بعبع المادة (77) من نظام العمل

المادة 77 المعدلة من نظام العمل أثارت وما زالت تثير ضجة كبيرة ونقاش حول كونها المخرج القانوني لأصحاب العمل والشركات لفصل العاملين فيها بسهولة مقارنة بما قبل التعديل. لذا تهدف هذه المقالة إلى الإجابة على الأسئلة التالية: هل المادة (77) بالفعل سهلت وأسست لفصل الموظفين؟ إن كذلك صحيحاً، فإلى أي مدى أصبح من السهل فصل العاملين؟ وكيف يمكن تعويضهم عند الفصل؟ كيف يمكن للعامل أن يحمي نفسه من الفصل؟ كيف يمكن لصاحب العمل أن يحمي نفسه عند الفصل؟

أولاً: المادة ٧٧

تنص المادة (77 الملغية) على ما يلي: “إذا أنهي العقد لسبب غير مشروع كان للطرف الذي أصابه ضرر من هذا الإنهاء الحق في تعويض تقدره هيئة تسوية الخلافات العمالية، يراعى فيه ما لحقه من أضرار مادية وأدبية حالة واحتمالية وظروف الإنهاء.“

أما المادة (77 الجديدة) فتنص على ما يلي: “ما لم يتضمن العقد تعويضاً محدداً مقابل إنهائه من أحد الطرفين لسبب غير مشروع، يستحق الطرف المتضرر من إنهاء العقد تعويضاً على النحو الآتي:

١ – أجر خمسة عشر يوماً عن كل سنة من سنوات خدمة العامل، إذا كان العقد غير محدد المدة.

٢ – أجر المدة الباقية من العقد إذا كان العقد محدد المدة.

٣ – يجب ألا يقل التعويض المشار إليه في الفقرتين (١) و(٢) من هذه المادة عن أجر العامل لمدة شهرين“.

يتضح إذن أن الأمر الجديد الذي طرأ على المادة ٧٧ ليس له علاقة بتسهيل فصل العاملين وإنما قامت فقط بسحب سلطة القاضي في تحديد “التعويض” عن الفصل “الغير مشروع” وحددت التعويض بدلاً عن القاضي وأتاحت لأطراف العقد (صاحب العمل والعامل) على الاتفاق على التعويض الأنسب في حال حدث إنهاء للعقد لسبب غير مشروع. إذن يتضح مما سبق أن المادة (77) ليست الأساس القانوني لفصل العاملين وإنما وضعت آلية التعويض عند الفصل الغير مشروع فقط، لذلك فإن استخدامها في الجدل الذي يحصل يؤكد بالضرورة عدم قيام الجدل على فهم سليم من أساسه للقانون ويثير الشك في مضمونه سواء من المؤيد أو المعارض، من العامل أو صاحب العمل، ومن المتخصص من عدمه. وهو جدلاً رهيباً وصل وتحدث به أبسط عامل لا يفقه في قانون العمل إلى أروقة مجلس الشورى ومسؤولي وزارة العمل. ولو بحثت في جوجل عن ما كتب في شأن المادة ٧٧ لوجدت العشرات من الكتابات التي تحدثت عنها بأدنى فهم.

ثانياً:ماهي الأسباب المشروعة لإنهاء عقد العامل؟

إذن ماهي أسباب الإنهاء المشروعة، وهو المجال الذي قد يجد صاحب العمل فيه أدوات لإنهاء العقد دون الإلتزام بمدة العقد ودون تطبيق المادة ٧٧ (والتي كما قلنا لا علاقة لها بالإنهاء ذاته وإنما تختص بالتعويض فقط)، إنها المادة ٧٤ والتي تم تعديلها لإتاحة أدوات أكثر لأصحاب العمل لإنهاء العقود بشكل مشروع وكذلك المادة ٨٠. وهذه المواد حصرت الأسباب المشروعة لإنهاء العقود ولم تحصر او تتطرق لماهية الأسباب “الغير مشروعة”، إذن يكون السبب الغير مشروع هو أي سبب غير الأسباب المشروعة المنصوص عليها.

ما الذي نصت عليه المادة ٧٤؟

أسباب انتهاء العقد:
إذا اتفق الطرفان على إنهائه، بشرط أن تكون موافقة العامل كتابية.
إذا انتهت المدة المحددة في العقد – ما لم يكن العقد قد تجدد صراحة وفق أحكام هذا النظام – فيستمر إلى أجله.
بناءً على إرادة أحد الطرفين في العقود غير المحددة المدة. (وأضافت التعديلات الجديدة اشتراط أن يتم ذلك وفق مادة 75 المعنية بآلية التعويض في هذه الحالة)
بلوغ سن التقاعد: 60 للرجال و 55 للنساء (إلا في حالتين: الاتفاق على الاستمرار أو إذا كان تاريخ نهاية العقد يمتد إلى ما بعد سن التقاعد).
القوة القاهرة.
وأضافت التعديلات الجديدة الأسباب المشروعة الإضافية التالية:

إغلاق المنشأة نهائياً.
إنهاء النشاط الذي يعمل فيه العامل، ما لم يُتفق على غير ذلك.
أي حالة أخرى ينص عليها نظام آخر.
وهنا تجدر الإشارة أن كثير من حالات الفصل الجماعي والفردي التي حصلت مؤخراً بعد إقرار التعديلات الجديدة على النظام تتعلق بالتعديل السابق الخاص بـ “إنهاء النشاط الذي يعمل فيه العامل”. وهذا هي إحدى الأدوات الجديدة التي أزالت عقبة كانت أمام الشركات في فصل العاملين لديها.

إضافة إلى الأسباب المشروعة لإنهاء العقود، هناك أسباب مشروعة لـ”فسخ” العقود، (أي إنهاءه بدون منح مكافأة، أو إشعار، أو تعويض ولكن بشرط أن يتاح للعامل الفرصة لكي يبدي أسباب معارضته)، وهي 9 حالات محصورة:

إذا وقع من العامل اعتداء على صاحب العمل أو المدير المسؤول أو أحد رؤسائه أثناء العمل أو بسببه. (وأضافت التعديلات الجديدة الاعتداء على المرؤوسين).
إذا لم يؤدِّ العامل التزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل أو لم يطع الأوامر المشروعة أو لم يراعِ عمداً التعليمات – التي أعلن عنها صاحب العمل في مكان ظاهر – الخاصة بسلامة العمل والعمال رغم إنذاره كتابة. (التعديلات الجديدة أكدت وأوضحت لإزالة أي لبس أن الإعلان عن التعليمات يجب أن يكون سابق على عدم اتباعها، فالنص القديم قال: المعلن عنها في مكان ظاهر).
إذا ثبت اتباع العامل سلوكاً سيئاً، أو ارتكابه عملاً مخلاً بالشرف أو الأمانة.
إذا وقع من العامل – عمداً – أيُّ فعلٍ أو تقصيرٍ يقصد به إلحاق خسارة مادية بصاحب العمل، بشرط أن يبلغ صاحب العمل الجهات المختصة بالحادث خلال أربع وعشرين ساعة من وقت علمه بوقوعه.
إذا ثبت أن العامل لجأ إلى التزوير ليحصل على العمل.
إذا كان العامل مُعيَّناً تحت الاختبار.
إذا تغيب العامل دون سبب مشروع أكثر من ثلاثين يوماً خلال السنة العقدية الواحدة أو أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية، على أن يسبق الفصل إنذار كتابي من صاحب العمل للعامل بعد غيابه عشرين يوماً في الحالة الأولى وانقطاعه عشرة أيام في الحالة الثانية. (الفقرة الملغية نصت على ما يلي: إذا تغيب العامل دون سبب مشروع أكثر من عشرين يومًا خلال السنة الواحدة، أو أكثر من عشرة أيام متتالية، على أن يسبق الفصل إنذار كتابي من صاحب العمل للعامل بعد غيابه عشرة أيام في الحالة الأولى، وانقطاعه خمسة أيام في الحالة الثانية).

إذا ثبت أن العامل استغل مركزه الوظيفي بطريقة غير مشروعة للحصول على نتائج ومكاسب شخصية.
إذا ثبت أن العامل أفشى الأسرار الصناعية أو التجارية الخاصة بالعمل الذي يعمل فيه

إذن بإختصار المادة ٧٧ ليست أساساً قانونياً أو مفتاحاً في تسريح العاملين. فهي مادة تختص بالتعويض فقط عن التسريح عن العمل لسبب غير مشروع. أما عن الأسباب المشروعة؟ فقدت حصرتها المواد ٧٤ و٨٠. والأسباب الغير مشروعة هي أي حالة لم يتم ذكرها كسبب مشروع. وبناء على ذلك، عند كل حالة إنهاء للعقد يسأل العامل او صاحب العمل: هل تم الإنهاء وفق أي من الحالات المحددة في المادة ٧٤؟ إن لم يحدث ذلك، فهل حدث وفق المادة ٨٠؟ إن لم يكن كذلك٬ هل تم الإتفاق في العقد على التعويض عند الإنهاء لسبب غير مشروع؟ لا؟ إذن تنطبق المادة ٧٧.

ماذا عن الإتفاق في العقد على تحديد التعويض وهل الأفضل أن يكون العقد محدد المدة أم مفتوح؟ تابعنا.

ماذا عن البعبع!؟ قد يكمن في ٧٤!

إعادة نشر بواسطة محاماة نت