لا يتقيد المفهوم الجنائي للموظف العام بالتعريف الوارد في مجال القانون الاداري . ويمكن القول بأن هناك مفهوماً جنائياً موسعاً للموظف العام يشمل كل شخص يباشر طبقاً للقانون جزءاً من اختصاصات الدولة . فمثل هذا الشخص يعد موظفاً عاماً بما يقتضيه ذلك في خصوص تطبيق المادة 63 من قانون العقوبات من اعتبار الجرائم التي يرتكبها مشمولة بالاباحة متي توافرت الشروط المتطلبة قانوناً . وهذا المفهوم الموسع يضم بالاضافة الى التعريف التقليدي الاداري للموظف العام الأشخاص المكلفين بخدمة عامة والموظفين الفعليين والأجراء الذين يرتبطون بعلاقة تقليدية مع الدولة .

وليس محبذاً فيما يبدو لنا التوسع في مفهوم الموظف العام المشمول بسبب الاباحة في ممارسته للسلطة مثلما يستخلص من نص المادة 63 من قانون العقوبات . ويجب التقيد بالمفهوم الاداري الصحيح للموظف العام بما يفضي اليه ذلك من استبعاد طوائف الأشخاص الأخرى التي لا يشملها هذا المفهوم  . وعدم التوسع في مفهوم الموظف العام  يبرره أمران : أولهما أن المشرع لو أراد حقاً اعتناق مفهوم موسع للموظف العام يشمل الأشخاص الذين أشار البعض لوجوب اعتبارهم من قبيل الموظفين العموميين لفعل ذلك ونص عليهم صراحةً في المادة 63 من قانون العقوبات ، كما فعل في جرائم الرشوة واختلاس المال العام والقذف العلني حيث أسبغ المشرع في المواد 111 و 119 مكرراً و 2/302 من قانون العقوبات صفة الموظف العام على بعض الأشخاص .

ثانيهما أن التوسع في مفهوم الموظف العام لا يبدو ملائماً في خصوص ممارسة السلطة كسبب للاباحة باعتبار أن الأمر يتعلق بحكم استثنائي اذ يعفى من المسئولية الجنائية من ارتكب جريمة منصوصاً عليها في قانون العقوبات . ولئن قيل أن التوسع في التفسير هنا يتمخض عن مصلحة للمتهم ، فاعمال هذه القاعدة لا مجال له لأن الأمر يتعلق في الواقع بتجاوز لا بمجرد توسع في التفسير . كما يصطدم مثل هذا النظر بما هو مقرر من أن الأحكام الاستثنائية لا ينبغي التوسع في تفسيرها .