دراسة وبحث قانوني عن تدبير المحاضر والشكايات

السيدعبد الغاني بياه

منتدب قضائي

المحكمة الابتدائية
بالفقيه بن صالح

هذه المساهمة في الأصل مداخلة قدمت بالمحكمة الابتدائية بالفقيه بنصالح في اطار انشطة اللجنة الثقافية بنفس المحكمة

مقدمة:

أود في البداية ان اشكر الاخوة في اللجنة الثقافية الذين اتاحوا لي الفرصة بتقديم هذه المداخلة في موضوع”تدبير المحاضر والشكايات”
فالاشكاية التي ساحاول الاجابة عنها من خلال هذه المداخلة او لنقل التحدي هو ان وزارة العدل رفعت شعارالسرعة والجودة وبالتالي فنحن كعاملين بهذ المحكمة مطالبون بالسعي الى تحقيق هذا الشعار من خلال تقديم خدمة قضائية دات جودة عالية وباقصى سرعة ممكنة لكن في المقابل هنالك اكراهات متعددة لعل ابرزها :الارتفاع المستمر في عدد القضايا بسبب النمو الديمغرافي، تناقص في عدد الموظفين ،تقليص في امد التقادم ووسائل قطعه ،ربط المسؤولية بالمحاسبة (فالهدف ليس فقط تحقيق السرعة بل ايضا تفادي التقادم) والحل السحري الذي تم التبشير به لتخطي هذه التحديات هو استعمال المعلوميات لكن فاستعمال هذه الاخيرة يتطلب الرجوع خطوة الى الخلف من اجل التقدم ثلاثة خطوات الى الامام فنحن لازلنا في مرحلة الخطوة الى الخلف بسبب العمل المزدوج بالمعلويات والسجلات الورقية ،محدودية التكوين في هذا المجال والفراغات التي تكتنف برنامج S@J بالاضافة الى عدم الاستفادة من ايجابيات البرنامج عبر التخفيف من حجم الاستقبالات في ظل واقع تنتشر فيه الامية الابجدية والمعلوماتية.

وامام محدودية هذا الحل نقترح اسناده بمقاربة تدبيرية وتبسيطية للاجراءات تتوخى الاستعمال العقلاني للامكانيات المتاحة من اجل الحصول على احسن النتائج وذلك من خلال طرح المعيقات التي تحول دون تحقيق شعار السرعة والجودة والحلول المقترحة من جلال زاوية نظر الممارسين بشعبة المحاضر والشكايات التي تحتاج بدون شك الى التقويم ،التعديل والاغناء من خلال مداخلاتكم ومقترحات جميع المتدخلين.

ولما كان عمل شعبة المحاضر والشكايات اشد ارتباطا بمرحلة البحث البوليسي ارتاينا تخصيص الجزء الاول من هذه المداخلة لنوعي البحث البوليسي : التمهيدي والبحث في حالة تلبس مع القيام ببعض المقارنات بين الدعاوى العمومية ،المدنية والجنائية فيما سنخصص الجرء الثاني للقرارات المتخذة في المحاضر بعد الدراسة من طرف السيد وكيل الملك او احد نوابه الاشكالات والحلول مع التركيز على التعديلات الاخيرة على التقادم كسبب من اسباب الحفظ ووسيلة لتدبير المحاضر والشكايات وفي جزء ثالث سنتطرق الى سلبيات التنظيم الهيكلي الحالي لكتابة النيابة العامة مع اقتراح بدائل وفي الخاتمة ساقوم بتجميع المقترحات والتوصيات .

الفصل الاول: الدعوى العمومية والخصومة الجنائية

على عكس الدعوى المدنية التي يتم افتتاحها بمبادرة من المدعي وتتم ادارتها وتدبيرها من طرف طرفي الدعوى ولايتدخل القاضي الا من اجل النطق بالحكم بطبيعة الحال وحسن سير العدالة من خلال التصدي لمحاولات اي طرف يهدف الى اطالة امد الدعوى واستنزاف خصمه،فان الدعوى العمومية تقام وتمارس من طرف النيابة العامة التي تهدف الى احالة القضية على المحكمة المختصة وادانة المتهم طبقا للقانون الا ان هذا الحق في اقامة الدعوى العمومية ليس مطلقا وحكرا على النيابة العامة فهذه الاخيرة تجد نفسها احيانا مغلولة الايدي ولا تسطيع تحريك المتابعة الا بعد تقديم المشتكي لشكاية كما هو الشان في جرائم : اهمال الاسرة،الخيانة الزوجية ،سرقة الاصول،استعمال ناقلة دون اذن من مالكها والقدف في قانون الصحافة وغيرها من الجرائم التي يؤدي التنازل عن الشكاية الى سقوط الدعوى العمومية في اي مرحلة من المراحل،و في بعض الاحيان تحتاج النيابة العامة الى امر كما هو الشان لامر وزير العدل من اجل المتابعة امام محكمة العدل الخاصة الملغاة. كما ان للمتضرر الحق في تحريك المتابعة عن طريق الشكاية المباشرة شريطة ان تخلف الجريمة اضطرابا بالمجتمع وضررا للضحية،
فالدعوى العمومية هي مجموعة الانشطة الاجرائية التي تقوم بها النيابة العامة نيابة عن المجتمع من اجل البحث،توجيه الاتهام واصدارالحكم على المتهم المنصوص عليه قانونا وهي بالتالي تشمل مرحلة التحقيق والمحاكمة واذا اضيفت اليهما مرحلة البحث البوليسي نكون بصدد الخصومة الجنائية التي هي اشمل من الدعوى العمومية، ومرحلة البحث البوليسي تنقسم الى صنفين بحسب توافر حالة التلبس من عدمه في الجريمة.

الفرع الاول تطبيق مسطرة التلبس بالجريمة

وتتوافر حالة التلبس بالجنحة او الجناية (لاوجود للتلبس بالمخالفة) حسب مقتضيات الفصل 56 من ق م ج:
1 اذا ضبط الفاعل اثناء ارتكاب الجريمة اوعلى اثر ارتكابها.
2 اذا كان الفاعل مازال مطاردا بصياح الجمهور على اثر ارتكابها.
3 اذا وجد الفاعل بعد مدة قصيرة وهو يحمل ادوات الجريمة او عليه اثارها وعلاماتها.
4 ارتكاب جريمة بداخل مسكن وطالب صاحبه من ضابط الشرطة القضائية معاينتها.
فمن خلال هذا التعريف فالتوزيع المعتمد من طرف هذه المحكمة بين قضايا الجنحي تلبسي والجنحي عادي غير دقيق والتوزيع الصحيح هو قضايا المعتقلين وقضايا السراح لان هناك قضايا تلبسية تدرج في الجنحي العادي كما هو الشان بالنسبة للسكر العلني البين والارشاء وقضايا عادية تدرج مع التلبس كما هو الشان بالنسبة لجرائم التزوير التي من الصعب ان يضبط شخص ما في حالة التلبس بجنحة التزوير.
ولضابط الشرطة القضائية اثناء تطبيقة لمسطرة التلبس( التي يتم سلوكها فقط في حالة توفر حالة التلبس ) سلطات واسعة مقارنة مع مسطرة البحث التمهيدي تتمثل فيما يلي:
+ الانتقال الى مسرح الجريمة.
+ الدخول الى منزل المتهم تفتيشه دون الحصول على موافقة منه ينطبق نفس الشيئ على منزل الغير الذي يعتقد تواجد ادلة او وثائق تفيد في البحث مع مراعاة وقت بداية التفتيش حضور صاحب المنزل، نائبه او شاهدين اثنين وتفتيش النساء من طرف النساء.
+ الحجز دون رضا من تم التفتيش بمنزله او على جسده مع التمييز بين لتفتيش الوقائي والتفتيش التنقيبي.
+ تسخير الخبراء مباشرة لاجراء المعاينات الغيرالقابلة للتاجيل
+ الوضع تحت الحراسة النظرية دون الحصول على اذن من النيابة العامة وتمديدها دون المرور بمسطرة التقديم وان كانت النيابة العامة تستطيع تغيير اي اجراء اتخذه ضابط الشرطة القضائية بخصوص الحراسة النظرية .
ومدة الحراسة النظرية في جميع الاحوال هي :
×× 48 +24 كتمديد في الجرائم العادية مع امكانية اتصال المحامي بالمتهم ابتداء من الساعة 24 من بداية الوضع تحت تدبير الحراسة النظرية وامكانية تاخير هذا الاتصال الى الساعة 36.
×× 96+96 كتمديد في جرائم المس بامن الدولة الداخلي والخارجي، مع امكانية اتصال المحامي بالمتهم ابتداء من الساعة 96 وامكانية تاخير هذا الاتصال الى الساعة 144.
×× 96+96 كتمديد مرتين في الجرائم الارهابية، مع امكانية اتصال المحامي بالمتهم ابتداء من الساعة 96 وامكانية تاخير هذا الاتصال الى الساعة 144. ومقابل هذه الامتيازات فتطبيق مسطرة التلبس تلزم ضابط الشرطة القضائية بتحرير المحضر فورا والتوقيع على كل رقة من اوراقه.

الفرع الثاني البحث التمهيدي

اما اثناء تطبيق مسطرة البحث التمهيدي التي يمكن سلوكها حتى في حالة توافر حالة التلبس وهو منهج متبع من طرف الدرك الملكي فضابط الشرطة القضائية لايتوفر على هذه الامتيازات بل يمنح ضمانات اكبر للمتهم مقارنة مع توافر حالة التلبس وتتمثل هذه الضمانات في:
_ الحصول على الاذن الكتابي من المتهم او الغير قبل القيام بالدخول الى المنزل وتفتيشه.
_الرضا قبل الحجز
_ تسخير الخبراء لايتم مباشرة لاجراء المعاينات الغيرالقابلة للتاجيل
_ الوضع تحت الحراسة النظرية بعد الحصول على اذن من النيابة العامة وتمديدها بعد التقديم وفي جميع الاحوال فدليل واحد يسمح بالوضع تحت الحراسة النظرية لكن تمديدها يتطلب ادلة قوية ومتناسقة ضد المتهم
هذه الاجراءات يتم تدوينها في محاضر فمن خصائص النظام التنقيبي المطبق في مرحلة البحث البوليسي هي السرية والكتابة : محضر الانتقال والتحري محضر التفتيش والحجز بالاضافة الى محاضر الاستماع والمعاينات ،فالمحضر هو وثيقة مكتوبة يحررها ضابط الشرطة القضائية بمناسبة ادائه لمهامه وفي حدود اختصاصه فلا يمكن لعون المياه والغابات ان يحرر محضرا للبناء بدون رخصة.

ان للقيمة الثبوتية للمحضر المنجز من طرف الضابطة القضائية علاقة عكسية بمبدا حكم القاضي وفقا لاعتقاده الصميم واعطاء هذه المحاضر قيمة ثبوتية اكبر يقلل من هامش تحرك القاضي الجنائي فمقارنة مع التشريع الفرنسي فمحاضر الضابطة القضائية موثوق في مضمونها فقط في بعض المخالفات وتبقى مجرد بيانات في باقي المخالفات ،الجنح والجنايات في حين نجد المشرع المغربي يعطي قوة ثبوتية اكبر لهذه المحاضر بجلعها موثوق في مضمونها في المخالفات والجنح ومجرد بيانات فقط في الجنايات.

بعد ختم المحضر من طرف الضابطة القضائية يتم احالته على النيابة العامة فباستثناء المحاضر المنجزة تطبيقا لمسطرة التلبس او مراعاة للوضع تحت الحراسة النظرية والتي تلزم ضابط الشرطة القضائية بالاحالة الفورية وايضا تنفيذ انابة قضائية صادرة عن قاضي التحقيق التي تلزم ضابط الشرطة القضائية باحالة المحضر داخل اجل 8 ايام من ختمه على قاضي التحقيق فان باقي المحاضر لم يتم تحديد اجال لاحالتها على السيد وكيل الملك لذا فمن الضروري تدخل المشرع من اجل تحديد اجال للاحالة تحت طائلة البطلان وهم ماسلكه المشرع الفرنسي حيث حدد هذه الاجال في مدد قصيرة تتراوح ما بين يومين الى خمسة ايام ولعل تقليص امد التقادم والصعوبات في البحث عن مآلات المحاضر تجعل من هذا المطلب مطلبا ملحا ومن خلال الممارسة العملية فقد نجد بعض المحاضر التي لايتم احالتها الا بعد مرور 4 اشهر من تاريخ تحريرها.

يتلقى السيد وكيل الملك الشكايات الوشايات التقارير والمحاضر ولابد من اعطاء خصائص كل عنصر من العناصر المذكورة سابقا فالشكاية تقدم من طرف المشكي او محاميه في حين ان الوشاية تقدم من غير المتضرر سواء كان معلوما او مجهولا كما ان القانون الجنائي يعاقب على عدم التبليغ عن جريمة او التبليغ عن جريمة يعلم المبلغ بعدم حدوثها،اما التقارير فتنجز من طرف اعوان الشرطة القضائية وهي ذات طابع اخباري لرؤسائهم وشهادة مكتوبة من طرف موظف عمومي سبق ان ادى اليمين بمناسبة تعيينه أما المحاضر فتنجز من طرف ضباط الشرطة القضائية من ضباط سامون ،ضباط الشرطة القضائية العامون (الشرطة والدرك) البشوات القواد العمال الولاة والوظفون المكلفون بمهام الشرطة القضائية .

والمحاضر تنقسم الى نوعين محاضر مباشرة واخرى غير مباشرة تنجز بناء على تعليمات السيد وكيل الملك المرفقة بشكاية،وفي اطار تنظيم العمل بهذه النيابة العامة فقد تم تخصيص سجل خاص بالمحاضر غير المباشرة اي محاضر الشكايات العادية وخصصت له الارقام الفردية في حين خصص سجل آخر يضم المحاضر المباشرة والمحاضر التي ليس اصلها شكاية عادية وخصصت له الارقام الزوجية وقد قامت مجموعة من المحاكم المجاورة بتبني هذه الطريقة في توزبع العمل لما لها من ايجابيات في تتبع محاضر الشكايات وامكانية العمل على سجلين في نفس الوقت الا انني ارى ضرورة التراجع عن هذه التنقية وهو ما ساوضحه عند الحديث عن اعادة هيكلة كتابة النيابة العامة.

الفصل الثاني :القرارت المتخذة في المحاضر بعد الدراسة

بعد تسجيل المحضر بسجل المحاضر نموذج 501 تحال على السيد وكيل الملك والسادة النواب للدراسة حيث يتم اتخاذ احد الاجراءات التالية(وهي نفس القرارات التي تتخذ في الشكايات باستثناء المتابعة) :

الفرع الاول البحث و اتمام البحث :

حيث يتم تحرير مطبوع يوجه وبعد توقيعه يتم احالته على الضابطة القضائية رفقة نسخة من المسطرة لتنفيذ التعليمات في حين يتم الاحتفاظ بالاصول مرتبة ، وبعد انصرام الاجل يتم توجيه تذكير للضابطة ، وتتمثل اهم الصعوبات التي تحول دون البث في المحاضر بالسرعة المطلوبة فيما يلي :
_ تجزيء الضابطة القضائية للتعليمات حيث نضطر الى توجيه المحضر الى الضابطة اكثر من مرة وهو ما يكلف مجهودا ووقتا اكبر يهدد القضايا بالتقادم دون اتمام البحث.
_ خلق ضابطات جديدة وتغيير دوائر نفودها مما يوصلنا الى نفس النتيجه اعلاه اهدار للمجهود والوقت بسبب اعادة الاحالة على الضابطة الجديدة ،الاحالات الخاطئة نتيجة عدم ضبط دوائر النفود،وتنازع الاختصاص بين الضابطات.
_ عدم الانجاز رغم توجيه التذاكير وارجاع المساطر بملاحظة رفض المعني بالامر الحضور رغم الاستدعاءات المتكررة ولا يتم تطبيق قاعدة من يملك الاكثر يملك الاقل.
والحلول التي نقترحها لتسريع اجراءات البحث واتمامه :
+ توجيه التعليمات مباشرة الى الضابطة القضائية التي يوجد بها محل اقامة المشتكى به فلماذا لانطبق قاعدة المشتكي يبحث عن المشتكى به وبالتالي ينتقل هذا الاخير رفقة شهوده الى الضابطة التي يتواجد بها مقر اقامة المشتكى به وبالتالي نختصر امكانية الاحالة على الضابطة التي يقطن بدائرة نفوذها المشتكي للاستماع اليه .
+ توجيه التعليمات في نفس الوقت الى اكثر من ضابطة قضائية في حالة تعدد المشتكى بهم و اختلاف مقرات اقامتهم.
+ احالة التعليمات على الضابطة وتكليفها باحالة هذه التعليمات بعد الانجاز على ضابطة اخرى من اجل انجاز تعليمات اخرى دون ارجاع المسطرة الى النيابة وكل هذا من اجل الاقتصاد في الوقت والجهد.
+ اعتماد نموذج موحد للشكايات يتضمن شكليات محاضر الاستماع مع تكوين الكتاب العموميين وتحسيسهم بهذا النموذج مع جعل الشكاية تقوم مقام محضر الاستماع الى المشتكي فلا يعقل ان يتقدم هذا الاخير بشكاية ويتم توجيهه الى الضابطة القضائية من اجل اعادة تضمين مضمون الشكاية في محضر الاستماع اليه.

الفرع الثاني: الاحالة للاختصاص

كما نعلم فالاختصاص في المادة الجنائية هو ثلاثي: مكان ارتكاب الجريمة ،مقر اقامة المشتكى به ومكان القاء القبض عليه ولو لسبب آخر الاا نه من خلال الممارسة العملية كنا نصطدم بارجاع بعض المحاضر المحالة على احد المحاكم المجاورة للاختصاص لتواجد المشتكى به بالسجن بملاحظة ان السجن ليس محل اقامة للمشتكي وبعد اخذ ورد وتذكير بالفقرة الاخيرة المتعلقة باختصاص مكان القاء القبض ولو سبب آخر عدلت هذه المحكمة عن هذا الاجراء مؤخرا،وبخصوص جنحة انتزاع حيازة عقار فنتمنى ان يتدخل المشرع بجعل الاختصاص لمكان تواجد العقار لما يترتب على عدم التنصيص على هذا المقتضى خاصة في المحاضر التي يكون فيها مقر اقامة المشتكي والعقار في دائرة قضائية ومقر اقامة المشتكى به بدائرة قضائية اخرى وبالاخص لما يتعلق الامر بقيام الضابطة القضائية بمعاينة العقار او تنفيذ الامر الصادر عن السيد وكيل الملك بارجاع الحالة الى ما كانت عليه والمؤيد من طرف المحكمة.

الفرع الثالث :المتابعة :

ويتم تحريك الدعوى العمومية بالمتابعة بإحدى الطرق التالية:
◊ توجيه الاستدعاء الى المتهم في الجنح والمخالفات لكن السؤال الذي يطرح نفسه بهذا الخصوص ماهو الحدث الذي على اثره يتم تحريك المتابعة او لنقل ما هو الحدث المولد للمتابعة ؟فالكثيريعتقد ان تسطير المتابعة من طرف السيد وكيل الملك او احد نوابه على هامش المحضر بادراج التاريخ، وعبارة متابعة المتهم طبقا لفصول المتابعة وتوقيعه يكون قد تم تحريك المتابعة لكن قانونيا فهذا العمل هو مجرد تعليمات توجه الى كتابة النيابة العامة من اجل تحرير الاستدعاء الذي سيوجه الى المتهم،فالاستدعاء المحرر بطريقة صحيحة هو صك المتابعة وهو الذي يؤدي الى قطع امد التقادم الذي اصبح مقتصرا على اجراءات التحقيق المتابعة والمحاكمة، وقد نجد هذا الخلط حتى على مستوى نسخ الاحكام حيث يتم تضمين تاريخ المتابعة هو تاريخ تعليمات السيد وكيل الملك وليس تاريخ الاستدعاء ( وقد يصل الفرق بين التاريخين الى ايام او اسابيع مما تصبح معه الافعال متقادمة اذا طبقنا عليها التاريخ الثاني وغير متقادمة اذا طبقنا عليها التاريخ الاول) وفي بعض الاحيان يتم اغفال تاريخ المتابعة لكنه وبمناسبة التعديل الاخير لاسباب قطع التقادم فاصبح من الضروري تضمين تاريخ المتابعة الذي اصبح قاطعا لامد التقادم وليس اجراءات البحث البوليسي.

وبما ان الاستدعاء الاصلية هي صك المتابعة فيجب الاحتفاظ بها باصل الملف الجنحي وتبليغ المتهم نسخة طبق الاصل منها.

◊ الاحالة الفورية على المحكمة في حالة اعتقال او في حالة سراح مقابل كفالة مالية او شخصية وذلك وفق الشروط التالية:استنطاق المتهم،عدم تسليمه الاستدعاء والاحالة تتم داخل اجل 3 ثلاثة ايام في الجنح، لكن ومن خلال الممارسة العملية فالاحالة الفورية في حالة سراح لايتم تطبيق مقتضياتها بشكل دقيق حيث يتم تسليم المتهم الاستدعاء والاحالة لاتتم داخل اجل 3 ايام باستثناء الحالة التي يكون فيها احد المتهمين في نفس القضية تمت احالته في حالة اعتقال ايض لكن لايتم انجاز محضر الاستنطاق.
◊ المطالبة باجراء تحقيق.
◊ الامر القضائي في الجنح : وهو امر غيابي يصدره القاضي بناء على ملتمس النيابة العامة في الجنح المعاقب عليها بغرامة لاتفوف 5000 درهم،المثبة بمحضر والتي لم تخلف اي متضرر.
◊ السند التنفبدي للمخالفات: وهو اقتراح السيد وكيل الملك على المخالف نصف الحد الاقصى للغرامة المنصوص عليها كعقوبة للمخالفة المثبتة بمحضر والتي لم تخلف اي متضرر.

الفرع الرابع: الحفظ

وهو قرار اداري يصدر عن السيد وكيل الملك او احد نوابه واجب التعليل يشعر به المشتكي داخل اجل 15 يوما من تاريخ صدوره،و يمكن التراجع عليه بصفة تلقائية او بناء على طلب المشتكي لاخراج المحضر من الحفظ ويمكن للمشتكي بعد حفظ النيابة العامة لمحضره سلوك مسطرة الشكاية المباشرة،
ومن بين اسباب الحفظ الاكثر ترددا نجد : انعدام الاثبات ،تعذر الاستماع،النزاع يكتسي صبغة مدنية،عدم توافر العنصر الجرمي،الخلل العقلي،الوفاة والتقادم …..
وبخصوص قرار الحفظ نقترح مايلي:
+ حفظ اصول المحاضرفقط ومقايضة النظيرين مع احدى شركات صناعة الورق مقابل اوراق بيضاء لما لهذا الاجراء من تخفيض حجم وكتلة الحفظ بحوالي الثلثين ففي هذا خلق لموارد مالية و تدبير للمكان(فلشغل المكان تكاليف في المقاولة : الكراء الحراسة والتأمين ).
+ اختصار مطبوع الاشعار بالحفظ بذكر فقط مرجع النيابة العامة سبب الحفظ و تاريخه.
+ جعل رقم الهاتف والبريد الالكتروني من عناصر هوية الاطراف المستمع اليهم والتدخل التشريعي للتنصيص على امكانية الاشعار بهاتين الوسيلتين.

الفصل الثالث : التقادم

من المفيد التذكير بمستجدات المسطرة الجنائية بخصوص التقادم الذي اصبح احدى وسائل تدبير المحاضر والشكايات بالتخلص من القضايا القديمة ،ففلسفة التقادم مرتبطة بفلسفسة العقاب هذا الاخير يهدف الى تحقيق الردع العام والخاص، في حين ان التقادم يهدف الى عدم تذكير المجتمع بجريمة اروعته ومر عليها وقت طويل،او تنفيذ عقوبة عانى صاحبها مدة طويلة من الفرار من العدالة.
مدد التقادم الجديدة مقارنة مع نظيرتها الفرنسية:
الجريمة المغرب فرنسا
الجنايات 15 10
الجنح 4 3
المخالفات سنة سنة
الصحافة 6 اشهر 3 اشهر
المياه والغابات 6 اشهر 6 اشهر
الانتخابات 6 اشهر 6 اشهر
لاتقادم للجرائم ضد الانسانية والابادة شريطة مصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية بهذا الشان.

ويقطع التقادم باحد اجراءات المتابعة ،التحقيق اوالمحاكمة المنجزة بطريقة صحيحة وان كانت نفس المقتضيات يتضمنها التشريع الفرنسي الا ان الاجتهاد القضائي الفرنسي دأب على اعتبار محضر الضابطة القضائية قاطع لللتقادم وهو اجراء من اجراءات المتابعة او التحقيق ففي قرار صادر بتاريخ 07/7/ 1983 عن محكمة الاستئناف بدجون نجد ما يلي: “يعتبر محضر الضابطة القضائية المنجز بناء على تعليمات السيد وكيل الجمهورية قاطعا للتقادم شريطة ان يتضمن التحقق من حدوث الجريمة او البحث عن مرتكبها”،وهو عكس ما يطبق لدينا بعد التعديل الاخير لاسباب قطع التقادم حيث اعتبرت جميع اجراءات البحث التمهيدي غير قاطعة للتقادم حيث يتم حفظ كل محاضر(الجنح) المنجزة قبل 4 سنوات من تاريخ يومه وان انجز فيها آخر محضرمند شهر.
ويتم وقف التقادم بسب القانون نفسه :الحصانة البرلمانية مثلا.

الفصل الرابع :تدبير الشكايات والمحاضر من خلال اعادة هيكلة كتابة النيابة العامة:

