يقصد بالإعداد الفني تمكين الشخص عن طريق التوجيه أو الدراسة المنتظمة نظرية كانت ام عملية لان يكون صالحاً لشغل الوظيفة التي ستناط به وان تظل هذه الصلاحية قائمة بزيادة الأعباء التي تطرد كلما زادت مدة خبرته ، أو بسبب تغيير أسلوب العمل تبعاً للتطور العلمي ” التكنولوجي ” أو تغير مواصفات العمل ” الوظيفة ” والذي يقوم بممارسة أعبائه نتيجة لتعيينه بعمل جديد أو نقله أو ترقيته إليه(1).أو هو قيام الدولة بإنشاء مدارس خاصة فنية يلتحق بها من يرغب بالتعيين ، وذلك لإعداد المرشحين إعدادا فنياً يتلاءم وما تتطلبه واجبات الوظيفة التي يتم الإعداد لها(2). تناول العديد من الكتاب والشراح القانونيين مهمة تعريف وسيلة الإعداد الفني باعتبارها أحد الطرق لاختيار موظفي الدولة(3). وينبني على هذا المفهوم لطريقة الإعداد الفني ، ان الإعداد لا يقتصر على المرحلة السابقة على التعيين واتخاذه كطريقة لشغل الوظائف فقط . بل يمتد ليكون أحد الضمانات التي تكفل أن يكون الموظف صالحاً لممارسة أعباء الوظيفة الموكلة إليه. وهنا يختلط مفهوم الإعداد الفني لشغل الوظيفة بمفهوم التدريب في أثناء الخدمة ويتداخل معه . وهذا من اختصاص رجال الإدارة. وفي هذه الوسيلة تلتزم الدولة بتعيين كل خريجي المدرسة أو الكلية . كما يلزم الطالب بقبول التعيين في الوظيفة التي تؤهل لها نوعية الدراسة والإعداد . بل يعتبر التزام كل منهما قائماً من لحظة قبول الطالب في المدرسة أو الكلية ، ولذلك يعتبر الطالب أثناء الدراسة موظفاً تحت التمرين أو التدريب .

ويترتب على هذا الالتزام بالتالي التزاماً بالتعويض في حالة إخلال كل منهما بالتزامه ألمذكور أنفاً. إن هذه الطريقة تصلح كأداة لتوزيع العاملين ” الموظفين ” الذين تتضخم بهم بعض الوظائف على الوظائف الأخرى التي تفتقر إلى تخصيصات ومهارات معينة للقيام بأعبائها بحسب التأهيل الدراسي المطلوب في شاغلي هذه الوظائف وذلك بان يعد من الموظفين الذين تتضخم بهم بعض الوظائف إعداداً فنياً يتفق والتأهيل الذي تتطلبه الوظائف التي تفتقر إليها إدارة التنمية(4). من هذا يتضح ان الإدارة وهي تقوم بإعداد المرشحين لشغل الوظائف العامة إعداداً خاصاً في مدارس تنشئها الإدارة وتديرها لهذا الغرض. وهي افضل طريقة لإعداد الموظفين الفنيين إعداداً خاصاً بشرط ان تراعي الإدارة في قبول المرشحين لهذه المدارس حاجة الإدارة لهم . فلا يكون المتخرجون فيها اكثر مما تستلزمه الوظائف الشاغرة فتصبح في حاجة إلى الاختيار من بين المتخرجين من جديد لشغل الوظائف الشاغرة ، إلا إذا نص على التزام الإدارة بتعيين الخريجين وفقاً لترتيب النجاح لهم. وإذا كان الإعداد يعتبر مرحلة من المراحل التعليمية ، فترتبط هذه المرحلة بتولية الوظائف العامة لمن يجتاز هذه المرحلة بنجاح كشرط للتعيين في هذه الوظائف .

وحتى تكون هذه الوسيلة ناجحة ومتفقة مع مبدأ المساواة في الوظائف العامة ، فهذه الوسيلة وان كانت قد عرفت في المجال العسكري منذ زمن غير قصير . ثم ظهرت بعد ذلك في المجالات الفنية البحتة كالهندسة والطب والتعليم والقضاء . إلا أنها لم تعرف في مجال الإدارة إلا في السنوات القريبة نسبياً . وفي قليل جداً من الدول ، حيث دعت إلى الأخذ بها في مجال الوظائف الإدارية عدة أسباب بعضها فني والآخر سياسي . فمن الناحية الفنية لوحظ عدم كفاية التعليم العام في إعداد الموظفين المؤهلين لشغل بعض الوظائف الإدارية على المستوى العالي والمتوسط ، لأنها تحتاج إلى تخصص فني والى معلومات وثقافة عامة واسعة وعميقة. ومن الناحية السياسية تقتصر على فئات محددة في المجتمع في مقدورها الحصول على مستوى التعليم المؤهل لتلك الوظائف في المدارس والكليات التي تتركز عادة في إقليم مهدد من الدولة أو التي تحتاج إلى مركز اجتماعي معين يسهل لها تدخل الإدارة لصالحها في الاختيار لتلك الوظائف. أي ان الهدف السياسي كانت غايته تحقيق المساواة في الدخول إلى مثل تلك الوظائف عن طريق فتح باب الالتحاق بالمدارس والكليات التي تعد لأنواع الوظائف إمام من يجتاز اختبارات القبول فيها. ثم يكون تعيينه في الوظيفة بعد ذلك على اثر نجاحه في اختبارات العام الأخير من الدراسة ، ومن ثم يستبعد دور الإدارة في الاختبار لهذه الوظائف وتتحقق المساواة بين من يشغلها ….. .

____________________

1- د. محمد السيد الدماصي / تولية الوظائف العامة ، دار الزيني للطباعة والنشر ، القاهرة ، 1971 ، ص144.

2- د. عبد الزهرة ناصر الدليمي / مجلس الخدمة واهميته في الوظيفة العامة ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون والسياسة ، جامعة بغداد ، 1973 ، ص165.

3- للمزيد يراجع د. عادل الطباطبائي / مصدر سابق ، ص128.

4- د.حسين الدوري / إعداد وتدريب القوى البشرية ، ط2 ، مطبعة الجامعة المستنصرية ، 1985 ، ص107.

المؤلف : مصطفى سالم مصطفى النجفي .
الكتاب أو المصدر : المساواة ودورها في تولي الوظائف العامة

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .