– كسب الملكية بسبب الوفاة:

اكتفى المشروع فيما يتعلق بالميراث بنص المادة (940) التي تحيل إلى أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة في شأنها فلم يسلك مسلك بعض التقنيات العربية ” المصري، الليبي، السوري، الأردني ” التي وضعت في مدونة القانون المدني القواعد التفصيلية لتصفية التركة من تعيين مصفٍ وما يقوم به المصفي في سبيل جرد التركة وتسوية الديون وتسليم أموال التركة إلى مستحقها وقسمتها، وآثر المشروع أن يسلك مسلك الدول الأخرى التي اكتفت بالإحالة في كل ما يتعلق بالميراث على أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الخاصة ” السوداني م 795، والصومالي م 724، والجزائري م 774 “، وذلك أن نظام تصفية التركة تصفية جماعية، على نحو ما فعله المشرع المصري، والقوانين التي نقلت عنه، ينطوي على إجراءات طويلة ونفقات وبالتالي يندر الالتجاء إليه في العمل، وإذا فرض أن بدت الحاجة إلى تنظيمه فالأفضل أن يكون ذلك بقانون خاص يراعى عند وضعه ما تبدو الحاجة إليه من قواعد على ضوء الظروف الواقعية.

وكذلك أحال المشروع فيما يتعلق بالوصية على أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة في شأنها، ونظرًا إلى أن حق الشخص في الإيصاء، وهو تصرف مضاف إلى ما بعد الموت على سبيل التبرع محدود أولاً بثلث التركة بحيث لا تنفذ الوصية في حق الورثة فيما يجوز الثلث إلا بإجازتهم، كما أن الوصية لوارث لا تنفذ في حق الورثة إلا بإجازتهم، نظرًا لهذا فقد يلجأ بعض الأشخاص إلى التحايل على أحكام الوصية بسترها في صورة تصرف منجز حال الحياة، أو بستر التبرع الصادر في مرض الموت في صورة معاوضة، فيكون من حق الورثة أن يثبتوا حقيقة التصرف حتى لا ينفذ في حقهم أو لا ينفذ إلا في حدود ثلث التركة.

وتيسيرًا على الورثة في إثبات حقيقة التصرف، وضع المشروع في المادتين (942 و943) قرينتين في حالتي التصرف في مرض الموت والتصرف لوارث مع احتفاظ المتصرف بحيازة العين والانتفاع بها مدى حياته وذلك على النحو التالي:

وتعرض المادة (942) لحالة التصرف في مرض الموت، وهو المرض الذي يغلب فيه الهلاك عادةً، ويتصل به الموت فعلاً وفي حكم التصرف في مرض التصرف الذي يصدر من شخص في حال الصحة ولكن في ظروف يتحقق فيها الموت عادة ويموت الشخص فعلاً كما هي الحال بالنسبة للمحكوم عليه بالإعدام ومن يوجد في سفينة أشرفت على الغرق.

والقاعدة في الشريعة الإسلامية أن حقوق الورثة تتعلق بمال المريض من وقت المرض ليخلص لهم الثلثان مما يبقى بعد سداد الديون لأن المرض سبيل إلى الموت غالبًا فأقيم مقامة في تعلق حقوق الورثة بمال صاحبه، وإن كان هذا المرض لا يمنع أن للمريض حقًا في ماله وتطبيقًا لهذا نصت الفقرة الأولى من المادة (942) على أن التصرف الذي يصدر من المريض مرض الموت بقصد التبرع يعتبر تصرفًا مضافًا إلى ما بعد الموت ويأخذ حكم الوصية.

وإعمال هذه القاعدة يقتضي توافر شرطين:

الشرط الأول:

أن يثبت أن التصرف قد تم في مرض الموت وعلى الورثة أن يثبتوا ذلك، ونظرًا إلى احتمال إعطاء التصرف تاريخًا سابقًا على تاريخ المرض غشًا وتحايلاً حتى لا يأخذ التصرف حكم الوصية، فللورثة أن يثبتوا حصول التصرف في مرض الموت بجميع الطرق فلا يتقيدون بقاعدة أنه لا يجوز الإثبات بالبينة فيما يخالف ما اشتمل عليه دليل كتابي ولو أنهم لا يعتبرون من الغير بالنسبة للورقة التي صدرت من مورثهم، هذا ولم يأخذ النص بالحكم الذي وضعه المشرع المصري في الفقرة الثانية من المادة (916) ونقلته بعض القوانين العربية ” السوري م 877/ 2، الليبي م 920/ 2، الصومالي م 727/ 2، الأردني م 1128/ 2، الجزائري م 776/ 2 ” وهو: ولا يحتج على الورثة بتاريخ السند إذا لم يكن هذا التاريخ ثابتًا ” فهو حكم غير صحيح لأن الورثة لا يعتبون من الغير بالنسبة للورقة الصادرة من مورثهم وبالتالي يحتج عليهم بتاريخها ولو لم يكن ثابت التاريخ وإن كان لهم أن يثبتوا عدم صحة التاريخ بجميع الطرق ومنها البينة والقرائن لما ينطوي عليه تقديم التاريخ من غش أريد به الإخلال بحقوق الورثة في الميراث.

أما الشرط الثاني لإعمال القاعدة المنصوص عليها في الفقرة الأولى فهو :

أن يكون التصرف قد قُصد به التبرع، وفي إثبات توفر هذا الشرط وضع المشروع قرينة بسيطة لمصلحة الورثة، وذلك بالنص في الفقرة الثالثة من النص على أنه ” إذا أثبت الورثة أن التصرف قد صدر من مورثهم في مرض الموت، اعتبر التصرف صادرًا على سبيل التبرع ما لم يثبت العكس، وتقوم القرينة على أساس أن الإنسان لا يتصرف عادةً في مرض موته إلا على سبيل التبرع ويندر أن يكون تصرفه قد قصد به المعاوضة، هذا ويلاحظ أنه إذا ثبت أن التصرف معاوضة ولكن فيه محاباة لمن صدر له التصرف فتسري أحكام الوصية على المحاباة وحدها.

والقرينة الثانية هي التي قررها المشروع بنص المادة (943) التي تواجه الحالة التي يتصرف فيها شخص إلى أحد ورثته، ويحتفظ لنفسه بحيازة العين المتصرف فيها بأية طريقة كانت، كما يحتفظ بحقه في الانتفاع بها وذلك مدى حياته، فاعتبر النص هذا التصرف تصرفًا مضافًا إلى ما بعد الموت تسري عليه أحكام الوصية، ما لم يثبت ما يخالف ذلك، وقد روعي في وضع هذه القرينة محاربة ما شاع في العمل من التحايل على أحكام الوصية لمحاباة بعض الورثة على بعض عن طريق التصرف إلى الوارث الذي يراد محاباته تصرفًا منجزًا في الظاهر يستر في حقيقته تبرعًا مضافًا إلى ما بعد الموت، والعبرة في تحديد صفة الوارث هي بوقت الوفاة.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .