الإختصاصات القضائية لمجلس شورى الدولة

يمارس مجلس شورى الدولة اختصاصاته القضائية باعتباره قضاء اداريًا من خلال هيئتين قضائيتين هما مجلس الانضباط العام و محكمة القضاء الاداري.

المطلب الاول: الاختصاصات القضائية لمجلس الانضباط العام

كان مجلس الانضباط العام يمارس اختصاصاته القضائية قبل صدور قانون مجلس شورى الدولة و قانون تعديله الثاني ،فقد كان يمارس اختصاصاته بموجب قوانين سابقة هي قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 و قانون انضباط موظفي الدولة رقم (69) لسنة 1936 الذي حل محله قانون انضبلط موظفي الدولة و القطاع الاشتراكي رقم (14) لسنة 1991

غير أن نص المادة السابعة من قانون مجلس شورى الدولة المعدل بقانون التعديل الثاني قد نصت على ان مجلس شورى الدولة يمارس في مجال القضاء الاداري الاختصاصات التالي ذكرها ..((اولا :وظائف مجلس الانضباط العام ..)) و من ثم اصبح المجلس في ضمن تشكيلات مجلس شورى الدولة .

ويمارس المجلس و ظيفته القضائية في مجالين رئيسيين:

  • اختصاصاته في مجال انضباط موظفي الدولة.
  • باختصاصاته في مجال النظر في دعاوى الخدمة المدنية .

أولا: اختصاصاته في مجال انضباط موظفي الدولة

يختص مجلس الانضباط العام بنظر الطعون المقدمة ضد العقوبات التأديبية الصادرة وفقا لقانون انضباط موظفي الدولة و القطاع العام المعدل رقم (14) لسنة 1991 الاختصاصات القضائية لمجلس الانضباط العام .

وفي سبيل بيان اختصاص مجلس الانضباط العام  في مجال انضباط موظفي الدولة نجد أنه من المناسب أن نبين مفهوم الموظف العام ابتداءً والعقوبات التي يمكن ايقاعها على الموظف وولاية مجلس الانضباط العام في كل ذلك.

تعريف الموظف العام

لم يرد في معظم التشريعات تعريف منظم يحدد المقصود بالموظف العام .([1]) ويرجع ذلك إلى اختلاف الوضع القانوني للموظف العام بين دولة وأخرى وإلى صفة التجدد المضطرد  للقانون الإداري، واكتفت أغلب التشريعات الصادرة في ميدان الوظيفة العامة بتحديد معني الموظف العام في مجال تطبيقها.([2])

غير أنه وعلى عكس أغلب التشريعات نجد أن المشرع العراقي قد درج على تعريف الموظف العام في صلب قوانين الخدمة المدنية وقوانين انضباط موظفي الدولة ، فقد عرفه في المادة الأولى من قانون انضباط موظفي الدولة رقم 14 لسنة  1991 المعدل “كل شخص عهدت إليه وظيفة داخل ملاك الوزارة أو الجهة غير المرتبطة بوزارة”.

  • وعلى ذلك نرى انه يلزم للتمتع بصفة الموظف العام ما يلي:

1- أن يعهد إليه بعمل دائم : يشترط لإضفاء صفة الموظف العام أن يشغل العامل وظيفة دائمة داخلة في نظام المرفق العام , وبذلك لا يعد العاملون بصورة مؤقتة أو موسمية كالخبراء والمشاورين القانونيون موظفين .

ومن متمّمات العمل الدائم أن تكون الوظيفة داخله ضمن الملاك الدائم في الوحدة  الإدارية، ومن الواجب عدم الخلط بين الموظف الذي يعمل بعقد مؤقت في وظيفة دائمة والوظيفة المؤقتة أو الموسمية لأن شاغل الوظيفة الأولى يعد موظفاً عاماً ولو أمكن فصله بانتهاء مدة العقد.

أما الثانية فلا يعد شاغلها موظفاً عاماً تغليباً للطبيعة اللائحية لعلاقة شاغل الوظيفة الدائمة بالإدارة على العلاقة التعاقدية .

2- أن يعمل الموظف في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام : لا يكفى لاعتبار الشخص موظفاً عاماً أن يعمل في وظيفة دائمة إنما يلزم أن يكون عمله هذا في خدمة مرفق عام Le Service Public  وللمرفق العام معنيان : المعنى العضوي ويفيد المنظمة التي تعمل على أداء الخدمات وإشباع الحاجات العامة، ويتعلق هذا التعريف بالإدارة أو الجهاز الإداري

أما المعنى الآخر فهو المعنى الموضوعي ويتمثل بالنشاط الصادر عن الإدارة بهدف إشباع حاجات عامة والذي يخضع لتنظيم وإشراف ورقابة الدولة. ([3])   وقد كان المعنى العضوي المعنى الشائع في القضائين الفرنسي والمصري ثم جمعا بين المعنيين بتطور أحكامهما ومن ثم استقرا على المعنى الموضوعي. ويشترط لاكتساب صفة الموظف العام أن تدير الدولة أو أحد أشخاص القانون العام هذا المرفق إدارة مباشرة . وبذلك لا يعد الموظفون في المرافق التي تدار بطريقة الالتزام موظفين عموميين . وكذلك العاملون في الشركات والمنشآت التي لا تتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة ولو تم إنشائها بقصد إشباع حاجات عامة .

3- أن تكون تولية الوظيفة العامة بواسطة السلطة المختصة :الشرط الأخير اللازم لاكتساب صفة الموظف العام هو أن يتم تعيينه بقرار من السلطة صاحبة الاختصاص بالتعيين .

فلا يعد موظفاً عاماً من يستولي على الوظيفة دون قرار بالتعيين كالموظف  الفعلي .كما أن مجرد تسليم العمل أو تقاضي المرتب لا يكفي لاعتبار المرشح معيناً في الوظيفة إذا لم يصدر قرار التعيين بإدارة القانونية ممن يملك التعيين. ([4])

واجبات الموظف العام

يجب أن يؤدي الموظف العام  مهام معينة ضماناً لحسن سير الوظيفة العامة، وقد تعرض المشرع لواجبات الموظفين. ولابد من الإشارة إلى أن هذه الواجبات ليست محددة على سبيل الحصر، وإنما هي واجبات عامة ناتجة عن طبيعة الوظيفة العامة  اذا ما خالفها فانه يعرض نفسه للمسائله والتاديب، وقد نص المشرع على الأساسية منها في المادة الثالثه من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام المعدل ومن اهمها :

1- أداء العمل

2- طاعة الرؤساء

3- احترام القوانين واللوائح

4- عدم إفشاء أسرار الوظيفة.

5- المحافظة على شرف وكرامة الوظيفة

6- عدم جواز الجمع بين الوظيفة وأي عمل آخر.

تأديب الموظف العام

إذا اخل الموظف العام بواجب من واجبات الوظيفة اعلاه ، لابد أن يعاقب أو يجازى تأديبياً .

في العادة لا يضع المشرع تعريفاً محدداً للجريمة التأديبية ([5]) كما هو الشان في الجريمة الجنائية ويكتفي غالباً بإيراد الوجبات والمحظورات وينص على أن كل موظف يجب أن يلتزم بهذه الواجبات ويمتنع عن كل ما يخل بها.

ولعلَّ خشية المشرّع في إضفاء وصف الجريمة على المخالفات التأديبية يعود إلى التشابه الذي قد يحصل بينها وبين الجريمة في المجال الجنائي:

  • لكن الفقه من جانبه قد سد النقص في هذا المجال فقد عرّف الدكتور مغاورى محمد شاهين الجريمة التأديبية بأنها إخلال بواجب وظيفي أو الخروج على مقتضاها بما ينعكس عليها. ([6])
  • كما عرّفها الاستاذ محمد مختار محمد عثمان بأنها كل فعل أو امتناع عن فعل مخالف لقاعدة قانونية أو لمقتضى الواجب يصدر من العامل اثناء اداء الوظيفة أو خارجها مما ينعكس عليها بغير عذر مقبول. ([7])

ومن الملاحظ أن هذه التعاريف قد جاءت خالية من الاشارة الى دور الارادة بوصفها ركن من اركان الجريمة التأديبية لا يمكن أن تقوم الجريمة بدونه وأن هذا الإتجاه لو أصبح اتجاهاً عاماً فإنه سيؤدى إلى مساواة حسن النية من الموظفين بسيئ النية ولاشك أن ذلك يقود الى التطبيق العشوائى للمساءلة التأديبية مما يترك اثراً سلبياً على العمل فى المرفق.

ويمكننا تعريف الجريمة التأديبية بأنها كل فعل أو امتناع إرادي يصدر عن الموظف من شانة الإخلال بواجب من واجبات الوظيفة التي ينص عليها القانون فهذا التعريف يجمع بين جنباته أركان الجريمة التأديبية كافة من ركن مادي ومعنوي وشرعي وركن الصفة.

العقوبات التأديبية

العقوبات التأديبية او الانضباطية كما اطلق عليها المشرّع العراقي تمثل جزاء الإخلال بالواجبات الوظيفية وهذه العقوبات توقع على مرتكبي الجرائم التأديبية وهى محددة على سبيل الحصر ولا يمكن تزاوجها وإيقاع عقوبة أخرى غيرها. وقد حدد المشرع العراقي في المادة (8) في قانون انضباط موظفي الدوله رقم 14 لسنة 1991 المعدل  العقوبات التي يجوز ان توقع على الموظف العام وهي:

 1- لفت النظر: ويكون باشعار الموظف تحريريا بالمخالفه التي ارتكبها وتوجيهه  تحسين سلوكه الوظيفي ويترتب على هذه العقوبه تاخيرالترفيع او الزياده مدة ثلاثة اشهر .

2-الإنذار: ويكون باشعار الموظف تحريريا بالمخالفه التي ارتكبها وتحذيره من الاخلال بواجبات الوظيفته مستقبلا ويترتب على هذه العقوبه تاخيرالترفيع او الزياده مدة ستة اشهر .

3-قطع الراتب: ويكون بخصم القسط اليومي من راتب الموظف لمدة لاتتجاوز عشرة ايام بامر تحريري تذكر فيه المخالفه التي ارتكبها الموظف واستوجبت فرض العقوبة، ويترتب عليها تاخير الترفيع أو الزياده خمسة اشهر في حالة قطع الراتب لمدة لاتتجاوز خمسة ايام، وشهر واحد عن كل يوم من ايام قطع الراتب في حالة تجاوز مدة العقوبه خمسة ايام.

4- التوبيخ: ويكون باشعار الموظف تحريريا بالمخالفه التي ارتكبها والاسباب التي جعلت سلوكه غير مرض ويطلب اليه وجوب اجتناب المخالفه لتحسين سلوكه الوظيفي ويترتب على هذه العقوبه تاخيرالترفيع او الزياده مدة سنه واحدة

5- انقاص الراتب: ويكون بقطع مبلغ من راتب الموظف بنسبه لاتتجاوز 10%  من راتبه الشهري لمدة لاتقل عن ستة اشهر و لاتزيد على سنتين ويتم ذلك بامرتحريري يشعر الموظف بالفعل الذي ارتكبه ويترتب على هذه العقوبة تاخيرالترفيع او الزياده مدة سنتين .

6- تنزيل الدرجه: ويكون بأمر تحريري يشعر الموظف بالفعل الذي ارتكبه ويترتب على هذه العقوبة:

(أ) بالنسبة للموظف الخاضع لقوانين أو أنظمة أو قواعد أو تعليمات خدمة تاخذ بنظام الدرجات الماليه والترفيع، تنزيل راتب الموظف إلى الحد الأدنى للدرجة التي دون درجته مباشره مع منحه العلاوات التي نالها في الدرجة المنزل منها (بقياس العلاوة المقررة في الدرجة المنزل إليها) ويعاد الراتب الذي كان يتقاضاه قبل تنزيل درجته بعد قضائه ثلاث سنوات من تاريخ فرض العقوبه مع تدوير المدة المقضيه في راتبه الاخير قبل فرض العقوبة.

(ب) بالنسبة للموظف الخاضع لقوانين أو أنظمه أو قواعد أو تعليمات خدمة تاخذ بنظام الزيادة كل سنتين، تخفيض زيادتين من راتب الموظف، ويعاد إلى الراتب الذي كان يتقاضاه قيل تنزيل درجته بعد قضائه ثلاثة سنوات من تاريخ فرض العقوبة مع تدوير المدة المقضية في مرتبه الأخير قبل فرض العقوبة.

(ج) بالنسبة للموظف الخاضع لقوانين أو أنظمه أو قواعد أو تعليمات خدمة تأخذ بنظام الزيادة السنوية، تخفيض ثلاثة زيادات سنوية من راتب الموظف مع تدوير المدة المقضية في راتبه الأخير قبل فرض العقوبة.

7- الفصل: أجاز المشرع في المادة (8) من قانون انضباط موظفي الدوله والقطاع الاشتراكي إيقاع عقوبة الفصل على الموظف العام ويكون بتنحية الموظف عن الوظيفة مدة تحدد بقرار الفصل يتضمن الأسباب التي استوجبت فرض هذه العقوبة عليه على النحو الاتي:

(أ) مدة لاتقل عن سنة ولاتزيد على ثلاث سنوات إذا عُوقب الموظف بإثنين من العقوبات التالية أو بإحداهما لمرّتين وارتكب في المرة الثالثة خلال خمس سنوات من تاريخ فرض العقوبة الأولى فعلًا يستوجب معاقبته بأحدها.

  • التوبيخ
  • انقاص الراتب
  • تنزيل الدرجة

(ب) مدة بقائه في السجن إذا حكم عليه بالحبس أو السجن عن جريمة غير مُخلّة بالشرف وذلك اعتبارًا من تاريخ صدور الحكم عليه، وتعتبر مدة موقوفيته من ضمن مدة الفصل ولاتسترد منه أنصاف الرواتب المصروفه له خلال مدة سحب اليد.

8- العزل: ويكون بتنحية الموظف عن الوظيفة نهائيا ولاتجوز اعادة توظيفه في دوائر الدوله والقطاع الاشتراكي، وذلك بقرار مسبّب من الوزير في إحدى الحالات الآتية:

  • إذا ثبت ارتكابه فعلا خطيرا يجعل بقاءه في خدمة الدوله مضرا بالمصلحة العامة.
  • إذا حكم عليه عن جناية ناشئه عن وظيفته وارتكبها بصفته الرسمية.
  • إذا عوقب بالفصل ثم اعيد توظيفه فارتكب فعلا يستوجب الفصل مرة اخرى .

شرعية العقوبة التأديبية

لا يجوز توقيع أي عقوبة تأديبية لم ينص عليها المشرع، تطبيقاً لمبدأ “شرعية العقوبة” مع ترك الحرية للإدارة في اختيار العقوبة المناسبة للمخالفة التأديبية. وعلى هذا الأساس لا يجوز لسلطة التأديب أن توقع على الموظف عقوبة لم ترد ضمن القائمة المحدودة قانوناً وليس لها إيقاع عقوبة مقنعة من خلال القرار بانتداب الموظف أو نقله ولا تبتغي الإدارة من وراء ذلك إلا معاقبته بغير الطريق التأديبي.

فمن المُقرّر في الفقه والقضاء الإداريين أن القانون التأديبي شأنه شأن القانون الجنائي إنما هو يقوم على مبدأ –لا عقوبة إلا بنص– ولهذا فإنه لا يجوز لأي سبب من الأسباب أن يُعاقب من ثبت ارتكابه لجريمة تأديبية بعقوبة لم ينص عليها القانون.

ويتفرع من مبدأ شرعيّة العقوبة التأديبية أيضًا عدم جواز أن توقّع الإدارة على الموظف أكثر من عقوبة تأديبية على الفعل الواحد.

السلطات التأديبيه الرئاسية

نضم قانون انضباط موظفي سلطة الرؤساء الإداريين في ايقاع العقوبات التأديبية في حالة مخالفة الموظفين لواجباته الوظيفية، ويكون اختصاص هؤلاء الرؤساء كاملاً من حيث توجيه الاتهام وتكييف الخطأ وإصدار العقوبة المناسبة.

وقد حدد المشرّع في المادة (11) من قانون انضباط موظفي الجهات المختصه بفرض العقوبات الانضباطيه أو التاديبيه وفق التفصيل الاتي.

1-الرئاسه ومجلس الوزراء:

نص المشرع في المادة (14) من من قانون انضباط موظفي  الدوله والقطاع العام المعدل على انه: (أولا: لرئيس الجمهورية أو من يخوله فرض أيًا من العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون على الموظفين التابعين له، ثانيا: لرئيس مجلس الوزراء أو الوزير أو رئيس الدائرة الغير مرتبطة بوزارة فرض احدى العقوبات التالية والمشموله باحكام هذا القانون .

  • انقاص الراتب
  • تنزيل الدرجة
  • الفصل
  • العزل.

ثالثا: للموظف بموجب الفقرات (أولا) و(ثانيا) من هذه المادة الطعن في قرار فرض العقوبة وفقًا لأحكام المادة (15) من هذا القانون).

 2-الوزير:

يملك الوزير بالإسناد إلى المادة (12) فرض عقوبة لفت النظر او الانذار او قطع الراتب على الموظف الذي يشغل وظيفة مديرعام فما فوق.اما اذا تبين له ان المدير عام فما فوق قد ارتكب فعلا يستوجب عقوبه اشد فعليه ان يعرض الامر على مجلس الوزراء متضمنا الاقتراح بفرض احدى العقوبات المنصوص عليها في القانون ويكون قرار مجلس الوزراء بهذا الشأن خاضعا للطعن فيه وفقا لاحكام المادة (15) من القانون .

3-رئيس الدائرة أو الموظف المخول له فرض العقوبة:

وله فرض العقوبات التالية على الموظف المخالف لوجبات الوظيفة العامة

  • لفت النظر
  • الإنذار
  • قطع الراتب لمدة لاتتجاوز خمسة ايام
  • التوبيخ

أما إذا أوصت اللجنة التحقيقية بفرض عقوبة أشد فعلى رئيس الدائرة أو الموظف المخوّل إحالتها إلى الوزير لإتخاذ القرار بشأنها.

الاجراءات التأديبية

نصَّ المشرّع العراقي في المادة (10) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام المعدّل على الاجراءات الواجب اتباعها في ايقاع العقوبات الانضباطية على الموظف المخالف. فتطلّبت تشكيل لجنة تحقيقية من رئيس وعضوين من ذوي الخبرة على أن يكون أحدهم حاصلًا على شهادة جامعيّة أوليّة في القانون. تتولّى هذه اللجنة التحقيق تحريريًا مع الموظف. وتوصي إلى السلطة الرئاسية بالعقوبة المقترحة إذا كان فعل الموظف يكون مخالفة لواجبات الموظف أو توصي بغلق التحقيق إذا لم يشكّل فعله أي مُخالفة، أما إذا تبيّن لها أن فعل الموظف يشكّل جريمة نشأت من وظيفته أو ارتكبها بصفته الرسمية فيجب عليها أن توصي بإحالته إلى المحاكم المختصة.

من جانب آخر للوزير ولرئيس الدائرة إسنادًا إلى نص المادة (10 – رابعًا) من القانون فرض أي من عقوبات لفت النظر والإنذار وقطع الراتب مباشرة بعد استجواب الموظف ولا شك أن في ذلك إخلال بالضمانات الواجب توافرها للموظف خاصّةً.

الطعن بقرار فرض العقوبة:

عندما صدر قانون انضباط موظفي الدوله رقم 14 لسنة 1991 نص على الطعن في القرارات الصادرة بايقاع العقوبة الانضباطية في المادة (11) منه، وقد جعل القرارات المتضمنة عقوبة لفت النظر والانذار وقطع الراتب باتة لايجوز الطعن بها امام مجلس الانضباط العام . كما نص على اعتبارجميع العقوبات الصادره من رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء باتة لا جوز الطعن فيها.

إلا أنه وبصدور القانون رقم (5) لسنة 2008  (قانون التعديل الاول لقانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي)  لم تعد هذه العقوبات باتة واصبح من الممكن الطعن فيها جميعًا أمام مجلس الانضباط العام كما تغيّرت تسمية القانون إلى قانون إنضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991، ولاشك أن هذا التوجُّه محمود من المشرّع وفي احترام للضمانات الواجب مراعاتها في النظام التاديبي.

هذا ولمجلس الانضباط العام أن يصدر الاحكام الاتية في الطعون المقدمة إليه:

(أ) رد الطعن من الناحية الشكلية مثل عدم التظلم من القرار لدى الجهة الإدارية التي أصدرته أو فوات مدة الطعن.

(ب) المصادقة على القرار المطعون فيه إذا وجد المجلس ان ذلك القرار موافق للقانون.

(ج) للمجلس تخفيض العقوبة اذا كانت العقوبة لا تتناسب مع جسامة الخطأ

(د) للمجلس الغاء العقوبة اذا وجد ان القرار المطعون به معيب.

مدة الطعن امام مجلس الانضباط العام:

اشترط المشرّع العراقي قبل الطعن في القرار الإداري الخاص بفرض العقوبة التظلّم من القرار أمام الجهة التي أصدرته خلال ثلاثين يوما من تاريخ تبليغ الموظف بقرار فرض العقوبة وعلى هذه الجهه البت في التظلم خلال ثلاثين يوما من تاريخ التظلم وعند عدم البت يعد ذلك رفضا للتظلم يجوز عنده الطعن لدى مجلس الانضباط العام خلال ثلاثين يوما من تاريخ الرفض الصريح او الحكمي للتظلم.([8])  ويعد القرار غير المطعون فيه خلال المدد المنصوص عليه اعلاه باتًا.

ويجوز الطعن بقرار مجلس الانضباط العام لدى الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ التبلغ به أو إعتباره مبلغًا، ويكون قرار الهيئة العامة الصادر نتيجة الطعن باتًا ومُلزمًا.

ثانيا: اختصاصات المجلس في مجال النظر في دعاوى الخدمة

يختص مجلس الانضباط العام بالنظر في دعاوى الموظفين الناشئة عن حقوق الخدمة بموجب قانون الخدمة المدنية رقم(24) لسنة 1960 المعدل و الانظمة الصادرة بمقتضاه.

ومن قبيل الدعاوى ما يتعلق بالمنازعات الخاصة بالرواتب والمخصصات المستحقة للموظفين واحتساب القدم للترفيع بسبب الحصول على شهادات الاختصاص الجامعية و اجتياز الدورات التدريبية و احتساب مدد ممارسة المهنة عند التعيين و اعادة التعيين والقرارات الخاصة بالتعيين أو الترفيع أو منح العلاوات او الاستغناء عن الخدمة في فترة التجربة او اعادة الموظف المرفع الى وظيفته السابقة في فترة التجربة … الخ .

وقد مد مجلس الانضباط العام اختصاصاته لتشمل المنازعات الناشئة عن تطبيق بعض قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، فقد بحث في الدعاوى المتعلقة باجور المحاضرات الاضافية و مكافأة نهاية الخدمة وغيرها.

وولاية مجلس الانضباط العام بالنسبة الى هذه المنازعات ولاية قضاء كامل لا تقف عند مجرد الغاء القرار ، فله ان يحكم بتعديل القرار المطعون فيه او التعويض عن الاضرار التي الحقها بالمدعي.

وقد اوضحت الفقرة الثالثة من المادة (59) من قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 انه يتوجب على الموظف اقامة الدعوى بالحقوق الناشئة عن تطبيق القانون المذكور خلال ثلاثين يوما من تاريخ التبلغ بالقرار المطعون فيه اذا كان الموظف داخل العراق، و ستين يومًا اذا كان خارج العراق.

ومن ثم فانه لم يستلزم المشرع التظلم من القرارات المتعلقة بحقوق الخدمة المدنية قبل الطعن في قرار الإداره المتعلّق بشؤون الخدمة المدنية.

ويكون حكم مجلس الانضباط العام إستنادًا الى المادة (59) من القانون المذكور خاضعا للطعن فيه امام الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة و يعد حكم مجلس الانضباط العام غير المطعون فيه و حكم الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة الصادر نتيجة الطعن باتًا.

[1] Plantey (A) – Trate Pratique de la fonction Publique Libairie general de droit de Jurisprudence –1971 – P19

[2] د. عبد الحميد كمال حشيش – دراسات في الوظيفة العامة في النظام الفرنسي – دار النهضة العربي – القاهرة – 1977 – ص 165 .

[3] ينظر:

د. محمد فؤاد مهنا – القانون الإداري المصري والمقارن – الجزء الأول – 1958 – ص89.

د. ثروت بدوي – مبادئ القانون الإداري – مصر – 1973 – ص80.

د . عثمان خليل عثمان – نظرية المرافق العامة – القاهرة – 1958 – ص245.

د. توفيق شحاته – مبادئ القانون الإداري – 1955 – ص384.

[4] د. محمد عبد الله الحراري – أصول القانون الإداري الليبي – الجزء الثاني – 1995 – ص15.

[5] اعتاد بعض الدارسين استعمال عبارة الجرائم التاديبية وهذا مما لا تجيزة اللغة الان الوصف يوقع فى التناقض فالجريمة لاتؤدب بل هى مفسدة للاداب ولكن المواخذة عليها هى التى توصف بالتاديبية اما عبارة الجرائم ذات العقوبة التادبية فاستعمال لايخالف القواعد اللغوية ومع ذالك آثرت استعمال عبارة ( الجرائم التادبية ) رغم مخالفتها جرياً على ماذهب اليه اغلب الفقهاء.

[6] د. مغاوري محمد شاهين – القرار التأديبي وضماناته ورقابته القضائية بن الفاعلية والضمان – مكتبة الأنجلو المصرية – 1986 – ص 205 .

[7] د. محمد مختار محمد عثمان – الجريمة التأديبية بين القانون الإداري وعلم الإدارة – ط1 – دار الفكر العربي – 1973 – ص 66 .

[8] تنظر المادة (15/ ثانيا، ثالثا، ثالثا) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام المعدل رقم 14 لسنة 1991