الوساطة بين الفساد وهيئة المكافحة
كشفت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عن عامل من عوامل ما تتعرض له أعمالها من تعثر وما تواجهه جهودها في القضاء على الفساد من تعطيل، وذلك حين أوضحت في تقرير لها ما يعمد إليه بعض المسؤولين في الوزارات والإدارات الحكومية من إحالة ملحوظاتها إلى المسؤول أو الإدارة أو الفرع الذي وقعت فيه المخالفة للرد عليها، ثم يقومون بإحالة الرد إلى «نزاهة» دون إيضاح رأي الجهة الرئيسة أو الوزير المختص، وأضافت الهيئة أن الردود التي تأتي من الجهات بأن الفرع أو المسؤولين فيها يدافعون عن أنفسهم وموقفهم ويشككون فيما تكتشفه «الهيئة» ما يؤدي إلى تأخر تصحيح الأوضاع الناشئة عن المخالفات وسد ثغرات الفساد.

وما يحدث من بعض المسؤولين على النحو الذي كشفت عنه الهيئة إنما هو ضرب من الفساد كذلك يؤكد على عجز تلك الجهات التي تكتفي بإحالة ملاحظات هيئة مكافحة الفساد إلى الجهة التي وقعت فيها المخالفة عن تبين ومعرفة الخلل الذي يقع في الإدارات التابعة لها، ويتمثل ذلك العجز في أنها لم تتبين أو تكتشف تلك المخالفات التي تقع في إدارات تابعة لها وحين كشفت لها هيئة مكافحة الفساد عن تلك المخالفات عجزت مرة أخرى عن التحقيق فيها وتلافي قصورها وعجزها السابق مكتفية بإحالة الملاحظات إلى الجهة المقصرة ثم الرفع برد تلك الجهة وتبريرها إلى الهيئة، وكأنما المسؤولون في تلك الجهات الحكومية ينفضون بذلك أيديهم من المسؤولية وكأنما هم مجرد سعاة بريد أو قسم اتصالات يكتفي بتسجيل الوارد والصادر دون أدنى جهد يمكنهم من كشف حقيقة ما يحدث في إداراتهم وتصحيح مخالفاتها وتطهيرها مما قد يتسرب إليها من فساد.

ما كشفت عنه هيئة مكافحة الفساد يطرح سؤالا هاما يتعلق بغياب الأجهزة الرقابية في تلك الجهات وهو غياب مركب يكشف عنه ما ترصده هيئة مكافحة الفساد من ملاحظات كما يكشف عنه الاكتفاء بدور الوسيط بين تلك الجهات المخالفة وهيئة مكافحة الفساد.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت