تعريف دعوى الاستحقاق وتمييزها عن دعوى الاسترداد و الخصوم فيها.

المؤلف : دعاء بدري شاهين
الكتاب أو المصدر : اشكالات حجز الاموال غير المنقولة والتنفيذ عليها بالبيع وفقا لقواعد التنفيذ.

أولا: تعريف دعوى الاستحقاق الفرعية
تعرف دعوى الاستحقاق الفرعية بأنها” الدعوى التي يقيمها من يدعي ملكية أشياء . يحاول شخص آخر واضع يده عليها أن يعتبرها ملكا له” (1) وتعرف أيضا بأنها” تلك الدعوى التي يرفعها الغير أثناء التنفيذ على العقار مدعيا ملكية العقار المنفذ عليه أو جزء منه، طالبا بطلان إجراءات التنفيذ لوقوعها على مال غير مملوك للمنفذ ضده” (2) وهناك من عرفها بأنها” الدعوى التي يرفعها الغير الذي لا يعتبر طرفا في إجراءات التنفيذ، مدعيا ملكية العقار الذي بدئ بالتنفيذ عليه ويطلب في النتيجة إقرار حقه على العقار وإبطال هذه الإجراءات” (3) وتعرف كذلك بأنها” الوسيلة الإجرائية التي وفرها المشرع للغير مدعي ملكية العقار الذي شرع في حجزه للمطالبة بتقرير هذه الملكية له، وبطلان إجراءات التنفيذ ونظرا لأن المطلوب فيها له شقان، شق متعلق بالملكية، والآخر متعلق بإجراءات التنفيذ سميت بدعوى الاستحقاق؛ نظرا لشق الملكية الفرعية لأنها متفرعة عن إجراءات التنفيذ ومرتبطة بها باعتبار أن الشق الثاني من موضوعها هو بطلان هذه الإجراءات” (4) يتضح من هذه التعريفات بأنه لكي تعتبر الدعوى دعوى استحقاق فرعية يجب أن تتوافر الشروط التالية:

أولا: يجب أن يتم رفع الدعوى بعد البدء في التنفيذ على العقار وقبل إيقاع البيع، ويبدأ التنفيذ على العقار بصدور قرار الحجز وتبليغ دائرة تسجيل الأراضي بوضع إشارة الحجز على صحيفة تسجيل العقار، ولهذا فإن هذه الدعوى تعتبر دعوى استحقاق فرعية إذا رفعت بعد وضع إشارة الحجز وقبل صدور قرار الإحالة القطعية. أما إذا رفعت هذه الدعوى قبل وضع إشارة الحجز أو بعد صدور قرار الإحالة القطعية فإنها تعتبر دعوى ملكية عادية وتسمى دعوى استحقاق أصلية (5) ، فالدعوى هذه لا تعتبر فرعية إلا لكونها ترفع أثناء إجراءات التنفيذ، وهي متفرعة عنه.

أما دعوى الاستحقاق الأصلية فإنها لا تعتبر متفرعة عن إجراءات التنفيذ، لذا فإنها تقبل ولو بعد صدور قرار الإحالة القطعية، لأن هذا القرار لا ينقل للمشتري أكثر مما للمحجوز عليه، ولا تخضع هذه الدعوى للأحكام الخاصة بدعوى الاستحقاق الفرعية (6)

ثانيا: يجب أن يطلب المدعي ملكية العقار محل التنفيذ، ويستوي في ذلك أن يطلب المدعي ملكية العقار بالكامل أو ملكية جزء منه، ويجب أن تكون الملكية المطالب بها منجزة، لهذا فإن من يدعي ملكية معلقة على شرط واقف ليس له أن يرفع دعوى استحقاق حتى يتحقق هذا الشرط، وتطبيقا لذلك فإنه لا يجوز للمشتري بوكالة دورية أن يرفع دعوى استحقاق إذا شرع دائن البائع في التنفيذ على المال غير المنقول باعتباره مملوكا للبائع؛ ذلك لأن الوكالة الدورية لا تعتبر تملك إلا بعد أن يتم تنفيذها في دائرة التسجيل(7)، كما أنه لا يجوز لمن يدعي حقا على العقار غير حق الملكية كحق الارتفاق أو حق الانتفاع كالمستأجر أن يرفع هذه الدعوى، لأن طريق التمسك بحق الإجارة أو الارتفاق يكون بإبداء ملاحظات على قائمة شروط البيع في الميعاد المحدد لها؛ وهو ثلاثة أيام على الأقل قبل موعد الجلسة المحددة لنظر الاعتراضات حسب ما تنص عليه المادة (124 ) من قانون التنفيذ الفلسطيني، ولأن دعوى الاستحقاق الفرعية ترفع بغرض المطالبة بالملكية فقط (8)

وقد جاء في أحد أحكام محكمة التنفيذ المصرية ما يلي” وحيث إنه لما كان من المقرر أن دعوى الاستحقاق الفرعية هي المنازعة الموضوعية التي يرفعها شخص من الغير مدعيا ملكية العقار الذي بدئ في التنفيذ عليه أو جزء منه، ويطلب فيها تقرير حقه على العقار وبطلان إجراءات التنفيذ فهي ترفع بعد البدء في التنفيذ على العقار، وقبل إيقاع البيع، وليس لمشتري العقار بعقد غير مسجل أن يرفع دعوى استحقاق فرعية إذا شرع دائن البائع في التنفيذ على العقار المباع باعتباره مملوكا للبائع ذلك أن ملكية المشتري من المدين بموجب عقد غير مسجل ليست ملكية منجزة، ويتعين أن تكون ملكية مدعي الاستحقاق ملكية منجزة، وملكية المشتري بعقد غير مسجل ملكية معلقة على تسجيل ذلك العقد إذ لا تنتقل الملكية في العقار إلا بالتسجيل، وإذا ما قضى برفض استحقاق المدعي للعقار أو الأعيان المتنازع عليها فلا فائدة من بحث وجوه الطعن الموجهة إلى إجراءات نزع الملكية والبيع ومحو التسجيلات، لأن هذه المطاعن لا تقوم إلا على ثبوت الملك لمدعيه والقضاء له به، وإذا كان ذلك وكان المدعي يستند في استحقاقه للحصة العقار محل النزاع إلى عقد ابتدائي غير مسجل بالتالي، فإن الملكية لم تنتقل بعد من البائع إليه إذ لا تزال الملكية باقية على ذمة البائع له طالما لم يسجل المشتري عقد شرائه بعد، الأمر الذي تكون معه الدعوى على غير أساس متعينا القضاء برفضها.

وحيث إنه عن المصاريف شاملة مقابل أتعاب المحاماة، فيلزم بها المدعي وقد أخفق في دعواه عملا بالمادة 1/ 184 مرافعات(9)

ثالثا: يجب أن يطلب المدعي في هذه الدعوى بطلان إجراءات التنفيذ بالإضافة إلى طلب الملكية، لأنه إذا اقتصر طلب المدعي على الحكم بالملكية دون طلب بطلان الإجراءات اعتبرت دعواه دعوى استحقاق أصلية وليست فرعية، ولا تترتب عليها في هذه الحالة الآثار التي رتبها القانون على دعوى الاستحقاق الفرعية (10)، وتطبيقا لهذا الشرط فإنه إذا رفعت الدعوى أثناء إجراءات التنفيذ ثم زالت هذه الإجراءات سواء بزوال الحجز عنها أو لأي سبب آخر، فإنه لا يصبح محل لبطلانها وتتحول الدعوى إلى دعوى استحقاق أصلية، بمعنى أنها تبقى قائمة ولكن . ليست كدعوى استحقاق فرعية إنما دعوى استحقاق أصلية(11)

ثانيا: تمييز دعوى الاستحقاق الفرعية عن دعوى الاسترداد
1- فرق المشرع الفلسطيني بين دعوى الاسترداد الأولى وبين أية دعوى ترفع بعدها، وقرر أن الأولى هي وحدها التي توقف البيع بقوة القانون؛ بينما لم يضع المشرع هذه التفرقة بصدد دعوى الاستحقاق الفرعية (12)
2- توقف دعوى الاسترداد الأولى إجراءات البيع بقوة القانون، بينما لا تقف هذه الإجراءات في التنفيذ على الأموال غير المنقولة إلا بناء على طلب من المدعي وحكم من القاضي؛ وهذا ما تنص عليه المادة ( 138 ) من قانون التنفيذ الفلسطيني.

3 – يوجب المشرع الفلسطيني في دعوى الاسترداد الأولى أن تشتمل لائحة دعواها على بيان واف لأدلة الملكية، وأن يرفق بها المستندات المؤيدة لها؛ وهذا ما تنص عليه المادة (85/3) من قانون التنفيذ الفلسطيني، بينما لا يجب في دعوى الاستحقاق أن تشتمل لائحة دعواها على بيان دقيق لأدلة الملكية والمستندات المؤيدة لها.

4- يوجب المشرع الفلسطيني في دعوى الاسترداد اختصام جميع الحاجزين والمتدخلين في الحجز؛ وهذا ما تنص عليه المادة(85/3) من قانون التنفيذ الفلسطيني، بينما لا يوجب في دعوى الاستحقاق الفرعية إلا اختصام الدائن الحاجز المباشر للإجراءات وجميع الدائنين المعتبرين طرفا في إجراءات التنفيذ.

5- يجيز المشرع المصري صراحة الحكم باستمرار التنفيذ على الرغم من إقامة دعوى الاسترداد الأولى وهذا ما تنص عليه المادة ( 393 ) من قانون المرافعات المصري (13)، وعلى الرغم من احترام الشروط المقررة في المادة ( 394 ) من قانون المرافعات المصري، كما يجيز صراحة الحكم بوقف البيع ولو في صدد دعوى استرداد ثانية وهذا ما تنص عليه المادة (106 ) من قانون التنفيذ الفلسطيني(14)، بينما لا ينص المشرع صراحة على منح قاضي التنفيذ هذه السلطة التقديرية في صدد دعوى الاستحقاق الفرعية، وإن كان الرأي الصحيح في . تقديرنا يمنحه هذه السلطة(15)

6- تجيز المادة ( 397 ) من قانون المرافعات المصري (16)الحكم على المسترد بغرامة إذا رفضت دعواه، بينما لم ينص المشرع على نص مشابه بصدد دعوى الاستحقاق الفرعية.

ثالثا: الخصوم في دعوى الاستحقاق الفرعية
المدعي في دعوى الاستحقاق الفرعية: يجب أن يكون مالكا للعقار أو لجزء منه، وينبغي أن لا يكون طرفا في إجراءات التنفيذ؛ لأنه إذا كان طرفا فيها فإن له الاعتراض عليها بطريق الاعتراض على قائمة شروط البيع. ولكن قد تقبل هذه الدعوى من قبل من هو طرف في الإجراءات إذا كان يحمل صفتين: الأولى بالإضافة إلى غيره، والثانية بالإضافة إلى نفسه كما هو الحال بالنسبة للولي الذي يمثل ابنه القاصر في الإجراءات، فيحق له إذا كان التنفيذ واردا على المال غير المنقول الذي لابنه أن يقيم دعوى الاستحقاق بصفته الأصلية مدعيا ملكيته للعقار، وكذلك إذا حجز عقار وارث بهذه الصفة فله أن يقيم الدعوى مدعيا أن العقار الجاري عليه التنفيذ لا يعود إلى مورثه بل إليه شخصيا، أما إذا لم تتوافر للشخص صفة الغير فليس له .

رفع دعوى الاستحقاق كمنازعة في التنفيذ(17) أما المدعى عليهم في هذه الدعوى فهم الدائن مباشر الإجراءات والمدين أو الحائز أو الكفيل الاستحقاق الفرعية لعدم اختصام الدائن مباشر العيني، وجميع الدائنين المعتبرين طرفا في إجراءات التنفيذ، وقد حكم ببطلان دعوى الإجراءات حيث يزول إما بتدخله الاختياري في الدعوى أو بتوجيه الإجراءات إليه (18)، ويكمن السبب في اختصام كل هؤلاء في أن المدعي يطالب بالملكية مما يتطلب توجيه هذا الطلب للمدين أو الحائز أو الكفيل العيني حتى يحكم بها في مواجهتهم، فضلا عن ذلك فإن المدعي يطالب ببطلان إجراءات التنفيذ مما يقتضي توجيه هذا الطلب ضد الدائن مباشر الإجراءات والدائنين المقيدين، وإذا لم يتم اختصام أي ممن سبق ذكرهم فإن دعوى الاستحقاق الفرعية تكون صحيحة ومقبولة ولكنها غير منتجة لأثرها في وقف البيع، أي أنه لا يترتب على الدعوى في هذه الحالة أي وقف للتنفيذ. وإذا كان قد اختصم في الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى جميع من يوجب القانون اختصامهم، فإن إغفال اختصام أحدهم أمام محكمة الاستئناف يترتب عليه عدم قبول الاستئناف برمته (19)
__________________
1- القوتلى، عدنان: التنفيذ أصوله وإجراءاته( مجموعة المحاضرات التي ألقيت على طلاب السنة الرابعة من كلية الحقوق بجامعة دمشق)، بدون طبعة، مطبعة جامعة دمشق، دمشق،
.1963، ص 245
2- المنشاوي، عبد الحميد: إشكالات التنفيذ في المواد المدينة والتجارية، بدون طبعة، دار الفكر
. الجامعي، الإسكندرية، 1995، ص 179
3- حيدر، نصرت منلا: طرق التنفيذ الجبري وإجراءات التوزيع، بدون طبعة، مطابع فتى العرب، . دمشق، 1966، ص 631 . سيف، رمزي: قواعد تنفيذ الأحكام والعقود الرسمية في قانون المرافعات الجديد، الطبعة
. الثانية، دار نشر الثقافة، الإسكندرية، 1952، ص 438
4- دويدار، طلعت محمد: طرق التنفيذ القضائي، بدون طبعة، منشأة المعارف، الإسكندرية، بدون
ذكر سنة نشر، ص 501
5- أبو الوفا، أحمد: إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية، بدون طبعة، منشأة المعارف،
الإسكندرية، بدون ذكر سنة نشر، ص 817 . محمد، محمد نصر: أحكام وقواعد التنفيذ، الطبعة الأولى، دار الراية، عمان، 2012، ص 498
6- والي، فتحي: التنفيذ الجبري في المواد المدنية والتجارية، الطبعة الأولى، مطبعة جامعة
. القاهرة، القاهرة، 1995، ص 682
7- الكيلاني، أسامة: أحكام التنفيذ في المواد المدينة والتجارية بمقتضى قانون التنفيذ الفلسطيني( دراسة مقارنة)، الطبعة الثانية، الإصدار الأول، بدون ذكر دار نشر، بدون ذكر بلد نشر، .2008، ص 215
8- مقابلة مع المحامي عدلي العفوري، مختص في قضايا الأراضي، بتاريخ 24/3/2013. طلبة، أنور: التنفيذ الجبري ومنازعاته الموضوعية والوقتية، بدون طبعة، المكتب الجامعي
. الحديث، الإسكندرية، 1996، ص 916
9- قرار محكمة التنفيذ المصرية في الدعوى رقم ( 1765 ) لسنة 1989 ، جلسة 25/3/1990 كما هو وارد لدى المنشاوي ، عبد الحميد، مراد، عبد الفتاح: التنفيذ علما وعملا، بدون طبعة، بدون ذكر دار نشر، بدون ذكر بلد نشر، 1995.329- ص 327
10- أبو الوفا، أحمد: مرجع سابق، ص 719
11- والي، فتحي: مرجع سابق، ص 638 . محمد، سيف النصر سليمان: مرجع القاضي والمتقاضي في إشكالات التنفيذ المدنية والتجارية، بدون طبعة، دار محمود، بدون ذكر بلد نشر، 1996، ص 249
12- تراجع المادة (58/4)من قانون التنفيذ الفلسطيني التي تنص على أن” لا يترتب على رفع أي دعوى مستعجلة وقف التنفيذ ما لم يحكم قاضي التنفيذ بالوقف”.
13- تنص المادة ( 393 ) من قانون المرافعات المصري على أن” إذا رفعت دعوى استرداد الأشياء المحجوزة وجب وقف البيع إلا إذا حكم قاضي التنفيذ باستمرار التنفيذ بشرط إيداع الثمن أو بدونه”.
14- تنص المادة( 106 ) على أن” إذا رفعت دعوى استرداد ثانية من مسترد آخر أو كان قد سبق رفعها من المسترد نفسه
واعتبرت كأن لم تكن، أو حكم بإسقاطها، أو بعدم قبولها أو بعدم اختصاص المحكمة أو ببطلان لائحتها أو بسقوط
الخصومة فيها أو بقبول تركها فلا يوقف البيع إلا إذا قرر قاضي التنفيذ وقفه لأسباب هامة”.
15- أبو الوفا، أحمد: مرجع سابق، ص 829
16- تنص المادة ( 397 ) من قانون المرافعات المصري على أن” إذا خسر المسترد دعواه جاز الحكم بغرامة لا تقل عن
خمسين جنيها ولا تزيد عن مائتي جنيه تمنح كلها أو بعضها للدائن وذلك مع عدم الإخلال بالتعويضات إن كان لها وجه”.
17- حيدر، نصرة منلا: مرجع سابق، ص 633 . المنشاوي، عبد الحميد: مرجع سابق، ص 182
18- أبو الوفا، أحمد: مرجع سابق، ص 823
19- هيكل، علي أبو عطية: التنفيذ الجبري في قانون المرافعات المدنية والتجارية، بدون طبعة، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2008، ص 400 . الكيلاني، أسامة: مرجع سابق، ص 220

إعادة نشر بواسطة محاماة نت