حقوق المرأة في دولة الإمارات

إعادة نشر بواسطة محاماة نت 

 

جنيف في 11 مارس 2015

 

بمناسبة اليوم العالمي للمرأة يذكر المركز الدولي للعدالة وحقوق الانسان بأن دولة الامارات تحتجز منذ 15 فبراير 2015 الشقيقات أسماء ومريم واليازيه خليفة السويدي دون وجه حق ودون الاعلام عن مكان الاعتقال أو الأسباب أو السماح بحضور محامي.

وتعكس هذه الممارسات القمعية بطلان تصريحات الدولة ومن يمثلها أمام الهيئات الأممية في خصوص الادعاء بجهود الدولة وانجازاتها في خصوص المرأة. حيث مازالت المرأة في الإمارات تعاني من التمييز ورسوخ هذا المعنى في التشريعات والممارسات الأمنية ومثال ذلك ما تعانيه زوجات المعتقلين والمقيمين في الخارج من عراقيل إدارية بسبب غياب الزوج.

حيث تتعطل الوثائق الإدارية للأبناء في حال غياب الأب ويشترط حضوره أو تقديم بطاقة هويته لمتابعة الإجراء وبذلك تعجز الزوجة عن إدارة شؤون أبنائها في غياب الزوج وكثيرا ما يقوم جهاز الأمن بتعطيل شؤون العائلة للتشفي من الأب المعارض أو الناشط الحقوقي. وتصبح الزوجة عاجزة تماما عن القيام بشؤون أسرتها وتابعة للزوج في كل مناحي الحياة وهو ما يتعارض مع التزامات الدولة وتعهداتها بالعمل على تحقيق استقلالية المرأة وضمان حقوقها وتصريف شؤون العائلة على قدم المساواة مع الرجل.

وهو أيضا خلل في فهم المادة الأولى من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي صادقت عليها دولة الامارات التي تنص على أن “مصطلح التمييز” يعني:

” أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه، توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل.”

حرية التجمع والتنظم

لا يوجد أحزاب في الإمارات، والمرأة في الإمارات لا تستطيع الانتساب لأي فكر سياسي أو إبداء رأيها بحرية لأن دولة الإمارات لا تقبل ذلك بل تعتبره جريمة والديمقراطية في الإمارات هي ديمقراطية خاصة كما يقول محمد بن راشد رئيس الوزراء حيث مجالس الشيوخ والحكام وليس خارج هذا الإطار، حيث يعتبر من يخرج عن هذا الإطار بأنه ضد الدولة وقد يقدم للمحاكمات.

كذلك حرية التجمع للنساء غير مكفولة إلا في إطار ما توافق عليه الأجهزة الأمنية وبما يتناسب مع توجهات الحكومة أما عدا ذلك فقد يعرض المرأة للاتهام والمسائلة بل والنقل من الوظيفة كما حصل مع مجموعة كبيرة من النساء اللواتي تم نقلهن من التعليم إلى وزارات خدمية لا علاقة لها باختصاصهن بسبب ما يحملنه من أفكار لا تتناسب مع رغبات الدولة وما يتناسب مع الحق في التعبير.

كما أن إنشاء جمعيات النفع العام تكون في إطار الموافقة الأمنية التي تتحكم في كل مفاصل الدولة وبالتالي حل أي مجلس إدارة لا يتوافق مع هذه السياسة.

ونتاجا لهذه السياسة القمعية تعاني مجموعة كبيرة من النساء الناشطات في المجال الحقوقي أو الداعيات إلى إصلاحات سياسية أو زوجات وبنات دعاة الإصلاح إلى مضايقات عديدة وانتهاكات نذكر منها:

1- تعرض النساء اللائي حوكمن ضمن مجموعة “الامارات94” إلى المنع من السفر ومن الوظيفة رغم حصولهن على حكم بالبراءة. إضافة إلى تسليط عقوبات على أبنائهن من مثل المنع من السفر والدراسة والوظيفة أيضا.

2- النقل التعسفي من الوظائف: تنتهج الدولة سياسة العقاب الجماعي لعائلات المعتقلين السياسيين والنشطاء بشكل منهجي حيث بلغنا في المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان أنه تم نقل عدد من النساء بعضهن قريبات للمعتقلين من أعمالهن في وزارة التربية (إداريات ومعلمات) إلى وزارات أخرى

3- المنع من الدراسة: فقد بلغنا في المركز أن الجهات الأمنية تتدخل بشكل مباشر في عمل المؤسسات التعليمية وتحرم بذلك عددا من الفتيات من مواصلة تعليمهن بسبب الانتماء السياسي لآبائهن. وهو تمييز في حقهن والحال أن الإمارات تعهدت أمام مجلس حقوق الإنسان سنة 2013 بمواصلة جهودها لزيادة تعزيز التحاق الفتيات بالتعليم الثانوي والعالي ومشاركة النساء في المجالين المهني والسياسي (توصية رقم 128-100)

4- المنع من السفر: تنص المادة 29 من الدستور الإماراتي على أن حرية التنقل والإقامة مكفولة للمواطنين في حدود القانون. ولكن في واقع الأمر لا تمنع السلطات المعارضين فقط من السفر بل وكذلك زوجاتهم وبناتهم. وقد بلغنا أنه منذ اعتقال مجموعة الإمارات 94 اتخذت السلطات الإماراتية إجراءات تعسفية في حق زوجات وبنات المعتقلين والنشطاء المقيمين خارج البلد. وجهاز الأمن يقيد حرية التنقل للعديد من زوجات وأبناء المعتقلين والنشطاء دون وجه حق ودون حكم قضائي وبالمخالفة لأحكام القانون. وهو خرق للفقرة 4 من المادة 15 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة:” تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالتشريع المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم.”

5- التجويع والتنكيل بزوجات معتقلي الرأي: يتعرض أهالي المعتقلين لسياسة عقاب جماعي تمارسها السلطة للضغط على المعتقلين وتخويف عائلاتهم وقد سجلنا في المركز عديد الحالات التي تستهدف فيها النساء والبنات في أرزاقهن وقوتهن بتوقيف الرواتب ومنع الأسرة من التصرف في الأموال وتعطيل إجراءات الوكالة والحجر على الممتلكات

6- التهديد بالاعتقال وتلفيق القضايا: تتعرض زوجات وبنات وشقيقات العديد من سجناء الرأي إلى مضايقات وتهديدات تمارسها أجهزة الأمن بدون اعتبار الأعراف السائدة في الإمارات وقد علمنا في المركز أن يوم 15 فبراير 2015 استدعى جهاز الأمن شقيقات سجين الرأي عيسى خليفة السويدي المحكوم في قضية ال 94 إماراتي وهن أسماء ومريم واليازيهخليفة السويدي وهن مختفيات منذ الرابعة مساءا للتحقيق ولم يعدن منذ ذلك الوقت ولا تعرف عائلاتهن عنهن شيئا إلى هذه اللحظة ولا عن مكان احتجازهن. كذلك تم تلفيق قضية لابنة المعتقل محمد المنصوري وحجزها لعدد من الساعات في شهر نوفمبر 2012 ثم الإفراج عنها بكفالة. وبعدها حاولوا إيقافها في شهر فبراير2013 لكن محاولة الاعتقال لم تتم نظرا لعدم تواجدها في المنزل وظلت مختفية لمدة تقارب الشهر حتى تم الحكم لها بالبراءة. كانت تبلغ من العمر 23 سنة. التلفيق حصل قبل بدء محاكمة والدها (المتهم من دعوة الإصلاح) بنحو 4 أشهر.

7- التضييق على زيارة السجناء والاتصال بهم: تتعرض زوجات المعتقلين وأمهاتهم وبناتهم وأخواتهم إلى سوء المعاملة باستمرار خلال زيارة السجناء بسجن الرزين مثل المنع من الزيارة دون سابق إبلاغ بحيث تقطع الأسرة مسافة لا تقل عن ساعتين ونصف ويتم الإبلاغ عند سجن الرزين بالمنع.

الاتجار بالمرأة والعمالة المنزلية

كذلك الشأن في موضوع الاتجار بالمرأة والعمل في الدعارة وهي من أهم المشاكل التي تواجهها الدولة وذلك بسبب العمالة الكبيرة التي لا يتوفر لها ما يعينها على جلب أسرها بالإضافة إلى ضعف الرقابة على الأماكن التي تقدم الدعارة بشكل مستتر، وغض النظر من قبل الدولة عنها رغم وضوح نشاطها وورود شكاوى من كثير من الناس حولها. وقد قامت المقررة الخاصة المعنية بمسألة الاتجار بالأشخاص، لاسيما النساءوالأطفال، جوي نغوزي إزيلو في الفترة من 11إلى17 نيسان /أبريل 2012 بزيارة الامارات وذكرت في تقريرها أنّ العاملين في مجال الجنس يمثلون “القوة العاملة الخفية التيتلبي الطلب المتواصل على الخدمات الجنسية لا من جانب المواطنين والسياح فحسب، بل ومن جانب اﻟﻤﺠموعة السكانيةالضخمة للعمال المهاجرين الذكور ممن يتركون زوجاﺗﻬم وأسرهمفي بلدان منشئهم. وبالتالي، أصبح الاتجار بالنساء والفتياتلأغراض الاستغلال الجنسي ظاهرة متفشية في الإمارات،ضحاياها من أفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية وجنوبآسيا.

وعادة ما يستغل المتاجرون ضعف الضحايا وعوزهن،فيخدعونهن بوعود بالعمل موظفات بيع، أو خادمات في المنازل،أو عاملات استقبال في الفنادق أو عاملات خدمة في المطاعم.

ويرتب المتاجرون سفر هؤلاء النساء والفتيات إلى الإماراتالعربية المتحدة عن طريق أشخاص آخرين يَستعملون فيحالات عديدة واجهات شركات مسجلة في الإمارات لتجهيزوثائق سفر وتأشيرات وتصاريح دخول. وحال وصول الضحاياإلى الإمارات العربية المتحدة، تسحب جوزاﺗﻬن أو تصادر عنوة منهن، ويحبسن في شقق ودور سكنية ويرغمن على سداد نفقاتمزعومة مرتبطة بترتيبات تأشيراﺗﻬن. اضطررن معها إلى ممارسة البغاء بغية سداد ذلك الدين. وفي حال رفضهن،يصار إلى ضرﺑﻬن وإساءة معاملتهن عن طريق إرغامهن علىممارسة الجنس وﺗﻬديدهن، في حال هروﺑﻬن أو لجوئهن إلى الشرطة، يواجهن عقوبة السجن قبل ترحيلهن لوجودهن فيالبلد بصورة غير قانونية و/أو انخراطهن في تجارة غيرمشروعة.

وتخضع هؤلاء النساء والفتيات للمراقبة والمرافقة في جميع الأوقات، ويرغمن على تقديم خدمات جنسية إلى الزبائن دونالحصول على أي جزء من الأموال التي يجمعها المتاجرون أوالمدبرون ب ذريعة ما هو مستحق لهؤلاء من “دين”. وفي ظل هذه الظروف، لا يتسنى الفرار أو الاتصال بالشرطة إلا لعددقليل من الضحايا.”

كما أكدت توصيات مجلس حقوق الإنسان في دورتها على أن تواصل الحكومة الإماراتية “جهودها لتوفير مزيد من الحماية لخدم المنازل وتحسين ظروفهم المعيشية. ” ولكن حكومة الإمارات تحفظت في نفس الوقت على التوصية الخاصة بمكافحة التمييز ضد غير المواطنين لاسيما خدم المنازل. وهو ما يعكس ازدواج المعايير لدى الحكومة والتمييز بين النساء المواطنات والوافدات.

إن المتأمل في وضع المرأة في الإمارات يلحظ تطور حضور المرأة في عديد المجالات وفي التشريعات والتصورات ولكن ما نخشاه هو أن تكون هذه الإنجازات لافتة خارجية تبهر بها العالم بينما في أرض الواقع تواصل الحكومة تطبيق سياسة المكيالين في التعامل مع ملف المرأة فتصبح المرأة الموالية لسياسات الحكومة هي التي تحظى بالامتيازات والحقوق بينما تعامل المرأة المعارضة والمطالبة بالإصلاحات السياسية أو حتى عندما لا يكون لها أي نشاط سوى أن زوجها أو والدها أو أحد أفراد أسرتها ممن لا ترضى عليه الأجهزة الأمنية فتصبح حينها مواطنة من درجة ثانية ليس لديها الحق في العيش الكريم. وحتى لا تبقى وعود حكومة الإمارات وإنجازاتها حبرا على ورق نعتقد أنها مطالبة بجملة من الإجراءات لتحسين وضع المرأة في الإمارات وتحقيق المساواة بين جميع النساء وبين النساء والرجال.

يدعو المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان دولة الإمارات إلى:

1- إطلاق سراح أسماء ومريم واليازيه السويدي فورا ودون قيد أو شرط

2- احترام بنود اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والالتزام بتعهداتها

3- المساواة بين المواطنات في تطبيق بنود الاتفاقية وفي تعزيز حقوق المرأة دون تمييز على أساس الجنس أو الجنسية أو الولاء السياسي

4- احترام المواد 1 و3و6و7و9و10و11و15 من الاتفاقية

5- الوفاء بتعهداتها أمام مجلس حقوق الإنسان في خصوص حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين ومواءمة التشريعات

6- كف المضايقات والضغوطات عن زوجات وبنات وأخوات معتقلي الرأي

7- احترام حرية المرأة في التنقل والسفر والحصول على وثائق السفر

8- الكف عن ملاحقة المعارضات لنظام الحكم أو الناشطات الحقوقيات أو على الشبكات الاجتماعية والاعتراف بحق المرأة في ممارسة نشاط سياسي وجمعياتي دون خوف أو تقييد للحرية

9- السماح لبنات المعتقلين بالتمتع بحقوقهن كاملة وعلى قدم المساواة في التعليم والمنحة الدراسية والوظيفة

10- المساواة في الوظائف والرواتب والترقيات دون اعتبار للولاءات أو للقرابة مع معتقلي الراي

11- حق المرأة في النشاط الجمعياتي والمشاركة الفاعلة في المجتمع دون تمييز على أساس ميولاتها الفكرية أو السياسية

12- رد الحقوق لأسر المعتقلين والكف عن محاصرتهم في أرزاقهم وتجويعهم وتمكين الزوجات من العمل وكسب الرزق وتسيير شؤون العائلة في غياب الزوج

13- احترام حق المرأة في حماية أسرتها ولم شمل العائلة والكف عن منع زوجات المعتقلين من زيارة أزواجهن أو الالتحاق بمن هم خارج البلد للحفاظ على وحدة العائلة وتماسكها.