انتهاكات حقوق الطفل

إعادة نشر بواسطة محاماة نت 

جنيف في 11 فبراير 2015

تقوم السلطات الإماراتية بتسليط عقوبات جماعية على الناشطين الحقوقيين والمعارضين السياسيين المعتقلين منهم والمقيمين خارج الدولة وذلك في إطار سياسة منهجية تهدف إلى الضغط على العائلات والآباء من أجل التخلي عن مطالبتهم بالإصلاح ومعارضة الحكومة والتنكيل بهم.

ومن بين هذه الانتهاكات التي أبلغنا بها نذكر:

·منع إكمال الدراسات العليا في الجامعات الحكومية
·التفتيش المهين أثناء زيارة المعتقلين
·منع الزيارات الخاصة
·الطرد من الوظائف
·السماح لهم بزيارة وحيدة في الأسبوع وأثناء الحصة الدراسية الصباحية فقط
·منع السفر وعدم تجديد الجوازات.
وقد سجلنا في المركز عديد الحالات التي تؤكد هذه الممارسات المخالفة لحقوق الطفل.

1- المنع من إكمال الدراسة

حالة عائشة حسين الجابري:

قامت وزارة التعليم العالي في الإمارات بانتهاك صارخ لحق التعلم والحريات الأساسية حيث منعت الطالبة عائشة حسين الجابري ابنة السجين السياسي حسين الجابري من التسجيل في اختبار السيبا وهو امتحان عام لاختبار الكفاءة التربوية وأحد أهم الشروط للالتحاق بالجامعة.

وقد قابل شقيقها محمد حسين الجابري يوم 27 أبريل 2014 المسؤولين بالوزارة الذين أبلغوه بوجود تعليمات “من خارج الوزارة” بشطب ملف عائشة وعدم تسجيلها مع أنها مستكملة جميع الشروط ودون إبداء الأسباب. مع العلم أن التسجيل الكتروني وهذا يعني أن الوزارة تمارس الرقابة حتى على السجلات الإلكترونية وتقوم بتصفية الملفات غير المرغوب فيها دون احترام للقانون وهذا ما حدث لعائشة حسين الجابري.

وعلى إثر هذه المقابلة قام شقيقها بتقديم تظلم يوم 29 أبريل 2014 لوزارة الإشراف بيّن فيه أن حرمان شقيقته من تعليمها الجامعي مظلمة في حقها وهي لم ترتكب ذنبا تعاقب عليه وتحرم من حقها.

يوم 1 ماي 2014 تلقى السيد محمد حسين الجابري ردا من الوزارة يبلغه برفض التظلم من دون ذكر الأسباب ويغلق أمامه أي سبيل آخر لتسجيل أخته.

محمد وعائشة هما نجلي سجين الرأي حسين الجابري المحكوم ضمن مجموعة “الامارات94” ويتعرض أفراد عائلته لجملة من المضايقات والمظالم بدءا بفصل نجله من وظيفته ومنعه من السفر ثم حرمان ابنته من الالتحاق بالجامعة.

بمنعها لعائشة من مزاولة تعليمها الجامعي تكون دولة الإمارات قد انتهكت:

– المادة (28) من دستور الإمارات العربية المتحدة التي تنص على أن ” العقوبة شخصية بحتة “، في حين تتعرض عائلات السجناء السياسيين إلى العقاب الجماعي في انتهاك واضح للدستور

– المادة (17) من الدستور التي تنص على أن” التعليم عامل أساسي لتقدم المجتمع وهو إلزامي في مرحلته الابتدائية ومجاني في كل مراحله داخل الاتحاد، ويضع القانون الخطط اللازمة لنشر التعليم وتعميمه بدرجاته المختلفة والقضاء على الأمية”.

– المادة 2 من اتفاقية حقوق الطفل التي تشدد على أن” تحترم الدولالأطراف الحقوق الموضحة في هذه الاتفاقية وتضمنها لكل طفليخضعلولايتها دون أي نوع من أنواع التمييز، بغض النظر عن عنصر الطفل أو والديه أوالوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهمأو دينهم أو رأيهم السياسي أو غيرهأو أصلهم القومي أو الاثني أوالاجتماعي، أو ثروتهم، أو عجزهم، أو مولدهم، أو أي وضع آخر”

– الفقرة الثانية من المادة 2 من اتفاقية حقوق الطفل التي تنص على أن “تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتكفل للطفل الحماية منجميع أشكال التمييز أو العقاب القائمة على أساس مركز والديالطفل أو الأوصياء القانونيين عليه أو أعضاء الأسرة، أو أنشطتهم أو آرائهم المعبر عنها أو معتقداتهم”.

2- التضييق على زيارة الآباء المعتقلين

تمارس السلطات هذه التضييقات على أقارب وأبناء المعتقلين السياسيين بشكل مستمر وتحرم بذلك عشرات الأطفال من رؤية والدهم المعتقل دوريا ومن بين هذه القيود نذكر:

– يسمح لعدد محدود من أفراد من العائلة بزيارة المعتقل ومن خلف حاجز زجاجي وهو ما يحرم جزءا من العائلة من رؤية الأب بشكل مستمر. ويحرم بعض الأبناء من الالتقاء مع والدهم المعتقل بشكل طبيعي وفي جو عائلي

– الزيارات تتم صباحا متزامنة مع حصص دراسة الطفل وهو ما يحرمهم من الزيارة

– منع الزيارة في الأعياد والمناسبات أو تأخيرها لمعاقبة والتنكيل بالمعتقلين وعائلاتهم.

– يتعرض عدد من المعتقلين إلى الاختفاء القسري قبل محاكمتهم أو إطلاق سراحهم ويبقى الأهل والأبناء دون تواصل معهم طيلة فترة الاختفاء ولا تبلغهم السلطات عن أماكن حجزهم ولا أسباب الاعتقال. ويعيش الأبناء بسبب هذه الممارسات حالة من الخوف والقلق تؤثر على حالتهم النفسية ودراستهم وتمنعهم من الحق في المعلومة.

وفي ذلك مخالفة صارخة للمادة 9 من اتفاقية حقوق الطفل المتعلقة بتعرض أحد الوالدين أوكليهما للاحتجاز أو الحبس أو النفي أو الترحيل أو الوفاةبما في ذلك الوفاة التي تحدث لأي سبب أثناء احتجاز الدولة للشخص،” تقدم تلك الدولة الطرف عند الطلب، للوالدين أو الطفل، أوعند الاقتضاء، لعضو آخر من الأسرة، المعلومات الأساسية الخاصةبمحل وجود عضو الأسرة الغائب أو أعضاء الأسرة الغائبين) إلا إذا كان تقديم هذه المعلومات ليس لصالح الطفل).” بينما غالبا ما تنفي السلطات علمها بمكان الأب المختفي قسرا وتترك العائلة والأبناء في حالة انتظار وقلق لفترات طويلة.

حالة أحمد الملا

يوم 1 مايو 2014، اعتقلت قوات من القصيص أحمد المولى محمد عبد الرحمن الملا في دبي دون أسباب واضحة.

استدعت شرطة القصيص الملا عن طريق الهاتف حيث اتصلوا به على الساعة العاشرة ليلا وطلبوا منه الحضور إلى المركز على الفور فتحوّل الملا على إثر المكالمة إلى قسم الشرطة مرفقا بابنه. بعد وقت قصير من وصوله، أخذه الضباط من الباب الخلفي للمركز نحو مقر سكناه بالمزهر 2 بينما كان ابنه ينتظره خارج المركز.

حال وصوله إلى المنزل اتصل أحمد الملا بزوجته لتفتح الباب دون أن يقول كلمة واحدة عن اعتقاله. ففتحت الباب الرئيسي لتدخل أربع سيارات سوداء من نوع جمس وسيارات أخرى عادية، نزل منها اثنا عشر عونا بعضهم يرتدى ملابس سوداء ووجوههم مغطاة وبينهم أعوان من المدنيين.

قضت الشرطة في المنزل أكثر من ساعتين: من الحادية عشرة ليلا إلى الواحدة صباحا على مرأى ومسمع من الأطفال كما صعدوا إلى الطابق العلوي حيث تم تفتيش غرف النوم، دون أن يتركوا أي أثر يدل على التفتيش. كل شيء كان مرتبا ما عدا غرفة واحدة حيث بقيت آثار التفتيش واضحة. وقبل مغادرة المنزل فتشوا أيضا سيارات أحمد.

ثم ودع أحمد الملا أفراد عائلته وغادر مع الشرطة. وقد جرت عملية الاعتقال أمام أعين زوجته وأبنائه الصغار وأحد أقاربه. في الأثناء كان ابنه لا يزال أمام مركز شرطة القصيص في انتظار والده حتى انتهت العملية حيث اتصلت به العائلة وأخبرته بما حدث، إذ منعتهم الشرطة من القيام بأي اتصال هاتفي أثناء التفتيش.

حالة بدر البحري

اعتقل حراس الأمن بالقصيص يوم الثلاثاء 22 أبريل 2014 بدر حسين آل عبد الله البحري ويعتقد أنه تم نقله إلى أبو ظبي لأسباب مجهولة.

وعلمنا من مصادر مطلعة أنه خلال عملية تفتيش في مركز الشرطة اعتقلت عناصر أمنية بدر حسين البحري ورافقوه إلى منزله حيث قاموا بتفتيش المنزل وترويع أبنائه الصغار حيث وضعوا البنين والبنات في غرف منفصلة تحت رقابة رجال الأمن. وخلال البحث قاموا بمصادرة جواز سفر بدر وأبلغوا العائلة أن جهاز أمن الدولة هو من اعتقله دون شرح الأسباب.

حالة عامر الشوا

د. عامر الشوا، من حاملي الجنسية التركية، كان قد وصل إلى دبي يوم الخميس الموافق لـ 2 أكتوبر 2014. وقد كانت أمه ذات الثمانين عاما بانتظاره وكذلك أولاده ينتظرون رؤية أبيهم.

وقد حطت الطائرة في حوالي الساعة 6:30 صباحا. ولكن عامر لم يخرج من المطار. ورغم سؤال العائلة المستمر لشرطة المطار ثم شرطة البرشا فلم يحصلوا على أي معلومة تفيدهم عن وجوده ولمدة تجاوزت 34 ساعة حيث تم لاحقا إعلام موظفي السفارة التركية بأنه تم نقله إلى أبو ظبي. ولايزال عامر إلى اليوم محتجزا لدى السلطات الإماراتية في مكان غير معلوم دون سبب واضح.

عامر الشوا، والد لثلاثة أبناء منهم: أبو بكر (14 سنة) وعفاف (17 سنة). وتقول زوجته أمال الشوا في رسالة وجهتها لمنظمات حقوقية وسفارة تركيا ” أنا وأولادي بحاجة لأن نعرف مصير عامر. إن احتجازه بهذا الشكل المريب هو أمر خارج عن إطار المألوف وعما نعرفه عن دولة الإمارات العربية المتحدة حيث لا يوجد أي سبب يدعو لهذا التصرف وهذه المعاملة.”

3- المنع من السفر ورفض تجديد الجوازات

تنص المادة 29 من الدستور الإماراتي على أن حرية التنقل والإقامة مكفولة للمواطنين في حدود القانون.

ولكن في واقع الأمر لا تمنع السلطات المعارضين فقط من السفر بل وكذلك أفراد عائلتهم وأبنائهم.

وقد بلغنا أنه منذ اعتقال مجموعة الإمارات 94 اتخذت السلطات الإماراتية إجراءات تعسفية في حق أبنائهم وأبناء المعارضين المنفيين والمهجرين خارج البلد. ومن الحالات التي وردت إلينا في المركز نذكر:

في يناير 2014 قامت أجهزة الأمن في دولة الإمارات باختطاف زوجة المواطن محمد بن صقر الزعابي، وكان رفقتها طفله البالغ من العمر أقل من عامين، وذلك لمنعهم من السفر إلى خارج البلاد، ضمن سياسة عقاب جماعي تنتهجها الإمارات بحق المطالبين بالإصلاح، حيث أن الزعابي مطلوب لدى الأمن الإماراتي. وتم توقيف الزوجة والطفل ومنعهما من السفر دون أي قرار قضائي، ولا حكم محكمة، ودون إبلاغهم سلفاً بأي منع من السفر، أو تقييد لحركتهم. تم اختطاف الزوجة من عند مركز حدودي إماراتي مع سلطنة عُمان لمنعها من السفر. كما تمنع السلطات أبناءه من السفر خارج البلاد والالتحاق بوالدهم ولم شمل العائلة.

في نفس السنة رفضت السلطات الإماراتية تجديد جوازات السفر لأبناء عدد كبير من المعتقلين والمقيمين خارج البلد.

إن هذه الإجراءات من المنع ورفض تجديد جوازات السفر تعتبر خرقا واضحا للبند العاشر من اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها دولة الإمارات حيث تنص على:

“وفقا للالتزام الواقع على الدول الأطراف بموجب الفقرة 1 من المادة 9، تنظر الدول الأطراف في الطلبات التي يقدمها الطفل أو والداه لدخول دولة طرفأو مغادرتها بقصد جمع شمل الأسرة، بطريقة إيجابية وإنسانية وسريعة. وتكفل الدول الأطراف كذلك ألا تترتب على تقديم طلب من هذا القبيل نتائجضارة على مقدمي الطلب وعلى أفراد أسرهم.”

وكذلك الفقرة الثانية من هذا البند:

” للطفل الذي يقيم والداه في دولتين مختلفتين الحق في الاحتفاظ بصورة منتظمة بعلاقات شخصية واتصالاتمباشرة بكلا والديه، إلا في ظروف استثنائية. وتحقيقا لهذه الغاية ووفقالالتزام الدول الأطراف بموجب الفقرة 2 من المادة 9، تحترم الدول الأطرافحق الطفل ووالديه في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلدهم هم، وفى دخول بلدهم. ولا يخضع الحق في مغادرة أي بلد إلا للقيود التي ينص عليهاالقانون والتي تكون ضرورية لحماية الأمن الوطني، أو النظام العام، أوالصحة العامة، أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم وتكون متفقةمع الحقوق الأخرى المعترف بها في هذه الاتفاقية.

يتضح من حالات المنع من السفر التي وردت إلينا أن دولة الإمارات لم تحترم بنود الاتفاقية في هذا الخصوص وساهمت في تشتيت شمل هذه العائلات والإضرار بالأطفال وحشرهم في قضايا سياسية لا دخل لهم بها.

توصيات

يدعو المركز الولي للعدالة وحقوق الإنسان لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة وجميع المنظمات الناشطة في مجال حقوق الطفل إلى حث دولة الإمارات على:

1- احترام اتفاقية حقوق الطفل ودستور الإمارات.

2- الكف عن التمييز بين الأطفال على اعتبار نشاط أباءهم وانتماءاتهم السياسية.

3- إعطاء الحقوق لأبناء البدون.

4- احترام حق أبناء المعتقلين في زيارة آبائهم وتوفير ظروف ملائمة لا تلحق الضرر بنفسية الطفل.

5- احترام المادة 9 من اتفاقية حقوق الطفل وضمان الحق في المعلومة لأبناء المختفين قسرا.

6- احترام المادة 10 من الاتفاقية الخاصة بجمع شمل الأسرة والسماح للأبناء بالسفر لملاقاة والديهم.

7- الإسراع بالمصادقة على قانون حقوق الطفل وضمان تطبيقه بنزاهة وعدالة.

8- ضمان اتفاق التشريعات المحلية مع مبادئ وأحكام الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.

لمزيد المعلومات يمكن الاتصال بنا على بريد المركز [email protected] أو عبر الهاتف +41 79 129 09 06