بحث قانوني عميق حول أنواع و خصائص الغلط في القانون المدني

مقال حول: بحث قانوني عميق حول أنواع و خصائص الغلط في القانون المدني

بحث قانوني قيم حول أنواع وخصائص الغلط في القانون المدني

– تعريف الغلط: هو توهم يصور للعاقد غير الواقع واقعاً ويدفعه للتعاقد. وهناك نظريتان في تعريف الغلط: تقليدية وحديثة.

أ- النظرية التقليدية: تقسم الغلط إلى ثلاثة أنواع، وهي:

– الغلط المانع: وهو الذي يمنع الانعقاد لأنه يقدم الرضا، ويقع إما في ماهية العقد،كأن يعطي شخص لآخر مبلغاً من المال على سبيل القرض، واعتقد الآخر بأنه هبة. أو فيمحل العقد،كما لو باع شخص لآخر أحد السيارتين اللتين يملكهما، واعتقد المشتري أنه يشتري الأخرى. أو في سبب الالتزام، كما لو تصالح الوارث مع الموصى له عن الوصية على مبلغ من المال، ثم تبين بأن الوصية ملغاة. أو في نقل إرادة أحد المتعاقدين، إذا حرفها الرسول الناقل. ويخرج هذا النوع عن نطاق الغلط كعيب من عيوب الرضا.

– غلط لا يؤثر في صحة العقد: ويقع في شخص المتعاقد أو صفته عندما لا تكون شخصيته محل اعتبار. وفي صفة غير جوهرية للشيء المعقود عليه. وفي قيمة الشيء، كمن باع قطعة أثرية بمبلغ معتقداً أنه قيمتها الحقيقية، فيتبين أنها تساوي أكثر منه. وفي الوقائع المادية، كالخطأ الحسابي. وفي الباعث على التعاقد، كمن اشترى جهاز هاتف نقال لاعتقاده بأن جهازه القديم قد ضاع، فتبين خلاف ذلك. وأخيراً في القانون.

– غلط يعيب الرضا ويجعل العقد قابلاً للإبطال: ويقع في الحالات الآتية: الغلط في مادة الشيء، كمن اشترى قطعة على أنها من الذهب، ثم تبين أنها من النحاس. والغلط في شخص المتعاقد عندما تكون شخصيته محل اعتبار، كما هو عليه الحال في عقود التبرع والشركة. والغلط في صفة جوهرية للشيء، كمن اشترى ساعة على أنها أثرية، فتبين عكس ذلك. والمعيار الذي تأخذ به هو معيار مادي.[1]

أ‌- النظرية الحديثة:
ويرجع الفضل في ظهورها إلى القضاء الفرنسي. وترى هذه النظرية بأن النظرية التقليدية هي ضيقة وجامدة، ولا تتماشى مع المرونة التي تتطلبها الحياة العملية، ولا تراعي إرادة المتعاقدين. فلا تكون العبرة للغلط في مادة الشيء دون قيمته، فقد يكون الغلط في مادة شيء أقل شأناً في نظر العاقد من الغلط في قيمته. وما يجب أخذه بالحسبان هو أن يقع الغلط في أمر جوهري بالنسبة للعاقد، بحيث يكون هو الدافع إلى التعاقد. فلا يجب أن يكون هناك أحوال محددة يؤثر فيها الغلط، وأحوال أخرى لا يؤثر فيها. وإنما يجب حسبان كل الحالات متى وقع الغلط في أمر جوهري هام بالنسبة للعاقد وكان هو الدافع إلى التعاقد. ولا فرق في أن يكون الغلط في مادة الشيء أو في الشخص أو في القيمة أو في الباعث أو في القانون. وبالتالي فإن النظرية الحديثة أخذت بمعيار شخصي، وهو معيار مرن. وحتى يكون هذا الغط سبباً لإبطال العقد يجب أن يكون مشتركاً، أي وقع المتعاقد الآخر أيضاً فيه، أو كان هذا الأخير سيء النية.[2]

2- شرائط الغلط في القانون السوري:

تنص المادة /121/م. سوري على أنه:

((إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد، إن كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط، أو كان على علم به، أو كان من السهل عليه أن يتبينه)).

ويستخلص من ذلك أنه يشترط في الغلط المعيب للإرادة شريطتان، وهما:

1ً – أن يكون الغلط جوهرياً: لا يعيب الغلط الإرادة إلا إذا كان جوهرياً، وعندئذ يؤدي إلى إبطال العقد. أما إذا كان الغلط غير جوهري فلا يعيب الإرادة، ولكن متى يكون الغلط جوهرياً؟ المادة /122/، فقرة 1، م.س. تجيب عن هذا التساؤل بقولها: (يكون الغلط جوهرياً إذا بلغ حداً من الجسامة، بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد، لو لم يقع في هذا الغلط).

يستخلص من ذلك أن معيار التفرقة بين الغلط الجوهري والغلط غير الجوهري هو معيار ذاتي، وذلك لأن الدافع إلى التعاقد يختلف من شخص إلى آخر.[3]

وبينت الفقرة الثانية من المادة /122/نفسها حالات الغلط الجوهري، حيث جاء فيها: ((ويعتبر الغلط جوهرياً على الأخص:

أ- إذا وقع في صفة للشيء تكون جوهرية في اعتبار المتعاقدين أو يجب اعتبارها كذلك لما يلابس العقد من ظروف ولما ينبغي في التعامل من حسن النية.

ب- إذا وقع في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته وكانت تلك الذات أو هذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد)).

وقد ذكرت هذه الحالات على سبيل المثال لا على سبيل الحصر، وهذا ما يستفاد من مقدمة هذه الفقرة. ويستخلص من ذلك أن المشرع السوري لم يقيد الغلط في حالات معينة، وذلك لأنه لم يأخذ بالحسبان ما يرد عليه الغلط، وإنما أخذ بالحسبان أثر الغلط في دفع الإرادة إلى التعاقد.

وبالتالي فإن الغلط المعيب للإرادة في القانون السوري يمكن أن يقع في صفة للشيء، أو شخص المتعاقد، أو في قيمة محل العقد، أو في الباعث.

– الغلط في صفة الشيء: ومثال ذلك إذا اشترى شخص لوحة على أنها من صنع الرسام الشهير بيكاسو، ثم تبين أنها مجرد تقليد أو أنها من صنع رسام مغمور. وكذلك الحال إذا اشترى شخص آنية على أنها أثرية وكانت هذه الصفة هي التي دفعته للتعاقد، ولكنه يعتقد في الآن ذاته أنها مصنوعة من الذهب، ثم تبين بعد ذلك أن الآنية هي أثرية ولكنها مصنوعة من البرونز، فهنا الغلط لا يبطل العقد، لأنه لم يقع في صفة جوهرية دفعت المتعاقد الذي وقع في الغلط إلى التعاقد.[4]

– الغلط في شخص المتعاقد: لا يكون الغلط في شخص المتعاقد سبباً لإبطال العقد إلا في العقود التي تعد فيها شخصية المتعاقد أو صفته محل اعتبار. وغالباً ما يكون شخص المتعاقد محل اعتبار في عقود التبرع، وكذلك في العقود التي ينظر فيها إلى شخصية المتعاقد. ومثال ذلك تعاقد شخص مع فنان مشهور لأحياء سهرة فنية، ثم تبين خلاف ذلك. أو أن يتعاقد شخص مع طبيب بحسبانه الجراح الشهير، ثم تبين خلاف ذلك. وكذلك الحال إذا أجر شخص منزله لامرأة على أنها حسنة السيرة، ثم تبين أنها فاسدة السلوك.[5]

– الغلط في الباعث: ومثال ذلك أن يبيع شخص في مرضه جميع أمواله معتقداً أنه في مرض الموت، ثم شفي بعد ذلك، فيكون الباعث الدافع للتعاقد مغلوطاً، وبالتالي يحق له أن يطالب بإبطال العقد. وكذلك الحال إذا اشترى شخص سيارة معتقداً أن سيارته احترقت، ثم تبين عدم صحة ذلك.

– الغلط في القيمة: ومثال ذلك أن يبيع شخص شهادة استثمار يملكها بقيمة ألف ليرة سورية، ثم تبين أن هذه الشهادة قد ربحت جائزة مقدارها مليون ل. س قبل بيعها، وكان صاحبها يجهل ذلك. فهنا يحق له أن يتمسك بالغلط في القيمة ويطلب إبطال البيع. أما الغلط في الحساب فلا يؤثر في صحة العقد ولكن يجب تصحيحه، طبقاً لما نصت عليه المادة 124م.س.

ولا يجوز لمن وقع في غلط أن يتمسك به على وجه يتعارض مع ما يقضي به حسن النية. ويبقى بالأخص ملزماً بالعقد الذي قصد إبرامه إذا أظهر الطرف الآخر استعداده لتنفيذه، وفقاً لما جاء في المادة 125م.س. ويستخلص من ذلك أنه إذا اشترى شخص لوحة على أساس أنها أصلية، ثم تبين بعد ذلك أنها تقليد، لا يجوز له أن يتمسك بالإبطال إذا عرض عليه البائع أن يسلمه اللوحة الأصلية، وذلك لأنه إذا تمسك بالإبطال في مثل هذه الحال كان ذلك مخالفاً لما يقضي به حسن النية[6].

2ً- أن يعلم المتعاقد الآخر بالغلط:

وهذا ما نصت عليه المادة 121م.س. وبالتالي لا يكفي أن يكون الغلط جوهرياً حتى يؤدي إلى إبطال العقد، وإنما يجب أيضاً، بالإضافة إلى ذلك، أن يكون المتعاقد الآخر قد وقع في الغلط ذاته، أو كان على علم به، أو كان من السهل عليه أن يكتشفه. فإذا اشترى شخص ساعة على أنها أثرية، ثم تبين خلاف ذلك، فيكون المشتري قد وقع في غلط في صفة جوهرية للشيء. وإذا وقع البائع في الغلط ذاته، فيمكن إبطال العقد. وكذلك الحال، إذا لم يقع البائع في الغلط، وإنما كان عالماً بغلط المشتري، فحسن النية يوجب عليه أن يعلم المشتري بالغلط الذي وقع فيه، فإذا سكت عن ذلك، عد سيئ النية، وبالتالي جاز إبطال العقد جزاءً لسوء نيته. وكذلك الحال، إذا كان البائع يتاجر بالآثار حصراً، وبالتالي كان من السهل عليه أن يعلم ما إذا كانت الساعة أثرية، فإذا قصر بذلك، جاز للمشتري إبطال العقد.[7]

3- الغلط في القانون:

أجاز المشرع إبطال العقد ليس فقط في حالة الغلط، وإنما أيضاً في حالة الغلط في القانون، طبقاً لما نصت عليه المادة 123 م.س. والغلط في القانون هو توهم قاعدة قانونية على خلاف حقيقتها. ومن أمثلته: بيع الزوجة حصتها في تركة زوجها، وهي تعتقد بأنها ترث الثمن فيها، وفي حين أن نصيبها هو الربع لأن الزوج لم يترك أولاداً. وهو غلط في القيمة. وإقرار شخص بدين في ذمته وهو يعتقد بأنه دين مدني ملزم له قانوناً، ثم يتبين بعد ذلك أن هذا الدين ما هو إلا دين طبيعي لا يجبر على الوفاء به وهو غلط في صفة جوهرية في الشيء. وتبرع الزوج بماله لزوجته وهو يعتقد بان عقد الزواج بينهما صحيح، ثم يتبين بعد ذلك أن عقد الزواج باطل. وهو غلط في شخص المتعاقد.[8]