ان المتامل لطريقة هيكلة كتابة النيابة العامة وكتابة الضبط بصفة عامة يخلص الى انها مبنية على توزيع العمل و التخصص والعمل في اطار سلسلة الذي يعتبر تايلور احد منظري هذه الطريقة و التي من ايجابياتها هي التخصص وانتاج الكم لكن في المقابل فمن سلبيات هذه الطريقة هي عدم التحفيز وعدم المسؤولية والملل بسبب الروتين والعمل الجزئي كما ان تطبيق هذه النظرية على عمل كتابة الضبط لها سلبيات اكثر على اعتبار ان المسؤوليه هي اهم الركائز في العملية القضائية وعلى اعتبار ان هذه الطريقة في العمل تؤدي الى تعدد السجلات، تعدد الارقام الموافقة والاحالات عبر سجلات التدول فكل محضر يحصل عل 6 ارقام ويتم تسجيله في 6 سجلات بما فيها سجلات التداول وهذا ما يجعل من البحث في سجلات التداول احد الاعمال المضنية والغير منتجة عمليا، لذا اقترح نمطين للهيكلة الاول وهو خلق شعب متخصصة وقد بدأ العمل به من خلال اقسام قضاءالاسرة وخلق شعب اخرى متخصصة من قبيل شعب الجرائم ضد الاشخاص ، ضد الاموال،ضد الاخلاق العامة بحيث يحال المحضر او الشكاية على هذه الشعب وتتخذ فيهما جميع الاجراءات اي من التسجيل الى تنفيذ العقوبة والاكراه البدني دون الحاجة الى تعدد الارقام والسجلات وخاصة الاستعمال المفرط لسجلات التداول هذه الاخيرة تقوم فقط باثبات ظل المحضر وليس المحضر في غياب جرد الوثائق كما ان عملية الجرد للوثائق ستدخلنا متاهة اكبر، لكن محدودية هذه الطريقة هو صعوبة الفصل بين المحاضر والشكايات بناء على موضوعها فاغلب المحاضر والشكايات تضم في غالب الاحيان جميع انواع الجرائم وبالتالي الحل الذي اقترحه هو خلق شعب متخصصة بناء على تقطيع ترابي لدائرة نفوذ المحكمة تكون كل شعبة مختصة في المحاضر المتعلقة بدائرة ترابية معينة وتقوم بجميع الاجراءات المتعلقة بها من التسجيل الى تنفيذ العقوبة والاكراه البدني،فعوض ان يكون موظف واحد يقوم بتدبير اجراءات جزئية تتعلق ب 4000 محضر يصبح فقط مكلفا ب 1000 محضر ، وللبرهنة على هذه الامكانية فلننطلق من المهام التي يقوم بها موظف في يوم الديمومة حيث يقوم بجميع المهام المتعلقة بالمحضر باستثناء فترة المحاكمة ويقدر متوسط عدد المحاضر المحالة في ايام الديمومة على هذه النيابة العامة ب 10 محاضر يوميا واذا علمنا بان الموظف يعمل في كل سنة 200 يوميا بعملية حسابية بسيطة فباستطاعته ان ينجز 2000 محضر سنويا،
وخلاصة القول في هذا النقطة بالذات فتفعيل هذا المقترح يتطلب موظف متعدد التخصصات على عكس ما هو معمول به حاليا كما ان المقترح ينسجم مع برنامج S@J بعد التخلص من السجلات الورقية.

خلاصة لتجميع التوصيات:

+ تحديد اجال لاحالة المحاضر من طرف الضابطة القضائية على النيابة العامة تحت طائلة البطلان.
+ توجيه الابحاث الى الضابطة التي يتواجد فيها مقر اقامة المشتكى به مند البداية
+ امكانية احالة الابحاث من ضابطة الى ضابطة دون ارجاع المحضر الى النيابة العامة.
+ توجيه الابحاث في نفس الوقت الى اكثر من ضابطة قضائية في حالة تعدد مقرات اقامة المشتكى بهم .
+ اعتماد نموذج موحد للشكايات يعوض محضر الاستماع الى المشتكي مادامت الشكاية تؤكد شفهيا امام السيد السيد وكيل الملك (ضابط سامي للشرطة القضائية).
+ التنصيص على اختصاص محكمة تواجد العقار في جنح الترامي على ملك الغبر وانتزاع حيازة عقار.
+ تفعيل الاحالة الفورية في حالة سراح والتقيد بمقتضياتها القانونية.
+ التنصيص على حفظ اصول المحاضر والوثائق والتخلص من النظيرين.
+ اختصار الاشعار بالحفظ.
+ جعل رقم الهاتف والبريد الالكتروني من عناصر هوية الاطراف المستمع اليهم والتدخل التشريعي للتنصيص على امكانية الاشعار بهاتين الوسيلتين.
+ اعادة هيكلة كتابة النيابة العامة للتخلص من تعدد الاحالات،الارقام الموافقة،السجلات،واقترح خلق شعب تختص بجميع الاجرءات المتعلقة بمحاضر جماعة ترابية من التسجيل الى تنفيذ العقوبة والاكراه البدني.