كذلك يختلف الموطن عن محل الإقامة الذي يعني المكان الذي يقيم فيه الشخص إقامة مادية مدة من الزمن دون أن تتوافر لديه نية البقاء فيه باستمرار ، فهو مطبوع بطابع التوقيت بخلاف الموطن فهو مطبوع بطابع الدوام وعليه فان محل الإقامة يتحقق فيه العنصر المادي للموطن و يتخلف العنصر المعنوي ، وبعبارة أخرى تعد دولة ما محلا لإقامة الشخص بمجرد وجود محل سكن له فيها(1). وهناك فرق أيضا بين محل الإقامة المعتادة والإقامة البسيطة ، فإذا ما أقام الشخص في مكان ما واتخذ منه مركزا لا عماله ولم تتوافر لديه النية في البقاء باستمرار ولكن لم يعرف من جهة أخرى وبصفة قاطعة زمن تركه إياه أو مغادرته فان هذا المكان يسمى محل الإقامة المعتاد ، فإذا غادر هذا المكان إلى مكان آخر لقضاء عمل من الأعمال (كالحج أو السياحة) فان إقامته في هذا المكان على غير استقرار وبدون نية البقاء ، فهذا المكان يسمى الإقامة البسيطة أو(المجردة) أو محل وجود الشخص(2) .

وان الاستقرار اللازم للتوطن يختلف عن الاستقرار اللازم للإقامة ، فالاستقرار في الإقامة ينصب على جزء إقليمي معين من إقليم الدولة ، في حين يرد الاستقرار في التوطن على إقليم الدولة كاملا(3). وعليه فان محل الإقامة علاقة مادية بين شخص ومكان معين ، أما الموطن فهو علاقة بين سلطة وفرد في إقليم معين ، ولا يتقيد بالعلاقة المادية في المكان فقد يكون للشخص موطن في بلد معين وفيه مركز أعماله وعنوانه الدائم والقانون الذي تخضع له أمواله، ومع ذلك لا تتجاوز مدة إقامته فيها أياما أو أسابيع لأنه قد يمارس أعمالاً مادية تتعلق بنشاطه التجاري في بلد آخر غير بلده الأصلي ومع ذلك يظل بلده الأصلي موطنه الدائم(4).

وقد يكون للشخص محل إقامة بإرادته أو بدون إرادته (كالمكان الذي يعين في السلطة الإدارية لسكن الشخص) أما الموطن فلا يكتسب إلا بقصد أي بإرادة الشخص وله الحق في أن يفقد هذا الموطن ما لم تكن هناك معارضة من القانون وذلك ما يجعل القاصر وفاقد الأهلية غير أهل لاكتساب الموطن إلا تبعا لوليه أو من يجعله القانون قائما مقام الولي(5). وقد نصت المادة (43) فقرة 1 من القانون المدني العراقي على ان (موطن المفقودين والقصر وغيرهم من المحجورين هو موطن من ينوب عنهم قانونا).

___________________________

[1]- د.جابر جاد عبد الرحمن ، القانون الدولي الخاص في المقدمة العامة (الجنسية ، الموطن ، تمتع الأجانب بالحقوق ، ط1 ، مطبعة شركة النشر العراقية المحدودة ، بغداد ، 1949 ، ص10 وما بعدها .

2- د.جابر جاد عبد الرحمن ، القانون الدولي الخاص العربي ، ج2 في الموطن الدولي مركز الأجانب في البلاد العربية ، المطبعة العالمية ، القاهرة ، 1968، ص10 وما بعدها .

3- د.أحمد مسلم ، القانون الدولي الخاص في الجنسية ومركز الأجانب ، وتنازع القوانين ، ج1 ، مكتبة النهضة المصرية ، 1956، ص279-280 .

4- د.حامد مصطفى ، مبادئ القانون الدولي الخاص ومن وجهة نظر القانوني العراقي ، الجزء الأول في القواعد العامة والموطن وتمتع الأجانب بالحقوق والجنسية ، ط2 ، ( مجددة وموسعة ) ، شركة الطبع والنشر الأهلية ، بغداد ، ص45 .

5- د. بدر الدين عبد المنعم شوقي ، القواعد العامة للاختصاص القضائي ، مجلة إدارة قضايا الحكومة ، دراسة مقارنة ، العدد الرابع ، السنة الثالثة والعشرون ، دار الاتحاد العربي للطباعة ، 1979، ص40 .

المؤلف : ريا سامي سعيد الصفار
الكتاب أو المصدر : دور الموطن في الجنسية
الجزء والصفحة : ص7-8

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .