عقوبة جريمة التعدي على سرية المراسلات
المؤلف : علي احمد عبد الزعبي
الكتاب أو المصدر : حق الخصوصية

تبدو النصوص الجزائية المقارنة متباينة في تحديد مقدار العقوبة اللازمة لهذه الجريمة ، مما يؤدي احياناً الى تغيير وصفها القانوني ، فالمشرع العراقي يعاقب كل من اطلع على رسالة او برقية او مكالمة هاتفية وافشاؤها لغير من وجهت اليه بعقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على مائة دينار او باحدى هاتين العقوبتين(1) وهذه العقوبة في الواقع لا تعدو ان تكون سوى احدى العقوبات الجنحية ، ولكن يتضح ان المشرع العراقي في المادة (328) من قانون العقوبات شدد عقوبة هذه الجريمة ان ارتكبها موظف عام او مكلف بخدمة عامة او مستخدم في دوائر البريد والبرق والهاتف ، وجعل العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او بالحبس ، بمعنى انه قد يتغير وصف الجريمة الى جناية في حالة الحكم بعقوبة السجن ، كما يبدو ان المشرع العراقي في المادة السابقة يعاقب على الاشتراك ، حين اورد عبارة ” اوسهل لغيره ذلك ” ، ولكن مهما يكن من امر فقد عد الموظف او المكلف بخدمة عامة فاعلاً اصلياً بالجريمة ، برغم ان المادة المشار اليها لم تتطلب في الشريك هذه الصفة .

وكذا فعل المشرع المصري في المادة (154) من قانون العقوبات ، اذ يعاقب كلاً من موظفي الحكومة او البوستة او مأموريها في حالة ارتكابه هذه الجريمة بعقوبة الحبس او بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه مصري وبالعزل في الحالتين ، بمعنى انه اوجب علاوة على العقوبة الاصلية سواء الحبس او الغرامة المشار اليها ، عقوبة العزل عقوبةً تكميليةً ، وتنسحب هذه العقوبة في الوقت ذاته على كل مما ذكروا في حالة تسهيل ذلك للغير ، ومن ثم لا يعاقب غير الموظف الا بوصفه شريكا ، مما يستوجب اعادة صياغة المادة (154) من قانون العقوبات ، او اضافة مادة جديدة ، حتى تعم المسؤولية الجنائية الموظف العام ، وغيره من احاد الناس ، مع ابقاء تشـديد عقوبة الموظف عما هي عليه في المادة (154) من قانون العقوبات المصري .

اما المشرع الاردني في المادة (356/1) من قانون العقوبات ، فقد جعل العقوبة الحبس من شهر الى سنة اذا كان مرتكب الجريمة ملحقاً بمصلحة البرق والبريد ، بمعنى انه اذا حكم بالحد الادنى للعقوبة المشار اليها يجوز ان تتحول عقوبة الحبس الى غرامة على اساس دينارين عن كل يوم ، ولكن على الرغم من ذلك تبقى العقوبة المقررة لهذه الجريمة من العقوبات الجنحية ، الا ان المشرع الاردني نزل بالعقوبة الى الغرامة التقديرية التي لا تتجاوز الخمسة دنانير اذا ارتكب الجريمة شخص عادي(2) ، اما المشرع السوري فقد اوجب عقوبة الحبس من شهرين الى سنتين اذا ارتكب الجريمة ملحق بمصلحة البربد والبرق(3) ، اما اذا ارتكبها شخص لا يحمل هذه الصفة فتطبق عقوبة الغرامة التي لا تتجاوز الخمسين ليرة(4) .

وعلى النهج ذاته سار المشرع اليمني في تشديد عقوبة هذه الجريمة اذا ما ارتكبها موظـف عام ، اذ جعل عقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين او بالغرامة ، اما لو ارتكبها شخص لا يحمل هذه الصفة فتكون الحبس مدة لا تزيد على سنة او بغرامة(5) ، وعليه يبدو ان التشريعات الجزائية المقارنة تقضي بعقوبة اشد اذا ما ارتكب جريمة التعدي على سرية المراسلات موظف عام او مكلف بخدمة عامة او مستخدم او ملحق في دوائر البريد والبرق عنها فيما لو ارتكبها شخص عادي ، في الوقت ذاته تحكم بعقوبة الجنحة المقررة في القوانين العقابية المذكورة .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت