التعاقد عبر شبكة الانترنت.

مـقـدمــه:-

تعد شبكة الانترنت وعصر المعلومات وثورة الاتصالات شبيهه بالثوره الصناعيه الكبري حيث اصبحت الشبكه سبيلا مهما لنقل

وتبادل المعلومات وكذلك يسرت تنظيم المعاملات والعقود علي اختلاف انواعها. وفرضت نفسها علي العالم كله فأصبحت البديل عن التعاقد بالوسائل المختلفه الاخري فبإمكان اي شخص ان يتعاقد عبرها او يقوم بسداد او سحب مبالغ نقديه او يطلب سلع اوخدمات وهو في مكانه فيصل الي مايرغب اليه من خلال الضغط علي لوحة المفاتيح الموجوده في الكمبيوتر دون ان يبذل جهد الانتقال الي المكان الذي توجد فيه السلعه او الخدمه .

الإنترنت فى حياتنا المعاصرة أصبح واقعاً لا يمكن إنكاره، من خلاله أصبح العالم كله من شرقه وغربه وشماله وجنوبه كحجرة صغيرة يستطيع أى فرد فيها بعد إصداره تعليمات معينة لجهاز الحاسب أن يلتقى الآخر مباشرة دون حاجز من زمان أو مكان.

وقد فرض هذا الواقع نفسه تلقائياً على التعامل بين الأفراد، كأداة من خلالها يستطيع من يريد التعاقد وهو جالس فى مكانه أن يحصل على مبتغاه، دون كلفة سوى الضغط على أزرار توصله بالطرف الآخر فى نفس الوقت واللحظة مهما بَعُد المكان بينهما.

نشأة التعاقد عبر الانترنت.

الانترنت اسم لنظام منتشر في جميع أنحاء العالم يتألف من أفراد و معلومات و حواسيب و بروتوكولات لتنظيم الاتصال عبر الشبكة و حتى نقترب رويدا رويدا من مفهوم شبكة الانترنت يتبادر إلى أذهاننا شبكة الاتصال العادية عبر الهاتف إلا أن الانترنت تتميز عنها بالسرعة و المرونة و الاتساع، و بالأحرى فإنها تلك الغابة الكثيفة من مراكز تبادل المعلومات التي تخزن و تستقبل و تبث جميع أنواع المعلومات في شتى فروع المعرفة و في كافة جوانب الحياة من قضايا متنوعه و من البريد الالكتروني إلى البث الإعلامي، و مع مرور الوقت ستجد الآلات مكانا لها في حياتنا لا لأنها تقدم وسيلة مريحة و مفيدة و موفرة للجهد فحسب بل لأنها تدفعنا إلى آفاق إبداعية جديدة ستترك أثرا كبيرا في جميع مناحي الحياة.

مشروعية التعاقد بالانترنت.

بما أن التعاقد عبر شبكة الانترنت ما زال في بدايته و خاصة في وطننا العربي فإن التشريعات القانونية العربية لم تدخل في نصوصها و تشريعاتها النصوص المتعلقة بهذا النوع من التعاقد، و في ظل هذا الغياب فإن النظرية العامة للعقد قد يمكنها أن تسد هذا الفرع و ذلك لحين صدور تشريعات خاصة بالانترنت.

مدى مشروعية التعاقد بالانترنت.

أولا:- إن مفهوم الاتصال عبر الشبكة يقترب جدا من مفهوم الهاتف التقليدي بل و يمكن أن تتحول الشبكة إلى هاتف عادي عبر المحادثة الشفهية، و هذه الشبكة تعتمد على وجود جهاز و مرسل و مرسل إليه فهي لا تعدو أن تكون أكثر من وسيلة اتصال حديثة و يمكن التأكيد على هذا بما ذكره الدكتور أنور سلطان بقوله:”إن التعاقد بالتلفون أو أية وسيلة مماثلة لا يثير صعوبة إلا فيما يتعلق بتعيين مكان انعقاد العقد و هو يأخذ من هذه الناحية حكم التعاقد بين الغائبين الذين تفرقهم شقة المكان أما فيما يتعلق بزمان انعقاد العقد فالتعاقد بالتلفون أو بأي وسيلة مماثلة لا يفترق عن التعاقد بين الحاضرين فيعتبر التعاقد بالتلفون تم في الوقت الذي يعلن فيه من وجه إليه الإيجاب قبوله”.

بالإضافة إلى أن التعاقد كما يتم بين حاضرين يجمعهما مجلس عقد واحد كذلك من الممكن أن يتم بين غائبين لا يجمعهما مجلس عقد واحد فيتم العقد في هذه الحالة بين شخصين عن طريق رسول يبلغ تعبير كل منهما إلى الآخر أو بالمكاتبة بالبريد أو البرق أو الفاكس أو غيرها من وسائل الاتصال حيث تمر فترة زمنية بين صدور كل من التعبير وبين وصوله للطرف الآخر، فبعد المسافة بين المتعاقدين لا يمنع انعقاد العقد فالقانون لا يشترط الوجودالثنائي الفعلي في مكان واحد لأطراف العقد لحظة تبادل الإيجاب و القبول حيث يمكن أن يتم تبادلهما عن طريق وسائل الاتصال المختلفة كالرسائل و الوسائل الحديثة من تلكس، تلغرام، انترنت.

ثانيا:- قد نص القانون المدني الجزائري على أن:”التعبير عن الإرادة يكون باللفظ و بالكتابة أو بالإشارة المتداولة عرفا كما يكون باتخاذ موقف لا يدع أي شك في دلالته على مقصود صاحبه”.

فالعبارة الأخيرة من نص المادة تتيح المجال قانونيا لأسلوب التعاقد عبر الانترنت حيث أن قيام أي فرد بعرض موقع ثابت و دائم له على شبكة الانترنت يعني أن يقصد اتخاذ مسلك و طريق يشير و يعلن فيه للناس نيته في التعاقد عبر موقعه و يؤكد هذا التوجه الدكتور توفيق فرج بقوله أن:” التعبير عن الإرادة يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على حقيقة مقصوده”، فوقوف سيارات الأجرة ذات الأسعار المحددة في الأماكن المعدة لها يعد عرضا صريحا للجمهور و كذلك الشأن لوضع آلات ميكانيكية لبيع الحلوى و زجاجات المشروبات أو وضع جهاز تلفون آلي.

وشبكة الانترنت تعرض على مدار الساعة الإعلانات ووسائل البيع و الشراء و المزادات العلنية و التقديم للوظائف و الخدمات و ذلك في إشارة صريحة باتخاذ مسلك مباشر لا لبس فيه على التراضي.

ثالثا:- الأصل في التعاقد حرية التراضي التي تقضي تيسير المعاملات و العقود و رفع الحرج و عدم التعقيد إلا استثناءا، و حرية التراضي أصبح مبدأ راسخا في الفقه القانوني بعد أن مر بتطورات تاريخية طويلة و يرتبط ارتباطا قويا مع مبدأ سلطان الإرادة حيث أن إرادة المتعاقدين قادرة على إنشاء العقود و كافية لتحديد آثارها و أساس هذا المبدأ أن الأفراد أحرار بحسب حالاتهم الطبيعية فالحرية هي الأصل، حتى صار هذا المبدأ دعامة تبنى عليه النظريات القانونية و هوبعد أن تمشي فيه المنطق أصبح يشتمل على أصلين هما الالتزامات و آثارها فالإرادة الحرة هي التي تهيمن على جميع مصادر الالتزام، و بما أن هذا المبدأ أصبح راسخا قانونيا فلا مانع من امتداده ليشمل التعاقد بالانترنت فنص القانون المدني الجزائري على أنه:”يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتهما المتطابقتين دون الإخلال بالنصوص القانونية”.

إذن من كل ما سبق تتحدد لنا مشروعية التعاقد عبر الانترنت، فالأصل أن العقود الإلكترونية مشروعة، لكن قد تطرأ على هذا العقد الإلكتروني أمور تجعل منه عقدا غير مشروع كأن يكون موضوعه سلعة غير مشروعة.

و العقود الإلكترونية التي يكون موضوعها سلعة غير مشروعة تتمثل في عمليات بيع المخدرات و تأجير العاهرات و بيع الأفلام الإباحية و بيع الأسلحة و ما إلى ذلك من عمليات البيع التي يكون المبيع فيها سلعة غير قانونية.

و تعد تجارة المخدرات هي أهم و أخطر أنواع التجارة المحرمة على مستوى العالم و يأتي بعدها تجارة الرقيق الابيض ثم تجارة السلاح، و لم تفلح كافة الجهود المبذولة على مستوى العالم للقضاء على تجارة المخدرات إلا في محاولة الحد منها قليلا دون منعها نهائيا.

و قد كان تجار المخدرات على المستوى العالمي يلاقون صعوبات شديدة في الاتفاق على عمليات بيعها و تهريبها إلا أنه و بعد التطور التكنولوجي الكبير الذي نعيشه حاليا فقد استغل صانعوا و مهربوا المخدرات شبكة الانترنت في الاتفاق على تهريب منتجاتهم المحرمة دوليا.

و في تقرير نشرته شبكة CNN الإخبارية ذكرت فيه قيام السلطات الفيدرالية و المحلية في بعض الولايات بحملة واسعة و ألقت القبض على العشرات من مروجي المخدرات, و من الناحية القانونية و لما كانت القاعدة العامة هي عدم جواز الاتفاق على ما يخالف القانون فإن العقد الإلكتروني متى كان موضوعه بيع سلعة أو تقديم خدمة مخالفة للقانون و معاقب عليها.
فإن هذا العقد يعتبر معدوما و ليس له أثار قانونية و يعد كأن لم يكن.

مبررات مشروعية التعاقد بالانترنت.

نحاول في هذا الجانب التأكيد على المبررات التي تدعم ما ذكرناه بالنسبة لمشروعية التعاقد بالانترنت فيما يلي:

أولا:- إن الفقه القانوني العربي قبل عشرات السنين أشار بشكل واسع إلى التعاقد عن طريق الهاتف و هو أسلوب يقترب كثيرا من الاتصال عبر الانترنت، و القياس مشروع أصلا فقد أكد الدكتور توفيق فرج بأن التعاقد الذي يتم عن طريق المخاطبة التلفونية أو بأي طريق مشابه بمثابة التعاقد الذي تم بين حاضرين من حيث الزمان و بين غائبين من حيث المكان و قد أشار إلى التعاقد بالتلفون أو بأي طريق مماثل،كما راى الدكتور انور سلطان ان مجلس العقد هو الاجتماع الواقع فيه العقد سواء طال او قصر ومجلس العقديكون حقيقيا او حكميا كما في التعاقد في التليفون او باي طريق مماثل, و الأصل أن جميع العقود يمكن إبرامها بين غائبين إذا فصلت فترة من الزمن بين صدور القبول و علم الموجب به.
و قد تجاوزت الدراسات القانونية الحديثة ما درج عليه الفقه حيث أصبح يشير و بصراحة تامة إلى التعاقد بالانترنت حيث أن الكمبيوتر قد دخل حيز التنفيذ في إبرام العقود لا سيما في مجال التعاقد مع البنوك و الخطوط الجوية، و أحكام التعاقد بالكمبيوتر لا يتم إلا إذا كان هناك وسيلة اتصال بين هذه الأجهزة الإلكترونية أي وجود شبكة كمبيوتر يستطيع المشترك في تلك الشبكة الاتصال مباشرة مع أي مشترك آخر يمتلك نفس الجهاز وفقا لرقم أو إشارة أوكلمه معينه.

ثانيا:- أصبحت منتجات الكمبيوتر من أوراق كتابية و تواقيع رقمية تجد لها مكانا و حجة في الإثبات حتى أن المادة 14/3 من اتفاقية هامبورج لسنة 1978 اعتبرت أن التوقيع المقبول قانونا هو التوقيع بخط اليد أو بالصورة المطبوعة أو المطابقة للتوقيع الأصلي أو بالتثقيب أو بالختم أو بالرموز أو بأي طريقة ميكانيكية أو إلكترونية، و كذلك أوضحت ذات المادة إجازتها للبيانات الصادرة عن الحاسب الآلي باعتباره حجة للإثبات مثله مثل سند الشحن التقليدي، و بما أن منتجات الكمبيوتر قد أخذت لها مكانا في الإثبات فالأولى أن تجد لها موقعا في انعقاد العقد.

ثالثا:- لا يوجد مانع من الحذو (حذو الدول المتقدمة) في هذا المجال حيث صدر قانون النقل المصرفي بالطرق الإلكترونية الأمريكي سنة 1978، و في فرنسا صدر القانون المتعلق بالتصرفات القانونية التي تتم عن طريق وسائل الاتصال الفوري ذات المعالجة الآلية سنة 1980، و قانون حماية المعلومات الأمريكي سنة 1984، و في الأعوام السابقة توالى صدورقوانين التجارة الإلكترونية في العديد من دول العالم كما أقرت الأمم المتحدة بشأن عقد البيع الدولي للبضائع اتفاقية فينا في 11/04/1980 فأجازت أن يقع الإيجاب و القبول بالهاتف أو التلكس أو غير ذلك من وسائل الاتصال الفوري، بالإضافة للقانون النموذجي المصحوب بدليل للتشريع و المعد من قبل لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الاونسترال في جويلية 1996 و تم الإقرار فيه بإنشاء العقود و صحتها و وقت و مكان إرسال و استلام رسائل البيانات، و فضلا عن ذلك فإن لجنة الاتحاد الأوروبي قد أعدت عام 1994 الاتفاق النموذجي الأوروبي المتعلق بالتبادل الإلكتروني.

رابعا:- إن التعاقد عبر الانترنت لن ينشىء عقودا جديدة أو يستحدث نظريات جديدة بل هو وسيلة تكنولوجية حديثة لإنشاء العقود، فالنظرية العامة للعقود هي التي ستغطي هذا النوع من العقود مع بعض الخصوصية لهذا النوع من التعاقد.

تعريف وخصائص ومزايا التعاقد عبر الانترنت.

اولا:-تعريف التعاقد عبر الانترنت.

-هــــو اتفاق يتلاقى فيه الإيجاب والقبول عبر شبكة دولية مفتوحة للاتصال عن بعد وذلك بوسيلة مسموعة ومرئية ، بفضل التفاعل بين الموجب والقابل .

– هـــو التفاوض الذي انتهى بالاتفاق التام بين إرادتين صحيحتين باستخدام وسيلة الاتصال الحديثة ( الانترنت ) .

-عرفه بعض الفقهاء بــ أنه : هـــو عقد يلتزم فيه البائع أن ينقل للمشتري عن بعد ملكية شيء أو حقا ماليا آخر مقابل ثمن نقدي عن طريق الانترنت .

-وهـــو قد يكون بيعا أو مقاولة أو إيجار أو غيره من العقود الممكن تصورها

بتلاقي إرادتين حرتين وهذه العقود منها ما يبرم داخل الانترنت وينفذ داخلها ومنها ما يبرم خارجها ،ويشمل كافة العقود المتصورة من عقود الدخول للشبكة وعقود تقديم الخدمات أو عقود البرامج وانتهاء إلى عقود البيع سواء للسلع أو الخدمات طالما أنها ليست خارجة عن التعامل .

– هــــوالتوافق التام بين إرادتين صحيحتين بارتباط إيجاب بقبول على تمليك شيء أو حق مقابل ثمن ، يلتزم به البائع بتسليم الشيء المبيع أو تمكين المشتري من حيازته داخل الشبكة أو خارجها ويلتزم به المشتري بدفع الثمن المتفق عليه من خلال وسيلة الاتصال المسموعة والمرئية ( الانترنت).

ثانيا:-خصائص التعاقد عبر الانترنت.

1-التعاقد عبر الانترنت عقد الكتروني.
2-التعاقد عبر الانترنت من العقود المبرمه عن بعد.
3-العقد المبرم عبر الانترنت ليس من العقود الدوليه دائما.
4- بنود العقد تكون محررة في محرر الكتروني .
5- يتم إبرام العقد الإلكتروني بدون التواجد المادي لأطرافه .
6-تعاقد يعتمد علي الدعامات اللاورقيه في الاثبات.

*هذه هي خصائص التعاقد عبر الانترنت وبعد ان ذكرتها مجملة في عناصر يتوجب علي ان اوضح كل عنصر منهم كعنصر مستقل بشئ من التفصيل البسيط.

( أ ) – التعاقد عبر الانترنت عقد إلكتروني:
لكونه يتم بواسطة اجهزه وبرامج الكترونيه تنقل ارادة المتعاقدين بعضهم الي بعض دون حضور مادي معاصر لهم .
والعقد الإليكتروني يتم باستخدام وسائل اليكترونية وغالباً مايتم بين متعاقدين كل منهم في بلد مختلف.

فلا خلاف في أن التعاقد عبر الانترنت هو من قبيل المعاملات الالكترونية ، وذلك بالنظر إلى الوسيلة والبيئة التي يتم عبرها .
فكل ما يدور عبر شبكة الانترنت وما نراه من كلمات وصور وما نسمعه من أصوات هي بيانات تحتاج إلى دعم هندسي وفني لتحليلها وإظهارها على شاشات الأجهزة بالشكل الذي نتعامل معه ، ومن هنا فإن التعاقد الذي يبرم عبر شبكة الانترنت هو عقد إلكتروني بالمعنى الفني والقانوني .

يتم استخدام الوسائط الإلكترونية في إبرام التعاقد ، ويعد ذلك من أهم مظاهر الخصوصية في العقد الإلكتروني ، بل إنها أساس هذا العقد حيث يتم إبرامه عبر شبكة اتصالات إلكترونية ، فالعقد الإلكتروني لا يختلف من حيث الموضوع أو الأطراف عن سائر العقود التقليدية ولكنه يختلف فقط من حيث طريقة إبرامه وكونه يتم باستخدام وسائط إلكترونية وتلك الوسائط هي التي دفعت إلى اختفاء الكتابة التقليدية التي تقوم على الدعائم الورقية لتحل محلها الكتابة الإلكترونية التي تقوم على دعائم إلكترونية.

( ب ) – التعاقد عبر الانترنت من العقود المبرمة عن بعد:

المقصود بالتعاقد عن بعد بــأنه” أي عقد متعلق بالسلع والخدمات يتم بين مورد ومستهلك من خلال الإطار التنظيمي الخاص بالبيع عن بعد أو تقديم الخدمات التي ينظمها المورد ، والذي يتم باستخدام واحدة أو أكثر من وسائل الاتصال الإلكترونية حتى إتمام التعاقد ” .

ففي حين يتسم العقد الالكتروني ببعد الطرفين المتعاقدين وانفصالهما عن بعضهما البعض ، فإن التعاقد عبر الانترنت هو من قبيل التعامل بين غائبين ، إذ بفعل هذه الشبكة الموصولة بملقمات منتشرة حول العالم وبفضل سهولة ويسر الدخول إليها فإنه يتصور أن تجمع بين بعيدين يمكن أن يكون أحدهما في نقطة جغرافية على الكرة الأرضية والأخر في نقطة جغرافية أخرى يحتاج الوصول إليها ساعات أو أيام .

ولهذا فقد عرف التعاقد عن بعد بأنه ” عقد يتعلق بتقديم منتج أو خدمة ينعقد بمبادرة من المورد ، دون حضور مادي متعاصر للمورد والمستهلك وباستخدام تقنية للاتصال عن بعد من أجل نقل عرض المورد أمر الشراء من المستهلك ” ، أو بأنه ” كل تقنية تسمح للمستهلك ( خارج نطاق الأماكن المعتادة لتلقي الزبائن) أن يوصي على بضاعة أو أن يطلب تحقيق خدمة ” .

( ج )– العقد المبرم عبر الانترنت ليس من العقود الدولية دائما:

العقد الإلكتروني يتسم غالباً بالطابع دولي ، ذلك لأن الطابع العالمي لشبكة الإنترنت وما يرتبه من جعل معظم دول العالم في حالة اتصال دائم على الخط On line ، يُسهل العقد بين طرف في دولة والطرف الآخر في دولة أخرى .
ويتميز العقد المبرم عبر الانترنت بصفة العالميه لانها تغطي كل دول العالم ولكونه يتم في معظم الاحيان عن طريق شبكة المعلومات(الانترنت ).

بالنظر إلى عالمية الشبكة واختراقها لحدود المكان الجغرافية ، يثور التساؤل حول

مدى اعتبار التعامل عبرها من قبيل التعاقد الدولي وهل فيما إذا كان يصدق على العقود المبرمة عبرها وصف العقود الدولية أم هل تبقى عقودا وطنية ؟

لا شك إن فكرة العقد الدولي الذي تناولته الاتفاقيات الدولية ، تقوم على مبدأ تخطي الحدود الجغرافية للدول وحكم العلاقات التي تنشأ في إقليم أكثر من دولة ، غير أن تحديد مدى خضوع العقد عبر الانترنت لمبادئ دولية العقود ، وبالتالي احتكامها لقواعد العقود الدولية المقررة بموجب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية تحتاج إلى إمعان النظر في مسألتين ؛ الأولى حول مدى استجابة العقد المبرم عبر الانترنت لمعايير دولية العقود ، والثانية حول مدى إمكانية تطبيق قواعد الاتفاقيات الدولية للعقد الدولي عليها .

أما بالنسبة للمسألة الأولى :- فنلاحظ أن تحديد دولية العقد تستند إلى أحد معيارين ، المعيار الشخصي والمعيار الموضوعي ، ولإعمال المعيار الشخصي ينظر إلى شخصية أي من المتعاقدين إما باختلاف جنسيتهم أو باختلاف مركز أعمال أي منهم .

وبالتطبيق على حالة التعاقد عبر الانترنت نجد ما يلي :

1- بالنسبة للمعيار الشخصي ، ومع التسليم بعالمية شبكة الانترنت واختراقها لحدود الجغرافيا ، إلا إنه لا يتصور دائما أن يقع العقد بين طرفين مختلفين بالجنسية أو مختلفين بمراكز أعمالهم ، فقد يتعاقد طرفان عبر الانترنت على شراء أي من السلع المعروضة عبر الشاشة من ذات الدولة التي يحملون جنسيتها ، كما يتصور أن تكون مراكز أعمالهم في ذات البلد أيضا .

وعليه فليس مطلقا ولا دائما من هذه الناحية أن التعاقد عبر الانترنت يمكن وصفه بالعقد الدولي .

2- بالنسبة للمعيار الموضوعي ، فليس دائما يمكن تصور اختلاف أماكن صدور الإيجاب والقبول ، وليس دائما تكون السلع بحاجة إلى النقل عبر الحدود ، كما ليس مطلقا أن التسليم قد يكون في الدولة غير التي صدر فيها الإيجاب والقبول ، وعليه أيضا فلا يمكن استنادا لهذا المعيار اعتبار التعاقد عبر الانترنت عقدا دوليا دائما .

وبالنسبة للمسألة الثانية :-وحول مدى إمكانية تطبيق قواعد الاتفاقيات الدولية للعقد الدولي على التعاقد عبر الانترنت ، فمن ناحية أولى وبالرجوع إلى فكرة العقد الدولي ، وهذا العقد الذي ولد من رحم رحم الاتفاقيات الدولية ، كاتفاقيات ( روما ، بروكسل ، فيينا ، لاهاي )، لا نجد ينسجم مع فكرة العقد المبرم عبر الانترنت الذي جاء نتيجة تزاوج المعلوماتية مع الاتصالات .

كما لا يمكن التسليم بالقول أن قيام لجنة ( اليونسترال ) التابعة للأمم المتحدة ، بتنظيم أحكام المعاملات الالكترونية يعني وضع هذا النوع من العقود – المبرمة عبر الانترنت – في مصاف العقود الدولية ، فهي لا تعدو أن تكون قواعد إرشادية نموذجية على خلاف قواعد الاتفاقيات الدولية التي تصبح بعد التصديق عليها قوانين وطنية يجب الانسجام معها والاحتكام بها .

ومن ناحية أخرى فأن هذه الاتفاقيات الدولية قد استبعدت صراحة تطبيق أحكامها على أنواع عدة من البيوع ، كالسلع التي يتم شراؤها للاستعمال الشخصي والعائلي أو المنزلي ، وبيوع القيم المنقولة والأوراق التجارية والنقود ، كما استبعدت تطبيق أحكامها في الدول التي لم تصادق عليها ، وهو ما لا نراه يتماشى مع عقد البيع عبر الانترنت ، والذي لا يتطلب إلى أي من الدول الدخول في اتفاقيات دولية بشأنه .

( د )- بنود العقد تكون محررة في محرر الكتروني:

بنود العقد تكون محرره في محرر الكتروني وليس في محرر ورقي كما هو مألوف في العقود الأخرى.
وتتم عملية التعاقد عبر الانترنت دون الحاجه الي الدعائم الورقيه التي تستخدم في التعاقد عبر الوسائل التقليديه والتي تتجسد بالوجود المادي للعقد .فإن شبكة الانترنت قلبت هذه المفاهيم التقليديه للوثيقه المكتوبه رأسا علي عقب إذ حولتها من وثيقه يدويه الي وثيقه الكترونيه .

(هـ)- يتم إبرام العقد الإلكتروني بدون التواجد المادي لأطرافه:

فالسمة الأساسية للتعاقد الإلكتروني أنه يتم بين عاقدين لا يجمعهما مجلس عقد حقيقي حيث يتم التعاقد عن بعد بوسائل اتصال تكنولوجية ، ولذلك فهو ينتمي إلى طائفة العقود عن بعد ، حيث يتم تبادل الإيجاب والقبول الإلكتروني عبر الإنترنت فيجمعهم بذلك مجلس عقد حكمي افتراضي ، ولذلك فهو عقد فوري متعاصر ، وقد يكون العقد الإلكتروني غير متعاصر أي أن الإيجاب غير معاصر للقبول ، وهذا التعاصر هو نتيجة صفة التفاعلية فيما بين أطراف العقد .

التعاقد بطريق الإنترنت يعد -من حيث الأصل- تعاقداً بين حاضرين من حيث الزمان وغائبين من حيث المكان، إلا إذا وجدت فترة زمنية طويلة نسبياً تفصل بين الإيجاب والقبول فإن التعاقد يكون بين غائبين زماناً ومكاناً.

(و)-تعاقد يعتمد علي الدعامات اللاورقيه في الاثبات:

اذا كان التعاقد في الاصل ومنذ القدم يعتمد في كتابة العقود واثباتها علي الدعامات الماديه الورقيه كوسيله لحفظ المعلومات والبيانات العقديه بين العاقدين إلا ان للدعامات الورقيه للعقود رغم رخص ثمنها وسهولة استخدامها مع ذلك كشف الواقع العلمي بعض مساؤها وهي أن :-

-الاوراق تحتاج لحيز مكاني واسع لتخزينها.

-عدم سهولة الوصول الي المعلومات الورقيه مع تكثرها وتكدسها وفقدها احيانا او تأكلها .

-زيادة تكاليف نفل الاوراق المثبته للتصرفات القانونيه ويترتب تأخر وبطئ في الحصول علي المستند العقدي الورقي او تداوله.

فظهر التعاقد الاليكتروني الذي لايعتد علي العكس إلا علي الدعامة الاليكترونيه عبر خطوط الانترنت كدعامة غير ورقيه.

والانترنت هو شبكه متشبعه من الخطوط التي تربط بين عدد ضخم جدا من الشبكات في العالم وتتيح الاتصال بن الحاسوب وهذه الشبكات العالميه علي وجه تمكن من تبادل المعلومات بين هذه الاحهزه وتلك الخطوط العنكبوتيه وعلي وجه السرعه مهما تباعدت المسافات والاماكن .

والحاسوب هو جهاز له القدره علي استقبال عدد هائل وضخم من البيانات وتخزينها واسترجاعها عند طلبها وعل وجه السرعه الفائقه وبدقه متناهيه.