع مراعاة عدم إقامة حفلات متعددة، من جانب هيئات رسمية متعددة، للمدعوين أنفسهم.

وإذا كان الحفل لتكريم شخصيه محددة، فيراعى أن تحدد الشخصية المكرّمة التاريخ والموعد المناسب للحفل، وتقترح بعض الشخصيات، التي تدعى، وأن يوضح في بطاقة الدعوة إنها تقام تكريماً لهذه الشخصية، مع ذكر المناسبة. ولا يجوز لهذه الشخصية أن تتولى بنفسها الدعوة إلى هذا الحفل.

وفى حالة الدعوات بمناسبة زيارات رؤساء الدول والوزراء، أو الدعوة لحفلات الأعياد القومية للدولة المضيفة، فيجب أن يكون الاعتذار عن الغياب بسبب عذر قاهر، كالمرض، أو السفر، ولا يجوز الاعتذار بسبب الارتباط بموعد سابق.

ويراعى حضور الحفلات الرسمية في وقت مناسب. وقد جرت العادة أنه في حفلات العشاء أو الغداء، عندما يكون المدعوون جالسين على مقاعد، أن تحدد أسماؤهم أمام المقاعد، وفى هذه الحالة يجب الحضور خلال الدقائق العشر الأولى. وكذلك الأمر في حفلات الاستقبال، التي يحضرها رؤساء الدول. أما حفلات الاستقبال الأخرى، فيمكن الحضور في أي وقت خلال الفترة المخصصة للحفل، مع تجنب الحضور في اللحظات الأخيرة للحفل. لكن لا يجوز الحضور إلى مقر الحفل قبل الموعد، ولو بدقيقة واحدة. ويجب اختيار الزّي المناسب للرجال والسيدات، ولا يجوز اصطحاب الزوج، في حفل ستحضره السيدات فقط.

أما ترتيب الجلوس في الموائد، فيراعى فيه أن يدخل ضيف الشرف وزوجته أولاً، ثم تتبعهما السّيدات، فالرجال حسب مراكزهم وأسبقياتهم. أما حفلات رؤساء الدول فيدخل كافة المدعوين أولاً ويقفون خلف مقاعدهم، ثم يدخل الضيف ومضيفه، وبعد جلوسهما، يجلس المدعوون بعدهما.

وتكون الموائد: دائرية (انظر شكل طريقة الموائد المستديرة صفحة رقم22)
أو على شكل U أو حدوة جواد (انظر شكل مائدة دون استعمال الطرف المقابل، وشكل مائدة مع استعمال الطرف المقابل، وشكل مائدة يرأسها الداعي وضيف الشرف، وشكل مائدة يرأسها الداعي وضيف الشرف وأكبر المدعوين صفحة رقم23 و24و25و26)
أو مستطيلة (انظر شكل مائدة على الطريقة الفرنسية صفحة رقم27، وشكل مائدة على الطريقة الإنجليزية صفحة رقم28، وشكل مائدة رئيسية بشكل مستطيل صفحة رقم29)
أو الموائد المتقابلة على الطريقة الإنجليزية (انظر شكل ثلاث موائد متقابلة صفحة رقم30)
والموائد المتقابلة على الطريقة الفرنسية (انظر شكل مائدتان متقابلتان صفحة رقم31)
والموائد المزدوجة على شكل حرف H (انظر شكل مائدة مزدوجة صفحة رقم32)
والموائد على شكل مشط (انظر شكل مائدة وثلاث موائد إضافية، وشكل مائدة ومائدتين، وشكل مائدة ومائدة صفحة رقم33و34و35).

تراعى القواعد الآتية في الحفلات

1. يحلّ مندوب الرئيس أو الوزير، محل من ينوب عنه.

2. يبدأ الحفل بعد دخول رئيسه، ولا يخرج أحد قبل خروجه.

3. عند المصافحة باليد، تكون لطيفة ولا تُمسك اليد بقوة، كما لا تبقى اليد عند مصافحة النساء (عند غير المسلمين) لمدة أطول مما يجب، ولا تُمسك اليد بارتخاء.

ويفضل في الحفلات الرسمية وضع خريطة بالمقاعد وأرقامها، ووضع بطاقة على كل مقعد. ويقدِّم داعي الحفل رئيس الحفل أولاً، ثم المدعوين عن يمينه، ثم عـن يساره. ويجب تحديد ظروف الحفل، ونوع الزّي، كأن يكون بدلة كاملة، أو ملابس خفيفة، أو عادية، أو الزّي القومي، كما يجب تحديد نوع العشاء أو الغداء: بوفيه مفتوح، أو مقاعد مخصصة لكل ضيف، أو حفل كوكتيل في فندق، منزل، حديقة… الخ.

مراسم الحفلات في المنازل

ـ عدم دعوة أشخاص بينهم تنافر أو خلافات.

ـ عدم التكلف في ارتداء الملابس الباهظة الثمن، تجنباً لإحراج المدعوين.

ـ على الداعي مراعاة حسن الاستقبال، والحضور المستمر بين المدعوين وألا يغادرهم كثيرًا، أو لوقت طويل.

ـ تفادي المناقشات الحادة، أو الانفعال مع أحد أفراد الأسرة أو الضيوف، أو التحدث بالهاتف طويلاً، أو هامساً.

ـ أن يكون مستوى المدعوين متقارباً، وأن يحاول الداعي إضفاء البهجة على الحديث والجلسة.

ـ الحضور قبل الموعد ببضع دقائق.

ـ تُجهز الأطعمة المناسبة اجتماعياً وشخصياً ودينياً، مع مراعاة المرضى أو الأطعمة الخاصة، في مناسبات دينية خاصة.

ـ لا يجوز دعوة مسيحيين على أطعمة لا تناسب صيامهم، أو مسلمين على أطعمة محرمة، أو خلال أيام رمضان، في غير مواعيد الإفطار أو السّحور.

ـ ترفع ربة المنزل بنفسها الطبق إذا كان الحفل غير رسمي، وليس ضرورياً الاستعانة بالخدم، وذلك دليل على إضفاء الألفة والاهتمام الشخصي بالضيوف، ويرفع مقعد المعتذر، حتى لا يظل خالياً.

ـ يكتب على بطاقات السيدات “سيادة حرم فلان”، ولا يكتب اسمها شخصياً.

ـ يُجلّس الرجل السيدة عن يمينه أو عن يساره، ثم يجلس هو بعد ذلك.

ـ لا يغادر الداعي أو الضيف المائدة، إلا بعد انتهاء جميع الضيوف من الطعام.

ـ لا تلقى الخطب إلا في الحفلات الرسمية.

ـ تراعي السيدة اللياقة الواجبة في الملابس، فتتجنّب التبرّج، أو الملابس غير المحتشمة، أو الضيقة.

ولا يجوز للمدعو في مطعم، أن يُرهق الداعي بالطلبات الكثيرة والباهظة الثمن، خاصة إن ترك الداعي للمدعوين اختيار طعامهم. كما يجب تجنب قراءة الكتب، أو الصحف، خلال الطعام، أو الإكثار من مكالمات الهاتف المحمول.

تجري تسوية الحساب في هدوء، دون إحداث مشكلات مع مسؤول المطعم، ودون أن يرى الضيوف فاتورة الحساب، بينما يُعطى إكرامية لهذا المسؤول، لا تُعطى الإكرامية، عادة إلى خدم المنازل، عندما يكون العشاء بالمنزل.

ومن آداب الطعام عدم إحداث صوت عند شرب المياه أو الحساء، و يجب إغلاق الفم، وعدم المضغ بصوت عالٍ، وعدم الكلام أثناء الطعام، أو النطق بألفاظ تؤثر على الشهية، وعدم تناول أطعمة أو أدوات وقعت على الأرض، ويجب الاعتذار لكسر الأشياء، أو وقوع مشروبات على المفرش، وعدم بدء الطعام قبل الآخرين، وعدم وضع اليدين على المائدة، وألا ترفع الشوك والسكاكين باليد أثناء الكلام، وعدم إخراج بذور الفاكهة أو الليمون من الفم مباشرة، بل بالملعقة، وأن يغطى الفم باليد اليسرى عند تخليل الأسنان بعد الأكل، وتفادي التدخين و بقية الضيوف يأكلون، وعدم التذمر علناً من أنواع معينة من الأطعمة، إذا كان تناول الطعام في المنازل، وعدم أخذ كميات كبيرة أو أنواع كثيرة من الطعام، في الطبق الواحد.

ويتوزّع الرجال والسيدات على المائدة، بحيث لا يجلس الزوج بجانب زوجته أو في مواجهتها، لدى غير المسلمين، بل يجلس الضيف والمضيف كلاهما على طرف من المائدة، أو في منتصفها متقابلين. وفى الحفلات الكبيرة يُقدّم برنامج الحفل مكتوباً في بطاقة على الموائد. ومع نهاية الفقرة الأخيرة يُعزف السّلام الوطني، الذي يؤذن بانتهاء الحفل وانصراف الزوار. ولكن في الحفلات دون ذلك المستوى، ينصرف المدعون بعد الطعام إلى قاعة مجاورة لتناول القهوة. أما إذا أراد الداعي أن يقول كلمة بهذه المناسبة، فتكون قبل تناول الطبق الأخير. ويُحظر التدخين على الموائد، خاصة في حضور رؤساء الدول. ويفضل ألا يملأ الضيف طبقه بالطعام، أو أن يكثر منه بطريقة مربكة، وأن يراعي آداب المائدة.

وإذا تقرر إلغاء الحفل لأي سبب، فيتم ذلك إما بالتليفون أو ببطاقة خاصة، مع تقديم الاعتذار عن عدم إتمام الدعوة.

آداب المواعيد والمقابلات

عند حضور الموائد وحفلات الاستقبال، تراعى المواعيد المحددة في بطاقات الدعوة. وعلى رؤساء الدول الحضور قبل الموعد استعداداً للمناسبة. أما مواعيد المقابلات، فيتعيّن على زائر الشخصيات الكبيرة أن ينتظر، كما يجب على هذه الشخصيات أن تستقبل الزائر، في الموعد المحدد سلفاً.

وينهي المضيف المقابلة،عادة، ولا يجوز للضيف، خاصة في مواجهة الرئيس أو الوزير، أن يبادر هو بإنهائها، وليس هناك مدة محددة للزيارة، والأمر متروك للمضيف.

وإذا حل موعد دخول الضيف، فعليه الانتظار إذا كان المسؤول مشغولاً في مكالمة هاتفية.

أما الحفلات الرسمية، فيجب الحضور في الموعد الموضح بالبطاقة، حتى لو كان الموعد يسبق موعد بدء الحفلة، لأن الموعد المحدد يتعلق بترتيبات الوصول والأمن والمرور وغيرها. وإذا وصل المدعو بعد الوقت المقرر، فالأفضل له الانصراف إذا كانت الأبواب قد أغلقت. كما تقضي المجاملة واللياقة بعدم مغادرة حفلات الاستقبال، قبل مضي نصف ساعة على الأقل من حضورها، ويجب أن يشكر الضيف الداعي عند المغادرة، أيا كانت مناسبة الدعوة. ومن غير اللائق مغادرة الحفل خفية، إلا لأسباب خطيرة. أما إذا كانت بلد المدعو في دولة مضيفة في حالة حداد، فلا يجوز له حضور الحفلات الرسمية، كما لا يجوز للزوجة أن تحضر الحفلات دون زوجها، إذا كانت الدعوة موجهة إليه أصلاً. ولا يجوز دخول الحفل و مغادرته في الوقت نفسه، الذي تدخل فيه أو تخرج شخصية رسمية مرموقة.

ومن غير اللائق مغادرة حفل العشاء أو الغداء بعد تناول الطعام مباشرة. وإذا كانت الحفل في دور العبادة فيراعى الوصول قبل الحفل ببضع دقائق، ولا يجوز مغادرتها قبل انتهائها، مهما كان السبب، خاصة إذا كان يحضرها رئيس الدولة أو ضيف الشرف.

ولا يجوز دخول الحفل بعد بدئه وعقب حضور الشخصية الكبيرة، وتنطبق القواعد نفسها على الحفلات الترفيهية، أو الثقافية، أو القومية، أو الرياضية، ذات الطابع الرسمي.

أما زيارات التهاني أو التعازي، فتقضي اللياقة الحضور في الموعد المحدد للدعوة، أو الموعد المقرر للتعزية، وتكون مدة حضور التهنئة أطول، عادة، من المدة التي يقضيها الشخص للتعزية، وذلك كله وفقاً للعرف السائد في كل دولة.
آداب التقديم والتعارف والتحية

فيما عدا الحفلات أو المناسبات الرسمية، التي يحضرها رئيس الدولة أو الوزراء، وتتصف، عادة، بترتيب رسمي محدد، تتولاه إدارات المراسم في الدول المختلفة. فهناك عدد من القواعد المتعلقة بأصول التقديم الاجتماعي. وأهمها إذا كان الحفل مقاماً لتكريم ضيف شرف، فيقدم الداعي المدعوين إلى ضيف الشرف، فيقدم الرجل إلى السيدة، والسيدة إلى الرجل المسن، والسيد بشكل عام إلى الشخصية الكبيرة، والأدنى مقاماً إلى الأعلى، مع ذكر اسم كل منهما وعمله ومركزه، والأصغر سناً إلى الأكبر، ما لم يشغل الأصغر مركزاً أعلى، والقادم إلى الحفل يقدم إلى الموجودين فيه ما لم يكن ذا شخصية مرموقة. وينهض الرجل إذا كان جالساً، وتنهض السيدة للسيدة، وليس للرجل، ما لم يكن شخصية كبيرة.

ولا يعني ذلك أن الداعي يتولى تقديم الضيوف بعضهم إلى بعض، وإنما يقدر ذلك حسب الظروف، ويُترك للداعي كذلك، وهو يقدم ضيوفه، أن يتخير الصفات الطيبة لكل منهما، ما لم يكن الطرفان تعارفا.

ويبدأ القادم إلى الحفل بمصافحة صاحب الدعوة، أو صاحبة الدعوة، وبعدها السيدات، ثم الشخصيات الكبيرة، ثم بقية الرجال، وفقاً لمقامهم وسنهم.

وللمصافحة قواعد أهمها، لا تجوز المصافحة فوق يدي شخصين آخرين يتصافحان، ولا تجوز المصافحة إذا كان شخص يهم بالمرور بينهما، ولا تجوز المصافحة بالقفاز، إلا استثناءً، كما لا يجوز للممثل الدبلوماسي أن يصافح ممثل دولة أخرى قطعت دولته معها العلاقات، أو في حالة حرب، أو لا تعترف بها.

وتقضي اللياقة، عادة، في الحفلات الصغيرة ذات الطابع الرسمي، أن تُراعي الدولة الداعية عدم الجمع بين مدعوين لا تستقيم العلاقات بين دولهم، تفادياً للإحراج أو الاعتذار.
آداب استخدام الهاتف

من آداب اللياقة أن ينتظر طالب المكالمة، الشخص المطلوب ما لم يكن الأول أعلى مقاماً ومكانة. ويقدم الطالب نفسه واسمه وصفته، ويجوز، مجاملة، خلال زيارة الضيف، أن يرجيء المضيف مكالماته طوال الزيارة، عدا الاتصالات المهمة.

ولا يستحب من الضيف أن يستخدم هاتف مضيفه، إذا كان ذا رتبة عالية والزيارة رسمية، وألا يرتب مكالماته لكي تصل إليه في مكتب المضيف. وتقضي آداب المكالمات الهاتفية مع الشخصيات الكبيرة عدم الإطالة من جانب الطالب، ولكن لا يجوز استعجال هذه الشخصية إن هي أرادت إطالة الحديث، وعلى هذه الشخصية كذلك أن تنهي المكالمة، وأن يكون الطالب متنبهًا إلى صور الإيحاء الصادرة عن الرغبة في إنهاء المكالمة.

وليس من اللياقة أن يتصل الطالب بالشخصيات المهمة في المنزل، أو في ساعات حرجة، ما لم يكن لعمل ولأسباب بالغة الجدية، وليس من اللياقة أن يتصل الرجال بالسيدات، أو العكس، في المنازل، ما لم يكن هناك رابطة عائلية، أو في إطار وظيفتها.

بروتوكول بطاقات الزيارة Cartes visite

تؤدي بطاقات الزيارة وظيفة اجتماعية مهمة في المجتمعات المتقدمة وإن كانت الرسائل الإلكترونية E. Mail قد حلت محلها في معظم الأحيان.

أما أحوال تبادل البطاقات (الكروت الشخصية) فلا يحدها حصر؛ فمنها التهنئة والتعزية، ورد الزيارة، إذا كان الشخص المرسل أدنى مقاماً، كما يتم تبادلها عند التعارف للتذكير بالاسم والصفة العلمية، أو الرسمية، والعمل الذي يؤديه، والعنوان وأرقام الهواتف. ويُعد إرسال البطاقة زيارة شخصية، ولذلك أصول وقواعد، حيث يرسل البطاقة الشخص المرموق، ويجب أن يرد المتلقي بزيارة شخصية أو ببطاقة خلال ساعات؛ كما يرسل البطاقة القادم من سفر، إذا كان أصغر سناً أو مقاماً ويذيلها بعبارة (للتحية بمناسبة وصوله). وإذا كان شخصان في المقام نفسه، يبدأ بإرسال البطاقة الأكثر لياقة وأشد اهتمامًا بموضوع الزيارة. ويُفضل عدم ثني البطاقة، وإرسالها خلال ساعات من القدوم من السفر، أو الحلول لأول مرة في الدولة، وأن يتم الرد خلال ساعات كذلك. ويجوز أن يرسل الزوج، أو الزوجة، بطاقة مشتركة إلى أسرة أخرى. أما الأعزب أو الأرمل فيرسل بطاقتين إلى منزل الأسرة، التي يجاملها، إحداهما للزوج والثانية للزوجة حسب العرف المحلي، ولا يكتب على بطاقة الزوجة شيئا. ولا يجوز للسيدة أو الآنسة أن ترسل بطاقتها إلى شخص آخر، ما لم يكن ذلك في إطار وظيفتها. وإذ كان حامل البطاقة هو صاحبها شخصياً، فيحسن أن يثني كامل طرفها من اليسار، ويقضي العرف في بلجيكا وغيرها، بثنيها من أعلى، فإذا كان ثنيها من الزاوية اليمنى كان ذلك إعلاناً عن الرغبة في المقابلة، وإذا تم ثنيها من أعلى من الزاوية اليسرى، فذلك للإعراب عن المواساة. ولا يجوز ثني البطاقات المرسلة بالبريد، أو مع مبعوث خاص.

وهكذا تقوم البطاقات بدورها الاجتماعي في المناسبات المختلفة، للرّد على بطاقة التعارف، أو لرد الزيارة إذا كان المرسل إليه أدنى مقاماً، أو للتهنئة بمناسبة، أو مع باقات الورود، أو مع الهدية، وللشكر على التهنئة أو التعزية، أو للرد على دعوة لحفل، أو ليقدم الشخص نفسه إلى آخر، أو بمناسبة القدوم أو المغادرة، أو لطلب زيارة أو مقابلة، أو للتوصية على شخص آخر.

ويجب أن يكون لون البطاقات أبيض دائمًا، وتكتب البطاقات بصيغة الغائب ولا توقع، وقلما يكتب عليها التاريخ. وتكتب على البطاقات بعض العبارات الرقيقة حسب المناسبة، وأهم هذه العبارات الموجزة: للشكر PF، للتهنئة برأس السنة p, f, n , a، للاستئذان بالسفر أو الوداع ppc، وهذا النوع يتم تداوله رسمياً بين رؤساء البعثات الدبلوماسية، والوزراء، وكبار المسؤولين في الخارجية، ولا يتطلب إجابة، وللتعزية pc، وللتقديم pp، وللتعارف Pfc، وللاطمئنان عن… ppn، ومع تحيات فلان ac. ويحسن كتابة العبارات السابقة بالقلم الرصاص، ما لم يتم إرسالها عن طريق البريد.

وهناك أربعة أنواع من البطاقات هي: واحدة تحمل اسم الزوج ومعلومات عن عمله وعنوانه وغيرها، وواحدة باسم الزوج مجرداً من كل صفة أو معلومات، والثالثة باسم حرمه ولا تحمل رقم الهاتف، وأخيرا البطاقة المشتركة التي تحمل اسم فلان والسيدة حرمه، ويجوز ذكر عنوان المنزل وأي بيانات تفصيلية أخرى.

المبحث الرابع
القواعد العامة للأسبقية

قواعد الأسبقية

تحترم قواعد الأسبقية في المناسبات الرسمية، وأنه لا نيابة فيها، بمعنى أن من ينوب عن شخصية لها أسبقية محددة، لا يحل محل من ينوب عنه، وإنما يوضع في أسبقيته هو شخصياً، لكن يجوز التنازل عن الأسبقية. وأهم صورها أن يتنازل السفير لوزير خارجية الزائر للبلد المضيف لتصدر الحفل بصفته الداعي، إلا إذا كان الوزير هو ضيف الشرف، فيجلس على الموائد في مواجهة الداعي.

ويحكم قواعد الأسبقية، عادة، إما الأبجدية لدول الشخصيات، أو التناوب لأسماء هذه الدول، أو القرعة، مثل القرعة السنوية التي يتم بها اختيار الدولة التي تتصدر ترتيب الدول، خلال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة.

أسبقية رؤساء الدول والوزراء وكبار الموظفين

بُذلت جهود كبيرة لوضع قواعد تحديد أسبقية الدول ورؤسائها، في المناسبات الرسمية، التي تجمع بين أكثر من واحد منهم. فقد مضى الزمن الذي كان فيه النظام الملكي يتقدم على النظام الجمهوري، أو يُقدم رئيس الدولة الأكثر سكاناً أو مساحة، أو سبقاً في المجالات العلمية والحضارية والعسكرية والثقافية، أو الجهود الإنسانية، كالوساطات الدولية وغيرها. كما لم يعد هناك دلالة لكون الدولة مستقلة قبل غيرها. وأصبحت قاعدة المساواة بين الدول المستقلة، هي التي تحكم الأسبقيات. وتحدد الأسبقية بين رؤساء الدول -حالياً- على أساس أسبقية الرئيس في الحكم للملوك، وتولي الرئاسة للرؤساء. ويتقدم، عادة، رئيس الدولة الضيف على رئيس الدولة المضيف. وتحتفظ أدراج المراسم بسجل يوضح أقدميات الملوك والحكام والرؤساء.

وتتحدد أسبقية الوزراء وفق عدد من المبادئ، حسب أعراف كل دولة، مثل قِدَم الوزير في تشكيل الوزارة. ويتقدم وزراء الحكومة المركزية، على وزراء الولايات في الدول الاتحادية، مثل الولايات المتحدة، حيث يتقدم وزراء الحكومة الفيدرالية على زملائهم الوزراء في حكومات الولايات المكونة للدول المركبة. وقد يرتب الوزراء حسب أهمية وزارتهم، مثل وزارات الخارجية والدفاع وغيرها.

وتختلف تقاليد الدول في ترتيب أسبقيات الوزراء فيما بينهم. ففي لبنان وفرنسا، مثلاً، يتصدر القائمة وزير العدل، فالخارجية، فالداخلية، فالمالية، فالدفاع وهكذا. وفى الولايات المتحدة يرتب الوزراء العدل، ثم الخارجية، ثم الخزانة، ثم الدفاع، ثم النائب العام،.. الخ، وتحتفظ كل دولة بنظام خاص بأسبقيات المسؤولين فيها، إذا اجتمعوا في الحفلات الرسمية، سواء كانوا من القوات المسلحة، أو الوزراء، أو رجال الدين، أو محافظ العاصمة وهكذا. ويأتي المسؤولون بالمعاش بعد نظرائهم في الخدمة. وقد جرت العادة بأن يحتفظ الرئيس، ورئيس الحكومة، والوزير، والسفير بألقابهم نفسها، لكن يجب أن يكتبوا على بطاقتهم وصف “السابق”، مثل وزير سابق، أو سفير سابق، أو لواء متقاعد وذلك لا يمنع من مخاطبتهم بلقبهم، مثل السيد الوزير، السيد السفير، السيد اللواء.

أسبقية الهيئة الدبلوماسية

استقرت قواعد الأسبقية بين أعضاء الهيئة الدبلوماسية، بعد تطورات طويلة أصبح مراعاتها واجباً والتزاماً، من جانب الدولة المضيفة.

وقد استقرت قواعد الأسبقية، التي تُراعى دون تمييز في محيط الوظيفة الدبلوماسية. فرئيس البعثة الدبلوماسية بمرتبة سفير، أو قاصد رسولي، تتحدد أسبقيته في الدولة المضيفة من تاريخ وصوله لتلك الدولة، وعلى هذا الأساس كذلك يجب أن تتحدد أسبقيته في تقديم أوراق اعتماده، التي يبدأ بها ممارسة وظيفته رسمياً في الدولة المستقبلة، وهى المعيار الرسمي للأسبقية. ونظراً لما قد تقوم به الدولة المستقبلة من تقديم أو تأخير في أسبقيات السفراء، في تقديم أوراق اعتمادهم أحياناً، ردًّا على موقف دولة السفير، فقد جرت العادة أن يكون تاريخ أو ساعة الوصول هي أساس الأسبقية، وبها كذلك يبدأ تمتع السفير بالحصانات والامتيازات الدبلوماسية.

وتؤدى هذه الأسبقية إلى ترتيب أسبقية زوجات السفراء، وفق أقدمية أزواجهن، وإلى تحديد عميد الهيئة الدبلوماسية، الذي يكون، عادة، أقدم السفراء في العاصمة من حيث أسبقية وجوده فيها، ما لم يقم مانع سياسي من ذلك، مثل أن يكون السفير ممثلاً لدولة لا تعترف بها دول كثيرة أخرى، مثلما هو الحال الآن بين إسرائيل والدول العربية، أو أن تكون شخصية السفير محل جدل، في نظر الدولة المضيفة.

وإذا كانت زوجات السفراء يتمتعن بأسبقية أزواجهن، فإن أزواج السفيرات لا يتمتعون بأسبقياتهن، وإنما يأتي زوج السفيرة بعد الوزراء المفوضين، أما داخل السفارة فيأتي الزوج عقب الشخص الثاني في السفارة.

ويحتفظ السفراء بأقدمياتهم حتى لو قدموا أوراق اعتماد جديدة، نتيجة تغير نظام الحكم في الدولتين المرسلة والمستقبلة، أو وفاة البابا، أو حل محله بابا جديد، أو استُدعي السفير إلى بلده لمدة طويلة لأسباب سياسية.

أما أسبقية الوزراء المفوضين، بوصفهم رؤساء بعثات، فتتحدد من تاريخ تقديم أوراق الاعتماد، أو تاريخ تسليم صورة هذه الأوراق، إلى وزير الخارجية.

وكذلك الحال بالنسبة للقائم بالأعمال الأصلي، أيا كانت درجته الدبلوماسية. أما الأسبقية بين القائم بالأعمال الأصلي. والقائم بالأعمال بالنيابة، فيقدم الأصلي على القائم بالنيابة. أما الأسبقية بين القائمين بالأعمال بالنيابة، فتتحدد على أساس أن القائم بالأعمال في سفارة يسبق القائم بالأعمال في مفوضية، كما تتحدد على أساس الدرجة الدبلوماسية للقائم بالأعمال (وزير مفوض/ مستشار)، ثم على أساس تاريخ إخطار وزارة الخارجية، بتولي القائم بالأعمال رئاسة البعثة بالإنابة.

أما الأقدمية بين الملحقين العسكريين، فتتحدد على أساس درجاتهم العسكرية (لواء/ عميد/ عقيد…الخ) وتاريخ مباشرتهم العمل في الدولة المضيفة، إذا تساوت الرتبة. وفى داخل البعثة يتقدم العضو الدبلوماسي، مهما دنت درجته، على الملحق العسكري، وكل مكاتب التمثيل الأخرى مهما علت درجات رؤساء هذه المكاتب.

وتتحدد الأسبقية بين البعثات الخاصة، التي توفد على كل المستويات في المناسبات المختلفة، للتهاني أو التعازي أو غيرها، على أساس تقدم البعثة التي يرأسها رئيس دولة، ثم رئيس وزراء، ثم وزير، ثم سفير. ويتقدم رؤساء البعثات الخاصة عموماً، على السفراء المعتمدين في الدولة المستقبلة، بينما يتقدم رؤساء بعثات الشرف، على رؤساء البعثات الخاصة المكلفة بمهام سياسية .

أمّا الأسبقية بين رؤساء البعثات القنصلية، فالقاعدة هي أن القنصل الأصلي يتقدم القنصل الفخري، والقنصل العام يتقدم درجات القناصل الأخرى. ويأتي القنصل العام، عادة، بعد السفير التابع له. لأن السفير هو الممثل الرئيسي لدولته سياسياً، لدى الدولة المستقبلة. وفى المحافظات يجلس القناصل العامون يمين المحافظ، وبقية مسؤولي الدولة الأقل شأنا على يساره. وتتحدد أسبقية رؤساء البعثات القنصلية الأصليين، لا الفخريين، من تاريخ مباشرتهم لمهامهم، أي منذ تسلم إجازة ممارسة الأعمال القنصلية.

ومعلوم أن القنصل الفخري يعين من بين أبناء الدولة المرسلة، أو من بين مواطني الدولة المستقبلة، ممن يتمتعون بالسّمعة الطيبة وحسن السيرة، ويشترط ألا يكون للدولة المرسلة بعثة دبلوماسية أو قنصلية في الدولة المستقبلة، ولا يكون القنصل الفخري من موظفي الحكومة، أو من أعضاء المجالس النيابية. وإذا كانت الدولة المرسلة هي التي تحدد اختصاصات القنصل الفخري، فإن الدولة المستقبلة هي التي توافق على تعيينه، وتمنحه إجازة ممارسة أعماله القنصلية، كما إنها هي التي يمكنها أن تسحب هذه الإجازة، وتلغي هذا التعيين، إذا تخلف شرط من شروط هذا التعيين.
اعتماد السفير

تُعيِن الدولة المرسلة وفقاً لقوانينها السفير، وتُبلِّغ ترشيحه إلى الدولة المستقبلة، قبل أن يعين رسمياً لكي تحصل من الأخيرة على الموافقة Agreement. ويجوز للدولة المستقبلة أن ترفض منح الموافقة لأسباب ليست مجبرة على إبلاغها للدولة المرسلة، كما يجوز لها أن تؤخر منح الموافقة لأسباب تتعلق بالدولة المرسلة، وكذلك يمكنها أن تسحب هذه الموافقة حتى قبل أن يعين السفير. فإذا عين، كان سحب الموافقة، حتى قبل وصول السفير إليها، إعلانه بأنه شخص غير مرغوب فيه.

وليست الدولة المستقبلة مجبرة، كذلك، أن تعلن الدولة المرسلة بأسباب هذا القرار، ولكن جرت العادة أن تتشاور الدولتان في هذا الصدد، قبل أن تُضطر الدولة المستقبلة أن تعلن ذلك صراحة.

ويتمتع السفير، مع أعضاء البعثة الدبلوماسيين، بالحصانة منذ لحظة ممارسة الأعمال الرسمية، وهى بالنسبة للسفير فور تقديم أوراق اعتماده إلى رئيس الدولة، وتنتهي الحصانة بمغادرته إقليم الدولة، ولكن تظل أعماله خلال فترة عمله، مادامت في الحدود الرسمية، تتمتع بالحصانة. لذلك يجب أن نفرق بين انتهاء حصانة السفير بمغادرة البلد المضيف، واستمرار حصانة تصرفاته حتى بعد المغادرة.

وأوراق الاعتماد هي تلك التي يحررها رئيس الدولة المرسلة، وموجهة إلى رئيس الدولة المستقبلة. ولذلك لا يتم تبادل العلاقات الدبلوماسية، إلا بين الدول المستقلة التي يعترف كل منهما بالآخر. وتتضمن أوراق الاعتماد تقديم رئيس الدولة المرسلة للسفير، على إنه موضع ثقته، وإنه يطلب رعايته بوصفه ممثلاً له لدى رئيس الدولة المستقبلة. ولذلك فإن المبعوث الدبلوماسي يقوم بالمهام الأساسية، وهى تمثيل الدولة، والتعبير عن مواقفها، وحماية مصالحها، وتزويد دولته بتقويمه للأوضاع فيها، والسهر على رعاية العلاقات الثنائية بين البلدين.

وتعدّ إدارة المراسم بوزارة خارجية الدولة المستقبلة قائمة، تسمى “القائمة الدبلوماسية”، تتضمن أسماء أعضاء البعثات الأجنبية في العاصمة ووظائفهم ودرجاتهم.

أما مجموع رؤساء البعثات الدبلوماسية diplomatic corps، فيُطلق عليهم “الهيئة الدبلوماسية” أو “السلك الدبلوماسي”، ويكون للهيئة عميد هو أقدم هؤلاء الرؤساء، ووظيفته ذات طابع مراسيمي. ولكن يمكن للهيئة الدبلوماسية أن تمارس بعض الأعمال السياسية، بموافقة الدولة المستقبلة وبتعليمات من حكومات رؤساء البعثات. ويتركز نشاط الهيئة الدبلوماسية وعميدها، على ضمان مراعاة الدولة المستقبلة لمتطلبات التمثيل الدبلوماسي، ومشاكل البعثات الدبلوماسية واحتياجاتها.

وإذا قطعت العلاقات الدبلوماسية بين بلدين، تلتزم كل دولة -أياً كان سبب قطع العلاقات- باحترام حصانات أعضاء البعثة، ومباني البعثة، لحين مغادرة هؤلاء الأعضاء، كما تختار الدولتان دولة ثالثة لرعاية مصالح كل منهما، وتسمى “الدولة القائمة برعاية المصالح”، Mission of interest protection.

ومما يذكر أن لكل من تقديم أوراق اعتماد السفير، وإجراءات الإبلاغ عن قطع العلاقات، وتشكيل بعثة لرعاية المصالح، مراسم خاصة به.

الأسبقية في الأمم المتحدة والجامعة العربية

1. الأمم المتحدة

تتحدد أسبقية الدول حسب الترتيب الأبجدي باللغة الإنجليزية، ويتقدم الأمين العام جميع الموظفين والممثلين السياسيين لدولهم، حيث يعتمد هؤلاء لديه. ويُعامل الأمين العام حسب عرف الدولة التي يزورها (رئيس حكومة أو وزير)، ويعادل الأمين العام المساعد السفير. أما خلال اجتماعات الجمعية العامة، فيتقدم رئيس الجمعية، يليه رؤساء الدول، الذين يرأسون وفود بلادهم في افتتاح الدورة، ثم الأمين العام، ثم رؤساء الوزارات، ثم نواب رئيس الجمعية، من رتبة رئيس وزراء أو وزير، فرئيس مجلس الأمن، ثم وزراء الخارجية، ثم رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي حال انعقاده، ثم رئيس مجلس الوصاية، ثم رئيس محكمة العدل الدولية، ثم نواب رئيس الجمعية من رتبة سفير، ثم رؤساء اللجان الرئيسية وهكذا.

أما الأسبقية بين قضاة محكمة العدل الدولية، والسفراء الموجودين في المناسبة نفسها، فلم تتحدد حتى الآن. وكذلك الحال بين رؤساء المؤسسات الدولية، ورؤساء الوفود الدائمة. وتتحدد أسبقية مديري الوكالات المتخصصة، بتاريخ إنشاء الوكالة، فيتقدم منظمة العمل، ثم الفاو، ثم اليونيسيف، ثم اليونسكو وهكذا.

وفي داخل الأمم المتحدة، يتقدم رئيس الجمعية العامة، ثم رئيس مجلس الأمن، ثم الأمين العام، فرؤساء الأجهزة الخمسة الرئيسية، ثم المندوبون الدائمون، فمساعدو الأمين العام، فنواب الأمين العام، فمديرو إدارات الأمانة العامة. أما الأسبقية بين المندوبين الدائمين في الأمم المتحدة، فتتحدد ليس على أساس تاريخ وصولهم، أو تقديم أوراق اعتمادهم، أو ممارستهم الرسمية لمهام وظائفهم كما هو الحال في السفراء، وإنما على أساس الترتيب الأبجدي باللغة الإنجليزية لدولهم.

2. الجامعة العربية

تتحدد أسبقية ممثلي الدول الأعضاء، وفق الترتيب الأبجدي باللغة العربية، ويتناوب رؤساء الوفود رئاسة اجتماعات مجلس الجامعة، على الأساس نفسه.

وإلى جانب ما تقدم، هناك عدد من قواعد الأسبقية لكل المناسبات. فعلى سبيل المثال، تأخذ الزوجة أسبقية زوجها، وتحتفظ الأرملة بأسبقية زوجها قبل الوفاة، وتتقدم المتزوجة على المطلقة، وتأتى الآنسة بعد السيدة، والمتقاعد عقب زميله في الخدمة. وتتمتع بعض الفئات بأسبقية خاصة، مثل أصحاب الألقاب الفخرية، وحاملي الأوسمة الرفيعة، وأصحاب المراكز العلمية والمهنية والنقابية والدينية، وكبار الصحافيين. كما يتقدم الأجانب على الوطنيين، ويجوز التنازل عن الأسبقية أحياناً، مثل تنازل ضيف الشرف لرئيسه المدعو للحفل، وتنازل شخصية رسمية لشخصية مرموقة.

والقاعدة في أسبقية توقيع المعاهدات الدولية، أن يطبع عدد من المعاهدات يعادل عدد الدول الأطراف، ويوضع اسم كل دولة في بداية النسخة الخاصة بها. أما المعاهدات الجماعية فتطبق أسبقية الدول الموقعة وفق ترتيبها بالأبجدية الإنجليزية في الأمم المتحدة، أو الأبجدية العربية في الجامعة العربية، أو وفق لغات أخرى يتفق عليها.

المبحث الخامس
قواعد تنظيم المؤتمرات ورفع الأعلام

قواعد تنظيم المؤتمرات والاجتماعات واللقاءات الدولية

يتطلب عقد الاجتماعات، أو المؤتمرات الدولية ذات الطابع الرسمي، إجراءات وترتيبات عديدة، الجانب المراسمي فيها بالغ الأهمية، بدءًا من توجيه الدعوة، وإعداد جدول أعمال المؤتمر، واستضافة الوفود، وترتيب قاعات المؤتمر، وإدارة المؤتمر ولجانه وخدماته المختلفة، وتامين الوفود، وتيسير مشاركتهم، وتفادى التعقيدات السياسية أو البروتوكولية، التي قد تضر بالمؤتمر ونتائجه.

أما تنظيم مواعيد المؤتمرات الدولية، فيتوقف على نوع المؤتمر، فإن كان اجتماعاً ثنائياً فقط، توسط رئيسا الوفدين مقاعد جانبي المائدة، والتقى حولهما في كل جانب من أعضاء الوفدين بمقاعد متساوية لكل منهما. وقد يكون بينهما وسيط دولي، يمكن أن يجلس على أحد طرفي المائدة، أو على طرف، ويحيط به رئيسا الوفدين. أما إن كان المؤتمر متعدد الأطراف، تصدرت المائدة الدولة الداعية، وأمامها طاولتان متساويتان للوفود الأخرى. وقد جرت العادة، في مؤتمرات القمة العربية والإسلامية، أن تُعقد في قاعات مخصصة لمثل هذه المؤتمرات، بحيث تتكون المنصة من رئاسة المؤتمر (الرئيس ونائبا الرئيس ومقرر المؤتمر)، ثم يكون جلوس الوفود بترتيب أسماء الدول من اليمين إلى اليسار، وفق الترتيب الأبجدي لدولهم. ومعلوم أن المائدة المستديرة هي الشكل التاريخي لترتيب جلوس الوفود في المؤتمرات، منذ مؤتمر كارلوفيتش عام 1698، حيث فتحت أربعة أبواب تدخل الوفود منها مباشرة إلى مقاعدها، إيذاناً بعصر المساواة في السيادة.
قواعد رفع الأعلام وتنكيسها

نظرا لمكانة العَلَم وقيمته، بوصفه رمز الكرامة الوطنية، فإنه يُصمم، عادة، من ألوان ترمز إلى أشياء تعتز بها الدولة. ولذلك يقال عن الخدمة العسكرية إنها خدمة العلم، كما أن القسم بالوفاء تحت العلم، أو لف الشخص بعلم بلاده، أو رفع العلم فوق المناطق المحررة، أو رفع العلم على البعثات الوطنية في الخارج، وعلى السفن والطائرات، إعلان عن حماية الدولة لهذه المنشات.

وفى ضوء ذلك تقررت آداب وقواعد لرفع الأعلام، من حيث الزمان أو المكان الذي يُرفع فيه. وما تنكيس العلم إلا رمز لحزن الأمة كلها، لفقد إحدى الشخصيات الوطنية أو الأجنبية. كما أن حرق العلم وإهانته، هو تعبير عن التحدي لدولة العلم والضيق بسياستها.

والقاعدة أن يُرفع العلم الوطني فوق المباني الحكومية والرسمية، وليس المنشآت الخاصة، فيرفع العلم في الخارج فوق دور البعثات الدبلوماسية، وفوق السفن والطائرات التابعة للدولة. كما يُرفع في الطرق والمطارات عند الزيارات الرسمية لرؤساء الدول، وكذلك فوق مباني المنظمات الدولية، أو أماكن انعقاد المؤتمرات الدولية، في العاصمة.

وقد رخصت اتفاقيتا فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، والقنصلية لعام 1963، برفع علم الدولة فوق مباني بعثتها الدبلوماسية والقنصلية، وسكن رئيسها، ووسائل النقل الخاصة بها. أما رفع علم الدولة على سيارة السفير أو القنصل العام، فيجب أن يكون للمناسبـات الرسمية وحدها. ويُرفع العلم على يسار مقدمة السيارة، كما يُرفع إذا كان السفير يقودها بنفسه للأغراض الرسمية. ولكن لا يجوز رفع العلم، إذا لم يكن السفير بالسيارة.

وقد جرت العادة أن تُرفع أعلام الدول الأعضاء، في منظمة دولية فوق مباني هذه المنظمة، وفى قاعات اجتماعاتها، وأن يُنزل علم الدولة الموقوفة عضويتها، أو المطرودة، أو المنسحبة، على أن يعاد رفعه عند عودتها.

وتُرفع الأعلام الأجنبية كذلك، فوق دور البعثات الأجنبية، كما تُرفع فوق مقار المنظمات الدولية، وفوق قصور الضيافة أو الفنادق، حيث إقامة رئيس الدولة الأجنبية، ويكون العلم الوطني على يمين العلم الأجنبي، أي على يسار الناظر إلى المبنى من الخارج. ويُرفع العلم الأجنبي كذلك فوق السيارة الرسمية المخصصة لتنقلات الرئيس الضيف، ويكون العلم الوطني دائماً على يمين الجانب الأمامي من السيارة. وعندما يقيم السفير حفلات في فندق أو منشأة، غير دور بعثته، فله الحق في رفع علم بلاده فوق مكان الحفل. ولا يجوز لأفراد الجاليات الأجنبية رفع أعلام بلادهم، فوق أماكن تجمعاتهم أو منازلهم.

وعندما تُرفع أعلام أجنبية إلى جانب العلم الوطني، في زيارة رئاسية، أو خلال اجتماع قمة، يراعى دائماً أن تكون جميع الأعلام من مقاس واحد، ويكون العلم الوطني دائما وسط أعلام الدول الأخرى، حسب الترتيب الأبجدي لدولهم. فإذا كانت ثلاثة أعلام وضع العلم الوطني في الوسط، وفي حالة تعدد أعلام الدول الأخرى، يوضع العلم الوطني برقم 1، يليه على اليمن العلم الأجنبي الأول برقم 2، حسب الترتيب الأبجدي للدول، ثم العلم الأجنبي الثاني برقم 3، ثم العلم رقم 4 على اليمين، ثم رقم 5 على اليسار… وهكذا.

وإذا رفع علم منظمة إقليمية، كجامعة الدول العربية، أو المؤتمر الإسلامي، أو الوحدة الأفريقية، خلال مؤتمر في إحدى الدول الأعضاء، تَصَدر علم المنظمة أعلام الدول الأعضاء، ولا يُرفع علم الدولة التي لم تحضر الاجتماع. ويتصدر علم الأمم المتحدة الأعلام الأعضاء، إذا اجتمعوا في مكان واحد. وإذا عُقد مؤتمر تحت رعاية الأمم المتحدة، فتقضى اللياقة ألا ترفع الأمم المتحدة أعلام دول لا تعترف بها الدول الداعية، أو قُطعت معها العلاقات الدبلوماسية، أو في حالة حرب معها، لكن يجوز دعوة هذه الدول جميعاً إلى الاجتماع، مادامت الأمم المتحدة هي التي تنظمه، وسبب ذلك أن الاتفاق الموقع بين الدولة المضيفة والأمم المتحدة ينظم هذه الأمور جميعاً. أما في مقر المنظمة الدولية، فيجوز لهذه المنظمة أن تدعو من تشاء، مهما كان شكل العلاقة بين الدول المدعوة وبين الولايات المتحدة، وذلك تطبيقاً لحصانات وامتيازات الأمم المتحدة، بموجب اتفاقية المقر، واتفاقية الحصانات لعام 1947.
تنكيس الأعلام

العلم السعودي هو الوحيد الذي لا يجوز تنكيسه، بسبب تميزه بعبارة لا إله إلا الله محمد رسول الله. وتنكس الأعلام، عادة، في حالات محددة، منها وفاة رئيس الدولة، أو وفاة رئيس دولة صديقة أو شقيقه، أو وقوع كارثة في إحدى الدول الصديقة، ولكن هذا التقليد نادر للغاية.

يكون التنكيس من يوم إلى أربعين يوماً، مثلما فعلت الأردن والبحرين بعد وفاة عاهلهما عام 1999، وسورية بعد وفاة الرئيس الأسد عام 2000. ويكون التنكيس عادة بإنزال العلم إلى منتصف السارية، وبتعليمات من رئيس الدولة مجاملة للدول الأجنبية، وقد يتم باقتراح من وزير الخارجية.
قواعد عزف النشيد الوطني

يتمتع النشيد الوطني بقيمة معنوية كبيرة، حيث تحرص الدول على أن يكون نشيدها الوطني مؤثراً، ورمزاً لمعانٍ محددة. ويعزف النشيد الوطني عادة بحضور رئيس الدولة، أو رئيس الحكومة، أو عند زيارات رؤساء الدول والحكومات الأجنبية، وعند قدوم السفير الجديد لتقديم أوراق اعتماده، وبعد تقديمها. كما يعزف النشيد الوطني مع النشيد الأجنبي، عند زيارة الرئيس الأجنبي، فيعزف الأجنبي أولاً.

وخلال حفلات السفراء الرسمية في بعض الدول، إذا تعدد رؤساء الدول الأجنبية، عُزفت أناشيدهم الوطنية، إما عند انصرافهم أو عند وصولهم، أو إذا كانوا في مكان واحد تعزف الأناشيد وفق ترتيب دولهم، ويعزف النشيد الوطني في النهاية. ويجب إظهار الإجلال والاحترام، وعدم التحدث أو التحرك عند عزف النشيدين الوطني والأجنبي.

قواعد اللياقة عند وفاة رئيس دولة أجنبية

إذا تُوفي رئيس الدولة المستقبلة، تُبَلَغ البعثات الأجنبية رسمياً بذلك، وتبادر هذه البعثات إلى إبلاغ حكوماتها، التي قد تقرر إرسال برقية عزاء، أو وفودٍ، أو حضور رئيس الدولة نفسه الجنازة، وتكليف السفير بتسجيل العزاء في السجل الخاص بذلك. وقد تقرر الدولة المرسلة، تضامناً مع الدولة المستقبلة، ومجاملة لها، أن تعلن الحداد وتنكيس الأعلام، كما حدث في الدول العربية عند وفاة الملك حسين (فبراير 1999م)، والملك الحسن الثاني (يوليو 1999م)، وأمير البحرين (مارس 1999م)، والرئيس الأسد (يونيو 2000م).

وإذا توفي السفير في مقر عمله في الخارج، يُرسل كل من رئيس الدولة المستقبلة ووزير خارجيته برقيات عزاء إلى رئيس دولة السفير ووزير خارجيته، وتجري له مراسم التشيع الرسمية، حسب العرف المحلي، ويسهم في ذلك كله عميد الهيئة الدبلوماسية وأعضاء الهيئة، بما في ذلك المشاركة في الصلوات أو القداس، التي تجريها السلطات الدينية. كما يُوفِد رئيس الدولة، ممثلاً إلى سفارة السفير المتوفى، للتعزية وتسجيل ذلك في سجل خاص، كما يقوم وزير الخارجية نفسه بهذا الواجب.