ويشترط للتمسك بالغلط في القانون:

1ً- أن يكون من شأن التمسك به تطبيق حكم القانون لا استبعاده ومثال ذلك ما نصت عليه المادة 228، فقرة، 1، م.سوري والتي جاء فيها: ((يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على معدل آخر للفوائد سواء أكان ذلك في مقابل تأخير الوفاء أم في أية حالة أخرى تشترط فيها الفوائد، على ألا يزيد هذا المعدل على تسعة في المئة فإذا اتفقا على فوائد تزيد على هذا المعدل وجب تخفيضها إلى تسعة في المئة وتعين رد ما دفع زائداً على هذا المقدار)).

وبالتالي لا يجوز للمقرض في مثل هذه الحال أن يحتج بجهله بهذه القاعدة ويطلب إبطال العقد من أجل تفادي إنقاص الفائدة إلى الحد الجائز.

2ً- أن يقع الغلط في قاعدة قانونية صريحة منصوص عليها في التشريع أو مجمع عليها في القضاء.

3ً- ألا يكون هناك نص يمنع التمسك بالغلط في القانون. ومثال ذلك نص المادة 524 م. سوري والتي جاء فيها أنه: ((لا يجوز الطعن في الصلح بسبب غلط في القانون.[9]))

نحن نعرف جميعا عيوب الرضا وهي الغلط والتغرير او التدليس او الاكراه او الاستغلال وسوف نتناول في بحثنا هذا عنصر من هذه العناصر وهو الغلط ونبين في تعريفه وانواعه وصوره .وقد نصت المادة 121 من المشروع:

(اذا وقع الغلط في ماهية العقد او في السبب او في المحل بطل العقد )

الغلط في القانون يخول إبطال الالتزام

إذا كان هو السبب الوحيد أو الأساسي؛

إذا أمكن العذر عنه

يخول الغلط الإبطال، إذا وقع في ذات الشيء أو في نوعه أو في صفة فيه، كانت هي السبب الدافع إلى الرضى

الغلط الواقع على شخص أحد المتعاقدين أو على صفته لا يخول الفسخ إلا إذا كان هذا الشخص، أو هذه الصفة أحد الأسباب الدافعة إلى صدور الرضى من المتعاقد الآخرمجرد غلطات الحساب لا تكون سببا للفسخ وإنما يجب تصحيحها

على القضاة، عند تقدير الغلط أو الجهل سواء تعلق بالقانون أم بالواقع أن يراعوا ظروف الحال، وسن الأشخاص وحالتهم وكونهم ذكورا أو إناثا

المبحث الأول

تعريف الغلط :

وهم كاذب يتولد في ذهن الشخص، أو حالة تقوم بالنفس تجعله يتصور الامر على غير حقيقته أي على غير الواقع . والوهم او غير الواقع قد يكون واقعة غير صحيحة يتوهم الانسان صحتها ، أو واقعة صحيحة يتوهم عدم صحتها . فالمتعاقد يتوهم امرا ويقوم بناء على ذلك الوهم بالتعاقد، ولكن سرعان ما يتبين الحقيقة والغلط الذي وقع فيه.

فهل يجوز ابطال العقد أم لا ، فمن يشتري ساعة اعتقادا منه أنها ساعة ذهبية ثم يتبين أنها من معدن اخر هل يجوز له ابطال العقد ؟

ومن هنا الغلط يجيز ابطال العقد سواء جوهري او او نفسي ولهذا وضعت ضوابط تكفل سلامة الارادة وضرورة الاستقرار من جهة اخرى ،فاذا توافرت تلك الشروط كان الغلط عيبا في الارادة ويجيز ابطال العقد .

ضرورة ان يكون الغلط جوهريا :

يتنازع الغلط فكرتان الفكرة التقليدية واخرى حديثة :

المبحث الثاني

فالفكرة التقليدية أو الموضوعية:

تحديد الغلط بحسب الامر الذي ينصب عليه الغلط .فالغلط يكون مؤثرا ويؤدي الى ابطال العقد اذا وقع في مادة الشيء أو في صفة جوهريه فيه أو في شخصية المتعاقد أو في صفه فيها كانت محل اعتبار عند التعاقد ، وعل العكس لا يكون الغلط مؤثرا اذا وقع في صفة غير أساسية في الشيء محل التعاقد أو اذا وقع في القيمة أو وقع في الباعث أو اذا وقع في الشخص او صفة فيه اذا لم تكن هذه أو تلك محل اعتبار عند التعاقد .

اما الفكرة الحديثة:

تقوم على البحث في اثر الغلط في ذاته على رضاء المتعاقد بالعقد ، فيكون الغلط جوهريا اذا كان المتعاقد يمتنع عن التعاقد لو لم يقع في الغلط أي لو كان على بينة من الحقيقة . ويكون الغلط غير جوهري اذا لم يكن المتعاقد يمتنع عن التعاقد لو علم بالحقيقة .فالعبرة بأثر الغلط على الرضا وليس بالامر محل الغلط ولهذا يطلق عليها النظرية الشخصية للغلط .

المبحث الثالث

صور الغلط الجوهري :

أولا : الغلط في صفة جوهرية في الشيء :

لغلط في صفة الشيء يكون جوهريا اذا كان هو الدافع الرئيسي الى التعاقد ، وتطبيقا لذلك قضى [ان بيع الاوراق المالية الصادرة من شركة حكم ببطلانها ، يجوز ابطاله للغلط الذي وقع فيه المشترى بشان صفة جوهرية في الشيء المبيع . وقضى بأن بيع شئ على انه قديم مع انه مجرد تقليد للقديم يجوز ابطاله للغلط ، ولا يلتزم النشترى برفع دعوى الابطال في ثمانية ايام من وقت العلم بالحقيقة لأن هذا هو ميعاد رفع الدعوى في ضمان العيوب الخفية ( في التقنين المدني القديم ) .أما هنا دعوىابطال للغلط ،وقضى بأنه اذا باع شخص ارضا على انها تحد الجهة البحرية بشارع طوله خمسة امتار ويتبين بعد ذلك ان ذلك الشارع لا وجود له مما يجعل الارض محصورة من جهاتها الاربع ولا منفذ لها يؤدي الى الطريق العام فان العقد يجوز ابطاله للغلط .

ثانيا : الغلط في شخص المتعاقد :

يكون الغلط جوهريا اذا كانت شخصيته محل اعتبار ويقع عادة في عقود التبرع وقد يقع في عقود المعاوضة ويقع العقد في ذات المتعاقد ، كالغلط في شخص الموهوب له او الوكيل او المزارع او الشريف . كما يقع في صفة جوهرية من صفات المتعاقد ، كأن يهب شخص لأخر مالا معتقدا ان رابطة قرابة تربطه به ثم يتبين ان هذه الرابطة غير موجودة ، وكأن يؤجر شخص منزلا لامرأة تحترف العهارة وهو لا يعرف ذلك حتى لو لم تباشر مهنتها في المنزل.

ثالثا : الغلط في القيمة :

يكون الغلط في القيمة سببا للابطال ، اذا كان جوهريا أي دافعا الى التعاقد ، ومن امثلة الغلط في القيمة ما حكم به القضاء من انه اذا اتفق صاحب البضاعة مع ماللك السفينة على ان يكون سعر النقل اما بحساب الحجم او بحساب الوزن طبقا لما يختارة صاحب السفينة.واختار هذا الاخير ان يكون السعر بحساب الحجم ، ثم تبين بعد ذلك ان السعربهذه الحالة ثمانية أمثال السعر بحساب الوزن ، ولم يكن صاحب البضاعة يعلم ذلك بدليل انه رفض التعاقد مع صاحب سفينة اخرى على سعر يقل عن السعر المطالب به ،فان صاحب البضاعة له في هذه الحالة ابطال عقد النقل .

رابعا : الغلط في الباعث :

يجوز ابطال العقد اذا وقع الغلط في الباعث الذي دفع الى التعاقد ، فاذا اشترى شخص سيارة معتقدا ان سيارته سرقت ثم اتضح غير ذلك ، كان واقعا في غلط في الباعث يعطيه الحق في الابطال . واذا اسـتأجر شخص منزلا في مدينة معتقدا انه نقل اليها ، له ابطال عقد الايجار ، بشرط أن يكون المتعاقد الاخر في الحالتين قد اتصل بهذا الغلط .ولكن لا يكفي غلم المتعاقد الاخر بالباعث وانما يجب ان يعلم بأن من يتعاقد معه واقع في غلط ،أي يعلم بأن السيارة لم تسرق وأن الموظف لم ينقل .

خامسا: الغلط في القانون :

لا فرق بين الغلط في الواقع والغلط في القانون ، فيجوز لمن وقع في غلط في القانون أن يطلب ابطال العقد . فاذا باع شخص نصيبه في التركة معتقدا انه يرث الربع ثم تبين انه يرث النصف ، فانه يكون واقعا في غلط القانون يجيز له طلب ابطال العقد واذا وهب شخص لمطلقته مالا معتقدا أنه استردها الى عصمته ، جاهلا أن الطلاق الرجعي يصبح بائنا بانقضاء العدة يكون واقعا في غلط في القانون له ابطال الهبه .

ويجب عدم الخلط بين جواز ابطال العقد لغلط في القانون ،وقاعدة عدم جواز الاعتذار بجهل القانون .فالذي يتمسك بجهله بالقانون يريد استبعاد تطبيق القاعدة القانونية وهذا غير جائز . أما من يطلب الابطال لغلط في القانون فهو لا يطلب استبعاد تطبيق القاعدة القانونية وانما يطلب تطبيقها .

المبحث الرابع

موقف المشرع من النظريتين:

لقد نظم المشروع الغلط في المواد 121-126 وبالرجوع الى تلك المواد نجد أنه قسم الغلط الى ثلاثة انواع هي :

1-الغلط المانع :

اذا تحقق هذا الغلط فانه يؤدي الى بطلان هذا العقد ،ويكون الغلط مانعا اذا وقع في ماهية العقد ، كمن يؤجر منزلا في مقابل اجرة سنوية قدرها 1000 دينار على حين يتصور الطرف الاخر انه يبيعه المنزل في مقابل ايراد مرتب لمدى الحياة 1000 دينار كل سنة أو اذا وقع في جنس المحل كمن يبيع شيئا معينا والاخر يتصور انه يشتري شيئا اخر ، او كمن يبيع شيئا مخصصا للنفع العام ، ففي جميع هذه الحالات لا ينعقدالعقد بسبب عدم وجود تطابق بين الارادتين فالغلط في هذه الحالات لا ينعقد العقد بسبب عدم وجود تطابق بين الارادتين ، فالغلط في هذه الحالات يحول دون انعقاد العقد .

2-الغلط المعيب للرضا :

نصت المادة 123 من المشروع على (1- يكون الغلط جوهريا اذا بلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن ابرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط

2- يعد الغلط جوهريا على الاخص :

أ – اذا وقع في صفة جوهرية في اعتقاد الغالط او يجب الاعتداد بها كذلك لما يلابس العقد من ظروف ولما ينبغي في التعامل من حسن نية .

ب- اذا وقع ذات المتعاقد او في صفة من صفاته وكانت تلك الذات او هذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد )يظهلر من النص انه قد اخذ من النظرية الحديثة بالغلط ، حيث اعتد بالغلط الجوهري ،وحدد النص حالتين يكون فيه الغلط جوهري وهي الغلط في صفة جوهرية في الشيء ،والغلط في ذات المتعاقد او في صفة من صفاته ، وكانت هذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد .

حماية المتعاقد الآخر

اتصال المتعاقد الاخر بالغلط

من اهم المسائل التي تثيرها نظرية الغلط هي مسألة التوفيق بين مصلحة المتعاقد الواقع في الغلط ومصلحة الطرف الاخر في العقد .

فالاولى تقتضي تمكين الواقع في الغلط من التحلل من العقد وتستند الى مبدأ سلطان الارادة ،الذي يأبى الزام العقد بناء على ارادة معيبة والثانية تقتضي الابقاء على العقد وتستند الى ضرورة كفالة استقرار التعامل ، التي تأبى أن يفاجأ المتعاقد لاعتبار لدى المتعاقد معه لم يكن يدري شيئا عنه عند التعاقد .

وقد تعددت الأسس المقترحة للتوفيق بين هذه المصالح والاعتبارات المتعارضة .وقد اختار المشرع المصري صيغة مختلفة لتحقيق التوفيق المنشود ، فنص في المادة 120 من القانون المدني على انه ( اذا وقع المتعاقد في غلط جوهري جاز له ان يطلب ابطال العقد ، اذا كان المتعاقد الاخر قد وقع مثله في هذا الغلط ،او كان على علم به ، او كان من السهل عليه ان يتبينه)

ومن هنا تفرقة بين الغلط المشترك والغلط الفردي ، فالاول يؤدي دائما الى الابطال دون حاجة الى أي شرط اضافي اما الثاني فلا يؤدي الى الابطال الا اذا كان المتعاقد الاخر على علم بالغلط الذي وقع فيه المتعاقد معه أو كان من السهل عليه ان يتبينه .

وقد انتقد البعض ذلك ان الغلط المشترك هو الاخر لا يجب ان يؤدي الى ابطال العقد ، الا اذا كان الطرف الاخر في العقد يعلم ان هذا الغلط جوهري او كان يستطيع ان يتبين ذلك .

وهنا فان شرط علم المتعاقد بالغلط واستطاعته العلم به هو شرط لازم وكاف لحمايته في ان واحد وفي جميع الحالات بصرف النظر عما اذا كان الغلط فرديا او مشتركا .وبعبارة اخرى فهذا الشرط لازم في حالة الغلط المشترك لزومه في حالة الغلط الفردي

“””” حسن النية للتمسك بالبطلان :

اذا وقع المتعاقد في غلط جوهري وكان المتعاقد الاخر يعلم او يستطيع ان يعلم بوقوعه في الغلط على النحو المتقدم ثبت له الحق في التمسك بابطال العقد . وهذا الحق كغيره من الحقوق يخضع للرقابة فلا يجوز التعسف في استعماله سواء في القانون المصري او القانون اللبناني ومن ثم فقد نصت المادة 124 من القانون المدني المصري على انه ( 1- ليس لمن وقع في غلط ان يتمسك به على وجه يتعارض مع ما يقضي به حسن النية ،

2- ويبقي بالاخص ملزما بالعقد الذي قصد ابرامه، اذا اظهر الطرف الاخر استعداده لتنفيذ هذا العقد .)
وتطبيقا لذلك فاذا كانت المصلحة التي يبتغيها من تمسك بالبطلان للغلط مصلحة غير مشروعة ،كما لو وقع الغلط في عقد عمل بِشأن ديانة العامل او نشاطه النقابي بأن استخدام العامل على انه بدين معين ثم يتبين انه بدين اخر او على انه ليس له نشاط نقابي ثم تبين انه ممن لهم تاريخ في هذا النشاط فلا يجوز التمسك بابطال العقد حتى ولو ثبت ان الغلط جوهريا وان العامل كان يعلم بوقوع رب العمل بهذا الغلط

شارك المقالة

1 تعليق

  1. شكرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.