ان الوفاء بقيمة الشيك يتم في أي وقت يقدم فيه الشيك الى المسحوب عليه ولو قدم في اليوم نفسه الذي حرر فيه. والعلة في ذلك هي ان الشيك لا يحمل تاريخا معينا للاستحقاق وانما سيتحق لدى الاطلاع(1). وعلى ذلك اذا تضمن الشيك تاريخا للاستحقاق اعتبر هذا البيان باطلا(2). ويظل الشيك واجب الاداء لدى الاطلاع ، من هنا فانه يكون لحامل الشيك التقدم في أي وقت لقبض قيمته ولو كان تاريخه لاحقا لتاريخ الاصدار الحقيقي(3). ويقع على المصرف واجب الوفاء به بمجرد التقديم. وبهذا الصدد نشير الى ان المشرع العراقي حرص على تحديد مواعيد قصيرة لتقديم الشيك الى المسحوب عليه تتناسب مع طبيعته من ناحية ، وحماية لمصلحة الساحب والمظهرين من اهمال الحامل من ناحية اخرى. يضاف الى ما تقدم فان تحديد مدد قصيرة لتقديم الشيك يحول دون تراكم الشيكات المقدمة للمصارف والمفترض تسديد قيمتها دفعة واحدة مما يؤدي الى الارباك والعرقلة للنشاط المصرفي(4). ولهذا السبب اورد المشرع العراقي ، مواعيد اوجب على الحامل تقديم الشيك خلالها ، وهذه المدة هي عشرة ايام بالنسبة الى الشيك المسحوب في العراق ، وستين يوميا بالنسبة الى الشيك المسحوب خارج العراق والمستحق الوفاء فيه(5). ولا بد من الاشارة هنا الى ان هذه المواعيد نص عليها قانون جنيف الموحد 1931 واتفقت التشريعات المقارنة عموما عليها وان اختلفت في ترتيب الجزاء عليها(6). هذا وتبدأ مدة تقديم الشيك من حيث المبدا اعتبارا من تاريخ اصداره على ان لا يحتسب يوم الاصدار ضمن المدة (7). هذا واذا صادف اليوم الاخير للوفاء عطلة امتد الميعاد الى اول يوم عمل يلي العطلة اما اذا تخلل الميعاد عطلة رسمية فتحسب ضمنها فضلاً عما تقدم فانه لا يجوز تقديم الشيك الى المسحوب عليه الا في ايام العمل الرسمية وخلال ساعات العمل(8).

كذلك لا بد من الاشارة الى ان الشيك المسحوب بين بلدين مختلفي التقويم فان تاريخ الاصدار يحدد في مثل هذه الحالة باليوم المقابل في تقويم بلد الوفاء(9). ولا بد من الاشارة، ايضا الى انه لايجوز للساحب ان يطلب من المصرف المسحوب عليه الامتناع عن الوفاء او تاجيله، ذلك لان مثل هذا الشرط يتنافى مع كون الشيك اداء وفاء واجبه الاداء لدى الاطلاع (10). لذلك على المصرف ان يرفض مثل هذا الطلب ويقوم بالوفاء فور تقديم الشيك اليه بيد ان المصرف قد يطلب من الحامل الذي يتقدم اليه مطالبا بالوفاء منحه مهلة يتحرى من خلالها عن وجود الرصيد ومن سلامة الشيك، ان مثل هذا الطلب غير مقبول من الناحية القانونية اذ ان المصرف عند تقديم الشيك اليه عليه اما ان يقبل الوفاء او يرفضه(11). الا انه قد يكون للمسحوب عليه المصرف من الاسباب ما يبرر طلب مهلة كما لو كان الرصيد غير كافي ويتوقع ان يكمله الساحب لذا يلجا المصرف المسحوب عليه الى الطلب من الحامل ان يعود الى تقديم الشيك في يوم اخر كذلك فانه لا يجوز للمحاكم- ولو بطلب من المصرف –ان تقضي بتأجيل وفاء الشيك(12).هذا ولابد من الاشارة هنا الى قيام ظروف قد تحول دون تقديم الشيك في وقته، او على النقيض من ذلك قد يتراخى التقديم للمطالبة بالشيك .

1- استحالة التقديم:-

ان المواعيد التي حددها القانون لتقديم الشيك قد تمدد(13). وقد يعود السبب لهذا التمديد لقوة قاهرة لا يمكن التغلب عليها. فاذا حالت قوة قاهرة دون تقديم الشيك في موعده المحدد ،فان المدة تمتد لحين انتهاء القوة القاهرة، بيد ان على الحامل تقديم الشيك دون ابطاء بعد زوال القوة القاهرة، وعلى الحامل يقع عبء اخطار من ظهر له الشيك بالقوة القاهرة ،وان يثبت الاخطار موقعا ومؤرخا عليه في الشيك او في ورقة مستقلة وتتسلسل الاخطار وصولا الى الساحب(14).فاذا استمرت القوة القاهرة اكثر من خمسة عشر يوم منذ اليوم الذي اخطر فيه الحامل المظهر بوجود القوة القاهرة، فانه يكون للحامل حق الرجوع على الملتزمين دون حاجة الى تقديم الشيك او اثبات الامتناع عن الوفاء(15). ولا بد من الاشارة بهذا الخصوص الى ان القانون لا يعد من قبيل القوة القاهرة الامور الشخصية المتعلقة بالحامل او بمن كلفه هذا الاخير بتقديم الشيك او عمل الاحتجاج، ومن ذلك مرض وحبس الحامل او اصابته في حادث ما (16) .

2- جزاء الاخلال بميعاد التقديم :-

على الدائن بالالتزام ، المطالبة بالوفاء في ميعاد الاستحقاق .فلا يجوز له ان يتراخى بهذا الصدد ولهذا يحدد المشرع امدا زمنيا للمطالبة، فاذا حصل وان انتهى ذلك الامد فان القانون يقرر ما يأتي من الاحكام :-

1-يظل للحامل الحق في التقدم الى المسحوب عليه للمطالبة بالوفاء ولو بعد انقضاء ميعاد التقديم ولا يكون للمسحوب عليه المصرف الامتناع عن الوفاء للحامل بحجة ان ميعاد التقديم قد انتهى مادام لديه مقابل وفاء(17). ويتضح هذا الحكم من مضمنون نص المادة (158)، اولا من قانون التجارة العراقي النافذ والتي تقرر (( للمسحوب عليه ان يوفي قيمة الشيك ولو بعد انقضاء ميعاد تقديمه ))(18).

2.يظل الساحب ملزما تجاه الحامل بضمان وفاء الشيك ولو لم يقوم الحامل بتقديم الشيك لا جل الوفاء خلال مدة التقديم ولاتبرأ ذمة الساحب من ضمان الوفاء الا اذا كان الساحب قد اوجد المقابل لدى المصرف وظل موجودا لحين انتهاء مدة التقديم (19). فعندئذ تبرا ذمة الساحب، من ضمان الوفاء مادام مقابل الوفاء موجودا بيد ان الحامل اهمل في المطالبة مما سبب في زوال المقابل بفعل لا ينسب الى الساحب كما في حالة افلاس المصرف، بيد انه يقع على الساحب ان يثبت وجود المقابل لحين انتهاء ميعاد التقديم (20) .

3.يترتب على اهمال الحامل في تقديم الشيك للوفاء خلال ميعاد التقديم سقوط حقه في الرجوع على الملتزمين في الشيك عدا الساحب (21) .

4.وتشير الفقرة الاولى من المادة (161) من قانون التجارة عندنا الى انه ((اذا اشترط وفاء الشيك في العراق بعملة اجنبية وجب الوفاء به بالعملة العراقية حسب سعره يوم التقديم فاذا لم يتم الوفاء به في هذا اليوم كان للحامل الخيار في المطالبة بمبلغه مقوما بالعملة العراقية حسب سعره لدى البنك المركزي العراقي يوم التقديم او يوم الوفاء)).

_______________________

1- انظر المادة 155/ ثانيا / من قانون التجارة العراقي ، رقم 30 لسنة 1984 ، التي تنص (اذا قدم الشيك للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لاصداره وجب وفاءه في يوم تقديمه).

2- انظر ، ادوار عيد ، الاسناد التجارية (الشيك) ، مطبعة النجوى ، بيروت ، 1967 ، ص256.

كذلك انظر احمد سعيد شعلة ، قضاء النقض في المواد التجارية ، منشأة المعارف بالاسكندرية، 1999، ص56 ، الطعن رقم 23 سنة 31 ق جلسة 19/6/1963 ، س14 ، ص860.

(3) michel cabrillac lecheaue et levirement، librairies، paris

4- انظر ، د. عزيز العكيلي ، الموجز في شرح قانون التجارة الكويتي ، مكتبة المنهل ، الكويت ، بدون سنة ، طبع ، ص376.

5- انظر نص المادة 156 /اولا من القانون التجارة رقم 30لسنة 1984، تقابلها المادة (103) من نظام الاوراق التجارية السعودي لسنة 1963/والمادة 191 من قانون التجارة المصري 1883، والمادة 426من القانون اللبناني لسنة 1942 والمادة 246من القانون الاردني لسنة 1966 ،والمادة (410)من القانون الليبي لسنة 1952 والمادة (29) من ظهير الشيك المغربي لسنة 1917 .

6- انظر نص المادة (69) من مشروع الشيك المصري التي تنص على عقوبة الغرامة بما لايتجاوز خمسمائة قرش لمن قام بتزوير تاريخ الشيك .

7- يبدا الميعاد من تاريخ اصدار الشيك وهذا استثناء من القاعدة العامة التي تنص على انه لا يدخل في حساب المواعيد المقررة في القانون اليوم المعتبر بداية لها ،انظر بصدد ذلك د.محسن شفيق، الاوراق التجارية في التشريع المصري ،القاهرة ،1954، ص843

8- انظر د.رضا عبيد ،القانون التجاري ،طبعة4 ،القاهرة ،شركة النصر ،1983،ص449، كذلك انظر د.فريد مشرفي ، القانون التجاري ، القاهرة ،ص329.

9- انظر المادة (157) من قانون التجارة العراقي النافذ رقم 30 لسنة 1984، تقابلها المادة (30) من ظهير الشيك المغربي

10- انظر د.فوزي محمد سامي ،شرح قانون التجارة العراقي الجديد في الاوراق التجارية ،ط، بغداد، 1972وص277

11- انظر د.علي جمال الدين عوض، مرجع سابق ذكره ، ص132

12- انظر نص المادة (183) من قانون التجارة العراقي النافذ التي تقرر ((لا يجوز للمحاكم ان تمنح مهلا للوفاء بقيمة الورقة التجارية او القيام باي اجراء بها الا في الاحوال التي ينص عليها القانون ))

13- انظر د.محمد حسني عباس ، الاوراق في التشريع الكويتي ، مرجع سابق ذكره ،ص283

14- انظر المادة (171) ،اولا ،من قانون التجارة العراقي ،رقم 30 لسنة 1984،تقابلها المادة (104) من نظام الاوراق التجارية السعودي رقم 37 لسنه 1963،والمادة (440) من القانون اللبناني، والمادة 52، اولا من ظهير الشيك المغربي .

15- انظر د. فائق الشماع ،د.فوزي محمد سامي ، القانون التجاري ،الاوراق التجارية جامعة بغداد، 1992،ص339، انظر كذلك المحامي عادل الحاتمي ،الشيك واحكامه المدنية والجنائية في القانون العراقي ،بغداد ،1987 ،ص 165.

16- انظر م/171/ خامسا من قانون التجارة العراقي النافذ.

17- انظر د. محمد حسني عباس ،مرجع سابق ذكره ،ص284

18- تقابلها المادة 249،اولا من قانون التجارة الاردني ،والمادة (105)من نظام الاوراق التجارية السعودي ،والمادة 32،اولا من ظهير الشيك المغربي

19- انظر نص المادة (172)من قانون التجارة العراقي النافذ .

20- انظر د. محمد حسني عباس ، القانون التجاري الكويتي ،مرجع سابق ذكره ،ص285.

21- انظر د. علي جمال الدين عوض ، المجلة ، مرجع سابق ذكره ، ص133 .بيد ان المشرع العراقي لايرتب على اهمال الحامل في تقديم الشيك خلال الميعاد القانوني سقوط حقه تجاه الملتزمين في الشيك الا بعد مضي ستة اشهر من انقضاء ميعاد التقديم، انظر بهذا الصدد المادة 175،اولا من قانون التجارة العراقي النافذ رقم 30لسنة 1984.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .