بحث قانوني هام عن الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية

بدأت الجريمة ببدء الحياة نفسها و تطورت معها , متخدة أبعادا جديدة في صورها و أحجامها و أسلوب إرتكابها و هي تتصل في بعدها المعاصر إتصالا وثيقا بما يشهده العالم من تطور هائل في حركة التصنيع , و وسائل النقل السريع و كذلك حرية إنتقال الأشخاص و الأموال .
و هي العوامل التي أضفت على الجريمة طابعا عابرا للحدود حتى أصبحت الجريمة المنظمة بشتى صورها تشكل هاجسا يطارد جميع دول العالم بصفة مباشرة أو غير مباشرة.
ولعل أخطر ظاهرة إجرامية عرفها العالم في القرن الأخير جرائم العنف و الإرهاب التي إتسعت دائرتها في الآونة الأخيرة حيث شهد مسرح الأحداث الدولية العديد من النشاطات الإرهابية التي تجاوزت آثارها حدود الدولة الواحدة لتمتد إلى عدة دول مكتسبة بذلك طابعا عالميا , و هو ما جعل هذه الجريمة لا تشكل فقط تهديد الأمن و إستقرار الأفراد و الدول , و إنما جريمة ضد النظام الدولي , و مصالح الشعوب الحيوية , وأمن و سلام البشرية , وحقوق و حريات الأفراد الأساسية .
و مع تصاعد هذه الأعمال و إنتشارها في أرجاء العالم , و إرتباطها بغيرها من الجرائم , سعت الدول إلى إيجاد وسائل قانونية و عملية لمتابعتها و قمعها على المستوى الدولي و الداخلي , سواء من خلال توحيد الجهود و إبرام إتفاقيات دولية شارعة لتحريم هذه الجرائم على المستوى الدولي و الحيلولة دون إفلات مرتكبيها من العقاب , وهو ما جسده سن الدول تشريعات عقابية تتناسب مع خطورة هذه الأعمال من جهة

وكذلك حرص الدول و المنظمات الدولية على إبرام إتفاقيات تلزم الدول بإتخاد التدابير اللازمة لمكافحة الإجرام المنظم العابر للأوطان .
كما كثفت الدول من جهودها لإبرام إتفاقيات دولية تلزم الدول بإتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة الإجرام المنظم العابر للأوطان .

اولا : مفهــوم الجريمة المنظمة

لما كان من الصعب تحديد معنى الجريمة المنظمة تحديدا دقيقا، اعتمدت الأمم المتحدة اتفاقية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية التي عرضت بتاريخ 15/11/2002 للمصادقة عليها بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الخامسة و الخمسون تبنت فيها تعزيز التعاون على منع الجريمة المنظمة عبر الوطنية و مكافحتها بمزيد من الفعالية باعتبارها ” هيكل تنظيمي مؤلف من ثلاثة أشخاص أو أكثر موجودة لفترة من الزمن و تعمل بصورة متظافرة بهدف ارتكاب واحدة أو أكثر من الجرائم الخطيرة أو الأفعال المجرمة من أجل الحصول بشكل مباشر أو غير مباشر على منفعة مالية أو مادية أو تحقيق أهداف أخرى”
في حين ذهبت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية المنعقدة بمقرها بليون بفرنسا بتاريخ 14/12/1995 خلال الملتقى الخامس إلى أنه تعتبر جريمة منظمة إذا شارك في الفعل أكثر من شخصين في إطار جغرافي يتعدى حدود البلد. -06-
في فترة غير محددة هدفهم الإثراء و الربح و كانت المهام المقسمة فيما بين أعضاء العصابة في إطار منظم مع استعمال القوة.مما سبق ذكره فإن كلمة الجريمة المنظمة تفيد معنى التنظيم الذي يكون فيه التحضير و التنفيذ متصف أو مميز بالتنظيم المنهجي الذي يقوم على الذكاء و الاحتراف و من تم تبرز عناصرها المتمثلة في:
– مشاركة أكثر من شخصين في إطار جغرافي.
– ينشطون خلال فترة ممتدة.( أن يكون النشاط الإجرامي قائم بصفة مستمرة)
– البحث عن الربح أو السلطة بطريقة غير مشروعة.
– توزيع المهام
– إتباع شكل من الانضباط.
– – استعمال العنف.

من خلال ما تقدم و بالرجوع إلى تعريف الجريمة في القانون العام، يمكن القول أن الجريمة المنظمة هي كل فعل أو امتناع عن فعل يصدر عن إرادة جماعية آثمة و يترتب عليه تهديد بالخطر أو إلحاق الضرر بتلك المصالح الجوهرية التي يحميها المشرع تحقيقا لأهداف الدولة في حفظ و بقاء المجتمع و العمل على تقدمه و نمائه ويفرض المشرع على مرتكبيه جزاءا جنائية توقعه السلطة القضائية وفق الإجراءات التي رسمها لها.وفيما يخص المشرع الجزائري فانه لم ينص على الجريمة المنظمة غير أنه نص وعاقب علىمجموعة من الجرائم التي تشبه إلى حد ما الجريمة المنظمة سماها جمعية الأشرار في نص المادة176 وما يليها من قانون العقوبات. وقد حاول المشرع هنا الاقتراب من الجريمة المنظمة باستعماله مصطلح جمعية أو اتفاق مهما كانت مدته أو عدد أعضائه مع التصميم المشترك لكنه لم يفصح عن ذلك مباشرة و لم يذكر خصائص الجريمة المنظمة مثل المنفعة والربح و تجاوز الحدود الجغرافية و غيرها.
كما نجده يشدد العقوبة في جرائم أخرى كتقليد أختام الدولة و الطوابع و العلامات و التزوير النقود و السندات البنكية لما لها من صلة بالجريمة المنظمة لكنه يجرم أصلا بعض الجرائم إلا في المدة الأخيرة إثر مشروع تعديل قانون العقوبات في ما يخص تجريم تبيض الأموال و قمع تمويل الإرهاب .
و بهذا المنحى بدأت بعض التغرات القانونية تتلاشى من منظموتنا القانونية.

ثانيا: خصائص الجريمة المنظمة .

إن أهم ما يميز منظمات الجريمة المنظمة على مستوى العالم , أنها تعمل في الإشتراك فيما بينها و بكفاءة و إنسجام كبيرين و تقسم العالم إلى مناطق سيطرة و نفوذ , وتعتمد على أهم ركائز العمل الجماعي الناجح و المتمثلة في :

1 _ التخطيط و التنظيم : إن التخطيط هو العامل المهم في الجريمة , و غالـبا ما يكون مدبروها ذوو خبرة , و دراية يصعب الكشف عنهم و متابعتهم لقوة

التنسيق و التنظيم فالمنظمات الإيطالية تبيع مخدرات أمريكا اللاتينية في أوروبا , و الروس يشترون السيارات المسروقة من عصابات الياكوزا , و الألبان ينقلون الهيروين إلى عصابات المخدرات التركية , ولكن يبقى هذا التعاون هشا , و لا يتعدى التعاملات التجارية متفرقة أو تحالفات مؤقتة , و بالمقابل فإن هناك مجالا لصراعات مستقبلية داخل عالم الجريمة , خاصة بعد أن أصبحت الأسواق في حالة من التشبع , و بعد أن إستنفدت جميع الفرص لمزيد من التوسع .
و مما لا شك فيه أن للجريمة المنظمة آثارها المباشرة على موارد الأمن القومي بحيث تثقل كاهل الدولة بما تتطلبه من إنفاق وقائي دفاعي و تهديد للمعنويات و النظام العام , خاصة و أن الجريمة المنظمة عادة ما تكون قوية إلى حد أنها تشكل دولة داخل دولة

2_ الإحتـــراف :
تعتبر الجريمة المنظمة إجراما إحترافيا يستعمل الحيلة تبعا للفرص و الوسائل المادية و البشرية المتاحة لهم , و كذا صفة الفاعـــــين و مهاراتهم , فهو مثلا على المستوى التنظيمي يوجد عدة هياكل لعدة منظمات دولية .
فالمنظمات ذات الهيكل المؤقت تتميز بعدد هياكل قليلة , لكن لا يمنع من أنها تشكل خطرا كبيرا . فقوتها تكمن في تخصصها , كالمتخصصة في السطو مثلا أما
المنظمات ذات الهيكل الدائم العالي التنظيم فتتميز بلجنة مركزية تنبثق عنها لجان خاصة , و عادة ما تدار من طرف رجال أعمال كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية , و آسيا .
و ما تجدر الإشارة إليه، أن هذا النوع من الجريمة إذا زامنــه عجــز المؤسسات و الوسائل الأمنية فإنه سيؤدي حتما إلى تفشــي الجرائم وفقدان أجهــزة الدولة سلطانهــا.

3- التعقيد: يظهر ذلك جليا في التنظيم العالي و المحكم و ما ساعد في ذلك انفتاح الأسواق و الخوصصة و عدم تنظيم السوق المالية و التجارة العالمية و

جعل المنظمات الإجرامية تتحالف فيما بينها لهدف تحقيق التعاون العالمي و اكتساح أسواق جديدة ضمن نشاطاتها سواء كانت شرعية و إجرامية.
و بالموازاة مع نشاطها الإجرامي تتعاون المنظمات الإجرامية مع المؤسسات القانونية حيث تستثمر في نشاطات شرعية مختلفة و هي طريقة تعتمدها لضمان تغطية تبيض الأموال و كذا تكديس رؤوس الأموال خارج مجال النشاطات الإجرامية و غالبا ما تكون هذه الاستثمارات في العقارات الفاخرة و صناعة آلات اللعب و القمار و وسائل الإعلام و المصالح المالية و في الفلاحة و الصناعة .

4 – القدرة على التوظيف و الابتزاز: تعتمد الجريمة المنظمة على توظيف
الجهاز البشري و تسخير عناصر لتحقيق الأهداف المبتغاة من المنظمة و تستعمل

لذلك كل الوسائل من ضغوطات و مصالح مادية أو معنوية و توريطهم في قضايا للضغط عليهم فيما بعد يأخذ صورة الابتزاز و الظفر بالأهداف المتواخاة من عملياتهم.
إن القول بخصائص الجريمة المنظمة يحيل إلى إعطاء أنواع مثل هذا الإجرام و إن اختلفت المسميات فإن الخصائص” واحدة حيث تعتمد جل الأنواع على التخطيط و التنظيم المحكمين كما يتميز مرتكبوها بالإحترافية و الأهلية لممارسة هذه الجرائم
اتسامها بالتشابك و التداخل فيما بينها و هذا ما سنحاول البحث فيه من خلال دراسة أشكال الجريمة المنظمة في المطلب الثاني.
و يمكن القول أن الجريمة المنظمة هي كل فعل أو امتناع عن فعل يصدر عن إرادة جماعية آثمة و يترتب عليه تهديد بالخطر أو إلحاق الضرر بتلك المصالح الجوهرية التي يحميها المشرع تحقيقا لأهداف الدولة في حفظ و بقاء المجتمع و العمل على تقدمه و نمائه ويفرض المشرع على مرتكبيه جزاءا جنائية توقعه السلطة القضائية وفق الإجراءات التي رسمها لها.

وفيما يخص المشرع الجزائري فانه لم ينص على الجريمة المنظمة بل ونص وعاقب علىمجموعة من الجرائم التي تشبه إلى حد ما الجريمة المنظمة سماها جمعية الأشرار في نص المادة176 وما يليها من قانون العقوبات. وقد حاول المشرع هنا الاقتراب من الجريمة المنظمة باستعماله مصطلح جمعية أو اتفاق مهما كانت مادته أو عدد أعضائه مع التصميم المشترك لكنه لم يفصح عن ذلك مباشرة و لم يذكر خصائص الجريمة المنظمة مثل المنفعة و الربح و تجاوز الحدود الجغرافية و غيرها. كما نجده يشدد العقوبة في جرائم أخرى كتقليد أختام الدولة و الطوابع و العلامات و تزوير النقود والسندات البنكية لما لها من صلة بالجريمة المنظمة لكنه لم يجرم أصلا بعض الجرائم إلا في المدة الأخيرة إثر مشروع تعديل قانون العقوبات في ما يخص تجريم تبيض الأموال وقمع تمويل الإرهــاب . و بهذه بدأت بعض التغرات القانونية تتلاشى من منظموتنا القانونية.
بعد أن أعتبر ضمن الجرائم المنظمة مثل الجريمة الإرهابية التي تستوجب تداخل عوامل و تشابك خصائص تجعل من بعض الجرائم ذات طابع تنظيمي و هذا ما نحاول توضيحه فيما يأتي بالبحث في هياكل لعدة منظمات دولية

ثالثا:أشكال الجريمة المنظمة.

لقد تطورت الجريمة المنظمة على مستوى العالم لدرجة تشابك وتشابه بعض الجرائم والتي ما فتئت في ظل العولمة أن اكتست الطابع المنظم والمهيكل باعتمادها على سلسلة من التنظيمات والهيئات ذات التنسيق فيما بينها
وفي محاولة الكشف عن النشاطات غير الشرعية التي تمارسها جماعات الإجرام المنظم وجب أولا ذكر أهم الأشكال والأنواع للجريمة المنظمة العابرة للحدود وتجدر الإشارة إلى انه قد تختلف حسب شكل الجريمة وان كان بينها بعض التقارب مثل: جرائم تبييض الأموال، الجرائم الإرهابية أو الاتجار بالأسلحة أو المتاجرة غير المشروعة بالمخدرات فنجدها تتسم بـ:
-11-
1/ – اللصوصية ذات الطابع العنيف لجمع الأموال بالقوة، حجز الرهائن، السطو بالسلاح……الخ
2/ – الجنوح الاحتراف والذكي مثل:النصب، الابتزاز، التهديد، تهريب الأسلحة، سرقة وتهريب السيارات، تبييض الأموال، الغش والتدليس في الإعلام الآلي…واستغلال حيل الغي
3/ – جرائم الأعمال مثل تبييض الأموال، الغش الضريبي، الرشوة، استغلال النفوذ، انتهاك الولاء في علاقات العمل، خيانة الأمانة، وهذا النوع من الإجرام يرتكب بمناسبة ممارسة النشاطات المهنية.
-ونظرا لتشعب وتطور أساليب الجريمة المنظمة ارتأينا التركيز على أهم هذه الجرائم و أكثرها إتصالا بالجريمة الإرهابية و وضعية الجزائر تجاه هذه الجرائم .

أ) – جريمة تبييض الأموال:
هي العملية التي يحاول من خلالها مرتكبو الجرائم المختلفة إخفاء حقيقة مصادر هذه الأموال الناتجة عن هذه الأعمال غير القانونية وطمس هويتها بحيث يصعب التعرف على ما إذا كانت هذه الأموال ناتجة عن أعمال غير مشروعة أم لا.
والهدف من هذه العمليات هو تحويل السيولة النقدية الناتجة عن هذه الأعمال إلى أشكال أخرى من الأصول بما يساعد على تامين تدفق هذه العائدات المالية غير المشروعة بحيث يمكن فيما بعد استخدامها أو استثمارها في أعمال مشروعة وقانونية
ويختلف المفهوم فيما بين الدول، ففي حين يا خد البعض بالمفهوم الواسع من حيث اعتبار العائدات المالية لكافة الأعمال الإجرامية سبيلا لتبييض الأموال(تجارة وتهريب المخدرات وتجارة الرقيق والإرهاب والرشوة والفساد السياسي، والدعارة وتجارة السلاح وغيرها من الجرائم والأعمال غير المشروعة) تأخذ بعض الدول الأخرى
بالمفهوم الضيق حيث تقصر هذه العمليات على محاولات إخفاء العوائد المالية لتهريب المخدرات فقط دون بقية الجرائم.
وعلى الرغم من أن ظاهرة تبييض الأموال لا تعتبر ظاهرة جديدة بل يمكن إرجاعها إلى العديد من العقود الماضية إلا أن هذا المفهوم ظهـــر فــي البداية في الولايات المتحدة الأمريكية خلال عقد السبعينيات إثـــر فضيحــة واتـــرجايت
حيث ظهرت الدعوة آنذاك إلى أهمية تتبع مسار عائدات أموال هذه الفضيحة، بهدف

التعرف على مرتكبيها والمتورطين فيها (1) وتجدر الإشارة إلى أن تزايد أهمية
البنوك المراسلة أي أن يكون لبعض البنوك حسابات لدى بنوك أخرى على المستوى
العالمي في سبيل تسهيل عمليات التسوية والمقاصة قد أدى إلى تزايد عمليات تبييض الأموال على المستوى الدولي.
ولقد أظهرت التحقيقات التي أجريت عام1999 تورط بنك نيويورك ذلك أن إيداع الأموال في هذه البنوك المراسلة يساعد على إخفاء مصدرها الحقيقي و مدى شرعيتها و من ثمة المساعدة في تبيض الأموال (2).
و عادة ما تضم عمليات تبيض الأموال رؤوس أموال ضخمة إذا ما قورنت بأي مشروعات اقتصادية أخرى فعلى سبيل المثال و طبقا لدراسة أعدتها جريدة الفينانشيال تيمز في 18/10/1994 تبث أن أي زيادة في معدلات الجريمة لأي دولة يصاحبها بالضرورة و بنفس القدر من الزيادة انخفاض في الطلب على العملة أي أن عمليات

(1) – السياسة الدولية ص 167 عدد 146 أكتوبر 2001 – دراسة من إعداد بولعراس بوعلام و جبابلة فريد
(2). – إشارة أيضا إلى تلك المحاولة التي جرت في مقر البنك المركزي في ياوندي في 25/01/2000 التي اعتبرت عملية القرن حيث تم إيداع مبلغ 500 مليون دولار أين زهاء 300 مليار فرنك أفريقي في البنك المذكور لمدة ثلاثة سنوات ابتدءا من 20/12/1998 إلى 20/12/2001 على أساس نسبة فوائد تقدر ب7.5 °/ سنويا و تمثلت العملية في إعطاء أمر بالتحويل الذي يعد بمثابة ضمان و قد تمت هذه العملية وفق مسار جد معقد ابتدءا من شركة مرتوال للاستثمار في أوكالا بفلوريدا عبر إيطاليا ثم إفريقيا على عمان بالخليج.و قد تم اكتشاف القضية بفعل خطأ تقني و كذا عدم كفاءة المتعاملين مما سمح للبنك المركزي بياوندي باكتشاف عملية التحويل غير القانونية لقيمة مالية كبيرة لم يكن من السهل تحويلها دون أن يلفت ذلك انتباه القائمين عن البنك .

فحسب قوانين البنك المذكور فإن قيمة مالية كبيرة مثل التي أريد تحويلها لا يتم التصرف فيها أو تحويلها إلا بأمر من السلطات الإدارية العليا للبنك. و مهما يكن من أمر ، فإن اكتشاف مثل هذه العمليات غير الشرعية دفع إلى الواجهة بالعديد من التساؤلات و التي من بينها : على أي مستوى اتخذت القرارات ؟

تبيض الأموال بدأت في تغيير أسالبيها المتبع و ابتكار أساليب جديدة بعيدا عن البنوك المعتادة و توجهت إلى الأسواق المالية الأخرى مثل الانترنت أو حتى أسلوب المقايضة كاستبدال الأسلحة مقابل المخدرات مثلا و هنا تكمن أهمية و خطورة المسألة فالجريمة أو النشاط المستتر و تبيض الأموال يصعب قياسهم و في نفس الوقت يؤدون إلى تعكير صفو البيانات الاقتصادية العادية بأي مجتمع كما أن مسألة تحديد هوية الدولة مصدر الأموال القدرة و العملة الأصلية المستخدمة تعد من الأمور الأساسية التي توضح مسار السياسة النقدية و حيث أن هذه المسألة من الصعب معرفتها فإن النتيجة تكون انتقال الثروات من دولة إلى أخرى بسبب عمليات تبيض الأموال بما يضلل البيانات المالية و النقدية بها.
لأخرى بسهولة و بلا مخاطر تذكر و حتى الآن يصعب على الجهات المعنية تحديد هوية المتعاملين عبر الشبكة أو جمع أية معلومات عنهم و هو ما يعني أن السنوات القادمة ستشهد انطلاقة في تبيض الأموال الكترونيا ما لم يتم اتخاذ إجراءات ملائمة لتحجيمها أو على الأقل إمكانية رصدها عبر الانترنت

ب) الإتجار غير المشروع بالأسلحة :
لقد إزداد الطلب على الأسلحة نتيجة للحروب الداخلية المتزايدة و المواقف السياسية و النشاطات الإجرامية الخارجة عن القانون , و في ظل بعض الظروف تحتاج الأفراد و الجماعات الصغيرة إلى الأسلحة للدفاع عن أنفسهم عندما تفشل القوات الأمنية التابعة للدولة عن توفير الحماية اللازمة لهم أو أنها تكون غير راغبة في القيام بذلك وهو ما ساعد على إنتشار صناعة و بيع الأسلحــة بطــرق غيــر مشروعة .
و تتمثل علاقة هذه الجريمة بالنشاطات الإجرامية الأخرى في أنها تتخذ شكلا إقتصاديا يسبب في توجيه الأسلحة الصغيرة و الخفيفة ضد المجتمع نفسه و يقصد بالأسلحة الصغيرة تلك الأسلحة التي تستخدمها مجاميع القوات المسلحة ومن بينها قوات الأمن الداخلي لغايات كثيرة منها الدفاع عن النفس و القتال على مدى
متوسط أو قريب و الرمي المباشر و غير المباشر و التصدي للدروع و الطائرات ضمن المدى القريب , و هي الأسلحة المصممة للإستعمال الشخصي أما الأسلحة الخفيفة في تلك المصممة للإستخدام من قبل مجموعة أشخاص يعملون كفريق .
إن المعدل المرتفع للعنف في المدن ونشاطات المافيا و الجماعات الإجرامية الأخرى كلها تعتمد على الإستخدام المألوف لهذه الأسلحة المميتة للحماية و العقاب و التوسع.
و قد أصبح هذا الخطر أكثر صعوبة لأن الأسلحة الموجودة لدى جهات غير حكومية خاصة الإرهابيين و المتطرفين الذين يحصلون عليها في عمليات شراء سرية من الأموال الوفيرة التي يجنونها من نشاطاتهم الإجرامية تزيد بشكل كبير عن الأسلحة الموجودة لدى قوات الأمن و الهيئات التي تشرف على تنفيذ القانون في البلد .كما أن ملاحقة توزيع هذه الأسلحة و الحد منه يسببان مشكلة كبيرة من الناحية العسكرية ز كذلك من الناحية الإنسانية كونها تمثل خطرا ليس فقط سلامة و أمن الأفراد و المجتمعات و إنما على الأمن الدولي .

و لذلك فقد تم إقتراح العديد من المؤتمرات و البرامج و الوسائل الهادفة إلى الحد من إنتشار الأسلحة الصغيرة إذ أصبحت الأسلحة موضوعا لما يقارب إثني عشر قرارا و وثيقة للأمم المتحدة كونها إعتبرت الآن السبب الأساسي للموت في الصراعات المسلحة إستنادا إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر .

و لقد تصاعدت وتيرة الأعمال الإرهابية و لم تعد الأسلحة الصغيرة بالسلاح المعتاد للإرهابيين , فقد نفذت مجزرة الأقصر في مصر ببنادق هجومية فعالة جدا ( مات فيها 62 من الأبرياء ) و هذا ما يعكس الحاجة ليست فقط لمحاربة الإرهاب و لكن للحد من تداول الأسلحة الصغيرة أيضا .
و في إطار جهود محاربة الإرهاب و الجريمة أصبحت مسألة التعاون الإقليمي شأن هذه القضية مطلبا ضروريا يجب يستند إلى إستراتيجية إقليمية

ج )- جرائم المخدرات :
لقد اصبح أمرا مستقرا علبه أن القضاء على جريمة المخذرات بقتضي بالضرورة إيجاد أطــر تعــاون و تنسيــق دولــي و ذلك نظــرا للطابع المنظــم العابــر للأوطــان لهذه
الجريمة , كما أن خطورتها لم تعــد تقتصـر على الإضــرار بالصحــة , وإنـــــــما أصبحت هذه التجــارة وسيلة لدعــم المنظمــات الإرهابية , و هي العلاقة التي تم تأكيدها في إطار أعمال اللجنــة الثالثــة للجمعية العامة للأمــم المتحــدة حيث أجمعت الدول الآسيــوية المتدخلــة في إطار مناقشــات اللجنة (1) أن حركــة طالبــان تستعمــل مداخيل زراعة المخدرات فــي تمويــل نشاطاتهــاالإرهابيــة.

وقد توجهت هذه المنظمــات الإجراميــة إلى الإتحــاد مع منظمــات إرهابية و جماعــات مسلحــة متطرفــة لتشكــل ما أصبــح يعرف بإسم تحالف الإرهــاب و المخذرات والتي تروج لتجـارة المخدرات و المتــاجــرة غير الشرعيــة بالأسلحــة و تبييــض الأمــوال, والإرهــاب.
و في الجزائر مثلا لم يكن خطر آفة المتاجرة في المخدرات مخيفا خلال العشرية التي سبقت ظاهرة الإرهاب في الجزائر لكن في ظل الإرهاب الهمجي ، أصبحت الشبكات الدولية المختصة في متاجرة المخدرات تعتبر الجزائر منطقة عبور هامة و حسب الإحصائيات. فإن 72/° من الكميات المحجوزة من الحشيش كانت عابرة من الجزائر نحو بلدان أوربية .
و المتاجرة بالمخدرات عادة ما تقترن بالأشكال أخرى من الجريمة المنظمة كالإتجار غير المشروع في الأسلحة، تزوير و استعمال المزور، تبيض الأموال و الحصول على أملاك عقارية تحول فيما بعد كملجـأ للتخطيط و الاتصال سعيا لتحقيق الأعمال المحضرة. و رغم تطور الإجرام المنظم في الجزائر فإنها تبقى نفتقر لهيكل مركزي وطني لمكافحة الجرائم المنظمة

1–communiqué de presse sur les travaux de troisieme commission des representant de l INDE –l IRAN – MALAISIE .

اما مسألة تبيض الأموال في الجزائر فإنها ليست مطروحة بشكلها الدولي الحالي و لا تعتبر الجزائر من الدول التي تتم على مستوى منظومتها المالية مثل هذه العمليات و لكن تبقى مسألة الكسب الكبير غير المشروع عن طريق المضاربة المالية و التجارية و الاحتيال و الرشوة و التهرب الضريبي و التهريب وارد عندنا و لكن بآليات و أشكال تكون مختلفة.
ومع آفاق عولمة الاقتصاد و الانضمام الأكيد للجزائر إلى منظمة التجارة العالمية و تحرير الاقتصاد و توجـهـه نحو اقتصاد السوق فإن مخاطر عمليات الإجرام الاقتصادي و المالي الكبير و تبيض الأموال مهددة لا محالة اقتصادنا. لهذا لابد من التفكير من الآن في أدوات تشريعية تنظيمية و آليات مراقبة لمواجهة هذا النوع من الإجرام.
و لهذا اتخذت الجزائر جملة من الإجراءات لمحاربة الجريمة المنظمة بمختلف أنواعها و ذلك بإنضمامها و مصادقتها على الإتفاقيات الدولية المبرمة في هذا الشأن كإتفاقيات الأمم المتحدة لمكافحة الإجرام المنظم العابر للأوطان و كذلك إتفاقية مكافحة الفساد و الإتفاقيات المانعة و المكافحة للإرهاب و تجسيدا لإلتزاماتها الدولية فإنها تعمل تدريجيا على تجريم هذه الظواهر منها تجريم تبيض الأموال و تمويل الإرهاب و المتاجرة غير المشروعة في المخدرات و المؤثرات العقلية وكذلك تقرير مبدأ عدم تقادم هذه الجرائم الخطيرة ( الجريمة المنظمة و الرشوة) مع ضرورة إنشاء أقطاب قضائية ذات اختصاص إقليمي واسع لمحاكمة مرتكبي هذه الجرائم(1)

1 – عن كلمة السيد/ وزير العدل، حافظ الأختام الطيب بلعيز في تعيينه الفوج العمل المكلف بإعداد المشروع قانون الوقاية من الرشوة و الفساد و محاربتها ووضع آليات قصد ضمان متابعة التطبيق الفعلي لأحكام هذا القانون و ذلك طبقا لأحكام لاتفاقية الدولية ومكافحة الفساد و التي وقعت عليها الجزائر و صادقت عليها في 31/10/2003.

إن تعريف الجريمة و تحديد عناصرها و بيان أركانها بحسب الأصــل عمل قانوني يضطلع به عادة فقهاء القانون إلا أنه و منذ ظهور الجريمة الإرهابية تصدى لها السياسيون بالتعريف و التحليــل ، و كانت النتيجة دخول المجتمع الدولي في خلاف طويل حول تعريف الإرهاب و تصنيفه ، و تعمق الخلاف حول مفهوم الإرهاب ، و تجريمه بسبب الخلافات و التناقضات السياسية و الإيديولوجيـــة السائدة. من هنا كان الإشكال حول توفير الإجماع الإقليمي أو الدولي حول مفهوم موحد يميز بين ماهو عمل إرهابي ينبغي تجريمه و ماهو كفاح مشروع ضد الاستعمار
من هذا المنطلق ارتأينا البحث في تعريف الإرهاب تمييــزه و عما يختلــط به من مفاهيــم ثــم تحــديــد نقــاط تشابهــه مع الجرائم المنظمــةو ما يختلف فيــه معهــا

رابعـا : بخصوص الجهود التي ب\لتها الجزائر لقمع الجريمة المنظمة

أ – التصديق على المعاهدات و الاتفاقيات و البروتوكولات الخاصة بقمع الجريمة
المنظمة
و التي كانت على النحو التالي :
– التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية
بموجب المرسوم الرئاسي رقم 22/55 المؤرخ في 05/02/2002 ، منشور
بالجريدة الرسمية العدد 9 سنة 2002 الصادرة بتاريخ 10/02/2002 .
– التصديق على البرتوكول الخاص بمنع الاتجار بالأشخاص بخاصة النساء
و الأطفال بموجب المرسوم الرئاسي ، منشور بالجريدة الرسمية العدد 69/2003
الصادر في 12/11/2003 .
– التصديق على البرتوكول الخاص بمكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر
و البحر و الجو بموجب المرسوم الرئاسي ، منشور بالجريدة الرسمية العدد
69/2003 الصادرة في 12/11/2003 .
ب – إدماج القواعد الخاصة بالجريمة المنظمة في القانون الداخلي
1 – القانون رقم 05/01 المؤرخ في 06/02/2005 المتعلق بتبييض الأموال
و تحويل الإرهاب و مكافحتهما .
لقد ربط هذا القانون بين تبيض الأموال العائدة من أفعال إجرامية و الأفعال
الإرهابية ، و اوجد آليات للرقابة على حركة الأموال ، و وضع عقوبات بموجب
المواد 31 – 34 لقمع هذه الجريمة و وضع آليات للتعاون الدولي في هذا الشأن .
2 – القانون رقم 05/17 المؤرخ في 23/07/2005 المتعلق بمكافحة التهريب .
و أهم ما جاء فيه : – تجريم تهريب الأسلحة ( م : 14 )
– تجريم التهريب مع حمل سلاح ناري ( م : 13 )
– تجريم الشخص المعنوي الذي يقوم بأفعال التهريب ( م 24 )
– توجد آلية تسمى التعاون العابر للحدود .
بقصد تعاون الدول المجاورة لقمع هذه الجريمة .

3 – القانون رقم 06/01 المؤرخ في 20/02/2006 المتعلق بالوقاية من الفساد
و مكافحته .
– و قد تضمن 23 جريمة كلها تصب في مصب الجرائم العابرة .
– بالإضافة إلى استحداث آليات دولية لمكافحة الفساد .
– تجريم الشخص المعنوي القائم بعملية الفساد .
4 – التعديلات التي أدخلت على قانون الإجراءات الجزائية
* التعديلات التي جاءت في القانون 04/14
المادة 29 ( تمديد الاختصاص لوكيل الجمهورية بخصوص الجرائم : ………..
الجريمة العابر ) .
المادة 40 ( تمديد الاختصاص لقاضي التحقيق بخصوص نفس الجريمة
المواد : 65 مكرر – 65 مكرر 4 ( المتابعة الجزائية للشخص المعنوي )
* التعديلات التي جاءت في القانون 06/22
– تمديد اختصاص ضباط الشرطة القضائية في الجرائم المذكورة إلى كامل
التراب الوطني ( م : 16 )
– مراقبة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم الجرائم المذكورة ( م : 16 مكرر )
– جواز التفتيش ليلا و نهارا بخصوص هذه الجرائم ( م : 47 )
– أجال التوقيف للنظر 48 سا ( يجوز تمديدها 3 مرات )
– جواز اعتراض المراسلات و تسجيل الأصوات و التقاط الصور .
– تبني نظام التسرب .
5 – التعديلات الواردة في قانون العقوبات
* التعديلات الواردة في القانون 04/15
أهمها :
– المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ( م : 51 مكرر )
– العقوبات المطبقة على الشخص المعنوي ( م : 27 )
– تعديل المواد ( 176 – 182 – المتعلقة بتكوين جمعيات الأشرار و مساعدة
المجرمين
– تجريم تبيض الأموال ( م 389 مكرر – 389 مكرر 7 )
– تجريم المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات م ( 394 مكرر – 394
مكرر 7 )
* التعديلات الواردة في القانون رقم 06/23
– التنصيص على تجريم تبيض الأموال ( م 389 مكرر – 389 مكرر 2 )